اضاءه
Illumination - Eclairage

الإضاءة

الإضاءة

المنابع الضوئية 

الخواص الضوئية للسطوح  

 

 

الإضاءة illumination هي سقوط الضوء على الأجسام فتُرى بالعين المجردة ويتبين شكلها ولونها وتفاصيلها، أو يجري تحسسها بوسائل كشف أخرى كالمصورات. وقد تكون الإضاءة لأسباب جمالية وترفيهية. تُعدّ دراسة إضاءة الأجسام جزءاً من دراسة تفاعل الأمواج الكهرطيسية مع المادة، ذلك الجزء الذي تتحسسّه العين مثلاً؛ إذ إن ما تراه العين يعتمد على خواص المنبع الضوئي الذي يضيء الجسم، وعلى خواص الجسم معاً، ولاسيما سطحه. والضوء المرئي موجات كهرطيسية، تنتشر في الفراغ بسرعة ثابتة قدرها نحو 3×810 م/ثا، وتنتشر في الأجسام الشفافة بسرعة أقل تحدِّدها قرينة انكسار الوسط، وتمتد تواتراتها (تردّداتها) بين 7.5×10 14 و 4×10 14هرتز؛ أي إن أطوال تلك الموجات تراوح بين 750 نانو متر (الضوء الأحمر) و400 نانومتر (الضوء البنفسجي). أما الإشعاعات الضوئية التي لاتحس بها العين فهي خارج الطيف المرئي، وقد تكون أطوال موجاتها أقصر، كالأشعة فوق البنفسجية التي يمكن أن تؤدي دوراً في الإضاءة بعد سقوطها على الجسم، أو أطول، كالأشعة تحت الحمراء التي قد تؤدي إلى إحساس غير مباشر، ولا يمكن كشف هذه الإشعاعات إلا بوسائل خاصة كأجهزة التصوير وغيرها. تشمل دراسة الإضاءة دراسة المنابع المستعملة فيها ودراسة ما تعكسه السطوح والأجسام من الضوء الساقط عليها.

تُسهم الإضاءة في تعرّف العالم المحيط، كما تسهم في تحقيق الاستقرار النفسي للإنسان في عمله وفي أوقات راحته إلى جانب إسهامها في المحافظة على صحة الإنسان وسلامته. فالإضاءة الحسنة والرؤية الجيدة تزيد مردود العمل، وتحسّن نوعه، وتنقص إصاباته وأخطاءه، وتخفض حوادث الطرق وتحسّن أحوال المعيشة. لذلك نشأ فرع هندسي خاص يدرس تصميم المنشآت والمركبات وفق شروط الإضاءة الجيدة مع التوفير الاقتصادي المرافق، ويعرف بهندسة الإنارة lighting engineering. تنطلق هذه الدراسة من خصائص الرؤية عند الإنسان مثل حساسية العين للضوء وقدرتها على تمييز الألوان والتباين، وحدة البصر، وسرعة الإدراك البصري، وثبات الرؤية الواضحة، وصولاً إلى درجة الدقة الضرورية لتنفيذ العمل المطلوب من تباين الأشياء عن خلفياتها، وضرورة تمييز القطع السريعة الحركة أو البعيدة، ومدة الأعمال المنفَّذة والأخطار التي قد تنجم عن تعب العين وتجنب البهر، وكذلك تتناول الدراسة اختيار الطيف الضوئي المناسب والمريح للعين وتوجيه سقوطه توجيهاً صحيحاً، و في أوقات الاسترخاء خاصة. وتهدف الإضاءة إلى دراسة خواص الأجسام المضيئة والأجسام التي تصدر الضوء كالمصابيح الكهربائية وغيرها.

المنابع الضوئية

يعدّ ضوء الشمس المباشر أو المنتثر أول المنابع الطبيعية التي لا يمكن التحكم في شدتها ولا طيفها تحكماً مباشراً، مثل ضوء النهار وكذلك الضوء المرتد عن القمر في الأماكن المفتوحة؛ ولكن يمكن التحكم فيهما تحكماً غير مباشر لحجبهما أو التخفيف من شدتهما مثلاً. تستعمل لذلك المنابع الصنعية للتحكّم في شدة الإضاءة وطيفها، وقد يُستعمل خليط من المنابع الطبيعية والصنعية.

تُصنّف المنابع الضوئية الصنعية وفق المبدأ الفيزيائي الذي يولِّد الضوء، ولا بدّ عند مقارنة أداء بعضها مع بعض من اعتماد منابع وواحدات قياسية.

منابع ضوء اللهب: قد تكون هذه المنابع أقدم المنابع الصنعية، فينجم الضوء عن احتراق الزيت في المصباح الزيتي أو عن احتراق الغاز عند الإضاءة بالمصباح الغازي أو عن احتراق الشمع في الشمعة. وقد شهدت بداية القرن التاسع عشر تطوراً كبيراً في تقنيات الإضاءة الصنعية عندما استُخدم الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة وكندا، ثم الغاز المستخرج من الفحم، الذي استعمله وليم مردوك William Murdock الاسكتلندي حين كُلِّف إضاءة أحد شوارع لندن سنة 1820، ثم استُعمل بعد ذلك غاز الأستيلين. ورافق ذلك صنع أجهزة خاصة لحرق هذه الغازات والإفادة من الضوء المنبثق عنها، وتُوجت جمعيها باختراع «قميص ويلزباخ» Welsbach mantle سنة 1880 الذي يتألف من شبكة دقيقة أسطوانية أو كروية من القطن المحبوك يدخل في تصنيعه الثوريوم thorium  والسيزيوم cesium. وعندما يستعمل هذا القميص في جهاز الإضاءة “اللوكس” تحترق المواد التي عولج بها، ويبقى القميص هشاً سريع التلف، غير أنه يعطي ضوءاً شديد البياض مائلاً قليلاً إلى الخضرة بسبب أملاح الثوريوم، ويزداد توهجه بازدياد ضغط الغاز عند المدخل. قد يكون اللوكس آخر منابع اللهب التي ما زالت تُستعمل في الإضاءة، مع استعمال الشموع للمناسبات فقط.

في الواقع، كانت الشمعة العادية candle تُعدّ واحدة قياس شدة إضاءة أي منبع ضوئي، غير أن تفاوت الإضاءة الناجمة عن اختلاف أنواع الشموع وأبعادها دعا إلى تعريف الشمعة العيارية تحت اسم الكاندلا candela؛ وهي ليست شمعة بالمعنى الدقيق. وقد مرّ تعريف الشمعة العيارية المتفق عليها عالمياً بعدة مراحل؛ بحسب المنابع الشائعة الاستعمال في كل مرحلة، أهمها التمييز بين الواحدات المتعلقة بالإبصار والعين، وتسمى واحدات إبصارية، وبين الواحدات الفيزيائية الشاملة. فعُرّف اللومن lumen بأنه تدفق الطاقة الضوئية luminous flux الصادرة عن منبع نقطي في واحدة الزمن وفي واحدة الزاوية المجسمة solid angle، فتكون الشدة الضوئية luminous intensity لمنبع نقطي ما هي الاستطاعة الضوئية الصادرة في كل الاتجاهات عن المنبع النقطي، وتساوي حاصل ضرب التدفق (الذي هو واحدة الزاوية المجسمة) بـ الوصف: D:\d\المجلد الثاني للتقانة اخراج\تتمة تقانة\أبحاث المعادلات في مج 2\416\Image219067.jpg، الزاوية المجسمة المقابلة لكل الاتجاهات. ويُعرّف المنبع النقطي بأنه المنبع الذي أبعاده صغيرة مقارنة بالأبعاد المدروسة، ويكون ممتداً إذا لم يتحقق ذلك. فإذا كان المنبع ممتداً، كأن يكون مستوياً؛ فيُضرب التدفق بـ الوصف: D:\d\المجلد الثاني للتقانة اخراج\تتمة تقانة\أبحاث المعادلات في مج 2\416\Image221527.jpg؛ شريطة أن يكون الضوء الصادر عن أجزاء السطح متساوياً. وفي حالة المنبع الممتدّ هندسياً؛ عُرّف الإصدار الضوئي luminous emittance الذي هو التدفق الضوئي الصادر عن واحدة السطح من المنبع في الاتجاه الناظم على السطح، ويُقدّر باللومن لكل متر مربع. ويمكن أن يُعدّ المنبع النقطي منبعاً ممتداً إذا عُدّت السطوح الكروية المتساوية الإضاءة الناجمة عنه منابع ثانوية، عندئذٍ تتوزع الشدة الأصلية على هذه السطوح وتتناقص قيمتها متناسبة عكساً مع مربع البعد عن المنبع الأصلي.

ثمة تعاريف مماثلة من وجهة النظر الفيزيائية، تُعطي ما يُشِعه المنبع على كامل الطيف الكهرطيسي. فهناك اللوكس luxالذي يُقاس به مقدار التدفق الضوئي على مساحة محددة من السطح المقابل ويكافئ الضوء المباشر الساقط على سطح يبعد متراً واحداً عن مصدر ضوء نقطي يعادل كاندلا واحدة أو لومناً واحداً في المتر المربع الوصف: D:\d\المجلد الثاني للتقانة اخراج\تتمة تقانة\أبحاث المعادلات في مج 2\416\Image211116.jpg. في حين يُقدّر التدفق الإشعاعي radiant flux، بالواط لكل ستيراديان، وهناك الشدة الإشعاعية وتقدر بالواط، والإصدار الإشعاعي radiance ويُقدّر بالواط لكل متر مربع ولكل ستيراديان، في حالة المنبع الممتد. وبما أن المنبع لا يصدر كامل استطاعته في المجال المرئي، فقد عُرّف ما يقابل المردود الضوئي لمنبع ما، ويُعبَّر عنه أحياناً بالفاعلية الضوئية luminous efficiency، بأنه نسبة التدفق الضوئي مقدراً باللومن إلى الاستطاعة الكهربائية الفعلية اللازمة لتحقيق الإشعاع الضوئي مقدرة بالواط، وتقاس هذه الفاعلية باللومن/واط. كما تُستعمل الفاعلية الضوئية النسبية، وهي قدرة الضوء على التأثير في عين الإنسان بأخذ حساسية العين البشرية للطيف المرئي في الحسبان. إذ تؤخذ الحساسية مساوية للواحد عند القيمة العظمى لحساسية العين، وذلك عند اللون الأخضر المائل للصفرة، أي عند طول الموجة 555 نانومتراً، وأصغر من الواحد وفق منحني حساسية العين للألوان المتبقية. وفي الحالة العامة، إذا كان التدفق المشع الوصف: D:\d\المجلد الثاني للتقانة اخراج\تتمة تقانة\أبحاث المعادلات في مج 2\416\Image539762.jpgتابعاً أيضاً لطول الموجة الوصف: D:\d\المجلد الثاني للتقانة اخراج\تتمة تقانة\أبحاث المعادلات في مج 2\416\Image216176.jpg، أي : الوصف: D:\d\المجلد الثاني للتقانة اخراج\تتمة تقانة\أبحاث المعادلات في مج 2\416\Image225415.jpg، ورُمز إلى حساسية العين للألوان بـ الوصف: D:\d\المجلد الثاني للتقانة اخراج\تتمة تقانة\أبحاث المعادلات في مج 2\416\Image537384.jpg. يمكن تعريف اللمعان المرئي وفق المعادلة (1):

الوصف: D:\d\المجلد الثاني للتقانة اخراج\تتمة تقانة\أبحاث المعادلات في مج 2\416\Image528138.jpg

حيث Km=683 لومن/واط.

واتُّفق على تعريف الكانديلا حديثاً على أنها جزء من ستين من الشدة الإشعاعية الصادرة عن جسم أسود درجة حرارته درجة حرارة انصهار البلاتين (2046k) وعن سنتيمتر مربع واحد منه؛ عند طول الموجة 555 نانومتراً.

تقارن المنابع الضوئية بطرائق كثيرة؛ منها أن يضيء المنبعان بقعة من شاشة، ويُغيَّر بُعد أحد المنبعين حتى تبدو البقعة مضاءة بالتساوي من المنبعين؛ ثم يُطبَّق قانون التناسب التربيعي العكسي لحساب شدة المنبع المجهول. غير أن بالإمكان الآن استعمال مقاييس فيزيائية يمكن معايرتها، وتعطي الشدة الضوئية بعد تحويلها إلى تيار أو إلى جهد، مثل الخلايا الكهرضوئية والخلايا الشمسية. وللتحكم في شدة الإضاءة لتكون ضمن المجال المناسب للمقياس، يمكن استعمال مقطبين تتغير زاوية الاستقطاب بينهما.

المنابع التوهجية: وتشمل مختلف أنواع المصابيح الكهربائية.

1- مصابيح القوس الكهربائية: تُعدّ هذه المصابيحُ حراريةً، وتعمل على تسخين قطبين بإمرار تيار كهربائي عالٍ بينهما ثم إبعاد أحدهما عن الآخر، وتعدّ مصابيح الأقواس الكهربائية الفحمية التي تصل درجة حرارة قطبها الموجب إلى 4000°س والسالب إلى 3000°س وهذا ما يبخّر الفحم، مثالاً على المنابع العالية اللمعان، وهي أقرب المنابع إلى أن تكون منبعاً نقطياً، وذلك بترتيب هندسي ملائم للقطبين؛ إذ يقارب قطر المصدر cm0.007. وتُستعمل أيضاً معادن أخرى أقواساً في حبابة مخلاّة يؤدي بخارها دور وظيفة الإشعاع الضوئي. تعدّ المصابيح القوسية أعلى تكلفة وأقل عمراً من المصابيح المتوهجة مع تماثلها في المردود؛ غير أنها تُستعمل في أغراض خاصة مثل المصابيح الزئبقية في المركبات أو مصابيح الصوديوم. تتميز المصابيح القوسية عن المصابيح التوهجية بكون الاستطاعة الضوئية المصدرة مركزة في خطوط طيفية، مثل خط الصوديوم ذي الطول الموجي 589.2 nm، فيظهر الطيف أقرب إلى الطيف الخطي منه إلى الطيف المستمر.

2- المصابيح التوهجية: وهي أقدم المصابيح التي تعتمد تسخين المادة المصدرة للضوء حتى التوهج، ومنها مصابيح الإضاءة المنزلية التي تُسخّن بإمرار تيار كهربائي في سلك التنغستين لتصل حتى قرابة 2100°س لسلك التنغستين الذي استخدم بعد فتيل الفحم الذي اخترع سنة 1878. وينسب استعمال المصباح المفرغ من الهواء تجارياً إلى توماس إديسون Thomas Edison. تتحول الطاقة الكهربائية إلى طاقة حرارية تشع في طيف مستمر، يقع جزء منه فقط في المجال المرئي، لذلك يكون مردودها منخفضاً، ولايتجاوز 10 % فقط. ولتحسين هذا المردود، تطلى الحبابة الزجاجية - المخلاة من الهواء لمنع احتراق الفتيل المتوهج - من الداخل بمادة مفسفرة تحوّل جزءاً من الطيف المشع في المجال فوق البنفسجي إلى طاقة مرئية، فيتحسن المردود حتى قرابة 15 %.

3-مصابيح الانفراغ الكهربائي: أو الأنابيب المخلاة، ويعتمد مبدأ عملها على تسريع الإلكترونات والإيونات في غاز منخفض الضغط بتطبيق حقل كهربائي عال لتتصادم مع الذرات الأخرى، فتحرضها إلى مستويات ذرية عالية تصدر طاقة ضوئية عند عودتها إلى المستويات الذرية المنخفضة والأرضية. وثمة حاجة إلى جهد عالٍ (يوفره محوّل transformer) وضغط غاز منخفض، كي تكتسب الإيونات طاقة كهربائية كافية قبل أن تصطدم بذرة أو بإيون آخر، فيما يسمى المسار الحرّ الوسطي. لهذا كانت أنابيب الانفراغ القديمة طويلة، وقد أمكن اليوم تجاوز ذلك، فصُنعت أنابيب انفراغ تشبه المصابيح المتوهجة.

يعطي غاز عنصر النيون مثلاً الضوء الأحمر، ويعطي بخار الزئبق الضوء الأزرق والأبيض المائل إلى الزرقة. وتُعدّ أنابيب النيون - باسمها الشائع - ألواناً متنوعة نتيجة استعمال غازات مختلفة أو مزيجاً منها. وتحتاج هذه المصابيح عادةً إلى تعزيز انطلاق الإلكترونات أو الإيونات الابتدائية بمساعدة “بادئ” starter يصدر أشعة فوق بنفسجية مؤينة بمساعدة غاز النيون. تعدّ هذه المنابع منابع طيفية خطية أو شريطية أيضاً، لأن إصدار الذرات يكون طيفاً خطياً تحدده المستويات الذرية للغاز. وقد جرى عليها تطوير مماثل لما جرى على المصابيح التوهجية، فطُليت الأنابيب الزجاجية من الداخل بمواد مفسفرة. وكان من آخر ما أُنجز في هذا الصدد مصباح التفريغ الزنوني (غاز الزنون xenon الخامل) ذو الطاقة العالية والضوء المشابه لضوء الشمس تقريباً. إن مردود هذه المصابيح أعلى من المصابيح المتوهجة، ويمكن أن يصل حتى 30 % لدى اختيار مادة مفسفرة مناسبة لتحسين المردود، أو لإظهار لون على آخر؛ وتوصف بأنها مصابيح إضاءة باردة، لا ترتفع درجة حرارتها كثيراً عن درجة الحرارة العادية (الجدول 1).

الجدول (1): أنواع المصابيح ومردوداتها

النوع

الاستطاعة المزودة (W)

(واط)

الفاعلية الضوئية (Lm/W)

(لومن/واط)

النسبة المئوية من الاستطاعة المشعة في المجال المرئي

النسبة المئوية من الاستطاعة المشعة غير المستعملة

النسبة المئوية من الاستطاعة

غير المشعة

المصابيح التوهجية

100

17.5

7

80

13

المصابيح الزئبقية العالية الضغط

400

52

15

33

52

المصابيح الزئبقية المنخفضة الضغط

180

183

36

4

60

مصابيح الانفراغ المفلورة

40

80

23

40

37

الهالوجينات المعدنية

400

100

34

20

46

الديودات المصدرة للضوء

0.1

2

20

50

20

30

20

20

60

50

 

4-مصابيح الحالة الصلبة: وهي تعتمد آليات قرب وصلة junction بين نصفي ناقل مختلفي الأشابة لتكّون الثنائي البلوري (الديود diode)، ويمكن أن يُصنع هذا الثنائي من مواد مناسبة لتكون وظيفته الرئيسة إصدار الضوء، فيسمى ديوداً مصدراً للضوء (مضيئاً) light-emitting diode (LED). يمكن أن يتحد عند هذه الوصلة إلكترون مع ثقب (الذي هوغياب إلكترون من رابطة التكافؤ)، فيعطي إشعاعاً في المجال المرئي في حال اختيار مادة مناسبة لنصف الناقل والأشابة. وهو في الغالب يُصدر طيفاً متصلاً؛ لكن شدته عظمى عند طول موجي معيّن. وقد طرأت تحسينات كبيرة على هذه الديودات، مثل الاستفادة من تغذية عدد كبير منها من منبع واحد بعد وضعها في صفوف وتجمعات مناسبة، وكذلك الاستفادة من كامل كمية الضوء الناتج عند الوصلة في اتجاهات مختلفة بعكسه خارج الديود، وكذلك استعمال عدسات تتناسب مع ذلك. بذلك أمكن وصول المردود إلى قرابة 50 %. كما يمكن أن تُختار المواد لتعطي ألواناً مختلفة، ويعدّ الوصول إلى هذا المردود قفزة كبيرة في عالم الإضاءة والاقتصاد. ويمكن أن يُصنع من أحد أنواع هذه الثنائيات منبعٌ له طول موجي واحد حادٌّ جداً - أي ديود ليزري laser diode - يُستعمل لأغراض خاصة. ويتميز هذا النوع من المنابع بعدم الحاجة إلى جهد كهربائي عالٍ، إضافة إلى مردوده العالي. وقد حدثت ضجة كبيرة في تسعينيات القرن العشرين عندما ربحت اليابان المنافسة بتصنيعها ديودات تصدر ضوءاً في المجال الأزرق قرب البنفسجي؛ ليتم بذلك الحصول على ديودات تصدر الألوان الرئيسية الثلاثة (الأحمر والأخضر والأزرق). كان المأخذ الرئيس على الديودات عدم تحملها لاستطاعات عالية، إذ كانت استطاعة الديودات الأولى لا تتجاوز الميلي واط غير أن تجميعها والتقدم في تصنيعها مكّن من تجاوز استطاعتها حتى وصل إلى الواط أو أكثر، وهذا ما يؤهلها اليوم لتأخذ نسبة ملموسة من سوق الإضاءة.

الخواص الضوئية للسطوح

إن ما تتلقاه العين لتعرّف شكلٍ أو جسمٍ هو ما يعكسه سطحه من ضوء يقع عليه. ويتضمن ذلك ما يعكسه عكساً مرآوياً (زاوية الورود تساوي زاوية الانعكاس)؛ إذا كان السطح صقيلاً، وعندها يمكن استخلاص الشدة المنعكسة من قوانين انتشار الأمواج الكهرطيسية المقابلة، فتعرّف انعكاسية السطح R، التي هي نسبة الشدة المنعكسة إلى الشدة الواردة، لتعطى بدلالة قرينة الانكسار بالعلاقة (2)

الوصف: D:\d\المجلد الثاني للتقانة اخراج\تتمة تقانة\أبحاث المعادلات في مج 2\416\Image130328.jpg.

والعاكس المثالي تقترب انعكاسيته من الواحد، أي تكون انعكاسيته 100 %، في حين لا تزيد انعكاسية السطح الأسود على 2 %، وتبلغ انعكاسية السطح الرمادي نحو 40 % من الضوء الساقط عليه. غير أنه يصعب تمييز التفاصيل على السطح العاكس المثالي، ويظهر كأنه هو المنبع بما في ذلك طيفه. وفي الواقع، تختلف الانعكاسية باختلاف طول الموجة وباختلاف مادة السطح، مع كونه صقيلاً، فإذا أضاء لون أبيض سطحاً من الألمنيوم، بدا هذا السطح لماعاً أبيض، ولكنه إذا أضاء سطحاً من الذهب أو النحاس بدا مائلاً إلى الحمرة، لأن الطيف المنعكس تنقصه الأمواج ذات الأطوال الموجية القصيرة بسبب امتصاص الذهب لها. أما في حالة السطح الخشن فيتضمن الضوء المرتد أيضاً ما ينثره السطح؛ ويكون حساب هذه الكمية أصعب لأنه لا يوجد قانون شامل مستقل عن أبعاد خشونة السطح. إذ تُقارن هذه الأبعاد عادةً بالطول الموجي للضوء المستعمل، ولكل مجال من نسبة الخشونة إلى الطول الموجي قانونه الخاص. تُقدَّر الشدة المرتدة أو الضيائية أو اللمعان luminance بواحدة اللوكس. ويبلغ ضياء ضوء النهار المباشر من سماء تغطيها غيوم بيضاء ناصعة بنحو 10000لوكس، أما الضياء اللازم لمعمل في الشروط الاعتيادية مع استعمال منابع صنعية فهو في حدود 1000 لوكس. وتقع الضيائية في الأماكن المكشوفة بين 0.0005 لوكس في الليلة المظلمة (غير القمراء) و0.3 لوكس في الليلة القمراء التامة البدر، و100000 لوكس تقريباً تحت أشعة الشمس المباشرة. وتوضع معدلات محددة في كل دولة لمعامل الإضاءة المناسبة طبقاً لقيمة البناء والغاية منه، وأحياناً نسبة الإضاءة الطبيعية إلى الصنعية.

يُحسب التدفق الضوئي من منبع ممتد بتجزئته إلى عناصر يُحدَّد اتجاه كل منها بالناظم على العنصر، ثم يكامل على عناصر المنبع كافة لمعرفة الإضاءة التي يسببها المنبع وعناصره على سطح مضاء، والذي يُجزّأ بدوره إلى عناصر محدّدة باتجاه كل منها بالنسبة إلى كل عنصر من عناصر المنبع، ويكامل على السطح كله إذا أريد معرفة إضاءة السطح كله أو على جزء منه. يُنجز التكامل عادةً بإدخال الزاوية الوصف: D:\d\المجلد الثاني للتقانة اخراج\تتمة تقانة\أبحاث المعادلات في مج 2\416\Image130338.jpgبين الناظم على عنصر المنبع والخط الواصل بين عنصر المنبع وعنصر السطح؛ إضافةً إلى الزاوية الوصف: D:\d\المجلد الثاني للتقانة اخراج\تتمة تقانة\أبحاث المعادلات في مج 2\416\Image270062.jpgبين عنصر السطح والخط الواصل نفسه، (الشكل 1).

 
الشكل (1): حساب التدفق الضوئي من منبع ممتد 

يضاف إلى الضوء المرتد؛ الضوء الذي يمتصه الجسم والضوء الذي ينفذ منه حتى يتحقق قانون انحفاظ الطاقة. ويميّز في هذا الصدد بين المواد المعدنية العاكسة لمعظم الضوء الوارد والمواد الشفافة أو الشافة التي لها امتصاصية ونفاذية. يُعبّر عن الامتصاصية بمعامل الامتصاص الذي يعطى كمياً ثخناً من المادة يجعل الشدة تنخفض بنسبة معيّنة، كالنصف مثلاً. أما النفاذية فيمكن أن تُحسب مما تبقّى من الشدة عند نفاذها من المادة. وتكون تبعية انعكاسية هذه المواد ونفاذيتها لطول الموجة تبعية واضحة، ويمكن أن تصل إلى امتصاص مجال ضيق من الأطوال الموجية؛ وهذا ما يعطي لكل مادة لونها الخاص بها. فيقال: إن المادة تمتلك امتصاصاً انتقائياً؛ يفسّر ذلك اعتماداً على البنية الذرية والإلكترونية للمادة. وإذا كان معامل الامتصاص لمادة ما عالياً؛ أمكن استعماله طلاءً لتغيير ألوان السطوح.

ويشار إلى أن كل ما ذكر عن السطوح يفترض فيه الانفعال؛ أي هو نتيجة سقوط الضوء عليه، ولكن يمكن أن يضاف إلى السطوح - وفق التقنيات الحديثة - ديودات نانوية ذاتية الإضاءة أو تكون إضاءتها خلفية، فتضاف إضاءتها الذاتية إلى الإضاءات الأخرى.

 

فوزي عوض 

 

 

مراجع للاستزادة:

- بيير فلوري، جان بول ماتيو، الفيزياء العامة والتجريبية، ترجمة، توفيق المنجد وطاهر تربدار ووجيه السمان، (الضوء الكتاب الأول)، مطبوعات المجلس الأعلى للعلوم، 1974.

- J. M. Anderson and J. S.Saby، The Electric Lamp: 100 Years of Applied Physics، Physics Today، 1979.

- W. D. Callister، Fundamentals of Materials Science and Engineering، John Wiley & Sons، 2001.

- M. Grundmann، The Physics of Semiconductors، Springer-Verlag Berlin، Heidelberg 2006.

 

- F. A. Jenkins and H. E. White, Fundamentals of Optics، McGraw-Hill Book Co. (1981).


- التصنيف : التقانات الصناعية - النوع : التقانات الصناعية - المجلد : المجلد الثاني مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1