logo

logo

logo

logo

logo

الأمراض النفسية

امراض نفسيه

-

 الأمراض النفسية

الأمراض النفسية

التشيخ المعرفي Cognitive ageing الذهان
الخرف: نظرة عامة الهذيان: التشخيص
الاحتجاز الإجباري والعلاج الاكتئاب: الملامح السريرية
 

التشيخ المعرفي Cognitive ageing:

القدرة المعرفية أو القدرة على التفكير هي ناتج لـ:

  • الذكاء الثابت fixed intelligence: هو نتيجة التفكير السابق في أثناء الحياة الذي ينمو مع العمر، وهو ما يعني "الحكمة".
  • الذكاء السائل fluid intelligence: هو معالجة المعلومات في الزمن الحقيقي، وهو يتناقص قليلاً مع تقدم العمر.

    تحدث مع تقدم العمر تغيرات بنيوية في الدماغ (ينظر تشيخ الدماغ والجملة العصبية ص١٨٩)، ولكن ارتباطها بالتغيرات المعرفية ارتباط ضعيف، ويتم الاحتفاظ بالأداء الفكري حتى عمر ٨٠ سنة ولكن تتباطأ معالجة المعلومات. تتضمن أسواء الأداء غير الخطرة: النسيان، نقص المفردات نقصاً طفيفاً، بطء التعلم مثل بطء تعلم اللغات.

    ويمكن بالتنبؤ بهذه التغيرات تدبير النتائج؛ مما لا يؤدي إلى نقص ملحوظ في مستوى الأداء.

    هناك ثلاثة عوامل تدعم تشخيص التقدم الطبيعي في العمر وتفريقه عن المرض:

  • القدرة على الاحتفاظ بالأداء في الحياة الطبيعية بالاستعانة ببعض الوسائل (القوائم caller أو جداول العمل..)؛ أو التكيف مع بيئة الشخص أو توقعاته.
  • التراجع البطيء والطويل المدى: خلال ١٠-٣٠ سنة مقارنة بالتراجع بمدة أشهر أو سنوات قليلة في حالة المرض.
  • انحطاط نسبي مثل الأكاديمي الذي لا يحتفظ بمكانته في اجتماع الخريجين.

    قصور الأداء المعرفي من دون الإصابة بالخرف:

    قصور الذاكرة المرتبط بالسن أو النسيان الحميد في المسنين

    Age-associated memory impairment (AAMI) or benign senescent forgetfulness يتعلم الأشخاص المسنون ويتذكرون المعلومات الجديدة على نحو أبطأ؛ ولكن لا يتغير أداؤهم مع الوقت. يتميز قصور الذاكرة المرتبط بالسن من القصور في الخرف بأن الأداء الشامل لا يتراجع في القصور المرتبط بتقدم السن، وعملياً فإن الشخص ينسى القليل جداً من المعلومات المهمة، ممّا يزعج المسن نفسه وليس أقرباءه (مقارنة بالخرف الذي يؤدي إلى قلق الأهل من دون اهتمام المريض).

    قد يتظاهر قصور الذاكرة المرتبط بالسن باكراً في سن (٤٠-٥٠ سنة) حين يزعج الأشخاصَ المرتفعي الفعالية تراجعٌ طفيف في سرعة تعلم أمور جديدة. وقد تتفاقم الحالة بقلق الأداء خالقةً بذلك حلقة مفرغة، وتُدعَم الذاكرة غالباً بوساطة خطط (استراتيجيات) نفسية.

    القصور المعرفي الأصغري أو القصور المعرفي وليس الخرف

    (minimal cognitive impairment (MCI) or cognitive impairment no dementia (CIND):

    يتجاوز القصور المعرفي هنا الذاكرة بمفردها، ويشير إلى حالة مرضية (تالية لمرض وعائي دماغي مثلاً)، ولكن المعايير الكاملة لتشخيص الخرف غير موجودة؛ فليس ثمة تأثير ملحوظ في الأداء اليومي.

    يحدث الخرف في المصابين بالقصور المعرفي في ٥٪ من الحالات (دراسات مجتمعية)، وفي ١٠٪ (دراسات في العيادات الخاصة بالذاكرة) سنوياً. ويكون التشخيص مهماً للأسباب التالية:

  • طمأنة المريض بنفي الإصابة بالخرف.
  • تعديل عوامل الاختطار (الأخطار) التي تؤدي إلى تزايد القصور.
  • مراقبة تراجع الوضع ليتم التداخل على الفور إذا تطورت الحالة إلى خرف.

    الخرف: نظرة عامة

    يُعرَّف الخرف بأنه:

  • تناقص مكتسب في الذاكرة والوظائف المعرفية الأخرى،
  • في شخص واعٍ؛ وليس هذيانياً،
  • شديد بما يكفي للتأثير في الحياة اليومية (المنزل والمجتمع والعمل).

    يجب توفر العوامل الثلاثة السابقة لوضع التشخيص.

    يزداد انتشار الخرف على نحو شديد (درامي) مع تقدم العمر. يبلغ الانتشار ١٪ في الأشخاص بعمر ٦٠-٦٥ سنة، ويزيد على ٣٠٪ في الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الـ ٨٥ سنة، إضافة إلى أن الخرف يصيب أكثر من ٥٠٪ من قاطني دور الرعاية.

    تتضمن متلازمات الخرف الكبرى:

  • الآلية المرضية المختلطة (ولاسيما ألزهايمر والخرف الوعائي) وتؤلف النمط الأكثر شيوعاً في دراسات ما بعد الوفاة.
  • الخرف من نمط ألزهايمر: يؤلف ٦٠٪.
  • الخرف الوعائي: يؤلف ٣٠٪.
  • أنماط أخرى من الخرف الناجم عن التنكس العصبي (١٥٪) مثل الخرف المرافق بأجسام ليوي، وداء باركنسون مع الخرف، وخرف الفص الجبهي.
  • الخرف العكوس (أقل من ٥٪) كالناجم عن الأدوية مثلاً؛ والاستقلابي؛ وإصابة تحت الجافية؛ وموه الرأس سوي الضغط.

    هناك العديد من حالات التشخيص السلبية الكاذبة أو الإيجابية الكاذبة. وقد لاينتبه للخرف الخفيف أو المتوسط بتحرٍ سريع غير موثَّق جيداً. وقد يشخص الخرف على نحو كاذب في أشخاص فاقدي القدرة على السمع؛ أو في الهذيانيين أو المكتئبين؛ أو فيمن هم تحت تأثير الأدوية.

    مؤشرات تدعو إلى التفكير بتشخيص الخرف:

    • الهذيان: هو كثير الشيوع في الخرف الكامن.
    • اتضاح القصور المعرفي الخفيف بعد وفاة الزوج أو الزوجة.
    • الانسحاب الاجتماعي.
    • طلب مساعدة الخدمات الاجتماعية.
    • الضعف في التزام الأدوية الموصوفة.
    • الأزمات (حريق، حادث سير).
    • حينما يتولى الزوج / أو العائلة مراقبة المريض والتحدث نيابة عنه.

    الخطة (الاستراتيجية) الوطنية للخرف في المملكة المتحدة

    نُشرت من قبل حكومة المملكة المتحدة عام ٢٠٠٩ التي وعدت بتركيز أكبر على تسريع خطوات التحسن في رعاية المصابين بالخرف، مما يدل على ازدياد اهتمام إدارة الصحة الوطنية NHS بتدبير الخرف.

    كيف ...... يُميز الخرف من الهذيان؟

    أكثر المسائل أهمية حين تشخيص المريض المسن المصاب بتخليط confusion هي ما إذا كان لديه هذيان فقط، أو خرف فقط، أو هذيان أضيف إلى خرف موجود سابقاً.

    ويتم التحقق من ذلك بدمج المعلومات عن التاريخ المرضي مع فحص الحالة العقلية والفحص الفيزيائي.

    يعدّ التاريخ المرضي مفتاح التشخيص، وتعدّ مدة الأعراض العامل الأهم. كما تساعد المعلومات المستقاة من السجلات الطبية ومقدمي الرعاية والعائلة على تحديد ما إذا كان الخرف موجوداً قبل الهذيان؛ متى كانت ذاكرته جيدة كذاكرة الآخرين؟ (الجدول ٩-١)

    الصفات

    الهذيان

    الخرف

    نمط البدء

    حاد أو تحت حاد

    مزمن أو تحت حاد

    القابلية للعكس

    عكوس غالباً

    عكوس نادراً

    التموج Fluctuation

    نهاري أو يتموج من ساعة إلى ساعة على نحو شائع.

    يكون التموج النهاري قليلاً، مع بعض التدهور مساءً (غروب الشمس). التموج من يوم إلى يوم شائع في خرف أجسام ليوي.

    ضعف الانتباه.

    موجود (لكن يتغير من ساعة إلى ساعة).

    في الخرف الشديد.

    مستوى الوعي.

    يتأثر الوعي، ولكنه قد يكون خفيفاً ومتغيراً.

    طبيعي.

    الصفات

    الهذيان

    الخرف

    الهلوسات وسوء التفسير.

    شائعة.

    تحدث في المراحل المتأخرة من المرض. تحدث الهلوسات البصرية باكراً في أثناء المرض ولاسيما حين تتموج الأعراض مما يشير إلى خرف أجسام ليوي.

    الخوف، الهياج، العدوانية.

    شائع.

    غير شائع في المراحل الباكرة.

    التفكير غير المنتظم، أفكار غير حقيقية.

    شائع.

    متأخر، فقر في الأفكار.

    العلامات الحركية.

    رعاش، رمع عضلي، لاثباتية شائعة Asterixis.

    متأخرة فقط.

    الكلام.

    قد تحدث رتة كلامية (عسر التلفظ)، خلل التسمية.

    طبيعي.

    خلل الكتابة.

    موجود غالباً.

    متأخر عادة.

    الذاكرة قصيرة الأمد وطويلة الأمد.

    ضعيفة.

    الذاكرة المديدة تبقى طبيعية حتى وقت متأخر من المرض.

    الجدول ٩-١: الصفات التي تميز الخرف من الهذيان

    الخرف: التقييم

    المكون الأهم في التقييم هو الحصول على المعلومات من كل من المريض أو العائلة أو الأصدقاء. يجب تسجيل موعد البدء وسرعة تقدم المرض والأعراض؛ والتركيز على القصة الدوائية مع ما قد يتضمنه ذلك من أدوية بلا وصفة طبيب وأدوية بهدف الترفيه كالكحول مثلاً؛ إضافة إلى السؤال عن التاريخ العائلي لخرف باكر أو تاريخ شخصي لمرض نفسي كالاكتئاب.

    يتناقص الأداء المعرفي بفترة سنوات عديدة ينتهي باعتمادية تامة وموت (بسبب التجفاف، سوء التغذية و/ أو إنتان دم).

    قد يكون تدهور الحالة:

  • مخاتلاً وتدريجياً كألزهايمر.
  • تدريجياً مما يدل على آلية مرضية وعائية (سكتة دماغية).
  • مفاجئاً: بعد سكتة وحيدة خطرة.
  • سريعاً خلال أسابيع / أو أشهر مما يشير إلى أن السبب دوائي أو استقلابي أو بنيوي (كالأورام).

    وتحدث الشذوذات في:

  • الاحتفاظ بالمعلومات الجديدة (المواعيد، الأحداث)، ويكون فقدان الذاكرة قريبة الأمد شديداً غالباً مع تكرار الأسئلة.
  • تدبير المهمات المعقدة (دفع الفواتير، طبخ وجبة للعائلة).
  • اللغة (صعوبة إيجاد الكلمة مع إسهاب، وعدم القدرة على متابعة المحادثة).
  • السلوك (هيوجية، عدوانية، فقر الدافع، التجول من دون هدف).
  • التوجه (كالضياع والتوهان في أماكن مألوفة).
  • التمييز أو الإدراك (الإخفاق في تمييز أحد المعارف في البدء، ثم الأصدقاء أو أعضاء العائلة البعيدين، ثم أفراد العائلة القريبين كالزوج مثلاً).
  • الاهتمام بالنفس (الاستحمام، ارتداء الملابس، الذهاب إلى الحمام).
  • التفكير المنطقي، فقر المحاكمة، سلوكيات غير معقولة أو غير مألوفة.
  • القدرة على تمييز المواد المألوفة والأشخاص والأماكن (العمه agnosiaالحسي).
  • القدرة على القيام بحركات معقدة متناسقة (تعذر الأداء apraxia).

    الفحص الفيزيائي

  • لتحديد الأسباب الممكنة لمتلازمة الخرف؛ متضمنة الأسباب القابلة للعكس.
  • البحث عن مرض وعائي (قلبي وعائي، وعائي محيطي أو وعائي دماغي)؛ مرض الدرقية؛ اعتلال عصبي؛ خباثات؛ تجفاف؛ باركنسونية؛ مرض كبدي: (كحولي).
  • في الخرف المتقدم من أي نمط: فحص المنعكسات البدائية (كالقبضة)، كما قد يحدث اشتداد المنعكسات المعمم مع انبساط الأخمصي.

    الحالة العقلية

  • استبعاد الهذيان: تتضمن صفات الهذيان: الهياج والتململ والانتباه الضعيف وتقلب حالات الوعي. (ينظر الصفحة ٨٢٠).
  • استبعاد الاكتئاب: تتضمن صفات الاكتئاب: الوجدان المنخفض والدافع الضعيف والمفاهيم السلبية. (انظر سلّم اكتئاب المسنين GDS، صفحة ٨١٥).
  • قياس الأداء المعرفي: قد يساعد الفحص المتسلسل في الحالات الحدّية: هل هناك دليل على تقدم الحالة وتطورها؟. يتوفر العديد من أدوات القياس مثل: MMSE،Mini - Cog، عدد الحيوانات المسماة خلال دقيقة، اختبار رسم الساعة (انظر صفحة٨٢٣).

    وقد يساعد التقييم العصبي النفسي الكامل (تفصيلي ومطول يقوم به اختصاصي نفسي مختص) على:

  • التمييز بين الخرف والاكتئاب.
  • التمييز بين الأنماط المختلفة من الخرف.
  • التمييز بين قصور الذاكرة المرتبط بالسن (AAMI) والخرف الباكر.
  • التمييز بين الخلل البؤري (متلازمات الحبسة أو النساوة) والخرف.
  • قياس التقدم والاستجابة للعلاج.

    التصريح بتشخيص الخرف:

    يجب أخذ كل حالة على نحو إفرادي، ولكن عموماً يجب أن يصرَّح بتشخيص الخرف لأنه:

    • يتفق مع حق المريض بأن يعرف حالته المرضية (الاستقلال الذاتي)، يصرح بعض الأشخاص المسنين برغبتهم في معرفة التشخيص.
    • يُسهِّل التخطيط من الناحية المالية والصحية والرعاية؛ مثلاً التوجيهات الاستباقية؛ سلطات الوكيل؛ تدابير المعيشة.
    • يسمح بالحصول على الموافقة على العلاج ويُسهِّل المشاركة في الأبحاث العلمية.
    • يسهل المناقشات بين المريض ومقدم الرعاية.

      ويتضمن الاعتراض على التصريح للمريض بحالته احتمال حدوث رد فعل اكتئابي، يزيده ما يلاحظ من عدم وجود معالجة فعالة. ويمكن خفض رد الفعل هذا إلى المستوى الأدنى بدعم متعدد الاختصاصات يركز على الحلول العلاجية الإيجابية المتوفرة.

    كيف.... يستقصى المريض المصاب بالخرف؟

    حالات الخرف العكوسة غير شائعة، ولكن تشخيصها أمر مهم ولاسيما أن العلاج الفعال قد يعكس القصور ويمنع تطور الحالة، فمن المفضل لذلك تقصي القابلية للعكس.

    اختبارات الدم

    الاختبارات التالية مفيدة على نحو عام: تعداد دموي كامل، عيار ﭭـيتامين ب ١٢، والفولات؛ والكلسيوم، اختبارات وظائف الكبد، اختبارات السكر العشوائي، سرعة التثفل، اليوريا والكرياتينين.

    تخطيط القلب وتصوير الصدر الشعاعي

    بحثاً عن دليل على مرض قلبي أو خباثات.

    التصوير العصبي

    وجوب خضوع كل شخص مصاب بالخرف لتصوير الدماغ أمر مختلف عليه، ويطلب التصوير في الحالات التالية:

    • البدء الباكر قبل عمر ٦٠ سنة.
    • البدء المفاجئ أو التراجع السريع.
      • خطورة مرتفعة لحالة مرضية بنيوية (كوجود سرطان، سقوط مع إصابة الرأس).
    • علامات أو أعراض بؤرية في الجملة العصبية المركزية.

      والتصوير المقطعي المحوسب هو الطريقة الأولى للاستقصاء في حالات الخرف، أما التصوير بالرنين المغنطيسي فإنه يحدد الأمراض الوعائية مع حساسية أعلى.

      نادراً ما يستخدم التصوير بالفوتون المقطعي المحوسب (SPECT) الذي يجري في المراكز الاختصاصية لزيادة الدقة في التمييز بين ألزهايمر والخرف الوعائي.

      اختبارات أخرى

      تخطيط الدماغ: يستخدم حين الشك في خرف الفص الجبهي أو مرض كروتزفيلد- جاكوب؛ أو في حالات النوب الصرعية الفعالة.

      البزل القطني: حين احتمال وجود خمج في الجملة العصبية المركزية.

      لا يغير تصوير الدماغ في معظم الحالات طريقة تدبير المريض اعتماداً على القصة المرضية وفحص المريض ونتائج الفحوص المخبرية. إذا كان المريض أو القائمون على رعايته قلقين على نحو خاص - ولاسيما من وجود ورم دماغي- فإن التصوير قد يساعد على تخفيف قلقهم؛ علماً أن الخرف لا يعدّ مرضاً حميداً.

    الخرف: الأمراض الشائعة

    مرض ألزهايمر (الخرف من نمط ألزهايمر)

  • هو السبب الأكثر شيوعاً لمتلازمة الخرف.
  • يتم التشخيص سريرياً بالاعتماد على التاريخ النموذجي للمرض؛ وفحص الحالة العقلية؛ والفحص الجسدي.
  • القصة المرضية: البدء المخاتل مع تطور بطيء على مدى سنوات. يبدأ في وقت مبكر خلل عميق في الذاكرة قصيرة الأمد، ثم الخلل المعرفي المعمم وتغير السلوك وقصور الأداء. تشيع المشكلات السلوكية وتحدث عادة في الحالات المتوسطة إلى الشديدة؛ ولكنها قد تسبق الخلل المعرفي أحياناً.
  • الفحص الفيزيائي: طبيعي.
  • التصوير العصبي: لا يظهر أسباباً أخرى للخرف كالأورام أو الاحتشاءات، وقد يظهر ضموراً غير متناسق في إنسي الفص الصدغي.
  • قد ينصح بالعلاج بمثبطات الأستيل كولين استيراز (انظر ص٢٧٠).
  • ألزهايمر الذي يبدأ قبل ٦٥ سنة من العمر غير شائع، ومكونه الوراثي أقوى، كما يتطور على نحو أسرع.

    الخرف الوعائي

  • يؤلف السبب الثاني الأكثر شيوعاً.
  • يفكر بالإصابة به حين وجود عوامل خطورة وعائية كالسكري وارتفاع الضغط الشرياني والتدخين والأمراض الوعائية الأخرى؛ مع وجود براهين داعمة إضافية من التاريخ المرضي والفحص والاستقصاءات.
  • القصة المرضية: قد يكون القصور المعرفي رقعياً مقارنةً بالقصور المنسق المشاهد في داء ألزهايمر. السكتة الدماغية ترافق غالباً بدء المرض، وقد يكون التراجع مفاجئاً أو متدرجاً، ومن غير الدقيق استخدام مصطلح "الخرف متعدد الاحتشاءات" مرادفاً للخرف الوعائي ويجب التشجيع على عدم استخدامه. من الشائع وجود التظاهرات خارج الهرمية والفصية الكاذبة والتظاهرات الناجمة عن إصابة الفص الجبهي والتقلب العاطفي (الانفعال)، ومن المظاهر الباكرة السلس البولي والسقطات غير المفسرة. أما التظاهرات الأخرى فقد تكون قشرية المنشأ (تحاكي داء ألزهايمر) أو تحت قشرية (مثل الاكتئاب، الخمول).

    الفحص الفيزيائي:

  • كثيراً ما يكشف آفة بؤرية تشير إلى السكتة أو داء الأوعية الدماغية (فرط المنعكسات، المنعكس الأخمصي بوضع الانبساط، المشية غير الطبيعية).
  • دلائل أخرى على وجود مرض وعائي مثل: الرجفان الأذيني، مرض وعائي محيطي.
  • يكشف تصوير الدماغ وجود:
  • احتشاءات متعددة بسبب انسداد الأوعية الكبيرة.
  • احتشاء وحيد خطر (مثلاً في المهاد).
  • احتشاءات في المادة البيضاء، أو تبدلات في المادة البيضاء حول البطينات.
  • قد تكون آفة الأوعية الدقيقةmicrovascular السبب في نسبة كبيرة من حالات الخرف الوعائي؛ لكن لا يمكن كشفها بتصوير الدماغ؛ وإنما تكشف بعد الوفاة بالفحوص الباثولوجية.

    التفريق بين ألزهايمر والخرف الوعائي

    قد تكون أهمية التفريق بين ألزهايمر والخرف الوعائي أمراً مبالغاً فيه؛ إذ تتداخل تظاهرات المرضين وتتماثل الموجودات الباثولوجية على نحو شائع. ويزيد الاعتقاد أن للكثير من الموجودات الباثولوجية في داء ألزهايمر مكوناً وعائياً.

    عملياً:

    • في الحالات التي توجد فيها عوامل الخطورة الوعائية / أو العلامات الوعائية أو الاثنان معاً يجب علاج عوامل الخطورة على نحو مكثف سواء مع وجود علامات مرضية وعائية واضحة في تصوير الدماغ أم مع غياب هذه العلامات.
    • يستحق الأمر محاولة العلاج بمثبطات أستيل كولين استيراز (فعالة في ألزهايمر ولكن البرهان على فاعليتها في الخرف الوعائي أضعف بكثير) حين وجود عوامل الخطورة الوعائية أو الأمراض الوعائية، ولكن مرض ألزهايمر هو البادي للعيان.

    الخرف والباركنسونية

    قد يعدّ الخرف مع أجسام ليوي وداء باركنسون مع الخرف حالتين متطرفتين، ففي داء باركنسون تسبق الاضطرابات الحركية القصور المعرفي وتكون أكثر شدة، وفي الخرف مع أجسام ليوي يسبق الخلل المعرفي والسلوكي التظاهرات الحركية ويكون أكثر شدة، ويعتقد بوجود باثولوجية مشتركة بين كل هذه الأنماط من المرض.

  • الخرف مع أجسام ليوي:
  • حالة من الخرف الذي يتطور تدريجياً مع بدء مخاتل.
  • توجد تموجات في الأداء المعرفي والوعي قصيرة المدى.
  • هلوسات بصرية أو سمعية واضحة مع زور وأوهام (ضُلالات delusions).
  • توجد الباركنسونية على نحو شائع ولكنها لا تكون شديدة.
  • تحمّل مضادات الذهان القديمة كالهالوبيريدول ضعيف جداً، وتقود إلى زيادة التخليط أو إلى تراجع الباركنسونية. أما بالنسبة إلى مضادات الذهان الحديثة كالريسبيردون risperidoneولاسيما الكويتابين quetiapine فقد يكون تحملها أفضل، ولكن ينصح بالحذر الشديد في استخدامها.
  • وقد يؤدي الليفودوبا أو شادات الدوبامين إلى ازدياد التخليط.
  • مضادات الكولين فعالة مثل rivastigmine ولاسيما للهلوسات والاضطراب السلوكي.

    يشترك الخرف مع أجسام ليوي والهذيان في بعض الصفات مثل: التموجات، وتأثير الأدوية، والمظاهر الذهانية والإدراكية.

    حين مقارنة المرضين يكون ما يلي حقيقياً في الخرف مع أجسام ليوي:

  • البدء مخاتل والتطور تدريجي.
  • ليس ثمة مرض مفاجئ كالخمج.
  • الهلوسات معقدة وليست نتيجة لسوء تفسير المنبهات.
  • الضلالات واضحة وقد تكون دائمة، وهي ضلالات سمعية أو بصرية.
  • غالباً ما يحدث الإغماء.
  • تؤدي مضادات الذهان إلى ازدياد شدة الأعراض.

    داء باركنسون مع الخرف:

  • يكون الأشخاص المصابون بداء باركنسون على درجة عالية من احتمال الإصابة بالخرف؛ ولاسيما المتقدمون في السن؛ والذين هم في المراحل المتأخرة من المرض؛ والذين يضطربون باستعمال أدوية باركنسون.
  • توجد الملامح الحركية النمطية لداء باركنسون؛ وقد تكون شديدة.
  • التظاهرات والإمراضية العصبية مختلفة، وقد تشبه مرض الزهايمر أو الخرف الوعائي مع أجسام ليوي.
  • بالتعريف: إذا وجدت ملامح داء باركنسون قبل الخرف بأكثر من سنة فإن التشخيص هو داء باركنسون مع الخرف؛ وليس الخرف مع أجسام ليوي.

    كما يتظاهر كل مما يلي في كلٍ من باركنسون والخرف: ضمور جهازي متعدد، شلل فوق نووي وتنكس القشر القاعدي.

    القصور المعرفي الأدنى في داء باركنسون

    (minimal cognitive impairment in Parkinson&https://mail.arab-ency.com.sy/medical/details/660/16#39;s disease):

    يصاب العديد من المصابين بداء باركنسون باختلالات معرفية خفيفة جداً وغير كافية لتبرير تشخيص الخرف؛ إذ من الشائع رؤية التفكير البطيء والخلل البصري وخلل في الانتباه والأداء التنفيذي.

    موه الرأس سويّ الضغط:

    يتظاهر موه الرأس سويّ الضغط تقليدياً بالثلاثي:

  • خلل المشية (واسعة متباعدة).
  • عدم استمساك البول.
  • قصور معرفي (تباطؤ نفسي حركي، خمول، اكتئاب ظاهري).
  • ويعاني أغلب المرضى المصابين بهذا الثلاثي مسببات أخرى؛ أو يكون لديهم مرض وعائي دماغي منتشر.

    التقييم:

    التصوير الدماغي:

  • يظهر أوعية دموية متضخمة لا تتناسب مع درجة الضمور الدماغي.
  • قد يظهر التصوير المجرى لأسباب غير مرتبطة بالحالة - مثل نوبة الإقفار العابرة TIA- أوعية متضخمة على نحو لا يتناسب مع درجة الضمور مما يشير إلى احتمال موه الرأس سوي الضغط. ويستبعد هذا الاحتمال في غياب الملامح السريرية لموه الرأس سوي الضغط، ويمكن طمأنة المريض.

    البزل القطني:

  • إجراء تشخيصي وعلاجي.
  • يجرى إذا أشارت الموجودات السريرية والشعاعية إلى وجود موه الرأس سوي الضغط.
  • يجب تقييم المشية والحالة المعرفية قبل الإجراء.
  • يكون الضغط الأولي طبيعياً في موه الرأس سوي الضغط.
  • يسحب ٢٠-٣٠ مل من السائل الدماغي الشوكي.
  • يجب تحري تحسن المشية والحالة المعرفية بعد ساعة إلى ساعتين.

    العلاج:

    التحويلة البطينية الصفاقية ventriculoperitoneal shunt فعالة في بعض المرضى؛ ولكن لا يستفيد منها جميعهم، وتساعد على تحسن المشية أكثر مما تفيد الحالة المعرفية. وهي إجراء ضخم تشيع فيه المضاعفات كالأخماج والنزف تحت الجافية، ويتطلب قرار تنفيذ هذا الإجراء:

  • تشخيصاً مؤكداً.
  • موافقة المريض ومقدم الرعاية.
  • تقييماً يدعم ارتفاع احتمال الإفادة.

    ويكون ارتفاع الفائدة أكبر في الذين:

  • يكون تاريخ المرض لديهم قصيراً: أياماً أو أسابيع.
  • لديهم سبب معروف: الرض أو النزف تحت العنكبوت.
  • مادة دماغية طبيعية بتصوير الدماغ.
  • ليسوا مصابين بأمراض أخرى مشاركة؛ ولاسيما الأمراض الوعائية الدماغية.
  • ويستفيدون من البزل القطني وإزالة كمية كبيرة من السائل الدماغي الشوكي.

    الخرف: الأمراض الأقل شيوعاً:

    خرف الفص الجبهي:

  • مرض عصبي تنكسي ذو بدء مخاتل وتطور بطيء (عدة سنوات).
  • التاريخ العائلي إيجابي في ٥٠٪ من الحالات.
  • غالباً ما يكون البدء باكراً (بعمر ٣٥-٧٥ سنة) وتسيطر الصعوبات السلوكية أو الصعوبات اللغوية، والنسيان متوسط، وتزول البصيرة insight باكراً، وقد تكون صعوبات العمل هي العلامة الأولى.
  • لا تقيس الأدوات المستخدمة للتقييم عادة (كفحص الحالة العقلية المصغر) فعالية الفص الجبهي.
  • المشكلات السلوكية أكثر شيوعاً؛ وتتضمن: إزالة التثبيط disinhibition، الصلابة العقلية، فقد المرونة، قصور الفعالية التنفيذية، انخفاض الاهتمام بالذات، والسلوكيات المتكررة.
  • أما خلل اللغة فقد يتضمن: صعوبة في إيجاد الكلمات، وصعوبة في التسمية أو في فهم الكلمات، وفقراً في المحادثة التلقائية أو إسهاباً.
  • ثم يصبح الخلل أكثر اتساعاً ومشابهاً لألزهايمر الشديد.
  • قد تظهر المنعكسات البدائية كمنعكس القبضة والمنعكس الراحي.
  • يُظهر التصوير العصبي ضموراً جبهياً وصدغياً.
  • يتظاهر خرف الفص الجبهي بطيف سريري واسع، وتتضمن الحالات الأكثر تحديداً ضمن هذا الطيف ما يلي:
  • تنكس الفص الجبهي: يكون التنكس الجبهي أكبر من التنكس الصدغي.
  • داء بيك Pick: مشابه لتنكس الفص الجبهي لكنه غير شائع. ترى أجسام بيك المدرسية (الكلاسيكية) بعد الوفاة.
  • داء العصبون الحركي (motor neuron disease-MND) مع الخرف: يحدث متأخراً في أثناء تطور داء العصبون الحركي.
  • الحبسة المترقية غير الطليقة وخرف دلالة الرموز semantic dementia والتنكس الصدغي.

    الخرف والخمج

  • عاد الإفرنجي العصبي للشيوع من جديد، ويجب إجراء الاختبارات المصلية للإفرنجي إذا كانت ملامح متلازمة الخرف غير تقليدية كالنوب الاختلاجية؛ أو حين توفر عوامل خطر الإصابة بالأمراض المنتقلة بالجنس (كالأمراض العقلية، سوابق إصابة أمراض أخرى منتقلة بالجنس، إدمان الكحول أو مواد أخرى). مع الإشارة إلى ضرورة أخذ الإيجابية الكاذبة في الاختبارات بالحسبان في العرق الكاريبي الإفريقي مع سوابق إصابة بالداء العليقي yaws؛ فإذا بدا أن وجود الإفرنجي العصبي محتمل يُبحث عن جدوى العلاج بالبنسيلين.
  • الخرف المرافق لـﭭيروس عوز المناعة المكتسب الذي يصيب المرضى الأصغر سناً، ويحدث متأخراً في أثناء سير المرض.
  • داء كروتزفيلد – جاكوب (CJD) Creutzfeldt – Jakob disease: هو خرف قشري سريع التطور يتواسط به البريون Prion. يظهر الفحص الفيزيائي وجود الرمع Myoclonus. ويحدث الذهان باكراً.

    التهاب الأوعية

  • يفكر فيه حين ارتفاع نسب الـ CRP/ESR مع عدم وجود أسباب أخرى أو مؤشرات بالتصوير المقطعي المحوسب وبالرنين المغنطيسي CT/MRI.
  • التظاهرات غير متجانسة، وتتضمن الخرف والهذيان.
  • يجب فحص المريض بحثاً عن بيِّنات على الإصابة بالتهاب الأوعية الجهازي.
  • تطلب الفحوص المصلية مثل "أضداد النواة"، وتجرى الاختبارات اللازمة على السائل الدماغي الشوكي لنفي الأخماج والخباثات.
  • ولأن العلاج ممكن فمن المهم التأكد من استقصاء جيد لهذا التشخيص.

    الخرف والأدوية/السموم

  • قد يحدث الخرف مع إدمان الكحول بعد سنوات عديدة من الشرب المفرط متظاهراً بخلل في الذاكرة القريبة الأمد.
  • الأدوية نفسية المفعول psychoactive قد تسبب متلازمة شبيهة بالخرف، وهي قابلة للانعكاس.

    الخرف: التدبير العام

    عموماً:

  • العمل على معالجة العوامل العكوسة التي تفاقم المرض والتي تكون عادة متعددة ولكنها صغيرة؛ كالإمساك، وفقر الدم الخفيف، والأخماج البسيطة، والتأثيرات الجانبية للأدوية.
  • علاج الاكتئاب، ومضادات قبط السيروتونين مفضلة أكثر من ثلاثيات الحلقة. إعادة التقييم المعرفي بعد ٢-٤ أشهر من بدء العلاج لتحديد ما إذا كان الخلل المعرفي ما يزال موجوداً.

    اجتماعياً:

  • تشجيع النشاطات العقلية والفيزيائية وما تتضمنه من النشاطات الاجتماعية كالنوادي.
  • خلق بيئة آمنة وراعية عادة ما تكون في منزل المريض.
  • تنظيم مقدمي الرعاية ليكونوا قادرين على المساعدة على نشاطات الحياة اليومية، ويحثون على تناول الأدوية وغيرها.
  • دعم مقدمي الرعاية:
  • الاستفسار عن الضغوط التي يعانيها مقدم الرعاية؛ والأعراض النفسية.
  • فترة توقف عن العمل للراحة من بضعة أيام إلى الأسبوعين.
  • زيارات دعم عائلية تقدم دعماً عاطفياً وعملياً.
  • جلسات خَدَمية مدتها ٢-٣ ساعات مرة أو مرتين في الأسبوع.
  • تثقيف المرضى والعائلات حول المرض وكيفية التكيف مع تظاهراته. يتضمن هذا بعض التعديلات الضرورية في بيئة المنزل ومعرفة كيفية التواصل والتفاعل مع المريض. تؤخِّر المشورة والدعم من حالات قبول المريض في دور الرعاية.

    عملياً:

  • اقتراح تداخلات بسيطة لتحسين التكيف (القوب coping (قائمة، أجندة..).
  • تبسيط عملية تناول الأدوية الموصوفة للمريض ووضعها بعلب خاصة بالجرعات لتسهيل المطاوعة. في المراحل المتقدمة من المرض قد تصبح الأدوية - كمضادات ارتفاع الضغط- بلا قيمة إن لم تصبح مؤذية.
  • دعم المريض والعائلة وتثقيفهما حول الأمور القانونية والأخلاقية:
  • قيادة السيارة.
  • الوصية.
  • سلطات الوكيل الدائم.
  • قد يكون من المناسب مناقشة مواضيع نهاية الحياة (التغذية المساعدة، الراحة مقابل إطالة الحياة).
     

    كيفية.... تدبير السائق المصاب بالخرف

    تتزايد خطورة حوادث السير والأذيات طرداً مع ازدياد شدة الخرف.

    ومن واجب السائق في معظم الدول إعلام السلطة المسؤولة عن منح الترخيص بالقيادة بالحالات الصحية المهمة التي يعانيها، مما قد يدعو السلطة إلى طلب المزيد من المعلومات من الفريق الطبي المشرف على المريض. ويجب تذكير المرضى ومقدمي الرعاية بهذه المسؤولية حين التشخيص.

    غالباً ما يكون من الصعب تقييم القدرة على القيادة لمريض غير مقبول في المستشفى أو بعد فحص طبي في العيادة، ففي بعض الحالات يكون واضحاً جداً تقدير قدرة المريض على القيادة سواء في المراحل الباكرة من القصور المعرفي أم في الخرف الشديد. أما في الحالات الأخرى من الخلل الخفيف إلى المتوسط فقد تكون البيّنات التالية مفيدة:

    • تقارير عن مشكلات في القيادة (حوادث سير أو أخطاء)، هل يقلق الأصدقاء/ أفراد الأسرة من الجلوس في المقعد جانب السائق؟ هل حاولوا تقييد قيادة المريض أو تقليلها؛ أو منعه منها وأخفقوا في ذلك؟
    • تقارير عن تغير نماذج القيادة للشخص نفسه وعن الأسباب. هل أصبحت الرحلات مؤخراً مختصرة وغير متكررة ومقتصرة على الطرق المحلية؟
    • أدلة سريرية على خلل كبير في الأداء الإبصاري الفراغي أو الانتباه أو القدرة على المحاكمة. وعموماً فإن مزيجاً من مكونات صغيرة جداً قد يكون بالغ الأهمية.
    • وجود قصور غير معرفي (بصري، حركات المفاصل) أو أوضاع أخرى قد تؤثر في سلامة القيادة (نوب مرضية، إغماء....).

      ويجب تقييم كل حالة على نحو متكرر؛ إما خلال فترات منتظمة وإما حين وقوع الحوادث. والتقييم الأفضل للقدرة على القيادة يكون من قبل شخص مختص بهذا التقييم وضمن سيارة المريض نفسه على الطريق العام. يكون هذا الشخص المحترف معالجاً مهنياً عادة وقادراً على تقديم الرأي الموثوق؛ إضافة إلى النصائح المناسبة للشخص المصاب بالقصور المعرفي أو الفيزيائي.

      وعموماً فإنه:

    • يفضل إجماع الرأي من قبل المريض والعائلة والطبيب على أن التوقف الطوعي عن القيادة أمر منصوح به؛ إذ إن سحب رخصة القيادة قسرياً بوساطة السلطات قد يخلق غضباً وضيقاً شديدين.
    • من الأفضل مناقشة القضية في المراحل الأولى من المرض حين يكون المريض محتفظاً بقدر جيد من البصيرة.
    • إذا كانت القيادة آمنة حتى مرحلة النقاش ينصح بالتفكير للمستقبل؛ إذ سيأتي وقت يصبح من غير الممكن بعده الاستمرار بالقيادة، فهل ستكون وسائط النقل المحلية كافية؟
    • نادراً ما يستمر المريض بالقيادة حين فقد الأمان الواضح على الرغم من إبلاغه بوجوب التوقف. في معظم الحالات تكون الإفادات التي تدعم خطورة الوضع الطبي والتهديد بإبلاغ السلطات عن الوضع الطبي للمريض كافية لحثه على التوقف عن القيادة، وإذا استمر المريض بالقيادة فإن من واجبات الطبيب إعلام السلطات بوضعه، وتدعمه العائلة عادة في هذا الموقف.

    الخرف: تدبير الاختطار وسوء المعاملة

    يعدّ تدبير الاختطار جزءاً أساسياً من الرعاية.

  • هل هناك من خطر أن يؤذي المريض نفسه أو الآخرين؟
  • ما مدى شدة الاختطار، ما المدة المتوقع تعرض المريض أو الآخرين للخطر خلالها؛ وما مدى شدة النتائج المتوقعة؟
  • لا يمكن وصف شيء بأنه "آمن" بل هو أكثر أمناً. يتطلب تدبير الاختطار توازناً دقيقاً بين الاستقلالية الذاتية/ نوعية الحياة وبين الأمان:
  • السقطات falls: غالباً ما يكون الانتقال من المنزل الشخصي إلى مؤسسات الرعاية هو السبب؛ إذ إن الإشراف أبعد من أن يكون مستمراً في أي مؤسسة، كما أن البيئة لا تكون مألوفة ولا تكون الأرضيات مغطاة بالسجاد.
  • التجول: يزعج عادة مقدمي الرعاية أكثر من تمثيله عامل اختطار للمريض.
  • الاعتداء من قبل المريض على الأهل أو مقدمي الرعاية (الرعاة): يكون لفظياً لكنه قد يكون أحياناً جسدياً أو جنسياً، وقد يؤدي إلى رفض مقدم الرعاية العمل مع المريض.
  • الاعتداء على المريض من قبل الرعاة أو أفراد العائلة: ليس من السهل إثبات ذلك؛ إذ قلّ أن يشكو المريض ذلك بسبب خوفه أو بسبب بعض المشاكل المعرفية. يجب الاهتمام بالأمر إذا كان هناك سقطات غير واضحة السبب أو نماذج غير مألوفة من الكدمات.
  • عدم الاهتمام بالذات: غالباً ما ينكره المريض، وقد يتظاهر بنظام غذائي فقير؛ وضعف الاهتمام بالنظافة.
  • خطر إشعال حريق: من السهل التحكم فيه من خلال إبعاد كل ما قد يسبب الحريق من تجهيزات.
  • القيادة: العودة إلى ما ذكر سابقاً حول الموضوع ص٢٦٥.
  • سوء المعاملة مالياً:
  • السرقة أو الاحتيال.
  • تغيير الوصية.
  • سوء استخدام نقود المريض أو تحويلها.

    ومع تحديد طبيعة الخطر وقوته يفضل توجيه السؤالين التاليين: هل من الممكن تقليل الاختطار؟ هل من الواجب تقليل الاختطار؟

    يجب التأكد ما إذا كان المريض مؤهلاً (كامل الأهلية) لاتخاذ القرارات فيما يخص عوامل الخطر؛ وإلا وجب العمل بالطريقة التي توفر مصلحة المريض.

    إذا كان من الممكن تقليل الاختطار من دون التأثير في استقلالية المريض أو استمتاعه بالحياة وجب البدء بالعمل.

    أما إذا كان تقليل الاختطار يتضمن تحديداً للحرية أو تقييداً للاستمتاع بالحياة فيجب أخذ ما يلي في الحسبان:

  • إذا كان المريض مؤهلاً فما هو موقفه من الاختطار؟
  • إذا كان المريض غير قادر على التعبير عن موقفه فما الذي كان عليه موقفه من هذا الأمر قبل المرض؛ وما المتوقع أن يكون عليه الآن؟
  • ما هي وجهات نظر مقدمي الرعاية؟

    ويبدأ النقاش حول الاختطار مع المريض حين يلاحظ بعضهم (مقدمو الرعاية والأقارب والقائمون على معالجة المريض) أن بقاءه في منزله أصبح غير آمن، ويجب أن يتم التقييم هنا على عدة مستويات واختصاصات لتحديد ما إذا كان الانتقال إلى دور الرعاية سيؤدي إلى تغيير نمط الاختطار فقط من دون تقليله عموماً.

    الخرف: الوقاية

    التداخلات على نمط الحياة:

  • النشاط الفيزيائي: قد لا يساعد النشاط الفيزيائي على الوقاية من الخرف؛ لكن يجب تشجيعه لأسباب أخرى.
  • النشاط المعرفي: توحي دراسات الملاحظة observational studies أن القراءة واللعب وغيرها تكوّن عوامل وقاية، ولكن لا توجد دراسات معشاة جيدة حول الموضوع.
  • الحمية: تقترح دراسات الملاحظة كذلك الفائدة من حمية غنية بزيت السمك، ولكن ليس هناك برهان على ذلك.

    الأدوية:

  • المعالجة الهرمونية المعيضة (HRT) hormone replacement therapy: تختلف البيانات بين الدراسات الوبائية والدراسات الاستباقية، ففي إحدى الدراسات الاستباقية رفع العلاج الهرموني المعيض اختطار الإصابة بالخرف إلى الضعف. فلا يمكن لذلك النصح به للوقاية.
  • استخدام مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية: بينت دراسات استباقية أن لاستعمال مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية) (NSAID non-steroidal anti-inflammatory drug استخداماً طويل الأمد تأثيراً واقياً من الإصابة بالخرف؛ ولاسيما حين تستخدم عدة سنوات قبل بدء ظهور أعراض الخرف، وقد تعمل هذه المركبات بطريق إنقاص تشكل الأميلويد Amyloid. وربما كان هذا التأثير نوعياً في بعض أنواع مضادات الالتهاب فقط (مثل إيبوبروفين Ibuprofen). ويجب أن تؤخذ التأثيرات الجانبية في الحسبان حين الاستخدام طويل الأمد.
  • مضادات الأكسدة: ترافق الحميةَ العالية بمضادات الأكسدة (فيتامين E وفيتامين C) انخفاض اختطار الإصابة بالخرف. وتنصح بعض الدراسات في الزجاج in vitro وبعض الدراسات الباكرة في أمراض الدسام التاجي في القلب بجرعات عالية من الفيتامين E.
  • مضادات ارتفاع الضغط: لا يعدّ الخرف وحده سبباً كافياً لخفض الضغط.
  • الستاتينات Statins: يرافقها انخفاض تواتر الخرف، ولكن ذلك قد يكون زائفاً نظراً للانحياز في وصف الدواء (مثلاً لا يفضل الأطباء وصف الدواء للذين يعانون قصوراً معرفياً تحت سريري).

    وعلى نحو عام هناك القليل جداً من الدراسات المعشاة عالية الجودة التي تبحث في الوقاية الأولية من الخرف. وفي الممارسة العامة ينصح بتشجيع النشاط العقلي والجسدي (من مبدأ أستخدمه أو أخسره) وخفض الضغط الشرياني المرتفع، كما يُنصح بجرعات قليلة من الأسبرين للذين يحملون اختطاراً عالياً للإصابة بمرض وعائي. يعالج بعض الأطباء الاختطار العالي لداء ألزهايمر بمضادات الالتهاب اللاستيروئيدية وبمضادات الأكسدة، لكن ذلك غير منصوح به لما أثبتته بعض الدراسات المعشاة من أن الفائدة الموعود بها قد تكون مؤذية للمريض.

    في الخرف الوعائي هناك برهان ضعيف على فائدة خفض العصيدة الشريانية، ولكن يُعمد في الممارسة العامة إلى تعديل عوامل الاختطار الوعائية حين وجودها. أما الذين يشير برهان سريري أو شعاعي إلى إصابتهم بالسكتة أو الحوادث الوعائية الدماغية فيجب وضعهم تحت إجراءات التدبير المعتادة.

    الخرف: مثبطات الأستيل كولين استيراز

    كانت مثبطات الأستيل كولين استيراز التي صدرت عام ١٩٩٧ الدواء الأول الذي ثبتت فعاليته في تحسين الحالة المعرفية في بعض المرضى. تعمل هذه المركبات على إحصار الأستيل كولين استيراز الذي يحطم الأستيل كولين الذي يشكل ناقلاً عصبياً مهماً للذاكرة.

    الفعالية:

    ليست مثبطات الأستيل كولين استيراز الدواء المعجزة، ولها استجابات متنوعة جداً:

  • تفيد على صعيد الأعراض في زيادة القدرة المعرفية مرة واحدة، في حين يستمر المرض الأساسي في التقدم. ويؤدي إيقاف الدواء إلى تظاهر الأعراض بالشدة المفترضة فيما لو لم يكن المريض يتناول الدواء.
  • ولما كان الخلل الكولينرجي كبيراً في كل من داء ألزهايمر والخرف بأجسام ليوي وداء باركنسون مع الخرف؛ فإن أنماط الخرف هذه هي المتعارف عليها في ارتفاع مستوى الاستفادة من مضادات الأستيل كولين استيراز.
  • لا يبدي نحو نصف المرضى أي تحسن؛ في حين تبدي نسبة ضئيلة تحسناً متوسطاً (تعود عقارب الساعة إلى الخلف بضعة أشهر)، وهناك تحسن مهم في جزء صغير من المرضى.
  • تسوء القدرة المعرفية في بعض المرضى، أو قد يبدأ الهياج الذي قد يكون مؤقتاً أو ناجماً عن استخدام الدواء.
  • ركزت الدراسات الباكرة على التأثير المعرفي وهو متواضع عملياً. وعلى كل فإن التحسن الصغير معرفياً قد يترجم بتحسن نوعي في نمط الحياة اليومية وبتقليل العبء الذي يتحمله مقدم الرعاية (نحو ٣٠ دقيقة يومياً في الخرف المتوسط الشدة).
  • تشير بعض الأبحاث إلى أن مثبطات الأستيل كولين استيراز قد تؤخر الحاجة إلى قبول المرضى في دور الرعاية.
  • ثبتت الفائدة من هذه المركبات في الخرف الخفيف والمتوسط وليس في الخرف الشديد. وتدعم التوجيهات العلاجية الحديثة (٢٠١١) استخدامها في هذين الشكلين من الخرف.

    اختيار الدواء:

    مثبطات الأستيل كولين استيراز المتوفرة حالياً هي:

  • دونبيزيلdonepezil ٥ ملغ مرة يومياً ترفع إلى ١٠ ملغ مرة يومياً بعد أربعة أسابيع.
  • غالانتامين galantamine ٤ملغ مرتين يومياً ترفع إلـى ٨ ملغ مرتين بعد أربعة أسابيع وإلـى ١٢ملغ مرتين يومياً بعد ثمانية أسابيع.
  • ريـﭬاستيغمين rivastigmine ١.٥ملغ مرتين يومياً ترفع حداً أقصى إلـى ٦ملغ مرتين يومياً في ١٢ أسبوعاً.

    من الصعب اختيار الدواء المناسب بسبب قلة الدراسات المقارنة. كما تبدو الفعالية متماثلة على نحو واسع ويتخذ القرار بناء على التكلفة وخبرة الفريق. ويزداد الدليل على قائدة الدونبيزيل أكثر في داء ألزهايمر مع تأثيرات جانبية أقل من الريـﭬاستيغمين الذي يفيد في خرف أجسام ليوي أكثر، إضافة إلى أن الدليل على فعالية مثبطات الأستيل كولين استيراز أقوى في داء ألزهايمر وخرف أجسام ليوي وأضعف في الخرف الوعائي.

    كيفية المعالجة بمثبطات الأستيل كولين استيراز

    إن وصف مثبطات الأستيل كولين استيراز ومراقبته عمل اختصاصي يقوم به فريق مختص بالصحة النفسية والعقلية للمسنين أو مختصون بعلاج المسنين أو أطباء عصبيون يعملون في عيادات خاصة بالذاكرة.

    لا يُحبذ البدء بوصف مثبطات الأستيل كولين استيراز في المرضى المقيمين في المؤسسات أو المقيمين في مراكز تأهيلية؛ وذلك لأن تأثيرات تغيّر البيئة والمرض الجسدي أو الأدوية الأخرى قد تطغى على تأثير المثبطات، فمن المفضل البدء بمثبطات الأستيل كولين استيراز حين يكون المريض لا يزال معافى جسدياً ويعيش في منزله.

    أما حين استخدامها لعلاج الاضطرابات السلوكية أو القصور غير المعرفي (مثل الهلوسات) فمن الممكن البدء بها على نحو ملح في ظروف المؤسسات.

    قبل العلاج:

    • يجب أخذ الأخطار والفائدة النسبيين في الحسبان ومناقشتهما مع المريض ومقدم الرعاية.
    • التثقيف لمعرفة أن الأدوية لا تقدم الشفاء؛ ومن المنطقي تأجيل وصفها حتى تسوء الأعراض.
    • التأكد من كيفية توفير الانسجام.
    • التحقق من مضادات الاستطباب: الحصار القلبي أو بطء القلب.

    تجربة العلاج:

    • هناك تأثيرات جانبية نوعية؛ إذ تشيع الأعراض المعدية المعوية (غثيان، إسهال، قمه). تتظاهر هذه الأعراض في مرحلة رفع مقدار الجرعة ولا تدوم طويلاً.
    • يجب أن يعطى الدواء فترة علاجية بدئية مدة ٢-٣ أشهر، وحين عدم ظهور فائدة عند الجرعة العليا المحتملة يجب وقف الدواء، وغالباً ما تكون الفائدة محدودة جداً إذا جرب مثبط ثانٍ بعد إخفاق الأول.

      تقييم تأثير الدواء بـ:

    • التقييم الشخصي الشامل للطبيب المستند إلى الاجتماع بالأقرباء أو بمقدمي الرعاية والملاحظات السريرية المتلاحقة.
    • نتائج الاختبارات المعرفية كفحص الحالة العقلية المصغرMMSE واختبار رسم الساعة.

    الاستمرار بالعلاج:

    • إذا تحسنت الأعراض يجب الاستمرار بالعلاج عند الجرعة التي بلغها.
    • يمكن استخدام الدواء لوقت غير محدد، ولكن يجب سحبه على دفعات (خلال ١٨ شهراً) لتقرير ما إذا كان التأثير مستمراً. إذا تراجعت حالة المريض مباشرة بعد سحب الدواء (مدة أسابيع كان ذلك ناجماً عن سحب الدواء وليس عن تقدم المرض) فيعاد البدء بالدواء من جديد. والدليل على فعالية الدواء في الخرف المتقدم ضعيف، كما يتم عادة سحبه عند هذه المرحلة من المرض.
    • لما كانت هذه الأدوية توصف لعدد أكبر من المرضى في مراحل مبكرة؛ فإن المراقبة تقع أكثر على عاتق مقدمي الرعاية الصحية الأولية.

    الخرف: العلاجات بالأدوية الأخرى

    ميمانتين memantine

  • هو حاصر مستقبلات ن- ميتيل –د- اسبارتات NMDA) ( N-methyl-D-aspartate التي قد تُنقص من هدم العصبونات الكولينرجية المتواسط بالغلوتامات.
  • يفيد في الخرف الشديد من نمط ألزهايمر أو الخرف الوعائي؛ إضافة إلى الخرف مع تظاهرات سلوكية.
  • ينصح به لداء ألزهايمر المتوسط الشدة الذي لا يحتمل المريض فيه مثبطات الأستيل كولين استيراز؛ وللخرف الشديد.
  • جيد الاحتمال. تشمل التأثيرات الجانبية غير الشائعة الهلوسات وازدياد التخليط.
  • يجب تجنبه في الفشل الكلوي الشديد.
  • يعزز الميمانتين عمل الليفودوبا وشادات (ناهضات) الدوبامين.

    أدوية أخرى لمنع تقدم المرض:

    لم تثبت قدرة أي دواء على إبطاء تقدم المرض أو إيقافه، وعلى الرغم من أن الخرف ينظر إليه بوصفه شيئاً كارثياً فإن الأمور التالية تستخدم عادة:

  • الوقاية الوعائية الثانوية كالأسبرين مثلاً وخافضات الشحوم ومضادات ارتفاع الضغط: بالنسبة إلى المرضى المصابين بالخرف الوعائي والخرف المختلط (ألزهايمر- وعائي) تعد الأدوية المعالجة للسكتة والمعدلة لعوامل الاختطار منطقية لكن لا برهان عليها. هناك براهين للوقاية الأولية كما عند أولئك المصابين بارتفاع الضغط.
  • تستخدم الجرعات العالية من ﭬيتامين E على نحو واسع من قبل المرضى ويدعمها بعض الأطباء، ولكن البرهان الحديث قليل الإقناع على فائدتها في الوقاية الأولية أو إبطاء التقدم. وبالتوافق مع الدراسات الحديثة التي تشير إلى عدم وجود فائدة في علاج أمراض القلب الوعائية يصبح من غير المنصوح به العلاج بجرعات عالية من ﭬيتامين E.
  • جينكو بيلوبا Ginkgo biloba: هو مركب يستخدمه المصابون بقصور ذاكرة أو خرف لتعزيز الذاكرة وفعاليات معرفية أخرى، ولكن فوائده غير مدعومة بدراسات مقنعة.

    إن هذه المواد غالية الثمن ومتفاوتة في الفعالية ولها تأثيرات مضادة للصفائح الدموية؛ لذلك فإن الحذر مطلوب عند استعمالها مع مضادات التخثر.

    كيفية ..... تدبير المرضى المصابين بالخرف في المستشفيات

    • من الضروري الحذر من التراجع الذي قد تسببه الأدوية؛ إذ قد يقود تدهور خفيف في السلوك في مريض مصاب بخرف متوسط إلى الحاجة إلى القبول في المستشفى، ومع فقدان النظام (الروتين) المألوف والبيئة الفيزيائية ومقدمي الرعاية قد يزداد خلل السلوك، مما يحتاج إلى وصف المهدئات فيزداد بذلك التخليط.
    • يشغل المصابون بالخرف أكثر من ربع الأسِرَّة في مستشفيات المملكة المتحدة. ويقيم هؤلاء المرضى في المستشفيات فترات أطول مما يقيم المرضى بحالات مرضية مشابهة ولكن من دون خلل معرفي، كما أن المصابين بالخرف يغادرون المستشفى بحالة جسدية ونفسية أسوأ مما كانوا عليها حين قبولهم.
    • إذا كان الوضع ملائماً يفضل تدبير المريض في المنزل مع زيارات طبية مختصرة خارج المستشفى على أن تكون شاملة حين الشك في وجود مشاكل عضوية. قد يكون الاختصاصيون الخارجيون متوفرين لتجنب دخول المستشفى غير الضروري.
    • حين يتطلب الأمر القبول في المستشفى فمن المفضل أن يكون مباشرة في جناح مختص وذي خبرة في التعامل مع المصابين بخلل معرفي.
    • يجب أن يحاول التقليل قدر الإمكان من اضطراب التوجه بـ:
    • تجنب القبول والتغيير في جناح المرضى في أثناء الليل.
    • تجنب تغيير الجناح أو تغيير الموقع ضمن الجناح على نحو متكرر.
    • توفير غرفة هادئة مع نوافذ كي يتمكن المريض من رؤية ضوء النهار).
    • التقليل من مشتتات الذهن إلى الحد الأدنى (مثل إطفاء أجهزة الراديو/والتلفاز).
    • وضع ساعات و"أجندات" ظاهرة.
    • إيضاح مكان الخدمات كالحمامات، وغالباً ما تكون الصور أفضل.
    • اتباع نظام ثابت في الجناح.
    • تقييد زيارات العائلة غير الضرورية.
    • يجب التحقق على نحو فعال من الأعراض كالألم وقصور التنفس التي قد لا يتمكن المريض من وصفها تلقائياً ومعالجة هذه الأعراض.
    • تدبير تمريضي جيد للتغذية والإماهة وتجنب الإمساك وأماكن الضغط وتجنب السقطات Falls.
    • حين يتطلب استخدام الأدوية نفسية المفعول تستخدم فترات قصيرة؛ مع الانتباه على أن التهدئة التي تحدثها هي تأثير جانبي وليست الفائدة المرجوة منها؛ وهي تعديل السلوك.
    • تخصيص وقت كافٍ للتواصل مع المرضى وأسرهم.
    • تجنب الإقامة الطويلة بتخطيط فعال للخروج باكراً من المستشفى.

    الخرف: تدبير الاضطرابات السلوكية

    تتضمن الاضطرابات السلوكية: الهياج، القلق، التجول، الهيوجية، الرهابات، العدوانية، سلوكيات غير مقبولة اجتماعياً (إزالة التثبيط الجنسي، تبول غير مناسب)، الهلوسات، الضلالات.

    وتشيع هذه الأعراض في الخرف بما فيه ألزهايمر، وقد تتظاهر باكراً. وغالباً ما تقود الاضطرابات السلوكية إلى القبول في المؤسسات أكثر مما يقود القصور المعرفي، لذا فإن تدبيرها على نحو ناجح قد يسمح للمريض بالبقاء في منزله.

    عموماً:

  • يفكر باحتمال مساهمة مرض حاد كالإنتان sepsis أو الألم (كالحصار البولي) أو التغيرات في العلاج الدوائي (كمضادات الكولين)؛ ولاسيما إذا كان تطور الاضطرابات السلوكية سريعاً.
  • يجب الانتباه على أن العدوانية أو الهياج هي تظاهرات للاكتئاب (يفكر في مثبطات إعادة قبط السيروتونين للعلاج) أو للخوف (الذي يمكن التعامل معه بتقديم الرعاية بطريقة لطيفة من قبل أشخاص مألوفين).
  • قد لا تكون هناك حاجة إلى الأدوية إذا كانت الأعراض عابرة؛ ولا تسبب ضيقاً للمريض؛ ولا تهدد الاهتمام بالمريض في البيئة الحالية.

    التدبير غير الدوائي:

    يفضل التدبير الدوائي كما أنه قد يكون كافياً:

  • تجنب المحرِّضات.
  • العلاجات الفعالة كالموسيقا، التمارين، الحيوانات الأليفة، العلاج بالروائح، العلاج بالفنون.
  • يجب أن تكون البيئة المحيطة مشابهة لبيئة المنزل مألوفة ومثيرة للاهتمام.
  • قد تقلل النشاطات من الملل والتجول والعدوانية.
  • قد تقلل الطمأنة والتسلية من الهلوسات والضلالات.
  • قد يستجيب القلق للاسترخاء أو لمناقشة مسببات القلق.
  • ويجب أن يكون فريق العلاج النفسي للمسنين قادراً على توفير النصح اللازم.

    العلاج الدوائي:

    العلاج الأمثل هو ذاته الذي كان فعالاً سابقاً للشخص المصاب بالمرض.

    للهياج والقلق والهيوجية:

  • البنزوديازبينات كاللورازيبام مفيدة غالباً؛ لكن يجب تجنب الاستخدام الطويل الأمد بسبب التأثيرات الجانبية والاعتماد.
  • إذا كان الاكتئاب جلياً يعطى أحد مضادات إعادة قبط السيروتونين SSRI كالسيتالوبرام citalopram.
  • إذا أخفق هذا الحل أو ظهرت تأثيرات جانبية كفرط التهدئة فمن الممكن وصف مضاد ذهان غير تقليدي كالكويتابين quetiapine؛ ولكن يجب الانتباه لتجنب إعطاء مضادات الذهان غير التقليدية، وإذا كان استخدامها ضرورياً فيفضل استخدام الجرعة الدنيا أقصر وقت ممكن. ومن النادر مؤخراً وصف الريسبيردون risperidone والأولانزابين olanzapineلارتفاع خطورة السكتات وداء الإقفار القلبي IHD والموت.
  • أما الهالوبيريدول والفينوثيازينات فهي بطيئة التأثير وذات تأثيرات جانبية كثيرة؛ لذا يجب تجنبها حين غياب الأعراض الذهانية.
  • من الممكن استخدام الميمانتين Memantine ذي التأثير الجيد في الهياج الشديد.

    أما من أجل الأعراض الذهانية المعقدة problematic كالهلوسات والضُلالات والزَوَر:

  • قد تحسن مثبطات الكولين استيراز السلوك والحالة المعرفية معاً. لهذه الأدوية تأثيرات جانبية قليلة، ومن الممكن وصفها خطاً أول للعلاج؛ ولاسيما إذا كانت الأعراض متوسطة وليست حادة حين البدء.
  • يجب حين استخدام مضادات الذهان اللاتقليدية مثل auetiapineأن تستخدم بالجرعات الدنيا الفعالة.
  • قد يفيد الترازودونtrazodone - وهو مضاد اكتئاب- ولاسيما حين يكون اضطراب النوم مشكلة وتكون العدوانية لفظية.
  • في الخرف مع أجسام ليوي تستخدم مضادات الذهان مع الحذر الشديد بجرعة منخفضة تحت المراقبة المستمرة وذلك بعد استعمال جميع السبل الدوائية وغير الدوائية الأخرى، وتفضل مضادات الذهان اللا تقليدية.

    من المهم مراجعة الاستخدام الدوائي على نحو منتظم والانتباه لاحتمال ظهور التأثيرات الجانبية كالسقطات وعدم القدرة على الحركة أو التخليط، وتكون اضطرابات السلوك غالباً متكررة.

    الاحتجاز الإجباري والعلاج:

    كثيراً ما يفقد المسنون المحتاجون إلى التقييم والعلاج والاهتمام المستمر القدرة على المحاكمة حول خطورة التداخلات الطبية أو فائدتها، لذلك قد يرفضون الرعاية في حين تكون فوائدها بادية بوضوح للآخرين.

    في المملكة المتحدة هناك العديد من الإجراءات القانونية التي تدعم الطبيب في العلاج الإجباري والقبول في المستشفى؛ أو احتجاز المريض.

    قانون الأهلية العقلية لعام (٢٠٠٥) Mental Capacity Act

    قد تتضمن الإجراءات:

  • الإدخال إلى المستشفى.
  • العلاج والاحتجاز في قاعة المرضى أو ضمن المستشفى.
  • العلاج في المنزل (مثلاً في حالة الهذيان الثانوي للخمج مع رفض مضادات الالتهاب).
  • الاحتجاز في المنزل (مثلاً عندما يصبح التجول عامل اختطار للمريض).

    ويجب أن يكون التداخل المتخذ:

  • مبرراً، منطقياً، ملائماً للموقف، آخذاً في الحسبان الأخطار والفوائد التي تنجم عن التداخل؛ ورغبات المريض المحتملة حين يكون مؤهلاً.
  • موثقاً بدقة ويراجع على نحو منتظم.

    الجزء (٢) من قانون الصحة العقلية لعام ١٩٨٣

    (Mental Health Act (1983)

  • يسمح هذا القانون باحتجاز المرضى في مستشفى عام أو نفسي مدة تصل إلى ٧٢ ساعة بعد صدور التقرير؛ ليتم خلالها تقييم احتياجاتهم النفسية. ولا ينطبق هذا على المرضى الخارجيين أو مرضى الـمستشفيات النهارية.
  • يجب التفكير فيه إذا كان المريض شديد المقاومة للعلاج أو غير متعاون.
  • من الملائم استشارة اختصاصي نفسي للمسنين لتأكيد أن الاحتجاز ضروري وذلك مدة الـ ٧٢ ساعة للتقييم، وللمساعدة على تدبير حالة المريض.
  • تتم الموافقة على الاحتجاز حين يقوم الطبيب المكلف بمعالجة المريض أو نائبه بكتابة التقرير وإرساله إلى مدير المستشفى المسؤول.

    الجزء (٢) من قانون الصحة العقلية لعام ١٩٨٣

    (Mental Health Act (1983)

  • يسمح هذا القانون بقبول المريض في المستشفى واحتجازه للتقييم والعلاج.
  • يجب أن يكون المريض مصاباً بمرض عقلي يبرر الاحتجاز لمصلحته أو لحماية الآخرين.
  • يتم تقديم الطلب من قبل أحد أقارب المريض أو عامل اجتماعي مقبول رسمياً؛ إضافة إلى اثنين من الأطباء الممارسين المسجلين.
  • تمتد فترة التقييم حتى ٢٨ يوماً، وهي غير قابلة للتجديد.

    ضمانات الحرمان من الحرية

    (Deprivation of Liberty Safeguards (DOLS

    نُشر هذا القانون عام ٢٠٠٧، وهو يضم الإرشادات التي توضح متى وكيف يصبح الحرمان من الحرية مرخصاً وقانونياً.

  • نشأت الحاجة إلى هذه الإرشادات من القضية المنشورة عام ١٩٩٧، وهي لحالة مريض مصاب بالتوحد وغير متقيد بالعلاج تم احتجازه على نحو غير رسمي informally في مستشفى بورنيوود بهدف التقييم، وتم وصف الخلل في هذا التدبير من المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان بأنه فجوة في القانون. فالمرضى غير المؤهلين قانونياً أخضعوا لقواعد مشددة بموجب قانون الصحة العقلية، في حين لم يحظَ المرضى "غير الرسميين" والذين تم احتجازهم بناء على القانون العام بهذه الآليات الواقية لحقوقهم؛ وكان من الممكن أن يستمر احتجازهم أحياناً فترات غير محددة.
  • يطبق قانون ضمانات الحرمان من الحرية في المستشفيات ودور الرعاية. هناك متطلبات تفصيلية للتقييم ولترخيص الاحتجاز وتجديد الاحتجاز والاعتراض عليه.
  • المهم في الأمر أن المريض يجب أن يصار إلى احتجازه بالطريقة الأقل تقييداً لحريته والأكثر قابلية للتطبيق.
  • على الرغم من أن العدد الكبير من المرضى الذين يحتمل أن يتعرضوا للاحتجاز في أجنحة المستشفيات الخاصة بأمراض الشيخوخة الحادة يستفيدون من الضمانات الواردة في هذا القانون؛ بيد أن الأغلبية يبقون خاضعين للقانون العام.

    كيفية تدبير ..... المريض المسن الرافض للعلاج

    في الممارسة يكون الإجبار ممكناً في المستشفى فقط، ولكن التداخلات الصغيرة المضادة لرغبة المريض ممكنة في المنزل أيضاً (كتقييد التجول لمنع الأذى مثلاً أو إعطاء مضادات الالتهاب على نحو إجباري في الهذيان المرافق للإنتانsepsis )، ولكنها لا تستمر فترة طويلة بسبب فقر الموارد وشعور الفريق الطبي بأنهم قانونياً وجسدياً معرضون للأذى.

    تستخدم الإرشادات الواردة في قانون الصحة العقلية لإدخال المريض جناح الأمراض الحادة في الحالات التالية:

    • الخرف مع مرض جسدي حاد.
    • الهذيان مع اضطراب سلوكي متوسط.

      يستخدم قانون الصحة العقلية لإدخال المريض جناح الأمراض النفسية في الحالات التالية:

      • الخرف مع وجود خطر على المريض نفسه مثل التجوال الخطر، ولكن بالمقابل يجب البحث عن البدائل وأخذها في الحسبان.
      • الهذيان مع اضطراب سلوكي شديد.
      • الحالة الذهانية الشديدة مع خطورة على المريض نفسه أو الآخرين؛ كالاكتئاب الشديد مثلاً مع ذهان أو خطر على الذات.

        ولا يكون إدخال المستشفى الإجباري مسوغاً / أو قانونياً في الحالات التالية:

      • المرض الجسدي، رفض العلاج من دون وجود مرض نفسي.
      • الحالة الذهانية أو الأمراض النفسية الأخرى متوسطة الشدة من دون خطورة واضحة لإيذاء الذات أو الآخرين.

    الذهان

    تشيع الأعراض الذهانية كالضلالات والهلوسات في المرضى المسنين ولاسيما الذين تتدهور حالتهم على نحو حاد. تتدرج الأعراض من حميدة وغير ضاغطة إلى أمراض قد تسبب القلق للمرضى ومقدمي الرعاية، وتشير غالباً إلى مرض مهم قابل للعلاج.

    ما هو الذهان Psychosis؟

    حالة من الخلل الشديد في تقييم الواقع. تتضمن النتائج التالية:

  • تشوه في الإدراك distortion كالانخداعات illusions والهلوسات.
  • تشوه في محتوى الأفكار كالضلالات delusions، وهي اعتقادات راسخة جداً على الرغم من البرهان النقيض في الواقع، وتكون ثانوية عادة كاستجابة للمزاج المنخفض مثلاً.

    أسباب الأعراض الذهانية في المسنين:

    المسببات الأكثر شيوعاً عضوية بالترتيب التالي:

  • الخرف.
  • الاكتئاب.
  • الهذيان.
  • الأدوية كالليـﭭـودوبا levodopa.
  • أسباب عصبية أخرى كالأمراض الوعائية الدماغية وأورام الدماغ.

    والأسباب الأقل شيوعاً وظيفية أو غير عضوية:

  • استمرار الفصام المزمن حتى عمر متقدم.
  • اضطراب ضلالي في المسنين (ازورار متأخر، ازورار شيخي Late paraphrenia).
  • تظاهرات ذهانية لاضطراب وجداني كالاكتئاب أو الهوس.

    علاج المرضى المصابين بأعراض ذهانية:

  • يمكن تدبيرها في أجنحة الأمراض العامة أو في المنزل، ولكن ينصح بطلب الدعم الباكر من فريق علاج نفسي للمسنين.
  • تجنب تعزيز الأفكار الزورية لدى المريض: لا يتجنب التواصل، ولا يطلب نقل المريض سريعاً من الجناح.
  • التأكد من التشخيص وعلاج السبب كإيقاف الدواء المسبب للهذيان حين وجوده.
  • الانتباه لقصور السمع أو الرؤية.
  • علاج اضطراب المزاج حين وجوده.
  • التفكير بمعالجة الخرف ولاسيما داء ألزهايمر والخرف بأجسام ليوي بمثبطات الأستيل كولين استيراز.
  • إذا كانت الأعراض مستمرة ومسببة للضيق ينظر في استخدام مضادات الذهان - كالهالوبيريدول والريسبيردون والأولانزابين- بعد استشارة اختصاصي؛ مع الحذر الشديد في المرضى المصابين بخرف أجسام ليوي.
  • توفير فرص التفاعل الاجتماعي والدعم العملي في المنزل حين الخروج من المستشفى.

    الهذيان: التشخيص

    الهذيان Delirium هو متلازمة خلل في الوعي ترافقه تغيرات معرفية غير ناجمة عن خرف موجود سابقاً. ويشير مصطلح الهذيان (حالة التخليط الحاد) إلى متلازمة دماغية حادة أو فشل دماغي حاد يتميز باضطراب الوعي اضطراباً خفيفاً.

    يجب تجنب اللغة غير الواضحة في التعبير؛ إذ يعني مصطلح التخليط التفكير المشوش فقط أو عدم القدرة على التفكير على نحو واضح فقط، وهو عرض مهم لاضطرابات دماغية عضوية حادة كالهذيان؛ ولكنه لا يقتصر عليها. وقد يحدث في الخرف والاكتئاب وعلى نحو أقل في بعض الاضطرابات الذهانية الأولية. يستخدم مصطلح التخليط حين وصف تظاهرات المرض ولكنه قطعاً ليس تشخيصاً.

    التظاهرات المفتاحية:

  • خلل الوعي (انخفاض في وضوح إدراك البيئة). قد يتمثل بنقص النشاط أو فرط النشاط أو مزيج منهما، (ينظر إلى الجدول ٩.١) وانخفاض القدرة على التركيز، وتبدل في استمرارية الانتباه. وتشتت الذهن (شرودية distractibility) يتجلى بعدم التأكد من الوقت خلال اليوم، وفقد مجرى المحادثة.

    لا يكون الخلل واضحاً غالباً ولاسيما حين يكون البدء تدريجياً، ولكن بعد الشفاء تكون الذاكرة فقيرة عن فترة المرض، ولا يرى هذا الأمر في الخرف الباكر أو في الاضطرابات الذهانية الأولية.

  • التغير المعرفي: يكون واسعاً؛ مثلاً خلل الذاكرة (غالباً الذاكرة الحديثة)، والتوهان (عدم التوجه في الزمان والمكان وأقل من ذلك في الأشخاص)، واضطراب اللغة (عدم القدرة على التسمية وخلل الكتابة)، والخلل الإدراكي (سوء التفسير كتفسير صفق الباب بطلقات رصاص)، والإخالات (الانخداعات وهي بصرية عادة)، والهلوسات. وقد يكون التفكير بطيئاً ومشوشاً لكنه غالباً غني المحتوى.
  • البدء الحاد، والتموجات: يكون البدء عادة بفترة ساعات أو بضعة أيام، وأحياناً تكون التغيرات تحت حادة (أسابيع أو بضعة أشهر) مما قد يؤدي إلى التباس التشخيص بالخرف. تختلف الشدة خلال النهار "كمتلازمة غروب الشمس" مثلاً التي يسود فيها التخليط في الجزء المتأخر من اليوم أو في الليل.

    ملامح أخرى (ليست أساسية لوضع التشخيص)

    وتتضمن:

  • خللاً في دورة النوم – الاستيقاظ، وقد تكون معكوسة على نحو كامل.
  • خلل السلوك الحركي: قد يكون باتجاه الزيادة كالتجول والتململ؛ أو باتجاه النقص كالتباطؤ أو عدم التحرك.
  • الاضطراب العاطفي: كالخوف مثلاً والاكتئاب والغضب والشمق وعدم الاستقرار، قد يكون الخوف والعدوانية نتيجة لهلوسات مهدِّدة أو لضلالات، وقد يصرخ المريض أو يئن على نحو مستمر. وتقود هذه الاضطرابات إلى المشاكل ضمن المؤسسات ولاسيما في الليل. أما في مستوى أقل فقد يبدو المريض ببساطة مرتبكاً ومذهولاً.
  • الضلالات (اضطهادية عادة) شائعة ولكنها عابرة وغير راسخة.
  • البصيرة الفقيرة نمطية هنا.

    المزالق في التشخيص (الجدول ٩-١)

    قد يكون من الصعب وضع التشخيص؛ ولكن التشخيص الباكر مهم جداً لما للعلاج الباكر من فائدة في تحسن الإنذار. الهذيان متلازمة متنوعة المظاهر؛ إذ إضافة إلى التموجات من يوم إلى يوم ومن ساعة إلى ساعة فهي متغيرة بطبيعتها، تتظاهر على نحو مختلف من مريض إلى مريض وفي المريض نفسه في أوقات مختلفة. وقد وصف نموذجان من الهذيان (نهايتا الطيف):

    • مفرط النشاط أو (Up): فرط الحساسية للمنبهات، هياج نفسي حركي، مغادرة السرير على نحو متكرر، إثارة الضجيج، أعراض ذهانية وعدوانية.
    • منخفض النشاط أو (Down): تراجع نفسي حركي، وسن، هدوء، ندرة الكلام، بعض الأعراض الذهانية. كثيراً ما يُهمل تشخيص هذا النوع وينطوي على إنذار أسوأ.
    • كما قد يتظاهر الهذيان بصورة مختلطة.

      قد يشخص الهذيان خطأً وهو غير موجود (كما في الأشخاص المكفوفين أو المصابين بالحبسة)؛ وأكثر من ذلك شيوعاً عدم تشخيصه وهو موجود، لذا تكون اختبارات التحري screening - مثل اختبار AMTS و CAM- ذات قيمة ويجب إجراؤها في كل الحالات التي يشك فيها بوجود الهذيان؛ ولاسيما حين القبول في المستشفى على الفور وفي أثناء الإقامة فيها إذا حدثت تغيرات في الصورة السريرية.

      تكون هناك عادة بيِّنات عن الوضع الصحي الذي قاد إلى الهذيان، وعلى الرغم من أنها غير ضرورية لوضع التشخيص فهي ضرورية للعلاج بفعالية.

      ومن الضروري التأكد من توثيق التقييم والتشخيص على نحو جيد.

    الهذيان: الأسباب

    غالباً ما تنجم حالة محددة عن عوامل عديدة، فمثلا تتضافر عدة عوامل لدفع المريض إلى عتبة الهذيان (ويكون كل من هذه العوامل وحده غير كافٍ لإحداث الهذيان صراحةً). العوامل المزمنة (الخرف الواضح أو الخرف في بدايته) قد تحافظ على الشخص قريباً من تلك العتبة، وأي خلل في حالة الاستتباب Homeostasis القائمة في المريض المسن يزيد من احتمال حدوث الهذيان؛ لذا فإن الهذيان تحديداً أكثر ما يحتمل حدوثه في المرضى المسنين حين وجود ضعف جسدي؛ أو حين وجود خرف سابق؛ أو خلل في السمع أو الرؤية؛ أو أذية دماغية من أي نوع، فمثلاً داء باركنسون مجهول السبب، وفي هذه الحالات قد تسبب الهذيانَ الأمراض الخفيفة جداً والحادة.

    العوامل التي قد تساهم في الهذيان:

  • قد يكشف التاريخ المرضي أو الاختبارات البسيطة أو الفحص الطبي العوامل التي ساهمت في حدوث الهذيان.

    وتتضمن هذه العوامل:

  • الخمج: الـﭭـيروسي أو الجرثومي وليس بالضرورة أن يكون شديداً ولاسيما في المصابين بالخرف، أو القصور المعرفي الخفيف، أو العوامل المشتركة الأخرى. المصادر المتعارف عليها للخمج هي: الصدر، البول، الجلد. ويجب تذكّر الأخماج الأخرى كأخماج القلب والمرارة والأوعية والمعثكلة وانثقاب الأحشاء.
  • الانسمام الدوائي: ولاسيما بمضادات الكولين، مزيلات القلق/المنومات، ومضادات الصرع، والأفيونيات.
  • الاضطرابات في توازن الشوارد/ والسوائل، التجفاف، اليوريميا، فرط/ نقص صوديوم الدم، فرط الكلسيوم. ولا يحتمل أن تكون الدرجات المتوسطة من نقص الصوديوم (١٣٠ ملي مول) وحدها سبباً للهذيان.
  • سحب الكحول أو الأدوية.
  • فشل عضو كالقلب أو جهاز التنفس أو الكبد.
  • الصرع: حالة ما بعد النوبة postictal التالية للنوب غير المميزة. يجب التفكير في هذا السبب إذا حدث وهط غير مشهود مع نساوة وملامح نوبة كعدم استمساك المصرّات وعض اللسان. وإذا كان الوعي منخفضاً يجب التفكير في حالة نوبة مستمرة أو حالة غير صرعية Non-convulsive status.
  • أسباب غدية: سكر الدم المرتفع أو المنخفض، فرط الدرقية أو قصورها.
  • الأمراض داخل القحف: كأذيات injury الرأس، الآفات ذات الحيّز، ارتفاع الضغط داخل القحف لأي سبب، الأخماج، خلل معرفي موجود سلفاً، أو مرض وعائي دماغي حاد أو مزمن. ونادراً ما تكون السكتة الحادة وحدها سبباً كافياً للهذيان.
  • الألم.

    تتأكد هذه العوامل بعد قبول المريض في المستشفى بوجود عدم التوجه للبيئة، فقر المعلومات، فرط الاستجابة أو انخفاض الاستجابة للمنبهات الحسية، تغير الفريق الطبي، عدم معرفة سبب الاستقصاءات، وبُعد المريض عن الأشخاص المألوفين كمقدمي الرعاية والأسرة.

    الأدوية المسببة للهذيان (الجدول ٩-٢)

    يشيع حدوث الهذيان الناجم عن الأدوية على نحو وثيق بالفعالية المضادة للكولينرجيه Anticholinergic activity المضادة للكلوسيد، لذا فإن مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة ومضادات الذهان تنطوي على نسبة اختطار عالية، والعديد من الأدوية الأخرى يرافقها على نحو أقل رد فعل هذياني.

    • مضادات الكولين المستخدمة في الأمراض القلبية والمعدية المعوية: كالأتروبين، الهيوسين، البروبانثيلين.
    • مضادات الذهانantipsychotic مثل: ربرومازين تري فلوبرازين، تيوريدازين thioridazine.
    • مضادات الهيستامين مثل كلورفنامين، دي فينهدرامين.
    • الليتيوم lithium.
    • المنومات/ مزيلات القلق: كالباربيتورات والبنزوديازبينات.
    • مضادات الاكتئاب ولاسيما ثلاثية الحلقة.
    • مضادات الاختلاج كالفينيتوئين والكاربامازبين.
    • الأفيونيات والأدوية الشبيهة بالأفيون: كالكودئين والديهيدروكودئين والترامادول.
    • الستيروئيدات القشرية كالبريدنيزولون.
    • حاصرات مستقبلات الـH2 كالسيميتيدين (نادراً).
    • ل- دوبا L-dopa، شادات (ناهضات agonist) الدوبامين؛ مع الحذر حين علاج داء باركنسون في المرضى المصابين بالخرف مع أجسام ليوي.
    • الديجوكسين.

      ومن الأدوية الأخرى التي قد تسبب الهذيان الأدوية التي ترفع المزاج؛ كالكحول؛ الماريغوانا؛ المهلوسات hallucinogen؛ الأمفيتامينات؛ الكوكائين؛ الأفيونيات.

      وقد يكون الدواء هو الشعرة التي تقصم ظهر البعير في ظهور الهذيان، فالمريض المصاب بالتجفاف والإنتان والذي كان قادراً على احتمال دواء مثل كودامول حين كان سليماً قد يصاب بالهذيان حين إعطائه الدواء ثانية وهو في المستشفى.

    الهذيان: التقييم السريري:

    القصة المرضية والفحص:

  • يمكن تحديد العديد من العوامل التي قد تقود إلى الهذيان بأخذ التاريخ المرضي وبالفحص السريري، فالمرضى ولو كانوا مصابين بالتخليط والنسيان يذكرون الأعراض المصابين بها إذا سئلوا عن ذلك (مثل الألم، عسر البول).
  • الحصول دائماً على تاريخ شامل؛ مع التركيز على الأعراض الأخيرة سواء كانت خفيفة أم شديدة (كالسعال مثلاً)، إضافة إلى التاريخ الدوائي والبحث في طبيعة الأعراض المعرفية والذاكرة ومدتها.
  • يجب تقييم الحالة المعرفية على نحو موضوعي باستخدام فحص الحالة العقلية المصغرAMTS مثلاً أو اختبار رسم الساعة. قد يقود هذا إلى نتائج مدهشة (أفضل أو أسوأ من المتوقع)، كما أنه يسمح بمتابعة التقدم في المرض.
  • إذا كان المريض غير متعاون في أثناء الفحص يلجأ إلى استخدام التشريد distraction (مثل الدردشة في أثناء الفحص) أو متابعة الفحص على مراحل، ونادراً ما تكون التهدئة ضرورية.
  • التركيز في الفحص على مناطق مهمة: هل هناك برهان على الخمج (فحص الرئتين والبطن)، أو على مرض بؤري عصبي؟ هل يعاني المريض التجفاف مثلاً؟
  • يجب تكرار استقصاء العلامات الحيوية ولاسيما درجة الحرارة.
  • تقصي إشباع الأوكسجين ضمن الشرايين؛ إذ إن نقص أكسجة الدم حتى الخفيف قد يشير إلى حالة مرضية قلبية رئوية مهمة.

    الاستقصاءات:

  • قد يكون أحد العوامل المسببة للهذيان واضحاً جداً، ولكن يجب ألّا يقرر أنه السبب الوحيد أو الأكثر أهمية حتى يتم استبعاد العوامل الأخرى.
  • إجراء القيم القاعدية baseline لبعض الاختبارات الأساسية لكل المرضى (ينظر الجدول ٩-٣). وتختلف هذه الاختبارات بحسب الصورة السريرية، وتوفر الاختبارات، أو وجود سبب واضح للهذيان أو عدم وجوده.
  • إذا لم يعرف السبب على الرغم من القصة المرضية والفحص السريري الجيدين والاختبارات البسيطة؛ يعاد التقييم السريري مع البحث عن الأسباب الأقل شيوعاً؛ وإجراء اختبارات أكثر دقة كتصوير الدماغ المقطعي المحوسب أو المرنان؛ أو تخطيط الدماغ؛ أو فحص السائل الدماغي الشوكي.

    الجدول (٣.٩): الاختبارات الأساسية في الهذيان:

    • تعداد دموي كامل، سرعة التثفل للبرهان على الخمج.
      • الكرياتينين واليورية والشوارد، فرط الصوديوم أو نقصه، التجفاف، القصور الكلوي.
    • الغلوكوز. ارتفاع غلوكوز الدم أو انخفاضه.
    • اختبارات وظائف الكبد والأميلاز.
      • اختبارات وظيفة الدرقية؛ إذ إن كلاً من فرط نشاط الدرقية أو قصورها حالتان شائعتان وقابلتان للعلاج؛ إضافة إلى أن كلاً منهما قد يتداخل في حدوث الهذيان.
      • البروتين المتفاعل CRP، وهو اختبار مفيد جداً ولكنه قد يكون طبيعياً في مرحلة باكرة من الخمج.
      • الكلسيوم والفوسفات.
    • صورة الصدر الشعاعية.
    • تخطيط القلب؛ إذ إن الاحتشاءات/ الإقفار الصامت شائعة في المسنين وتدعو إلى التفكير باستخدام التروبونين.
    • تحليل البول والفحص المجهري والزرع؛ إذ يشيع الخمج البولي اللاعرضي؛ ولكن إذا كانت الغميسة إيجابية النتيجة فهذا لا يعني بالضرورة أن الخمج هو سبب الهذيان، ومن الضروري البحث عن مسببات إضافية.
    • زرع الدم دوماً قبل البدء بالمضادات الحيوية (الصادات) ولاسيما أن تجرثم الدم الخفي شائع.
    • غازات الدم فقد يسهم فرط ثنائي أكسيد الكربون hypercapniaأو نقص أكسجة الدم في حدوث الهذيان.

    الهذيان: قضايا العلاج

  • يجب الإسراع بالعلاج؛ فالهذيان حالة طبية إسعافية.

    أين يتم العلاج؟

    في العديد من الحالات يجب قبول المريض في جناح الأمراض الحادة في مستشفى عام حيث توجد إمكانات متطورة للتشخيص كالتصوير المقطعي المحوسب، وفريق مدرب للتعامل مع الحالات الحادة. أما بالنسبة إلى المنزل أو دور الرعاية أو المستشفيات النفسية فيجب أن يوازن الفريق القائم بالعلاج بين الفوائد من توفر الوسائل التشخيصية والعلاجية والرقابية في المستشفى العام وبين الأخطار التي يتعرض لها المريض في أثناء عملية النقل.

    وهناك مساحة ضيقة لمقاربة قائمة على مبدأ (عالج في المنزل وتأمل خيراً) ما لم:

  • يكن السبب المسيطر واضحاً.
  • إمكان تقديم علاج فعال.
  • إمكان توفير رعاية وإشراف مناسبين.
  • أخذ مخاطر النقل في الحسبان؛ لأنها قد تتجاوز الفوائد المرجوة.

    من المفضل أن تكون الإقامة في المستشفى فترة قصيرة. كثيراً ما يسمح الدعم المناسب والمراقبة الجيدة بإعادة المريض إلى منزله أو إحالته إلى مؤسسة لرعاية المسنين.

    السبب المستبطن underlying:

  • يؤلف وضع تشخيص الهذيان نصف المهمة، ويشمل النصف الثاني استنباط السبب وعلاجه.
  • يجب ألاّ يوصف العلاج بلا تبصر تام ومن دون تحديد السبب. مثلاً هناك مساحة صغيرة لعدم التأكد حين إعطاء مضادات حيوية واسعة الطيف مع ما يرافقها من خطورة الإصابة بالتهاب القولون بالمطثيات ما لم يكن الشخص مريضاً جداً مع احتمال كبير لوجود الإنتان sepsis.
  • يجب مراقبة مخطط الدواء دوماً: هل تتجاوز خطورة الدواء منفعته؟ إذا كان الجواب بالإيجاب يجب إيقاف الدواء مؤقتاً على الأقل.
  • يجب التأكد من حصول المريض على سوائل وغذاء مناسبين وكافيين، فقد لا يكون المريض مصاباً بالتجفاف أو سوء التغذية حين قبوله في المستشفى ولكنه قد يصاب بهما بسرعة.
  • إذا كان الاعتماد على الكحول أو سوء التغذية الشديد موجودين أو متوقعين فقد تبرز الحاجة إلى حقن جرعة عالية من ﭭـيتامين B.
  • قد لا يكون سبب الهذيان جلياً، وفي مثل هذه الحالات:
  • يجب تقديم الدعم العام (سوائل، تغذية، مراقبة الضغط).
  • تكرار الفحص على نحو مستمر وإجراء اختبارات أكثر تطوراً.

    الأهلية:

    المرضى المصابون بالهذيان غير مؤهلين لتوجيه العلاج عادة، ويسمح القانون حينئذٍ بتقييم وضعهم وتطبيق العلاج الذي يحقق مصلحتهم. وقد يتضمن ذلك:

  • الاحتفاظ بالمريض ضمن المستشفى إذا ما حاول المغادرة.
  • تقييد جسدي مؤقت (في أثناء إعطاء الأدوية).
  • إعطاء الأدوية الرئيسية خفيةً.

    يجب توضيح الأسباب الكامنة وراء الحاجة إلى هذه التداخلات للأهل والفريق الطبي وشرح مبرراتها الأخلاقية والقانونية، كما يجب توثيق ذلك على نحو واضح في بند الملاحظات الطبية، ويجب تكرار تقييم الأهلية على نحو دائم. حين يزول المرض الحاد يكون من الضروري إجراء تقييم للحرمان من الحرية (deprivation of liberty assessment).

    الهذيان: التدبير غير الدوائي

    يشعر المريض المصاب بالهذيان بأنه مريض، ويبدو خائفاً مرتبكاً وغير متوجه؛ مع مشكلات في الانتباه والذاكرة والإدراك، لذا يجب تقديم كل ما يمكن لجعل الحياة أسهل للمريض:

  • بيئة هادئة خالية من الأصوات المزعجة، ألبسة مناسبة، إضاءة جيدة، ساعة حائط أو إطلالة على الخارج لتساعد على التوجه.
  • ضبط حدة الرؤية والسمع بالعدسات اللازمة ومساعدات السمع.
  • طمأنة المريض بهدوء وعلى نحو متكرر.
  • يجب على الطبيب أن يشرح للمريض صفته ومن هو، ماذا يريد أن يعمل، ويؤكد له تعاطفه معه.
  • يستطيع المريض الإحساس بطريقة تصرف الطبيب ولاسيما العدوانية والضيق، لذا على الطبيب دوماً إظهار الاسترخاء، وعدم الاستعجال واللطف.
  • استخدام التواصل اللا لفظي: الجلوس، الابتسام بود.
  • تجنب المجادلة وتصحيح الضلالات؛ وإلا ساءت حالة المريض وأصبح أقل مطاوعة في استعمال العلاج.
  • تثقيف الزوار الذين يظهرون عواطف جياشة بأن عليهم التخفيف من شدتها أو يطلب منهم المغادرة.
  • تعريف الأقارب بضرورة المساعدة من حيث الإشراف والتغذية وجلب الأشياء المألوفة للمريض.

    التقييد الجسدي:

    التقييد أمر مرعب ويقود إلى تأثيرات جانبية نفسية وجسدية.

    نادراً ما يكون ضرورياً ولكنه قد يستخدم أحياناً وعلى نحو غير مناسب بديلاً من الإشراف والتوجيه؛ وذلك من قبل مقدم رعاية أو ممرض متمرس.

    قد يكون من مصلحة المريض الكبيرة (في حالات الهياج الشديد حين تكون هناك حاجة إلى الأدوية الوريدية) تثبيته فترة قصيرة جداً باستخدام أقل قوة ممكنة.

    مرحلة الشفاء:

  • تتنوع أنماط الشفاء من الهذيان. يشفى معظم المرضى شفاءً تاماً خلال أيام، ويحتاج بعضهم وقتاً أطول، ولا يعود بعضهم إلى الحالة السابقة للمرض بالنسبة إلى الأداء الجسدي والمعرفي. قد يزيل الهذيان القناع عن خرف سابق غير مشخص. والذين يتدهور أداؤهم على نحو واضح يجب الانتباه أن الشفاء قد يتطلب أسابيع أو أشهراً، ويجب الحذر من اتخاذ قرارات غير عكوسة قبل معرفة مستوى الأداء الأخير(العودة إلى المنزل أو الإحالة إلى مؤسسة للرعاية).
  • حين قبول المريض في مؤسسة للرعاية تبرز حواجز متعددة تمنع خروجه منها:
  • قد يخشى مقدمو الرعاية وأفراد الأسرة من استمرار تدهور حالة المريض لذلك فهم يقاومون عودة المريض إلى المنزل.
  • قد يقيّم المعالجون الأداء بأنه غير مثالي في بيئة المستشفى غير المألوفة، ويحكمون لذلك أن الخروج من المؤسسة سيكون غير آمن.

    ولذا يجب بعد التشخيص وبدء العلاج تشجيع الفريق مباشرة وضع خطة للعودة إلى المنزل. يقود التأخير في الخروج إلى ازدياد وصف الأدوية نفسية التأثير والاعتماد على المؤسسة ودور الرعاية في العناية بالمريض.

    الهذيان: العلاج الدوائي

    تستعمل الأدوية حين يرافق الأعراض هياج:

  • يسبب ضيقاً واضحاً للمريض.
  • يهدد أمن المريض أو الآخرين.
  • يعوق العلاج الطبي (كنزع الأنابيب ومنع الفحص السريري).

    حين اتخاذ القرار بأن العلاج الدوائي هو في مصلحة المريض:

  • يجب أن تكمل الأدوية العلاج غير الدوائي لا أن تحل محله.
  • وأن يُعلم أن الجرعة الصحيحة هي أقل جرعة فعالة.
  • ويجب مراجعة الاستجابة للأدوية (التأثيرات الجانبية والمنفعة) وإعادة النظر فيها على نحو منتظم.
  • من المفضل استخدام دواء وحيد والبدء بالجرعة الدنيا مع رفعها تدريجياً بفواصل ٣٠-٦٠ دقيقة.
  • يمكن أن يزول الهذيان بسرعة؛ لذا يجب تجنب تكرار وصف الدواء بانتظام: يعطى الدواء حين الحاجة فقط.

    كيفية ..... وصف الأدوية المهدئة في الهذيان

    البنزوديازبينات قصيرة فترة التأثير مثل (لورازيبام):

    • حلت مؤخراً محل مضادات الذهان كأدوية الصف الأول في العلاج. تفيد إذا كان اضطراب النوم جلياً، وفي الضيق الشديد أو الهياج الشديد.
    • يفضل إعطاؤها فموياً أو تحت اللسان وتكرر بحسب الحاجة والتحمل.
    • من المحتمل حدوث الاعتماد والتحمل؛ لذا يجب إيقاف الدواء منذ ما يمكن ذلك.
    • تفيد البنزوديازبينات طويلة فترة التأثير؛ ولاسيما في الهذيان الناجم عن سحب الكحول أو البنزوديازبينات. يستخدم الكلورديازيبوكسيد بجرعة متناقصة.
    • يمكن التفكير في الحالات الشديدة جداً فقط في إعطاء جرعات خفيفة وريدياً من بنزوديازبين قصير فترة التأثير "كالميدازولام" مع المراقبة عن كثب والحذر في رفع الجرعة لحصول الاستجابة، ومن المهم المراقبة سريرياً وقياس الأكسجة؛ لأن الخطر المهم هو حصول وقف التنفس.

    مضادات الذهان التقليدية كالهالوبيريدول:

    • تأثيراتها الجانبية أقل كالتهدئة وانخفاض الضغط والتأثيرات المضادة للكولين مقارنة بمضادات الذهان ذات الفعالية المنخفضة.
    • يبدأ بجرعة صغيرة مثل ٠.٥ ملغ فموياً كحبوب أو سائل بحسب الحاجة، تكرر الجرعة بعد ساعة إلى ساعتين وترفع بحسب الحاجة والتحمل. الجرعة اليومية الكاملة هي ٠.٥-٤ ملغ.
    • الاستجابة ذاتية التحساس Idiosyncratic: فبعض المرضى حساسون لجرعات منخفضة جداً في حين لا يستجيب آخرون إلا للجرعات العالية.
    • يصل نصف عمر الهالوبيريدول في المرضى المسنين إلى ٦٠ ساعة وتكون الجرعة تراكمية؛ لذا فإن الإخفاق في معايرة الجرعة قد يقود إلى حالة من اضطراب الوعي تستمر أياماً.
    • المركب السائل من الهالوبيريدول لا لون له ولا رائحة؛ مما يسمح بإعطائه خفية ضمن الشراب مثلاً.
    • قد تتطلب الحالات القليلة جداً من العدوانية الشديدة إعطاء الهالوبيريدول عضلياً ٢ملغ، ويكرر بعد ساعتين.
    • يرتفع معدل الإصابة بالتأثيرات الجانبية خارج الهرمية؛ لذا يتجنب الهالوبيريدول في الخرف بأجسام ليوي وكل مسببات الباركنسونية الشديدة.

    مضادات الذهان غير التقليدية (كالأولانزابين والريسبيردون)

    • ما يزال مكان هذه الأدوية غير واضح ولاسيما مع زيادة خطر حدوث السكتة.
    • يجب التفكير فيها حين إخفاق المقاربات الأخرى.
    • يمكن إضافة الريسبيردون السائل إلى الماء أو القهوة أو عصير البرتقال.
    • تماثل فعالية الريسبيردون ٠.٥ ملغ فعالية الهالوبيريدول ١ملغ.

      المعالجة المشتركة

      يمكن دمج البنزوديازبينات ومضادات الذهان لعلاج أعراض الهذيان إذا نصح الاختصاصيون بذلك.

      وقف العلاج:

      حين تحسن السلوك يجب البدء بإنقاص الجرعات الدوائية تدريجياً بهدف وقفها بالسرعة القصوى من دون تحريض النكس.

    التخليط والكحول

    من الخطأ أن يُعدَّ الإفراط في استخدام الكحول مرضاً مقصوراً على فئة الشباب؛ حتى لو تذكر الأطباء أن يسألوا عن الكحول فغالباً ما يُخدعون من قبل المريض المحرج بالإفصاح عن استخدام الكحول. وبسبب نقص استقلاب الكحول الذي يرافق التقدم بالعمر يُنصح المسنون عادة بتخفيض مستويات تعاطي الكحول.

    سحب الكحول: حين التوقف المفاجئ عن تناول الكمية المعتادة من الكحول - حين قبول المريض في المستشفى مثلاً- قد يحدث الهياج والتخليط مع علامات جسدية كالإسهال والحمى وهبوط الضغط، وقد تحدث أهلاس سمعية أو حسية أو إخالات.

    الهذيان الارتعاشي: شكل شديد من سحب الكحول؛ يرافقه ارتفاع معدل الوفيات. هناك ضُلالات ورجفان وفرط نشاط لاإرادي وأحياناً النوب.

    اعتلال الدماغ لـﭭـيرنيكه Wernicke&https://mail.arab-ency.com.sy/medical/details/660/16#39;s encephalopathy: ثالوث triad يتألف من التخليط والرنح وشلل العين ophthalmoplegia. قد يستجيب لإعطاء الثيامين على الفور؛ ولكن تستمر حالات كثيرة لتتطور إلى متلازمة كورساكوف.

    متلازمة كورساكوف: أذية دماغية غير عكوسة سببها نقص الثيامين، وترى غالباً في الكحوليين. قد تتلو نوبة ﭬـيرنيكه أو تحدث تدريجياً. تحدث النساوة والتخريفconfabulation مع فقر البصيرة والخمول apathy، كما قد يحدث الرنح والرجفان.

    متلازمة الخرف الكحولي: خرف يشبه كثيراً داء ألزهايمر قد يحدث من دون الأعراض التقليدية لمتلازمة كورساكوف- ﭬـيرنيكه.

    تدبير سحب الكحول في المستشفى:

  • وضع التشخيص.
  • استخدام جرعة صغيرة من البنزوديازبينات كالكلورديازيبوكسيد حين الضرورة للسيطرة على الأعراض والسلوك، ويجب عدم استخدام الكلوميثيازول Clomethiazole في المرضى الأكبر سناً.
  • وصف ﭭيتامينات B- دائماً إما فموياً وإما حقناً (ﭭيتامينات متعددة وثيامين).
  • الدعم.

    متلازمة القذارة squalor syndrome

    أو متلازمة التنسك Diogenes syndrome

    الملامح السريرية:

  • يبدي الأشخاص المصابون بهذه المتلازمة- وغالباً ما يكونون مسنين- إهمال الذات إهمالاً شديداً، ويكونون انطوائيين اجتماعياً، إضافة إلى فقد البصيرة لسلوكهم غير الطبيعي وتأثيره في الآخرين.
  • المشكلات المالية نادرة.
  • تكون المنازل غير نظيفة ومهملة، وتصبح غالباً مخزناً للنفايات؛ مما يسبب ضيقاً وإزعاجاً للجيران والاختصاصيين الاجتماعيين والطبيين أكثر مما يسببه للمرضى أنفسهم، ولهذا يصبحون مثاراً لاهتمام العديد من الوكالات الصحية والاجتماعية والعامة.

    هذه المتلازمة ليست نادرة، ويوضع التشخيص حين مشاهدة الملامح السريرية المذكورة من دون وجود مرض نفسي واضح كالخرف أو الاكتئاب لتبرير هذه الأعراض والملامح. والتخمين الأفضل هو أن المتلازمة هي التظاهر غير المعتاد لاضطراب شخصية مزمن في المريض، وإن لخلل أداء الفص الجبهي وحده شأناً على نحو شائع في هذه المتلازمة.

    عوامل الخطورة:

  • الشخصية الحدية (غرابة الأطوار).
  • الاكتئاب أو الخرف المبكرين.
  • الثكل (ولاسيما وفاة القرين) الحديث.
  • عدم وجود أقارب من أفراد العائلة.
  • العزلة الاجتماعية.
  • القصور الحسي (غالباً البصري).

    التدبير:

  • يجب أن يتضمن تحديد المرض النفسي الذي أسهم في حدوث هذه المتلازمة؛ والمرض الجسدي الثانوي الذي نجم عنها كسوء التغذية وعلاجه.
  • يرفض المرضى عادة الدعم المجتمعي. قد تحافظ الرعاية النفسية النهارية على السلوك فترة أطول ولكن يبقى النكس شائعاً، ويكمن الحل بعيد المدى في مؤسسات الرعاية شرط موافقة المريض.
  • يكون هؤلاء الأشخاص عادة مؤهلين – قانونياً- لتقرير الاستمرار بنمط الحياة الخاص بهم ورفض عروض الدعم.
  • قد يكون تقديم الرعاية لهم مثيراً للضيق؛ ولكن التأثيرات الجانبية لذلك عند المريض قليلة جداً على نحو مستغرب، وتكفي غالباً المراقبة المختصرة مع الاستعداد للتدخل الفوري حين انكسار المعاوضة.

    الاكتئاب، التظاهر:

    الاكتئاب Depression هو المرض النفسي الأكثر شيوعاً في المسنين. يبلغ معدل انتشاره ١٠-١٥٪ فوق عمر ٦٥ سنة، ويكون شديداً في ٣٪:

    تتضمن عوامل الخطورة للاكتئاب ما يلي:

  • العجز والمرض ولاسيما الشديد.
  • الإقامة في دور الرعاية.
  • الثكل. يكون الاكتئاب الارتكاسي أكثر شيوعاً في المرضى المسنين الذين يقاسون من أكثر من ثكل ومن أمراض وأحداث حياتية أخرى. قد يكون رد الفعل منطقياً ومفهوماً، ولكن العلاج يفيد عموماً. ينظر الثكل ص ٧٦٨.
  • العزلة المجتمعية.
  • الألم المزمن.
  • القصور الحسي (السمعي أو البصري).

    قد تقنّع الأمراض المرافقة الاكتئاب أو تسرّع حدوثه مثل:

  • الأمراض الجسدية (باركنسون، السكتة الدماغية، السرطان أو عواقب المرض الحاد).
  • الأمراض النفسية كالخرف.

    قليلاً ما يشخص الاكتئاب في المسنين للأسباب التالية:

  • الاعتقاد أن الاكتئاب يحمل وصمة مجتمعية، لذلك لا يكشف المريض عن أعراضه تلقائياً
  • يتظاهر بأعراض تشير إلى مرض جسدي أكثر منه نفسياً كفقدان الوزن أكثر من الحزن.
  • الاعتقاد أن المزاج المنخفض هو جزء طبيعي من عملية الشيخوخة.

    كيفية ...... تمييز الخرف من الخرف الكاذب في الاكتئاب:

    الخرف الكاذب:

    اكتئاب شديد يتظاهر بضعف الذاكرة والتركيز وقصور القدرة على الأداء، ويعرف أيضاً بخرف الاكتئاب. من الممكن تمييزه من الخرف بالأمور التالية:

    • التاريخ القصير والبدء السريع نسبياً.
    • يتذمر المرضى عادة من فقر الذاكرة ويكونون يائسين.
    • يتظاهر التقييم المعرفي عادة بأجوبة –لا أعرف-.
      • يمكن الوصول إلى التذكر بإشارات أو مفاتيح من الشخص الذي يقوم بالتقييم؛ فالذكريات مخزنة ومحتفظ بها.
    • ثمة قصة سابقة للاكتئاب غالباً أو عاملُ محرِّض (معجّل) واضح.

      يختلف الإنذار. يستجيب المزاج والحالة المعرفية لمضادات الاكتئاب في بعض الحالات، ولكنه يتطور في العديد من المصابين إلى الخرف من نمط ألزهايمر.

      ترافق الخرف والاكتئاب

    • يشيع كلا الاكتئاب والخرف في المسنين وقد يترافق حدوثهما معاً.
      • في الأشخاص المصابين بالخرف الباكر يتجاوز معدل وجود الاكتئاب المرافق ٢٠٪، مما يشير إلى رد فعل اكتئابي لبدء الخرف، ويكون على نحو خاص شائعاً ومفهوماً إذا كانت البصيرة سليمة.
    • ويختلف هذا تماماً عن الخرف الكاذب حيث لا يوجد خرف فعلياً.

      إرشادات عامة:

      • يعالج الاكتئاب مهما كان السبب وبغض النظر عن وجود الخرف الكاذب أو الخرف والاكتئاب معاً.
      • يجب تجنب وصف الشخص المصاب بالاكتئاب بأنه مصاب بالخرف أيضاً؛ إذ يختلف التدبير والإنذار.
      • يجب البحث دائماً عن الاكتئاب حين تقييم المرضى المصابين باضطرابات معرفية بما فيها فقد الذاكرة قريبة الأمد بمفردها.

    الاكتئاب: الملامح السريرية:

    الحزن:

    يتم إنكاره عادة، وهو ليس ضرورياً لوضع تشخيص الاكتئاب. لا تشيع الرغبة في البكاء أو العيون الدامعة ولاسيما في الرجال. يجب السؤال عن الأعراض البيولوجية وفقدان القدرة على الاستمتاع anhedonia، والأفكار الاكتئابية كالشعور بالذنب، وعدم القيمة؛ وانخفاض تقدير الذات ولوم الذات؛ والأفكار الانتحارية؛ وفقدان الأمل والعجز.

    القهم وفقدان الوزن:

    تحدث في كل من الاكتئاب والأمراض الجسدية الشديدة. على الطبيب أن يقدر في مريض بهذه التظاهرات مع فحص جسدي واختبارات طبيعية متى يمكن البدء بتجربة مضاد الاكتئاب، وإلى متى يمكن تأخير الاختبارات الهجومية invasive والانتظار حتى تتضح نتائج مضاد الاكتئاب.

    اضطرابات النوم:

    الاستيقاظ الصباحي الباكر عرض نمطي في المصابين بالاكتئاب؛ ولكن من المفيد أخذ حصة كاملة للنوم، فقد يتظاهر الاكتئاب بالنوم في أثناء النهار. ينام بعض المسنين أقل من الشباب على نحو عادي، والمفتاح هنا يعتمد على ما إذا كانوا يستيقظون نشطين أم خائفين وقلقين وراغبين في العودة إلى النوم؛ بيد أنهم غير قادرين على ذلك.

    اضطراب السلوك:

    قد يتضمن سلوك المكتئب جذبَ الانتباه والعدوانية والهيوجية وصرخات الاستغاثة (حين السقوط المقصود)، وإهمال الذات، وسوء التغذية والعزلة.

    القصور المعرفي:

    قد يقود التركيز والانتباه الضعيفان إلى خلل في معظم المجالات المعرفية ولاسيما الذاكرة، وإذا كان الاكتئاب شديداً فقد تتظاهر هذه الأعراض بخرف اكتئابي كاذب.

    التفكير الانتحاري وإيذاء الذات:

    يجب أخذه بجدية دائماً ولاسيما أن الانتحار الكامل شائع نسبياً في المسنين؛ وفي المصابين بأمراض جسدية خاصة. قد يكون إيذاء الذات (كأخذ كمية كبيرة من الأدوية) بسيطاً طبياً؛ ولكنه خطر جداً نفسياً، ويتطلب إحالة إلى اختصاصي بالأمراض النفسية. الانتحار التظاهري parasuicide؛ أو الصرخة الاستغاثية؛ أو إيذاء الذات بطرق مختلفة نادر جداً، ومعظم المرضى المسنين الذين يقدمون على إيذاء أنفسهم مصابون باكتئاب متوسط.

    البطاء الجسدي:

    يجب أولاً استبعاد الأسباب الجسدية التي تتضمن داء باركنسون والأمراض الدماغية الوعائية وقصور الدرقية. قد يتظاهر البطاء بازدياد الاتكال على الغير أو الإخفاق في التأقلم. وقد يكون البطاء شديداً مع قدرة منخفضة جداً على الحركة أو توقف الحركة تماماً، فالمريض المكتئب الملازم للفراش غير المتحرك وفاقد الشهية للطعام يجب أن يخضع للعلاج بوصفه حالة إسعافية.

    الجسدنة somatization:

    يشير هذا التعبير إلى المشكلات النفسية التي تتظاهر بأعراض جسدية كما في داء المراق hypochondriasis (قلق غير مناسب حول الصحة). في المرضى الذين يشكون من الجسدنة أو داء المراق تكمن الخطورة حين الإخفاق في اكتشاف المرض الجسدي وعلاجه حين وجوده فعلاً؛ أو بالعكس في الإخفاق في اكتشاف الاكتئاب وعلاجه.

    كيفية ...... تقييم الاكتئاب

    مقاييس الاكتئاب:

    سلّم اكتئاب المسنين (geriatric depression scale (GDS والمعروف بأنه صالح في البيئة المجتمعية والمستشفوية، وهو نوعي جيد في الخرف الخفيف إلى المتوسط.

    وقد يكفي سؤالان أو ثلاثة أسئلة بسيطة لتكون أدوات تحرٍ فعالة؛ فسؤال المريض: هل أنت حزين؟ ذو نوعية وحساسية مقبولة للاكتئاب.

    التاريخ النفسي والفحص

    التاريخ المرضي والفحص الفيزيائي

    الهدف هو البحث عن برهان على مرض عضوي يسهم في الاكتئاب أو يقلد أعراضه، إضافة إلى تقصي مضادات الاستطباب للعلاجات الدوائية.

    تقييم الحالة المعرفية

    كفحص الحالة العقلية المصغر MMSEمثلاً، واختبار رسم الساعة. هل يوجد قصور معرفي مرافق؟ وإذا وجد فهل يتحسن مع علاج الاكتئاب؟ مثل الخرف الكاذب.

    الاختبارات الدموية:

    • تعداد دموي كامل: فقر دم يقود إلى الخمول، ارتفاع متوسط حجم الكريات الحمر (MCV) في حالة الإفراط في الكحول.
    • سرعة التثفل (الخباثات، التهاب الأوعية).
    • ﭭيتامين ب١٢ والفولات (قد تسهم المستويات المنخفضة في الاكتئاب أو تنتج من القهم).
    • اليورية والكرياتينين (يوريميا، تجفاف).
    • الكلسيوم (فرط الكلسيوم الذي قد يقود إلى الاكتئاب والتعب).
    • وظائف الدرقية (قد يتظاهر قصور الدرقية وأحياناً فرط الدرقية بالاكتئاب).
    • وظائف الكبد (الخباثات، فرط تناول الكحول).

    الاكتئاب: التدبير غير الدوائي

    الاكتئاب مرض قلَّ أن يشخص أو يُعالج. يجب البدء بالعلاج مباشرة ورفع درجة العلاج (كجرعة الدواء) تدريجياً بحسب الحاجة؛ والمتابعة كي يكون احتمال النكس منخفضاً نسبياً.

    العلاج الداعم:

  • يتضمن المشورة والتخفيف من الوحدة.
  • علاج الأعراض الجسدية والألم.
  • يجب معالجة مثيرات القلق المنطقية كالمشكلات المالية والمنزلية والاعتماد الجسدي.
  • يجب التفكير في وقف الأدوية المساهمة في إحداث المرض (حاصرات بيتا، البنزوديازبينات، ليفودوبا، الأفيونيات، الستيروئيدات).

    العلاج النفسي:

    العلاج النفسي فعال- مثل مضادات الاكتئاب في الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط- كما قد يكون مفضلاً في بعضهم، وقد يدعم العلاج الدوائي في الحالات المعندة. وللعلاج المعرفي السلوكيcognitive behavioural therapy الشأن الأكبر؛ بيد أن العلاج النفسي غير متاح على نحو كافٍ.

    العلاج بالتخليج الكهربائي:

    يقدم التخليج الكهربائي خياراً علاجياً آمناً وسريعاً مع استجابة معقولة في حالات محددة:

  • حين الحاجة إلى استجابة سريعة.
  • في المرضى المصابين بالاكتئاب ولم يتحملوا مضادات الاكتئاب؛ أو لم تتحسن حالتهم بها.
  • حين يكون الاكتئاب شديداً جداً، ويتظاهر بأعراض ذهانية وتراجع جسدي شديد أو ذهول اكتئابي أو رفض الطعام أو الشراب.

    تتضمن مضادات الاستطباب النسبية أمراض القلب والرئة والأمراض الوعائية الدماغية.

    الإحالة إلى الاختصاصين:

    يجب طلب تقييم الحالة من قبل اختصاصي نفسي للمسنين:

  • إذا كان العلاج غير ناجح بعد ٦-٨ أسابيع من المعالجة.
  • إذا كان الاكتئاب شديداً مع ضلالات مثلاً.
  • إذا كان التشخيص غير واضح حين وجود الاكتئاب مع خلل معرفي مهم مثلاً.
  • إذا رفض المريض العلاج أو هدّد بإيذاء الذات.
  • إذا كانت هناك تساؤلات حول أهلية المريض.
  • إذا فكر في العلاج بالتخليج الكهربائي.

    الاكتئاب: العلاج الدوائي

    العلاج الدوائي فعال على نحو عام؛ وجيد التحمل؛ وغير مسبب للإدمان على الرغم من أن المرضى يعتقدون نقيض ذلك.

  • تلحق مضادات الاكتئاب وصمة مهمة بالمرضى الذين يتناولونها، وأكثر ما يشيع ذلك في المرضى الأكبر سناً؛ مما يستدعي شرح الحالة وتوضيحها.

    لمحة عامة:

  • في الاكتئاب الارتكاسي قد يكون من المفيد إخبار المريض أن الدواء لن يوقف إحساسه بالحزن، ولكنه سيساعد على التأقلم على نحو أفضل مع تلك المشاعر.
  • إبلاغ المرضى أن الاستجابة تحتاج إلى وقت؛ ولكن هذا أمر عادي.
  • لم يثبت بالبرهان أن صنفاً من مضادات الاكتئاب أكثر فعالية من غيره لذا فإن الاختيار يعتمد على التأثيرات الجانبية وسرعة البدء والاستجابة للعلاج سابقاً والتداخلات الدوائية والحالات المرافقة كالقلق والألم.

    مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية

    (selective serotonin reuptake inhibitors (SSRIs:

    مثل السيتالوبرام Citalopram أو السيرترالين Sertraline:

  • تعدّ الصف الأول الموصوف من مضادات الاكتئاب حالياً.
  • هي أقل تهدئة من مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة كالأميتريبتيلين، كما أن تأثيراتها الجانبية والمضادة للكولين أقل، وكذلك تداخلاتها الدوائية أقل ولكنها أكثر منها أمناً في الجرعات العالية.
  • تبدأ استجابة الأعراض عادة بعد أسبوعين ولكنها قد تحتاج إلى ثمانية أسابيع.
  • تتضمن التأثيرات الجانبية الشائعة: الأعراض المعدية المعوية، هبوط الضغط الانتصابي، القلق، التململ، نقص صوديوم الدم. وهذه التأثيرات الجانبية متوسطة عادة وغير عرضية، وتحدث حين تعطى الأدوية مع مدرات البول خاصة.
  • نادراً ما تسبب متلازمة السيروتونين (ينظر الصفحة ٢١١).
  • يجب البدء بجرعات منخفضة لتقليل التأثيرات الجانبية، وزيادتها تدريجياً بحسب الحاجة.
  • إذا لم تحدث استجابة لجرعة مناسبة من مثبطات قبط السيروتونين فمن غير المنطقي تجربة دواء آخر من المجموعة نفسها؛ والأفضل تغيير المجموعة.

    مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة:

    كالأميتريبتيلين والنورتريبتيلين.

  • توصف أقل مما توصف مثبطات قبط السيروتونين.
  • لا تزال ذات شأن فعال في بعض الحالات، مثلاً:
  • إذا كانت الأعراض المضادة للكولين مرغوبة (حين عدم وجود السلس الإلحاحي).
  • حين وجود إمراضية عصبية أو ألم قد يستجيب لتأثيرات هذه الأدوية المسكنة للألم.
  • في الاكتئاب المعند على الأدوية الأخرى.
  • تفضل الأمينات الثنائية كالنورتريبتيلين التي تسبب هبوط ضغط انتصابياً أقل من الثلاثية مثل: أميتريبتيلين والايميرامين، وتكون التأثيرات المضادة للكولين أخف. يُبدأ بجرعة منخفضة وتزاد أسبوعياً.

    مثبطات إعادة قبط السيروتونين والنورأدرينالين

    (serotonin and noradrenaline reuptake inhibitors (SNRIs:

    كالفينلافاكسين venlafaxine تعطى:

  • للاكتئاب الشديد؛ أو حين تكون الاستجابة لمثبطات قبط السيروتونين ضعيفة بعد ستة أسابيع من المعالجة.
  • هي مناسبة للقلق والوسواس القهري.
  • قد تسبب هبوط ضغط انتصابياً أقل من مثبطات إعادة قبط السيروتونين، ولكن التأثيرات الجانبية الأخرى متشابهة.

    مناهضات السيروتونين

    كالميرتازابين mirtazapine:

  • مضاد اكتئاب غير تقليدي يميل إلى إحداث زيادة في الوزن، لذا قد يكون مفيداً لحالات سوء التغذية خاصة.
  • تأثيراته الجانبية المضادة للكولين أقل ولكنه أكثر تهدئة من مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة؛ لذا يمكن التفكير فيه حين الرغبة في بعض التهدئة.
  • كما أن مضاعفة انخفاض الصوديوم أقل حدوثاً مما في مثبطات إعادة قبط السيروتونين.

    مثبطات المونوأمين أوكسيداز monoamine oxidase inhibitor:

    كالموكلوبيميد moclobemide:

  • يستخدم أحياناً تحت إشراف خبير، ولكن التداخلات الدوائية والطعامية قد تسبب بعض المشاكل.
  • يجب الاستمرار بالعلاج مدة تصل إلى سنة، وإذا كان الاكتئاب شديداً أو متكرراً قد يستمر العلاج فترة غير محدودة.

    إيقاف الأدوية:

    قد تظهر ردود الفعل على سحب الدواء (القلق، الهوس، الهذيان، الأرق، التأثيرات الجانبية المعدية المعوية، الصداع، الدوار) إذا أوقفت الأدوية على نحو مفاجئ بعد ثمانية أسابيع أو أكثر، لذا يجب تخفيض الجرعة تدريجياً على مدى أربعة أسابيع. وفي المرضى المعالجين عدة سنوات يجب خفض الجرعة على امتداد أشهر.

    تغيير الأدوية:

    ينصح عادة بزيادة مقدار الدواء الجديد تدريجياً وخفض الدواء القديم تدريجياً بفترة ٢-٣ أسابيع، ونادراً ما يتطلب الأمر فترة غسيل بين الدواءين (مثلاً قبل مثبطات المونوأمين أوكسيداز).

    الانتحار ومحاولة الانتحار

    يتعرض المسنون- ولاسيما الرجال منهم- لخطر زائد من الانتحار (أكثر من محاولة الانتحار)، ومن الشائع أن تتكرر محاولة الانتحار، وقد ينتهي الأمر في هذه الحالة بوقوع الانتحار فعلاً.

    تتضمن عوامل الخطر الذكورة والوحدة (مثل الطوالق والأرامل والعزاب) والعزلة الاجتماعية والأزمات المالية والثكل الحديث وسوابق محاولة الانتحار. وخلافاً لما في الشبان فإن كثيراً من المسنين الذين يحاولون الانتحار يعانون اضطرابات ذهانية في زمن المحاولة، ومعظمهم مصابون بالاكتئاب. ويراجع كثير منهم الأطباء قبل محاولة الانتحار، بيد أن أكثرهم لا يبدون في أثناء زيارة الطبيب أفكاراً انتحارية أو اكتئابية.

    قد يكون السلوك الانتحاري صريحاً overt أو خفياً covert. يتضمن السلوك الصريح:

  • تناول جرعات مفرطة من الأدوية (مثل الأفيونيات ومضادات الاكتئاب والباراسيتامول وبنزوديازيبين، وهي الأكثر شيوعاً في النساء).
  • الأذيات الذاتية self-injury (كالشنق والطلقات النارية والغرق والقفز من أماكن عالية، وهي الأكثر شيوعاً في الرجال).

    أما المحاولات الخفية فهي أكثر شيوعاً في المسنين ويشمل ذلك:

  • الانطواء والانسحاب الاجتماعي social withdrawal.
  • إهمال الذات الشديد self-neglect.
  • رفض تناول الطعام والأدوية والأشربة.

    وقد يتجلى ذلك بمظاهر دقيقة subtle يصعب تمييزها؛ بيد أنها تدعو إلى إجراء استقصاءات واسعة لاستبعاد أحد الأمراض الجسدية، في حين تبقى المشكلة الذهانية خفيَّة دون معالجة.

    تكون الأفكار ideation الانتحارية أكثر شيوعاً في البيئات المؤسساتية (قاعات المرضى في المستشفيات ومراكز التأهيل ودور الرعاية)؛ وفي المرضى المصابين بأمراض جسدية حادة أو مزمنة. تتضمن عوامل الخطر في هذه الأماكن الاكتئاب والآلام المزمنة واضطراب النوم والاضطراب الوظيفي وفرط استخدام الأدوية ووصف الأدوية نفسية المفعولpsychotropic . تتظاهر الأفكار الانتحارية في أبسط أشكالها على هيئة شكوك حميدة تتناول الحياة وما إذا كانت تستحق أن تُعاش. أما في نماذجها الخطرة فتتجلى على هيئة أفكار مصوغةٍ بعناية وراسخة بقوة مفادها أن الموت أفضل من الحياة؛ وعلى هيئة مخططات تبين كيفية تنفيذ ذلك.

    يتطلب تقييم شدة severity المحاولة جهداً لتحديد مدى خطورة الوضع من منظور المريض في زمن المحاولة، وقد لا يتناسب ذلك مع خطورة المحاولة من الناحية الطبية. ويتطلب ذلك النظر في الأمور التالية:

  • درجة التخطيط مقارنةً بدرجة الاندفاع impulsivity.
  • احتمال التوقف عن التنفيذ في أثناء المحاولة.
  • رد الفعل reaction على وقف التنفيذ (خيبة الأمل أو الارتياح).
  • الرسالة التي يتركها ومحتوياتها.
  • التخطيط المستقبلي (مثل كتابة الوصية، محتويات رسالة المنتحر).
  • وجهة النظر الشخصية فيما يتعلق بالانتحار وكونه خياراً معقولاً للحياة.

    الإحالة إلى الاختصاصي: يجب تحويل جميع محاولات الانتحار والأفكار الانتحارية والمحاولات الخفية للانتحار إلى الاختصاصين، ومن المحتمل ألا يتطلب الأمر الإحالة في حالات الأفكار الانتحارية غير المستمرة؛ أو الأفكار الانتحارية غير المرفقة بمخططات تنفيذية.

نهلة الحاج حسن
 

التصنيف : أمراض الشيخوخة
المجلد: كتاب أمراض الشيخوخة
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1050
الكل : 58491193
اليوم : 63707