logo

logo

logo

logo

logo

الأخماج ب-المكورات العقدية

اخماج بمكورات عقديه

streptococcal infections - infections à streptocoque



الأخماج بالمكورات العقدية

سمير مرعي 

 أخماج العقديات من المجموعة A

 أخماج العقديات من المجموعة B

أخماج العقديات لاA ولا B والمكورات المعوية

 

 

أولاً- أخماج العقديات من المجموعة A:

السببيات:

العقديات Streptococcus مكورات إيجابية الغرام، تنمو على هيئة أزواج أو سلاسل مختلفة الأطوال (الشكل 1)، تمَّ تصنيفها على أساس قدرتها على حل كريات الدم الحمر. وتدعى العقديات المحتوية على الحالاّت الدموية التي تسبب انحلالاً كاملاً؛ الحالة للدم - بيتا، والتي تسبب انحلالاً جزئياً (أخضر اللون)؛ الحالة للدم - ألفا، والتي لا تسبب انحلالاً تدعى اللاحالّة (أو السادرة) St. anhemolyticus.

الشكل (1)
تبدو فيه المكورات العقدية كسلاسل تحت المجهر باللطاخة

وبما أن حلَّ الدم وحده غير كافٍ لتحديد القدرة الإمراضية فقد قام لانسفيلد Lancefield بتقسيم العقديات على أساس المكوّنات السّكّريّة (السكريات - C) الموجودة ضمن الجدار الخلوي إلى المجموعات من A إلى H ومن K إلى V.

يتألف جدار العقديات الخلوي من ثلاث طبقات مميزة، تحوي الطبقة الخارجية عدّة بروتينات مستضدية أكثرها أهمية البروتين M؛ الذي تم استناداً إليه تمييز أكثر من 100 نمط من العقديات الحالة بيتا مجموعة آ (group A bβ-hemolytic streptococci (GAS ودعيت العقديات المقيحة Streptococcus pyogenes. ويبدو أن المستضد M هو العامل الأهم في تحديد الفوعة، إذ إن له شأناً في الالتصاق بالخلايا الظهارية ومقاومة البلعمة، كما يشكل حمض التيكويك الشحمي lipoteichoic acid - وهو أحد مكونات الجدار الخلوي- عامل فوعة آخر يحضّ على حدوث الاستعمار من خلال الارتباط بالـ fibronectin على سطح الخلايا الظهارية. تقاوم المحفظة - المحتوية على الحمض الهيالوروني- البلعمة، مما يسهّل استمرار الفوعة، وتتوجه المناعة المكتسبة تجاه البروتين M.

تحرّر العقديات الذيفانات والإنزيمات والحالاّت الدموية، ويتحرر أكثر من 20 مستضداً خارج الخلايا من قبل العقدية الحالة للدم من المجموعة A التي تنمو في الأنسجة الإنسانية، وتضم مجموعة المنتجات خارج الخلوية ذات الأهمية السريرية الكبرى الذيفانات الخارجية المولدة للحمى pyrogenic، وهي (C, B, A) والستربتوليزين O، والستربتوليزين S، والستربتوكيناز، والـ DNase والهيالورونيداز والبروتيناز.

والذيفانات الخارجية المقيحة هي المسؤولة عن الطفح في الحمى القرمزية scarlet fever؛ وعن الصدمة في المرض المشابه للصدمة السميّة، وعلى العموم يعتمد تحرّر الذيفانات الخارجية المقيحة على خمج عاثية الجراثيم (الاستذابة lysogeny) للعقدية، أما الستربتوليزين S  فهو في جزئه الأكبر مرتبط بالخلية ويتولى تدمير أغشية العدلات والصفيحات. يتم إنتاج الستربتوليزين O من قبل معظم عناصر المجموعة A وبعض عناصر المجموعة B من العقديات، ويقوم بحلّ كريات الدم الحمر، وله فعل سام للعدلات والصفيحات وللعضلة القلبية في الثدييات.

تُبيِّن الدراسات الوبائية وجود علاقة بين بعض الأنماط المصلية كالأنماط (1،3،5،6،18،19،24) وبين الحمى الرثوية rheumatic fever، ولكن العامل النوعي المسبب للحمى الرثوية rheumatogenic لم يتم تمييزه بعد، كما أن عدة أنمـاط مصلية مثل (49،55،57،59) تترافق وتقيـح الجلـد كما تترافق والتهـاب الكبب والكلية الحاد acute glomerulonephritis، والأنماط الأخرى مثل (1،6،12) تترافق والتهاب البلعوم القيحي، والتهاب الكبب والكليـة الحـاد، كما أن مجموعة العقديات C وG تترافق والتهاب بلعوم وقد تترافق والتهاب كلية حاد acute nephritis ولكنها لا تسبب الحمى الرثوية.

الوبائيات:

ينجم انتقال الأخماج في معظم الحالات من التماس بمفرزات الطرق التنفسية بما في ذلك الأوبئة المدرسية من التهاب البلعوم، ويرافق التهاب البلعوم والقوباء impetigo ومضاعفاتها غير القيحية الازدحامَ الذي غالباً ما يشاهد في مجتمعات متدنية اقتصادياً واجتماعياً، كما أن التماس الصميمي في المدارس ومراكز العناية بالأطفال ووحدات الجيش يسهّل الانتقال والانتشار، وحدثت جائحات منقولة بالغذاء نتيجة سوء تحضير الغذاء وإجراءات التبريد.

يحدث التهاب البلعوم بالعقديات وتقيح الجلد pyoderma في كل الأعمار، لكنه أكثر شيوعاً في الأطفال بعمر المدرسة والمراهقين.

التهاب البلعوم وتقيح الجلد واسع الانتشار جغرافياً، وتقيح الجلد أكثر شيوعاً في المناخات المدارية والفصول الحارة، ويعزى ذلك إلى لدغ الحشرات ورضوض الجلد البسيطة الأخرى. أمّا التهاب البلعوم فأكثر شيوعاً في أواخر الخريف والشتاء والربيع في المناخات المعتدلة، ويعزى ذلك إلى التماس الصميمي بين الأشخاص في المدارس.

أظهرت بعض الدراسات على زروع البلعوم في أطفال غير عرضيين حين حدوث الأوبئة المدرسية من التهاب البلعوم؛ أن نسبة الانتشار عالية راوحت بين 15% إلى 50%، وإن حمل هذه العقديات في البلعوم الأنفي قد يستمر عدة أشهر لكن خطورة الانتقال إلى الآخرين تكون قليلة.

ينتقل الجرثوم في القوباء الناتجة من العقديات عن طريق شخص آخر مصاب بالقوباء بالتماس المباشر، وتكون مسبوقة عادة باستعمار العقديات للجلد الطبيعي، وتحدث الآفات المتقوبئة impetiginous lesions في أماكن تفرِّق الاتصال في الجلد (لدغ الحشرات، أو حروق، أو جروح رضّية)؛ لأن العقديات A لا تدخل الجلد الطبيعي، وبعد تطور الآفات القوبائية تصبح الطرق التنفسية العلوية مستعمرة بالعضويات. أمّا أخماج الجروح الجراحية والإنتان النفاسي فتحدث من انتقال العضويات المحمولة بالأيدي، وقد تحدث جائحات ضمن المستشفيات

وفي الولدان قد يحدث الخمج داخل الرحم intrapartum من انتقاله بالتماس في المرحلة الأخيرة من الولادة، ويبدأ الخمج غالباً في السّرة (التهاب السرة بالعقديات A omphalitis)، ويبدو أن نسبة الأخماج الشديدة الغازية بالـ GAS مثل: تجرثم الدم ومتلازمة الصدمة السّمّية والتهاب اللفافات المنخر necrotizing fasciitis آخذة بالازدياد في السنوات الأخيرة، كما يبدو أن النسبة أعلى في الرضع وكبار السّن.

وفي الأماكن المزدحمة كالمدارس ومراكز العناية بالأطفال قد تصل نسبة حملة العقديات A في الأطفال السليمين إلى 15% بغياب جائحات العقديات، لذا فإن دراسة زرع مسحة البلعوم واسعة الانتشار، وتصنيف العقديات لا يستطب منوالياً، ويجب إجراؤه فقط حين ظهور عدة حالات من الحمى الرثوية والتهاب الكبب والكلية وأمراض العقديات A الغازية الشديدة. كما أن أخذ زروع من الآفات القوبائية غير مستطب منوالياً؛ لأنه يظهر - غالباً- كلاً من العنقوديات والعقديات وليس سهلاً تحديد أيهما العامل الممرض.

التظاهرات السريرية:

الشكل (2) الحمى القرمزية
 
الشكل (3) لسان الفريز الأبيض في الحمى القرمزية
 
الشكل (4) لسان الفريز الأحمر في الحمى القرمزية
 
الشكل (5) الحمرة 
 
الشكل (6) التهاب اللفافة النخري
 
الشكل (7) التهاب السرة عند الوليد

يعد التهاب البلعوم واللوزتين الحاد acute pharyngotonsillitis المرض السريري الأكثر شيوعاً الناتج من العقديات A، وقد تحدث في بعض المرضى غير المعالجين مضاعفات قيحية مثل التهاب الأذن الوسطى otitis media، أو التهاب الجيوب sinusitis، أو الخراجات حول اللوزة وخلف البلعوم peritonsillar and retropharyngeal abscesses أو التهاب الغدد الرقبية القيحي suppurative cervical adenitis. وما يميز التهاب الطرق التنفسية العلوية بالعقديات علاقتها بعقابيل غير قيحية non suppurative sequelae مثل الحمى الرثوية الحادة، والتهاب الكبب والكلية الحاد.

ومن الشائع ترافق الحمى القرمزية (الشكل2) والتهاب البلعوم، وترافق - نادراً- تقيح الجلد أو الجروح المخموجة، وتنتج الحمى القرمزية من واحد أو أكثر من عدة ذيفانات خارجية محمِّرة erythrogenic exotoxins تفرزها ذراري من العقديات مجموعة A، ويظهر الطفح عادة في مدة 24-48 ساعة من بدء التهاب البلعوم، ويكون حمامياً ونقطياً أو حطاطياً ناعماً يشحب بالضغط، وقد يكون أكثر وضوحاً بالجس منه بالنظر في بعض المرضى، ويصبح الجلد خشناً يشبه ورق الزجاج أو جلد الإوزة. يظهر الطفح في البدء في الإبط والمغبن والرقبة ثم يصبح معممّاً في مدة 24 ساعة، ويكون أشد كثافة في مناطق الثنيات وخاصة المغبن والحفرة أمام المرفق (خطوط Pastia)، ولا تظهر الآفات النقطية على الوجه ويبدو الخدّان والجبهة متوهجّين مع شحوب حول الفم، وفي الحالات الشديدة قد تظهر آفات حويصلية صغيرة (الطفح الدخني البلوري) فوق البطن واليدين والقدمين. يبدأ الطفح بالتراجع بعد 3-4 أيام من البدء، وقد يحدث توسف على الوجه على شكل قشور رقيقة في نهاية الأسبوع يمتد فوق الجذع وأخيراً على اليدين والقدمين، ويلاحظ على اللسان غطاء أبيض تنتؤ من خلاله حليمات حمر متوذمة (لسان الفريز الأبيض) (الشكل 3)، ويتقشر الغطاء الأبيض بعد عدة أيام، ويترصع اللسان الأحمر بحليمات بارزة (لسان الفريز الأحمر) (الشكل 4).

ويجب تمييز القرمزية من الحصبة والحصبة الألمانية والحمامى الخمجية وكثرة الوحيدات الخمجي وأخماج الڤيروسات المعوية والطفح المفاجئ وحروق الشمس الشديدة ومتلازمة الصدمة السمية والارتكاسات الدوائية وداء كاوازاكي.

وقد تُصادف نادراً حمّى قرمزية شديدة مع مظاهر سمّية جهازية. وأول ما يظهر في الدُرَّج toddlers (من 1-3 سنوات) المصابين بالتهاب طرق تنفسية علويـة بالعقديات مجموعة A التهاب أنف مصلي serous rhinitis، ثم يتطور المرض فتظهر حرارة متوسطة وهيوجية irritability وقهم وحمى العقديات streptococcal fever.

 وليس من الشائع ترافق خمج الطرق التنفسية العلوية بالعقديات والحمى القرمزية في الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 3 سنوات.

يعدّ الجلد المكان الثاني الأكثر شيوعاً لأخماج العقديات، مثل تقيح الجلد أو القوباء pyoderma or impetigo، وقد ينتج من هذه الأخماج الجلدية التهاب كبب وكلية حاد.

ومن أخماج العقديات الأخرى: الحمرة erysipelas (الشكل5)، والتهاب الهلل حول الشرج perianal cellulitis، والتهاب المهبل، وتجرثم الدم bacteremia (مع بؤر موضعة مميزة أو من دونها)، وذات الرئة، والتهاب الشغاف endocarditis، والتهاب التأمور pericarditis، والتهاب المفصل القيحي septic arthritis، والتهاب الهلل cellulitis، والتهاب اللفافة النخري necrotizing fasciitis (الشكل 6)، وذات العظم والنقي osteomyelitis، والتهاب العضل myositis، والإنتان النفاسي puerperal sepsis، وأخماج الجروح الجراحية، والتهاب السرة عند الوليد neonatal omphalitis (الشكل 7)، وقد تكون أخماج العقديات الغازية شديدة مع بؤرة إنتانية صريحة أو إنتان موضعي أو من دون هذه البؤر، وقد تترافق ومتلازمة الصدمة السمية بالعقديات streptococcal toxic shock syndrome، ويكون مدخل الأخماج الغازية غالباً الجلد أو الأنسجة الرخوة، وقد تكون تالية لرضوض بسيطة غير مميزة.

التشخيص:

أكثر الإجراءات فائدة في إثبات التشخيص عزل العقديات بالزرع الجرثومي من الحلق أو الجلد أو الدم أو الأماكن الأخرى المصابة.

ولما كانت العقديات الحالة للدم من نبيت (فلورا) البلعوم الطبيعي فإن عزل هذه العقديات من بلعوم طفل مصاب بخمج في البلعوم؛ لا تعد معه بالضرورة مسؤولة عن الخمج.

ويكون التشخيص أكثر دقة حين عزل العقديات من أطفال يعانون التهابَ بلعوم متوسط الشدة إلى شديد مع حبرات على الحنك والتهاب عقد رقبية، ولا تعد اختبارات الكشف السريع عن المستضد - والمتوافرة حالياً - ذات درجة حساسية كافية لوضع التشخيص من دون أن يرافقها الزرع، ويمكن التعويل على النتيجة الإيجابية عادة، لهذا يوصى بتقديم المعالجة لكل الأطفال الذين يعانون التهاب البلعوم مع نتيجة زرع مسحة بلعوم إيجابية أو إذا كان الاختبار السريع للمستضد إيجابياً للعقديات؛ مع أن وجود العقديات في بعض الحالات يمثل حالة استعمار فقط.

وقد يرتفع تعداد الكريات البيض في الأخماج الناتجة من العقديات أو يبقى طبيعياً، ولكن هذا الأمر ليس نوعياً، وكذلك ارتفاع سرعة تثفل الكريات الحمر (ESR) والبروتين الارتكاسي C CRP().

يمكن تقييم الاستجابة المناعية لدى الثوي إثر التعرض لمستضد العقديات بعيار أضداد السترييتوليزين (ASO) ومضاد الـ DNase B. يرتفع عيار الـ ASO إلى أكثر من 166 وحدة في أكثر من 80% من الأطفال غير المعالجين والمصابين بالتهاب بلعوم بالعقديات في غضون الأسابيع 3-6 الأولى بعد حدوث الخمج، ويمكن للمعالجة الفعالة بالصادات في مرحلة مبكرة أن يعدل هذه الاستجابة أو يلغيها. تكون عيارات ASO مرتفعة جداً في المرضى المصابين بالحمى الرثوية، بعكس تقيحات الجلد التي تكون فيها عيارات ASO إيجابية خفيفة أو طبيعية، أمّا الاستجابة في المصابين بالتهاب كبيبات الكلية فمتباينة.

أما مضاد الـ DNase B فهو الاختبار المصلي الأفضل لكشف تقيح الجلد بالعقديات؛ إذ تبدأ مستوياته بالارتفاع بعد الإصابة بالخمج بـ 6-8 أسابيع، كما ترى في الكثير من المرضى المصابين بالتهاب البلعوم بالعقديات عيارات عالية ضد هذا الإنزيم، وقد تحدث في المرضى المصابين بتقيح الجلد والتهاب البلعوم استجابات ضد الهيالورونيداز.

المعالجة:

1- التهاب البلعوم: البنسلين ڤ penicillin-V هو الدواء المختار لعلاج التهاب البلعوم بالعقديات آ ما عدا المتحسسين ضد البنسلين، وقد يستخدم الأمبيسيللين ampicillin أو الأموكسيسيللين amoxicillin بدلاً من البنسلين ڤ، ولكن ليس لهذه المركبات ميزات البنسلين ڤ؛ مع أن بعض الدراسات ترى أن فعل الـ amoxicillin جرعة واحدة يومياً مدة 10 أيام مثل فعل الـ penicillin V 3 مرات يومياً مدة 10 أيام.

تقي المعالجة بالـ penicillin V من حدوث الحمى الرثوية الحادة حتى لو بدأت المعالجة متأخرة بعد 9 أيام من بدء المرض الحاد، وتقصّر السير السريري، وتنقص خطورة العدوى وتنقص خطورة العقابيل القيحية. وفي كل حالات الحمى الرثوية الحادة يجب إكمال شوط المعالجة بالـ penicillin أو الصادات الأخرى المناسبة لعلاج التهاب البلعوم بالعقديات آ حتى استئصالها تماماً من البلعوم، وجرعة الـ penicillin V الموصى بها فموياً هي 400.000 وحدة (250ملغ) 2-3 مرات يومياً مدة 10 أيام للأطفال الذين يقل وزنهم عن 27 كغ، و800.000 وحدة (500 ملغ) 2-3 مرات يومياً للأطفال الذين يزيد وزنهم على 27 كغ وللمراهقين وللبالغين. وللوقاية من حدوث الحمى الرثوية الحادة يجب أن تستمر المعالجة بالـ penicillin مدة 10 أيام بغـض النظر عن التحسن السريري السريع، ومع اختلاف درجة امتصاص مستحضرات الـ penicillin الفموية فإن فعاليتها السريرية متشابهة، وقد يكون فشل المعالجة بالبنسلين الفموي أكثر من فشل الـ benzathine penicillin عضلياً بسبب نقص المطاوعة بالمعالجة الفموية، والمعالجة بالـ penicillin g benzathine عضلياً معالجة جيدة لأنها توفر تراكيز دموية مناسبة وتتجنب مشكلة المطاوعة لكنها مؤلمة للمريض. يعطى الأطفال الذين تقل أوزانهم عن 27كغ من هذا الدواء جرعة وحيدة مقدارها 600.000 وحدة، ويعطى الأطفال الأكبر والبالغون جرعة وحيدة مقدارها 1.2 مليون وحدة، ويكون الألم أقل إذا كان المستحضر موضوعاً في حرارة الغرفة قبل الحقن العضلي.

ويعالج التهاب البلعوم بالعقديات في الأشخاص المتحسسين ضد البنسلين بالـ erythromycin estolate بجرعة 20-40 ملغ/كغ يومياً فموياً مقسمة على 2-4 جرعات ومدة 10 أيام، أو بالـ erythromycin ethylsuccinate 40ملغ/كغ يومياً مقسمة على 2-4 جرعات، والجرعة القصوى 1غ يومياً. ومن العلاجات الفعالة الماكروليدات macrolides الأخرى مثل clarithromycin مدة 10 أيام أو azithromycin مدة 5 أيام على الرغم من ظهور ذراري strains من العقديات A مقاومة للإريثروميسين ولباقي الماكروليدات في بعض مناطق العالم.

أما الـ tetracycline والـ sulfonamides فيجب ألاّ يستخدما في علاج التهاب البلعوم بالعقديات؛ لأن العديد من السلالات مقاومة للتتراسيكلين والسلفوناميدات وهي لا تستأصل العقديات GAS من البلعوم الأنفي، مع أنها فعّالة في الوقاية من العدوى بالنسبة إلى تكرار الحمى الرثوية.

والأطفال الذين يتكرر فيهم التهاب البلعوم بالعقديات آ بعد استكمال الشوط العلاجي الفموي مدة 10 أيام؛ يعاد علاجهم بالصاد السابق نفسه، أو بصاد فموي بديل أو يعطى جرعة من البنسلين G بنزاتين وبخاصة حين عدم وجود مطاوعة بتناول الصادات فموياً، كما يوجد صادات أخرى بديلة تتضمـن السيفالوسبورينات ضيقة الطيف مثل: clindamycin,  amoxicillin-clavulanate, erythromycin أو الماكروليدات الأخرى، ولا يزال الاختلاف قائماً حول المعالجة الأكثر ملاءمة في مثل هذه الحالات.

2- تدبير حملة العقديات A في البلعوم الأنفي pharyngeal carriers: المعالجة بالصادات غير مستطبة لكل حالات حملة العقديات آ في البلعوم إلاّ في بعض الحالات الخاصة التي تتضمن:

 - حدوث هجمة حمى رثوية حادة أو التهاب كبب وكلية بعد العقديات.

- حدوث وباء التهاب بلعوم بالعقديات  آ في مجتمع مغلق.

- وجود قصة عائلية لحمى رثوية.

- حدوث عدة هجمات من التهاب بلعوم عرضي بالعقديات GAS مثبت في العائلة نفسها في عدة أسابيع بغض النظر عن المعالجة المناسبة.

- قلق شديد عند العائلة من أخماج العقديات.

- إذا كان الحمل المزمن للعقديات آ في البلعوم هو الاستطباب لاستئصال اللوزتين، ومن الصعوبة استئصال العقديات آ من البلعوم بالصادات التقليدية.

وقد أظهرت بعض الصادات فعالية أكثر من البنسلين في استئصال العقديات آ في حالة الحمل المزمن، ومن هذه الصادات: clindamycin، amoxicillin-clavulanate، مشاركة الـ rifampin في آخر أربعة أيام من المعالجة مع البنسيلين ڤ أو بنسيلين ج بينزاتين، والأكثر فعالية من هذه الأدوية هو الـ clindamycin بجرعة 20ملغ/كغ يومياً مقسمة على 3 جرعات مدة 10 أيام، كما ترى بعض الدراسات أن إعطاء الـ azithromycin فموياً - بوصفه نظاماً علاجياً قصير الأمد- فعّال في استئصال العقديات آ من البلعوم الفموي، إلاّ أن استخدامه الواسع يَقود إلى نشوء جراثيم مقاومة للماكروليدات.

3- القوباء العقدية streptococcal impetigo: يفيد تطبيق مراهم mupirocin موضعياً في حصر انتشار القوباء بالعقديات آ من شخص إلى آخر ولشفاء المرض الموضع.

أما حين وجود عدة إصابات أو إصابة أفراد العائلة أو وحدات العناية بالأطفال أو الفرق الرياضية؛ فيجب معالجة القوباء بأنظمة علاجية بالصادات تعطى جهازياً؛ لأن هجمات القوباء هنا يمكن أن تكون ناتجة من العقديات المذهبة S. aureus أو العقديات المقيحة Streptococcus pyogenes، أمّا الأطفال المصابون بالقوباء فيجب أن يعالجوا بصاد فعّال ضد العقديات والعنقوديات.

4- معالجة الأخماج الأخرى: تعالج الأخماج الشديدة مثل: التهاب الشغاف، وذات الرئة، وإنتان الدم septicemia، والتهاب السحايا، والتهاب المفاصل، والتهاب العظم والنقي osteomyelitis، والتهاب اللفافة النخري necrotizing fascitis، والتهاب السّرّة في الوليد neonatal omphalitis ومتلازمة الصدمة السمية بالعقديات streptococcal toxic shock syndrome؛ بجرعات عالية من الصادات وريدياً ولمدة 2-6 أسابيع.

ثانياً- أخماج العقديات من المجموعة ب  group B streptococcal infections

السببيات:

العقديـة من المجموعـة ب (GBS) group B streptococci هـي مكـورات مزدوجة diplococci هوائيـة إيجابيـة الغرام، تُنتـج عـادة الحالّـة الدمويـة بيتـا beta hemolysin، وتقسم إلى 9 أنماط مصلية على أساس عديد السكاريد المحفظي  (capsular polysaccharides) وهـي: Ia، Ib، II، III، VIII، والأنمـاط المصليـة Ia، Ib، III، V تؤلف 95% تقريباً من كل الحالات في بعض البلاد، والنمط III هو السبب المسيطر في التهاب السحايا ذي البدء الباكر ومعظم الأخماج ذات البدء المتأخر.

الوبائيات:

العقديات ب ساكن شائع في الطرق البولية التناسلية والطريق المعدي المعوي وأقل شيوعاً في البلعوم.

يراوح معدّل استعمارها المرأة الحامل والرضع حديثيّ الولادة بين 15% و40%، وقد يكون الاستعمار في أثناء الحمل ثابتاً أو متقطعاً، وقد انخفضت نسبة الخمج ذي البدء الباكر من 70% تقريباً إلى 0.5 حالة تقريباً لكل 1000 ولادة حيّة بعد استخدام الوقاية بالصادات في أثناء المخاض.

تراوح نسبة الوفيات case-fatality ratio بين 5% و 8% لكنها أعلى في الولدان الخدج.

يحدث الانتقال من الوالدة إلى الوليد في أثناء الولادة أو قبلها مباشرة، أمّا بعد الولادة فإن الانتقال من شخص إلى آخر قد يحدث، كما يمكن أن تنتقل العقديات ب في وحدات العناية المشددة الخاصة بالرضع من الأشخاص العاملين ضمن المستشفى بوساطة الأيادي الملوثة، ولكن ذلك غير شائع، وانتقالها أكثر شيوعاً في المجتمع من الناس السليمين المستعمرين بالجرثوم.

تزداد خطورة الخمج ذي البدء الباكر في الحالات التالية: الرضع الخدج أقل من 37 أسبوعاً حملياً، والرضع المولودين بعد 18 ساعة أو أكثر من تمزق الأغشية الأمنيوسية، والرضع المولودين من أمهات لديهم حمولة زائدة من العقديات ب في الطرق التناسلية، وارتفاع حرارة الأم في أثناء المخاض < 38ْم، والتهاب المشيمة والسلي chorioamnionitis، أو وجود بيلة جرثومية بالعقديات ب في أثناء الحمل، كما أنّ غياب التركيز المصلي للضد النوعي للنمط المصلي أو انخفاضه عامل منبئ بزيادة الخطورة، ومن عوامل الخطورة الأخرى عمر الوالدة أقل من 20 سنة، والعرق الأسود.

إن فترة قابلية العدوى غير معروفة ولكنها قد تمتد طوال فترة المرض أو الاستعمار، ويمكن أن يبقى الرضع مستعمرين بالجرثوم لعدة أشهر بعد الولادة وبعد معالجة الخمج الجهازي.

يعاود خمج العقديات ب في 1% إلى 3% تقريباً من الأطفال المعالجين بشكل جيد.

فترة الحضانة للخمج ذي البدء الباكر أقل من 7 أيام، أما في الخمج ذي البدء المتأخر فغير معروفة؛ ولكن غالباً ما يحدث المرض ما بين اليوم السابع و3 أشهر من العمر، وتحدث 10% من الحالات في الأطفال خارج مرحلة الرضاعة الباكرة، والعديد من الحالات تحدث في رضع ولدوا قبل موعد الولادة.

التظاهرات السريرية:

تعد العقديات ب أكثر أسباب الأخماج الجرثومية حول الولادة perinatal شيوعاً وتشمل: تجرثم الدم bacteremia، والتهاب بطانة الرحم endometritis، والتهاب المشيمـة والسلى chorioamnionitis، وأخماج المجاري البولية في المرأة الماخض، وأخماجاً موضعية وجهازية في الولدان حتى عمر 3 أشهر بعد الولادة أو أكثر.

تصنف الأخماج الغازية في الرضع الصغار على أساس العمر الزمنيchronologic age حين بدء الخمج إلى: مرضِ ذي بدء باكر؛ يحدث في غضون الـ 24 ساعة الأولى من الحياة حتى 6 أيام؛ ويتميز بعلامات مرض جهازي مثل: الضائقة التنفسية respiratory distress وتوقف التنفس apnea؛ والصدمة shock؛ وذات الرئة، وبمظهر أقل شيوعاً التهاب السحايا (10% إلى 50% من الحالات)، ومرض ذي بدء متأخر؛ يحدث بعمر 3-4 أسابيع (7 أيام -3 أشهر) ويتظاهر بتجرثم دم خفي occult bacteremia أو التهاب سحايا أو أخماج أخرى موضّعة مثل: ذات العظم والنقي؛ والتهاب المفصل القيحي؛ والتهاب الغدد؛ والتهاب الهلل.

كما قد تسبب العقديات زمرة ب أخماجاً جهازية في البالغين غير المرأة الحامل والمصابين بأمراض مستبطِنة مثل السكري الشبابي، أو مرض كلوي أو كبدي مزمن، أو خباثة، أو الأمراض الأخرى المضعفة للمناعة immune compromising conditions، وفي الذين يزيد عمرهم على 65 سنة.

الاختبارات التشخيصية:

يفترض وجود الخمج حين وجود المكورات إيجابية الغرام في سوائل الجسم العقيمة باللطاخة المحيطية (مثل السائل الدماغي الشوكي، أو الجنب، أو سائل المفصل) ويؤكد التشخيص بزرع الدم وسوائل الجسم الأخرى العقيمة أو زرع البؤر القيحية، والتنميط المصلي متوافر في المخابر المرجعية، ولا يستطب إجراء الاختبار السريع لتمييز مستضد الـ GBS في سوائل الجسم عدا السائل الدماغي الشوكي.

المعالجة:

المعالجة البدئية المختارة لعلاج حديثي الولادة المصابين بخمجٍ مفترضٍ غازٍ هي الـ ampicillin والـ aminoglycoside، ويمكن إعطاء الـ penicillin G وحده عندما يثبت سريرياً ومخبرياً أن العقديات ب هي سبب الخمج.

وفي الرضع المصابين بالتهاب سحايا بالعقديات ب تكون جرعة الـ penicillin G للذين تقل أعمارهم عن 7 أيام 250.000 إلى 450.000 وحدة لكل 1كغ من الوزن يومياً بطريق الوريد مقسمة إلى 3 جرعات، والجرعة في الرضع فوق الـ 7 أيام من العمر 450.000 إلى 500.000 وحدة لكل 1كغ من الوزن يومياً بطريق الوريد مقسمة إلى 4-6 جرعات، أما ampicillin فإن الجرعة المستطبة للولدان المصابين بالتهاب سحايا وبأعمار أقل من 7 أيام 200 إلى 300ملغ لكل 1كغ يومياً بطرق الوريد مقسمة إلى 3 جرعات، و300ملغ لكل 1كغ يومياً مقسمة على 4-6 جرعات بطريق الوريد في الرضع فوق الـ 7 أيام من العمر.

وفي الإصابة بالتهاب السحايا يعتقد بعض العلماء أن إعادة فحص السائل الدماغي الشوكي بالبزل القطني بعد 24-48 ساعة تقريباً من بدء المعالجة يساعد على توجيه التدبير وعلى الإنذار، أمّا إجراء البزول القطنية الإضافية والدراسات الشعاعية فتستطب فقط حين الشك بالاستجابة للمعالجة، وفي حال استمرار التبدلات العصبية المرضية. ومن المفيد حينئذ استشارة طبيب مختص بالأمراض الخمجية في الأطفال.

والرضع المصابون بتجرثم دم bacteremia من دون بؤر صريحة يجب أن تستمر معالجتهم مدة 10 أيام، أما الرضع المصابون بالتهاب سحايا غير متضاغف فإن المعالجة مدة 14 يوماً تعد كافية، ولكن المعالجة مدة أطول قد تكون ضرورية للرضع حين السير السريري الطويل أو حين حدوث مضاعفات.

أما ذات العظم والنقي osteomyelitis أو التهاب البطينات ventriculitis فتتطلب معالجة مدة 4 أسابيع.

ثالثاً- أخماج العقديات لاA ولا B والمكورات المعوية non group A or B streptococcal and enterococcus infections:

السببيات:

تطور تسمية أجناس العقديات وتصنيفها نتيجة تطبيق التقنيات الجزيئية molecular technology، فمن بين العضويات إيجابية الغرام سلبية الكاتالاز والتي تبدو كسلاسل بتلوين غرام؛ هناك نوعان هما الأكثر ترافقاً وأمراضاً تصيب الإنسان، وهما: العقديات Streptococcus والعقديات المعوية Enterococcus.

ويحوي صنف العقديات المعوية Enterococcus أكثر من 20 نمطاً، وتعد العقديات البرازية Enterococcus faecalis أكثر أسباب أخماج العقديات المعوية في الإنسان.

الوبائيات:

تسكن العقديات في الإنسان في الجلد (المجموعات G, F, C) والفم والبلعوم (المجموعات G, F, C) والأنبوب الهضمي    (G, F, D وأصناف العقديات المعوية)، والمهبل vagina  G, F, D, C) وأصناف العقديات المعوية)، أما مختلف أنماط العقديات المخضِّرة فأماكن سكنها: الفم والبلعوم والسطوح السنية، والجلد، والطرق البولية التناسلية، ويعتقد أن الانتقال في أثناء المخاض هو المسؤول عن معظم حالات أخماج الوليد ذات البدء الباكر، كما أن تلوث المحيط أو البيئة أو الانتقال عبر أيدي العاملين بالقطاع الصحي قد يساعد على استعمار المرض.

إن فترة الحضانة وفترة إمكانية العدوى غير معروفة.

3- التظاهرات السريرية:

قد تترافق العقديات لا A ولا B وأخماج غازية في الرضع والأطفال والمراهقين والبالغين، وأهم المتلازمات السريرية الأساسية التي تسببها هي: أخماج الطرق البولية، والتهاب الشغاف، وأخماج الطرق التنفسية العلوية والسفلية، والتهاب السحايا، وتترافق العقديات المخضِّرة streptococci viridans والعديد من الأخماج، وربما كانت السبب الأهم لالتهاب الشغاف؛ وتجرثم الدم في مرضى نقص العدلات neutropenic patients في سياق السرطانات، كما أن العقديات المعوية تترافق وتجرثم دم في الولدان والخراجات داخل البطن، وأخماج الطرق البولية في الأطفال الأكبر والبالغين.

الاختبارات التشخيصية:

يساعد الفحص المجهري للسوائل العقيمة في الجسم على الاستدلال على وجود الخمج بالعقديات أو العقديات المعوية، أما التشخيص الأكيد فيثبت بالزرع وتنميط المعزولات isolates باستخدام مصول ضدية نوعية group specific antisera، وقد يساعد تمييز أنماط العقديات المعوية أو تصنيفها على التنبؤ بالحساسية للصادات.

وقد يكون من الضروري في بعض الحالات عمل الاختبارات الحيوية الكيميائية لتمييز العضويات بدقة.

ومن المهم إجراء اختبارات التحسس للصادات بالنسبة إلى معزولات العقديات المعوية المأخوذة من أماكن عقيمة لتحديد الحساسية للأمبيسيلين والڤانكوميسين، إضافة إلى الجنتاميسين وإمكان مؤازرة الجنتاميسين للأمبيسيلين.

المعالجة:

البنسلين G وحده ملائم لعلاج معظـم أخماج العقديات، ومع ذلك فإن المعزولات المقاومة للبنسلين يمكن معالجتها بالـ penicillin والـ gentamycin، وصادات البيتا لاكتام الأخرى والڤانكوميسين.

والعقديات المعوية وبعض سلالات العقديات وخاصة المخضِّرة مقاومة للبنسلين.

والمكورات المعوية مقاومة للسيفالوسبورينات cephalosporins، وقد تكون مقاومة للـ ampicillin والـ vancomycin مما يؤدي إلى صعوبة معالجتها، أما أخماج المكورات المعوية والغازية كالتهاب الشغاف endocarditis والسحايا فيجب أن تعالج بالأمبيسيلين مع الـ aminoglycoside والـ gentamycin للمؤازرة وتقوية الفعل القاتل للجرثوم.

يفيد الـ quinupristin- dalfopristin لعلاج الأخماج الناجمة عن المكورات المعوية المقاومة للڤانكوميسين في البالغين ولكنه غير فعّال ضد العقديات البرازية E. faecalis، في حين يفيد الـ linezolid لمعالجة أخماج المكورات المعوية المقاومة للڤانكوميسين بما فيها العقديات البرازية

 

 

التصنيف : أمراض الأطفال
النوع : أمراض الأطفال
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 111
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1052
الكل : 58491377
اليوم : 63891