logo

logo

logo

logo

logo

فيروسات التهاب الكبد

فيروسات التهاب كبد

Hepatitis Viruses -

 فيروسات التهاب الكبد Hepatitis V

فيروسات التهاب الكبد Hepatitis Viruses

هيام البشارة

السّير السريري لالتهابات الكبد الفيروسية

عدوى فيروسات التهاب الكبد ووبائيّاتها

تسمية فصائل فيروسات التهاب الكبد

الملخص

 

مقدمة:

يشير مصطلح Hepatitis إلى التهاب الكبد. يمكن لتعاطي الكحول الزّائد والمخدِّرات والسّموم والاضطرابات الاستقلابيّة أن تسبِّب التهاب الكبد، كما أن العديد من الفيروسات مسبِّبات رئيسيّة للمرض. تُعرَف المجموعة المتباينة من الفيروسات التي تسبِّب التهاب الكبد باسم فيروسات التهاب الكبد hepatitis viruses. إنَّ التهاب الكبد الفيروسي هو واحد من أهم ١٠ أسباب من الأمراض المُعدية المسبِّبة للوفيات في جميع أنحاء العالم. يسبب التهاب الكبد بالفيروسين B وC نسبة ٨٠٪ من حالات سرطان الكبد في العالم، ويعيش ما يقرب من ٤٠٠ مليون شخص مُصاب بالتهاب الكبد المزمن في العالم.

أولاً- السّير السريري لالتهابات الكبد الفيروسية:

يوجد خمسة فيروسات رئيسيّة لالتهاب الكبد الفيروسي، هي فيروسات التهاب الكبدA وB وC وD وE (HAV وHBV وHCV وHDV وHEV). تنتمي هذه الفيروسات إلى فصائل فيروسية مختلفة، ذات خصائص جزيئية متنوعة، على الرّغم من أنّها جميعها تسبب أعراضاً مرضية متشابهة.

تبدأ العدوى الحادة بالحضانة مدة ١ إلى ٣ أشهر، (الجدول١)، تليها فترة بادرية Prodromal تظهر فيها أعراض غير نوعيّة تتضمّن الدّعث والقمه والغثيان والقُياء، وغالباً ما يصاحب الأعراض حمى خفيفة. يُعاني المرضى أحياناً من ألماً عضلياً وألماً مفصلياً. تبدأ فترة المرض بعد ٣-١٠ أيام عندما تظهر أعراض نوعية لالتهاب الكبد، مثل ألم في المراق الأيمن؛ وبول صافٍ داكن، ويرقان يتمثّل باصفرار الجلد وصلبة العين. عادةً، تقوم البلاعم في الطحال أو الكبد بإزالة خلايا الدم الحمراء الهرمة، وتقوِّض الخضاب بداخلها إلى هيم وغلوبين. الغلوبين هو بروتين يتحلل إلى أحماض أمينية لإعادة استخدامها، ويتم تحويل الهيم إلى البيليروبين. تقوم إنزيمات الكبد بتعديل البيليروبين لجعله ذوّاباً في الماء بحيث يمكن إفرازه بسهولة أكبر في البول. يؤدّي سوء وظيفة الكبد في مرضى التهاب الكبد إلى زيادة البيليروبين في الدم والبول فيظهر اليرقان والبول الداكن، على الترتيب. ينتج اللون البني الطبيعي للبراز عن تقويض البيليروبين، أما مرضى التهاب الكبد فقد يكون لون برازهم فاتحاً بسبب اضطراب استقلاب البيليروبين. تفيد المعايرة المصلية للإنزيمات الكبدية (AST) و(ALT)؛ التي تشارك في استقلاب الأحماض الأمينية، في تشخيص التهاب الكبد الحاد. تصل الأعراض إلى الذروة بوجه شكل عام في غضون أسبوع إلى أسبوعين، ويتلاشى اليرقان في أثناء فترة النقاهة.

الجدول (١): العدوى والوبائيات لفيروسات التهاب الكبد الرئيسيّة.

 

HAV

HBV

HCV

HDV

HEV

طريق العدوى

برازي فموي

الدم، والاتّصال الجنسي، وحول الولادة.

الطريق الدموي هو السّائد، وعبر الاتّصال الجنسي، وحول الولادة.

الدم

برازي فموي

متوسط مدة

الحضانة

٢٨ يوماً (١٥-٥٠ يوماً).

١٢٠ يوماً (٤٥-٦٠يوماً).

٤٥ يوماً (١٤-١٨٠ يوماً).

الخمج المشترك: ٩٠ يوماً (٤٥-٦٠ يوماً).

٤٠ يوماً (١٥-٦٠ يوماً).

     

الخمج الإضافي: ١٤-٥٦ يوماً.

إزمان الخمج

لا

نعم (يحدث في ٥-١٠٪ من الحالات عموماً، ويزداد الاحتمال كثيراً عند الرضع.

نعم (يحدث في ٧٥-٨٥٪ من الحالات).

نعم (أقل من ٥٪ في الخمج المشترك، ويصل إلى ٨٠٪ في الخمج الإضافي).

لا. (يحدث إزمان عند المثبَّطين مناعيّاً فقط).

معدَّل وقوع الخمج الحاد عالميّاً

١,٤مليوناً في السنة.

٤ ملايين في السنة.

٤ ملايين في السنة.

٢٠٠٠٠٠- ٤٠٠٠٠٠

في السنة

٢٠ مليوناً.

في السنة

الانتشار العالمي للخمج المزمن

لا يوجد حالات خمج مزمن.

٣٥٠ مليوناً.

١٧٠ مليوناً.

١٥-٢٠مليوناً.

نادر جدّاً.

توفر اللّقاح

نعم

نعم

لا

نعم (يوجد لقاح للفيروس B).

في الصين فقط.

لا يسبب HAV وHEV عموماً أخماجاً مزمنةً، وتحدث مناعة طويلة الأمد ضد الفيروس بعد الخمج الأولي. يتفاوت احتمال حدوث خمج مستمر بفيروس التهاب الكبد B بحسب العمر عند الإصابة: فيحدث إزمان للخمج عند > ٩٠٪ من الرضع، وعند ٢٥-٥٠٪ من الأطفال بين ١ و٥ سنوات من العمر، وعند ٦-١٠٪ من الأطفال الأكبر سناً والبالغين. في المقابل يحدث خمج مستمر عند ٧٥-٨٥٪ من المصابين بفيروس التهاب الكبد C، ويتم التخلص من الفيروس عند ١٥-٢٥٪ فقط من المصابين بفيروس التهاب الكبد C الحاد.الجدول (١).

ثانياً- عدوى فيروسات التهاب الكبد ووبائيّاتها:

لا تنتقل فيروسات التهاب الكبد بطرائق العدوى نفسها. كما أنَّ مداخل الفيروسات ليست كلها متشابهة. تسبب جميع فيروسات التهاب الكبد حالات سريرية متماثلة، ولكن الاختبارات التي تكشف عن أضداد الفيروسات، أو عن البروتينات الفيروسية، أو الحموض النوويّة الفيروسيّة ضروريّة في تحديد هويّة الفيروس المسبِّب للحالة. في ما يلي التّعاريف المحدَّدة من قبل مركز السيطرة على الأمراض CDC في العام ٢٠١٦ للتفريق بين حالات التهابات الكبد الفيروسيّة الحادّة والمزمنة وتلك التي يتم اكتسابها في الفترة المحيطة بالولادة:

- التهاب الكبد الفيروسي الحاد بالفيروس A:

المعايير السَّريرية: مرض حاد مع ظهور أعراض مُبهَمة، ويرقان أو ارتفاع مستويات ناقلات الأمين في الدم.

المعايير المخبرية: إيجابيّة الكشف عن الأضداد IgM النوعيّة لفيروس التهاب الكبد A.

الحالة المؤكَّدة: حالة تتوافق مع تعريف الحالة السَّريرية وهي مؤكَّدة مخبرياً، أو حالة تتوافق مع تعريف الحالة السَّريرية وتحدث عند شخص لديه علاقة وبائية مُثبَتة مع شخص مصاب بالتهاب الكبد A مؤكَّد مخبريّاً (أي أحد أفراد الأسرة، أو اتصال جنسي مع شخص مصاب خلال ١٥-٥٠ يوماً قبل ظهور الأعراض).

- التهاب الكبد الفيروسي الحاد بالفيروس B:

المعايير السَّريرية: مرض حاد مع ظهور أعراض مُبهمة، ويرقان أو ارتفاع مستويات ALT > ١٠٠ وحدة دولية / لتر.

المعايير المخبريّة: إيجابيّة الكشف عن المستضد السّطحي HBsAg، وإيجابيّة الكشف عن الأضداد IgM النّوعيّة للمستضد اللّبي لفيروس التهاب الكبد B (أضداد HBcAg).

الحالة المؤكَّدة: حالة تُحقّق المعايير السَّريرية ومؤكَّدة مخبريّاً.

- التهاب الكبد B في الفترة المحيطة بالولادة:

الوصف السَّريري: يراوح طيف الخمج بفيروس التهاب الكبد B في الفترة المحيطة بالولادة عند وليد بين التهاب الكبد من دون أعراض والتهاب كبد خاطف fulminant hepatitis.

المعايير المخبريّة: إيجابيّة الكشف عن المستضد السطحي HBsAg.

الحالة المؤكَّدة: HBsAg إيجابية في أي رضيع يبلغ من العمر أكثر من ١-٢٤ شهراً مولود من أم إيجابيّة HBsAg.

- التهاب الكبد المزمن بالفيروس B:

الوصف السَّريري: يمكن أن يكون الخمج المزمن بفيروس التهاب الكبد B لا عرضيّاً، ويمكن أ لا يكون لدى المُصاب دليل على مرض الكبد، أو قد يراوح طيف المرض بين التهاب الكبد المزمن إلى تليّف الكبد أو سرطان الكبد.

المعايير المخبريّة: سلبيّة الكشف عن الأضداد IgM النوعية للمستضد اللّبي anti-HBc IgM،

وإيجابية الكشف عن المستضد HBsAg، أو المستضد HBeAg، أو HBV DNA؛ أو إيجابية HBsAg أو HBV DNA أو HBeAg مرتين على الأقل بفاصل ٦ أشهر (يتم إجراء أي مجموعة من هذه الاختبارات بفاصل ٦ أشهر).

الحالة المؤكَّدة: حالة مؤكَّدة مخبريّاً.

- التهاب الكبد الحاد بالفيروس C:

المعايير السَّريريّة: مرض حاد مع ظهور أعراض مُبهمة لالتهاب كبد فيروسي حاد، ويرقان أو ارتفاع مستويات المصل للإنزيم ALT> ٢٠٠ وحدة دولية / لتر.

المعايير المخبريّة: إيجابيّة الكشف عن أضداد فيروس التهاب الكبد (Anti-HCV) C، وإيجابيّة الكشف عن الحمض النووي للفيروس (HCV RNA).

الحالة المؤكَّدة: حالة تفي بالمعايير السَّريريّة، مع إيجابيّة الكشف عن مستضد فيروس التهاب الكبد C، أو إيجابية الكشف عن حمضه النووي RNA، أو سلبيّة الكشف عن أضداد HCV، أو مستضداته، أو حمضه النووي RNA، متبوعة بنتيجة إيجابية في غضون ١٢ شهراً.

- التهاب الكبد المزمن بالفيروس C:

المعايير السَّريريّة: إنَّ معظم الأخماج المزمنة بفيروس التهاب الكبد C لا عرضيّة، على الرغم من أن العديد من المرضى يعانون مرضاً كبدياً مزمناًتراوح شدّته بين خفيف وشديد.

المعايير المخبريّة: إيجابيّة الكشف عن الأضدادAnti-HCV ، والكشف عن الحمض النووي HCV RNA.

الحالة المؤكَّدة: حالة لا تستوفي المعايير السريريّة لحالة التهاب كبد C حاد، ولا يوجد انقلاب من سلبيّة HCV إلى إيجابيّته خلال الاثني عشر شهراً السابقة (أو عدم وجود تقرير عن الانقلاب)، مع إيجابيّة الكشف عن HCV RNA.

- التهاب الكبد الفيروسي الحاد / المزمن بالفيروسD:

إنَّ فيروس التهاب الكبد D هو فيروس معيب، لا يمكنه التنسّخ من دون HBV.

- التهاب الكبد الحاد بالفيروس E:

لا توجد اختبارات مصلية معتمَدة لتشخيص خمج HEV على الرغم من توفر العديد منها لأغراض البحث؛ إذ يوجد اختبارات للكشف عن أضداد الفيروس ((anti-HEV، وعن الحمض النّووي HEV RNA.

١- فيروس التهاب الكبد A:

ينطرح فيروس التهاب الكبد A في براز المخموجين فينتقل من خلال الطريق البرازي الفموي ويعدي الآخرين. يمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق شرب مياه ملوثة، أو تناول المحار المجموع من مياه ملوثة بالصّرف الصّحي، أو تناول أطعمة ملوثة بالفيروس وغير مطبوخة جيّداً. إنَّ الفيروس غير مغلَّف، ويمكنه أن يعيش فترات طويلة عند انخفاض درجة الحموضة (حتى في الحموضة العالية جدّاً حيث pH = ١)، وكذلك في المياه العذبة أو مياه البحر، وفي التجميد إلى درجات حرارة معتدلة؛ لذلك الأطعمة الملوثة المجمَّدة، أو الثلج المحضَّر من مياه ملوَّثة يمكن أن تحافظ على حيويّة الفيروس. البشر هم المستودع الطَّبيعي الوحيد للفيروس.

يدخل HAV عن طريق الجهاز الهضمي بعد تناوله، ويعبر إلى الكبد عبر وريد الباب الكبدي، حيث يصيب خلايا الكبد ويتنسّخ فيها. بعد ١٠-١٢ يوماً - عادةً قبل ظهور الأعراض بنحو أسبوعين - يصبح الفيروس موجوداً في الدم، ويكون كذلك موجوداً بتركيزٍ عالٍ في البراز. ويكون الفيروس أكثر قابلية للإعداء في هذه المرحلة، علماً أنه يتمّ نشر الفيروس مدة تصل إلى ٣ أسابيع بعد ظهور الأعراض، ويمكن للأطفال أن يستمرّوا بنشره مدة تصل إلى ٦ أشهر بعد الإصابة. تبلغ فترة حضانة الفيروس قرابة ٢٨ يوماً (تراوح بين ١٥و٥٠ يوماً). يستمر الخمج سريريّاً أقل من شهرين، لكن لا يمكن تمييز هذا الخمج السريري من الإصابة بفيروسات التهاب الكبد الأخرى، وعادة تَلزم الفحوصات المخبريّة لتأكيد الإصابة. يكون الخمج لا عرضيّاً عند ٧٠٪ من الأطفال بعمر أقل من ٦ سنوات ويكونون مصدرٍاً غير واضحٍ للعدوى، على حين يحدث اليرقان عند ٧٠٪ من الأطفال الأكبر سناً والبالغين.

لا يسبب HAV أخماجاً مستمرّة، وتكون المضاعفات نادرة، ويتعافى غالبية المصابين تماماً من الخمج. تحدث المضاعفات عند ١٠-١٥٪ من المرضى، وتشمل ظهور اليرقان مدة طويلة، ونكس الفيروس على مدار أشهر، ويمكن أن يحدث انسداد للقناة الصفراوية من الكبد أيضاً. يمكن أن يحدث الموت بسبب التهاب الكبد الخاطف، المعروف أيضاً باسم فشل الكبد الخاطف، حيث تتوقف وظائف الكبد ويُصاب بالفشل. يُقدَّر معدَّل الوفيات في جميع أنحاء العالم بوفاة واحدة لكل ١٠٠٠ طفل مصاب عمره أقل من ١٥ عاماً، و٣ لكل ١٠٠٠ بالغ تراوح أعمارهم بين ١٥ و٣٩ عاماً، و١٨-٢١ لكل ١٠٠٠ بالغ بعمر ٤٠ عاماً أو أكثر.

تحدث عدوى HAV في جميع أنحاء العالم، ولكن الفيروس متوطِّن بنسبة عالية في أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية وإفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وغرب المحيط الهادئ (الشكل١). يوجد أكثر من ٤,١ مليون حالة إصابة بفيروس التهاب الكبد A تحدث كل عام في جميع أنحاء العالم. كان فيروس التهاب الكبد A هو النوع الأكثر شيوعاً بين فيروسات التهاب الكبد في الولايات المتحدة الأمريكيّة حتى عام ٢٠٠٤، ويسبب أوبئة كبيرة في جميع الولايات. تمَّ ترخيص لقاحات التهاب الكبد A أول مرة في عامي ١٩٩٥ و١٩٩٦، وفي عام ٢٠٠٦ أضيف اللّقاح إلى برنامج التلقيح الموصى به للأطفال. قلَّت أعداد حالات التهاب الكبد A إلى أدنى مستوياتها في التاريخ بعد إدخال اللقاح إذ انخفضت بنسبة ٧,٩٣٪ بين العامين ١٩٩٠ و٢٠٠٩، في عام ٢٠١٣ حدث ما يقدر بنحو ٣٥٠٠ حالة التهاب الكبد A فقط.

الشّكل (١): وقوع التهاب الكبد A. حدوث التهاب الكبد A في جميع أنحاء العالم.

٢- فيروس التهاب الكبد B:

يعدُّ فيروس التهاب الكبد B (HBV) السَّبب الثَّاني لالتهاب الكبد الفيروسي الحاد بعد HAV. ينتقل HBV من خلال الدم والسّائل المنوي والسّوائل المهبلية واللّعاب وسوائل الجسم الأخرى. وُجدت أعلى تراكيز للفيروس في الجسم بعد العدوى بالدم. وينتقل كذلك عن طريق ثقب الجلد بإبرة ملوثة (يمكن أن يحدث من خلال مشاركة الإبر الملوثة في أثناء تعاطي المخدرات بالحقن، أو إعادة الاستخدام غير الآمن للإبر، أو الأجهزة الطبية في أماكن الرعاية الصّحّيّة)، كما وُجد الفيروس في السّائل المنوي والسّوائل المهبلية؛ لذلك يمكن أن يحدث انتقال العدوى أيضاً من خلال الاتّصال الجنسي مع شخص مصاب، أو في الفترة المحيطة بالولادة من أم مصابة إلى وليدها. في الولايات المتّحدة أكثر طرائق انتقال العدوى شيوعاً هي العدوى في الفترة المحيطة بالولادة وعبر الاتّصال الجنسي، أما في المناطق الموبوءة في العالم فأشيع طرائق انتقال العدوى هي العدوى في الفترة المحيطة بالولادة، ويكون الانتقال في أثناء عملية الولادة هو أهم عامل مسؤول عن استمرار المعدَّلات العالية لانتشار الفيروس. مع أنّ HBV مغلَّف يمكن لفيروسات HBV أن تظلّ مُعدية مدّة أكثر من ٧ أيام في درجة حرارة الغرفة. البشر هم المضيف الطّبيعي الوحيد المعروف لفيروس التهاب الكبد B.

تبلغ فترة الحضانة بعد الإصابة بفيروس التهاب الكبد B وسطيّاً ١٢٠ يوماً (تراوح بين ٤٥ و١٦٠ يوماً)، وهي الأطول بين حضانات فيروسات التهاب الكبد الأخرى. تستمر المرحلة البادريّة عادةً من ٣ إلى ١٠ أيام، وتتضمن بعض الأعراض غير النّوعيّة، مثل الحمّى الخفيفة والألم البطني والغثيان والقُياء والقمه والألم العضلي والمفصلي. يلي ذلك يرقان وألم بطني يستمر من ١ إلى ٣ أسابيع وسطيّاً. يتم التخلص من ٩٥٪ من أخماج HBV عن طريق الاستجابة المناعيّة، لكن يمكن أن يستمر الوهن والتّعب مدّة أشهر بعد الإصابة، ويمكن أن يحدث التهاب كبد خاطف في ١-٢٪ من مرضى الخمج الحاد ويكون معدل الوفيّات ٦٣-٩٣٪ في هذه الحالات. يبلغ معدَّل الوفيّات في حالات خمج HBV الحاد بشكل عام زهاء ١٪.

يختلف الميل إلى تطوير خمج HBV المستمر بحسب العمر: إذ يحدث إزمان واستمرار للخمج عند أكثر من ٩٠٪ من الرضَّع، و٢٥-٥٠٪ من الأطفال بين ١ و٥ سنوات من العمر، و٦-١٠٪ من الأطفال الأكبر سناً والبالغين. يمكن أن يؤدي الخمج المزمن إلى مرض كبدي مزمن، أو تشمّع الكبد أو فشل الكبد، ويُعد HBV مسؤولاً عن ٥٠٪ من حالات سرطان الخليّة الكبديّة.

يختلف انتشار HBV في الأجزاء المختلفة من العالم. يعيش ٤٥٪ من سكّان العالم في المناطق التي يكون معدَّل انتشار خمج HBV المزمن عالياً. يوجد أعلى معدّل لانتشار HBV في جنوبي الصحراء الكبرى الإفريقيّة، حيث يعاني ١٢٪ من الأطفال والمراهقين في خمج HBV المزمن (الشكل٢-أ). ويكون معدّل الانتشار متوسّطاً إلى عالٍ (٥-٧٪) في شرقي آسيا وجنوب شرق آسيا وبابوا غينيا الجديدة وجزر أوقيانوسيا، ودول أمريكا الجنوبية بوليفيا وبيرو والإكوادور. إجمالاً، يعيش أكثر من ٤٠٠ مليون شخص في العالم بخمج HB المزمن مدى الحياة. يموت٠٠٠,٧٨٠ وشخص كل عام من خمج HBV، ويكون التهاب الكبد الحاد مسؤولاً عن ٠٠٠,١٣٠ ويسبب تشمّع الكبد وسرطان الكبد المرتبط بالفيروس B ٠٠٠,٦٥٠وفاة.

إنَّ انتشار فيروس التهاب الكبد B منخفض في الولايات المتّحدة وأوربا الغربيّة وأستراليا على الرّغم من وجود ٤,١ مليون إصابة مزمنة بالفيروس، وتُسجّل ٥٠٠٠-٨٠٠٠ حالة حادّة سنويّاً (علماً أنَّه يُقدَّر عدد الحالات الفعليّة من الخمج الحاد بفيروس التهاب الكبد B الوبائي بـ ٥,٦ أضعاف عدد الحالات المبلَّغ عنها). يرتبط الخمج عادةً ببعض السلوكيّات عالية الخطورة (الشكل٢-ب)، وعلى وجه التّحديد تعدّد الشّركاء الجنسيين عند متغايري الجنس، والذكور المثليّين، ومتعاطي المخدّرات بالحقن. بلغ عدد حالات HBV المبلغ عنها في الولايات المتحدة ذروته في منتصف ثمانينيّات القرن الماضي. يُعزى التّراجع الحاد في السّنوات العشر التّالية إلى جهود الوقاية من HIV عند متعاطي المخدرات والرّجال المثليّين؛ ممّا أدى إلى تقليل انتقال HBV.

الشّكل (٢): انتشار التهاب الكبد B وعوامل الخطورة. أ- أعلى انتشار لفيروس التهاب الكبد B هو في منطقة تحت الصحراء الإفريقية، وفي مناطق من آسيا وأمريكا الجنوبية. ب- يرافق خمج HBV سلوكيّات خطرة مثل تعدّد الشّركاء الجنسيين، والمثليّة الجنسيّة عند الذكور، وتعاطي المخدّرات الوريديّة.  

تم إرجاع الانخفاضات اللاحقة في أعداد حالات خمج HBV إلى زيادة التّغطية بلقاح التهاب الكبد B. تمَّ ترخيص أوّل لقاح HBV في الولايات المتحدة في عام ١٩٨١ على الرّغم من أنه كان غير مقبول؛ لأنه تكوَّن من جزيئات HBsAg (المستضد السّطحي لفيروس التهاب الكبد B) المنقّاة من مصل الأشخاص المصابين بخمج HBVالمزمن. تمَّ تحضير اللقاحات المأشوبة Recombinant المكوَّنة من الوُحيدة HBsAg المنتَجة في الخميرة في عامي ١٩٨٦ و١٩٨٩، وأصبح لقاح HBV جزءاً من برنامج تلقيح الأطفال الموصى به في الولايات المتحدة في العام ١٩٩١. بدأت منظّمة الصحة العالمية بالتوصية بالتلقيح العالمي لفيروس التهاب الكبد B في مرحلة الطفولة في العام ١٩٩٢، وقامت ١٨٣ دولة من الدول الأعضاء بتلقيح الرضّع ضد التهاب الكبد B بوصفه جزءاً من برامج التلقيح الخاصّة بها بدءاً من العام ٢٠١٣. يتكوَّن برنامج التلقيح من ثلاث جرعات متتالية، يعطى أولها عند الولادة، وتؤمِّن الجرعة الأولى مناعة ضد الفيروس بنسبة ٩٥٪. يتلقّى الرضَّع المولودون لأمهات إيجابيّات HBsAg عند الولادة الجرعة الأولى من اللقاح، وكذلك الغلوبولين المناعي النوعي لفيروس التهاب الكبد B لتأمين المناعة المنفعلة، ويكون هذا التّمنيع الفاعل (باللّقاح)، والمنفعل (بالغلوبولين المناعي النوعي) معاً فعّالاً بنسبة ٨٥-٩٥٪ في الوقاية من خمج HBV المزمن. أدّى التّلقيح إلى انخفاض معدل انتشار الفيروس وانتقاله في جميع أنحاء العالم، ولاسيما حديثي الولادة الذين هم أكثر عرضة لتطوير الخمج المزمن. كذلك تمّت متابعة الجهود المبذولة لتلقيح الأشخاص المعرضين لمخاطر عالية في البلدان المتقدمة؛ مما أدّى إلى انخفاض عبء الإصابة بفيروس التهاب الكبد B.

يكون علاج التهاب الكبد الفيروسي B داعماً، ويرمي إلى الوقاية من تفاقم المرض الكبدي. غالباً يُعطى إنترفيرون ألفاInterferon-α، ومضاهِئات النّوكليوزيد المثبِّطة للانتساخ العكسي، مثل تينوفوفير tenofovir أو إنتيكافير entecavir، اعتماداً على مرحلة المرض الكبدي، وعلى مستويات الفيروس HBV.

٣- فيروس التهاب الكبد C:

يعد فيروس التهاب الكبد C (HCV) أحد العوامل الممرضة التي تنتقل عن طريق الدم أيضاً، لكنه بخلاف فيروس التهاب الكبد B يكاد يكون مرتبطاً بالتعرض للدم الملوَّث من خلال المشاركة بالإبر الملوثة أو الأدوات التي يستخدمها متعاطو المخدِّرات بالحقن. كما يُعدُّ الأشخاص الذين أُجري لهم نقل دم أو زرع أعضاء قبل البدء بالمسح الرّوتيني للكشف عن HCV في العام ١٩٩٢ عُرضةً للإصابة به. تشمل طرائق الانتقال الأقل احتمالاً الاتّصال الجنسي، أو الفترة المحيطة بالولادة من الأم إلى الطفل.

كما هي الحال مع HAV وHBV يصيب HCV البشر فقط. تبلغ فترة حضانة HCV ٤٥ يوماً وسطيّاً، وتراوح فترة الحضانة بين ١٤ و١٨٠ يوماً، على الرّغم من أن ٨٠٪ من المصابين يكونون لا عرضيين. تشبه الأعراض إذا ظهرت أعراض التهابات الكبد الفيروسية الأخرى. يستمر خمج HCV عند ٧٥-٨٥٪ من المصابين، ويُحْدِث خمجاً مستمراً، وذلك بخلاف خمج HBV الذي يستطيع غالبية البالغين المصابين به التّخلّص منه. أكثر أعراض خمج HCV المزمن شيوعاً هي التعب، ولكن التأثيرات طويلة المدى لخمج HCV المستمر شديدة: منها خمج HCV الحاد، وتطور التهاب الكبد المزمن في٦٠-٧٠٪ من الحالات، وحدوث تشمّع الكبد عند ٥-٢٠٪ من الحالات خلال ٢٠-٣٠ سنة من بدء الخمج، و١-٥٪ سيموتون من تشمّع الكبد، أو سرطان الخلية الكبدية (الشكل٣-أ).

يعد التهاب الكبد الفيروسي C عبئاً كبيراً في جميع أنحاء العالم. إذ يعيش ١٧٠ مليون شخص مصاب بخمج HCV المزمن، ويموت نصف مليون شخص في كل عام بسبب مرض كبدي مرتبط بهذا الفيروس. إنَّ أعلى انتشار لهذا الفيروس موجود في مصر (١٠٪)، مع انتشار> ٣٪ في الشرق الأوسط ووسط آسيا والصين وجنوبي آسيا، وفي بلدان شمالي إفريقيا المطلة على البحر الأبيض المتوسط (الشكل ٣- ب). يُعتقد أنَّ التعقيم غير السليم للإبر والمعدّات الطبية هي الطريقة الأساسية لانتقال HCV في هذه المناطق. تشير التقديرات إلى أن قرابة ٩,٣ ملايين شخص مصاب بخمج HCV المزمن في الولايات المتحدة، مع ما يقرب من ٣٠٠٠٠ حالة جديدة كل عام. يموت أكثر من ١٢٠٠٠ شخص في كل عام من أمراض الكبد المرتبطة بـ HCV، ويعدُّ هذا الفيروس السبب الرئيسي لعمليات زرع الكبد في الولايات المتحدة.

 

الشّكل (٣): سير خمج HCV وانتشاره. أ- سير خمج HCV ومضاعفاته ونِسبها. ب- نِسب انتشار HCV في دول العالم المختلفة.

لا يعاني قرابة نصف الأشخاص المصابين بخمج HCV المزمن من المرض، ولا يتم تشخيص الإصابة حتى سنوات لاحقة عندما تظهر مشاكل في الكبد. لا يوجد لقاح للوقاية من خمج HCV حتى اليوم. كان أوّل علاج بمضاد فيروسي لخمج HCV هو السيتوكين المضاد للفيروسات أنترفيرون ألفا IFN-α في العام ١٩٩١، وقد أدّت إضافة الريبافيرين ribavirin في العام ١٩٩٨ إلى زيادة فعالية العلاج. منذ ذلك الوقت تمت إضافة أحدث مضادات الفيروسات إلى نظام العلاج، بما في ذلك سوفوسبوفير sofosbuvir، وهو مضاهئ نوكليوزيد يثبط نشاط البوليميراز HCV NS٥A، وسيميبريفير simeprevir أو ليديباسفير ledipasvir، وهما اثنان من مثبِّطات إنزيم بروتياز HCV. أدّت مشاركات الأدوية حديثاً إلى استجابة فيروسيّة مستديمة ممتازة في أكثر من ٩٠٪ من الحالات؛ مما يعني أن الحِمل الفيروسي ينخفض إلى مستويات تظل غير قابلة للكشف بعد إيقاف العلاج.

٤- فيروس التهاب الكبد D:

إنَّ فيروس التهاب الكبد D (HDV) هو فيروس مَعيب؛ مما يعني أنه غير قادر على التنسّخ بنفسه. يُعرف أيضاً باسم «فيروس التهاب الكبد دلتا». يتطلَّب HDV إصابة الخلية نفسها بفيروس HBV؛ ليزوّد الخلية بالمستضد السطحي HBsAg الذي يستخدمه HDV في مرحلة تجميع الفيريون. يمكن أن يحدث هذا من خلال الخمج المشترك coinfection بالفيروسين معاً، أي اكتساب العدوى بالفيروسين HBV وHDV في الوقت نفسه، أو عن طريق الخمج الإضافي superinfection، حيث يكتسب الشخص المصاب بخمج HBVالمزمن عدوى حديثة بفيروس HDV أيضاً. ينتقل HDV من خلال ملامسة الدم المُعدي، أو أجهزة الحقن الملوَّثة. تبلغ فترة الحضانة ٩٠ يوماً عندما يحدث الخمج المشترك، وتبلغ ١٤-٥٦ يوماً بعد حدوث الخمج الإضافي. يمكن أن يكون خمج HDV حادّاً أو مزمناً٠ إذا تمَّ التخلّص من HBV من المضيف، وهو ما يحدث في معظم الحالات يصبح HDV غير قادر على التّضاعف.

يطابق الانتشار الجغرافي لـ HDV انتشارHBV؛ لأنه يحتاج إلىHBV لإنشاء فيريونات مُعدية. يقدر عدد المصابين بخمج HDV بنحو ١٥ -٢٠ مليون شخص في العالم، وهو أقل ١٠٪ من المصابين بفيروس التهاب الكبد B. لكن أشارت العديد من الدراسات إلى أن الخمج المشترك المزمن بالفيروسين HBV وHDV يؤدي إلى أمراض الكبد الأكثر وخامة من خمج HBV المزمن وحده. إنَّ مضاهئات النوكليوزيد المثبِّطة للانتساخ العكسي المستخدمة لمنع خمج HBV لا تمنع تضاعف HDV، علماً أنّ العلاج بالأنترفيرون ألفا أبدى بعض الفعاليّة في تقليل الحِمل الفيروسي لفيروس التهاب الكبد D.

٥- فيروس التهاب الكبد E:

ينتقل فيروس التهاب الكبد E (HEV) عبر الطريق البرازي-الفموي، مثل فيروس التهاب الكبد A. هذا الفيروس هو السبب الأول لحدوث فاشيات اليرقان الناجم عن تناول الماء الملوَّث في جميع أنحاء العالم، وينتقل بالدّرجة الأولى عن طريق التلوث البرازي لمياه الشرب. يرجع هذا إلى سوء الصّرف الصّحي، أو المعالجة غير الكافية لمياه الصّرف الصّحي. يمكن للمحار، مثل البطلينوس وبلح البحر أيضاً أن يركّز الفيروس داخل أنسجته إذا تمَّ جمعه من مياه ملوَّثة بمياه الصّرف الصّحي. ينفرد HEV بين فيروسات التهاب الكبد في أنّه يصيب الحيوانات أيضاً، مثل الخنازير والغزلان. إنَّ استهلاك لحم هذه الحيوانات المصابة غير المطبوخ جيّداً في أجزاء معينة من العالم - مثل اليابان وأوربا - ينقل HEV من الحيوان المصاب إلى الشخص الذي استهلكه، وتكون أكباد الحيوانات المصابة وأمعاؤها بما في ذلك النقانق المحضَّرة منها مصدراً للعيارات العالية من الفيروس. إنَّ HEV مقاوم للحرارة نسبيّاً؛ لذلك يجب أن تكون الأطعمة مطبوخة جيّداً وكلياً لتجنب خطر العدوى.

تبلغ فترة حضانة التهاب الكبد الحاد بالفيروس E ٤٠ يوماً وسطيّاً (تراوح بين ١٥ و٦٠ يوماً). تشبه أعراض خمج HEV الحاد أعراض فيروسات التهاب الكبد الأخرى، ويتم طرح الفيريونات في البراز قبل أسبوع من ظهور اليرقان إلى ٣٠ يوماً بعد ظهوره. إنَّ إزمان خمج HEV نادر جداً، وقد تم تسجيله فقط عند المرضى الخاضعين للعلاج بمثبِّطات المناعة من أجل زرع الأعضاء. يبلغ معدَّل الوفيات الإجمالي زهاء ١٪. على الرغم من ذلك يعدَ خمج HEV خطيراً للغاية عند النساء الحوامل؛ إذ يمكن أن يؤدّي انتقال الفيروس إلى الجنين إلى إجهاض، أو إلى ولادة مبكرة للطفل، وتكون المرأة الحامل أكثر عُرضة للإصابة بالتهاب الكبد الخاطف الذي يسبب الوفيات في ١٠-٣٠٪ من النساء المصابات به إذا حدثت العدوى في الثّلث الثالث من الحمل.

ينتشر HEV بنسبة أعلى في البلدان النامية التي تفتقر إلى توفير مياه الشّرب المعقَّمة؛ وذلك بسبب طريقة انتقال العدوى. تحدث ٦٠٪ من جميع الإصابات بخمج HEV في شرقي آسيا وجنوبيها، حيث يكون ٢٥٪ من الأشخاص في بعض الفئات العمرية إيجابيي المصل للفيروس (الشكل٤). كما أن الفيروس متوطِّن بنسبة عالية في الشّرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا الوسطى. في مصر، يكون ٥٠٪ من الأشخاص فوق سن ٥ سنوات إيجابيي المصل للفيروس. تحدث ٢٠ مليون إصابة بخمج HEV في جميع أنحاء العالم في كل عام، تؤدي إلى قرابة ٥٦٠٠٠ حالة وفاة. تمَّ تحضير لقاح HEV في الصين، ولكنه غير متوفِّر في أي مكان آخر بعد.

 

الشّكل (٤): وقوع التهاب الكبد E في العالم.

٦- فيروسات التهاب الكبد الأخرى:

توجد حالات من التهابات الكبد الفيروسية غير مسبَّبة بالفيروسات HAV أو HBV أو HCV أو HDV أو HEV. في تسعينيات القرن الماضي تمَّ التعرف إلى نوعين من الفيروسات تمّت تسميتهما مبدئيّاً فيروس التهاب الكبد F وفيروس التهاب الكبد G، علماً أن العلماء لم يتمكنوا من إثبات أن هذه الفيروسات تسبب التهاب الكبد عند الإنسان. كما يتم التعرف إلى فيروسات أخرى حديثاً، وتُجرى الاستقصاءات لإثبات دورها المحتمل في أمراض الكبد عند الإنسان.

ثالثاً- علم الفيروسات الجزيئي لفيروسات التهاب الكبد:

تنتمي الفيروسات التي تسبب التهاب الكبد إلى فصائل فيروسية مختلفة، تمتلك خصائص فيروسيّة مميَّزة، وتستخدم استراتيجيات تنسّخ مختلفة (الجدول ٢)، على الرغم من أنَّها تسبب حالات سريرية متماثلة.

 

الجدول (٢): الخصائص الجزيئيّة لفيروسات التهاب

Hepeviridae

Genus Deltavirus

Flaviviridae

Hepadnaviridae

Picornaviridae

الفصيلة

+ssRNA

−ssRNA

+ssRNA

Partially ss/dsDNA

+ssRNA

نمط الجينوم

٢,٧ kb

٧,١ kb

٩,٦ kb

٢,٣ kb

٧,٥ kb

حجم الجينوم

nm ٣٢-٣٤

nm ٤٢

nm ٥٥-٦٠

nm ٢٤

nm ٢٧-٣٢

قطر الفيريون

الإنسان والخنزير والغزال

الإنسان

الإنسان

الإنسان

الإنسان

المستهدّف بالعدوى

٤

٣

١١

٨

٤

الأنماط الجينيّة

تسمية فصائل فيروسات التهاب الكبد:

تنتمي فيروسات التهاب الكبد إلى فصائل مختلفة، (أو جنس بالنسبة لـ HDV؛ إذ لم يتم تصنيفه في فصيلة). ينتمي HAV إلى فصيلة الفيروسات البيكورناويّة Picornaviridae، ومعناها الفيروسات الصّغيرة ذات الحمض النووي رنا (pico تعني «صغير» ويتبعها «rna»)، وهي فيروسات RNA صغيرة. ينتمي فيروس التهاب الكبد B إلى فصيلة Hepadnaviridae، حيث «Hepa» (الكبد)، و «dna» يشير إلى حمضه النووي، وHBV هو الوحيد من فيروسات التهاب الكبد الذي جينومه دنا. إنَّ فيروس التهاب الكبد C هو واحد من فصيلة الفيروسات المصفِّرة Flaviviridae؛ كلمة «Flavi» هي كلمة لاتينية تعني «أصفر»، وسُميَّت الفصيلة بهذا الاسم بعد تسمية فيروس الحمّى الصفراء الذي ينتمي إليها، (طبعاً HCV يسبب اليرقان أيضاً). يُطلق على فيروس التهاب الكبد D غالباً الفيروس دلتا Deltavirus، وهذا جنس فيروسي وليس فصيلة. أما فيروس التهاب الكبد E فينتمي إلى فصيلة Hepeviridae، ويسمى فيروس «Hep-e».

١- فيروس التهاب الكبد A:

تمَّ اكتشاف HAV في عام ١٩٧٩، فيروس صغير عشروني الوجوه غير مغلَّف، يقيس ٢٧-٣٢ نانومتر، ينتمي إلى فصيلة الفيروسات البيكورناويّة Picornaviridae، التي تضمّ أيضاً الفيروسات الأنفيّة والفيروسات المعويّة بما فيها فيروسات شلل الأطفال. تمَّ تغيير اسم نوع الفيروس من «فيروس التهاب الكبد A» hepatitis A virus”» إلى «الفيروس الكبدي A» hepatovirus A”» رسميّاً في العام ٢٠١٤ من قبل اللجنة الدوليّة لتصنيف الفيروسات.

إنَّ جينوم HAV هو رنا مفرد الطّاق إيجابي الاتجاه +ssRNA، يبلغ ٥،٧ كيلو أساس، والنهاية ٥′ ليست بقلنسوة non-capped ، ولكنها مرتبطة تساهميّاً ببروتين فيروسي يُعرف باسم VPg. تبلغ المنطقة ٥′ غير المترجَمة NTR (nontranslated region) زهاء٧٤٠ أساس، وتقدر بنحو ١٠٪ من جينوم الفيروس الكبدي A، ويحتوي على مقرّ دخول الريبوسوم الداخلي internal ribosome entry site (IRES) الذي يبدأ ترجمة مستقلة عن الغطاء. يشفِّر الحمض النووي الفيروسي لعديد بروتين يتم شطره ببروتياز فيروسي إلى ١١ بروتين. ينقسم عديد البروتين وظيفياً إلى ثلاث مناطق: P١ وP٢ وP٣. يشفِّر الجزء الأول من عديد البروتين P١ للبروتينات البنيويّة VP١ وVP٢ وVP٣ وVP٤ التي تشكِّل قفيصة الفيريون. يشفِّر الجزآن الثاني والثالث من عديد البروتين P٢ وP٣ للبروتينات غير البنيويّة المَعنيّة بتنسّخ الفيروس، بما في ذلك VPg، والبروتياز، وبوليميراز الرّنا. كما يمتلك الجينوم أيضاً نهاية ٣′ غير مترجَمة NTR مع ذيل عديد (A) مكوَّن من ٤٠-٨٠ نوكليوتيد.

يرتبط HAV بمستقبل موجود على الخلايا التائية يُسمّى الغلوبولين المناعي للخلايا التائية وقِطاع الميوسين ١ (TIM-١)T cell immunoglobulin and mucin domain ١ ، ويُشار إليه أيضاً باسم المستقبل الخلوي ١ لفيروس التهاب الكبد A ، وهو غير موجود على سطح الخلايا الكبديّة. بدلاً من ذلك يرتبط HAV بمستقبلات البروتين الأسيالوغليكوبروتين asialoglycoprotein ASGPR على خلايا الكبد. يبدو أن كلاً من TIM-١ وASGPR يقومان بربط IgA، وهو صنف الأضداد الذي يتم إنتاجه على سطح الأغشية المخاطيّة، ومن الممكن أن يساهم ربط الضد IgA لفيروس HAV في جهاز الهضم في دعم ربط HAV إما بـ TIM-١ أو ASGPR. لكن يمكن أن يحدث هذا الربط في غياب IgA. لم يُعرف الكثير عن كيفيّة نفاذ HAV إلى الخلية، لكنَّ الأدلة تشير إلى أنّه يحدث من خلال الالتقام الخلوي غير المتواسط بالكلاذرين nonclathrin-mediated endocytosis. في الآونة الأخيرة تبيّن تورّط البروتين الفيروسي VP٤ في تكوين مسام- على الأرجح في الجسيم الداخلي يتم من خلالها نقل الجينوم الفيروسي إلى داخل الخلية.

إنَّ تضاعف HAV داخل الخلية لا يتطلَّب دخوله إلى النواة؛ لأن الجينوم الفيروسي هو رنا مفرد الطّاق إيجابي الاتجاه +ssRNA، أي أنَّ الخطوة الأولى المطلوبة للتضاعف هي ترجمة الجينوم الفيروسي، ويحدث هذا في الهيولى. يقوم إنزيم فيروسي هو بوليميراز رنا معتمد على الرّنا (RdRp) بإنشاء جينوم معاكس من أجل تنسخ الجينوم الفيروسي ssRNA+ وصنع رنا مرسال فيروسيvmRNA ، تتمّ تعبئة الجينوم الفيروسي في قفيصات تتكون من VP١ وVP٢ وVP٣ وربما VP٤. لا يؤثر الفيروس الكبدي A تأثيراً واضحاً في الخلايا المضيفة، وهو ليس حالّاً للخليّة؛ مما يشير إلى أن طريقة إطلاق القفيصات الفيروسيّة من الخلية هي الإيماسexocytosis (قذف الخلية للفيروس).

يوجد نمط مصلي واحد من الفيروس الكبدي A؛ مما يعني أنَّ الأضداد المتكوِّنة ضد الفيروس ستتعرَّف إلى جميع ذراري الفيروس بشكلٍ متساوٍ؛ لأنّها جميعها متشابهة مستضدّياً على الرّغم من أنّه تمَّ تحديد وجود أربعة أنماط وراثية للفيروس البشري ذات متتاليات جينوميّة مختلفة. يتكوّن المستضد الفيروسي الذي يتمّ التعرّف إليه من قبل الأضداد من أجزاء من كل من البروتينين VP١ وVP٣. علماً أنَّ أياً من هذين البروتينين (الوحدة الفرعية VP١ أو VP٣) لا يكون مستمنِعاً بمفرده، وهذا يفسِّر اختيار الفيروس المعطَّل للتلقيح.

٢- فيروس التهاب الكبد B:

HBV هو فيروس صغير، عشروني الوجوه، مغلَّف، من فصيلة الفيروسات الكبديّة الدّنويّة Hepadnaviridae، والتي تمتلك جينوم DNA حلقي يقيس ٣.٢ كيلو أساس، جزء منه مفرد الطّاق، وجزء آخر مزدوج الطّاق (الشكل٥- أ). يتكوّن في الجسم ثلاثة أنواع من الجزيئات الفيروسية في أثناء الإصابة: جسيم كامل مُعدٍ، يبلغ ٤٢ نانومتراً ويُعرف باسم جسيم دان Dane particle، باسم العالم الذي رآه أول مرة في عام ١٩٧٠ باستخدام المجهر الإلكتروني وجسيم كروي يقيس ٢٢ نانومتراً وجسيم خيطي وهو نسخة متطاولة من الجسيمات الكروية (الشكل٥-ب). إنَّ أعداد الجسيمات الكرويّة والجسيمات المتطاولة يفوق عدد جسيمات دان المُعدية بـ ١٠٠ إلى ١٠٠٠٠ ضعف، وتتكون من غشاء يحتوي على البروتين السكري HBsAg (المستضد السطحي) فقط، و يأتي أيضاً في ثلاثة أشكال: صغير (S) ومتوسط (M) وكبير (L) على أساس أوزانها الجزيئيّة. إنَّ المستضد السطحي منخفض الوزن الجزيئي L-HBsAg، والغزير في جسيمات Dane هو المسؤول عن ارتباط الفيريون بمستقبله على سطح الخلية.

 
الشّكل (٥): جسيمات فيروس التهاب الكبد B المتكوّنة في أثناء خمج الفيروس للخلية. أ- ينتج المستضد السطحي HBsAg عن ترجمة ثلاثة روامز بادئة مختلفة لتعطي ثلاثة جسيمات مختلفة الحجم من البروتين نفسه (L وM وS). ب- صورة بالمجهر الإلكتروني للجسيمات الكرويّة والخيطيّة، مع ثلاثة جسيمات دان في مركز الصّورة. 

يبدأ فيروس التهاب الكبد B بالعدوى عندما يرتكز المستضد السطحي منخفض الوزن الجزيئي L-HBsAg من غلاف جسيمات دان المُعدية على مستقبلته الخلويّة السّطحيّة من الخلية الكبديّة (الشكل ٦). تمَّ تحديد هذه المُستقبلة مؤخّراً، وتبيّن أنّها عديد ببتيد يساعد على نقل توروكولات الصوديوم sodium taurocholate cotransporting polypeptide (NTCP)، وهو ناقل في الخلية الكبدية يشارك في امتصاص الأملاح الصفراوية. يتم أخذ الفيروس عن طريق الالتقام الخلوي المتواسط بالكلاذرين. يُعتقد أن القفيصة النوويّة تتفلّت من حويصل الالتقام وتتفكّك في المسام النّووية أو داخل النّواة.

 

الشّكل (٦): تنسّخ HBV داخل الخلية.

يتكوّن جينوم HBV الحلقي من طاق كامل سلبي الاتّجاه، وطاق غير كامل إيجابي الاتّجاه (الشَّكل٦)، ويُعرف باسم DNA الحلقي المرتخي relaxed circular DNA (rcDNA). في النّواة يتمّ ملء الفجوة مفردة الطّاق في الجينوم ليصبح مزدوج الطّاق كلياً، مما يؤدّي إلى تكوّن دنا حلقي مغلق بشكل تساهمي covalently closed circular DNA (cccDNA) يبقى في النواة على شكل يَصبوغ episome منفصل. يقوم إنزيم بوليميراز رنا II الخلية المُضيفة بانتساخ ثلاثة رنا مرسال فيروسي vmRNAs من cccDNA، ويتمّ إضافة عديد أدينيلات إليها، ثمَّ تنتقل إلى الهيولى لتتمّ ترجمتها.

يشفِّر الرّنا المرسال الفيروسي الأول المستضد e (HBeAg)، المعروف أيضاً باسم البروتين قبل اللّبي precore، وهو بروتين غير بنيوي يدخل في الشبكة الهيولية الباطنة الخشنة (rER)، ثم يتمّ إفرازه من الخلية. يشفِّر الرّنا المرسال الفيروسي الثاني ثلاثة بروتينات سكريّة غلافيّة L وM وS تشكَّل المستضد السطحي HBsAg للفيروس، وهي مختلفة القياسات بسبب الاختلاف في مواضع روامز بدء الترجمة، وبالتّالي في أوزانها الجزيئيّة. يشفر الرّنا المرسال الفيروسي الثالث البروتين (HBx) X، الذي يتعامل مع كل من الجينات الفيروسيّة والخلويّة. يؤدّي HBx دوراً في تكوين الأورام عن طريق تحفيز سبل تكاثر الخلية ومنافسة آليات إصلاح الحمض النووي، وتثبيط فعاليّة p53.

في نفس وقت انتساخ هذا الرّنا المرسال يقوم إنزيم بوليميراز رنا II أيضاً بإنشاء سَليف جينوم الرّنا الفيروسي RNA pregenome (pgRNA). تكون هذه القطعة من الرّنا إيجابي الاتجاه أطول من جينوم الفيروس؛ لأن بوليميراز الرّنا II ينهي الانتساخ في موقع أبعد من حيث بدأ على الحمض النووي الحلقي. يؤدّي سَليف جينوم الرّنا الفيروسي pgRNA وظيفتين مختلفتين. أولاً يعمل بوصفه رنا مرسالاً mRNA تتمّ ترجمته إلى بروتينين فيروسيين، هما: إنزيم المنتسخة العكسيّة، ويسمى البروتين P، وبروتين القفيصة النوويّة، وهو المستضد اللّبي HBcAg الذي يشكل قفيصة الفيريون. ثانياً: يعمل كقالب للانتساخ العكسي لجينوم HBV. تتمّ تعبئة pgRNA والبروتين P المترجَم مؤخّراً في قفيصة نوويّة تتكون من المستضد الّلّبي HBcAg في هيولى الخلية. يقوم البروتين P الذي يعمل بمنزلة بوليميراز دنا معتمد على الرّنا (RdDp)؛ وبوليميراز دنا معتمد على الدّنا (DdDp)، وRNase H يقوم بانتساخ عكسي لسليف جينوم الرّنا الفيروسي، فيتكوّن مرّة أخرى الجينوم الفيروسي وهو دنا حلقي مزدوج الطّاق بشكل جزئي rcDNA.

تتبرعم القفيصات النوويّة في الهيولى مع الجينومات المنسوخة rcDNA من خلال أجزاء من الشبكة الهيوليّة الباطنة الخشنة الحاوية البروتينات الثلاثة L وM وS للمستضد السطحي HBsAg ، وتخرج من الخلية بعملية الإيماس.

تفيد الاختبارات الدمويّة التي تكشف عن وجود بروتينات HBV وأضداد هذه البروتينات- على وجه التّحديد أضداد المستضد السطحي anti-HBs، وأضداد المستضد اللّبي anti-HBc، وأضداد المستضد e anti-HBe- في تحديد ما إذا كان الشخص يعاني خمج HBV الحاد، أو خمجاً مزمناً، أو عُرضة للعدوى، أو اكتسبَ مناعة ضد الفيروس (الجدول٣).

الجدول (٣): قراءة نتائج الاختبارات المصليّة لفيروس التهاب الكبد B وتفسيرها.

الاختبارات

النتائج

التّفسير

HBsAg

Anti-HBc

Anti-HBs

+

مُعرَّض

HBsAg

Anti-HBc

Anti-HBc

منيع إثر خمج HBV طبيعي

+

+

HBsAg

Anti-HBc

Anti-HBs

منيع إثر لقاح HBV

+

HBsAg

Anti-HBc

IgM anti-HBc

Anti-HBs

+

مصاب بخمج HBV حديث

+

+

HBsAg

Anti-HBc

IgM anti-HBc

Anti-HBs

+

مصاب بخمج HBV مزمن

+

HBsAg

Anti-HBc

Anti-HBs*

التفسير غير واضح

+

*يدلّ غالباً على انتهاء خمج. يمكن أن يدلّ أيضاً على إيجابيّة كاذبة لأضداد المستضد اللّبي anti-HBc ،أو خمج مزمن بمستوى متدنّ و انتهاء خمج حاد.

يدلّ وجود المستضدين البروتينيين HBsAg وHBeAg على أنَّ الشّخص مُعدٍ؛ لأنَّ إنتاجهما يتم في أثناء فعاليّة الخمج. أما إذا احتوى مصل الشخص على أضداد المستضد السطحي anti-HBs فقط فهذا يدلّ على أنّه ملقّح للفيروس ولم يتعرّض لخمجه؛ لأنَّ اللقاح يحتوي على HBsAg فقط. يشير وجود الأجسام المضادة anti-HBc وanti-HBe وAnti-HBs إلى أنَّ الشخص قد تعرَّض لخمج HBV، وتشير أضداد المستضد اللّبي HBc من صنف IgM إلى إصابة حديثة. عموماً إذا كان لدى الشخص أضداد لفيروس التهاب الكبد B ولكنّه لا يملك بروتينات فيروسية حاليّاً، يكون الشخص منيعاً ضد فيروس التهاب الكبد B. إنَّ أضداد المستضد السطحي HBsAg كافية وضرورية للتخلّص من الفيروس. إنَّ وجود أي مستضدات فيروسية لدى شخص تدلّ على أنه اكتسب خمج HBV، ويساعد الكشف عن الأضداد على تحديد ما إذا كان الخمج حادّاً أو مزمناً.

تمَّ تحديد متتاليات لثمانية أنماط وراثية لجينوم HBV، تُسمى من A إلى H، ويختلف انتشارها بحسب الموقع الجغرافي. وُجدت الأنماط الجينية الثمانية في الولايات المتحدة، وتمثل الأنماط الجينية A وC زهاء ٣٠٪ من الحالات. ترتبط بعض الأنماط الجينية بتفاقم أسرع للمرض. على سبيل المثال، يرتبط النمط الجيني C بزيادة خطر الإصابة بسرطان الخلية الكبدية أكثر من الأنماط الجينية الأخرى.

٣- فيروس التهاب الكبد C:

قبل عام ١٩٨٩ كان فيروس التهاب الكبد C (HCV) يُعرف باسم «فيروس التهاب الكبد لا A ولا B» the non-A/non-B hepatitis ، وأحد أسباب التهاب الكبد الفيروسي عمليات نقل الدم. كان من الصّعب تحديد هويّة الفيروس؛ لأنه لا يتضاعف جيداً في الخطوط الخلويّة العادية. في عام ١٩٨٩ قام العلماء بإعداء الشمبانزي تجريبيّاً بالتهاب الكبد الفيروسي لا A ولا B، ثمَّ وُجدت قطعة دنا في مصل الشمبانزي تُشفِّر ببتيدآ تمَّ التعرّف إليه بوساطة أضداد من المرضى المصابين. لقد أمكن استخدام هذه القطعة الصغيرة من الدّنا كمسبار للعثور على جينوم HCV.

إنَّ HCV هو فيروس صغير عشروني الوجوه، مغلَّف، حمضه النووي رنا مفرد الطّاق إيجابي الاتجاه. ينتمي هذا الفيروس إلى فصيلة الفيروسات المُصفِّرة Flaviviridae وجنس فيروس التهاب الكبد C (Hepacivirus). لا ينتشر HCV بوساطة مفصليات الأرجل، وذلك بخلاف الفيروسات المصفِّرة الأخرى، مثل فيروس الحمى الصفراء، وفيروس حمى الدنج، وفيروس غرب النيل. يتكوّن جينوم HCV من ٩,٦ كيلو أساس، تتمّ ترجمته لإنتاج عديد بروتين يتكوّن من قرابة ٣٠٠٠ حمض أميني، ويتمّ شطر هذا البروتين بوساطة بروتيازات خلويّة وفيروسيّة ليعطي ١٠ بروتينات فيروسية. تشفِّر الشّدفة الأولى من عديد البروتين البروتين اللّبي (بروتين القفيصة)، وبروتينات الغلاف E1 وE2، وقناة شارديّة P7. يكوِّن البروتين اللّبي القفيصة عشرونيّة الوجوه، وهو ملفوف بغلاف منغرز فيه البروتينان E1 وE2. يشفِّر ما تبقى من عديد البروتين البروتينات غير البنيويّة nonstructural proteins (NS): اثنان منها (NS2 وNS3) بروتيازات تسهِّل شطر عديد البروتين الفيروسي، والإنزيم RdRp (NS5B) الذي ينسخ الجينوم ويولِّد الرّنا المرسال الفيروسي vmRNA، والبروتينات غير البنيوية الأخرى اللازمة للخمج (NS4A ، NS4B ، NS5A).

لا يتضاعف HCV في المزرعة الخلوية أو في الفئران، ويتضاعف فقط في خلايا البشر أو الشمبانزي المَعديّة تجريبياً؛ لذلك من الصّعب توضيح الآليات الجزيئية لتضاعف HCV. لكنَّ العلماء استطاعوا هندسة أنظمة زرع خلوي، وتحضير فئران معدَّلة وراثياً لدعم تضاعف HCV. مع هذاما لا تزال هناك مراحل في دورة تضاعف HCV غير مفهومة.

يتمثل أحد الجوانب المثيرة للاهتمام لتضاعف HCV في ارتباط الفيروس بالجزيئات المشترِكة في توزيع الشّحوم داخل الجسم. إنَّ الكبد هو المسؤول عن إنتاج البروتينات التي تنقل الشّحوم إلى خلايا الجسم وتعود إلى الكبد. يحتوي البروتين الشّحمي المنخفض الكثافة جدّاً (VLDL) على الشّحوم الثّلاثيّة التي يتم نقلها إلى خلايا الجسم كي تستخدمها مصدراً للطاقة، أو إلى خلايا شحمية تقوم بتخزينها. ينقل البروتين الشّحمي المنخفض الكثافة (LDL) الكوليسيترول إلى الخلايا. (يرتبط كل من VLDL وLDL مع النّمط «السيئ» من الكوليسترول والذي له آثار سيئة على الشرايين) تساهم VLDL وLDL في خمج HCV عن طريق ارتباطهما بالفيريونات ونقلها إلى سطح الخلية الكبدية.

يلزم ما لا يقل عن أربعة بروتينات خلوية لإحداث الخمج: CD81، ومستقبلات الكَنس من الصّنف B النمط ١ scavenger receptor class B type 1 (SRB1)، وكلودين ١ claudin-1 (CLDN1)، وأوكلودين occludin (OCLN). ترتبط البروتينات الفيروسيّة E1 وE2 بهذه المستقبلات، فتحفِّز الالتقام الخلوي- المتواسط بالكلاذرين clathrin (الشكل٧). يهرب جينوم HCV- وهو رنا مفرد الطّاق إيجابي الاتجاه من الجسيم الداخلي، وتتمّ ترجمته على الريبوسومات المرتبطة بالشبكة الهيوليّة الباطنة الخشنة؛ إلى عديد بروتين يتمّ شطره بوساطة بروتيازات الخلية المضيفة والبروتيازات الفيروسيّة NS2 وNS3. تُعيد البروتينات الفيروسية غير البنيويّة NS3 وNS4A وNS4B وNS5A وNS5B تشكيل غشاء الشبكة الهيوليّة الباطنة الخشنة، فينتج «شبكة غشائيّة» من الحويصلات ذات الغشاء المضاعَف، وحويصلات متعدِّدة الأغشية.

 
الشّكل (٧): تنسّخ HCV. ١- عملية ارتكاز HCV على الخلية. ٢- ترتبط البروتينات الفيروسيّة E1 وE2 بأربع مستقبلات على الأقل، فتبدأ عملية الالتقام المتواسطة بالكلاذرين. ٣- نزع الغلالة الفيروسية. ٤- ترجمة الجينوم الفيروسي إلى عديد بروتين. ٥- شطر عديد البروتين الفيروسي بوساطة بروتيازات الخلية المضيفة والبروتيازات الفيروسية NS2 وNS3. تُعيد البروتينات الفيروسية تشكيل غشاء الشبكة الهيوليّة الباطنة الخشنة. ٦- تكوّن شبكة غشائيّة وحويصلات غشائيّة يتمّ فيها تنسّخ الفيروس. يقوم الإنزيم RdRp بصنع نسخة من الجينوم المعاكس –ssRNA. ٧- يتم استخدام الجينوم المعاكس مرصافاً لصنع mRNA، ولصنع الجينوم الفيروسي +ssRNA. ٨- تجميع القفيصة. ٩- تبرعم القفيصة من خلال الشبكة الهيوليّة الباطنة الخشنة لتحصل على الغلاف الفيروسي. ١٠- الإيماس. 

هذا هو موقع تضاعف الجينوم: يُنشئ إنزيم بوليميراز الرّنا المعتمِد على الرّنا (RdRp NS5B) رنا معاكساً للجينوم (−ssRNA) يعمل كقالب لإنشاء نُسخ رنا مرسال mRNAsإضافية، أو نسخ متعددة من الرّنا الجينومي ssRNA+ الذي يتم تغليفه بالبروتين اللّبي ضمن فيريونات متكوِّنة حديثاً. تتبرعم القفيصات النوويّة الفيروسية المتكوِّنة من خلال الشبكة الهيوليّة الباطنة الخشنة، التي تحتوي على بروتينات الغلاف 1E و2E. يحدث تكوين الفيريونات الوليدة بعد اصطناع VLDL داخل الخلية الكبديّة، ونتيجة لذلك، تقوم الفيريونات بدمج الدهون فيها بسهولة، حتى إنّها تحتوي المكونات البروتينيّة لجزيئات VLDL. يبلغ قطر هذه الفيريونات الناشئة زهاء ٥٥-٦٠ نانومتراً، وتنطلق من الخلية بعمليّة الإيماسexocytosis .

تشير النمذجة الرياضيّة إلى أنّه يتم إنتاج قرابة ١٢١٠ فيريون HCV يوميّاً في الشّخص المخموج، وهو يعادل أكثر من ١٠٠ ضعف ما يتم إنتاجه عند الإصابة بفيروس عوز المناعة البشري HIV.

يوجد ١١ نمطاً جينياً رئيسياً للـ HCV تختلف بنسبة أكثر من ٣٠٪ في متتاليات النوكليوتيدات. تنتشر الأنماط الجينيّة ١-٣ في جميع أنحاء العالم، والأنماط الجينية 1a و1b هي الأكثر شيوعاً؛ إذ تمثِّل ٧٠٪ من الإصابات في الولايات المتحدة. تمَّ العثور على النّمط الجيني ٤ في الشّرق الأوسط ومصر وإفريقيا الوسطى. وُجد النمط الجيني ٥ في جنوبي إفريقيا، وتتوزّع الأنماط الجينية ٦-١١ في جميع أنحاء آسيا. مع أن النّمط الجيني لفيروس التهاب الكبد C لا يؤثر كثيراً في فوعته، فإنه مهمّ في توقع الاستجابة لعلاج هذا الخمج الفيروسي. على سبيل المثال؛ لا يستجيب المصابون بالنمط الجيني ١ جيداً للعلاج بالأنترفيرون ألفا IFN-α وحده، في حين تُبدي الأنماط الجينية ٢ و٣ استجابة أفضل لهذا السيتوكين.

٤- فيروس التهاب الكبد D:

إنَّ فيروس التهاب الكبد D (HDV) هو فيروس معيب، يُعرف أيضاً باسم الفيروس التّابع satellite virus؛ لأنه لا يشفِّر جميع الجينات التي يتطلّبها لإنشاء الفيريونات المُعدية الوليدة. يكون في هذه الحالة HBV هو الفيروس المساعِد الذي يوفِّر البروتينات L وM وS (HBsAg) التي تندمج في غلاف HDV.

الفيروس HDV مغلّف، يبلغ قطره زهاء ٤٢ نانومتراً، وبنية قفيصته النّوويّة غير مميّزة (ربما عشرونية الوجوه) تحتوي على ssRNA− حلقي يبلغ قرابة ٧,١ كيلو أساس. لا ينتمي إلى رُتبة أو فصيلة، ولكنه النوع الوحيد ضمن جنس فيروسات دلتا Deltavirus genus، حيث النوع الرّسمي هو HDV. يشفِّر جينوم HDV شكلين من بروتين وحيد يُعرف باسم المستضد دلتا (HDAg)، ويقيس الشّكلان (S-HDAg) ١٩٥ حمضاً أمينيّاً، و(HDAg-L) ٢١٤ حمضاً أمينيّاً. يرتبط الجينوم الفيروسي −ssRNA في القفيصة النوويّة بـ ٦٠-٧٠ جزيئاً من HDAg-S وHDAg-L.

يَستخدم HDV المغلَّف نفس مستقبلات الارتكاز التي يستخدمها HBV؛ لأن فيريون HDV يحتوي على جزيئات المستضد السطحي لفيروس التهاب الكبد B (HBsAg) L وM وS ؛ ولذلك فإنّه يدخل عن طريق الالتقام الخلوي المتواسط بالكلاذرين، ويتحرّر من الجسيمات الدّاخليّة. يحدث تنسّخ الجينوم الفيروسي الحلقي −ssRNA في النواة، ويتمّ نقل الجينوم إلى النّواة - على الأرجح - بمساعدة المستضد دلتا HDAg. على الرغم من أن جينوم HDV هو رنا، يبدو أن بوليميراز الرنا II الخلوي (بوليميراز رنا معتمد على الدّنا، أي إنزيم انتساخ خلوي) يشارك في تنسّخ HDV RNA. لا يمتلك بروتين HDV الوحيد فعاليّة بوليميراز على الرغم من أنه يرتبط بالرّنا الجينومي للفيروس، وقد يعمل بوصفه منشِّطاً للانتساخ. إنَّ جينوم HDV حلقيّ، ويتمّ انتساخ جينوم معاكس حلقيّ بنهاية ٥′، خطيّة بقلنسوة ′5 capped ونهاية ′٣ بعديد الأدينيلات، ويتم نسخ رنا مرسال منه. يُشفِّر الرّنا المرسال الفيروسي المستضد HDAg-S. يخضع الجينوم المعاكس لتعديلات تالية للانتساخ بوساطة الإنزيمات الخلوية؛ مما يؤدي إلى تعديل رامزة التوقّف وترجمة بروتين أطول بـ ١٩ حمضاً أمينياً، هو HDAg-L. إنَّ HDAg-S ضروري في عملية تنسّخ الجينوم، ويحثّ HDAg-L على تجميع فيريون HDV، الذي يتمّ تسهيله بوساطة بروتيناتHBsAg (L وM وS) الموجودة في الخلية نتيجة تضاعف HBV فيها. يحتوي فيريون HBV المغلَّف في المقام الأوّل L-HBsAg، وتكون نسب بروتينات المستضد السّطحي HBsAg ) S وM وL) في فيريون HDV على التّرتيب ٩٥: ٥: ١. على الرغم من أنّ L-HBsAg ليس سائداً لا يزال لازماً لارتكاز الفيروس على الخلية. من الممكن أن يتم إطلاق فيريونات HDV أيضاً من خلال الإيماس؛ لأن بروتينات HBV هي التي تسهِّل التجميع.

يوجد على الأقل ثلاثة أنماط جينيّة لفيروس التهاب الكبد D. يوجد النمط الجيني I في جميع أنحاء العالم، وهو النمط الجيني الوحيد الموجود في أمريكا الشماليّة وأوربا، والنمط الجيني II موجود في آسيا، ووُجد النمط الجيني III في أمريكا الجنوبية فقط.

٥- فيروس التهاب الكبد E:

يشترك فيروس التهاب الكبد E (HEV) في العديد من أوجه التشابه معHAV ، حيث HEV فيروس حمضه النووي +ssRNA ، غير مغلَّف، وقفيصته عشرونيّة الوجوه، وينتقل بالطريق البرازي الفموي. ينتمي HEV إلى فصيلة فيروسات التهاب الكبد E Hepeviridae، لكنّه مختلف جينيّاً تماماً عن HAV وعن معظم الفيروسات الأخرى. يشفِّر جينومه +ssRNA الذي يقيس ٢،٧ كيلو أساس ثلاثة أُطُر قراءة مفتوحةopen reading frames (ORFs) بدلاً من أن يشفِّر عديد ببتيد وحيد.

تُشفَّر البروتينات الفيروسيّة غير البنيويّة- بما في ذلك بوليميراز الرّنا المعتمد على الرّنا RdRp- بوساطة أكبر إطار قراءة مفتوح، موجود عند النهاية٥′ من +ssRNA. يُشفَّر بروتين القفيصة بوساطة إطار قراءة مفتوح أصغر ORF2 يبدأ بعد ٣٧ نوكليوتيداً تالياًdownstream لـ ORF1، ويشفِّر إطار القراءة المفتوح الثالث بروتيناً وحيداً يتداخل مع النهاية ′٥َلإطار القراءة المفتوح الثاني ORF2.

لقد كان توضيح استراتيجية تنسّخ HEV صعباً بسبب عدم وجود منظومة زرع خلوي أو نموذج من القوارض للعدوى. يتنسّخ HEV ضمن خلايا الكبد، وقد تمَّ الكشف عن الفيروس في خلايا الجهاز الهضمي والكلى. إنَّ المستقبلة السّطحيّة الخلويّة لبروتين قفيصة HEV غير معروفة، ويُعتقد أن الفيروس يدخل من خلال مستقبلات الالتقام الخلوي المعتمدة على الكلاذرين. يتمّ في الهيولى ترجمة إطار القراءة الأول ORF١ من الجينوم الفيروسي المتوَّج بقلنسوة + capped ssRNA بوساطة الريبوسومات لإنتاج البروتينات غير البنيويّة. تشمل عمليّة تنسّخ الفيروس عمل ميثيل ترانسفيراز الذي يوفِّر قلنسوات 5′ caps للـ ssRNA+ الجينومي الناشئ، وعمل بروتياز يمكن أن يشطر عديد البروتين الناتج من ترجمة ORF١، وعمل هيليكاز RNA، وعمل بوليميراز رنا معتمد على الرّنا RdRp. يستطيع الإنزيم RdRp انتساخ نسخة RNA مكمِّلة تبدأ عند ذيل عديد الأدينين في جهة ٣′ من الجينوم لخلق الطول الكامل للرّنا تحت الجينومي سلبي الاتجاه، الذي يعمل كقالب لصنع نُسخ الرّنا الجينومي +ssRNA. يتم انتساخ الرّنا تحت الجينومي أيضاً بوساطة الإنزيم RdRp لتشكيل الرّنا المرسال الفيروسي vmRNA لـ ORF2 وORF3. يشفر إطار القراءة الثاني ORF2 بروتين القفيصة الذي يُعتقد أنه يسهِّل التجمع حول الجينوم ssRNA+ في الهيولى. ما تزال تفاصيل تجميع الفيروس وتحريره من الخلية غير معروفة. علماً أن قُطر القفيصات النوويّة غير المغلّفة المنتَجة في الخلية يبلغ ٣٢-٣٤ نانومتراً.

يوجد أربعة أنماط جينيّة لفيروس التهاب الكبد E. يُصاب البشر بالخمج بالأنماط الأربعة، لكن الأنماط الجينية ٣ و٤ قادرةعلى إصابة الخنازير والخنازير البرية والغزلان بخمجها. يتوطّن النمط الجيني ١ في آسيا وإفريقيا، ويتوطّن النمط الجيني ٢ في المكسيك وغربي إفريقيا، ويتوطّن النمط الجيني ٣ في البلدان المتقدمة، والنمط الجيني ٤ في تايوان والصين واليابان. تنتقل الأنماط الجينية ١ و٢ من خلال سوء الصرف الصحي السيئ في البلدان النامية، في حين ترتبط الأنماط الجينية ٣ و٤ بالأمراض حيوانية المنشأ، حيث يمكن انتقال العدوى من لحم الخنزير أو لحم الغزلان المصابة. يمكن للنمط الجيني ٣ أن يسبب خمجاً مزمناً عند متلقي الأعضاء المزروعة المثبَّطين مناعيّاً.

الملخص:

• يشير مصطلح خمج الكبد إلى التهاب الكبد. لا يوجد علاقة للفيروسات المسبِّبة لالتهاب الكبد HAV ، HBV، HCV، وHDV، وHEV ببعض.

• بغضّ النظر عن الفيروس المسبِّب يتميز التهاب الكبد بفترة بادريّة تتميّز بالتوعّك، وفقدان الشهية والغثيان والقيء والحمى منخفضة الدرجة والألم العضلي والألم المفصلي. تشمل الأعراض النوعيّة لالتهاب الكبد اليرقان والبول الداكن وآلاماً في المراق الأيمن. تفيد معايرة الإنزيمات AST وALT في تشخيص التهاب الكبد. تبلغ الأعراض ذروتها في غضون أسبوع إلى أسبوعين. تكون عيارات الفيروسات في ذروتها قبل ظهور الأعراض النوعيّة.

• تسبِّب HBV وHCV وHDV أخماجاً حادة يمكن أن تصبح مزمنة، في حين تسبِّب HAV وHEV عادة أخماجاً حادة فقط يتم التخلّص منها بنجاح بوساطة الاستجابة المناعية للمضيف. إنَّ التهاب الكبد الخاطف هو مضاعفة خطرة للخمج الحاد يسبب معدّلات وفيات عالية.

• تلزم الاختبارات المصلية التي تكشف عن المستضدات الفيروسيّة وعن أضدادها من أجل تحديد سبب التهاب الكبد الفيروسي.

• ينتقل فيروس التهاب الكبد A بطريق برازي فموي، وغالباً من خلال المياه الملوثة بمياه الصّرف الصّحي، وأكل المحار المجموع من المياه الملوَّثة، أو تناول الطّعام النيء أو غير المطبوخ جيداً الملوَّث بفيروسات من شخص مصاب. الإنسان هو المستودع الوحيد المعروف للفيروس.

• يبلغ متوسط فترة حضانة HAV ٢٨ يوماً. تكون الإصابة عرضيّة عند الكبار أكثر من الأطفال. يحدث الخمج في جميع أنحاء العالم، ولكنّه متوطِّن بنسبة عالية في المناطق التي تعاني من سوء الصّرف الصّحي، ومن مياه الشرب غير المعالَجة. يوجد لقاح للوقاية من خمج HAV.

• ينتقل فيروس التهاب الكبد B عن طريق الدم والسّائل المنوي والسّوائل المهبلية وسوائل البدن الأخرى. أكثر عوامل خطورة الإصابة بخمج HBV هو تعدّد الشّركاء الجنسيين، وتعاطي المخدرات بالحقن، وممارسة الجنس المثلي عند الذكور، والأشخاص الذين لديهم اتصال جنسي بشخص إيجابي HBV. ينتقل HBV كذلك في الفترة المحيطة بالولادة، وهو أكثر عامل خطر مهم في مناطق العالم التي يتوطّن فيها HBV. تبلغ فترة حضانة HBV ١٢٠ يوماً. يمكن أن يحدث التهاب الكبد الخاطف في ١-٢٪ من أخماج هذا الفيروس الحادّة، ويبلغ معدل الوفيات الإجمالي قرابة ١٪.

• يتفاوت احتمال الإصابة بعدوى مستمرة بفيروس التهاب الكبد B تفاوتاً كبيراً مع تقدم العمر: فيحدث الخمج المزمن في أكثر من ٩٠٪ من حالات الرضّع، وفي ٢٥-٥٠٪ من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين ١ و٥ سنوات، وفي ٦-١٠٪ من الأطفال الأكبر سنًا والبالغين. يمكن أن تؤدّي العدوى المزمنة إلى أمراض الكبد المزمنة، وتشمّع الكبد، أو فشل الكبد ويُعزى ٥٠٪ من حالات سرطان الخليّة الكبدية إلى فيروس التهاب الكبد B.

• يوجد أعلى انتشار لفيروس التهاب الكبد B عالميّاً في جنوبي الصحراء الكبرى الإفريقيّة، وشرقي آسيا، وجنوب شرقي آسيا، وبابوا غينيا الجديدة، وجزر المحيط، وبوليفيا، وبيرو والإكوادور. يعاني ٤٠٠ مليون شخص في العالم خمجاً كبدياً مزمناً بالفيروس B، ويموت ٧٨٠.٠٠٠ شخص كل عام من العدوى الحادة والمزمنة به. يوجد لقاح متاح لـ HBV.

• ينتقل فيروس التهاب الكبد C غالباً عن طريق الدم على الرّغم من أنه يمكن أن ينتقل أيضاً في الفترة المحيطة بالولادة أو من خلال الاتصال الجنسي. يبلغ متوسّط فترة الحضانة ٤٥ يوماً. يحدث خمج مستمرّ عند ٧٥-٨٥٪ من المصابين بفيروس التهاب الكبد C، ويموت ١-٥٪ من المصابين إصابة حادة بسبب تشمّع الكبد أو سرطان الخليّة الكبدية.

• يعيش ١٧٠ مليون شخص مصاب بخمج HCV المزمن في جميع أنحاء العالم، ويموت نصف مليون شخص سنويّاً بسبب أمراض الكبد المتعلّقة بهذا الفيروس. يوجد أعلى انتشار للفيروس HCV في دول شمالي إفريقيا وفي الشرق الأوسط، ووسط آسيا وجنوبيها لا يوجد لقاح ضد HCV. حقّقت المشاركات الدوائيّة لمضادّات الفيروسات معدلات استجابة فيروسية دائمة في أكثر من ٩٠٪ من الحالات.

• إنَّ فيروس التهاب الكبد D (HDV) هو فيروس معيب يتطلَّب HBV من أجل تنسّخه. يمكن أن يحدث هذا من خلال العدوى المشتركة، أو عدوى HDV الإضافيّة. يبلغ متوسط فترة الحضانة للعدوى المشتركة ٩٠ يوماً، وللعدوى الإضافيّة ١٤-٥٦ يوماً من الإصابة بعدوى HDV عند مصاب بالفيروس B. يوجد ١٥-٢٠ مليون شخص مصاب بخمج HDV في العالم، ويمكن أن يؤدي هذا إلى أمراض كبد أكثر شدّة من الإصابة بفيروس HBV وحده.

• ينتقل HEV من خلال الطريق البرازي الفموي بسبب المياه الملوَّثة، أو تناول المحار الملوَّث. كما يصيب HEV الخنازير والخنازير البريّة والغزلان. يمكن لتناول لحوم الحيوان المصاب أو أحشائه غير المطبوخة جيداً أيضاً أن تنقل الفيروس. ينتقل الفيروس غالباً من خلال شرب الماء غير المعالَج في المناطق التي يتوطّن فيها HEV، والتي تشمل شرق آسيا وجنوبيها، والشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا الوسطى.

• يبلغ متوسط فترة حضانة HEV ٤٠ يوماً. يسبّب HEV مرضاً خطراً للغاية عند النساء الحوامل، يموت ١٠-٣٠٪ منهن إذا أُصبن خلال الثلث الثالث من الحمل. يمكن أن يسبب الخمج أيضاً الإجهاض أو الولادة المبكِّرة. تحدث عدوى جديدة بفيروس HEV عند ١٥-٢٠ مليون شخص سنوياً.

علم الفيروسات الجزيئي لفيروسات التهاب الكبد:

• HAV هو فيروس عشروني الوجوه غير مغلف، قطره ٢٧-٣٢ نانومتراً، وينتمي إلى فصيلة الفيروسات البيكورناويّة Picornaviridae، ويحوي جينوماً مكوّناً من +ssRNA طوله٥ ،٧ كيلو أساس، تتمّ ترجمته إلى عديد بروتين، ينشطر ليعطي ١١ بروتيناً لفيروس HAV.

• يرتبط HAV بـ TIM-1 على الخلايا التائية، وASGPR على خلايا الكبد. يحدث التقامه إلى الخلايا من خلال الالتقام المتواسط بالكلاذرين، ويتم تصنيع نسخة معاكِسة (مكمِّلة) للجينوم الفيروسي +ssRNA من أجل تنسّخ هذا الجينوم. يتم إطلاقه من الخلايا بعمليّة الإيماس.

• HBV هو فيروس عشروني الوجوه مغلَّف، قطره ٤٢ نانومتراً، ينتمي إلى فصيلة فيروسات التهاب الكبد الدّنويّة Hepadnaviridae، ويتكوّن جينومه من DNA مزدوج الطّاق بشكل جزئي، طوله ٢،٣ كيلو أساس. تشكِّل بروتينات المستضد السطحي HBsAg (S وM وL) ثلاثة أنماط من الجسيمات، جسيمات Dane المُعدية وجسيمات كرويّة وجسيمات خيطية. يلزم L-لربط الفيروس بمستقبلاته NTCP. يتم دخول الفيروس إلى الخلية من خلال الالتقام المتواسط بالكلاذرين. يتم إصلاح الدّنا الفيروسي الحلقي rcDNA إلى cccDNA في النواة. يقوم إنزيم بوليميراز رنا RNA pol II بانتساخ ثلاثة من الرّنا المرسال الفيروسي mRNAs، ورنا قبل جينومي pregenome RNA يستخدم لانتساخ اثنين إضافيين من الرّنا المرسال، ويعمل قالباً للانتساخ العكسي للجينوم الفيروسي، ويحدث هذا بوساطة البروتين P في القفيصة النووية بعد التّعبئة والتّغليف. يحدث التبرعم من خلال الشّبكة الهيولية الباطنة الخشنة، ويخرج الفيريون من الخلية بعملية الإيماس.

• إن HCV هو فيروس عشروني الوجوه، حمضه النووي ssRNA +، مغلَّف، يقيس ٥٥-٦٠ نانومتراً، وينتمي إلى فصيلة الفيروسات المصفِّرة Flaviviridae، ويبلغ جينومه ٦,٩ كيلو أساس، ويحتوي على موقع دخول الريبوسوم الداخليinternal ribosome entry site (IRES)، ويتم ترجمته إلى عديد بروتين ينقسم إلى ١٠ بروتينات فيروسية. تَلزم أربعة بروتينات خلوية على الأقل (CD81 وSRB1 و CLDN1 وOCLN) لتحفيز الالتقام الخلوي المتواسط بالكلاذرين لتأمين دخول الفيروس إلى داخل الخلية. تُعيد البروتينات غير البنيوية تشكيل غشاء الشبكة الهيولية الباطنة الخشنة إلى شبكة غشائية من الحويصلات مزدوجة الغشاء أو متعددة الأغشية، وهناك يحدث تنسّخ الجينوم. تتبرعم القفيصات النووية من خلال rER، ويتم إطلاقها من الخلايا بعملية الإيماس.

• إن HDV فيروس مغلَّف، يقيس٤٢ نانومتراً، وجينومه −ssRNA حلقي، يقيس ٧,١ كيلو أساس، يقوم بترميز شكلين من بروتينات المستضد دلتا HDAg؛ وذلك بسبب التعديل التالي للانتساخ الذي يطرأ على الجينوم المعاكس الفيروسي. يقوم رنا بوليميراز II بانتساخ الجينوم الفيروسي مُعطياً رنا مرسالاً فيروسياً للمستضد دلتا HDAg vmRNA، كما يقوم بتنسّخ الجينوم الفيروسي. يتطلّب HDV وجود HBV HBsAg من أجل تنسّخه.

• إنَّ HEV هو فيروس عشروني الوجوه غير مغلف، يبلغ قطره ٣٢-٣٤ نانومتراً من فصيلة Hepeviridae التي تشفر ثلاثة أُطر قراءة مفتوحة ORFs. إنَّ عدم وجود منظومة زرع خلوي أو نسيجي أو نموذج قوارض للعدوى لهذا الفيروس جعل الكشف عن استراتيجية تنسّخ HEV أمراً صعباً. يشفِّر HEV بروتين القفيصة والبروتينات التي تحتوي على ميثيل ترانسفيراز وبروتياز وهيليكاز، وفعالية بوليميراز رنا معتمد على الرّنا RdRp، مع بروتينات أخرى.

 

التصنيف :
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1037
الكل : 58491939
اليوم : 64453