logo

logo

logo

logo

logo

التهاب المعدة والأمعاء بالحمضات

التهاب معده وامعاء بحمضات

eosinophilic gastroenteritis - gastro-entérite éosinophile



التهاب المعدة والأمعاء بالحمِضات

جرير عبد الوهاب

متلازمة فرط الحمضات 

الموجودات النسيجية

دور الدراسة التصويرية

 

التهاب المعدة والأمعاء بالحمضات eosinophilic gastroenteritis (EG) اضطراب هضمي نادر يمكن أن يصيب كلاً من الأطفال والبالغين. وتختلف التظاهرات السريرية  الهضمية لهذا المرض تبعاً لاختلاف المنطقة المصابة من الأنبوب  الهضمي من جهة ولدرجة عمق الإصابة داخل جداره من جهة أخرى.

يحتاج تشخيص هذا المرض إلى براهين نسيجية تشريحية مرضية تثبت وجود ارتشاح بالخلايا الحمضة في جدار الأنبوب الهضمي أو وجود تراكيز عالية من هذه الخلايا في سائل الحبن. كما يحتاج دعم التشخيص أيضاً إلى استبعاد وجود مثل هذه الارتشاحات خارج أنبوب الهضم وإلى نفي الأمراض الأخرى التي قد تتظاهر بالطراز نفسه.

لمحة تاريخية 

وصف التهاب المعدة والأمعاء بالحمضات من قبل Kaijser عام 1937، ثم أضاف Klein بعد ذلك سبع حالات جديدة، وعرض مراجعة للمرض عام 1970. وقد قدم كلاهما تعريفاً لثلاثة نماذج من المرض اعتماداً على الأعراض السريرية، وربطا التظاهرات السريرية بموقع المرض في أنبوب الهضم وبدرجة عمق الحدثية المرضية داخل جداره، وأظهرا أن النماذج الرئيسية الثلاثة للمرض هي:

1- مرض تسيطر فيه إصابة الطبقة المخاطية لجدار الأنبوب الهضمي.

2- مرض تسيطر فيه إصابة الطبقة العضلية.

3- مرض تسيطر فيه إصابة الطبقة تحت المصلية.

الإمراض

إن الآلية الجزيئية المستبطنة للمرض غير معروفة، كما أن الإمراض والأسباب غير مفهومة تماماً، ولكن لوحظ ترافق التهاب المعدة والأمعاء بالحمضات لدى العديد من المرضى مع بعض الأمراض التحسسية: كالحساسية الفصلية أو الحساسية للطعام أو الإكزيمة أو الربو القصبي أو التأتب atopy أو ارتفاع مستويات IgE المصلية.

تشير هذه الموجودات إلى أن لاستجابة فرط الحساسية دوراً رئيساً في الإمراض، وتؤيد الدراسات الحديثة بقوة دور الحمضات والسيتوكينات (th2-cytokins)؛ ومنها: IL5-IL13,IL3 في إمراض التهاب المعدة والأمعاء بالحمضات وما قد يرافقه من اضطرابات تحسسية أخرى.

الوبائيات

التهاب المعدة والأمعاء بالحمضات مرض نادر، ومن الصعب تقرير نسب حدوثه، وقد سجل في الأدب الطبي أكثر من مئتين وثمانين حالة (280) منذ أن وصف المرض من قبل Kaijser.

يتظاهر المرض سريرياً وفي غالبية الحالات بين العقدين الثالث والخامس من العمر، ولكن يمكن حدوثه في أي سن.

الملامح السريرية

يتظاهر التهاب المعدة والأمعاء بالحمضات بأعراض هضمية مختلفة، ويرتبط شكل تظاهرات المرض بموقع الإصابة من جهة وبالطبقة النسيجية المصابة من جدار أنبوب الهضم من جهة أخرى: فأكثر أشكال المرض شيوعاً هو الشكل الذي تسيطر فيه إصابة الطبقة المخاطية، ويتظاهر بضياع الدم بالبراز، أو بسوء امتصاص وما يتلوه من فقر بالدم، أو باعتلال معوي فاقد للبروتين.

أما إصابة الطبقة النسيجية العضلية فتتظاهر بشكل انسداد مخرج المعدة أو بانسداد معوي تبعاً لموقع الإصابة.

أما إصابة الطبقة تحت المصلية فتتظاهر بشكل حبن حمضي. وقد يتظاهر المرض بشكل يرقان انسدادي، وقد يقلد بعض الحالات الجراحية كالتهاب الزائدة أو ورم المعثكلة.

التشخيص   

يحتاج وضع التشخيص إلى دليل نسجي يثبت وجود ارتشاح مهم للخلايا الحمضة في جدار الأنبوب الهضمي. ولما كان من الممكن أن تكون هذه الارتشاحات منتشرة أو بقعية أحياناً في توزعها فلابد من إجراء خزعات عديدة ومن مناطق متعددة تجنباً لفقدان التشخيص.

يظهر بزل البطن عند المرضى الذين لديهم مرض تسيطر فيه إصابة الطبقة تحت المصلية سائلاً عقيماً فيه تراكيز عالية من الخلايا الحمضة.

يشاهد عادة ارتفاع في مستويات الحمضات في الدم المحيطي، ولكن قيمة هذا الارتفاع معياراً تشخيصيّاً غير مؤكدة. ومن المهم استبعاد الأخماج الطفيلية أو الأمراض اللاهضمية المترافقة بارتفاع الحمضات في الدم المحيطي، ولكن لايمكن عدّ ذلك معياراً ضرورياً لوضع التشخيص.

التشخيص التفريقي

ينبغي تفريق الأمراض التي تترافق فيها الأعراض الهضمية بارتفاع نسب الحمضات في الدم المحيطي عن التهاب المعدة والأمعاء الحمضي. ويمكن عادة تمييز هذه الأمراض بسهولة بالفحوص البسيطة أو بالخزعات. ومن أهم الأمراض الواجب تفريقها:

الأمراض المعوية الطفيلية: كداء الصفر Ascariasis  وداء شعرية الذيل Trichiuriasis وداء الشعرينات Trichinelliasis وداء الأسطوانيات Strongyloidiasis وداء الشُّعّاريّات Capillariasis وداء المتشاخسات Anisakiasis وداء الملقوات Ancylostoma التي تسبب جميعها ارتفاعاً في تركيز الحمضات في الدم المحيطي، ويمكن تفريقها من التهاب المعدة والأمعاء بالحمضات بإجراء فحص متأن للبراز وكشف بيوض هذه الطفيليات.

في حالات نادرة يمكن لأدواء المعي الالتهابية كداء كرون أو التهاب القولون التقرحي أن يرافقهما ارتفاع في نسب الحمضات في الدم المحيطي، ويمكن استبعادهما بالدراسة النسيجية للخزعات.

أما متلازمة فرط الحمضات hypereosinophilic) HES - (syndrome : فهي مرض نادر مجهول السبب يتظاهر بالتهاب معدة وأمعاء وارتفاع هائل لتركيز الحمضات في الدم المحيطي يتجاوز أكثر من 1500حمضة/مل لأكثر من ستة أشهر متتالية. ومن الأعضاء التي يستهدفها هذا المرض: القلب والرئتان والدماغ والكليتان.

المظاهر التنظيرية endoscopic appearance

تتنوع المظاهر العيانية لالتهاب المعدة والأمعاء بالحمضات، ويمكن أن يشاهد فيها: مخاطية محمرة وهشة ومتقرحة عادة وأحياناً ذات مظهر حبيبي، كما يمكن مشاهدة التهاب معوي منتشر مع فقدان تام للزغابات المعوية، أو ارتشاح في جدر الأنبوب الهضمي أو وذمة تحت المخاطية أو تليف.

دور الخزعات role of biopsy

يتأكد تشخيص التهاب المعدة والأمعاء الحمضي بالدراسة النسيجية.

يمكن للتنظير الهضمي العلوي مع إجراء الخزعات من المعدة والأمعاء الدقيقة أن يكون مشخصاً للمرض في 80% من الحالات، ولكن يجب قطف الخزعات لا من المناطق التي تبدو شاذة عيانياً فحسب، بل حتى من المناطق التي تبدو سليمة عيانياً، أو بعبارة أخرى: إن وجود مخاطية سليمة أو طبيعية المنظر عيانياً لا ينفي بالضرورة وجود إصابة نسيجية مستبطنة للمرض.

ومن ناحية أخرى ومهمة وعندما لا تظهر الخزعات المتعددة شذوذات نسيجية فإن ذلك لا يعني استبعاداً لتشخيص التهاب المعدة والأمعاء بالحمضات. ويعود ذلك إلى إمكان وجود الإصابات بشكل بقعي في بعض الحالات.

الموجودات النسيجية histologic findings

يظهر التشريح المرضي النسيجي عادة وجود أعداد متزايدة من الحمضات في الصفيحة الخاصة تصل إلى أكثر من عشرين حمضة في الساحة المجهرية، وقد تسبب الارتشاحات الموضعة حدوث فرط تصنع في الأغوار أو نخراً بشروياً وضموراً للزغابات المعوية. وقد تشاهد رشاحات بالخلايا الناسجة أو فرط تصنع للعقد اللمفية المساريقية مع ارتشاحها بالحمضات.       

دور الدراسة التصويرية role of imaging study

قد يظهر تخطيط الصدى (الإيكو) أو التصوير المقطعي المحوسب سماكة في جدار الأنبوب الهضمي، وأحياناً ضخامات في العقد اللمفية الناحية. ولكن يمكن وجود مثل هذه التبدلات في أمراض أخرى كداء كرون واللمفومات والأمراض الحبيبية.      

المعالجة treatment

لا توجد دراسات معماة مستقبلية تتعلق بالمعالجة؛ ولذا فالمعالجة التخبُّرية empirical تعتمد على شدة التظاهرات السريرية:

ففي حال المرض الخفيف يمكن تطبيق المعالجات العرضية، أما بوجود أعراض أشد ودلائل لسوء الامتصاص فيجب اللجوء إلى معالجة أكثر هجومية.

تعدّ الستروئيدات القشرية أساس المعالجة لدى الأطفال والبالغين. وفترة المعالجة به غير مقررة، وينصح بالاستعمال اليومي للبردنيزون؛ إذ يؤدي إلى تحسن في الأعراض في أسبوعين من العلاج بغض النظر عن موقع الإصابة أو عمقها. ويختلف نهج المرض بعد حدوث التحسن بسبب المعالجة، ففي بعض المرضى تعود الأعراض في أثناء إعطاء الدواء أو مباشرة بعد إيقافه، وتحتاج هذه الزمر من المرضى إلى علاج صيانة طويل الأمد بجرعات منخفضة من البردنيزون 5-10ملغ/يومياً، أما عند بعضهم الآخر فلا يحدث نكس للأعراض.

قد يعاني بعض المرضى فترات اشتدادية للمرض بعد شهور أو سنوات من حدوث الهجمة الأولى، وهنا يمكن تدبيرهم بتطبيق معالجة قصيرة الأمد بالبردنيزون الفموي: 20-40ملغ/يومياً وسحب الدواء بسرعة.

تشير بعض التقارير إلى فائدة زمر دوائية أخرى في تدبير المرض وتوفير استعمال الستروئيدات، وتتضمن هذه الأدوية: مضادات الهستامين ومثبطات الخلايا الناسجة مثل: Sodium cromoglycate وKetotifen، والأدوية المضادة للحساسية والمثبطة لإنتاج السيتوكين؛ ومنها: Budesonide وSuplatast tosilate.

يمكن اللجوء إلى التداخلات الجراحية لتدبير الانسداد أو الانثقاب المعوي أو لأخذ خزعات من كامل ثخانة الجدار لوضع التشخيص.

 الإنذار

 يمكن للمرض غير المعالج أن يهدأ تلقائياً أو أن يتطور إلى سوء امتصاص شديد وسوء تغذية، ولكن الإنذار جيد عموماً.

نظرة مستقبلية

هناك حالياً عقاقير قيد الاختبار ومنها: الجزيئات اللاصقة الانتقائية للحمضات eosinophil selective adhesion molecules، وأضداد الإيوتاكسين الوحيدة النسيلة monoclonal eotaxin antibody، والأدوية المحرضة للموت الخلوي للحمضات eosinophil apoptosis. ومما يدعو إلى التفاؤل أن هذه الزمر من الأدوية ستكون أكثر فاعلية وسلامة للاستعمال.

 

 

علينا أن نتذكر

> إن التهاب المعدة والأمعاء بالحمضات مرض نادر، وقد تزايد كشفه حدثيةً مرضيةً مرافقة للحساسية، ويجب الشك فيه إن وجدت أعراض هضمية مترافقة وارتفاع نسب الحمضات في الدم المحيطي؛ ولاسيما عند عجز الفحوص المنوالية عن التفسير.

> يقود وضع التشخيص باكراً إلى نجاح المعالجة وتوفير تداخلات جراحية غير ضرورية. ولكن لابد من وجود برهان نسيجي لإثبات التشخيص. ويؤمل أن تتيح التطورات المستقبلية من تطوير طرق متابعة جيدة وغير هجومية.

> على ندرة هذه الحالة المرضية يتوجب على الممارس العام أن يبقيها ماثلة في ذاكرته؛ ولاسيما عند مواجهة مرضى يشتكون أعراضاً هضمية شائعة كألم الشرسوف والحرقة والقياء لا تستجيب، أو تنكس على العلاجات الشائعة الاستعمال في الممارسة العامة، أو يشتكون إسهالات معاودة أو مزمنة أو نوب انسداد أو تحت انسداد خاصة إن وجد لديهم بالفحوص المنوالية ارتفاع في نسبة الخلايا الحمضة في الدم المحيطي أو إن وجد في قصصهم السريرية ما يشير إلى تربة تحسسية أو شروية أو تأتبية مجموعية.

> ولنتذكر أن هذه الحالة تعنو للعلاج على نحو ممتاز، ولما كان دمغ التشخيص يحتاج إلى المداخلات التنظيرية وأخذ الخزعات فلابد من إحالة المرضى المشبوهين إلى اختصاصي بأمراض الهضم أو مركز مختص.   

 

 

 


التصنيف : أمراض المعي الدقيق والقولونات
النوع : أمراض المعي الدقيق والقولونات
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 243
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1044
الكل : 58491559
اليوم : 64073