logo

logo

logo

logo

logo

الفصل الثاني ـ الاعتماد على الأدوية

فصل ثاني اعتماد علي ادويه

-

 الاعتماد على الأدوية

الاعتماد على الأدوية

تعاريف الأدوية المسببة للاعتماد
نماذج التعاطي العامة تأثيرات التدخين المزمنة
الكحول وقيادة السيارة المنشطات النفسية
 

يبدي استخدام الأدوية [ويقصد بالأدوية في هذا الفصل الأدوية التي تباع في الصيدليات والعقاقير وعدد من المواد المصنعة التي لها تأثير في الحالة النفسية] لمستعمليها لغير الأسباب الطبية (المعاقرة، سوء الاستخدام، الاستعمال الترفيهي) طيفاً من المشكلات الاجتماعية، لكل منها أبعاده الدوائية المهمة.

إن الخط الفاصل بين الاستخدام المشروع للأدوية وبين إدمانها غير واضح، وليست المشكلة فقط في ماهية الدواء بل في مقداره، وهل تأثيره مضاد للمجتمع أو لا؟ وما يزال تصنيف الأدوية ومعاقرتها موضوعاً لاختلاف الآراء في العديد من الدول.

يبدو أن الأشخاص الطبيعيين يمكنهم استعمال الكحول - وهو أحد المواد التي يتناولها هذا البحث- في مناسباتهم من دون أذى، لكن عند وجود عوامل شخصية مناسبة و/ أو صعوبات في البيئة المحيطة يعود الكثير منهم إلى استخدامه للتفريج عما بهم؛ ويصبحون معتمدين عليه نفسياً وفيزيائياً. ليس الإدمان مشكلة دوائية في المقام الأول، بل هو مشكلة اجتماعية ذات أبعاد دوائية مهمة.

استعملت الأدوية لتحسين الأداء في الرياضة من دوافع مختلفة؛ ولاسيما الحصول على الفائدة، لكن استعمالها حتى الآن يؤدي إلى ورطات رئيسية للفرد والمجتمع الرياضي.

تعاريف:

يعرف الاعتماد على مادة substance dependence: بأنه مثابرة شخص ما على استعمال الدواء ومنها الكحول على الرغم من المشكلات الناجمة عن استعمال هذه المادة. وقد يؤدي استعمال المادة القهري والمتكرر إلى تحمل تأثيراتها وحدوث أعراض السحب عند إنقاص الاستعمال أو إيقافه.

أما مصطلح إدمان (معاقرة) مادة substance abuse: فهو أقل وضوحاً ويصبح أقل استخداماً، مع تفضيل مصطلح الاعتماد على مادة.

عرّفت لجنة خبراء منظمة الصحة العالمية للمواد المسببة للإدمان عام ١٩٥٧م معاقرة مادة بسياق من مكونين:

إدمان مادة Substance addiction: هو تسمم دوري أو مزمن يحدث بالاستعمال المتكرر لدواء (طبيعي أو صنعي)، ويتصف بـ:

١- الرغبة القهرية أو الحاجة الملزمة للاستمرار في تناول الدواء والحصول عليه بأي شكل.

٢- الميل إلى زيادة الجرعة.

٣- الاعتماد النفسي والفيزيائي على تأثيرات هذا الدواء.

٤- التأثيرات الضارة في الفرد والمجتمع.

اعتياد مادةsubstance habituation : حالة تنجم عن تكرار تناول مادة. وتتصف بـ:

١- الرغبة (لكن غير الملزمة) في تناول المادة للحصول على الشعور بالسعادة.

٢- الميل القليل أو عدم وجود ميل إلى زيادة الجرعة.

٣- درجة بسيطة من الاعتماد النفسي على تأثير المادة؛ مع غياب الاعتماد الفيزيائي؛ وغياب متلازمة السحب.

٤- غياب التأثيرات الضارة في الفرد.

الاعتماد النفسي Psychological dependence: يتصف بحدوث اضطراب عاطفي إذا سحبت المادة المعتمد عليها، وقد يحدث عند الشخص اشتهاء للمادة وتوتر وأرق وانزعاج، ويحدث الاعتماد النفسي عادةً قبل الاعتماد الفيزيائي.

الاعتماد الفيزيائي (الفيزيولوجي) Physical (physiological) dependence: يعني أن استمرار التعرض للمادة يحرض على حدوث تغيرات تلاؤمية في أنسجة الجسم مما يسبب التحمل، كما أن السحب الفجائي للدواء يترك هذه التغيرات غير عكوسة، مما يسبب متلازمة السحب.

التحمل :Tolerance يلي عملية الاستتباب الدموي، كما يلي التبدلات الاستقلابية والتكيف الفيزيولوجي والسلوكي مع تأثيرات الدواء، وثمة تحمل متصالب بين المخدرات من المجموعة الكيميائية نفسها (أحياناً من مجموعات مختلفة)؛ مثل الكحول والبنزوديازيبام.

متلازمة الانقطاع أو السحب A discontinuation (withdrawal) syndrome:

تحدث عند التوقف المفاجئ؛ مثلاً عند أخذ أحد الأفيونيات. وتعمل المواد المشابهة للمورفين كالإندومورفين عمل النواقل العصبية في الجهاز العصبي، ويؤدي تناول الأفيونيات إلى تثبيط إنتاجها داخلياً بآلية التلقيم الراجع، وعند التوقف المفاجئ عن تناول الأفيونيات الخارجية يحدث عوز مفاجئ في الأفيونيات الداخلية، وتحدث عندها أعراض متلازمة السحب (أو الانقطاع).

تصنف المواد التي تسبب الاعتماد في مجموعتين: قاسية (hard) ولينة (soft) (مع العلم أن هذا التصنيف غير دقيق تماماً).

الأدوية (العقاقير) القاسية hard drugs: هي التي تسبب إعاقة جدية عند الشخص فلا يغدو عضواً فعالاً وظيفياً في المجتمع، وذلك بإحداثها اعتماداً نفسياً شديداً؛ وقد تحُدث المثبطات (المخمدات) depressant الدماغية اعتماداً فيزيائياً أيضاً. وهذه المجموعة تتضمن الهيروئين والكوكائين.

الأدوية (العقاقير) اللينة soft drugs: هي التي تسبب اعتماداً أقل، وقد يحدث اعتماد نفسي، لكن الاعتماد الفيزيائي غير موجود أو قليل جداً، ماعدا حالات الجرعات الكبيرة من المُكِئبات (المخمدات) depressants كالكحول. وتضم هذه المجموعة المنومات والمهدئات والأمفيتامينات والقنب والمهلوسات والكحول والتبغ والكافيئين.

وهذا التصنيف لا يميز الاختلافات الفردية في استخدام المادة المخدرة، فعند تناول الكحول بجرعات كبيرة يؤدي إلى اعتياد فيزيائي شديد وتخليط عند السحب، ويمكن عدّه حينها من الأدوية القاسية بالنسبة إلى هذا الشخص، لكن الكثيرين لديهم اعتماد نفسي متوسط على هذا الدواء ويحافظون على وضعهم في المنزل والمجتمع.

الاستعمال القاسي عندما يكون الدواء أساسياً في حياة الشخص، والاستعمال اللين (الناعم) عندما يكون مصادفة فحسب، وهنا لا يكون التصنيف للدواء بل لطريقة استعماله من قبل الشخص، ويستخدم مصطلح الاستعمال الترفيهي في الحالة الأخيرة.

أسباب اعتماد الدواء تعود إلى قدرته على إحداث إبهاج (إرضاء) فوري والذي قد يكون صفة للدواء نفسه (الأمفيتامين والهيروئين تعطي تأثيراً سريعاً، في حين مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة ليست كذلك)، ولطريقة الاستعمال التي تُرتب تنازلياً كالآتي: الاستنشاق ثم الطريق الوريدي ثم الطريق تحت الجلد. الأدوية ذات مسؤولية الاعتماد (الإدمان) العالية هدف للمنع واستعمالها غير الطبي قد يكون مخالفة جنائية. والجدول (١) يحوي المواد الممنوعة في المملكة المتحدة بقانون من عام ١٩٧١، مع العلم أن هذه القوانين يمكن أن تتغير بتأثير عوامل اجتماعية وسياسية.

(الجدول ١) المواد الممنوعة في المملكة المتحدة.

الصنف

الدواء

العقوبة على الحيازة

العقوبة على الحيازة مع قصد التعاطي

A

Ecstasy, LSD، crack، هيروئين، كوكائين، الفطر السحري magic mushroom، الأمفيتامينات (المعدة للحقن)

حتى سبع سنوات سجن أو غرامة غير محددة أو كليهما

سجن مدى الحياة أو غرامة غير محددة أو كليهما

B

الأمفيتامينات، القنب، ميثيل فينيدات (ريتالين)، فولكودين

حتى خمس سنوات سجن أو غرامة غير محددة أو كليهما

حتى ١٤ سنة سجن أو غرامة غير محددة أو كليهما

C

المهدئات، بعض مسكنات الألم

لمعاقرة الأدوية طريقتان رئيسيتان: الأولى: هي الاستعمال المستمر ويوصف بأنه الاعتماد الحقيقي مثل استعمال الأفيونيات، الكحول، البنزوديازيبينات. والثانية: هي الاستعمال المتقطع أو العارض، وهو الاستعمال للتجربة الترفيهية مثل استعمال: التينامفيتامين، LSD، الكوكائين، القنب، والمذيبات الطيارة Solvents؛ أو الاستعمال لتخفيف الشدة والتوتر مثل استعمال الكحول. وبعض المخدرات كالكحول يمكن أن تستعمل بالطريقتين، لكن بعضها مثلLSD، القنب، يقتصر استعمالها على التعاطي المتقطع.

يمكن تصنيف دوافع معاقرة المخدرات كالآتي:

١- تفريج القلق، التوتر والاكتئاب، الهروب من المشاكل النفسية الشخصية، الانفصال عن الواقع القاسي، تسهيل التعقيدات الاجتماعية.

٢- التمرد على القيم الاجتماعية المحافظة، والخوف من فقد شيء ما، والانسجام مع الفئة الاجتماعية (الشباب خاصة).

٣- المتعة، التسلية، التقليد، الإثارة، حب الاستطلاع (الشباب خاصة).

٤- تحسين الأداء في الرياضة التنافسية.

نماذج التعاطي العامة:

تختلف نماذج تعاطي الأدوية بحسب الجنس، فالرجال غالباً أكثر مشاركة من النساء، ويختلف النموذج بحسب دخول المخدر من الرواج (الموضة) أو خروجه، والجدول (٢) يظهر الصورة العامة في المملكة المتحدة لتعاطي الدواء بحسب الأعمار.

(الجدول٢) استعمال الأدوية (العقاقير) بحسب العمر في المملكة المتحدة.

المجموعة العمرية

أكثر المواد استخداماً

دون ١٤ سنة

المواد المستنشقة كالمذيبات، المواد اللاصقة، البخاخات المضغوطة، الدهانات.

١٤-١٦ سنة

كوكائين، القنب، ecstasy.

١٦-٣٥ سنة

العقاقير القاسية: هيروئين، كوكائين، الأمفيتامينات بما في ذلك إيكستازي، القنب، المهدئات.

كل الأعمار

الكحول، التبغ، اعتماد متوسط على المنومات والمهدئات، استعمال عرضي للقنب أو LCD.

مواضع التأثير وآلياته: تختلف الأدوية التي يتم تعاطيها كثيراً في بنيتها الكيميائية، وآليات تأثيرها، وأهدافها التشريحية والخلوية. مع ذلك ثمة توافق على أن العقاقير التي تسبب الإدمان تملك قدرة على تعديل عمل الدماغ باتجاه نظام هو مفتاح لفعاليات حيوية للبقاء (الأكل والسلوك الجنسي مثلاً). ويبدو أن الأدوية المتعاطاة تستطيع تحشيد الآليات العصبية الشائعة في هذه المناطق لإحداث رضاً (مكافأة) سريعاً وتغيراً مزمناً في نظام المكافأة الذي يؤدي إلى الإدمان.

طريقة التعاطي والتأثير:

يؤدي الحقن الوريدي والاستنشاق إلى الوصول إلى تراكيز في البلازما أعلى من الطريق الفموي، وهذا يفسر الإثارة والتوهج اللذين يشعر بهما المتعاطون ويبحثون عنهما ويشبهونهما بالنشوة الجنسية أو أمتع منها.

معالجة الاعتماد:

يصرف سنوياً في إنكلترا نحو ٤, ١ مليار جنيه على تدبير حالات الاعتماد على الأدوية. وهي تستهدف نحو ثلث مليون شخص معظمهم مدمن على الهيروئين. وهم يعالجون إما بالامتناع وإما بالاستمرار باستعمال البدائل الموصوفة كالميثادون؛ وهو الأشيع.

سحب الدواء:

مع أنه كبير الأهمية لكنه مجرد خطوة على طريق رحلة طويلة وغالباً مخيبة للآمال للوصول إلى التأهيل النفسي والاجتماعي، فمثلاً في حالة إدمان الهيروئين يمكن أن يعطى الميثادون بوصفه جزءاً من برنامج السحب التدريجي، وهذا الدواء تأثيره مديد ويحصر الأفيونيات المحقونة ويمنعها من الاتصال بمستقبلاتها، وإذا حصل وتعاطى المدمن الهيروئين في لحظة ضعف فستكون المتعة أقل. وكذلك فإن التظاهرات الجسمية التي تصاحب وقف تناول كميات كبيرة من الكحول يمكن أن تخف إذا أعطي الـ chlordiazepoxide بجرعات متناقصة لمدة ٧- ١٤ يوماً، كما تعالج زيادة فعالية الجملة المستقلة الودية العرضي بحاصرات مستقبلات الأدرينية بيتا.

المداومة والنكس Maintenance and relapse:

من الأفضل معالجة المدمن الناكس الذي يعيش حياة طبيعية إلى حد ما بتزويده بالمادة التي يدمنها تحت الرقابة، ولا يوجد اعتراض قانوني في بعض الدول على هذا، ويمكن تغيير المادة بأخرى أقل ضرراً وبطريقة أقل ضرراً أيضاً (الميثادون الفموي بدل الهيروئين). وغالباً ما يكون المدمنون مترددين أو رافضين للتوقف عن التعاطي الوريدي الذي يمنحهم المتعة الفورية التي يجدونها أو يرغبون فيها.

يُحدث الألم الشديد عند مدمني الأفيونيات مشكلة مهمة، فالأفيونيات الفعالة قد تكون غير فعالة في التسكين لديهم بسبب التحمل، أو قد يتناولون جرعة زائدة، والأفيونيات قليلة الفعالية ليست غير فعالة فحسب؛ بل قد تؤدي إلى متلازمة السحب، ولاسيما إذا كانت تملك بعض التأثيرات المتضادة.

معدل الوفيات:

تحدث نسبة مواتية عالية بين الشباب المتعاطين وريدياً للمواد الممنوعة. ويحدث الموت بعد جرعة زائدة أو بسبب حدوث إنتان دم أو التهاب شغاف، أو التهاب كبد، أو AIDS، أو موات (غنغرينة) غازي، أو كزاز، أو صمة رئوية. وينقل المهربون الكوكائين أو الهيروئين الممنوعين في أكياس بلاستيكية أحياناً ويخفونها بابتلاعها أو بوضعها في المستقيم، وقد يؤدي تسرب محتوى هذه الأكياس إلى نتائج قاتلة.

التصاعد escalation:

نسبة مختلفة من الأفراد الذين بدؤوا بالقنب يأخذون الهروئين في نهاية المطاف، وعندما تحدث النزعة في التطور من الاستعمال العرضي إلى الاستعمال الناعم المتكرر وصولاً إلى الاستعمال القاسي للأدوية؛ فإن احتمال أن يكون هذا التطور بسبب التأثير الدوائي أقل من كونه بسبب عوامل نفسية؛ إذ إن ضعف الإرادة الناجم عن تعاطي القنب قد يشارك في ذلك أيضاً. وقد يحدث أيضاً تناقص تطور معاكس عندما يتفهم المتعاطون وضعهم ويتحررون من الدواء بعد نحو ١٠ سنوات.

المواد المصممة (المصنعة) designer drugs:

يشير هذا المصطلح غير السار عموماً إلى التعديل الجزيئي المُجرى في السر لأجل الربح من قبل كيميائيين خبراء ذوي تفكير إجرامي، وذلك لإنتاج أدوية شديدة الشبه تركيبياً ودوائياً بالمواد الممنوعة؛ لكنها نفسها غير مشمولة بالمنع (الضبط). وقد أصبح زيادة انتاج مثل هذه المواد أكثر تطوراً، وسمح انتشار التواصل عبر الشابكة عالمياً للزبائن بالحصول على مثل هذه المواد عبر الشابكة من مخابر توجد في بلدان لا تحظر إنتاج مثل هذه المواد. ومن الصعب ضبطها عند دخولها إلى البلدان الأخرى عبر النظام البريدي. وتزداد شعبية هذه المواد مع الوقت، ومع انحسار استعمال مادة ecstasy في المملكة المتحدة جرى تصميم مواد من صنف ميثيل إيثيلامين كمادة 2 C-B و2 C-I، وهذه المواد تشبه تركيبياً المسكالين والـ MDMA، ولها تأثير مشابه للـ ecstasy؛ إضافة إلى بعض التأثير المشوش للوعي كمادة LSD.

الأدوية والرياضة drugs and sport:

تستخدم بعض الأدوية (المنشطات) أحياناً لتحسين الأداء في الرياضة على الرغم من أن فعاليتها غير مؤكدة على الأغلب، ويصعب تحريها عندما يكون الدواء أو مستقلباته قريبة نسبياً أو مشابهة تماماً لمواد منتجة داخلياً، وعندما يمكن إيقاف تعاطي المادة قبل المناسبة الرياضية من دون نقص واضح في فعاليته. ولتجنب هذه المشكلة وضعت الهيئات المنظمة مستويات معيارية لذلك، فعند اكتشاف بعض المركبات الطبيعية بمستويات أعلى من هذه المعايير فذلك قد يشير إلى احتمال تعاطي المنشطات غير القانوني، لكن تبقى بعض المسائل غير محلولة؛ كضبط هذه المستويات المعيارية على نحو دقيق. وتستمر الأبحاث لتحسين الطرائق المتبعة في تحري المواد الممنوعة المستخدمة في الرياضة، وإن استخدام طريقة المطياف Mass spectro-metry لتحري النظائر في المركبات قد يحسِّن تفريق الستيروئيدات الطبيعية من الصنعية.

تحسين الأداء Performance enhancement:

يوضح الجدول (٣) الآليات التي تحسِّن الأدويةُ بوساطتها الأداء في مختلف أنواع الرياضة. وبسبب اختلاف الصفات البيولوجية الطبيعية للجنسين فإن معظم المسابقات الرياضية هي منفصلة الجنس، وفي معظم الأحوال يمتلك الرجال ميزات بيولوجية بدنية طبيعية، لذلك قد تحاول بعض النساء التفوق على زميلاتها بتعاطي الأندروجينات، لذا قد يعتقد بعض الأشخاص أنه يمكن تجريب أي شيء قد يقود إلى الفوز والشهرة الآنية. لا يمكن الحصول على معلومات واقعية في هذا المجال، ولاشك في أن تأثير الدواء الغفل مهم أيضاً؛ كالاعتقاد بتأثيرات معينة لمادة معينة.

الجدول ٣ الغاية من استعمال الأدوية الممنوعة في مجال الرياضة.

الصفة المرغوبة

مناسبات الاستعمال

الدواء المسبب للإدمان

ملاحظات

القوة

رفع الأثقال

سباق التجذيف

المصارعة

الستيروئيدات الابتنائية

كلينبوترولClenbuterol

هرمون النمو

Androstenedione, methandienone, nandrolone, stanozolol, testosterone

يقال إنها تزيد الكتلة العضلية مع الحمية عالية البروتين
قد تسمح بتمارين أعنف

قد تسبب نوباً من السلوك العنيف

خطورة الأذية الكبدية

تثبيط الغونادوتروبينات النخامية

مقو لمستقبلات بيتا الأدرينية له تأثير مشابه في العضلات كالستيروئيدات

قد يشارك مع الستيروئيدات الابتنائية

تفجير الطاقة

سباق ١٠٠ متر عدو

المنشطات Stimulant

أمفيتامين، برومنتان، كارفينودون، كوكائين، إفدرين

سجلت حالات وفاة في سباقات الدراجات

القدرة على التحمل

سباق الدراجات، جري الماراثون

منشطات إنتاج الكريات الحمر Erythrocytes

إرثروبيوتين لتحسين قدرة الدم على حمل الأكسجين

ثبات اليد

إطلاق المسدس

حاصرات بيتا

تنقص الرعاش ، وقد تنقص أعراض القلق

مرونة الجسم

الجمباز

مناهضات GRH

تؤخر البلوغ

إنقاص الوزن

الملاكمة

سباقات الخيول

المدرات

خسارة السوائل لإنقاص الوزن،

أحياناً تستخدم للتخلص من الأدوية الأخرى

تزيد خطورة الصمة الخثرية

عند حدوث رض في أثناء التمرين فإن إعطاء مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية أو الستيروئيدات السكرية (موضعياً أو حقناً داخل المفصل) سيخفف الأعراض ويسمح بمتابعة التمرين، وإعطاؤها مسموح لكنه مقيد بطريقة الإعطاء، أما المسكنات الأفيونية القوية فغير مسموحة. وكذلك فإن القانون الطبي للجنة الأولمبية العالمية يحدد الأدوية التي يسمح بإعطائها للرياضيين في حالات الربو والسعال والإسهال والإقياء والألم وغيرها، وقد يضع الطبيب مريضه الرياضي المتسابق في مشكلة إذا وصف له دواءً ممنوعاً.

الكحول الإيثيلي (الإيثانول) Ethyl alcohol (ethanol):

الكحول مهم في الطب ولاسيما بسبب تبعات معاقرته وسوء استعماله، ونسبة الوفيات بسبب الكحول في ازدياد منذ التسعينيات، والوفيات بسبب الكحول عند الرجال ضعفها عند النساء.

الحرائك الدوائية Pharmacokinetics

يتم الامتصاص المعدي المعوي للكحول المتناول فموياً بسرعة لأنه ذواب بشدة في الدسم وسهل النفوذية، والمكان الرئيسي لامتصاصه هو الأمعاء الدقيقة، والمحاليل التي تركيزها أكثر من ٢٠٪ تمتص ببطء أكبر؛ لأن التركيز العالي من الكحول يثبط حركة الأمعاء، كما يطول امتصاصه مع الطعام ولاسيما الحليب؛ ربما بسبب محتواه من الدسم، كما تطيل مائيات الفحم من امتصاصه. وينتشر بسرعة في ماء البدن من دون انتقائية للتخزين في الأنسجة، ويعتمد التركيز الأعلى في الدم للكحول المتناول بالفم على عدة عوامل تتضمن: الجرعة الكلية، الوزن، الجنس، تركيز المحلول، الوقت الذي أُخذ خلاله، وجود الطعام في المعدة ونوع هذا الطعام، وسرعة الاستقلاب والطرح.

يبلغ الكحول المتناول فموياً على معدة فارغة تركيزه الأعظمي في الدم في مدة ٣٠-٩٠ دقيقة، ولا يتم التخلص منه إلا بعد مضي ٦-٨ ساعات أو أكثر مع اختلافات فردية كبيرة.

الاستقلاب: يستقلب نحو ٩٥٪ من الكحول بوساطة الكبد، والباقي يطرح عن طريق التنفس والبول والعرق.

يتم استقلاب الكحول بوساطة إنزيم نازعة هدروجين الكحول alcohol dehydrogenase، وعندما يتجاوز تركيزه في الدم ١٠ملغ/١٠٠مل تكون المعالجة الإنزيمية قد أُشبعت، ولا تحدث زيادة في معدل الطرح بزيادة التركيز؛ بل يبقى مستقراً عند معدل ١٠- ١٥مل/ ساعة عند المتعاطين العاديين. يؤدي زيادة تشكل المستقلبات إلى أذية الأعضاء عند مفرطي استهلاك الكحول المزمنين، وتزيد القابلية لأذية الكبد عند تعرض مفرطي تناول الكحول للتخدير أو المذيبات الصنعية أو الأدوية، لكن الاستهلاك المزمن لكميات كبيرة من الكحول ينقص القدرة الاستقلابية للكبد بإحداثه لأذية كبدية. ويعتقد بوجود اختلاف عرقي في القدرة على استقلاب الكحول.

ولتركيز الكحول في الدم أهمية طبية كبيرة، يكون تركيز الكحول في هواء الأسناخ مساوياً لتركيزه في دم الشعريات الرئوية، لذا تستخدم من قبل الشرطة أجهزة محمولة بسيطة لقياسه في هواء التنفس عند السائقين والمشاة.

(الجدول٤) بعض التأثيرات الفيزيولوجية والاستقلابية الأخرى المهمة لتناول الكحول الحاد. (تناول جرعة كبيرة من الكحول)

التأثير

ملاحظات

القياء

- جزئياً بتأثير مركزي (التأثير مشابه بالجرعة الفموية أو الوريدية).

- تأثير معديّ موضعيّ أيضاً.

- قد يحدث الموت بسبب استنشاق القيء.

الإدرار

تثبيط إفراز الهرمون المضاد للإدرار من النخامى.

التهيج المعدي

- يسمح الإيثانول بعودة نفوذ الحمض ضمن المخاطية المعدية.

- قد تحدث سحجات ونزوف حبرية قد تحتاج إلى ثلاثة أسابيع لتشفى.

- يشاهد التهاب المعدة المزمن عند نحو ٦٠٪ من الكحوليين المزمنين.

اضطراب تحمل السكر

- في البداية زيادة سكر الدم بسبب إحصار قبط الغلوكوز.

- تثبيط استحداث السكر.

- قد يحدث هبوط سكر وخيم يؤدي إلى أذية عصبية دائمة في حال نقص مخازن الغليكوجين.

- قد يصعب تمييز هبوط السكر في المريض الانسمامي.

ارتفاع البولة الدموية

قد يحدث النقرس بسبب زيادة حمض البول الناجمة عن زيادة تدرك نيكليوتيدات الأدنين

صورة الشحوم الشاذة

قد تسبب الكميات الكبيرة من الكحول فرط الشحوم عند بعض الأشخاص.

الوظيفة الجنسية

قد يسبب الانسمام الحاد بالكحول العنانة، كما يؤدي الاستهلاك المزمن إلى نقص تستسترون المصورة.

التأثير الحروري ( التغذوي)

قد يكون الكحول مصدراً مفيداً للطاقة في المرضى المضعفين.

التهاب الكبد الحاد

قد يحدث عند تناول كميات كبيرة جداً من الكحول وقد يكون وخيماً.

التهاب البنكرياس الحاد

قد يكون مظهراً من مظاهر الكحولية المزمنة، وقد يحدث نتيجة الإفراط في الشرب (شرب نهاية الأسبوع).

التحمل بحسب العرق

قد يختلف تحمل الكحول بحسب العرق، فمثلاً قد يحدث لدى الأشخاص ذوي الأصول الآسيوية صداع مفاجئ وغثيان حتى بعد الجرعات الصغيرة من الكحول.

الديناميكيات الدوائية Pharmacodynamics:

للكحول تأثير مخمد Depressent عام في خلايا الجملة العصبية المركزية؛ ربما عبر قنوات الشوارد الغشائية ومستقبلات خاصة. وثمة بيّنات على أن الكحول يؤثر في إطلاق النواقل العصبية وفعاليتها. ويحسّن الكحول تحرير الدوبامين ويثبط عودة قبط الأمينات الدماغية، وتتضمن آليات التأثير الأخرى للكحول تثبيط مستقبلات N-methyl-D-aspartate (NMDA)، وتثبيط دخول الكلسيوم في قنوات الكلسيوم. الكحول ليس منشطاً وعندما يحدث فرط الفعالية فسببه إزالة التأثيرات المثبطة. التأثيرات الفيزيائية (البدنية) هي المهمة اجتماعياً، وهذا يجعل الكحول مستعملاً في كثير من المجتمعات ليجعل التواصل الاجتماعي ليس سهلاً فحسب بل هو ممتع أيضاً. وإن البيئة والشخصية والمزاج وجرعة الكحول جميعها ذات علاقة بالتأثير النهائي في الفرد، والتثبيط القشري يحدث فقط بالجرعات الكبيرة. مع زيادة الجرعات يمر الشخص بكل مراحل التخدير وربما يموت، يفقد الوعي مع تركيز دموي نحو ٣٠٠ ملغ/ ١٠٠ مل، ويحدث الموت مع تركيز نحو ٤٠٠ ملغ/ مل. والسبب الاعتيادي للموت في التسمم الكحولي الحاد هو استنشاق القيء.

استخدم عدد لا يحصى من الاختبارات الفيزيائية والعقلية لاستعراض تأثيرات الكحول، وأظهرت النتائج أن الكحول ينقص القدرة البصرية ويضعف التذوق والشم والسمع ويطيل زمن التفاعل (الارتكاس)، كما أنه يسبب الرأرأة والدوار. وعادة يزيد ثقة الأشخاص بقدرتهم على الأداء جيداً عندما يختبرون؛ حتى بعد الجرعات القليلة، لكن ثمة تدهوراً في الملاحظة وقابلية التكيف؛ واتخاذ القرارات السريعة عند التغير المستمر بالمعلومات الواردة. ومن الواضح أن كل ما سبق تأثيرات غير مرغوب فيها عندما يكون الشخص بوضعية يكون الفشل فيها بالأداء الجيد خطراً.

يتصف التسمم الكحولي الحاد بالتغيرات السلوكية والحماسة والتخليط العقلي وعدم التناسق والسبات. يمكن للكحول أن يسبب هبوط سكر الدم، وقياس الكحول في الدم يمكن أن يوضح الحالة. وإذا كانت التهدئة ضرورية فالجرعات القليلة الديازيبام هي أقلها خطورة. يستخدم التحال في الحالات القصوى فقط.

الاستهلاك المزمن: يمكن اكتساب التحمل للكحول، وحد ذلك أن يحتاج الشخص إلى استهلاك ضعفين ونصف من الكحول لتظهر عليه مظاهر السكر، وربما يعود ذلك إلى التحريض الإنزيمي وتكيف الجملة العصبية المركزية. تأثيرات الاستهلاك المزمن للكحول ملخصة في الجدول (٥).

الجدول(٥) التأثيرات الفيزيولوجية والمرضية والاستقلابية لاستهلاك الكحول المزمن.

التأثير

ملاحظات

أذية الأعضاء

- تشمع الكبد.

- خلل وظيفة الجهاز العصبي.

نوب صرعية

متلازمة كورساكوف

العته

فقدان الذاكرة النوبي

- الاعتلال العضلي بما في ذلك اعتلال العضلة القلبية.

- السرطان ولاسيما في القسم العلوي من الأنبوب الهضمي السبيل الابتدائي العلوي والرئة.

- التهاب البنكرياس المزمن.

سوء التغذية

- تأتي معظم الحريرات من الإيثانول عند المدمنين المزمنين.

- قد يمتنعون عن الأكل الكافي ويتطور لديهم سوء تغذية ولاسيما مجموعة الفيتامين B والفولات.

فرط ضغط الدم

استهلاك الكحول المزمن الشديد سبب شائع لفرط ضغط الدم ويكون صعب الضبط.

اضطراب شحوم الدم

- استهلاك الكحول الخفيف قد يحسن نسبة HDL/LDL.

- قد يحدث فرط شحوم دم ثلاثية وخيم.

هبوط صوديوم الدم

يرافق الكحولية المزمنة هبوط صوديوم الدم غالباً.

التأثيرات النفسية الاجتماعية

التأثيرات النفسية والاجتماعية للكحولية المزمنة في الحياة العائلية والشخصية عديدة لكنها ليست ضمن اهتمامات هذا البحث .

نقص الخصوبة

- تنقص خصوبة الرجال (نقص إنتاج التستسترون وتعداد النطاف والوظيفة).

- الحمل غير محتمل في النساء الكحوليات المزمنات مع انقطاع الطمث بسبب الأذية الكبدية.

- تتضاعف نسبة حدوث الإجهاض التلقائي في النصف الثاني للحمل عند استهلاك ١-٢ وحدة كحول في اليوم.

يمكن تراجع التأثيرات السابقة أو معظمها في الحالات الباكرة إذا تم الامتناع عن الكحول، وفي أكثر الأكثر تطوراً قد يتوقف المرض باستثناء السرطان، لكن في الحالات الشديدة قد يستمر في التفاقم. وعندما جرى تقنين الخمر في باريس في أثناء الحرب العالمية الثانية انخفض معدل الموت بسبب تشمع الكبد إلى نحو سدس مستواه السابق، لكن بعد خمس سنوات من انتهاء الحرب عاد إلى معدله السابق.

الكحول وقيادة السيارة:

إن تأثيرات الكحول والأدوية النفسية الأخرى في قيادة السيارة كانت موضوعاً للاهتمام، وكثير من الدول سنت القوانين والتشريعات لمنع وقوع حوادث السيارات بسبب الكحول.

يعدّ الكحول عاملاً مهماً في نحو ٥٠٪ من حوادث السيارات، لذلك أصبح الاستعمال الإلزامي لاختبار التنفس على الطرقات ضمن اهتمامات الجمهور.

في بريطانيا تعد زيادة تركيز الكحول في الدم على ٨٠ ملغ /١٠٠مل عند قيادة السيارة مخالفة قانونية، عند هذا التركيز تكون قابلية الحوادث نحو ضعفي الطبيعي، وبعض الدول الأخرى وضعت حدوداً أقل.

عندما لا يكون تحليل الدم أو التنفس متوفراً عقب الحادث مباشرة؛ فإنه يمكن إجراؤه ولو بعد ساعات؛ وإجراء حساب راجع لتحديد تركيز الكحول وقت الحادث، حيث يقدر هبوط مستوى تركيز الكحول في الدم بنحو ١٥ ملغ /١٠٠ مل في الساعة.

متلازمة الاعتماد على الكحول:

الاعتماد على الكحول اضطراب معقد بمكونات بيئية ودوائية ووراثية بمورثات متعددة، من المحتمل مشاركتها في الاستعداد للحالة. العوامل الرئيسية المحددة للاعتماد الفيزيائي هي: الجرعة، تكرار الجرعات، فترة المعاقرة، تطور التغيرات في النواقل العصبية في الجملة العصبية المركزية:

- يبدو التأثير الحاد للكحول في إحصار مستقبلات N-methyl-D-aspartate (NMDA) التي تقويها الغلوتامات التي تعد الناقل الرئيس للإثارة في الدماغ.

- التعاطي المزمن للكحول يزيد في عدد مستقبلات (NMDa) الاستثارية وكذلك النوع L من قنوات الكلسيوم، في حين ينقص فعل الـ GABAaالناقل العصبي المثبط.

- التأثيرات الاستثارية الناجمة قد تفسر القلق والأرق واشتهاء الكحول التي ترافق السحب الفجائي للكحول، وقد تفسر كيف أن استئناف الشرب في مرحلة الشفاء تديم الاعتماد.

سحب الكحول (الفطام) Withdrawal of alcohol:

يمكن أن يؤدي سحب الكحول من الشخص الذي تطور لديه اعتماد فيزيائي إلى حدوث تناذر السحب (العدوانية، القلق، حدوث فعالية ودية ذاتية) في مدة ٦-١٢ ساعة، قد يتلو ذلك اختلاجات السحب في مدة ٦-٤٨ ساعة، والهلوسات الكحولية (غالباً بصرية) في مدة ١٠-٧٢ ساعة، والرعاش الهذياني في مدة ٣-٧ أيام، والمواتية عالية للسبب الأخير. وعلى العموم يجب مراقبة السحب في المشفى.

يستعمل نظام الجرعة الثابتة التقليدي؛ في حين يتم إعطاء المريض كلورديازيبوكسيد ١٠ بجرعة فموية ٥٠ ملغ أربع مرات يومياً، يجري إنقاصها تدريجياً في مدة ٧-١٤ يوماً. ويجب تجنب التعرض المديد للكلورديازيبوكسيد لكونه قد يسبب الاعتماد.

ويمكن إعطاء حاصرات مستقبلي بيتا الأدرينالينة لتخفيف أعراض فرط النشاط الودي، والعناية الصحية العامة كالانتباه للتوازن المائي الشاردي ضرورية أيضاً.

ومن المعتاد إعطاء الفيتامينات- ولاسيما الثيامين- الذي يعاني الكحوليون عادة عوزه، كما أن إعطاء الغلوكوز الوريدي من دون إعطاء الثيامين قد يسبب اعتلال الدماغ الفيرنيكي Wernicke’s encephalopathy.

الكلوميتازول Clomethiazole بديل للاستعمال داخل المشفى، لكنه يحمل خطورة الاعتماد ولا يجب إعطاؤه إذا كان من المحتمل أن يثابر المريض على شرب الكحول. استخدمت أيضاً مضادات الاختلاج كالكاربامازيبين والتوبيرامات لتخفيف أعراض السحب، وسحب الكحول الحاد الذي يرافقه الرعاش والتعرق والضجر أمر شائع إثر الامتناع عن الشرب عند المدمنين، أما الرعاش الهذياني Delirium tremens فأقل شيوعاً ويجب تمييزه باكراً بسبب المواتية المرتفعة إن لم يتم تدبيره جيداً.

معالجة الاعتماد الكحولي: الدعم النفسي الاجتماعي أهم من الأدوية، ومع ذلك فقد تفيد بعض الأدوية.

دواء أكامبروسات Acamprosate يشبه من حيث التركيب الكيمياوي كلاً من الغلوتامات وGABAa، ويبدو أنه ينقص تأثير الحموض الأمينية المثيرة كالغلوتامات، ويعدل النقل العصبي للـ GABAa في أثناء سحب الكحول. إذا أُخذ الـ acamprosateلمدة سنة مع الاستشارة والدعم النفسي فإنه يزيد عدد الأيام الخالية من الكحول، كما يزيد فرصة حصول الامتناع التام عن الكحول، وفائدته قد تبقى لسنة بعد وقف المعالجة. قد يسبب Acamprosateالإسهال والطفح الجلدي.

الديسولفيرام (Antabuse) Disulfiram يمنع من الشرب بإحداثه شعوراً فورياً بالقرف والانزعاج عند الشرب، وهو مثبط للألدهيد ديهيدروجيناز (الإنزيم الذي يستقلب الكحول)؛ لذا فإن مادة الأستيل ألدهيد (المستقلب السام) ستتراكم، وهو يعطى فقط تحت المراقبة المتخصصة. والارتكاس العادي متوسط الشدة يحدث بعد نحو ٥ دقائق من تناول الكحول ويتكون من: توسع وعائي عام وهبوط في ضغط الدم وتعرق وعسرة تنفس وصداع وألم صدري، غثيان وإقياء، هذه المظاهر قد تنجم عن كميات صغيرة جداً من الكحول (كالتي قد توجد في بعض الأدوية أو الغسولات الفموية).

أما التفاعلات الشديدة فتتضمن الاختلاج والوهط الدوراني وربما تستمر لعدة ساعات، بعض الأطباء ينصح باستخدام جرعة اختبارية من الكحول تحت المراقبة، ومن ثم فإن هذا المريض سيعرف ما سيحدث له لو شرب، كما سيحدث عنده كره ونفور من الكحول.

وجدت دلائل سريرية على مساعدة أدوية أخرى على سحب الكحول، وعلى الأخص الـ naltrexone (مضاد للأفيونيات).

الحدود الآمنة للشرب المزمن:

لا يمكن تحديدها بدقة، لكن المرضى وغير المرضى يتوقعون بعض الإرشادات ويأمل الأطباء أن تكون مفيدة، وقد تكون نصائح معقولة، فالحد الأقصى للرجال لا يزيد على ٢١ وحدة في الأسبوع وليس أكثر من ٤ وحدات في اليوم، أما بالنسبة إلى النساء فالحد الأقصى ١٤ وحدة في الأسبوع، و٣ وحدات في اليوم (الوحدة ١٠ مل)، المثابرة على الشرب لكميات أكبر من ذلك يحمل خطورة متزايدة على الصحة، وفي بعض المجتمعات قد تزيد هذه الكميات أو تنقص. الكحوليون الذين لديهم تشمع مثبت كانوا عادة يشربون نحو ٢٣ وحدة (٢٣٠ مل، ١٨٤ غرام) يومياً ولمدة عشر سنوات، والمفرطون في الشرب قد يتطور لديهم تشمع الكبد بمعدل ٢٪ سنوياً، ولا علاقة خاصة لنوع الشراب (بيرة أو نبيذ أو مشروبات روحية) بالعواقب الصحية الضارة. الزجاجة النظامية من المشروبات الروحية (٧٥٠ مل) تحوي ٣٠٠ مل (٢٤٠غراماً) من الكحول (بنسبة ٤٠٪ من الحجم)، ومعظم الناس لا يستطيعون استقلاب أكثر من ١٧٠ غراماً في اليوم. من جهة أخرى قد يعطي شرب كميات قليلة من الكحول بعض الفائدة، ويبدو أن جرعة واحدة من الكحول في اليوم لا تضعف الوظيفة الذهنية عند المرأة، ويمكن في الواقع أن تنقص خطورة التدهور الذهني، وشرب كميات بسيطة من الكحول قد ينقص خطورة حدوث العته عند الأشخاص بعمر ٥٥ عاماً أو أكثر.

الكحول في الحمل والإرضاع:

ليس ثمة مستوى لاستهلاك الكحول عند الأمهات يضمن سلامة الجنين، والأذية المميتة قد تحصل باكراً في الحمل (الأسبوع ٤-١٠)، وغالباً قبل تشخيص الحمل، لذا فالتوصية هي أنه يجب أن تمتنع المرأة عن شرب الكحول إذا كانت حاملاً أو تنوي الحمل. والآلية التي يطبق بها الكحول سميته على الحمل معقدة وتتضمن الإيثانول ومستقلبه الأستيل ألدهيد. وإضافة إلى المتلازمة الكحولية الجنينية ثمة نقص عام في نمو الجنين (١٪ لكل ١٠ غرام كحول في اليوم) وهو لا يعوض لاحقاً.

المتلازمة الكحولية الجنينية مصطلح يغطي طيفاً من الاضطرابات؛ ويضم: صغر الرأس، التخلف العقلي، نقص وزن الجسم، سوء التناسق، نقص المقوية، صغر كرتي العين، قصر الشق الجفني، نقص الجسر الأنفي.

نحو ١٠٪ من أبناء الأمهات المدمنات الكحول قد تظهر لديهم هذه المتلازمة، وعند النساء اللواتي يشربن أكثر من ١٢ وحدة من الكحول يومياً قد تصل نسبة حدوثه إلى ٣٠٪.

الإرضاع: حتى الكميات الضئيلة من الكحول التي تتناولها الأم تبطئ التطور الحركي للطفل، والتأثير في التطور العقلي غير محدد.

استعمالات متفرقة للكحول:

يستخدم مطهراً جلدياً، وهو أكثر فعالية بتركيز ٧٠٪، في حين أن التراكيز الأعلى أقل فعالية. يستخدم الكحول حقناً أحياناً لتخريب النسيج العصبي في حالات الألم المعند (ألم مثلث التوائم، السرطان المتضمن للأعصاب)، كما يستخدم علاجاً للتسمم بايثيلين الغليكول ethylene glycol (مانع التجمد).

المخمدات الدماغية الأخرى:

الكحول والبنزوديازيبينات وكلوميثيازول والبربتيورات تظهر تأثيراً عاماً محسناً للنقل العصبي لـ GABa من خلال معقد مستقبلات البنزوديازبين GABa- وكلها تسبب التحمل والاعتياد.

الـ (GHB)g-hyroxybutyrate هو مستقلب لـ GABa ويؤثر في الارتباط بمستقبلات GABa، كما أنه يؤثر في الدوبامين والسيروتينين والجملة الباطنية. وله تأثير مبهج ومهدئ، وهو رائج وشعبي في حفلات الرقص، وهو يسبب الإدمان بشدة كما أن تكرار حقنه يسبب الاعتماد وتناذر سحب شديد.

الأدوية المسببة للاعتماد

صنفت منظمة الصحة العالمية الأدوية (المواد) التي تسبب الاعتماد استناداً إلى طبيعة التبدلات النفسية التي يسعى المدمنون إلى حدوثها بعد تناولهم هذه المواد. ويضم التصنيف المقترح الفئات التالية:

أولاً- الأفيونيات.

ثانياً- الكحول وغيره من المثبطات الدماغية Cerebral Depressants مثل البنزوديازيبين (انظر القسم الأول من هذا الفصل).

ثالثاً- التبغ.

رابعاً- المشوشات النفسية (أو المهلوسات) Psychodyslepties مثل LSD وتنأمفيتامين Tenamfetamine والقنب.

خامساً- المنبهات النفسية Psychostimulants مثل الكوكائين والأمفيتامين والقات والكزانتينات.

سادساً- المواد الطيارة.

- التبغ Tobacco:

انتقل التبغ إلى أوربا في القرن السادس عشر قادماً من أمريكا حيث كان سكانها الأصليون يستخدمونه علاجاً لبعض الأمراض أو لمجرد الحصول على النشوة (الشمق Euphoria)، وقد شاع استعماله بعد ذلك في أوربا حتى عدّه بعضهم العلاج الحاسم لكل الأمراض؛ لكن تأثيراته الضارة تطلبت وقتاً طويلاً للظهور. وتقدر الدراسات حالياً أن عدد المدخنين في العالم يزيد على مليار شخص، كما أن عدد الوفيات ذات العلاقة بالتدخين بلغ ثلاثة ملايين في عام ١٩٩٠م ، ويتوقع أن يبلغ هذا العدد عشرة ملايين في عام ٢٠٣٠م.

يختلف تركيب دخان التبغ باختلاف أصنافه لكن العناصر الفاعلة فيه هي النيكوتين Nicotine، وهو المسؤول عن التأثيرات الحادة (يعطي دخان اللفافة الواحدة (السيجارة) ١-٢ ملغ من النيكوتين و١٠- ١٥ ملغ من القطران TAR وهو المسؤول عن التأثيرات المزمنة للتدخين).

يختلف باهاء pH دخان التبغ باختلاف الطريقة المستخدمة في الحصول عليه، فدخانا الغليون Pipe والسيجار Cigar ذوا تفاعل قلوي. يتشرد جزء ضئيل من نيكوتين الدخان في هذه الدرجة ويمتص الباقي بسرعة من مخاطية الفم، لذلك فإن مدخني السيجار أو الغليون يحصلون على النيكوتين الذي يرغبونه من دون استنشاق الدخان، وينجم عن ذلك أن معدل إصابتهم بسرطان الرئة يقل كثيراً عن معدل إصابة مدخني اللفافات العادية.

أما دخان اللفافات فهو ذو تفاعل حامضي ويتشرد جزء كبير من النيكوتين في هذه الدرجة، وفي هذه الحالة لا يستطيع المدخن الحصول على الكمية المرغوبة من النيكوتين إلا إذا وصل الدخان إلى الرئتين حيث يتسع سطح الامتصاص، وهذا ما يدعو مدخني اللفافات إلى استنشاق الدخان. ويختلف مقدار النيكوتين الذي يمتصه جسم الإنسان من دخان التبغ ويبلغ ٩٠٪ عند مدخني اللفافات الذين يستنشقون الدخان و١٠٪ عند من لا يستنشقون الدخان.

كثيراً ما يستنشق الإنسان دخان التبغ الذي يقذفه المدخنون في هواء الأماكن المحصورة، ويدعى هذا الأمر بالتدخين السلبي Passive smoking وهو يؤثر أيضاً في صحة الإنسان، وقد صُنّف التدخين السلبي في بعض الدول مع العوامل المسرطنة Carcinogens، وبينت إحدى الدراسات أن التدخين السلبي يزيد خطر الإصابة بداء القلب الإقفاري Ischemic H.D بنسبة ٢٥٪. ومن جهة أخرى تبلغ نسبة الكاربوكسي هيموغلوبين في دم المدخنين ٣-٧٪ من الهيموغلوبين الطبيعي، وقد تصل النسبة إلى ٢٥٪ في المدخنين الشرهين، وهذا الجزء من الهيموغلوبين لا يحمل الأكسجين ويؤدي إلى تراجع قدرة المصابين بخناق الصدر على تحمل الجهد، كما أن ارتفاع الكاربوكسي هيموغلوبين المزمن يسبب كثرة الكريات الحمر Polycythemia الذي يزيد لزوجة الدم.

الاعتماد على التدخين (الإدمان):

يعزى الارتياح النفسي Satisfaction (الرضا) الذي يشعر به المدخن بعد تدخين السجائر إلى النيكوتين وإلى القطران الذي يعطي الدخان نكهة مميزة، ويعود هذا الارتياح النفسي بادئ الأمر إلى عوامل اجتماعية نفسية Psychosocial، أما التأثيرات الدوائية Pharmacodynamic للدخان فهي غير سارة، ومع ذلك فإن الضغوط الاجتماعية النفسية تدعو إلى الاستمرار بالتدخين، ويعَدّل المدخن مقدار النيكوتين الذي يأخذه إلى أن تظهر التأثيرات الدوائية السارة للنيكوتين ويحدث تحمل التأثيرات الضارة Adverse، وهكذا يضاف إلى الضغوط الاجتماعية النفسية التأثيرات الدوائية السارة التي تدفع إلى الاستمرار بالتدخين.

يملك النيكوتين بعض الصفات التي تميز الأدوية المسببة للاعتماد:

- فهو يعدل Modulate فعالية الدوبامين في الدماغ المتوسط ولاسيما في الجهاز الحوفي المتوسط Mesolimbic system التي تجلب السعادة وتعزز المحافظة عليها.

- يصل النيكوتين الصادر عن الدخان المستنشق إلى الدماغ بعد ١٠- ١٩ ثانية، لكن سرعة التخلص من النيكوتين المستنشق تتطلب تكرار التدخين للمحافظة على تأثيراته، وهكذا فإن استنشاق دخان السجائر يعد الطريقة المثلى لتعزيز Reinforcement نشاط النيكوتين ومن ثم نشوء الاعتماد عليه (أي الإدمان).

ومتى حدث الاعتماد على التدخين أدى التوقف عنه إلى ظهور بعض التأثيرات الفيزيائية والنفسية، ومنها التبدلات في تخطيط الدماغ الكهربائي واضطراب النوم، وصعوبة أداء بعض الاختبارات الحركية النفسية Psychomotor واضطراب المزاج وزيادة الشهية وزيادة الوزن.

التأثيرات الحادة لتدخين التبغ:

- تسبب الجسميات التي يقل قطرها عن مكرون واحد Submicronic - ومنها جسميات الفحم-تضيقاً عكوساً في الطرق الهوائية وزيادة المقاومة لجريان الهواء، لكن هذه الزيادة لا تكفي عادة لإحداث الزلة لكنها قد تعوق أداء الرياضيين في أثناء المباريات.

- انخفاض فعالية الهديبات Ciliary activity وبطء طرح الجسيمات الدقيقة من الرئة أكثر من المعتاد.

- قد يكون امتصاص أول أكسيد الكربون مهماً من الناحية السريرية عند المصابين بداء القلب الإكليلي لكن تأثيره تافه عند الكهول الاصحاء.

خصائص النيكوتين الدوائية:

يعتمد امتصاص النيكوتين عبر الأغشية المخاطية إلى حد كبير على باهاء الوسط المحيط.

يبلغ نصف عمر النيكوتين ساعتين ويتحول بعد استقلابه إلى مواد خاملة Inert مثل الكوتينين Cotinine، لكن جزءاً منه ينطرح مع البول من دون تبديل. يستعمل الكوتينين دليلاً على تدخين التبغ في الدراسات العلمية وذلك بسبب نصف عمره الطويل الذي يبلغ عشرين ساعة.

تعمل الجرعات العالية من النيكوتين ناهضاً Agonist للمستقبلات الكائنة في نهاية الأعصاب الكولينية المحيطية التي تتوضع أجسامها في الجملة العصبية المركزية، ويعني ذلك أنه يعمل في العقد العصبية المستقلة وفي المواصل junction العصبية العضلية الإرادية، وهذا هو المقصود بتعبير التأثير الكوليني. وتتنشط الجملة العصبية المركزية بفعل النيكوتين بما في ذلك مركز القياء، وقد يحدث الرجفان والاختلاج.

يؤدي النيكوتين الناجم عن تدخين التبغ إلى إطلاق Release الكاتيكولامينات من الجملة العصبية المركزية (مثل الدوبامين، والأبنيفرين) والسيروتونين والهرمون المضاد للإدرار والكورتيكوتروبين Corticotrophin وهرمون النمو. أما تأثير النيكوتين في الأحشاء فهو انعكاسي في غالب الأحيان عن طريق حث (تنبيه) المستقبلات الحسية Sensory Rec في الشرايين السباتية والأبهر والدوران الرئوي والبطين الأيسر.

وفيما يلي عرض للتبدلات التي تحصل في الجسم بعد تدخين سيجارة واحدة وامتصاص نحو مليغرام واحد من النيكوتين الذي يختلف مقداره بحسب عمق الاستنشاق ومدة احتباس النَفَس. يتجلى تأثير النيكوتين في الجهاز القلبي الدوراني على شكل تنبيه (حث) الجملة الودية Sympathetic المستقلة، ويشمل ذلك تقبض أوعية الجلد وتوسع أوعية العضلات وتسرع القلب وارتفاع الضغط الشرياني الانقباضي بمقدار ١٥ ملم زئبق والانبساطي بمقدار ١٠ ملم زئبق، وارتفاع نورأدرينالين/ نورأبنيفرين البلازما وارتفاع النتاج القلبي وزيادة استهلاك الأكسجين. كما يزيد النيكوتين التصاق الصفيحات، الأمر المهم في نشوء العصيدة Atheroma وتشكل الخثرات.

ويزيد النيكوتين سرعة الاستقلاب قليلاً في حالة الراحة، تتراجع سرعة الاستقلاب بعد الامتناع عن التدخين ويعزى إليها زيادة الوزن الذي يلاحظ في هذه الحالات.

يؤدي تناول النيكوتين (تدخين سيجارة واحدة) لأول مرة بفواصل متقاربة في عدة ساعات إلى حدوث الغثيان والقياء، لكن هذه الأعراض تتوقف بسرعة إذا تكررت محاولة التدخين بسبب التحمل. ويعد النيكوتين العامل الرئيسي في حدوث الاعتماد على التدخين بعد تلاؤم المدخن مع التأثيرات الأولية غير السارة للتدخين.

تأثيرات التدخين المزمنة:

١- السرطان قصبي المنشأ:

يتفق جميع الأطباء في العالم على وجود علاقة سببية بين تدخين التبغ وسرطان الرئة، يرتبط خطر الإصابة بسرطانة الرئة عند المدخنين بعدد السجائر التي يدخنها الشخص وبالسن الذي بدأ فيه التدخين. كما أن خطر الاصابة متماثل بين المدخنين ولو اختلفت كمية القطران في السجائر التي يستعملونها والذي يتراوح بين ٨-٢٠ ملغ في اللفافة الواحدة. ويزداد خطر إصابة المدخنين بسرطان الفم والبلعوم والمريء بمعدل ٥-١٠ مرات مما هو عليه عند غير المدخنين. ولا يختلف الخطر باختلاف الوسائط التي يستخدمها المدخن كالسجائر والغليون والسيجار، كما أن الإصابة بسرطان المعثكلة والكلية والسبيل البولي أكثر شيوعاً مما هي عليه عند غير المدخنين.

٢- الداء الإكليلي القلبي:

يعزى نحو ٣٠٪ من الوفيات الناجمة عن الداء الإكليلي القلبي في بريطانيا إلى التدخين، وقد يكون الموت التظاهرة الأولى للإصابة بالداء الإكليلي القلبي ولا سيما عند الشباب. وتزداد خطورة التدخين عند الأشخاص الذين يحملون عوامل خطورة أخرى كارتفاع كولسترول الدم وارتفاع الضغط الشرياني. ويزداد تضيق الشرايين الإكليلة الصغيرة بشدة عند المدخنين، كما أن زيادة التصاق الصفيحات الناجم عن التدخين يسرّع من تشكل الخثرات، والتوقف عن التدخين يقلل من خطورة الداء الإكليلي القلبي عند الذين تقل أعمارهم عن ٦٥ سنة، ويعود الخطر إلى مستواه عند غير المدخنين بعد أربع سنوات من التوقف.

٣- الداء الرئوي المزمن:

يمكن تقسيم التأثيرات السيئة للتدخين في الرئتين إلى نمطين منفصلين وهما:

أ- فرط إفراز المخاط المزمن: يؤدي إلى سعال مزمن مع التقشع، ويتماشى ذلك مع ما يدعى التهاب القصبات المزمن، يحدث هذا الأمر في الطرق الهوائية الكبيرة ويتحسن بعد التوقف عن التدخين، ولا يتعرض المصاب به لخطر الوفاة.

ب- الداء الرئوي الانسدادي المزمن: يسبب صعوبة في التنفس ناجمة عن تضيق الطرق الهوائية الصغيرة ويرافقه تخرب مترقٍ في الأجزاء المحيطية من النسيج الرئوي غير قابل للتراجع (نفاخ رئوي Emphesima) يؤدي في نهاية الأمر إلى الإعاقة Disability ثم الوفاة. وقد يصيب هذان النمطان المريض الواحد، ويؤهبان لحدوث هجمات خمجية حادة.

التأثيرات الأخرى:

- يقدر عدد المصابين بالعنانة الناجمة عن التدخين في بريطانيا بـ ١٢٠ ألف شخص ممن تتراوح أعمارهم بين ٣٥ – ٥٠ سنة.

- تزداد نسبة إصابة النساء المدخنات بالعقم، وقد يتأخر حدوث الحمل لديهن مقارنة بغير المدخنات، كما أن المدخنات أكثر عرضة لحدوث الضهي في سن أبكر مما هو الحال عند غير المدخنات.

- يحدث الإجهاض التلقائي والإملاص ووفاة حديثي الولادة بنسبة الضعفين مما هي عند غير المدخنات، كما يزداد خطر وفاة الأطفال حديثي الولادة Perinatal عند النساء المدخنات.

التوقف عن التدخين:

ليس من الصعب التوقف عن التدخين باستثناء المدخنين الشرهين الذي لا يتحملون هذا الإجراء، وكثيراً ما يعاود بعض الأشخاص التدخين بعد توقف دام عدة أشهر ويكررون ذلك عدة مرات؛ مما يدل على أن التوقف عن التدخين ليس من الأمور العسيرة، ومما يساعد على التوقف في الحالات الصعبة إعطاء النيكوتين البديل أو بوبروبيون Bupropion.

ويعدّ النيكوتين المركب المسؤول عن الاعتماد على التدخين (الإدمان) لذلك كان من البديهي اللجوء إليه للمساعدة على التوقف، وهو متوفر بعدة أشكال صيدلانية كالعلكة (اللبان Chewing gum) واللصاقات الجلدية أو البخاخ الفموي أو الأنفي (زذاذ Spray). وقد أثبتت هذه الأشكال الصيدلانية عند استعمالها بعناية ودقة فعاليتها في المساعدة على التوقف عن التدخين.

بوبروبيون Bupropion:

يستعمل هذا الدواء بديلاً للنيكوتين أو مساعداً له في معالجة المدخنين، وقد يضاف إلى النيكوتين في بعض الحالات. ويثبط هذا الدواء إعادة قبط Reuptake العصبونات للنورأدرينالين والدوبامين، وقد يخفف الاشتهاء (التحرق Carving) إلى النيكوتين بتأثيره في الجهاز الحوفي Mesolimbic، وقد يسبب الأرق وجفاف الفم، ولا يستطب هذا الدواء عند الذين في سوابقهم حالات صرعية.

السجائر الإلكترونية:

هي جهيزة تقوم بتسخين السوائل كهربائياً؛ مما يؤدي إلى تشكل ضبوب Aerosol واستنشاقه. أما السائل المستخدم في هذه الحالة فهو بروبلين غليكول Propilen- glycol والغليسرول Glycerol يضاف إليها مادة منهكة، وقد يضاف إليها أيضاً النيكوتين. وقد ازداد استعمال هذه السجائر في السنوات الأخيرة من قبل المدخنين الراغبين في التوقف عن التدخين. وهناك إجماع على أن هذه السجائر أقل ضرراً من تدخين سجائر التبغ. وهناك بعض البينات التي تشير إلى أنها تقلل من معدل تدخين السجائر العادية، لكن استعمالها يلقى اعتراضاً من بعض الفئات اعتقاداً منهم أن استعمالها يعدّ جسراً يؤدي إلى تدخين التبغ.

المشوشات (أو المهلوسات) النفسية Psychodyslepties:

المهلوسات هي عقاقير طبيعية في الأصل مثل المسكالين Mescaline والـ Psilocybin التي تستخلص من بعض النباتات التي توجد في أمريكا الجنوبية، أو صناعية مثل حمض لسيرجيك Lysergic acid (LSD). وتسبب هذه العقاقير بعد تناولها تبدلات ذهنية تشبه تلك التي تحدث عند المصابين بالذهان كالأهلاس (هلوسات) والتوهمات illusions؛ أي إنها تحدث اضطراباً في الإدراك؛ يأخذ شكل إدراك خاطئ للمرئيات والأصوات والروائح التي هي غير موجودة في الواقع. وقد بينت التجارب التي أجريت على هذه المواد أن تأثيراتها تختلف من شخص إلى آخر باختلاف توقعاته وبيئته وشخصيته، لذلك كان بالإمكان تحضير الأشخاص لهذه التجارب بحيث يحصلون على نتائج حسنة أكثر مما هي سيئة.

١- حمض لسيرجيك: بينت التجارب التي أجريت على LSD عند الأشخاص الطبيعيين حدوث التبدلات التالية:

تشوش الرؤية وقد تحدث الأهلاس، وتبدو الأشياء مشوهة ويتبدل شكلها وحجمها وتعطي تفسيرات بعيدة عن الواقع.

يضطرب الإحساس بالزمن والمكان، فيشعر الشخص أن الزمن قد توقف أو أنه يمر ببطء أو بسرعة فائقة وتتخطى مئات السنين على نحو مفاجئ.

يبدو الشخص مرتاحاً وفي غاية السعادة، لكنه قد ينقلب ويصبح خائفاً أو مرعوباً ومحبطاً، كما أنه قد يشعر بتبدد الشخصية Depersonalisation أو بحالة حالمة. تدوم تأثيرات الجرعة عدة ساعات عادةً تتلوها فواصل من الصحو لا تلبث أن تتطاول يعود الشخص بعدها إلى حالته الطبيعية.

أما الأعراض الجسدية فتتضمن الغثيان والدوخة وشواش الحس Paraestiesia والوهن والنعاس والرجفان والرنح Ataxia.

تبلغ الجرعة الفعالة من LSD ٣٠ ملغ، ويبلغ نصف عمره ثلاث ساعات. ويحدث تحمل هذا الدواء بسرعة، وقد يحدث الاعتماد النفسي عليه لكن لا يحدث الاعتماد الفيزيائي. وتتضمن التأثيرات الخطرة لاستعماله الارتكاسات الذهانية التي قد تتأخر في الحدوث وقد تنتهي بالانتحار.

٢- تنامفيامين Tenamfetamine MDNA: يقترب تركبيه من الأمفيتامين ويبلغ نصف عمره ثماني ساعات. يؤخذ هذا الدواء كغيره من الأمفيتامينات، عن طريق الفم أو استنشاقاً عن طريق الأنف أو عن طريق الحقن الوريدي. ويتصف بسرعة التأثير الذي يبدأ بعد ساعة من تناوله عن طريق الفم، وتؤدي الجرعات الصغيرة منه إلى زيادة الإحساس بالحالة الحسنة وحدوث الشمق Euphoria وتحسين الانتباه والأداء ونقص التعب. ومن الشائع وصفه بداء الرقص Dance drug، ويقدر أن ٥٠٪ من الكهول الأمريكيين سبق أن استعملوه مرة واحدة على الأقل. وينشط هذا الدواء المستقبلات الأدرينية B adrenergic لذلك فإن تأثيراته الدوائية تتفق مع ما يحدث في حالات الجهد الكبير ونقص التموه وارتفاع الحرارة.

٣- الكيتامين Ketamine: يستعمل هذا الدواء مخدراً ومسكناً للألم قصير المدة؛ لذلك شاع استعماله في العمليات الجراحية البسيطة والمداخلات الطبية المؤلمة حقناً في الوريد. والجرعة المستخدمة هي ٢ ملغ لكل كغ من الوزن. ويبدأ تأثيرها بعد ١-٢ دقيقة ويدوم خمس عشرة دقيقة. ويوجد هذا الدواء على شكل أقراص تؤخذ عن طريق الفم أو مسحوق يؤخذ عن طريق الاستنشاق؛ إذ يستعمله بعضهم للحصول على التبدلات الذهنية التي تحدثها المهلوسات عامةً كاضطراب الإدراك والهلوسات والتوهمات وتسكين الألم التفارقي Dissociative analgesia.

٤- القنب Cannabis: القنب نبات سنوي له أنواع متعددة منها القنب الهندي C. Indica والقنب الأمريكي C. Americana، ويدعى المستحضر الذي يحضر منه الحشيش في أكثر الدول العربية والماريغوانا في Marijuana في أمريكا والدول الأوربية، وهو مؤلف من مسحوق أوراق نبات القنب وأزهاره، ويستعمل عادة عن طريق التدخين مع التبغ، لكن تركيبه يختلف باختلاف مصدره، كما تختلف أيضاً قدراته الدوائية، وقد شاع استعمال هذا العقَّار في كثير من البلدان، وتقدر بعض الدراسات أن ٢٧٪ من الكهول في بريطانيا سبق لهم استعمال الماريغوانا.

الحراك الدوائي: يحتوي راتين Resin القنب على عدد كبير من المواد الكيميائية أهمها القنبيات الزيتية الشكل Cannabinoids التي تضم المركب المسمى (THC) Tetra Hydro Cannabinol وهو المركب الرئيسي ذو التأثير النفسي من القنبيات. وتختلف نسبة القنبيات في عيّنات الراتين باختلاف البلدان المنتجة له، كما يتناقص محتواها من THC مع مرور الزمن وقد ينعدم تماماً. ويحوي دخان الحشيش الناتج من احتراق لفائفه نحو ٥٠٪ من THC الموجود فيه. ويبلغ نصف عمر الـ THC أربعة أيام، ويخضع في أثنائها لعدد من التحولات البيولوجية في جسم الإنسان ينتج منها مشتقات نفسية المفعول، تتصف بأنها ذوابة في الشحوم، وتختزن في النسيج الشحمي ومن ثم تنطلق منه ببطء.

الدينامية الدوائية:

ثمة نوعان من مستقبلات القنبيات هما: CB1 و CB2 ويؤلفان جزءاً مما يسمى الجهاز المعدل لمستقبلات القنبيات العصبية System Endocannabinoid Neuro Modulatory الذي له دور في العديد من العمليات الفيزيولوجية؛ ولاسيما المدخول الغذائي واستتباب الطاقة.

تختلف الارتكاسات النفسية لمدخن سجائر الحشيش باختلاف سلوك البيئة التي يوجد فيها. تبدأ هذه الارتكاسات بالظهور بعد دقائق من بدء التدخين وتستمر ٢-٣ ساعات. الشمق (الغبطة Euphoria) هو الارتكاس الشائع ويعتقد أنه ينتج من تنبيه الجملة اللمبية Limbic System الذي يؤدي إلى إطلاق الدوبامين من النواة المتكئة Nucleus accumbens، وقد يكون هناك قهقهات وضحكات ساخرة تبدو لا مبرر لها بعين المراقب. ترتفع شدة الإحساسات وتبدو نابضة بالحياة Vivid؛ ولاسيما الإحساسات البصرية، كما تزداد شدة الألوان وتبايناتها، وتسوء ملامح الأشياء وحجومها وتبدو برّاقة، وتتغير الأبعاد والمسافات، وقد ينعدم الإحساس بالزمن تماماً. وتضعف الذاكرة القريبة وقد ينسى الشخص أول الجملة التي ينطقها، ومتى اضطربت الذاكرة تقل فاعلية التركيز؛ لأنه يصعب تذكر موضوع الاهتمام، كما يقل الاحساس بالخطر وعواقب التصرفات. ومما يلفت النظر أن هذه التبدلات التي تتناول المزاج والشعور بالزمن وشواش الرؤية وغير ذلك من التبدلات تأخذ سيراً متموجاً في بعض الحالات.

إن النتائج المتوخاة من استعمال القنبيات- كغيرها من المهلوسات Dysleptic- لا تعتمد فقط على توقعات الشخص الذي يستعملها وعلى الجرعة المأخوذة، وإنما تعتمد على البيئة المحيطة به وعلى شخصيته، ولكنها قد تثير أحياناً إلهامات عبقرية.

تتراجع الاختبارات النفسية والحركية ولاسيما عند قليلي الخبرة، وتشابه التبدلات التي تحصل تلك التي تشاهد عند الإفراط في الكحول. وقد بينت التجارب المعممة التي أجريت على قادة الطائرات أن الأداء يضطرب لمدة خمسين ساعة بعد أن يدخن قائد الطائرة سيجارة تحتوي على جرعة معتدلة من THC.

الاستعمالات: اقترح العديد من الأطباء استعمال القنبيات في عدد من الحالات المرضية؛ ولاسيما الآلام المزمنة والشقيقة والصداع والتشنج العضلي والاضطرابات الحركية؛ وفي تنشيط الشهية عند المصابين بالإيدز Aids والغثيان والقياء.

يتوفر THC في الوقت الحاضر تحت اسم Dronabinol وكذلك اسم Nabilone وهي أشكال طبيعية منه، وقد اعتمد كلاهما لمعالجة القياء الناجم عن المعالجة الكيميائية عند المرضى الذين لم يستجيبوا جيداً لمضادات القياء التقليدية وعند مرضى الإيدز Aids المصابين بمتلازمة الهزال Waste syndrome.

وقد قامت لجنة متخصصة بدراسة الأدوية المعتمدة على مشتقات القنب وتوصلت إلى النتائج التالية:

١- إن تثبيط فعل القنبيات يمكن أن يفيد في تخفيف الوزن عند المصابين بالبدانة المفرطة، وتبين أن أحد الأدوية المناهضة للمستقبلات CB1 ويدعى Rimonabant أنقص الوزن وحسَّن عوامل الخطر القلبية الوعائية عند البدينين بعد سنة من المعالجة.

٢- توحي التجربة أن معالجة الآلام العصبية الناجمة عن أذيات الأنسجة العصبية بالقنبيات تعادل الكودئين في قدرتها، وليس لها تأثيرات ضارة ولا تؤدي إلى التحمل.

٣– تضبط القنبيات كتلة العظام؛ وقد تكون مناهضات مستقبلات القنيبات مفيدة في معالجة تخلخل العظام.

التأثيرات الضارة غير الملائمة:

١- الحادة: قد تكون التأثيرات النفسية للقنبيات غير سارة كالشعور بأن الوقت مستمر لا نهاية له، وعدم القدرة على السيطرة على العمليات الذهنية، وعدم الارتياح الذي يصل إلى درجة الكربة Anguish أو الهلع. وقد يحدث لدى الشخص ارتجاع بعض المشاهد السابقة من الهلوسات تشبه ما يحدث عند متعاطي LSD، وتنتهي الجرعات العالية بالنعاس والنوم عادةً.

٢– المزمنة: يحدث اضطراب في الشخصية وميل إلى الأفكار الزورية، كما تحدث عيوب معرفية ويتعلق ذلك بطول المدة التي استعمل فيها العقّار، كما أن تعاطيه يمكن أن يؤدي إلى ظهور أعراض ذهانية قابلة للزوال بسرعة في حالة استعمال الدواء لفترات قصيرة. أما التعاطي المديد فقد يسرّع حدوث الذهان عند بعض الأشخاص المستعدين، كما أنه يمكن أن يؤدي إلى التحمل وحدوث متلازمة السحب Withdrawal Syn. ويبدو أن هناك تحملاً متصالباً بين الكحول والقنبيات. يسبب دخان الحشيش السعال وينتج كمية من القطران أكبر مما تنتجه سجائر التبغ، ويقدر أن الأذى الذي تسببه أربع سيجارات من الحشيش في القصبات يعادل الأذى الذي تحدثه عشرون سيجارة من التبغ.

أدى انتشار الاستعمال الترفيهي للقنب Recreational Use وتأثيراته المؤذية إلى إجراء دراسات متعلقة بتطوير سلالات من نبات القنب تعدل من نسبة محتواها من THCوCBD Cannabidiol. وتشير الدراسات إلى أن استعمال CBD يمكن أن يقي مستعمليه من التأثيرات السلبية للقنب مثل خلل الذاكرة والزور والذهان؛ ومن الاعتماد الذي يحدث عند استعمال المستحضرات التي تحتوي على كمية مرتفعة من THC، وقد يكون من الممكن التوصل في المستقبل إلى مستحضرات قنبية تحتوي على نسبة عالية من CBD، مما يقلل من ضررها.

المنشطات النفسية Psychostimulant:

١- الكوكائين: يوجد الكوكائين في أوراق نبات الكوكا، وهي شجيرات تنبت في بعض البراري في أمريكا الجنوبية، كما تزرع في غيرها من الدول. وقد اعتاد الفلاحون في أمريكا مضغ أوراق الكوكا فينطلق منها القلواني الذي يسبب لهم الراحة بعد التعب أو الجوع أو السفر الطويل، كما أنه يسبب لهم حالة ذهنية انطوائية سارّة، وقد استخلصت المادة الفعالة من هذه الوريقات وسميت الكوكائين. وقد انتقل استعمال الكوكائين إلى العديد من دول العالم، وانتشر استعماله على نطاق واسع في الدول المتطورة حيث أصبح أحد أهم المشاكل التي تعانيها تلك المجتمعات على الرغم من الجهود الجبارة التي تبذل للحد من توفره واستعماله. النوع الشائع الاستعمال في الوقت الحاضر من الكوكائين هو هيدروكسيد الكوكائين؛ وهو مسحوق أبيض اللون عديم الرائحة يؤخذ عن طريق الاستنشاق من المنخرين أو عن طريق الحقن الوريدي بعد إذابته في الماء. يؤدي استنشاق الكوكائين عن طريق الأنف الى تقبض الأوعية ونقص حاسة الشم وتنخر الغشاء المخاطي للأنف وقد ينتهي الأمر بانثقاب الحاجز الأنفي. أما النوع الآخر من الكوكائين الشائع الاستعمال والأشد فاعلية فيسمى بالكراك Crack الذي ينتج من معالجة هيدرو كلوريد الكوكائين بأحد المواد القلوية فيتحرر الكوكائين الحر القابل للطيران Voltile والصالح للتدخين، مما يحدث تأثيراته بسرعة كبيرة لا تتجاوز عدة ثوان. كما يمكن تبخير الكوكائين بالحرارة واستنشاقه في غليون زجاجي خاص أو مزجه مع سجائر التبغ، ويبدو أن استنشاق غاز الكراك مع حبس النفس يؤدي إلى امتصاص الكوكائين في الرئتين بسرعة تعادل سرعة الحقن الوريدي.

يعدّ الكوكائين أقوى منبهات الجهاز العصبي المركزي، ويبلغ متوسط عمره ٥٠ دقيقة t1/2.

يشعر الشخص بعد تعاطي كمية قليلة منه بالغبطة (الشمق Euphoria) الشديدة والبهجة المتناهية، والثقة بالنفس وزيادة الإدراك العقلي وقوة الذاكرة واضمحلال التعب. يستمر هذا التأثير المنشط فترة قصيرة (٥٠ دقيقة إلى ساعة)، يتلوها فترة من الانزعاج مع شعور بالكآبة والكسل والقلق، مما يدعو الشخص إلى تكرار استعمال المستحضر بفواصل قصيرة تراوح بين ١٠-٤٥ دقيقة في مدة قد تصل الى ١٢ ساعة، وقد يلي هذه الفترة حالة من الاكتئاب وعدم الاستمتاع بالمسرات قد تستمر أياماً أو أسابيع.

طريقة التأثير: يحصر الكوكائين ناقل استرداد الدوبامين Dopamine Reuptake Transporter الذي يؤدي دوراً رئيسياً في التحكم في دخول الدوبامين الى النهايات العصبية المركزية ، مما يؤدي إلى تراكم الدوبامين حينئذٍ في المشابك ويؤثر في العصبونات المجاورة ليحدث التأثيرات الآنفة الذكر.

إن الاعتماد النفسي مع التوق الشديد إلى الحصول على الدواء أمر يميز تعاطي الكوكائين ولو كان البدء باستعماله قصير المدة. أما الاعتماد الفيزيائي على الكوكائين فهو طفيف ونادر الحدوث، لكن التحمل الحاد للكوكائين قد يحدث أحياناً.

كثيراً ما يفرط المعتادون الكوكائين في الجرعات المأخوذة منه، ويذكر الكثيرون من هؤلاء أنهم أصيبوا بفقد الوعي. ويحدث لدى الشخص عند إفراط الجرعة شعور بالخوف بدلاً من الشمق والابتهاج، ويبدي أعراضاً ذهانية واختلاجات وارتفاع الضغط الشرياني وتسرع القلب واضطراب النظم، وقد يحدث تشنج في الشرايين الإكليلية يتجلى بأعراض المتلازمة الاكليلية الحادة واضطراب عمل البطين الأيسر، وقد تحدث السكتة الدماغية النزفية في بعض الحالات. وتعالج حالات فرط الجرعة اعتماداً على الصورة السريرية، فيعطى الهالوبيريدول Haloperidol في حالة الاضطراب الذهني والديازبام Diazepam في الاختلاجات وموسعات الأوعية لفرط الضغط الشرياني.

٢- الأمفيتامينات Amphetamines:

الأمفيتامينات هي مجموعة من المركبات الكيميائية التي تؤثر مباشرة في الجهاز العصبي وتحدث زيادة واضحة في النشاط الجسمي والعقلي. ولقد استعملت هذه المواد في الطب لمعالجة بعض الأمراض كالربو والاحتقان الأنفي، بيد أن استطباباتها أصبحت محصورة الآن في النوم الانتيابي واضطراب نقص الانتباه، لكن استعمالها خارج النطاق الطبي شاع لإحداث الشمق ولتحسين أداء الطلاب قبيل الامتحانات والرياضيين في المباريات.

أكثر الأمفيتامينات استعمالاً حالياً هي: دكسترو أمفيتامين Dextroanfetrmine، وميتامفيتامين وهو الشكل النقي منها (ويدعى الجليد Ice). يمكن تناول الأمفيتامينات عن طريق الفم أو استنشاقاً عن طريق الأنف أو تدخيناً أو عن طريق الوريد. وتمتص الأمفيتامينات بسرعة وتظهر تأثيراتها بعد ساعة من تناولها عن طريق الفم وتطرح مع البول من دون تبدل.

تؤثر الأمفيتامينات عن طريق تحرير الدوبامين المختزن في النهايات قبل المشبكية للأعصاب. وتختلف تأثيراتها النفسية باختلاف مزاج الشخص الذي يتناولها وباختلاف شخصيته والبيئة التي يعيش فيها، وتتناسب أيضاً مع الجرعة المأخوذة. ويشعر الشخص بعد تناولها بالشمق (البهجة Euphoria) ويصبح واثقاً بنفسه ويتحسن أداؤه وانتباهه ويتأخر التعب كما ترتفع عتبة الألم.

وإذا كانت الجرعة المأخوذة عالية فقد يبدو الشخص قلقاً ومتوتراً ويشعر بالدوخة وقد يظهر لديه الرجفان والتخليط الذهني Confusion، أما التأثيرات المحاكية للودي Sympathomimetic فتتجلى بتسرع القلب والشعور بالخفقان وزيادة الانزعاج وقد ترتفع الحرارة.

الاعتماد على الأمفيتامين هو اعتماد نفسي عادة، وقد يحدث حين التوقف عنه متلازمة الانسحاب withdrawal syndrome، مما يشير إلى وجود اعتماد فيزيائي أيضاً، وقد يسبب الاعتماد الشديد اضطرابات سلوكية وأهلاساً وأعراضاً ذهانية يمكن السيطرة عليها بدواء هالوبيريدول. ويسبّب التوقف عن الدواء الخمول Lethargy والنوم والرغبة في الطعام وأحياناً الاكتئاب الشديد، مما يدعو إلى استئناف استعمال الدواء.

يتجلى الانسجام الحاد بالاستثارة Excitment وبالأعراض المحاكية للودي Sympotomimetic الشديدة كتسرع القلب والخفقان واضطراب النظم وارتفاع الضغط الشرياني والتعرق، وقد تحدث الاختلاجات والوهط الدوراني والنزوف داخل القحف التي قد تنتهي بالوفاة. وقد يؤدي الإفراط المزمن في استعمال الدواء إلى ظهور أعراض ذهانية تقلد الفصام ولاسيما الفصام الزوري.

٣ -الكزانتينات Xantines:

توجد الكزانتينات الثلاثة المعروفة وهي: الكافئين واليتوفيلين والتيوبرومين في النباتات، وهي تتماثل في الصفات ولكنها تختلف كثيراً في فعاليتها.

- تحوي الشاي على الكافئين والتيوفيلين.

- تحوي القهوة على الكافئين.

- تحتوي الشوكولا والكوكا Cocoa على الكافئين والتيوبرومين.

- تحتوي بزور Not الكولا على الكافئين.

- اما التيوبرومين فهو قليل الفعالية وليس له أهمية سريرية.

حراك الكزانتينات:

يختلف امتصاص الكزانتين المأخوذ عن طريق الفم بحسب المركب المستخدم، ويزيد عادةً على ٩٥٪. يختلف استقلاب الكافئين من شخص إلى آخر، ويراوح نصف عمره بين ٢- ١٢ ساعة، ويتم استقلاب الكزانتينات عن طريق إنزيمات الأكسيداز.

ان تأثيرات الكافئين والتيوفيلين معقدة وغير معروفة تماماً فهي تثبط بعض الإنزيمات المهمة، كما تؤثر في توزيع الكلسيوم داخل الخلية وفي وظيفة الأعصاب الأدرينية.

تأثير الكزانتينات في مستوى الأداء الذهني:

ينبه (ينشط) الكافئين والتيوفيلين الفعالية الذهنية إذا كانت أدنى من الحد الطبيعي، ويتسارع التفكير، ويزول التعب أو يتأخر حدوثه. ويختلف تأثيرهما في الأداء الذهني والفيزيائي باختلاف شخصية الشخص وحالته الذهنية (العقلية)، وتنقص مدة الارتكاس.

وقد يحسن الكافئين من الأداء الفيزيائي في المهمات التي تتطلب جهداً فيزيائياً (كما في الرياضيين) وكذلك في المهمات التي تتطلب مهارة أكثر من الجهد الفيزيائي (مراقبة الأجهزة وتصحيح عملها في الرحلات الجوية). وعموماً يحرض الكافئين الانتباه (التيقظ Alertness) والشعور بالسعادة، كما يؤخر الشعور بالسأم (الضجر) والتعب وعدم الانتباه والنعاس.

ومن المؤكد أن فرط الجرعة يخفض الأداء. أما فرط الجرعة الحاد مثل حقن الأمينوفيلين في الوريد فقد يسبب الاختلاج ونقص الضغط واضطراب نظم القلب والموت المفاجئ.

التأثيرات الأخرى: يؤثر الكافئين في النوم عند المسنين أكثر مما هو عند من هم أقل سناً ويتأخر النوم عن مواعيده المألوفة، وتزداد حركة الجسم، وتنقص فترة النوم الإجمالية، وتتعدد اليقظات. ينشط (ينبه) كل من الكافئين والتيوفلين العضلة القلبية مباشرة ويزيد من نتاج القلب وسرعته ومن خوارج الانقباض. تحدث هذه التبدلات مباشرة بعد حقنه بالوريد، وتدوم نحو نصف ساعة. وإن حقن ٢٥٠ ملغ من الكافئين في الوريد يؤدي إلى رفع الضغط العابر عند من يتناولون القهوة أحياناً، وقد يفيد هذا التأثير عند المرضى المصابين بقصور الجملة العصبية المستقلة الذين يعانون هبوط الضغط بعد الطعام، وقد يكون إعطاء قدحين من القهوة يومياً عند الإفطار (ما يعادل ١٦٠ ملغ من الكافئين) كافياً لعلاج هذه الحالة.

المستحضرات المحتوية على الكزانتين: الأمنيوفلين هو أحد مشتقات التيوفلين الأكثر استعمالاً في الممارسة الطبية ويعطى سّائلاً في الوريد أو مضغوطات تؤخذ عن طريق الفم. يفيد إعطاء الأمنيوفلين في الوريد في معالجة الربو الشديد؛ ولاسيما عندما تفشل مضاهيات المستقبلات الأدرينية B. Adrenoreceptor في الاستجابة للعلاج، كما يعطى على شكل مضغوطات في الربو المزمن. كما يدخل الكافئين في تركيب المضغوطات المسكنة للألم مثل الباراسيتامول ومضادات الالتهاب اللاستروئيدية لتقوية فعاليتها، كما يساعد على معالجة انخفاض الضغط الناجم عن قصور الجملة العصبية المستقلة.

الإفراط في تناول الكافئين: يؤدي الإفراط المديد في تناول القهوة إلى القلق والضجر والرجفان والأرق، والصداع وخوارج الانقباض، ويقدر أن ٢٥٪ من الذين يشكون القلق قد يستفيدون من تقليل تناول الكافئين. يعدّ الشخص مفرطاً بتناول الكافئين إذا تناول أكثر من ٣٠٠ ملغ من الكافئين يومياً؛ أي ما يعادل خمسة أقداح من القهوة المغلية، أو عشرة أقداح من الشاي (يحتوي كل منها على ٣٠ ملغ من الكافئين) أو كثيراً من الكولا. ومن الواضح أن محتوى هذه المشروبات من الكافئين يختلف باختلاف مصدرها وطريقة تحضيرها.

يؤدي تناول خمسة أقداح من القهوة المغلية يومياً إلى ارتفاع كولسترول الدم الإجمالي بنسبة ١٠٪، كما أن التوقف عن استعمال القهوة يخفض تركيز كولسترول الدم عند المصابين بفرط كولسترول الدم.

٤- القات Kat:

تحتوي أوراق نبات القات عدة قلويدات مثلCatharine وCathie وCathinine تشبه في تركبيها الأمفيتامين ولها تأثيرات مشابهة له. وتستعمل الأوراق الخضراء من هذه النبتة بطريقة المضغ في الفم مما يطلق محتواها من القلويدات. ويشعر الشخص بعد مضغها بالغبطة التي قد تصل إلى حد الشمق ويعود ثرثاراً مفرط النشاط إلى درجة الهوس. وقد حرمت كندا والولايات المتحدة هذه النبتة بعد أن تبين أن استعمالها المديد ينتهي إلى الاعتماد، وما ينتج منه من إهمال الشخص لواجباته العائلية والمهنية.

المذيبات الطيارة:

هي مجموعة من المواد الطبيعية أو الصنعية لها خاصية إذابة بعض المواد الأخرى وإطلاق أبخرة نتيجة لذلك ذات تأثير سيئ في الجملة العصبية المركزية، ومن هذه المواد البترول والمواد اللاصقة واللكر Laker ومزيلات طلاء الأظفار، وغاز البوتان ومنظفات الأحذية وغيرها. أما المركبات الفعالة في هذه المواد فأهمها: التولوين Toluene والأسيتون والكربوهدرات المهدرجة.

تستنشق هذه المذيبات عن طريق الأنف فتحدث تأثيرات آنية في الشخص، وقد تحدث تأثيرات دائمة في الذين يستنشقونها لمدة طويلة وبمقادير مفرطة. ويشيع استنشاق هذه المواد عند الأطفال والمراهقين بسبب توفرها بصفة قانونية في المنازل والمحلات التجارية، ولقلة كلفتها. وتشير الدارسات في الولايات المتحدة إلى أن ٢٪ من الذين أعمارهم بين ١٢- ١٧سنة كانوا يستعملونها باستمرار؛ وكان ٨٠٪ منهم من الذكور.

تمتص الأبخرة بسرعة عبر الرئة وتنتقل إلى الدماغ، وتظهر تأثيراتها بعد خمس دقائق وتستمر ما بين نصف ساعة إلى عدة ساعات. أما تأثيراتها فهي تشبه تأثير الكحول؛ أي إنها تثبط الجملة العصبية، بيد أن الجرعات الصغيرة منها تحدث الشمق والإثارة والإحساس بالسرور والثقة بالنفس وتخفف النواهي العصبية أو تزيلها، وهي التأثيرات التي من أجلها يتعاطى الأشخاص هذه الأبخرة، أما الجرعات العالية فتحدث أعراضاً شديدة كالأهلاس والتخليط والرنح Ataxia والاختلاجات والسبات والقصور التنفسي، وقد يحدث الموت المفاجئ إذا تم الاستنشاق في مكان ضيّق ومغلق.

تحدث معظم حالات تعاطي المذيبات قبيل بلوغ سن العشرين من العمر، ولا يؤدي التوقف إلى ظهور أعراض مزعجة؛ ذلك أن الاعتماد عليها اعتماد نفسي في جميع الحالات.

لا يحتاج تعاطي الأبخرة الطيارة معالجة طبية؛ إذ إن الأعراض تتراجع تلقائياً كما هي الحال في الانسحاب من الكحول؛ ولا حاجة إلى الاستشفاء إلا حين حدوث مضاعفات.

زياد درويش, صلاح شحادة

 

التصنيف :
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1047
الكل : 58492089
اليوم : 64603