اطفاء
Fire fighting - Extinction des incendies

الإطفاء

حسن عكرمة

تنظيمات رجال الإطفاء ومهماتهم نظرية الاشتعال
المواد المستخدمة في اطفاء الحرائق تصنيف الحرائق
معدات الإطفاء وتجهيزاته أسس إطفاء الحريق
السلوك الواجب اتباعه عند نشوب الحريق منظومات الإنذار والكشف عن الحرائق

 

 

تبدأ الحرائق عادةً على نطاقٍ ضيق؛ لأنّ معظمها ينشأ من مستصغر الشرر أو بسبب الإهمال في اتباع طرائق الوقاية من الحرائق، ولكن النار سرعان ما تنتشر إذا لم يُبادَر إلى إطفائها، وتخلف وراءها خسائر فادحة في الأرواح والمتاع والأموال والمنشآت.

نظرية الاشتعال

الاشتعال تفاعل كيميائي يحدث نتيجة اتحاد المادة المشتعلة بأكسجين الهواء بعامل تأثير درجة حرارة معينة تسمى «نقطة الاشتعال».

وعناصر الاشتعال ثلاثة، وهي ما يُعرف بمثلث الاشتعال fire triangle الذي يتكون من: المادة (الوقود)، والأكسجين، والحرارة (الشكل 1).  

الشكل (1)ء

1 - المادة (الوقود): وهي كل المواد القابلة للاشتعال.

2 - الأكسجين: تحتاج جميع المواد إلى الأكسجين لكي تشتعل، وتبلغ نسبة الأكسجين في الجو 21 %، ولكي يستمر الحريق يجب ألاّ تقل نسبة الأكسجين عن 16 %، و يجب أن تتحد كل مادة مع الأكسجين بنسب معيّنة خاصة بها، وهو ما يسمى «حدود الاشتعال» flammability limits.

3- الحرارة: هي الطاقة الحرارية اللازمة للوصول بالمادة إلى درجة احتراقها.

تصنيف الحرائق

تُقسم الحرائق إلى أنواع بحسب نوع الوقود المشتعل (ويرمز إليها بحروف الألفبائية اللاتينية)، وهي:

1ــ حرائق من النوع A: وتحدث في المواد الصلبة كالأخشاب، والأوراق، والملابس، والمطاط وغيرها. ومن أفضل مواد إطفاء هذا النوع من الحرائق الماء، وبعض مطافئ الأذرة (المساحيق) الجافة من نوع .ABC

2 - حرائق من النوع B: وتحدث في المواد السائلة والغازية السريعة الاشتعال مثل البنزين، والكيروسين، والمذيبات المختلفة، ومن أفضل مواد إطفاء هذا النوع من الحرائق: الرغاوي، وثنائي أكسيد الكربون CO2، والسوائل الهالوجينية، والأذرة.

3 - حرائق من النوع C: وهي الحرائق التي تنشأ في المعدات والتجهيزات الكهربائية، ويُستخدم لإخمادها ثنائي أكسيد الكربون  CO2 ، والسوائل الهالوجينية (الهالون)، أو الأذرّة من نوع ABC، وذلك بعد فصل التيار الكهربائي عنها.

4 - حرائق من النوع D: وهي الحرائق التي تحدث في المعادن، ولا تستخدم المياه أوCO2 في إخمادها لعدم فاعليتهما. ويُستخدم عادةً مسحوق الغرافيت، وذرور التالك، والرمل الجاف، وبعض الأذرّة الكيميائية الجافة.

أما تقييم مخاطر الحريق (عالية أو متوسطة أو منخفضة) فبالحمل الحراري fire load للمنشأة؛ وتقاس بعدد الوحدات الحرارية التي تنطلق من المادة المشتعلة على القدم المربعة الواحدة من أرضية المبنى عند احتراق كل محتوياته القابلة للاحتراق. ويمكن حساب الحمل الحراري بالمعادلة التالية:

وزن المادة القابلة للاشتعال ‏ × القيمة الحرارية

مساحة الأرضية

وهناك جداول خاصة للقيمة الحرارية calorific value لمختلف المواد مقدرة بالسعرة الحرارية (الحريرة) calorie أو واحدة قياس الحرارة البريطانية BTU (252.0 كيلوحريرة).

وإلى جانب الفائدة المرجوة من معرفة درجة خطورة الحريق في تحديد أساليب الإطفاء المناسبة، فإنّ الحمل الحراري يمكّن مهندس التصميم من تحديد المواصفات الإنشائية للبناء من ناحية مقاومة الجدران والأبواب والعضادات الحاملة للحريق.

تُصنَّف الأحمال الحرارية كما يلي:

- أحمال منخفضة: < 100000 BTU / قدم2 ، وتحتاج إلى ساعة واحدة على الأقل لمقاومة انتشار الحريق مثل المباني السكنية بأنواعها المختلفة.

- أحمال متوسطة: 100000-200000 BTU/ قدم2 ، ويلزمها ساعتان على الأقل لمقاومة الحريق أو انتشاره مثل المباني التجارية والصناعية.

- أحمال عالية: > 200000 BTU/ قدم2 ،ويلزمها على الأقل 4 ساعات مثل المستودعات.

أما المساحات التي يكتنفها الحريق فتُقسم إلى: منطقة الحريق النشط (بؤرة الحريق)، ومنطقة التأثير الحراري، ومنطقة الدخان.

يبدأ الحريق بارتفاع درجة حرارة المواد في بؤرة الحريق حتى تبلغ درجة الاشتعال، وقد ترتفع درجة الحرارة في داخل المباني عند بؤرة الحريق إلى 800°- 900° س، وتكون في أدنى درجاتها عند أرضية المبنى بعيداً عن البؤرة، وتبلغ أقصى درجاتها عند سقف البناء فوق البؤرة مباشرة. تختلف درجة حرارة الحريق و مدته باختلاف أنواع المواد المحترقة وكميتها في وحدة المساحة، وإذا ما وُجدت معادن أو خلائط معدنية قابلة للانصهار والاحتراق، كالمغنيزيوم مثلاً، فقد ترتفع درجة الحرارة إلى نحو 2000° -3000° س، وتنتقل الحرارة الصادرة عن بؤرة الحريق إلى الوسط المحيط بها بفعل التبادل الحراري والإشعاعي وبحسب ناقلية ذلك الوسط للحرارة، وهو ما يسمى «منطقة التأثير الحراري للحريق»، ولا تقل درجة الحرارة في هذه المنطقة عن 60° -80° س. ويحدث في أثناء الحريق انتقال لنواتج الاحتراق والهواء، فتندفع الغازات المحترقة إلى الأعلى حاملةً معها جزيئات محترقة قد تسبب انتشار الحريق في أماكن أخرى، وهذه الغازات (الدخان) هي التي تحدد حجم منطقة الدخان، ويتكون الدخان عادةً من الآزوت N، وأكسيد الكربون CO، وثنائي أكسيد الكربون CO2، والأكسجين O2، وبخار ومواد أخرى. (الشكل 2).

الشكل (2) تفاوت درجات الحرارة في حريق الأماكن المغلقة

 

مخاطر الحريق وأسبابه

تتلخص مخاطر الحريق بما يلي:

- الخطر الشخصي: ويشمل المخاطر التي تعرّض حياة الأفراد للإصابات.

- الخطر التدميري: وهو ما يحدث من تدمير في المباني والمنشآت.

- الخطر التعرضي: ويشمل المخاطر التي تهدد المواقع القريبة من مكان الحريق.

ومن أهم أسباب حدوث الحرائق:

- الجهل والإهمال بالتعامل مع النار.

- التخزين السيئ للمواد القابلة للاشتعال أو الانفجار.

- إشعال النار بالقرب من الأماكن الخطرة أو القابلة للاشتعال عن حسن نية أو سوء نية.

- حدوث شرارة تفريغ كهربائية أو عطل كهربائي.

- تشبع الأماكن السيئة التهوية بأبخرة وغازات قابلة للاشتعال.

- ترك الفضلات القابلة للاشتعال و بقايا الزيوت على أرضية العمل.

أسس إطفاء الحريق

الماء من أكثر المواد استخداماً في مكافحة الحرائق. وقد توصل العلم إلى أنواع أخرى من المواد الصالحة لإطفاء الحرائق، وذلك بحسب نوع الحريق.

تعتمد نظرية الإطفاء على كسر أحد أضلاع المثلث المسؤول عن الحريق، وتتبع في هذا السبيل ثلاث وسائل رئيسة لإطفاء الحريق، وهي:

1- التبريد: أي تبريد مكان الحريق عن طريق خفض درجة حرارة المواد المشتعلة باستخدام الماء بكمية كافية بطريقة النفث أو الرش، بحيث يكون معدل خفض الحرارة أكبر من معدل قدرتها على التجدد. ويعمل بخار الماء المتصاعد كذلك على سحب أكسجين الهواء وعزله عن الحريق حتى يخمد وينطفئ.

2- الخنق: أي حجب الحريق بحاجز يمنع وصول الأكسجين إليه بتغطية المادة المشتعلة بالرغاوي الكيميائية، أو باستعمال الأغطية الرطبة والأغطية غير القابلة للاشتعال، أو بالرمل، أو بالتفجير إضافة إلى إغلاق منافذ التهوية في الأماكن المغلقة.

3 - التجويع: أي حرمان النار من وقودها بإبعاد اللهب عن سطح الاحتراق وتقليص حجم المادة المشتعلة.

إطفاء الحرائق بحسب نوع الحريق

1- حرائق النفط: يمكن إطفاء آبار النفط بإبعاد اللهب عن فوهة البئر بطريقة النسف بالمتفجرات، حيث يعصف تيار الهواء الصادر عن الانفجار باللهب ويفصله عن المادة المحترقة إضافة إلى أن الانفجار يستهلك أكثر الأكسجين المحيط بالبئر، فيخمد الحريق. كذلك يُستخدم لإطفاء هذا النوع من الحرائق جهاز إطفاء مؤلف من محرك توربيني (عَنَفي) على مركبة تمكّنه من توجيه تيار هواء شديد نحو اللهب عند عنق بئر النفط المشتعلة لإبعاد اللهب عن الفوهة، ومن ثم إغلاقها. (الشكل 3).

الشكل (3): عملية إطفاء بئر نفط مشتعلة.

ولإطفاء حرائق خزانات النفط، يجب توجيه تيارات مياه التبريد إلى أسطح الخزانات بحيث تسيل على جوانب الخزان، فتنخفض درجة حرارته الداخلية. ويجب توجيه تيار المياه من أبعد مسافة يمكن أن يصلها إلى الخزان تحسباً لانفجاره. أما المواد النفطية المشتعلة والمنسابة على جوانب الخزانات فتُطفأ بالمساحيق الكيميائية والرغاوي التي تمنع وصول الأكسجين إلى سطح السائل المحترق. (الشكل 4).

الشكل (4):عملية إطفاء خزان نفط.

2- حرائق الزيوت والشحوم: تزيد درجة حرارة احتراقها على درجة غليان الماء. لذا عند محاولة إطفاء مثل تلك الحرائق بالماء يتبخر الماء سريعاً مكوناً سحابة هائلة من البخار الساخن، ويتضاعف حجمها 1700 ضعف المياه السائلة المضافة، فتتسبب تلك الزيادة الهائلة والسريعة في مزيد من انتشار الحريق. لذا فإن إطفاء هذا النوع من الحرائق يجري بمنع الأكسجين عنه بتغطيته بقماش مناسب أو بالمساحيق الكيميائية الجافة أو الرغوية.

3- حرائق الطائرات والسفن: يعتمد إطفاء حرائق الطائرات على منظومات الكشف المؤتمتة عن الحرائق، ومنظومات الإطفاء التلقائي الموجودة فيها والموزعة في الأماكن المحتملة لحدوث الحريق. وعندما ينشب الحريق تبدأ منظومة الإطفاء التلقائي عملها fire extinguishing system ، وتعتمد على توزيع مادة الإطفاء ضمن أنابيب من عبوة رئيسية لكل قطاع إلى منطقة الحريق، وتُعدّ الهالونات أكثر المواد الإطفائية استخداماً، لقدرتها العالية على إطفاء محركات الطائرات. أمّا حرائق السفن فتعتمد على مراكب خاصة مجهزة لإطفاء هذا النوع من الحرائق (الشكل 5). تتوقف غزارة ضخ المياه من مركب الإطفاء الواحد على استطاعة المضخات الموجودة على هذا المركب وعددها. والمثال على ذلك مركب الإطفاء الروسي “الجنرال كاميدوف” وإزاحته 1000 طن، مجهز بثماني مضخات تضخ 4000 م3/سا من مياه البحر إلى مسافة 120 م وتستطيع قذف 3400 م3 من المواد الرغوية في 15 ثانية، أما سرعة إبحاره فهي31.5 عقدة.

الشكل (5): عملية إطفاء حرائق السفن

4- حرائق المنازل والمؤسسات: عند إنشاء أي مبنى، يجب التركيز على قواعد السلامة في هذا المبنى، وهذا يتطلب دراسة جيدة لطبيعته ومعرفة مدى تعرضه لخطر الحريق. ويستوجب ذلك دراسة النشاط الممارس بداخله، وخواص المواد التي يحتوي عليها من حيث خطورتها وقابليتها للاحتراق، وأيضاً عدد قاطنيه والعاملين فيه، وأماكن وجودهم ومدى تعرضهم للخطر عند حدوث الحريق. وفي ضوء ذلك يتم إقرار التوصيات الواجب تنفيذها للوقاية من مخاطر الحريق وتجهيز المبنى بمعدات الإطفاء أو بمنظومة إطفاء تلقائي مع منظومة إنذار فعالة.

منظومات الإنذار والكشف عن الحرائق

إن الغرض الرئيسي من هذه المنظومات هو سرعة الاستجابة للحريق، ثم تحويل هذه الاستجابة المبكِّرة إلى إشارة سمعية ومرئية لتنبيه مركز الإغاثة والإطفاء. وتُقسم منظومات الإنذار إلى قسمين:

1- المنظومة التقليدية conventional system: وتعتمد على مجموعة كواشف متصل بعضها ببعض في حدود منطقة معينة تعطي الإنذار عن هذه المنطقة. وبموجب هذا الإنذار يتحرك رجال الطوارئ لكشف مكان الحريق ويتعاملون معه، ويعلمون به في الوقت المناسب.

2- المنظومة المعنونة addressable system: وتعتمد على مجموعة من الكواشف المتصل بعضها ببعض في المنطقة، وتُسجل أرقام الأماكن التي يوجد فيها الكاشف وأسماؤها، بحيث يظهر الإنذار على لوحة التحكم مع بيان رقم الكاشف واسم المنطقة وزمن حدوث الحريق.

تعتمد هاتان المنظومتان على لوحة التحكم التي تراقب بوساطتها جميع المعطيات المرسلة من الكواشف المرتبطة بها، وتشغيل الإنذار بالحريق، وقطع التيار الكهربائي وعمل مرشات مياه الإطفاء المؤتمتة. وتتخصص منظومات الإنذار بحسب كل مرحلة من مراحل الحريق ونواتجه (الشكل 6):

الشكل (6): نواتج الحريق.

1- المرحلة الابتدائية preliminary stage: تخلو هذه المرحلة من مشاهدة الدخان واللهب والإحساس بالحرارة. وتتولد كمية من جسيمات الاحتراق نتيجة عملية التحليل الكيميائي، وتستجيب كواشف التأيين لهذه المرحلة.

2- المرحلة الدخانيةsmoking stage : تزداد كميات جسيمات الاحتراق إلى الحد الذي يمكن فيه رؤيتها بالعين المجردة، ولا يلاحظ في هذه المرحلة أيّ لهب أو حرارة، وتستجيب الكواشف الكهرضوئية لهذه المرحلة.

3- مرحلة الاشتعال flame stage: يتفاقم الحريق أكثر فأكثر حتى يصل إلى نقطة الاشتعال وظهور اللهب، ويتزايد الدخان والإحساس بالحرارة، وتستجيب كواشف الأشعة تحت الحمراء لهذه المرحلة.

4- مرحلة الحرارةheat stage : في هذه المرحلة، تتكون كمية كبيرة من الحرارة واللهب والدخان، وتتطور تطوراً سريعاً، وتستجيب كواشف الحرارة لهذه المرحلة.

تنظيمات رجال الإطفاء ومهماتهم

تعتمد الدول تنظيماً متخصصاً للإطفاء والإنقاذ، وقد يكون نظام الإطفاء مركزياً في بلدٍ ما ومحلياً في بلد آخر، أو تكون له صفة عسكرية أو مدنية، أو شبه عسكرية، ويغلب على أكثر تنظيمات الإطفاء طابع اللامركزية.

يُعدّ كل مجلس محافظة و مجلس مدينة مسؤولاً عن إيجاد فرقة خاصة لإطفاء الحرائق.

تعدّ الحرائق في المدن خطراً عظيماً على الحياة والممتلكات، ومع ذلك فإنّ مجلس مدينة لندن مثلاً لم يبدأ بإعداد وسائل الإطفاء إلا بعد الحريق الكبير الذي شبّ في المدينة عام 1666، أمّا قبل ذلك فقد كانت شركات المدينة، ثم “الأبرشيات”، هي المسؤولة عن هذه الخدمة. وفي عام 1888 أصبحت المقاطعات والمدن الكبيرة هي المسؤولة عن مقاومة الحرائق. وفي الحرب العالمية الثانية، انضمت جميع فرق الإطفاء في إنكلترا لتكوين “الإدارة الأهلية للحرائق”.

أمّا في البلاد العربية، فتُعتمد تنظيمات إطفاء تماثل ما هو متبع على المستوى العالمي. حيث اعتمدت سورية مثلاً التنظيم المدني شبه العسكري؛ إذ ينتظم رجال الإطفاء في وحدات أصغرها “زمرة الإطفاء”، وتليها الفئة المؤلفة من عدة زمر, فالسَّرِية التي تضم عدة فئات، ثم الفوج الذي يتألف من ثلاث سرايا. تتوزع هذه الفئات والزمر على مراكز الإطفاء المنتشرة في المدينة، ولكل محافظة في سورية فوج إطفاء عدد أفراده وحجم عتاده يتناسب مع حجمها وكثافة سكانها. ويرتبط الفوج بالمحافظة التي ترتبط بدورها بوزارة الإدارة المحلية.

وتدعم أفواج الإطفاء النظامية وحدات إطفاء تملكها قوات الدفاع المدني والجيش الشعبي والقوات المسلحة، إضافة إلى وحدات إطفاء متخصصة تعمل في المطارات وحقول النفط والمعامل الكبيرة.

يقع على عاتق وحدات الإطفاء - إضافة إلى مكافحة الحرائق - مراقبة جميع الأماكن التي تحتوي على مواد قابلة للاشتعال، وتنفيذ برامج التوعية للوقاية من الحريق، وتقديم النصائح وأعمال الإنقاذ والإسعاف في حالات الكوارث (حروب، زلازل، أعاصير ..).

المواد المستخدمة في إطفاء الحريق

1- الماء: مايزال الماء هو الوسيلة الأكثر فاعلية في إطفاء الحريق والأقل تكلفة. فعند تبخر الماء في الدرجة 100° يبدأ البخار بامتصاص حرارة الجسم المشتعل من دون أن ترتفع درجة حرارة البخار عن الـ 100°، فتنخفض درجة حرارة الجسم المشتعل إلى ما دون درجة اشتعاله.

2- المواد الرغوية: هي فقاعات غازية متماسكة تغطي السطوح المشتعلة لإخمادها بالخنق والتبريد. ويدخل في تكوينها الماء والهواء والرغوة الصنعية من مواد عضوية مختلفة مثل الدم والعظام وقرون الحيوانات مضافاً إليها بعض الأملاح المعدنية مثل بيكربونات الصوديوم وكبريتات النحاس, ولتحسين كفاءة الرغوة يضاف إليها أحد مركبات الفلور. وتُعدّ الرغاوي الصنعية المكوّنة من عنصري الكربون والفلور من أكفأ أنواع الرغاوي وأجودها لسرعة انتشارها وبكمية قليلة على مساحة كبيرة. وكلما كانت قدرة الرغاوي على الاحتفاظ بالماء داخلها لمدة طويلة؛ كانت كفاءتها عالية.

3- الأذرة الكيميائية chemical powder: وهي من أسرع المواد المستعملة في إطفاء الحرائق, إذ تتفاعل مع الإيونات والجذور الحرة free radicals التي تسبب انتشار الحريق، فتعمل على إيقاف هذا التفاعل المتسلسلchain reaction المسؤول عن استمرار الحريق وإطفائه. تتكون هذه المادة من بيكربونات الصوديوم أو ذرور (مسحوق) المونيكس (بيكربونات البوتاسيوم + اليوريا) أو فسفات الأمونيوم + كبريتات الأمونيوم.

4- الأذرة الجافةdry powder : مثل مسحوق الكلوريد الثلاثي (ويتكون من كلوريد الباريوم + كلوريد الصوديوم + كلوريد البوتاسيوم)، أو كلوريد الصوديوم مع مسحوق البورون المكوّن من ثالث أكسيد البورون .

5- ثنائي أكسيد الكربون: وهو غاز خامل لا يشتعل، يوجد على هيئة سائل مضغوط ، وعند خروجه من الأسطوانة يتمدد حجمه إلى 450 ضعفاً، وتصل درجة حرارته إلى -80°س. وهو أثقل من الهواء بمرّة ونصف، ويتحول عند خروجه من الأسطوانة إلى كرات ثلجية دقيقة تشكل سحابةً تخنق اللهب، وتخفض درجة حرارة الجسم المحترق، وهو غاز غير سام إذا استنشق بكميات قليلة جداً، والعكس صحيح.

6- السوائل الهالوجينية halogen: هي مواد هدروكربونية يدخل عنصرا الكربون والهدروجين في تركيبها، وتستبدل بإحدى ذرات الهدروجين ذرة كلور أو فلور، وأشهر هذه السوائل برومو كلورو دي فلوروميتان، وهو ما يسمى بالهالون. عند تسليط تلك السوائل على سطح الحريق تتفاعل مع الجذور الحرة فتتحول إلى أبخرة، ومن ثَمّ تُكسر سلسلة التفاعل ويجري إطفاء الحريق. تصلح السوائل الهالوجينية لجميع أنواع الحرائق، ولكن يُنصح بعدم استخدامه بغزارة لتأثيرها في طبقة الأوزون نظراً لاحتوائها على الكلور أو الفلور، ولهذا تُستخدم في الوقت الحاضر مواد بديلة غير ضارة بطبقة الأوزون مثل هدرو فلورو كربون fm200 وهي لا تطفئ اللهب عن طريق حرمانه من الأكسجين، بل تمتص الحرارة، وتزيل الطاقة من النار، فلا تستطيع تغذية نفسها والاستمرار بالحريق، وهي لا تلحق الضرر بالأجهزة الإلكترونية ولا بطبقة الأوزون.

7- الآزوت (النتروجين): يستطيع الآزوت أن يتسرب إلى جميع الأماكن والشقوق بحيث يحل الآزوت محل الأكسجين فيُخمد الحريق ويمتنع الانفجار. يُستخدم الآزوت لإطفاء حرائق المناجم والأنفاق، وهو غير مكلف، ولا يترك أثراً بعد تهوية المكان المستخدم فيه. ويُخزن في أسطوانات على مركبات أو حاويات متحركة.

معدات الإطفاء وتجهيزاته

شهدت معدات الإطفاء تطوراً كبيراً منذ بداية القرن العشرين، وأهمها:

1- مَركبات الإطفاء: وتكون مجهَّزة بسلالم آليّة كبيرة يصل ارتفاعها حتى 45م، وقد تكون المَركبة مزودة بخراطيم ضخ ترتبط بخزان ماء خارجي أو صهريج ماء على متنها، مع مضخات قوية تدفع الماء بضغط يعادل 225 كغ/سم2.

وتستطيع المضخة الواحدة ضخ نحو 3800 ل/د إلى ارتفاع كبير.

وقد تُزوَّد بعض المركبات بخزانات ضخ الرغوة، أو المساحيق،أو رش مواد الترطيب، أو بهذه المواد كلها. وتستعمل مركبات الإطفاء المجهزة بخزانات الرغوة أو ثنائي أكسيد الكربون CO2 المضغوط لمكافحة حرائق الطائرات. أما صهاريج الإطفاء العادية فقد تبلغ حمولة الواحدة منها 7600 لتر من المياه. (الشكل 7).

الشكل (7): مركبة إطفاء

2- سلالم الإطفاء: تُعدّ سلالم الإطفاء و الرافعات ذات السلال من الوسائل الأساسية المعتمدة في إطفاء الحرائق وإنقاذ المحاصرين في الأبنية المحترقة. ويستخدم رجال الإطفاء أيضاً شبكات إنقاذ مصنوعة من نسيج شديد المتانة؛ إضافة إلى أجهزة الاتصالات لقيادة عملية الإطفاء. (الشكل 8).

الشكل (8): سلم إطفاء

3- طائرات الإطفاء: تُستخدم هذه الطائرات المزودة بصهاريج لحمل المياه ومواد الإطفاء الأخرى في مكافحة حرائق الغابات والمفاعلات النووية. تحمل بعض الطائرات حتى 8 م3 من المياه أو مادة الإطفاء، ومنها الحوامة الروسية me-6وطائرة الإطفاء الأمريكية بوينغ 747 التي تحمل حتى 80000 لتر من مواد الإطفاء. (الشكل 9).

الشكل (9): طائرة إطفاء.

4- ملابس الوقاية الشخصية لرجال الإطفاء: يرتدي رجل الإطفاء ملابس واقية خاصة لتجنب إلحاق أي ضرر به في أثناء القيام بواجبه. وتُصنع هذه الملابس من مادة النومكس أو الكيفلر أو الكيفلر الألميني. تتألف ملابس الوقاية من البزة والقفازات، والخوذة، والأقنعة الواقية من الغازات المختلفة، وحذاء خاص. (الشكل 10).

الشكل (10): ملابس رجال الإطفاء.

5- الإمداد بالماء: تُستمد مياه الإطفاء من الآبار أو المياه المعالجة ومن البحيرات والأنهار إن وجدت.

معدات إطفاء الحريق اليدوية المتنقلة

هي معدات يدوية محمولة تُسـتعمل لمكافحة الحريق في أولى مراحله من قبل الأشـخاص العاديين الذين يتصادف حضورهم في مكان حدوث الحريق. (الشكل 11).

الشكل (11): معدات إطفاء الحريق اليدوية.

تقسم أنواع المطافئ اليدوية بحسب المادة المستخدمة إلى:

1- الماء المضغوط :(A) وهي أسطوانة معبأة بالماء تحت ضغط غاز خامل، وتُستخدم لإطفاء حرائق الأخشاب والأوراق والنسيج واللدائن.

2- مطفأة ثنائي أكسيد الكربون(BC): وهي أسطوانة تحتوي على CO2 المضغوط لدرجة التميّع، ويُستخدم لإطفاء حرائق الزيوت والشحوم وحرائق الكهرباء والسوائل السريعة الاشتعال. يعمل غاز CO2 الذي ينطلق بدرجة حرارة (-08oس) على خنق اللهب وتبريد درجة حرارة السطح الملتهب .

3- مطفأة الرغوة (B): وهي أسطوانة معبأة بالماء مع مواد عضوية تنتج الرغوة، وتُستخدم لإطفاء حرائق الزيوت والنفط والشحم، وتعمل على عزل سطح المادة عن الأكسجين وتبريدها لاحتواء المادة الرغوية على الماء.

4- مطفأة الأذرة الكيميائية (AB): وهي أسطوانة معبأة بأذرة كيميائية جافة, تستخدم لإطفاء حرائق المواد الصلبة كالخشب والورق وغيرهما، ولإطفاء حرائق الزيوت والشحوم. ولا تُستعمل لإطفاء الأجهزة الإلكترونية.

5- مطفأة الأذرة (المساحيق) الجافة :(D) وهي أسطوانة معبأة بمساحيق جافة، وتستخدم لإطفاء حرائق الكحول والنفط والمواد السريعة الاشتعال والمعادن (مغنيزيوم- صوديوم- بوتاسيوم( تعمل على عزل سطح المادة المشتعلة عن الهواء .

6- مطفأة الهالون: لا يُفضل استخدام هذا النوع، لأنّ الأبخرة الناجمة عنه سامة، وتؤثر في مستخدميها ولاسيما في الأماكن المغلقة، إضافة إلى أنّه يُؤثر في طبقة الأوزون. وهو مُطفئ جيد لجميع أنواع الحرائق. (الشكل 12).

الشكل ( 12): قاذف مطفأة الهالون مع عبوته.

7- بطانية الحريق: وهي غطاء من قماش غير قابل للاشتعال، وتُستخدم لتغطية حريق المطابخ لمنع الأكسجين عنه .

يُضاف إلى هذه المطافئ، معدات إطفاء الحريق الثابتة كبكرات خراطيم المياه والمرشات التلقائية التي تعمل آلياً فور اندلاع الحريق والتي تجهز بها المعامل والمؤسسات والمنشآت المختلفة.

ومن وسائل الإطفاء الأخرى، التقنية النبضية لإخماد الحريق وتمتاز باستخدام قاذف خاص لإسقاط وسيط الإطفاء (ماء+هواء) كتلة واحدة كالقذيفة على السطح المشتعل في أجزاء من الثانية وبسرعة عالية تعادل 25 بار؛ بحيث تجعل من الماء مادة إطفاء. وتطبق لإطفاء الحرائق كافة، وهي سهلة الاستعمال وتحمل على المَركبات كافة، وتُخمد النار بسرعة.

السلوك الواجب اتباعه عند نشوب الحريق

1- الحرص على عدم إثارة الهلع، والتصرف بهدوء، والخروج بعيداً عن مكان الحريق.

2- الاتصال بهاتف الطوارئ لاستدعاء فرق الإطفاء على الفور.

3- مكافحة الحريق إذا أمكن باستخدام الوسائل المتاحة في الموقع لإطفاء الحريق.

التأكد أنّ المكان الذي يقف فيه الفرد لا يشكل خطورة عليه وباستطاعته الهرب عند الضرورة.

4- في حال وجود دخان وغاز كثيفين يكون التدحرج على الأرض أفضل وسيلة للتخلص من أثر الغازات لوجود الهواء النقي في المناطق المنخفضة.

5- تحسس الباب والمقبض بظاهر اليد، فإن كان ساخناً يجب فتح الباب بحذر.

6- إذا حدث الحريق في فندق أو مستشفى؛ يجب عدم الركض في الممرات المليئة بالدخان الخانق.

7- عدم التدافع للهروب من الحريق في الأماكن المزدحمة.

8- عدم فتح نوافذ الغرف التي يندلع بها الحريق.

إنّ حكومات الدول تسعى إلى توفير تجهيزات الحماية ومكافحة الحريق وتحديثها باستمرار بمتابعة مستجدات تقنيات مكافحة الحريق وتطوراته.

مراجع للاستزادة

- آدم البربري، دليل السلامة والصحة المهنية، 2005.

- تامر البقاعي، الحمولة الحرارية للمنشأة، الأردن 2003.

- مديرية الدفاع المدني، الوقاية من الحريق في المنازل، سورية.

- مديرية الدفاع المدني، الوقاية من الحريق في المنشآت، سورية.

- المديرية العامة للدفاع المدني، أجهزة الإطفاء اليدوية، سورية.

- IFSTA, Essentials of Fire Fighting and Fire Department Operations, Prentice Hall, 2008.

- Dennis P. Nolan, Fire Fighting Systems at Industrial Facilities. William Andrew, 1998.

- Ulrich Krause, Fires in Silos: Hazards, Prevention, and Fire Fighting, Wiley-VCH, 2009.


- التصنيف : التقانات الصناعية - النوع : التقانات الصناعية - المجلد : المجلد الثاني مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1