احصاء (علم)
Statistics - Statistiques

الإحصاء (علم)

عُلا أبو عمشة 

أشكال العلوم الإحصائية

الإحصاء الوصفي

الإحصاء الاستقرائي

 

 

 

الإحصاء statistics علم من علوم الرياضيات التطبيقية هدفه تعرّف خصائص مجموعة ما، تُعرف بِاسم المجتمع الإحصائي statistical population، وذلك بدراسة معطيات data توصّف مجموعة جزئية من عناصر هذه المجموعة، يُطلق عليها اسم عينة sample.

ولتحقيق هذا الهدف، طوّر الإحصائيون طرائق تُعنى بجمع المعطيات وتنظيمها وتمثيلها، وهذا ما يُعرَف عادة بالإحصاء الوصفي descriptive statistics، وطرائق أخرى لتحليل المعطيات وتفسيرها لاستنباط المعلومات والتوقعات ذات الأهمية، وهذا ما يُعرف بالإحصاء الاستقرائي inferential statistics.

أشكال العلوم الإحصائية

أ- العلاقة مع الاحتمالات: يرتبط الإحصاء ارتباطاً وثيقاً بعلم الاحتمالات، فالإحصاء الاستقرائي يعتمد في غالب الأحيان على فرضيات تتعلق بالتوزع الاحتمالي للمعطيات في مجتمع إحصائي ما، وتسمح هذه الفرضيات بتطبيق الطرائق الإحصائية والاستقراء فيما يخص موسطات parameters هذه التوزيعات الاحتمالية اعتماداً على معطيات العينات.

ب- الإحصاء الرياضي والإحصاء التطبيقي: الإحصاء الرياضي هو فرع الرياضيات الذي يستخدم علوم الرياضيات المتنوعة من علم الاحتمالات والتحليل والجبر الخطي للتأسيس للنظريات الإحصائية التي ترتكز عليها الطرائق الإحصائية المستخدمة في الإحصاء التطبيقي. ويهتم الإحصاء الرياضي أيضاً بالمقارنة بين هذه الطرائق وكيفية اختيار الأنسب تبعاً للسياق أو للتطبيق الإحصائي المدروس.

جـ- الإحصاء وتحليل المعطيات الإحصائي: ثمة تداخل كبير بين الإحصاء (أو الإحصاء التطبيقي) وتحليل المعطيات الإحصائي statistical data analysis، إذ يستخدم تحليل المعطيات الطرائق الإحصائية، التي يطوّرها الإحصائيون لمساعدة متخذي القرار ممن يتوفر لديهم كمٌّ كبير من المعطيات الخام raw data في مجالات عملهم، على معالجة هذه المعطيات لتصبح مناسبة لاستنباط معلومات وحقائق facts ذات معنى تسهم في اتخاذ القرار. وقد أسهم تطور الحوسبة في تطوير أدوات ضخمة تساعد على اتخاذ القرار بوساطة تحليل المعطيات الإحصائي.

د- الإحصاء والحوسبة الإحصائية: لقد ساعد تطور الحوسبة كثيراً على انتشار أدوات إحصائية غاية في الغنى والدقة والتعقيد. وتُستخدَم هذه البرمجيات في جميع مجالات العلوم التطبيقية، الاجتماعية منها والطبية والهندسية والحيوية والزراعية وغيرها. وتقدم حالياً برمجيات وريقات العمل spreadsheet مثل مايكروسوفت إكسل Ms Excel كل أدوات الإحصاء الوصفي، إضافة إلى عدد من أدوات الإحصاء الاستقرائي. فيما يتوفر للتطبيقات التي تتطلب معالجة إحصائية أغنى العديد من البرمجيات تُصنف في فئات ثلاث:

* برمجيات تجارية من أشهرها: SPSS، و Minitab، و SAS، و STATA، و STATISTICA.

* برمجيات مفتوحة المصدر، من أكثرها شيوعاً: لغة R، وواجهة المستخدم المبنية عليها R commander، والبرمجية التعليمية المستمدة منها statistical lab التي تطورها جامعة برلين.

*برمجيات مجانية: مثل WinIDAMS الذي تشرف على تطويره وتوزيعه منظمة اليونسكو.

الإحصاء الوصفي

عند توفر مجموعة من المعطيات المطلوب دراستها، يكون من الضروري تصنيف هذه المعطيات وتمثيلها بيانياً وتلخيصها في مقاييس، بهدف تكوين رؤية أوضح لطبيعة هذه المعطيات ولطرائق الاستقراء الملائمة للاستخدام. ويشار عادة إلى طرائق تمثيل المعطيات وتلخيصها باسم الإحصاء الوصفي.

أ- تصنيف المعطيات: تُصنَّف المعطيات التي يتعامل معها الإحصاء في فئتين: معطيات توصيفية qualitative ومعطيات كمِّية quantitative. ويُشار إلى كل مجموعة من المعطيات من الطبيعة ذاتها والتي تقيس المقدار نفسه لعيِّنة معطاة، باسم متحول عشوائي random variable. ويمكن تصنيف المتحولات العشوائية - وفق تصنيف المعطيات نفسه - إلى متحول توصيفي ومتحول كمِّي، وغير ذلك.

1- المعطيات التوصيفية: وتُستخدم عادة لتصنيف المعطيات وتجميعها في مجموعات جزئية. وهي معطياتٌ قيمُها كلمات لا أعداد؛ ولهذا السبب، لا يمكن إجراء الكثير من العمليات الحسابية عليها، وما يجرى عادةً هو عدّ ورود كل قيمة من القيم التوصيفية.

يمكن فصل المعطيات التوصيفية إلى نمطين:

*معطيات اسمية (غير مرتبة)  nominal أو تصنيفية  categorical، لا تمتلك قيمها أي طابع مرتّب، مثل: جنس الزبون (ذكر أو أنثى)، ولون المنتج، وغيرها.

*معطيات مرتبة  ordinal يمكن المقارنة بين قيمها، مثل: حجم المنتج (صغير أو متوسط أو كبير)، متوسط الدخل (منخفض، أو متوسط، أو مرتفع). وتُجمل في هذا النمط من المعطيات قيم من قبيل الترقيم الذي يراد به التصنيف، مثل أصناف المنتج (صنف أول، أو صنف ثانٍ، أو غيرهما).

2- المعطيات الكمِّية: هي أرقام يمكن إجراء عمليات حسابية عليها. ويمكن فصلها أيضاً إلى نمطين:

*معطيات منفصلة discrete، مثل: قيم زهر النرد، وعدد الحوادث على طريق معيَّنة.

*معطيات مستمرة continuous، مثل: وزن المنتج، وسعر الأسهم في البورصة.

وكذلك يمكن تصنيف المعطيات في فئتين:

الشكل (1): مثال على التمثيل بالأعمدة

                                                                                                    

الشكل (2): مثال على التمثيل بالخطوط

الشكل (3): مثال على التمثيل الدائري.       

*معطيات تأخذ قيمها من مجال interval data يمكن المقارنة بينها، ولكن لا يكون هناك نقطة بداية origin محددة، ولا يكون لجمعها أو طرحها - مثلاً - معنى، مثل: درجة الحرارة، والعام الميلادي.

*معطيات ذات قيم نسبية ratio data، وهي معطيات لها مبدأ أو صفر، ويمكن تطبيق كل العمليات الحسابية عليها، مثل: الوزن، والطول.

ب- جمع المعطيات وتصميم التجارب: تُعدُّ مهمة جمع المعطيات من المهام الأساسية في الإحصاء، إذ يجب عند دراسة مجتمع إحصائي ما - عدد أفراده لا نهائي - وبعد تحديد طبيعة المعطيات أو المتحولات العشوائية المختارة، اختيار عينة من هذا المجتمع، أي مجموعة جزئية منتهية تمثل جيداً هذا المجتمع الإحصائي. فإذا لم يجرِ اختيار العينة بطريقة منهجية مناسبة، فقد يكون من العبث تطبيق أي عمليات إحصائية استقرائية عليها لاحقاً.

وينبغي عند تصميم التجارب اختيار حجم العينة بما ينسجم وحجم المجتمع من جهة، ومستوى الدقة المطلوب للاستنتاجات الإحصائية من جهة أخرى. فكلما ازداد حجم العينة ازداد مستوى المعنى (الموثوقية)  level of significance، بيد أن تكلفة تجميع المعطيات تزداد أيضاً، ولهذا السبب يكون اختيار حجم العينة حلاً وسطاً يراعي هذه القيود.

جـ- التمثيل البياني للمعطيات: عندما تكون العينات كبيرة، وتشتمل على العديد من المتحولات العشوائية، يصعب استنتاج أي معلومات استناداً إلى قيم هذه المتحولات في الجداول، لذا يُستخدم التمثيل البياني لتوصيف المعطيات وتفسيرها.

تتعدد طرائق التمثيل البياني تبعاً لطبيعة المعطيات المراد تمثيلها، ومن أكثرها انتشاراً:

التمثيل بالأعمدة column charts، ويبيّن الشكل (1) تمثيلاً بالأعمدة لمبيعات مجموعة من أصناف منتجات خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2011.

- التمثيل بالخطوط البيانية، ويبيّن الشكل (2) تمثيلاً بالخطوط لأرقام المبيعات لثلاثة أصناف خلال خمسة أرباع سنوية متتالية.

- التمثيل داخل دائرة pie charts، ويبيّن الشكل (3) تمثيلاً داخل دائرة لأرقام مبيعات الصنف الأول خلال خمسة أرباع متتالية.

ثمة طرائق أخرى للتمثيل البياني تتفاوت في تعقيدها، ويُفضل اختيار عدة مخططات بسيطة عوضاً عن دمج عدد كبير من المعطيات في مخطط واحد معقد، قد يدفع بالدراسة الإحصائية نحو استنتاجات خاطئة.

د- تلخيص المعطيات: تظهر الحاجة في بعض الأحيان إلى تلخيص المعطيات؛ ولاسيما الكمِّية منها، والاكتفاء ببعض المقاييس المستنتجة منها، ومن أشهرها المتوسط الحسابي والانحراف المعياري. وتُصنف هذه المقاييس عادة في الفئات الآتية:

- مقاييس المنحى المركزي central tendency measures: وهي مقاييس تبيِّن بطريقة أو بأخرى أين تتركز وتتجمع قيم العيِّنة، ومن هذه المقاييس:

- المتوسط الحسابي  arithmetic mean، وهو أكثر المقاييس استخداماً (على الرغم من حساسيته لوجود قيم شاذة في العينة). ويتمثل المتوسط الحسابي في مجموع قيم عناصر العينة مقسماً على عددها. أي إذا كانت العينة هي  x1, x2,..., xn:، كان المتوسط الحسابي معطى بالعلاقة (1):

 

- المتوسط الهندسي geometric mean، وهو الجذر من المرتبة n لجداء العناصر بعضها ببعض، كما هو مبين في العلاقة (2):

 

- الوسط median: وهو القيمة التي توجد تماماً في وسط المعطيات، أي تكون أكبر أو تساوي نصف قيم العينة، وأصغر أو تساوي النصف الآخر. فإذا كان عدد عناصر العينة n فردياً، كان الوسط هو العنصر الذي يكون ترتيبه  بعد ترتيب العناصر تصاعدياً، أي      .

أما إذا كان عدد العناصر زوجياً، فمن المعلوم  أن الوسط هو المتوسط الحسابي للعنصرين في وسط العينة

 

ويتميز الوسط بعدم حساسيته لوجود قيم شاذة في العينة، وهذا يناسب العديد من التطبيقات.

- المنوال mode، هو أكثر القيم تكراراً في العينة. قد يكون هناك أكثر من منوال، إذا كان هناك عدة قيم لها التكرار نفسه. وقد لا يكون المنوال معرّفاً في حال كانت كل قيم العينة مختلفة.

- مقاييس التشتت dispersion measures: وهي المقاييس التي تبين مدى تشتت العينة أو ابتعادها عن مقاييس مركزها، ومن هذه المقاييس:

- التباين variance: وهو في الواقع يمثل متوسط الأخطاء التربيعية لعناصر العينة بالنسبة إلى المتوسط الحسابي، مع معامل تصحيح، وتعطى صيغته بالعلاقة (3):

 

 

- الانحراف المعياري standard deviation: هو المقياس الأكثر استخداماً لتوصيف تشتت المعطيات، وهو الجذر التربيعي للتباين أي s.

- معامل التغير coefficient of variation، مقياس يسمح بمقارنة عينات من مجالات رقمية مختلفة، ويُحسب بأخذ نسبة الانحراف المعياري إلى المتوسط الحسابي للمعطيات، أي               .

* دراسة توزع المتحول percentiles & quartiles: وتُوصِّف هذه المقاييس كيفية توزع المعطيات على كامل مجال تغيرها. يقال عن قيمة ما من مجال تغير المعطيات: إنها المئوي K percentile، إذا كان عدد العناصر التي قيمها أصغر من هذه القيمة يمثل K بالمئة من مجمل عدد عناصر العينة. ومن أشهر المئويات: الربعي الأول وهو القيمة التي تكون أكبر من ربع المعطيات، والربعي الثاني: وهو نفسه الوسط المذكور آنفاً.

* مقاييس الارتباط correlation بين متحولين عشوائيين: يهتم الإحصاء كثيراً بعلاقة المتحولات بعضها ببعض وتأثير متحول في آخر. وثمة قياسات عدة من أشهرها معاملات الارتباط الخطي linear واللاخطي  non-linear. فعلى سبيل المثال، إذا كانت هناك عينتان: x1, x2,..., xnو y1, y2,..., yn، يُحسب معامل الارتباط الخطي بين العينتين بحساب تغاير covariance العينة أولاً وفق العلاقة (4):

 

 

ثم بنسب هذا المقدار إلى الانحراف المعياري لكلتا العينتين، كما هو مبين في العلاقة (5):

 

 

ثمة طريقة شائعة - إضافة إلى المقاييس السابقة- في تلخيص المعطيات يمكن استخدامها لكل أنواع المعطيات الوصفية والكمية على حد سواء، وهي جدول التكرار frequency table. فعلى سبيل المثال، في حالة المعطيات الكمِّية المستمرة يُقسَم مجال تغيّر المعطيات إلى شرائح متساوية الطول، وتُعَدُّ القيم التي تقع في كل مجال ثم تنظَّم في جدول، كما هو مبين بالجدول (1).

الجدول :(1)الجدول التكراري لمجموعة من المعطيات تقع قيمها بين 175و390.

 الشرائحالتكرارالنسبة التراكمية
47>1801%1.67
48>2104%8.33
49>2407%20.00
50>27015%45.00
51>30014%68.33
52>33011%86.67
53>3605%95.00
54أكثر3%100.00

 

                                                                                                    

الشكل (4): المخطط التكراري لبيانات الجدول (1).

 ثم يمَثل هذا الجدول بيانياً باستخدام التمثيل بالأعمدة، وهذا ما يُعرف بالمخطط التكراري (الهستوغرام) histogram المبين بالشكل (4). ويقدم الجدول التكراري فكرة أوّلية عن التوزّع الاحتمالي للمعطيات، ويسهم كثيراً في توجيه عمليات الإحصاء الاستقرائي. فالحصول على مخطط تكراري متناظر شبيه بالجرس bell-shaped يدعو إلى الاعتقاد أن المعطيات تتبع توزعاً طبيعياً، ويمكن بعد ذلك اختيار طريقة إحصائية لاختبار هذا الاعتقاد والتحقق منه بأسلوب منهجي.

الإحصاء الاستقرائي

يُعدُّ تقدير الموسطات parameter estimation واختبار الفرضيات hypothesis testing أهم عمليتين يهتم بهما الإحصاء الاستقرائي. وهناك تطبيقات عديدة لهما.

أ- تقدير الموسطات: الموسطات هي مقادير تميِّز عادة المتحولات العشوائية لمجتمع إحصائي ما، مثل متوسط وزن الأطفال السوريين في الثانية من العمر. ويضم المجتمع الإحصائي في هذا المثال كل الأطفال السوريين في جميع مناطق سورية الذين يبلغ عمر كل منهم السنتين. و”متوسط الوزن” هو موسط يصف المتحول العشوائي “وزن الطفل”، ويمكن حسابه بقياس وزن كل طفل من المجتمع، ثم حساب المتوسط الحسابي. بيد أنه يصعب - وضوحاً - الوصول إلى جميع أفراد هذا المجتمع وقياس وزن كل منهم، ويكمن الحل العملي في اختيار عينة من هؤلاء الأطفال وحساب متوسط الوزن للعينة فقط - واستخدام هذا القياس الذي يُعرَف باسم إحصائية statistic - كتقدير لقيمة الموسط.

الإحصائية إذاً هي قياس أو دالة تُحسب لقيم المتحول لعيِّنة، ويمكن القول إنه مقابل كل موسط يوصّف متحولات المجتمع الإحصائي، يمكن حساب إحصائية مماثلة توصّف جزءاً من المجتمع، هو العينة المدروسة.

ويقدم الإحصاء عدة طرائق لتقدير الموسطات، من أشهرها طريقة الأرجحية العظمى maximum likelihood estimation ، وطريقة التقدير بالعزوم moment method estimation.

 بفرض البحث عن تقدير للموسطq، ووجود عينة من القيم   x1, x2,..., xn، تعتمد طريقة الأرجحية العظمى على اختيار تقدير للموسط الإحصائي، المعتمدة على قيم العينة، والتي تجعل احتمال ورود العينة المدروسة أعلى ما يمكن. ومن أشهر هذه المقدِّرات، استخدام المتوسط الحسابي لقيم عينة تتبع قانون التوزع الطبيعي  كتقدير لـµ  متوسط هذا التوزع. وهذا ما يستخدم - على سبيل المثال - عند تقدير متوسط وزن الأطفال السوريين في سن العامين.

يشار إلى التقدير السابق بالتقدير النقطي، أي إن كل عينة تسمح بحساب قيمة واحدة تُستخدم كتقدير للموسط، ويتغير هذا التقدير بتغير العينة. ويكون احتمال أن تكون قيمة الموسط تساوي فعلاً قيمة الإحصائية المحسوبة على عينة ما معدوماً، لذا يلجأ الإحصائيون إلى حساب ما يُعرَف باسم مجال الثقة  confidence interval. ومجال الثقة هو مجال يجري حسابه اعتماداً على العينة وعلى التقدير النقطي للموسط، بحيث يكون احتمال أن ينتمي الموسط فعلاً إلى المجال مساوياً لقيمة احتمالية يحددها الدارس سلفاً تُسمى مستوى الثقة  level of confidence.

ب- اختبار الفرضيات: في بعض الأحيان، قد لا يكون المطلوب تقدير قيمة موسط ما، بل اختيار أحد خيارين، أو اختبار فرضية ما، كأن “يُجزم” مثلاً بفعالية عقار جديد في علاج مرض ما أو بعدم فعاليته اعتماداً على تجارب أجريت على عينة من المرضى، وباستخدام نظرية الاحتمالات.

تُسمّى إحدى الفرضيتين اللتين يجب الاختيار بينهما الفرضية المعدومة   null hypothesis، ويشار إليها بـ H0، وتُسمى الفرضية الثانية الفرضية البديلة alternative hypothesis، ويشار إليها بـ  H1 والاختيار بين هاتين الفرضيتين مشابه لما قد يجري في محاكمة متهم ما، فكما أن المتهم “بريء حتى تثبت إدانته” بوقائع ودلائل كافية؛ يُفترض أن الفرضية المعدومة H0صحيحة ما لم تأتِ دلائل “كافية” من المعطيات تشير إلى عدم صحتها، فيجري اعتماد الفرضية البديلة.

الشكل (5): تمثيل لاختبار الفرضيات باستخدام إحصائية اختبار تتبع التوزيع الطبيعي.

 

توجز - في اختبار الفرضيات - الدلائل المجموعة من المعطيات في إحصائيةٍ (دالة معتمدة على المعطيات) تُعرَف باسم إحصائية الاختبار test statistic. وتتمثل القاعدة المعتمدة عادة في اختبار الفرضيات، في تحديد مناطق حرجة critical regions تبعاً للتوزع الاحتمالي لإحصائية الاختبار ولطبيعة الفرضية البديلة ولاحتمال خطأ يحدّد سلفاً هو الخطأ من النمط الأول type I error. فإذا وقعت قيمة إحصائية الاختبار في المنطقة الحرجة يُتَّخذ القرار برفض الفرضية المعدومة، وإلا لا يمكن إحصائياً الجزم بعدم صحة الفرضية المعدومة، تماماً كما قد تعجز المحكمة نظراً لقلة الأدلة عن تثبيت الجرم على المتهم. يبين الشكل (5) المنطقة الحرجة التي يجب أن تقع فيها قيمة إحصائية الاختبار لكي يكون بالإمكان رفض الفرضية المعدومة، وذلك عندما تتعلق الفرضية المعدومة بتحديد قيمة موسط ماµ. أي إنه يجري اختبار: هل قيمة الموسط µ هي ­µ أم لا؟ فتكون الفرضية المعدومة من الشكل  H0: µ=µ0مقابل فرضية بديلة   .H1: µµ0

تكون الأخطاء في اختبار الفرضيات - كما هو مبين بالجدول (2) - على نمطين، فقد تُرفض الفرضية المعدومة فيما هي صحيحة، وهذا ما يُعرَف بالخطأ من النمط الأول. ويحدّد الإحصائيون احتمال حدوث هذا الخطأ سلفاً، ويُعرَف هذا الاحتمال باسم مستوى المعنى level of significance، ويشار إليه بـالرمز α، وجرت العادة أن يأخذ القيمة 0.05. أما الخطأ من النمط الثاني level II error فقد يقع عند عدم إمكان رفض الفرضية المعدومة فيما هي فعلاً غير صحيحة، ويشار إلى احتمال وقوعه بـالرمزβ.

 

الواقع

 

 

القرار

 

 المتخذ

الفرضية H1صحيحة

الفرضية H0صحيحة

خطأ من النمط II

قرار صحيح

العجز عن رفض H0

قرار صحيح

خطأ من النمط I

رفض H0

الجدول (2): القرارات والأخطاء التي يمكن ارتكابها عند اختبار الفرضيات إحصائياً.

قد تكون الفرضيات المراد اختبارها متعلقة بقيمة موسط لعينة واحدة، وهو ما يعرف باسم one-sample test، كأن يتم مثلاً اختبار تجاوز نسبة المرضى الذين قاربوا على الشفاء بعد تناول العقار للنسبة 70%. وقد يكون الاختبار متعلقاً بمقارنة قيمة موسط لعينتين متمايزتين، كاختبار تساوي متوسط عمر الرجال والنساء في مجتمع ما على سبيل المثال.

بعض تطبيقات الإحصاء

يُستخدم الإحصاء في العلوم الإنسانية والتطبيقية المختلفة، إذ يوفر طرائق عديدة تساعد على تنظيم المعطيات المتاحة وتحليلها بعمق والخروج باستنتاجات وتنبؤات تسهم في تطوير هذه العلوم وإغنائها. وفيما يأتي بعض أهم مجالات التطبيق:

أ- العلوم الطبية والدوائية: يؤدي الإحصاء دوراً كبيراً في دراسة انتشار الأمراض والأوبئة والعوامل المؤثرة في انتشارها أو انحسارها، ويُعرَف العلم المعني بذلك بعلم الأوبئة epidemiology. وفي مجال الأدوية والعقاقير كثيراً ما يكون للتجارب الإحصائية القول الفصل في تقدير مدى فعالية دواء ما أو علاج مقترح. وتجدر الإشارة إلى أنه لا غنى للباحثين في مجال الهندسة الوراثية عن استخدام الطرائق الإحصائية.

ب- التحكم في الجودة quality control:تعتمد مجالات التصنيع والإنتاج المختلفة على الإحصاء لهذه الغاية. إذ تُجرى دراسة على العوامل المختلفة المؤثرة في عملية التصنيع وفي جودة الإنتاج. ويمكن أيضاً بدراسة عينات من المنتجات اتخاذ قرار يتعلق بمطابقتها للمواصفات من عدمها.

ج- العلوم المالية والمصرفية: يُستخدم الإحصاء في هذه المجالات على سبيل المثال لتقدير المخاطرة risk في برامج التأمين insurance أو في تكوين المحافظ الاستثمارية investment portfolio.

د- العلوم الهندسية والزراعية والحيوية وغيرها: تُمثل معالجة المعطيات الناجمة عن التجارب أمراً شائعاً في العمل البحثي، إذ تُستخدم التقنيات الإحصائية المختلفة مثل تحليل الانحدار regression، في نمذجة المسائل المختلفة. فعلى سبيل المثال، تعتمد هندسة الاتصالات على الإحصاء في وضع نماذج رياضية لقنوات الاتصال، وتقدير معدلات الخطأ بهدف تقييم أداء منظومات الاتصالات.

 

 

مراجع  للاستزادة:

- W. W. Hines et al., Probability and Statistics in Engineering, Wiley, 2003.

- M. F. Triola, Elementary Statistics, Pearson, 2010.

- R. Walpole et al., Probability and Statistics for Engineers and Scientists, Pearson, 2011.

 


- التصنيف : الاحتمال والإحصاء والنظرية التوافقية - النوع : الاحتمال والإحصاء والنظرية التوافقية - المجلد : المجلد الأول - رقم الصفحة ضمن المجلد : 343 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1