امان طيران
Aviation safety - Sécurité de l'aviation

أمان الطيران

سمير الصباغ

أهم مصادر الخطر

حوادث الطيران

وسائط المراقبة المحمولة على الطائرات

القواعد القياسية الدولية

 

خطت هندسة الطيران منذ الربع الأخير من القرن العشرين خطوات واسعة، وغدا الطيران المدني أكثر أمناً. فقبل ثلاثين عاماً، كان يقع حادث طيران واحد كلما اجتازت الطائرات نحو 140 مليون ميل. أما اليوم، فقد تقلص هذا الرقم إلى حادث واحد لكل 1,4 مليار ميل. أي إن النسبة انخفضت 10 مرات تماماً. وما تزال موازنات أبحاث الطيران تقدر بمليارات الدولارات سنوياً عند أكبر مصنعي الطائرات المدنية (بوينغ الأمريكية وإيرباص الأوربية)، بهدف إدخال تحسينات تقنية على صناعة الطائرات، وأهمها تطوير الرادار الذي يسمح بمراقبة الأجواء مراقبة كاملة، وتحسين أداء وسائل الاتصال اللاسلكي واتساع مداها، واستخدام الحاسوب الذي وسّع مجال المراقبة والتحكم وسرّع في اكتشاف هوامش الخطأ وقلصها كثيراً، وكان له الدور الأكبر في تحسين أمان الطيران aviation safety. إذ يتولى الحاسوب اليوم مراقبة أداء الطائرة ودرجة حرارتها والضغوط التي تتعرض لها وغير ذلك، للتحقق من أن كل شيء يعمل كما يجب. وقد حلَّ الحاسوب عمليا محلَّ مهندس الطيران الذي كان يحتل مقعداً دائماً إلى جانب قائد الطائرة، وقلَّص كثيراً من الأخطاء البشرية، التي تبقى على رأس قائمة أسباب حوادث الطيران.

من عوامل السلامة التي تدخل في أسس صناعة الطائرات عمر الطائرة وعدد ساعات تشغيلها المتوقعة، وعمر كل جزء من أجزائها، وبخاصة المكوِّنات الميكانيكية فيها. فلكل قطعة حسّاسة عمر يحدده صانعها بعد أن يخضعها لتجارب واختبارات مدة زمنية تقل عن عمرها الفعلي ضماناً لعدم تعرضها للتلف وهي في الخدمة. ولهذا السبب يترتب على قائد الطائرة أن يدوِّن في سجل الطائرة بعد كل رحلة عدد ساعات الطيران التي نفَّذها، كي يتمكن مسؤولو الصيانة من معرفة القطع التي تتكون منها الأجزاء الحيوية في الطائرة، والتي بلغت في عملها الفعلي أقصى عمرها ليصار إلى تبديلها. كذلك يسجل أية ملاحظات تتعلق بحدوث عطل أو أمر غير معتاد في أثناء الرحلة.

ومع تطور هندسة الطيران وتصميم الطائرات، تطوَّرت أعمال الصيانة تطوراً ملحوظاً. فصار ممكناً بمعونة الحاسوب وضع سجلاّت دقيقة لعمر قطع الطائرات، ومراقبة سلامة كل جهاز من أجهزتها خلال الرحلة من تسجيلات لوحة التحكم في قمرة القيادة (الشكل1) ومن ثم في أقسام الصيانة.

الشكل (1) قمرة القيادة

يَعرف مهندس الصيانة، كما هو حال قائد الطائرة، أن الخطأ غير مسموح به. ويخشى كلاهما نتائج أي إهمال إذا لم تتخذ الاحتياطات كاملة. ولذلك، تتبع أقسام الصيانة جداول أعمار القطع وكل جزء من أجزاء الطائرة وتعليمات الشركات المصنِّعة بحذافيرها لضمان عدم وقوع خلل ما على مكوِّنات الطائرة.

وقد تطور أداء أعمال صيانة الطائرات عموماً بحيث باتت تحتل أسفل قائمة الجهات المسؤولة عن حوادث الطائرات، ولا يتجاوز معدلها % 3. أما أعلى نسبة من المسؤوليات عن الحوادث فمردُّها إلى الخطأ البشري .

أهم مصادر الخطر

1 - المحرِّك

كانت محرِّكات الطائرات المروحية شبيهة بمحرِّكات السيّارات، تعمل بوساطة مروحة تسحب الهواء لتوفير قوة الدفع اللازمة لسحب الطائرة. ولكن المحرِّكات الحديثة المعتمَدَة في كل الأساطيل الجوية اليوم، هي محرِّكات نفّاثة jet engine. وينسب اختراع أول محرك نفاث إلى العقيد في القوات الجوية الإنكليزية السير فرانك ويتل Frank Whittle (1907- 1996)، والمعروف بأنه أبو الدفع النفَّاث.

تعمل المحرِّكات النفاثة بوقود خاص يعرف باسم وقود الطائرات، وهو من عائلة الكيروسين (زيت الكاز)، ويتميز ببطء اشتعاله مقارنة ببنزين السيارات، وأرخص ثمناً منه، وأكثر أماناً بالنسبة إلى سلامة الطائرة.

أما أكثر القطع حساسية في المحرِّك النفَّاث فهو العنفة (التوربين)، المكوَّنة من شفرات تسحب الهواء من الأمام وتنفثه بقوة إلى الخلف. وتتولَّد من حركة الهواء هذه درجة حرارة عالية جداً، تعرِّض العنفة للأعطال. ويثابر العلماء على تطوير هذه العنفات وتحسين أدائها عن طريق تطوير الخلائط المعدنية المستخدمة في صنع شفراتها، بحيث يصبح المحرِّك أخفَّ وزناً وأقوى أداءً، إضافة إلى السعي الدائم لتحسين طرائق التبريد، بحيث يتحمل المحرك درجات الحرارة العالية، والعمل لفترات زمنية طويلة (الشكل2 ).

الشكل (2) المحرك العنفي النفاث

2 - عدد محرِّكات الطائرة

لبعض الطائرات أربعة محرِّكات نفاثة (إثنان على كل جناح)، ومنها ما هو مزوَّد بمحركين فقط. وإن توفر أكثر من محرِّك للطائرة يضمن لها نوعاً من الأمان، فإذا ما تعطل أحد محرِّكاتها وهي في الجو فإنها لا تتأثر كثيراً. ويمكن لقائدها متابعة الرحلة حتى أقرب مطار. الأمر نفسه ينطبق مع شيء من الاختلاف عند الإقلاع. ففي هذه المرحلة، تولد المحرِّكات قوّة عظيمة لدفع الطائرة، وتعمل حتى حدود طاقتها القصوى. فإذا تعطَّل محرك في أثناء الإقلاع، فلا خوف على الطائرة من السقوط، لأن القوة الدافعة من المحرك الآخر تمكِّن القبطان من السيطرة على الطائرة والعودة بها إلى المدرج. وهذه العودة أو الهبوط الاضطراري لا تعود إلى عجز الطائرة عن متابعة الرحلة، بل لدرء خطر تعطُّل محرك آخر.

أما في مرحلة الهبوط، فالحوادث القليلة التي تقع ليست بسبب المحرِّكات عادة، بل بسبب العوامل الطبيعية، وأهمها الجيوب (المطبات) الهوائية التي تشتمل على هواء ساخن صاعد. فالهواء الساخن أقل كثافة من الهواء البارد، وأقل قدرة على حمل الطائرة. وعندما تكون الطائرة محلقة عالياً وتدخل في جيب من الهواء الساخن، فإنها تهبط فجأة حتى طبقة الهواء البارد الذي يحملها مجدَّداً، تماماً كما يسقط جسم ما على فراش من الإسفنج. وفي حالات نادرة جداً، قد تكون هذه المطبَّات الهوائية قريبة من سطح مدرج الهبوط، فتهبط الطائرة بسرعة وترتطم بالأرض قبل أن تجد الهواء الأبرد القادر على حملها.

3 - أبرز المواضع المؤثرة في أمان الطائرة

أ- جهاز الهبوط: الذي يشمل العجلات والنوابض والمخمّدات العاملة بضغط الهواء لامتصاص صدمة وزن الطائرة على أرض مدرج المطار عند الهبوط. ففي حال تعطل آلية خروج جهاز الهبوط الذي يكون مطوياً داخل جسم الطائرة في أثناء التحليق، أو تعطُّل آلية النوابض التي تعمل بضغط الهواء، يمكن أن تواجه الطائرة متاعب خطرة خلال الهبوط.

ب- الحريق: إن أخطر مشكلة قد تواجهها الطائرة في أثناء الطيران هي نشوب حريق ناجم عن تماس كهربائي. تحوي طائرة الركاب الكبيرة نحو 100 كيلومتر من الكبول والأسلاك الكهربائية، وهذا ما يزيد في احتمال حدوث احتكاك كهربائي من الناحية النظرية.

ج- الطيور الكبيرة: تمثل الطيور الكبيرة مشكلة حقيقية للطائرات التي تحلِّق في الجو، إذ يمكن أن تسحب المحرِّكات الطيور إلى داخلها فتتعطل، وغالباً ما يقتصر الأمر على أحد محرِّكات الطائرة.

حوادث الطيران

تعرِّف المنظمة العالمية للطيران المدني «الإيكاو» (ICAO) International Civil Aviation Organization حادث الطيران في ملحقها الثالث عشر على أنه حدث مرتبط بتشغيل الطائرة، ويقع بين لحظة صعود أي شخص إلى متن الطائرة بنية السفر ولحظة خروج كل المسافرين من تلك الطائرة، وتعرض شخص أو أكثر إلى الوفاة أو إلى جروح خطرة، أو تعرض الطائرة لأضرار دائمة في أجهزتها أو هيكلها، أو تُعدُّ فيه الطائرة مفقودة في مكان ما لا يمكن الوصول إليه.

تُظهِر الإحصائيات استمرار تحسن مستويات السلامة في الطيران المدني من خلال الانخفاض الملحوظ في عدد الحوادث وعدد ضحاياها مقارنة بما كانت عليه قبل نحو أربعة عقود. وتتضح ضآلة هذه الأرقام مقارنة بعدد الرحلات الجوية في العالم. ففي كل يوم يسافر جواً أكثر من ثلاثة ملايين شخص. وكل ثانيتين من أي يوم وعلى مدار السنة، هناك طائرة تقلع أو تهبط في مطار ما من العالم.

1 - أسباب الحوادث الجوية:

تقول دراسة شملت 1843 حادثة طيران وقعت بين عامي 1950 و2006، إن سبب حصول هذه الحوادث موزع كالآتي: 53 % خطأ بشري من قائد الطائرة، 21 % عطل فني 11 % الأحوال الجوية، 8 % أخطاء بشرية مختلفة (المراقبون الجويون، الصيانة، خطأ في شحن الأمتعة، سوء تفاهم لغوي، تلوث الوقود وغير ذلك)،6 % تخريب متعمد (متفجرات، خطف، وإسقاط بالأسلحة النارية وغيرها)،1 % أسباب أخرى.

تقترب هذه الأرقـام كثيراً من الأرقـام المستخلصـة من دراسـة أخـرى أجرتـها شركة  بوينغ  وشملت كل الحوادث في العالم بين 1996 و2005. وتوزَّعت فيها الأسباب على الشكل الآتي:55% خطأ بشري من طاقم الطائرة، 17% عيب في الطائرة،13% سوء الأحوال الجوية،7% سوء أداء بشري،5% المراقبون الجويون في المطارات، 3% سوء الصيانة.

فالخطأ البشري هو على رأس القائمة. وعلى الرغم من أن ذلك غير قابل للمعالجة جذرياً، لأن الخطأ جزء من طبيعة الإنسان نفسه، فإن شركات النقل وتلك المصنِّعة للطائرات تسعى دائما إلى تحسين لائحة الشروط المسلكية والصحية المفروضة على الطيّارين، مثل عدد ساعات النوم، وعدم تعاطي الممنوعات، وتحديد ساعات الطيران المسموح بها يومياً لقائد الطائرة، بحيث لا تزيد على عشر ساعات، وإجراء دورات إعادة تأهيل وفحوصات طبية دورية ودقيقة قبل تجديد رخص الطيارين. وقد أدت هذه التدابير إلى خفض الأخطاء البشرية انخفاضاً ملحوظاً. واستناداً إلى دراسة شركة بوينغ  السابقة، لوحظ انخفاض نسبة الأخطاء البشرية من 70% في العام 1988، إلى 56% في العام 2004.

والواقع أن هذه الأرقام، وهي كلها نسب مئوية لأعداد صغيرة من الحوادث، تبعث على الكثير من الاطمئنان تجاه مصادر القلق الشائعة في عدد الرحلات (المحرِّكات والأعطال الميكانيكية). كما أن ارتفاع نسبة الأخطاء البشرية يعود إلى عدد الحوادث، وهي أصغر من أن تُذكر بالنسبة إلى أعداد الرحلات الخالية من الأخطاء وهي بالملايين.

2 -العوامل البشرية

لا يوجد شخص سواء كان مصمماً أو مهندساً أو طياراً يستطيع أن يحقق الكمال في كل الأوقات، فما يُعدُّ خصائص كاملة في مجموعة ما قد يكون غير مقبول في حالات أخرى. ويحتاج الناس إلى أن يظهروا كما هم عليه في الحقيقة، ولا جدوى من كونهم الأفضل ما لم تتوفر لديهم الرغبة في التدريب الأفضل، و الثقافة الأوسع، والخبرة الأغنى، والاندفاع الهادف. فإن كان الهدف غير ما ذكر فقد تنجم عنه أخطاء بشرية.

أما أهم العناصر المؤثرة في العامل البشري فهي:

- الأداء الشخصي.

- دور وظائف الأعضاء.

- تأثير بعض السمات الشخصية.

- الخبرة والمهارة.

- العقوبات.

- ضغط الأقران والمنافسة.

- المعنويات.

تحصل الحوادث بسبب ظروف لا يمكن التغلب عليها تتعلق بإمكانيات الشخص، أو تضعه في أوضاع غير ملائمة، وهكذا فعندما يقيم الأداء الشخصي في حادث ما يجب أن تقيّم قرارات الشخص المعني وأفعاله تقييماً موضوعياً، بالنسبة لدرجة معقولية الأداء التي يتوقع أن تصدر من شخص آخر يملك قدراً مكافئاً من المعلومات والتدريب والخبرة. لذلك يجب توجيه الاهتمام لكل العوامل التي يمكن أن تكون قد أثرت في الشخص صاحب العلاقة، وباختصار يجب ألَّا تقتصر الاعتبارات على الأخطاء البشرية فقط، بل يجب أن تشمل أسبابها أيضاً.

3 - خطر العمليات الإرهابية

ازداد في العقود الأخيرة، ما يسمى بخطر العمليات الإرهابية التي تستهدف الطائرات: خطفاً أو تفجيراً. وقد حققت التدابير الأمنية في هذا المجال إنجازات ملحوظة بتزويد قمرة قيادة الطائرة بباب لا يفتح إلا من الداخل، إضافة إلى وجود عناصر أمن بين الركاب مؤهلين للتعامل مع أية مسألة أمنية وضبطها عند أول بادرة. كما أن التدابير الأمنية المطبقة في المطارات زادت صرامة وتدقيقاً، كما يلاحظ ذلك كل من يسافر جواً. ومع ذلك يبقى هاجس سلامة الطيران في المقام الأول لدى مصانع الطائرات ومختبراتها، وأقسام الصيانة في المطارات، إلى جانب تطبيق التدابير الأمنية والأنظمة والقوانين بحذافيرها.

وسائط المراقبة المحمولة على الطائرات

1 - الصندوق الأسود black box

وهو من أهم وسائط المراقبة التي يمكن بوساطتها معرفة أسباب أي حادث. وتلزِم القوانين الدولية المطبَّقة جميعَ الرحلات التجارية بحمل جهازين لتسجيل المعلومات؛ أحدهما لتسجيل أداء الطائرة والآخر لتسجيل شروط الرحلة أثناء الطيران.

أ - التسمية: الصندوق الأسود هو الاسم الشائع لما يسمى تقنيا «مسجل معلومات الطائرة» . ويعتقد الكثير من الناس، خطأ، أن لون الصندوق أسود، ولكن لونه في الواقع برتقالي أو أصفر لتمييزه بسهولة بين حطام الطائرة. وسبب التسمية غامض، فقد ذهب البعض إلى أنه سمي صندوقاً أسودَ لارتباطه بالكوارث الجوية وحوادث تحطم الطائرات. وثمة من يقول إن مسجِّلات المعلومات الأولى كانت كامدة اللون وسوداء من الداخل، لمنع الضوء من التسرب إلى شريط التسجيل وإتلافه، كما هو شأن غرف التصوير الضوئي المعتمة.

ب- بدء العمل بنظام الصندوق الأسود: بدأ الباحثون، منذ ستينيات القرن العشرين، يفكرون في تصميم جهاز لتسجيل المعلومات عن الطائرة في أثناء رحلتها، يتحمُّل السقوط من ارتفاع عشرات الكيلو مترات، وصدمة الانفجارات والحرائق وتحطُّم الطائرات ولا يتأثر بملوحة مياه المحيطات. ففي العام 1953 قام خبراء الطيران بدراسة أسباب حوادث سقوط عدد من طائرات شركة كوميت Comet، التي بدأت تلقي ظلالاً من الشك حول مستقبل الطيران المدني برمته. وبعد عام من ذلك التاريخ تقدم عالم الطيران الأسترالي ديفيد وارن David Warren باقتراح صنع جهاز تسجيل لتفاصيل رحلات الطيران. وكان الجهاز الأول أكبر من حجم اليد بقليل، ولكنه يستطيع تسجيل نحو أربع ساعات من المحادثات التي تجري داخل مقصورة القيادة، إضافة إلى تفاصيل أداء أجهزة الطائرة. وقد رفضت سلطات الطيران الأسترالية تبني جهاز الدكتور وارن المقترح بحجة أنه «عديم الفائدة في مجال الطيران المدني»، ونعته الطيارون باسم «الأخ الكبير» الذي يتجسس على أحاديثهم. غير أن الدكتور وارن نقل ابتكاره إلى بريطانيا فلقي ترحيباً حاراً، وبثت إذاعة بي بي سي تقريراً مفصلاً حوله حفز الشركات المصنعة على تقديم عروضها لتطويره وصنعه.

ج- وظيفة الصندوق: تجهز كل طائرة بصندوقين في مؤخرتها يسجِّلان ما يطرأ من أحداث طوال رحلتها.

- الصندوق الأسود الأول: وظيفته حفظ البيانات الرقمية والقيم الفيزيائية المهمة للطائرة (الوقت، السرعة، الاتجاه وغيرها).

-الصندوق الأسود الثاني: وظيفته تسجيل المحادثات والأصوات (حوارات، مشاحنات، استغاثات أو غيرها).

والصندوقان مزودان بجهاز بث تلقائي يبدأ العمل إذا ما غاصا في الماء، ويطلَقان إشارات فوق صوتية تساعد في العثور عليهما. تُبثُّ هذه الإشارات على ذبذبة 37.5 كيلوهرتز ويمكن التقاطها من عمق 3500 متر ( 14000قدم) تحت الماء.

د- مكوِّنات الصندوق: تُحفَظ هذه الأجهزة في قوالب متينة جداً مصنوعة من مواد خاصة، مثل خلائط التيتانيوم، وتحيط بها مادة عازلة لتتحمل صدمات تبلغ قوتها أضعاف قوة الجاذبية الأرضية، وتتحمل حرارة تفوق 0001O درجة سلسيوس، وضغطاً قوياً يكافئ ضغط المياه على عمق 5000 م تحت سطح البحر. تُغلَّف آلات التسجيل عادةً بمادة عازلة تحميها من العطب والتآكل بفعل مياه البحر لمدة 30 يوماً، وتحول دون تعرُّضها لمسح المعلومات المسجلة عليها، وتبلغ كلفة الصندوق الأسود بين 30و 85 ألف دولار تقريباً.

هـ- خصائص الصندوق:

- مدة التسجيل : 30 إلى 120ساعة.

- عدد القنوات :4.

- مقاومة النيران :0011°س درجة سليسوس/1 ساعة (وهي درجة احتراق الكيروسين).

- مقاومة ضغط الماء: 5000 متر (20000 قدم).

- مدة عمل البطاريات: 6 سنوات.

- مدة بقاء المعلومات: مديدة (تخزين المعلومات على شريط مغنطيسي أو ذاكرة ومضية).

الشكل (3) الصندوق الأسود

2 - الأمن الجوي

اتُخذت في السنوات الأخيرة إجراءات تفتيش دقيقة على الأرض في المطارات لمنع أي عمليات إرهابية على متن الطائرات. ومع ذلك يخطط خبراء أمن الطيران لنشر كاميرات الدارات التلفزيونية المغلقة (CCTV) closed circuit television  وبرمجيات متقدمة لتعرُّف سلوك المسافرين على متن الطائرات المدنية، وقادرة على رصد أي هجمات إرهابية محتملة.

وقد طوَّر خبراء الأمن منظومات مراقبة تقوم على استخدام كاميرات ثابتة أمام مقاعد الركاب وكاميرات عريضة الزوايا لمعاينة مدرج الطائرة. ويتولى حاسوب خاص مهمة تحليل سلوك كل راكب بحثاً عن أي إشارات مريبة قد تدل على حوادث إرهابية أو نوبات غضب محتملة في الجو.

ويرى البروفسور جيمس فريمان James Freeman، أستاذ علوم الحاسوب في جامعة ريدج البريطانية وأحد مطوري هذه المنظومة أن من الضروري تعزيز المراقبة على متن الطائرات نفسها على افتراض أن جميع الإجراءات الأمنية على الأرض أخفقت.

تقوم هذه المنظومة – التي طُوِّرت لمصلحة برنامج «أمن الطائرات في البيئة الأوربية المستقبلية» التابع للاتحاد الأوربي (SAFEE) Security of Aircraft in The Future European Environment  بتعرُّف إشارات لغة الجسد، مثل الركاب الذين تبدو عليهم علامات عدم الارتياح أو الهياج. غير أنه، وفقاً لأحد الاستبيانات، فإن 20 % من الأشخاص الذين يصعدون على متن الطائرات «ركاب عصبيون»، فهل يمكن لهذه المنظومة تمييزهم؟

لقد روعي في تصميم هذه المنظومة منع الإنذارات الكاذبة بوجه خاص، بتوظيف إشارات وبرمجيات لتعرُّف التهديدات وإطلاق أجهزة الإنذار عند رصد مجموعة سلوكيات معينة، مع مراعاة الخصوصية التي يجب أن تكون محل نقاش عند تطبيق أي منظومة من هذا النوع، وأن تؤخذ بالحسبان دواعي القلق الاجتماعية والقانونية والأخلاقية عند تطوير أجهزتها، بحيث تكون مقبولة من الجميع.

ومن المشاريع الأخرى في برنامج «أمن الطائرات في البيئة الأوروبية المستقبلية» تطوير منظومة للتواصل الآمن بين الطائرات والمحطات الأرضية فيما يتعلق بالتهديدات. وقد أثبتت التجارب الأولية للنموذج الأولي لمنظومة تعرف التهديدات نجاحاً جيداً، لكنه يحتاج على الأرجح لبضع سنوات قبل اعتماده على متن الرحلات التجارية.

القواعد القياسية الدولية

تأسست منظمة الطيران المدني الدولي «الإيكاو» عام 1947 لتقديم تسهيلات النقل الجوي، وأقر مجلس منظمة الطيران المدني الدولي في 25 آذار 1949 القواعد المعيارية وأساليب العمل الموصى بها والخاصة بالتسهيلات الجوية، وذلك عملاً بأحكام المادة 37 من اتفاقية الطيران المدني الدولي. وسميت الملحق التاسع للاتفاقية، تحت عنوان: «القواعد القياسية وأساليب العمل الموصى بها - التسهيلات». وأصبحت تلك القواعد والأساليب سارية المفعول، اعتباراً من أول أيلول 1949. ونتيجة لتوصيات شعبة التسهيلات بشأن التعديلات المتعاقبة على الملحق التاسع، والتي أقرها المجلس في عدة جلسات، صدرت الطبعة التاسعة من الملحق التاسع شملت كل التعديلات. وسرى مفعولها في 30 تموز 1990، وغدت واجبة التطبيق في 15 تشرين الأول 1990.

أ- التسهيلات

إن القواعد القياسية، وأساليب العمل الموصى بها الخاصة بالتسهيلات، هي نتاج «المادة 37» من اتفاقية الطيران المدني الدولي، التي تقضي بأن تتعهد كل دولة متعاقدة بالتعاون لبلوغ أقصى درجة ممكنة من توحيد الأنظمة والقواعد المعيارية والإجراءات والتنظيم، فيما يتعلق بالطائرات والأفراد والطرق الجوية والخدمات المساعدة، من جميع الأوجه، والتي تؤدي إلى تسهيل الملاحة الجوية وتحسينها. وتحقيقاً لهذا الهدف، تتولى منظمة الإيكاو إجراء بعض التعديلات من حين إلى آخر، بحسب متطلبات القواعد المعيارية الدولية، وأساليب العمل، والإجراءات الدولية الموصى بها والمتعلقة بالمسائل الآتية:

- نظم الاتصالات ومساعدات الملاحة الجوية، ومن ذلك العلامات الأرضية.

- خصائص المطارات ومناطق الهبوط.

- قواعد الحركة الجوية، وإجراءات مراقبتها.

- إصدار رخص التشغيل والصيانة.

- صلاحية الطائرات للطيران.

- تسجيل الطائرات، وتمييز هويتها.

- جمع معلومات الأرصاد الجوية، وتبادلها.

- سجلات الرحلات.

- الخرائط والرسومات الجوية.

- إجراءات الجمارك والهجرة.

-الطائرات التي في حالة خطر، والتحقيق في الحوادث.

- أي مسائل أخرى تتصل بسلامة الملاحة الجوية وانتظامها وفعاليتها، كلما دعت الحاجة إليها من حين إلى آخر.

وطبقاً لإحصائيات المجلس الدولي للمطارات (A.C.I.) Airports Council International  لعام 2008؛ يبلغ حجم الحركة الجوية العالمية 4.874 مليار راكب وعدد رحلات الطيران 77 مليون رحلة، وطبقاً لإحصائيات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) Air Transport Association فقد بلغ عدد الحوادث 109 حادثة طيران توفي فيها 502 شخصاً بمعدل شخص واحد لكل 1.9 مليون رحلة. ونظراً لأن ما يزيد على 70% من حوادث الطائرات تحصل نتيجة لأخطاء بشرية؛ لذا يجري الاهتمام بالعوامل البشرية على أنها أهم محور لتعزيز السلامة الجوية بما تتضمنه من مؤثرات ومن مواصفات طبيعية ونفسية وسلوكية وثقافية وخبرة وظروف تشغيل.

ب- برامج منظمة الإيكاو ‏للسلامة الجوية

من أهم أهداف منظمة الطيران المدني الدولي ‹الإيكاو› تعزيز سلامة الطيران المدني، تفعيلاً لاتفاقية شيكاغو للطيران المدني عام 1944 التي هي بمنزلة دستور الطيران المدني، والتي تضم في عضويتها 189 دولة، وتُعدُّ ملاحق اتفاقية شيكاغو ووثائقها بصيغتها الإلزامية وتوصياتها روافد أساسية لتعزيز سلامة الطيران المدني، وانبثقت عنها برامج دولية لتدقيق السلامة الجوية، وأهدافها الرئيسية هي:

- كفالة النمو الآمن والمنظِّم للطيران المدني الدولي.

- تشجيع تصميم الطائرات وتشغيلها للأغراض السلمية.

- دعـم تنمية الطرق الجوية والمطارات وتسهيلات الملاحة الجويـة لأغراض الطيـران المدني.

- سدّ احتياجات الجمهور الدولي لنقل جوي مأمون ومنتظم وكفء واقتصادي.

مراجع للاستزادة:

- ملحق مجلة العربي العدد629 أبريل 2011.

- D. Mawdsley, Implementing the Global Aviation, ATEC, Tokyo, 2007.

- International Business Aviation Council, Business Aviation Safety strategy.

- ICAO, Global Aviation safety plan, 2007.

- ICAO , International Civil Aviation Organization Website www.icao.int Boeing Company.


- التصنيف : التقانات الصناعية - النوع : التقانات الصناعية - المجلد : المجلد الثالث مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1