الفيروسات التاجية.
فيروسات تاجيه.
-
الفيروسات التاجية
صلاح الدين شحادة
مقدمة:
تنتمي الفيروسات التاجية Coronaviruses إلى فُصيلة الكوراناويات السوية (Orthocoronavirinae) المندرجة ضمن رتبة الفيروسات العشية (Nidovirales).
دعيت هذه الفيروسات بفيروسات كورونا (الفيروسات التاجية) بسبب المظهر المميز لها تحت المجهر الإلكتروني، حيث تمتلك بروزات سطحية، تجعلها تشبه تاج الملك أو الهالة الشمسية.
أولاً- تصنيف الفيروسات التّاجيّة:
تضم تحت عائلة الفيروسات التاجية الأجناس التالية:
١- جنس فيروس كورونا ألفا ويضم الأنواع التالية:
فيروس كورونا البشريNL63، فيروس كورونا البشري E229، فيروس كورونا ألفا ١، فيروس كورونا الألباكا، فيروس كورونا الخفاش محني الجناح، فيروس الإسهال الوبائي الخنزيري، فيروس كورونا خفاش حدوة الفرس HKU2، فيروس كورونا خفاش أليف الظلام.
٢- جنس فيروس كورونا بيتا ويضم الأنواع التالية:
فيروس كورونا البشريOC43، فيروس كورونا البشريHKU1،فيروس كورونا المُرتبط بمتلازمة سارس SARS-Virus ، فيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، فيروس كورونا SARSCoV2 المسبب للمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة COVID -19، فيروس كورونا بيتا ١، فيروس كورونا الفأري، فيروس كورونا الخفاش HKU5، فيروس كورونا خفاش روزيتا HKU9، فيروس كورونا مورين، فيروس كورونا القنفذي EriCoV.
٣- جنس فيروس كورونا غاما ويضم الأنواع التالية:
فيروس كورونا الطيري، فيروس كورونا الحوت الأبيض SW1، فيروس كورونا البط، فيروس التهاب القصبات العدوائي.
٤- جنس فيروس كورونا دلتا ويضم الأنواع التالية:
فيروس كورونا البلبليHKU11، فيروس كورونا مونياKU13، فيروس كورونا القلاعي HKU12.
فيروسات كورونا البشرية:
حُدِّد حتى هذا التاريخ سبعة أنواع من فيروسات كورونا التي تصيب البشر وتنتمي إلى جنسي فيروسات كورونا ألفا وبيتا وهي:
- فيروس كورونا البشري E229(HCoV-229E).
- فيروس كورونا البشري OC43(HCoV-OC43).
- فيروس كورونا البشري NL63(HCoV-NL63).
- فيروس كورونا البشري HKU1.
- فيروس كورونا المُرتبط بمتلازمة سارس (SARS-CoV).
- فيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسيةMERS-CoV ، ويعرف باسم .(HCoV-EMC)
- فيروس كورونا SARSCoV2 المسبب لمرض COVID -19. الشكل رقم (١).
الشكل (١): تصنيف الفيروسات التاجية (فيروسات كورونا). |
اكُتشفت أربعة من فيروسات الكورونا عند البشر، وحدد معظم ملامحها البنيوية والجينية في ستينيات القرن العشرين، وهي فيروس كورونا HCoV-229E وفيروس NL-63 وفيروس OC-43 وفيروسHKU-1 ، تنتشر هذه الفيروسات باستمرارٍ بين البشر، وتسبب نحو ٣٠٪ من الأخماج الخفيفة أو متوسطة الشدة في السبيل التنفسي العلوي لدى الأطفال والبالغين في جميع أنحاء العالم. تتظاهر أخماج فيروسات كورونا البشرية الاعتيادية الحاصلة عند البالغين والأطفال غالباً بالرشح أو الزكام الشائع Common Cold ، وتكون معظم الحالات خفيفة أو متوسطة. قد يرافق الزكامَ الذي تسببه فيروسات كورونا البشرية الاعتيادية أعراض أخرى مثل الحُمى وألم البلعوم والاحتقان والصداع. تحدث الإصابة بفيروسات كورونا البشرية في فصل الشتاء وأوائل الربيع خاصة. نادراً ما تُسبب فيروسات كورونا البشرية الاعتيادية التهاب القصبات أو ذات الرئة.
في العقدين الأخيرين تم تحديد ثلاث سلالات جديدة (طارئة) من فيروسات كورونا تسربت من الحيوانات إلى البشر وتسببت في حدوث متلازمات تنفسية شديدة عند الإنسان، وهي فيروس سارس(SARS-CoV) الذي ظهر عام ٢٠٠٢م في الصين وتسبب في إحداث متلازمة الكرب التنفسي الحاد الوخيم SARS. تمَّ تحديد طبيعة هذا الفيروس الجديد في عام ٢٠٠٣م، ودُعيَ فيروس كورونا المُرتبط بمتلازمة سارس SARS-CoV، وفيروس MERS-CoV الذي ظهر في منطقة الخليج العربي عام ٢٠١٢م وتسبب في حدوث متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وحديثاً فيروس SARS-CoV-2 الذي ظهر في أواخر عام ٢٠١٩ م في مدينة يوهان في الصين؛ والمسؤول عن حدوث متلازمة (كوفيد -١٩)، وقد تسبب في حدوث جائحة عالمية استمرت أكثر من سنة ودعيت جائحة كورونا. يعتقد أن المصدر الأصلي لهذه السلالات الطارئة هي الخفافيش التي تعد خازناً طبيعياً لمئات السلالات من فيروسات كورونا، ويسود الاعتقاد حالياً أن فيروس (SARS-CoV) قد انتقل من الخفاش إلى البشر عبر وسيط حيواني هو حيوان زباد النخيل (نوع من القطط البرية) الذي يؤكل لحمه في بعض مناطق الصين، في حين يعتقد أن فيروسMERS-CoV وصل إلى البشر عبر الجمال، وأدى ظهور الحالات الأولى من متلازمة كوفيد -١٩عند بعض العاملين والمرتادين لسوق كبيرة لتجارة الحيوانات- ولا سيما المائية منها في مدينة يوهان الصينية- إلى الاعتقاد أن فيروسSARS-CoV-٢ المسبب لهذه المتلازمة قد وصل إلى الإنسان بدءاً من الخفاش عبر سلسلة من الوسطاء من الحيوانات، ولا سيما المائية منها والتي كانت تباع في ذلك السوق.
لم تنتشر فيروساتSARS-CoV وMERS-CoV على نطاق واسع، وبقيت الإصابات بهما محدودة جغرافياً ولم تزد على العشرات أو المئات على الرغم من فوعتهما الشديدة ونسبة الوفيات المرتفعة التي تسببانها، كما تراجعت أعداد المصابين بمتلازمة سارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية بوضوح في فترة وجيزة ولم تسجل لاحقاً سوى حالات قليلة معدودة من الإصابة بهما. والمؤكد أن معظم حالات العدوى بهما عند البشر كانت نتيجة التماس المحتمل مع الحيوانات، ويعتقد أن سبب ذلك هو أن التبدلات الجينية التي طرأت على هذين الفيروسين أثناء انتقالهما بين أنواع الكائنات المختلفة وصولاً إلى البشر لم تكن كافية لجعلهما فيروسين بشريين؛ أي قادرين على الانتقال بسهولة بين البشر، لذا كانت الإصابة بهما محدودة الإجراءات الوقائية الصارمة فيما يخص التماس مع الحيوانات.
ثانياً- مظهر فيروسات كورونا وبنيتها الدقيقة:
فيروسات كورونا كروية الشكل، متوسطة الحجم (نحو ١٠٠ نانومتر)، تملك جينوماً كبير الحجم من الحمض النووي الريبي RNA مفرد الطّاق إيجابي الاتجاه. لفيروسات كورونا غلاف يحيط بالحمض النووي والقفيصة الفيروسية؛ ومشتق جزئياً من غشاء خلية الثوي؛ تبرز منه استطالات تشبه الأشواك تعطي الفيروس مظهره المميز (الشكل٢).
الشكل (٢): بنية فيروس كورونا SARS-CoV-2. |
تساهم عدة بروتيناتٍ في البنية العامة لجميع فيروسات كورونا؛ وهي: بروتين القفصية النووية ((nucleocapsid ويدعى البروتينN ، وبروتين الغشاء (البروتين M)، وبروتين الأشواك (Spikes البروتينS)، وبروتين الغلاف (envelope البروتين ٩). في حالة فيروس كورونا المُرتبط بمتلازمة سارس يعمل نطاقُ ارتباط محدد موجود في البروتين S وسيطاً لارتباط الفيروس بمستقبلته الخلوية، وهي مستقبلة الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين ٢ (ACE2) بعض فيروسات كورونا (ولاسيما أعضاء مجموعة فيروسات كورونا بيتا الفرعية A لديها أيضاً بروتين أقصر يُسمى إستراز الراصة الدموية «HE».
يبلغ طول الجينوم الفيروسي المكون من الحمض النووي الريبي رنا مفرد الطاق نحو ٢٧-٣٢ kb. يحاط الحمض النووي بقفيصة بروتينية تحاط هي أيضاً بغلاف مشتق جزئياً من غشاء خلية الثوي. يرمز الجينوم الفيروسي في معظم فيروسات كورونا لخمسة بروتينات بنيوية هيS, M, N HE, E.
- البروتين الشوكيS : يخترق غلاف الفيروس ويكون الأشواك النمطية للفيروس التي تعطيه شكله المميز (شكل التاج)، وهي تتواسط الارتباط بالمستقبلات والالتحام (الاندماج) مع الغشاء الخلوي للخلية المضيفة. كما يحوي البروتين S المستضدات الرئيسية للفيروس التي تحرض الجهاز المناعي للثوي على تشكيل أضداد معَدّلة، كما يعدّ البروتين S الهدف الرئيس للمفاويات السامة للخلايا.
- البروتين الغشائي M: يبرز بنهايته الطرفية N قليلاً على سطح الغلاف الفيروسي، في حين تبقى نهايته C ضمن غلاف الفيروس، ويؤدي هذا البروتين دوراً مهماً في عملية التنسيق الفيروسي في أثناء تنسخه داخل خلية الثوي.
- بروتين القفيصة النووية :N يتشارك مع الجينوم الفيروسي لتكوين القفيصة النووية للفيروس، وله دور في تنظيم تركيب الرّنا الفيروسي، وقد يكون له دور مع البروتين M في عملية انبثاق الفيروسات المتكونة حديثاً من الخلية المُضيفة. وقد حدد بعض البروتينات على سطح اللمفاويات التائية القادرة على تعرف هذا البروتين.
- بروتين استراز الراصة الدموية(HE) يوجد فقط في الفيروسات التاجية بيتا، وهو يسهل ارتباط الفيروس بالحمض النوراميني على سطح الخلايا المضيفة؛ ويشبه الجينوم المرمز له إلى حد كبير الجينوم المرمز للبروتين (HE) في فيروسات الإنفلونزا C، مما قد يظهر وجود علاقة ما بين هذه الفيروسات.
- البروتين الغلافي الصغير E: وظيفته غير معروفة حتى هذا التاريخ، لكن يُعتقد أنه ضروري بالمشاركة مع البروتينات الأخرى (البروتين M وN) لتجميع الفيروس وإطلاقه من الخلية المضيفة.
ثالثاً- تنسُّخ فيروس SARS-CoV-2:
يغزو SARS-CoV-2 الخلايا الكأسية المنتِجة للمخاط والخلايا المُهدَّبة في الجهاز التنفسي، كما أن الخلايا البطانية في الرئة معرضة للعدوى. يرتبط البروتين الشوكي للفيروس بمستقبلات على سطح الخلية المضيفة تدعى مستقبلة الإنزيم المحول للأنجيوتنسين٢ 2 receptor-ACE. ويَعتمد SARS-CoV-2 على البروتياز الخلوي لتهيئة بروتينه الشوكي ليندمج مع الغشاء الخلوي متبوعاً باختراق معقد البروتين المحفظي النووي الفيروسي ودخوله هيولى الخلية المضيفة، بمجرد دخول الفيروس إلى هيولى الخلية المُضيفة يُطلِق جينومه الرّنوي؛ الذي يُترجم أولاً لإنتاج البروتينات المتعددة pp1a و1ab والتي تنقسم لاحقاً إلى منتجات أصغر بوساطة البروتيازات الفيروسية.
يقوم البوليميراز الفيروسي بصنع سلسلة من الرنا المرسال عن طريق النسخ المتقطع؛ والتي تُترجم بعد ذلك إلى البروتينات البنيويّة الفيروسية. يشكل البروتين N معقداً مع رنا جينوم الفيروس، في حين يتم إدخال البروتينات S وE وM في الغلاف الفيروسي. يتم بعد ذلك تجميع المكوِّنات الفيروسية في جسميات فيروسية كاملة، ويتم إطلاق الجسميات الفيروسية المجمعة حديثاً من الخلايا المصابة عن طريق التحرر البطيء عبر غشاء الخلية المُضيفة بطريقة البرعمة الخلوية الشكل (٣).
الشكل (٣): تنسخ فيروس SARS-CoV-2. |
رابعاً- إمراضية الفيروسات التاجيّة:
يعدّ البروتين الفيروسي الشوكي S العامل الأهم في تعرف الخلية المضيفة والارتباط بها، حيث يرتبط البروتين السكري الشوكي الفيروسي (S1) بمستقبلة الإنزيم المحول للانجيوتنسين 2(ACE-2)؛ الموجودة على سطح الخلية البشرية والمكونة من ميتالوكربوكسي ببتيداز عبر غشائي، وهي تؤدي الدور الأهم في ارتباط الفيروس ومن ثم دخوله إلى الخلايا الظهارية الرئوية البشرية. أظهرت الدراسات ارتباط الحاتمة epitope المستضدية للبروتين الشوكي S لفيروس SARS-CoV-2 مع المعقد TLR4/MD-2 الخلوي ارتباطاً جزيئياً وثيقاً.
يقوم إنزيم بشري عبر غشائي (TMPRSS2)بمعالجة البروتين الفيروسي الشوكي وعرض ببتيد الدمج الموجود على سطح الوحدة S2 منه لمستقبلة الثوي ACE-2، وتعدّ معالجة البروتين الفيروسي S وتجهيزه بوساطة البروتياز البشري عبر الغشائي (TMPRSS2)خطوة مهمة في أثناء الخمج بفيروس .SARS-CoV-2 بعد ذلك يَستخدم SARS-CoV-2 بروتياز السيستين مثل cathepsin B وL (CatB / L) ويعزز اندماج الفيروس مع غشاء الخلية المضيفة. تعملTMPRSS2منظماً مهماً لدخول فيروس SARS-CoV-2 إلى الخلية المضيفة. كما افترضت بعض الدراسات أن SARS-CoV-2 ينظم التعبير عن ACE-2، مما يؤدي إلى التعبير المنظم لـ Ang II. (ينشأ Ang II من تحلل Ang I بوساطة إنزيم ACE-2). يرتبط Ang II المفرط التعبير بمستقبلة الغشاء الهيولي الخاصة به التي تدعى AT1R.
يقوم ATIR المرتبط بالغشاء بتحويل الإشارات إلى عوامل نسخ التهابية مثل NF-ƙB الذي يتواسط تفعيل العديد من السيتوكينات الالتهابية والتعبير المفرط عنها، كما تبين لاحقاً أن AT1R يقوم بفسفرة JAK2 في الخلايا الرئوية، مما ينشط تحويل STAT-3 إلى النواة. STAT-3 هو محول إشارة ومنشط للانتساخ، وهو الذي يبدأ الانتساخ النَّشِط للسيتوكينات الالتهابية. تدعى عملية إطلاق المستويات القصوى من السيتوكينات المنشطة للالتهاب مثل IL-1 و IL-2 و IL-6 وIL-7 وIL-10 وTNF-α في أثناء العدوى بـ SARS-Co-2 باسم «عاصفة السيتوكينات» “cytokine storm”. إضافة إلى ذلك ينشط تفاعلAng II مع AT1Rالخلايا البالعة الإنتاج المفرط للسيتوكينات الالتهابية؛ والتي تساهم أكثر في «عاصفة السيتوكينات» وتَطوّر متلازمة الكرب التنفسي الحادAcute Respiratory Distress Syndrome (ARDS) . تؤدي «عاصفة السيتوكينات» إلى قصور الأعضاء المتعدد، وحدوث الوفيات اللاحقة عند المرضى المصابين بمرض كوفيد -١٩ الحاد الشكل (٤).
الشكل (٤): إمراضية فيروس SARS-CoV-2. |
تسبب عدوى SARS-Co-V2 أذية في الرئتين وقصوراً تنفسياً مختلف الشدة، كذلك فإنها يمكن أن تؤدي إلى إصابة كلوية وربما قصور كلوي حاد، ويعتقد أن إصابة الكلى الحادة تسببت بشكل كثيراً في وفيات مرضى COVID-19المقبولين في المستشفيات.
تم ربط مسار نقل الإشارة الذي يحدث في سياق إصابة الكلى الحادة في أثناءCOVID-19 بعدة عوامل. تم اقتراح «عاصفة السيتوكينات» والعدوى المباشرة لخلايا الكلية من خلال الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 تفسيراً لإصابة الكلى الحادة في أثناء الخمج بفيروس SARS-CoV-2. يتمُّ التعبير عن الإنزيم المحول للأنجيوتنسين ٢ في الخلايا الظهارية للأنابيب القريبة، والخلايا الرجلاء podocyte، والخلايا البطانية الكبيبية، والأوعية الدموية في الكلى. وقد لوحظ تثبيط واضح لنظام الرينين /أنجيوتنسين/ الدسترون في أثناء الإصابة بكوفيد- ١٩بعد زيادة التعبير عن ACE2؛ والذي أدى إلى زيادة معدل الوفيات بسبب القصور الكلوي.
كما لوحظ أن «عاصفة السيتوكينات» التي تحدث في سياق الإصابة بكوفيد- ١٩ تحرِّض على التعبير عن أحد أفراد عائلة البروتينات الشحمية الذي يدعى (APOL1)، مما يؤدي إلى تلف الخلايا الرجلاء، ومن ثمّ إلى النخر الأنبوبي الحاد الشديد، والارتشاح بالبلعميات والخلايا اللمفاوية. علاوة على ذلك كان المرضى الذين يعانون عيوباً وظيفية في المناعة معرضين لخطر متزايد للإصابة بأمراض الكلى المزمنة في سياق عدوى SARS-CoV-2.
ثمة دلائل على تأثير الخمج بـ SARS-CoV-2 في الجملة العصبية المركزية؛ إذ لوحظ العديد من الاضطرابات العصبية عند بعض مرضى كوفيد - 19، ويعتقد أن الفيروس يصل إلى الجملة العصبية المركزية بوساطة السائل الدماغي الشوكي؛ إذ إن الخلايا العصبية والبطانية في الجهاز العصبي تملك مستقبلات ACE-2 تمكن البروتين الشوكي S1 للفيروس من الارتباط بهذه الخلايا وغزو الجملة العصبية المركزية وإحداث أذية مختلفة الشدة فيها، ويعتقد أن الأذية المباشرة للجهاز العصبي المركزي- إضافة إلى القصور التنفسي- هما المسؤولان عن الأعراض العصبية المشاهدة عند بعض مرضى كوفيد - ١٩؛ بما في ذلك متلازمة غيلان باريه التي سُجِلت عند عدد قليل من مرضى كوفيد - ١٩.
خامساً- تحور فيروس SARS-CoV-2:
تتكاثر الفيروسات عادة عن طريق تنسّخ جينومها وتشكيل جزيئات فيروسية جديدة في داخل الخلية المُضيفة، ثم تحررها بعد تلف الخلية المضيفة والانتشار لتصيب أكبر عدد ممكن من خلايا المُضيف.
كما هو الحال مع فيروسات كورونا الأخرى يحتوي جينوم SARS-CoV-2 على ما لا يقل عن 23 إطار قراءة مفتوحاً ((ORFs؛ مسؤولة عن إنتاج البروتينات البنيوية وغير البنيوية. تقوم ORFs بتشفير 4 بروتينات هيكلية رئيسية على الأقل: البروتينات الشوكية (S) وبروتينات الغشاء (M) وبروتينات الغلاف (E) والبروتينات النووية N)). في حالة فيروس SARS-CoV-2 وحمضه النووي رنا تُعطى الأولوية لسرعة التنسّخ على حساب الدقة؛ إذ قد يتضاعف عدد جزيئات الفيروس كل ست ساعات تقريباً، لذا يمكن أن تظهر الطفرات في كل جولة من التنسّخ؛ من وقت الإصابة وفي الأيام القليلة الأولى التي تلي العدوى. وإن أكثر الطفرات أهمية من بين هذه الطفرات هي تلك التي تصيب الجين الذي يشفر للبروتين الشوكي S والذي يرتبط بدخول الفيروس إلى الخلايا، وهناك حالياً نحو 4000 طفرة في جين البروتين S. ثمة عدد قليل من الطفرات في المنطقة التي تسمى الأشكال المرتبطة بالمستقبلات (RBMs) للبروتين S، وهي المنطقة المسؤولة عن ارتباط الفيروس ودخوله إلى الخلية من خلال تفاعلها مع مستقبلة الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين- ٢ (ACE2) على الخلايا المُضيفة.
مع وجود الملايين من حالات الإصابة بالفيروس في أثناء جائحة الفيروس فإنه من المحتمل أن تظهر خيارات عديدة من الطفرات العشوائية. إن الطفرات في الجينوم الفيروسي- ولاسيما التي تصيب جينات البروتينات الشوكية للفيروس التي تساعد الفيروس على إصابة الخلايا- يمكن أن ينتج منها سلالة فيروسية جديدة أكثر قدرة على تجنب الجهاز المناعي؛ ومقاومة العلاجات الدوائية السابقة؛ أو يمكنها إصابة الخلايا بكفاءة أكبر، لكن في كثير من الأحيان فإن أخطاء التنسّخ والطفرات قد تَضرّ بتكاثر الفيروس، أو لا يكون لها أي تأثير على الإطلاق.
في سياق الاستجابة المناعية للخمج بالفيروس يصنع الجسم مجموعة متنوعة من الأضداد ترتبط بمستضدات بروتينية نوعية للفيروس؛ ولاسيما البروتينات الفيروسية الشوكية. إذا تحوَّر الفيروس فقد يتغير البروتين المحرِّض على تكون هذه الأضداد بدرجة كافية بحيث لا تتمكن الأضداد التي تكونت سابقاً نتيجة الإصابة الطبيعية أو اللقاح من الارتباط به، أو أنها ترتبط ارتباطاً أقل ألفةً.
ليست كل الطفرات مُقلِقة للقائمين على الصحة العامة؛ إذ إنه لمعظم الطفرات الفيروسية تأثير محدود أو معدوم على قدرة الفيروس على التسبّب في حالات العدوى والمرض، فمعظمها يظهر ثم يتلاشى من دون أن يساعد على انتشار الفيروس، لكن بعضها الآخر قد يكون ذا أهمية في المساعدة في انتشار الفيروس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ؛ إذ قد تؤثر تلك الطفرات في خصائص الفيروس- من قبيل انتقال العدوى (قد ينتشر بسهولة أكبر أو أقل مثلاً) أو درجة الوخامة (قد يسبب مرضاً أكثر أو أقل وخامة مثلاً)- بحسب موضع حدوث التغييرات في المادة الوراثية للفيروس.
إن الآثار المعروفة للتحوّرات هي زيادة محتمَلة في قابلية انتقال الفيروس؛ حتى إلى حد عودة العدوى لمن تعافوا من إصابة سابقة؛ أو لمن أخذوا اللقاح المشتق من سلالة سابقة للفيروس. قد تزيد المتحوِّرات الجديدة من الحاجة إلى الاستشفاء أو التسبب في الوفاة، أو تصيب الأشخاص الأصغر سناً أو الأكبر سناً أكثر من المتحوِّرات السابقة. إن الطفرات في المواقع المستخدمة في اختبارات التشخيص الجزيئي ليست أقل أهمية؛ إذ يمكن أن تقلل هذه التغييرات من دقة هذه الاختبارات في كشف الإصابة بالمتحوِّرات الجديدة.
من المتوقع أن توفّر اللقاحات التي يجري استخدامها حالياً أو تطويرها لاحقاً بعض الحماية من متحوِّرات الفيروس الجديدة؛ لأنه من المفترض أن تولِّد هذه اللقاحات استجابة مناعية واسعة النطاق؛ تنطوي على مجموعة من الأضداد والخلايا. وبناء على ذلك فإن التغييرات أو الطفرات التي تحدث في الفيروس لا ينبغي أن تُفقد اللقاحات فعاليتها كلها وفي حال ثبت أن أيّاً من هذه اللقاحات أقل فعالية ضد متحوّر واحد أو أكثر فسيكون من الممكن تغيير تركيب اللقاحات لغرض الحماية من هذه المتحورات.
سادساً- الحِمل الفيروسي ومدة العدوى:
تكون ذروة الحمل الفيروسي لفيروسSARS-CoV-2 في الجهاز التنفسي في وقت ظهور الأعراض أو في الأسبوع الأول من المرض، ويحدث الانخفاض لاحقاً، مما يشير إلى احتماليةٍ أعلى للعدوى في الأيام الخمسة الأولى من ظهور الأعراض وقبلها بيومين تقريباً.
يمكن لتقنية تفاعل البوليميراز المتسلسل مع الانتساخ العكسي الكمي (qRT-PCR) الكشف عن RNA فيروس SARS-CoV-2 في الجهاز التنفسي العلوي لمدة ١٧ يوماً وسطياً بعد ظهور الأعراض، (بحد أقصى نحو ستين يوماً في حالات قليلةٍ جداً). لا تعني إيجابية اختبار PCR بالضرورة أن الشخص معدٍ، ونادراً ما تكون عينات الجهاز التنفسي العلوي إيجابية لـ PCR بعد أسبوعين من المرض. يمكن للأفراد الذين لم تظهر عليهم أي أعراض واضحة للإصابة طوال العدوى أن ينقلوا العدوى، لكن يبدو أن القدرة على العدوى تكون محدودة لديهم؛ لأن كمية الفيروس التي تُطرح من جهازهم التنفسي تكون قليلة نسبياً.
كما هو الحال في الفيروسات التاجية الأخرى فإن الطريقة الأساسية لانتقال فيروس SARS-CoV-2 هي عن طريق قطيرات الجهاز التنفسي المحملة بالفيروس والتي يطرحها الشخص عند السعال أو العطاس؛ مع إمكان حدوث عدوى عن طريق الاتصال المباشر أو غير المباشر مع مفرزات الأغشية المخاطية للجهاز التنفسي (الغشاء المخاطي للأنف أو الملتحمة أو الفم أو البلعوم أو الرئتين)، وذلك عن طريق التماس مع الأيدي أو الأشياء والأدوات أو السطوح الملوثة بالمفرزات التنفسية للمرضى. عند استنشاق القطيرات التنفسية الدقيقة المحملة بالفيروس، أو وصولها بالتماس إلى الأغشية المخاطية التنفسية للشخص السليم - بما في ذلك ملتحمة العين- وتوضعها على هذه الأغشية؛ ترتبط بمستقبلات خاصة تملكها خلايا ظهارة السبيل التنفسي العلوي والسفلي، كما يُعتقد أن الجهاز الهضمي عرضة أيضاً للعدوى وإن لم يثبت ذلك على نطاق واسع حتى هذا التاريخ.
تعتمد مخاطر الانتقال على عوامل مثل مرحلة الإصابة عند الشخص المصاب، والحِمل الفيروسي، ونمط الاتصال، والبيئة والعوامل الاجتماعية والاقتصادية. الشكل (٥).
الشكل (٥): أصل فيروسات كورونا الطارئة وطرق انتشارها. |
يحدث انتقال العدوى غالباً من خلال الاتصال القريب المدى ولفترة زمنية كافية (التماس لمدة ١٥ دقيقة وجهاً لوجه وفي مسافة أقل من مترين مثلاً)، ويكون الانتشار فعالاً داخل المنازل خاصة، ومن خلال التجمعات التي تضم عدداً كبيراً من الأشخاص، وتبلغ نسبة المصابين ضمن مجموعة من المخالطين المعرضين للإصابة ٤٪ إلى ٣٥٪. إن الحياة والنوم في نفس الغرفة ذاتها يزيد من خطر العدوى، لذا فإن عزل الشخص المصاب بعيداً عن العائلة يساهم بوضوح في انخفاض خطر الإصابة. ما يزال دور البراز في انتقال SARS-CoV-2غير مفهوم تماماً، وعلى الرغم من أنه قد تمَّ العثور على SARS-CoV-2 RNA في عينات البراز عند بعض المصابين فإنه ليس ثمة تقارير منشورة تؤكد انتقال العدوى من البراز (الطريق البرازي الفموي).
يبقى SARS-CoV-2 قابلاً للحياة عدة أيام على الأسطح الملساء (الفولاذ المقاوم للصدأ والبلاستيك والزجاج)؛ وفي درجات الحرارة والرطوبة المنخفضة (على سبيل المثال البيئات المكيفة الهواء)، ومن ثمّ فإن نقل العدوى من الأسطح الملوثة إلى الغشاء المخاطي للعين والأنف والفم عن طريق الأيدي غير المغسولة هو طريق محتمل للانتقال؛ وقد يساهم مسار الانتقال هذا في المرافق ذات الاستخدام المشترك خاصة. يمكن تعطيل خامجية SARS-CoV-2 بسهولة بوساطة معظم المطهرات شائعة الاستخدام، مما يؤكد القيمة المحتَمَلة لتنظيف الأسطح وغسل اليدين جيداً أو تطهيرهما.
بعد دخول الفيروس تجذب الاستجابة الالتهابية الأولية الخلايا التائية إلى موقع الإصابة حيث يتم القضاء على معظم الخلايا المصابة قبل انتشار الفيروس، مما يؤدي إلى الشفاء أو الحد من تنسخ الفيروس وانتشاره لدى معظم الأشخاص المتعرضين للعدوى. بعد أيام قليلة من التعرض للعدوى بالفيروس تبدأ الخلايا اللمفاوية البائية بالاستجابة النوعية للخمج حيث تتطور إلى خلايا بلازمية وتبدأ في إنتاج الأضداد النوعية لمختلف مستضدات الفيروس، وعملياً يمكن تحري هذه الأضداد والكشف عنها بعد أسبوع إلى عشرة أيام من بدء الخمج. تكون معظم الأضداد التي ينتجها الجهاز المناعي استجابة للخمج بفيروس SARS-CoV-2 موجهة ضد مستضدات الأشواك الغليكوبروتينية المختلفة، وتؤدي دوراً مهماً في الوقاية من الخمج بالفيروس نفسه مرة ثانية.
تعدّ عيارات الأضداد التي تنتجها الخلايا البائية استجابة نوعية لبعض المستضدات الشوكية لفيروس SARS-CoV-2؛ ذات أهمية في التشخيص، كما أنها قد تفيد في تحديد شدة المرض وإنذاره، فالمرضى الذين يُنتِج جهازهم المناعي عيارات أكبر من هذه الأضداد تكون الأعراض عندهم أخف ولا يحتاجون إلى الاستشفاء إلا نادراً.
حتى هذا التاريخ ليس ثمة دراسات تستطيع أن تحدد بدقة الفترة الزمنية التي تبقى فيها الأضداد التي يُنتِجها الجسم لدى تعرضه للخمج بفيروس SARS-CoV-2 سواء كانت الإصابة خفيفةً أم شديدة؛ إذ وُجد في بعض الدراسات أن هذه الأضداد تصبح غير قابلة للكشف عند بعض المرضى بعد ثلاثة إلى أربعة أشهر من العدوى، في حين تبقى موجودة عند بعضهم الآخر لستة أشهر أو ربما ثمانية أشهر على الأقل؛ وربما لفترة أطول من ذلك. يعتقد أن هذا التفاوت في استمرار بقاء الأضداد في دم الشخص الذي تعرض للعدوى بفيروس SARS-CoV-2 وكمية هذه الأضداد يعود إلى طبيعة الذرية الفيروسية، وإلى شدة الإصابة وطبيعة الجواب المناعي للشخص المصاب وقدرته المناعية.
يمكن أن تؤدي الإصابة بالفيروس عند بعض الأشخاص إلى استجابة مناعية شاذة للمضيف تتجلى بفرط إنتاج السيتوكينات والوسائط الالتهابية الأخرى، تدعى متلازمة الإنتاج المفرط للسيتوكينات (CRS) (أو عاصفة السيتوكينات)، مما يؤدي إلى حدوث أذية نسيجية سنخية شديدة وارتشاح شديد بالخلايا وحيدة النوى، يتوافق مع حدوث متلازمة الكرب التنفسي الحاد (ARDS)، وتشكل سدادات مخاطية مع إفرازات ليفية في الجهاز التنفسي، مما قد يفسر شدة كوفيد -١٩ حتى عند الشباب. يعاني بعض المرضى أيضاً صدمة إنتانية وقصوراً وظيفياً متعدد الأعضاء، حيث يلاحظ عند بعض المرض أذية مبكرة في القلب والأوعية الدموية في مرض كوفيد -١٩ ناجمة عن إطلاق تروبونين شديد الحساسية وببتيدات الناتريوريتِك natriuretic peptides بما يتوافق مع السياق السريري لاعتلالات التخثر، والنزيف داخل الأسناخ، ووجود خثرات الصفيحات الدموية الليفية في الأوعية الشريانية الصغيرة. كما أن تفاقم رد الفعل المناعي وتراكم السيتوكينات في الأعضاء الأخرى لدى بعض المرضى قد يسبب تلفاً واسعاً في الأنسجة وقصور أعضاء متعدداً.
تاسعاً- المظاهر السّريريّة والمضاعفات في أخماج الفيروسات التاجيّة:
١- المظاهر السّريريّة:
يكون البشر من جميع الأعمار مستعدّين للإصابة بـ COVID-19، لكن الأطفال والمراهقين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً يؤلفون أقل من 3 ٪ من حالات COVID-19 المؤكدة. تشير العديد من الدراسات إلى أن غالبية الأطفال المصابين لا تظهر عليهم أعراضاً جلية للمرض؛ أو قد يعانون أعراضاً خفيفة، لكن نحو 10٪ من هؤلاء الأطفال المصابين قد يحتاجون إلى دخول المستشفى، ومع ذلك فإن الموت المرتبط بـ COVID-19 غير شائع في الحالات التي تقل أعمارها عن 18 عاماً.
إن الأعراض الأكثر شيوعاً لـCOVID-19 هي السعال الجاف والحمى وضيق التنفس وفقدان
الشهية والألم العضلي، وقد يعاني بعض المرضى فقد الشم والذوق. قد يكون الإسهال والغثيان أكثر شيوعاً مما كان يعتقد سابقاً؛ إذ إن نحو ١٠٪ من المرضى يعانون الإسهال والغثيان إضافة إلى الأعراض الأخرى، لكن نحو٣٪ فقط من الحالات يكون لديهم أعراض هضمية فقط.
تشير العديد من الدراسات إلى أن نحو ٣٣٪ من الأشخاص الذين كانت الاختبارات النوعية المستخدمة في الكشف عن الفيروس إيجابية عندهم لم يكن لديهم أعراض، أو عانوا أعراضاً خفيفة وغير نوعية؛ إذ قد يُلاحظ لدى بعض المرضى أعراض غير عادية مثل الشعور بالضيق، والشعور العام بعدم الراحة، أو الإرهاق والتعب الشديد.
يشكو نحو 10-20 ٪ من مرضى COVID-19 من العرواءات، كما يشكو نحو ربع المرضى من آلام في العضلات، ويعاني نحو 20-30 ٪ من مرضى COVID-19 صداعاً، ويشكو عدد قليل منهم من الدوخة أو الدوار، وكذلك يشكو نحو ربع المرضى من أعراض نزلية كسيلان الأنف، لكن في أغلب الحالات لا يشكو المرضى بفيروس الكورونا من العطاس عرضاً رئيسياً، لذا إذا كان العطاس والزكام فقط هما العرضان الرئيسيان عند المريض فمن المحتمَل أن يكون سببهما الحساسية أو الزكام الشائع الذي تسببه فيروسات أخرى مثل فيروسات الكورونا البشرية الاعتيادية أو الفيروسات الأنفية أو فيروسات الإنفلونزا ونظيرة الإنفلونزا. يصاحب ألم البلعوم الناجم عن التهاب الحلق أحياناً عدوى فيروس الكورونا (أقل من 30 ٪ من الحالات العرضية)، ومن المثير للاهتمام أن الأشخاص الذين أفادوا بأنهم يعانون ألماً في البلعوم ناجماً عن التهاب في الحلق غالباً ما كانوا سلبيين لـSARS-CoV-2، لذا لا يُعدُّ ألم البلعوم من الأعراض الشائعة عند مرضى COVID-19 أو الموجِّهة إلى التشخيص به، لكن غالباً ما يكون علامة على وجود إنفلونزا أو زكام.
يُعتَقَد أن هناك ارتباطاً بين فقدان حاسّتي الشم والذوق والإصابة بـ COVID-19، فمع أن العَرَض الأكثر شيوعاً لعدوى COVID-19 هو الحمى؛ بيد أن التعب وفقدان الشم والذوق يليان الحمى بوصفهما أكثر الأعراض الأولية شيوعاً.على الرّغم من أن معظم أخماج الجهاز التنفسي العلوي الفيروسية قد يرافقها ضعفٌ مؤقت في حاسة الذوق أو الشم بصرف النظر عن الفيروس المسبب، بيد أنّ معظم الدراسات أكدت أن الإصابة بكوفيد -١٩ أظهرت ارتفاعاً ملحوظاً في تأثير الإصابة في حاستي الشم والذوق، إلى الدرجة يمكن القول معها إن ارتفاع نسبة فقدان هاتين الحاسّتين هو خاص بعدوى COVID-19، لذا إذا كان المريض يشكو من فقدان الحاسّتين بالإضافة إلى الحمى وبعض الأعراض التنفسية العلوية الأخرى؛ فاحتمال الإصابة بكوفيد -١٩ أكثر بعشر مرات من الأسباب الفيروسية الأخرى للخمج التنفسي؛ لهذا يمكن لفقدان الشم والذوق أن يكونا علامات مبكرة أو واسمة للإصابة بـCOVID-19. يجب الإشارة إلى أن معظم الأشخاص الذين عانوا اضطراباً أو فقدان حاستي الشم والذوق في سياق الإصابة بكوفيد-١٩ كانت درجة إصابتهم خفيفة أو متوسطة عادةً وليست شديدة، ومعظمهم لا يحتاجون إلى دخول المستشفى أو التنبيب. يكون معدل استعادة حاستي الشم والذوق عادة سريعاً عند معظم المرضى، ويحدث غالباً في غضون أسبوعين إلى أربعة أسابيع من الإصابة، وقد يستمر اضطراب حاستي الشم أو الذوق عند عدد قليل من المرضى إلى عدة أشهر. من المهم تحديد فقدان الشم والذوق بوصفهما أعراضاً مبكرة أو خفية لعدوى COVID-19؛ إذ يكون هؤلاء الأشخاص أكثر قدرة على نقل الفيروس إلى مخالطيهم في المجتمع، لذا يوصي معظم الباحثين بأن أي مريض يعاني أعراضاً تنفسية يصاحبها فقدان حاستي الشم والذوق يجب القيام بفحصه من أجل فيروسSARS-CoV-2. تتوافق عودة الحاسّتين عادةً مع توقيت الشفاء من المرض وسلبية اختباراتPCR عند معظم المرضى الشكل (٦).
الشكل (٦): التطور السريري والمخبري للإصابة بكوفيد -١٩. |
٢- المضاعفات التنفسية للإصابة بكوفيد-١٩:
الجهاز التنفسي هو المكان الرئيس للخمج بفيروس SARS-CoV-2، وعلى الرغم من أن أغلب الإصابات تكون لا عرضية أو خفيفة أو متوسطة وتقتصر على إصابة الجهاز التنفسي العلوي، بيد أن إصابة الجهاز التنفسي بالالتهاب الرئوي الخلالي والسنخي تعد من أهم المضاعفات التالية للإصابة بـ COVID-19 وأخطرها. يُعد التصوير المقطعي المحوسب للصدر (CT) مفيداً للكشف المبكر عن الالتهاب الرئوي في سياق COVID-19، ولا سيما عند ظهور أعراض تشير إلى إصابة الجزء السفلي من السبيل التنفسي؛ إذ يُظهر التصوير المقطعي المحوسب لمرضى COVID-19 تبدلات شعاعية نمطية واضحة؛ بدءاً من عتامة الزجاج المغشى (GGO) إلى الصلادة الثنائية غير المتجانسة المنتشرة «الرئة البيضاء». إنَّ النمط الشعاعي النموذجي في المرحلة المبكرة من المرض هو الارتشاح المنتشر في الغالب في المناطق المحيطية للفص السفلي الأيمن؛ والذي يتطور لاحقاً إلى سماكة الحاجز الداخلي و/ أو كثافات حاجزية داخل الفصوص. مع تقدم المرض يبيّن التصوير المقطعي المحوسب صلادة متعددة الفصيصات، نادراً ما يحدث الانصباب الجنبي؛ أو اعتلال العقد اللمفية؛ أو علامة الهالة المعكوسة؛ أو العقيدات الرئوية في حالات الالتهاب الرئوي بفيروس SARS-CoV-2.
يؤدي غزو الفيروس للخلايا الرئوية إلى نقص التعبير عن الإنزيم المحول للأنجيوتنسين- ٢ وانشطار أنجيوتنسين -٢ لتكوين الأنجيوتنسين. يؤدي الأنجيوتنسين دوراً أساسياً في حماية الرئتين من تفاقم الحالة إلى متلازمة الكرب التنفسي الحاد. على النقيض من ذلك يحفز الأنجيوتنسين -٢ الاستجابة المعزِّزة للالتهاب ويزيد من نفوذية الأوعية الدموية في أنسجة الرئة، مما يؤدي إلى متلازمة الكرب التنفسي الحاد. لم يتم فهم دور الخلايا التائية والعدلات والبالعات في سياق COVID-19 تماماً. بيّنت التحاليل عند معظم المرضى المصابين بأشكال وخيمة من COVID-19 أن إصابة الرئة الشديدة تكون عادةً مصحوبةً بانخفاض كبير في عدد الخلايا اللمفاوية +CD4 وCD8 + والخلايا القاتلة الطبيعية. يُعتقد أن ارتفاع IL-6، وسيتوكينات أخرى من منتَجات الخلية Th 17 وباقي الخلايا اللمفاوية التائية + CD4والخلايا التائية السامة للخلايا CD8 + يساهم في تحفيز الاستجابة المناعية وحدوث متلازمة الإنتاج المفرط للسيتوكينات (CRS)، مما يؤدي في النهاية إلى حدوث متلازمة الكرب التنفسي الحاد وقصور متعدد الأعضاء.
يصل معدَّل الوفيات في المرضى الذين يُصابون بمتلازمة الكرب التنفسي الحاد إلى نحو ٤٩٪ من المرضى، ويُعدُّ العمر والأمراض المستبطنة المرافقة وفرط العدلات وارتفاع LDH وD-dimer أهم عوامل الخطورة المحدِّدة لحدوث متلازمة الكرب التنفسي الحاد. على غرار متلازمة الشرق الأوسط التنفسية تمَّ تعرف ارتباط إيجابي بين العدِلات وتلف الرئة في COVID-19. يشير تأثير الفيروس الخلوي إلى الغزو المباشر لـ SARS-CoV-2 للخلايا الرئوية.
٣- المضاعفات القلبية:
يعدُّ ارتفاع ضغط الدم والسكري وقصور القلب والداء الشرياني التاجي من أكثر الاضطرابات المصاحِبة التي تمَّ تحديدها في مرضى COVID-19. يرتبط التنشيط غير المتوازن لمسار أنجيوتنسين ٢ / أنجيوتنسين بحالة معزِّزة للالتهاب، وعادة ما يكون أكثر حدة في المرضى الذين يعانون أمراضاً قلبية وعائية مرافقة، كما يمكن أن يؤدي العلاج بمثبِّطات الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين / حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين- ٢ (ARB) والمستوى العالي من التعبير عن الإنزيم المحول للأنجيوتنسين- ٢ إلى تأخّر التخلص من الفيروس، لكن بسبب الضرر المحتمل للتوقف عن تناول مثبطات الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين ونقص الأدلّة السّريرية المؤكِّدة على ضرر هذه الأدوية؛ توصي الجمعيات الدولية بمواصلة إعطاء هذه الأدوية في مرضى COVID-19؛ في حال كانوا يستخدمونها قبل الإصابة.
يقدَّر معدل الوفيات الناجمة عن COVID-19 بأكثر من ١٠٪ في المرضى الذين يعانون قصور القلب والداء الشرياني التاجي. تم تحديد ارتفاع Troponin I وشذوذات تخطيط القلب بوصفها أدلّة على إصابة عضلة القلب. يعتقد أن السبب الفيزيولوجي المرضي لتفسير ارتفاع معدل وفيات COVID-19عند مرضى القلب والأوعية الدموية هو إصابة الخلايا العضلية؛ ولا سيما عندما تزيد المتطلبات الأيضية التي يسببها الخمج الفيروسي. لم يتمُّ إثبات الاجتياح المباشر للفيروس لأنسجة القلب ولا ارتشاح الخلايا اللمفاوية المرافق لالتهاب عضلة القلب، لكن لوحظ في التشريح المرضي لجثث بعض المرضى نخر في الخلايا العضلية القلبية، مما يشير إلى أن الفيروس يمكن أن يغزو الخلايا الحولية ويسبب اضطراباً في الدورة الدموية الدقيقة.
لوحظ في بعض الدراسات تطور اعتلال العضلة القلبية في نحو (٣٠٪) من مرضى COVID-19 الذين تم قبولهم في وحدة العناية المركزة. يُفترض أن اعتلال عضلة القلب من المضاعفات الشديدة المتأخرة لـ COVID-19، وفي حالات قليلة حدث التهاب عضلة القلب الفيروسي المرتبط بـ COVID-19 من دون أي علامة وأعراض للالتهاب الرئوي، كما لوحظ حدوث سطام قلبي مرتبط بـ COVID-19 في حالات قلية أيضاً. يُعتقد أن غزو الفيروسات لمجرى الدم وارتباطها بمستقبلات ACE 2 الموزَّعة بكثرة في القلب والأوعية الدموية يُحرِّض على حدوث متلازمة الإفراز المفرط للسيتوكيناتCRS ، كما يمكن أن يحدث موت الخلايا العضلية المبرمج نتيجة ارتشاح لاحق بالعدلات؛ واستجابة الخلايا التائية المساعدة غير المتوازن. من المفترض أن الاستجابة المناعية هي الآلية المرضية الرئيسية في اعتلال عضلة القلب المرتبط بـ COVID-19، لذلك تمّ في هذه الحالات استخدام أدوية معدِّلة للمناعة مثل الهدروكورتيزون؛ أو ميثيل بريدنيزولون؛ أو الغلوبولين المناعي الوريدي (IVIG)؛ أو التوسيليزوماب (أضداد وحيدة النسيلة لـ1L-6).
لوحظ عند بعض مرضى كوفيد -١٩ الذين قُبلوا في العناية المشددة حدوث اضطراب نظم قلبي (اللانظمية)؛ يُعتقد أن زيادة فعالية الجهاز العصبي الودي بسبب التهاب عضلة القلب والحالة المعزِّزة للالتهاب من العوامل المساهِمة في تطور اضطرابات نظم القلب. بصرف النظر عن هذه العوامل يمكن أن يؤدي نقص الأكسجة وانخفاض ضغط الدم واضطراب تنظيم مستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين-٢ وسميّة الأدوية إلى تطور مضاعفات اللانظمية أو تفاقهما لدى مرضى COVID-19، لذلك يجب مراعاة مراقبة القلب وتوازن الشوارد (ولاسيما الحفاظ على البوتاسيوم بسبب فقدان البوتاسيوم في البول) والانتباه للتفاعلات الدوائية الممكنة.
٤- المضاعفات الكلوية:
تعدّ الكلى أهدافاً محتمَلة لـ COVID-19. إن الخلايا الرجلاء Podocytes والخلايا الظهارية الأنبوبية القريبة الغنية بمستقبلات ACE 2 هي أهداف مميزة لـ SARS-CoV-2، ومن المحتمل أن يحدث لدى بعض المرضى المقبولين في المشفى بحالة وخيمة من كوفيد -١٩ قصور كلوي حاد، ويتظاهر ذلك بحدوث بيلة بروتينية وبيلة دموية وارتفاع مستويات البولة والكرياتينين في الدم. ارتبطت هذه المتغيرات- إلى جانب النتائج غير الطبيعية لتحليل البول وD-dimer- ارتباطاً كبيراً بوفاة مرضى COVID-19. إن وجود α1-microglobulin، - وIgG والترانسفيرين في فحص البول يؤكد الإصابة الكبيبية والأنبوبية المرتبطة بعدوى COVID-19. أفادت مراجعة منهجية أن معدل إصابة الكلى في جميع مرضى COVID-19 كان نحو 4 ٪ في الحالات الخفيفة أو المتوسطة، أما في الحالات الشديدة والحالات الحرجة من COVID-19 فقد كان معدل حدوث الإصابة الكلوية نحو50 ٪، لذلك يبدو أن القصور الكلوي الحاد مرتبط ارتباطاً وثيقاً بكل من شدة مرض COVID-19 وإنذاره.
تشمل الفيزيولوجيا المرضية للأذية الكلوية المرتبطة بـ COVID-19 استهداف SARSCoV-2 مباشرة للأنابيب الكلوية (الغنية بمستقبلات ACE 2) كما يوضح الفحص المجهري النسيجي للأنسجة الكلوية لمرضى COVID-19 كذلك وفي وقت لاحق تؤدي الاستجابة المناعية الإضافية وتسلل الخلايا الضامة CD68 + إلى النسيج الخلالي النبيبي إلى مزيد من الضّرر والتليّف، كما أن التجفاف واستخدام الأدوية السّامة للكلية مثل مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية ومدرّات البول والغانسيكلوفير والفانكومايسين وانحلال الربيدات ونقص الأكسجة والصدمة والأمراض الكامنة (السكري غير المنضبط أو ارتفاع ضغط الدم) هي آليات أخرى مُحتمَلة يمكن أن تفاقم الإصابة الكلوية.
إن مراقبة وظائف الكلى، والإماهة، والحفاظ على التوازن الحمضي الأساسي، وتجنب الأدوية السامة للكلى غير الضرورية، وجرعات الأدوية المناسبة، والمسارعة في الدعم الكلوي عن طريق غسيل الكلى أو التدبير المستمر بالبدائل الكلوية؛ لها أهمية كبيرة لتحسين البقاء على قيد الحياة في إصابة الكلى المتقدمة في سياق .COVID-19
٥- المضاعفات الدموية:
يمكن أن يغزو فيروس SARS-CoV-2الخلايا المكونة للدم أو يتسبب في تكون الدم غير الطبيعي نتيجة لاستجابة الجهاز المناعي، لذا قد تظهر قلة الصفيحات المصاحبة لـ COVID-19 شدة المرض، إضافة إلى ذلك تؤثر الأذية السنخية الناجمة عن الفيروس في خلايا النواءmegakaryocytes في الرئتين؛ مما يؤدي إلى تقليل إنتاج الصفيحات الدموية. يمكن أن يؤدي تلف البطانة المرتبط بعدوى الفيروس التاجي والتهوية الآلية إلى تراكم الصفيحات الدموية وتكوين الخثرات بزيادة استهلاك الصفيحات الدموية.
لوحظ أيضاً في سياق كوفيد -١٩عند بعض المرضى حدوث أذية في الطحال والعقد اللمفاوية، كما أظهر التلوين المناعي للطحال أن SARS-CoV-2 يستهدف الخلايا CD169 والخلايا الضامة والخلايا اللمفاوية. قد يحدث موت الخلايا المبرمَج نتيجة لفرط إنتاج السيتوكين (IL-6) الذي تفرزه في الغالب البالعات التي تحملCD169 والخلايا الضامة المصابة.
٦- اضطرابات تخثر الدم:
تؤكِّد الأدلة النسيجية المرضية وجود تخثر في الأوعية الرئوية في العديد من حالات COVID-19 الشديدة. إن ارتفاع D-dimer ومشتقات تدرّك الِفبرين (FDP) ارتفاعاً ملحوظاً، وقلة الصفيحات في المرحلة الأخيرة من COVID-19 الوخيم؛ هي مؤشرات لانحلال الفِبرين المفرِط وحدوث تخثّر الدم المرافق لإنتان الدم. يُعدُّ ارتفاع D-dimer وFDP عوامل خطر مستقلة للوفيات، ويمكن أن تكون مفيدة في التحديد المبكر لشدة المرض الحاد. توصي الجمعية الدولية للتخثر والإرقاء (ISTH) باستخدام مستوى D-dimer وزمن البروثرومبين (PT) وعدد الصفيحات الدموية لاتخاذ قرارات بشأن قبول المريض في المشفى. لوحظ أن الجرعة الوقائية من الهيبارين منخفض الوزن الجزيئي تحسِّن النتائج عند المرضى الذين يعانون اعتلال التخثر الناجم عن الإنتان (SIC).
يُعتقد بوجود دور محتمل للبلازمين في زيادة إمراضية الفيروس، يشطر البلازمين البروتين S الفيروسي وربما يزيد من قدرته على الارتباط بـACE 2 وتعزيز الدخول الفيروسي إلى الخلايا المضيفة. يُعدّ نشاط البلازمين الزائد سمة شائعة عند مرضى COVID-19 المصابين بأمراض مرافقة (ارتفاع ضغط الدم والسكري وقصور القلب) ويمكن أن يكون أحد المعطيات المفسِّرة لوخامة المرض أو زيادة خطر معدل الوفيات لدى هؤلاء المرضى.
يمكن أن يتعرض مرضى COVID-19 لخطر الإصابة بتخثر الدم بسبب عدم الحركة، وفرط الاستجابة الالتهابية، والتخثر الناجم عن نقص الأكسجة، والغزو المحتمل للفيروس للخلايا البطانية؛ إذ إن الخلايا البطانية هي أهداف محتملة لـ SARS-CoV-2 بسبب مستقبلات ACE 2 المعبَّر عنها بشدة في هذه الخلايا. من المحتمَل أن يرافق أذيةَ البطانة الوعائية وضعفَ الحالة العامة وتناولَ الأدوية المضادة للالتهابات اعتلالُ التخثر المرتبط بـ COVID-19.
٧- اضطرابات الشوارد (الكهارل):
يؤدي تأثير SARS-CoV-2 في نظام ACE-Ang II إلى تثبيط تفكك Ang II. كما أنّ Ang II يعزز إنتاج الألدوستيرون ويزيد فقدان البوتاسيوم في البول، علاوة على ذلك يمكن أن يتسبب فقدان البوتاسيوم خارج الكلية عند المرضى الذين يعانون الإسهال الشديد و / أو القيء إلى تفاقم نقص بوتاسيوم الدم، يعدُّ نقص بوتاسيوم الدم أحد عوامل الخطر المعروفة المرتبطة بتفاقم متلازمة الضائقة التنفسية الحادة واللانظميات القلبية.
لوحظ أن نقص فوسفات الدم يرتبط بعدد الخلايا اللمفاوية وشدة COVID-19، يمكن أن يساهم الإجهاد الناجم عن العدوى الفيروسية والخسارة عبر الجهاز الهضمي بسبب أذية الغشاء المخاطي إلى نقص فوسفات الدم، لذا قد يؤدي الحفاظ على مستوى الفوسفور في الدم ضمن المعدل الطبيعي إلى تحسين الدعم التنفسي وتعزيز وظيفة الجهاز المناعي.
أظهرت دراسات عديدة أن اختلال توازن الكهارل الشامل - بما في ذلك انخفاض تركيزات الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم في المصل،- قد لوحظ عند بعض المرضى الذين يعانون COVID-19 الحاد، ومع ذلك فإن الآليات الدقيقة والأهمية السريرية لهذه الاضطرابات ليست مفهومة تماماً.
٨- اضطرابات وظائف الكبد:
لوحظت مستويات غير طبيعية لناقلات الأمين AST وALT، وترانسفيراز غاما-غلوتاميل (γ-GT) ونازعة هدروجين اللاكتات (LDH) عند نحو ١٤-٥٣٪ من مرضى COVID-19. على الرّغم من أن ارتفاع إنزيمات الكبد غالباً ما يكون عابراً في الحالات الخفيفة من المرض، بيد أنه لوحظ ارتفاع كبير في إنزيمات الكبد في حالة COVID-19 الشديدة. لا تتعلق إصابة الكبد المرتبطة بـ COVID-19 بخطر الوفاة؛ ومع ذلك فقد لوحظ زيادة فترة الاستشفاء في المرضى الذين ارتفعت لديهم إنزيمات الكبد.
إن الآليات التي تؤدي إلى إصابة الكبد في COVID-19 متعددة العوامل، ويمكن أن تكون نتيجة للغزو المباشر للفيروس عبر القنوات الصفراوية؛ ونقص الأكسجة المرتبط بالالتهاب الرئوي؛ وأذية الكبد التي تسببها بعض الأدوية ذات السمية الكبدية المستخدمة في سياق تدبير المرض. ثمة بعض الدلائل على إمكان حدوث غزو فيروسي مباشر لخلايا الكبد. قد تؤدي إصابة الكلى والكبد المرافقة في حالة COVID-19 الشديدة إلى انخفاض الاستقلاب الكبدي للأدوية وزيادة خطر سمية الأدوية. ولتجنب المزيد من المضاعفات في حالة COVID-19 الشديدة يجب أن يكون الأطباء على دراية بالاحتياطات المتعلقة باستخدام الأدوية ذات السمية الكبدية المحتملة؛ ومراقبة الآثار الجانبية والنظر في تعديل جرعة الدواء المطلوبة.
٩- المضاعفات الغدية:
يمكن أن يزيدCOVID-19 خطر الإصابة بالحُماض الكيتوني وارتفاع السكر في الدم. تُعِّبر خلايا البنكرياس عن قدر كبير من مستقبلات الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين ٢، لذا قد يتسبب عدم تنظيم مسارات الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين ٢ في حدوث اضطراب في استقلاب الغلوكوز.
ثمة دلائل عديدة على أن نحو نصف مرضى COVID-19 الذكور المصابين بالمستوى الوخيم من المرض لديهم مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون، كما أن المستويات المرتفعة من الإاستراديول عند الذكور ترتبط بمستويات IL-6. يمكن أن تكون خلايا Leydig هدفاً محتملاً لـ SARS-CoV-2. التفسير الآخر للاضطرابات التي لوحظت في الهرمونات الجنسية يمكن أن يُعزى إلى متلازمة التحرّر الفائق للسيتوكينات CRS.
١٠- كوفيد -١٩ والحمل:
إن زيادة الحاجة إلى الأكسجين وفقر الدم الفيزيولوجي في أثناء الحمل من العوامل المحتملة التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم COVID-19 عند الحامل، كما قد يساهم نقص استجابة Th1 ومن ثمّ زيادة تحفيز Th2 في أثناء الحمل في القابلية للإصابة بالعدوى الفيروسية. لوحظت علامات وأعراض تشبه مقدمات الارتعاج في 14 ٪ من النساء الحوامل المصابات بفيروس SARS-CoV-2، لكن الأسباب الكامنة وراء ذلك ليست مفهومة تماماً. من المحتمل أن يزيد COVID-19 من خطر الإجهاض وتقييد النمو الجنيني داخل الرحم. تشير بعض الدلائل إلى أن الانتقال العمودي لـ COVID-19 في أثناء الحمل- ولا سيما في المرحلة الأخيرة من الحمل- أمرٌ ممكنٌ.
١١- المضاعفات الهضمية:
يعاني نحو ٢-١٠٪ من مرضى COVID-19 أعراضاً هضمية مثل الإسهال وآلام البطن والقُياء، ومن المثير للاهتمام أن الإسهال يمكن أن يكون أحد الأعراض الأولية والرئيسة للمرض عند بعض المرضى.
تعدّ الخلايا الظهارية في الجهاز الهضمي غنية بمستقبلات ACE 2، وتمَّ اكتشاف SARS-CoV-2 RNA في عينات البراز لبعض لمرضى المصابين. استناداً إلى فحص الخزعة النسيجية يمكن أن يتسبب الغزو الفيروسي المباشر في ظهور الأعراض الهضمية عند مرضى COVID-19. أثبتت بعض الدراسات وجود الفيروس في براز بعض المرضى؛ ولا سيما من لديهم أعراض هضمية، مما يُشير إلى أن COVID-19 يمكن أن ينتقل عبر الطريق البرازي الفموي، لكن طريق الانتقال هذا لا يُعدُّ طريقاً شائعاً أو مألوفاً للانتقال.
١٢- المضاعفات العصبية العضلية:
يمكن أن تظهر بعض الأعراض العصبية عند نحو ربع مرضى COVID-19؛ مثل الدوار، والصداع، والضعف في الوعي، والاعتلال الدماغي الوعائي، والرنح، والألم العصبي، كما تمَّ ملاحظة نقص في حاستي الشم والذوق. تعد الخلايا الظهارية في الأنف والفم غنية بمستقبلاتACE2 . من المفترض أن يدخل فيروس-SARS-CoV-2 إلى الجهاز العصبي المركزي عبر البصلة الشمية ويُضعِف وظيفة الخلايا العصبية الحسية، وقد لوحظ هذا على نحو أكثر تواتراً في المرضى الأصغر سناً وفي الإناث.
يمكن أن يكون ارتفاع نازعة هدروجين اللاكتات (LDH) والكرياتين فوسفوكيناز (CPK) عند بعض مرضى كوفيد-١٩ والمتوافق مع إصابة العضلات ناجماً عن غزو محتمل للفيروس للأعصاب والعضلات المحيطية. من المثير للاهتمام أن انحلال الربيدات المرتبط بعدوى SARS-CoV-2 قد تمَّ وصفه في عدد من الحالات. إن الفيزيولوجيا المرضية لانحلال الربيدات في COVID-19 غير مفهومة جيداً، لكن الفيروس يمكن أن يغزو الخلايا العضلية من خلال مستقبلاتACE . تم اقتراح تفسيرات أخرى مثل الأذية الناجمة عن السموم وترسب معقدات الضد – مستضد، والأذية التي تتوسطها الخلايا التائية.
في عدد قليل من الحالات يمكن أن يحدث التهاب الدماغ والنخاع الحاد المنتشر (ADEM) المرتبط بـ COVID-19، ظهرت هذه الحالات مع أعراض عصبية مختلفة بما في ذلك عسرة البلع وعسرة الكلام (الحبسة) والغيبوبة بعد أسابيع من الإصابة الأولية. قد تكون متلازمة غيلان باريه اختلاط عصبي آخر في سياقCOVID-19 لكنه نادر الحدوث.
تظهر عند نحو ثلاثة أرباع المرضى الذين يعانون COVID-19 الحاد الشديد مظاهر عصبية مختلفة الشدة؛ بما في ذلك اعتلالات الأوعية الدموية الدماغية الحادة واعتلال الدماغ. من الملاحظ أن المرض يمكن أن يكون أشد عند المرضى الذين يعانون إصابة سابقة في الجهاز العصبي المركزي، كما لوحظ قلة اللمف، وارتفاع مستويات الفيريتين وLDH. تم تأكيد الألفة العصبية لفيروسات البيتاكورونا وتم كشف فيروس SARS-CoV في الجهاز العصبي المركزي في دراسات سابقة على مرضى سارس. بسبب التشابه الهيكلي والآلية الإمراضية لـ SARS-CoV-2 مع SARS-CoV (الدخول بوساطة مستقبلاتACE 2) تم ربط الفشل التنفسي وإصابة القلب والأوعية الدموية الحاد في سياقCOVID-19 بالألفة العصبية المفترضة لـSARS-CoV-2. يعتقد أن الفيروس يدخل إلى الجهاز العصبي المركزي عبر الدوران الجهازي في حالة الإصابة الشديدة. هناك طريق آخر محتمَل للدخول يمكن أن يكون من الصفيحة المصفوية عبر المسار العصبي الراجع، وهو تفسير محتمل لنقص حاسة الشم. إلى جانب ذلك تمَّ إثبات انتشار بعض الفيروسات التي تنتمي إلى فصيلة Coronaviridae عبر طريق متصل بالمشابك إلى مركز القلب والجهاز التنفسي النخاعي من كل من المستقبلات الميكانيكية والمستقبلات الكيميائية في الرئتين.
يمكن أن تكون السكتة الدماغية الإقفارية الحادة مضاعفة عصبية لـ COVID-19 ولاسيما عند كبار السن ومرضى ارتفاع ضغط الدم والرجفان الأذيني؛ على الرّغم من أنه يمكن أن تحدث حتى في المرضى الصغار الذين ليس لديهم عوامل خطر. تشير الدلائل المتزايدة إلى أن SARS-CoV-2 يحفز التخثر عبر تنشيط الخلايا البطانية والتعبير عن العامل النسيجي وإنتاج الثرومبين. يمكن حدوث انسداد الأوعية الكبيرة مع الارتفاع الشديد في مستويات D-dimer (≥١٠٠٠ ميكروغرام/لتر). علاوة على ذلك فإن وجود الأجسام المضادة للفوسفوليبيد يمكن أن يزيد من خطر الإصابة باحتشاء دماغي.
١٣- المضاعفات العينية:
قد يكون احتقان الملتحمة ووذمة الجفن مظاهر أولية للإصابة بـCOVID-19، كما قد يعاني بعض مرضى COVID-19 أعراضاً بصرية. يُعتقَد أن العدوى يمكن أن تحدث نتيجة وصول القطيرات التنفسية المحملة بالفيروس إلى الملتحمة أو عن طريق القناة الأنفية الدمعية عند المصاب نفسه. تجدر الإشارة إلى أن مسحات الملتحمة كانت إيجابية الكشف عن SARS-CoV-2 في ١٦٪ من المرضى الذين يعانون أعراضاً بصرية. من المثير للاهتمام أن زيادة الكريات البيض وLDH والبروكالسيتونين والبروتين التفاعلي (CRP) C كانت كبيرة في المرضى الذين يعانون من أعراض عينية.
يتم وضع التشخيص الأولي للإصابة بكوفيد -١٩ على أسس سريرية ومخبرية ووبائية، لكن إثبات وتأكيد التشخيص وتأكيده يكون بإيجابية الفحوص المخبرية النوعية التي تكشف وجود الحمض النووي للفيروس مثل اختبار الـ PCR.
على الرّغم من أنه ليس ثمة دلائل سريرية نوعية تُميِّز الإصابة بكوفيد -١٩ عن الأخماج التنفسية بالفيروسات الأخرى؛ فإن الاشتباه السريري في إمكان الإصابة بـ COVID-19 يعتمد على وجود الحمى وبعض الأعراض التنفسية كالسعال وضيق التنفس وألم البلعوم وسيلان الأنف واحتقانه. تشمل المظاهر السريرية الأخرى اضطرابات الشم أو الذوق والألم العضلي أو الإسهال.
يجب أيضاً الشك بوجود COVID-19 عند المرضى الذين يعانون أعراض إصابة الجهاز التنفسي السفلي من دون سبب واضح آخر؛ ولا سيما عند وجود فاشيات أو أوبئة لـ كوفيد -١٩، أما المعايير الوبائية التي تعزز الشك بالإصابة بـ كوفيد -١٩ فهي التماس المباشر مع مريض أو مرضى لديهم إصابة مشتبهه أو مؤكدة بكوفيد -١٩؛ أو وجود فاشية في البيئة التي يعيش فيها المريض؛ أو القدوم من مناطق سُجِّلت فيها حالات كوفيد -١٩.
تعدّ الاختبارات الفيروسية النوعية ضروريةً لتأكيد التشخيص بعدوى SARS-CoV-2، ويستخدم لذلك اختبارات الكشف عن الحموض النووية النوعية (NAAT)؛ مثل اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل PCR؛ وهو الأكثر شيوعاً، واختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل مع الانتساخ العكسي RT-PCR، أو اختبار تحري المستضدات. تعدّ اختبارات الكشف عن الحموض النووية النوعية للفيروسات هي الأكثر استخداماً وموثوقية حالياً نظراً لحساسيتها ونوعيتها الفائقة ومع ذلك فإن اختبارات تحري المستضدات الفيروسية في المفرزات التنفسية قد توفر نتائج أسرع، وهي بدائل جيدة ورخيصة نسبياً ولا سيما في حالات المسح المجتمعي. يجب أن يخضع جميع المرضى الذين يعانون أعراض COVID-19 المشتبه بها- ولاسيما مع وجود قصة وبائية- لاختبار الكشف عن SARS-CoV-2، كما يفضل إجراء الاختبار عند الأشخاص المتماسين مع أشخاص تمَّ تأكيد الإصابة عندهم. يفضل إجراء اختبار ما بعد التعرض بعد خمسة إلى سبعة أيام من التعرّض، على الرّغم من أن التوقيت الأمثل لذلك غير مؤكد حالياً. يمكن أيضاً إجراء الاختبار من دون وجود أعراض للمرض عند الاشتباه بوجود إصابات في المناطق العالية الخطورة؛ مثل بعض البيئات ذات التجمع البشري الملحوظ كبيئات المستشفيات أو المدارس أو دور المسنين في مناطق الانتشار المرتفع للفيروس وفي أثناء الجائحات.
تعتمد الحساسية الدقيقة للاختبارات على نوعية العينة التي تم الحصول عليها؛ والفترة المنقضية ما بين العدوى وإجراء الاختبار، تؤكد اختبارات الحموض النووية الإيجابية لـ SARS-CoV-2 تشخيص COVID-19.
بالنسبة إلى العديد من الأشخاص الذين يعانون أعراضاً، فإن نتيجة NAAT سلبية واحدة كافية لاستبعاد تشخيص COVID-19، ومع ذلك إذا كان الاختبار الأولي سلبياً؛ لكن الاشتباه بالإصابة بـ COVID-19 ما يزال قائماً؛ وكان تأكيد وجود العدوى مهماً للسيطرة على العدوى فإنه يفضل إعادة الاختبار.
يمكن إجراء اختبارات المستضد بسرعة في المنزل أو في نقاط الرعاية الصحية، ويمكن تفسير الاختبارات الإيجابية على أنها مؤشر على الإصابة بعدوى SARS-CoV-2. نظراً لأنها أقل حساسية من NAAT، يجب تأكيد اختبارات المستضد السلبية التي يتم إجراؤها مع وجود أعراض أو بعد التعرض المؤكد. يمكن أن تكون اختبارات المستضد مفيدة أيضاً في المسح الواسع لكشف العدوى في البيئات العالية الخطورة.
يمكن للاختبارات المصلية التي تكشف عن أضدادSARS-CoV-2 أن تساعد على تحديد المرضى الذين أصيبوا سابقاً بـ COVID-19. عادةً يستغرق ظهور الأضداد التي يمكن اكتشافها بالاختبارات المتوفرة حالياً من عدة أيام إلى أسابيع؛ ومن ثمّ فإن الاختبارات المصلية لها فائدة أقل للتشخيص في الظروف الحادة. يجب استخدام الاختبارات المصلية بحذر بسبب الاختلافات الواضحة في النوعية والحساسية بين المقايسات المتاحة.
- تفسير الاختبارات في الأشخاص الملقحين: لاتؤثر حالة التلقيح في تفسير نتائج الاختبار الفيروسي (أي NAAT أو اختبار المستضد). يمكن للاختبارات المصلية التي تستهدف الكشف عن أضداد البروتين (S) الكشف عن استجابة الجسم المناعية للقاحات المتاحة حالياً، لكنها لا تستطيع التمييز بين الاستجابة للقاح أو لعدوى سابقة.
- الكشف عن العدوى بالمتحوِّرات الفرعية Omicron: تحتوي بعض المتحوِّرات الفرعية مثل المتحور Omicron على طفرات بروتينية حادة تؤدي إلى فشل هدف الجين S في بعض اختبارات NAATs، لكن ما تزال معظم NAATs تكتشف متغيرات Omicron الفرعية نظراً لأن لديها أكثر من هدف جيني واحد. يمكن أن تكتشف اختبارات المستضد (التي تستهدف البروتين النووي عموماً) المتغيرات الفرعية لـ Omicron.
يجب إجراء تقييم سريري ومخبري جيد للمرضى المشتبه (أو المؤكد) إصابتهم بـ COVID-19، ويجب أن يتضمن هذا التقييم الدلائل السريرية والمخبرية والشعاعية خاصة، والتي قد تشير إلى إصابة رئوية شديدة أو إلى مظاهر قصور أعضاء.
تكفي المعالجات العرضية البسيطة في تدبير معظم المصابين بعدوى SARS-CoV-2 نظراً لأن الإصابة غالباً ما تكون خفيفة أو متوسطة؛ كما في معظم الأخماج التنفسية العلوية، ويكون العلاج عادة في المنزل مع اتخاذ التدابير الوقائية المتعارَف عليها لضبط العدوى التنفسية.
تحتاج الحالات الشديدة عادة إلى استشفاء، كما قد تحتاج بعض الحالات إلى القبول في العناية المشددة. يوصى عادة بالقبول في المشفى للفئات التالية المصابين بحالة متوسطة أو شديدة من كوفيد-١٩:
- البالغون بعمر فوق ٦٠ عاماً.
- البالغون أقل من ٦٠ عاماً عند وجود أعراض شديدة ولا سيما دلائل نقص الأكسجة، أو عند وجود أعراض متوسطة ووجود أمراض مرافقة مزمنة ولا سيما الأمراض التنفسية والقلبية والداء السكري (عوامل خطورة متعددة).
- المرضى مضعفو المناعة بصرف النظر عن العمر.
إضافةً إلى المعالجات العرضية والداعمة وتحسين الأكسجة ومعالجة الأمراض المرافقة بالنسبة إلى المرضى الذين يقبلون في المشفى؛ يمكن أن تقلل المعالجة بـالمضادات النوعية للفيروس- مثل Nirmatrelvir وritonavir - من خطورة المرض ومعدلات الاستشفاء والوفاة المرتبطة بـ COVID-19، ومن المحتمل أن تكون الفائدة المتوقعة من العلاج لدى هؤلاء المرضى كبيرة.
عندما تكون الإمدادات والموارد الخاصة بالعلاج النوعي لـ COVID-19 محدودة تعطى الأولوية للعلاج بمضادات الفيروس للمرضى الذين يعانون نقص المناعة، والأشخاص غير الملقحين أو الذين لم يأخذوا جرعات اللقاح كاملة، أو الذين لديهم مخاطر أعلى لحدوث مرض شديد.
لا يوصى باستخدام المعالجة النوعية المضادة للفيروس روتينياً لعلاج مرضى COVID- 19 اللاعرضيين أو الذين لديهم أعراض خفيفة أو متوسطة والمؤهلين مناعياً، والذين تنقص أعمارهم عن ٦٤ سنة، والذين أخذوا اللقاحات الموصى بها لـCOVID-19، والذين ليس لديهم عوامل خطورة لتطور المرض إلى مرض شديد. في مثل هؤلاء المرضى يكون الخطر الإجمالي للتطور إلى مرض شديد منخفضاً بما يكفي بحيث لا تفوق الفائدة المطلقة للعلاج أيَّ خطر محتمل للضرر.
في حال اتُّخِذ القرار بإعطاء المعالجة النوعية للفيروس يجب البدء بها في أسرع وقت ممكن بعد تأكيد التشخيص في غضون خمسة أيام بعد ظهور الأعراض. يعطى nirmatrelvir بجرعة ٣٠٠مغ – وritonavir بجرعة ١٠٠ مغ مرتين يومياً لمدة خمسة أيام بالنسبة إلى المرضى الذين ليس لديهم اعتلال كلوي.
قد يحدث إعادة تفعيل مؤقتة للفيروس في أثناء المعالجة بـnirmatrelvir-ritonavir مع أعراض لدى أقلية من المرضى بعد التحسن الأولي، وقد يستلزم ذلك تمديد فترة العزل.
إذا لم يكن nirmatrelvir -ritonavir متاحاً أو مناسباً فإن remdesivir هو خيار بديل؛ ويتطلب ثلاث جرعات وريدية (IV) على مدى ثلاثة أيام. أما البديل الآخر المحتمل فهو بلازما الناقهين عالية عيار الأضداد.
يُفضَّل إعطاء معالجة واقية من التخثر لمرضى COVID-19 المقبولين في المشفى ولا سيما عند وجود عوامل خطورة لحدوث الخثرات لديهم. للمعالجة العرضيّة للحمى عند مرضى COVID-19 يفضل إعطاء باراسيتامول وتجنب إعطاء مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية ما أمكن.
يوصى بإعطاء الديكساميتازون للمرضى الذين لديهم نقص أكسجة خفيف أو متوسط (يحتاجون إلى نحو ١-٢ لتر من الأكسجين في الدقيقة)، ولديهم ارتفاع في الواسمات الالتهابية. يمكن إضافة tocilizumab إلى المعالجة في حال كانت الواسمات الالتهابية مرتفعة بشدة والاستجابة للديكساميتازون ضعيفة.
ثاني عشر- الوقاية وضبط العدوى:
يوصى بعزل الأشخاص المشتبه (أو المؤكد) إصابتهم بـ COVID-19. كما يجب التزام التدابير الوقائية الشخصية في الحالات التي يحتمل فيها حدوث انتقال لـ SARS-CoV-2؛ ولا سيما في أثناء الجائحات أو الفاشيات. تشمل التدابير الشخصية للحد من مخاطر الانتقال: غسل الأيدي جيداً بالماء والصابون من دون الحاجة إلى استخدام المطهرات إلا إذا كان هناك تماس مؤكد أو محتمل مع مفرزات تنفسية ملوثة. يعدّ استخدام معقم اليدين الذي يحتوي على ٧٠٪ كحول بديلاً معقولاً لغسل اليدين إذا لم يكن بالإمكان غسلها. في إحدى الدراسات بقي SARS-CoV-2 قابلاً للحياة على الجلد لمدة تسع ساعات تقريباً ولكن تمّ تعطيله تماماً في غضون 15 ثانية بعد تعريضه لـمحلول 70٪ كحول. يجب تغطية الفم والأنف في أثناء السعال أو العطاس. من الإجراءات المطلوبة أيضاً تحسين تهوية الأماكن وتجنب المناطق المزدحمة سيئة التهوية، كما ينصح بتجنب الاتصال الوثيق مع الأشخاص الذين لديهم أو قد يكون لديهم COVID-19. يُنصح أيضاً بتجنب الازدحام والاتصال الوثيق بأشخاص آخرين خارج المنزل لتقليل مخاطر التعرض؛ لا سيما إذا كانت احتمالات انتقال العدوى في المجتمع مرتفعة (التباعد الاجتماعي).
يُنصح باستخدام الأقنعة بحسب مستوى خطورة انتقال العدوى في المجتمع، وبحسب وجود المخاطر الفردية للإصابة بالعدوى الشديدة.
يُوصى بهذه التدابير الوقائية لجميع الأشخاص في المناطق التي ينتشر فيهاSARS-CoV-2، ويتم تأكيدها للأشخاص الذين يعانون اضطرابات مناعية ويكونون أكثر استعداداً للإصابة بالعدوى الشديدة خاصة.
اللقاح: يتوفر حالياً عدّة من اللقاحات التي يوصى باستخدامها للوقاية من COVID-19، وقد أصبح من المعروف حالياً أن لهذه اللقاحات المعتمدة عالمياً فعالية تمنيعية عالية ضد COVID-19، وتقلل كثيراً من خطر COVID-19 الوخيم. إنَّ الهدف المستضدي الأساسي للقاحات المتوفرة حالياً لـ COVID-19 هو مستضد البروتين الشوكي الفيروسي S الذي يرتبط بمستقبلة الإنزيم المحول للأنجيوتنسين ٢ (ACE2) على الخلايا المُضيفة.
تتوفر لقاحات COVID-19 التالية حالياً:
١- لقاحات الرّنا المرسال mRNA vaccines:
- لقاح Pfizer COVID-19) BNT162b2): تُعطى حقنتان عضليتان بفاصل ثلاثة أسابيع على الأقل للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم خمس سنوات أو أكثر؛ لكن يفضل أن تُعطى ثلاث جرعات منها للأطفال الذين تراوح أعمارهم بين ستة أشهر وأربع سنوات. يرتبط هذ االلقاح بخطر نادر للإصابة بالتهاب عضلة القلب.
- لقاح mRNA-1273 (Moderna COVID-19): تُعطى حقنتان عضليتان بفاصل شهر على الأقل للأشخاص بعمر ستة أشهر أو أكثر. يرتبط هذا اللقاح أيضاً بخطر نادر للإصابة بالتهاب عضلة القلب. يمكن للأفراد الأصحاء الذين تقل أعمارهم عن ٦٥ عاماً تمديد الفترة الفاصلة بين الجرعتين إلى ثمانية أسابيع لكل من لقاحي mRNA ؛ ويكون هذا التمديد مفضلاً عند تلقيح المراهقين والشباب (ولاسيما الذكور الذين تراوح أعمارهم بين ١٢ و٣٩ عاماً)؛لأنه قد يكون مرتبطاً بانخفاض خطر الإصابة بالتهاب عضلة القلب.
٢- لقاح البروتين المساعد المأشوب An adjuvanted recombinant protein (Novavax COVID-19) NVX-CoV2373: تُعطى حقنتان عضليتان بفاصل ثلاثة إلى ثمانية أسابيع للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم ١٢ عاماً أو أكثر. قد يرتبط هذا اللقاح بخطر نادر للإصابة بالتهاب عضلة القلب.
٣- لقاح ناقل الفيروس الغدي An adenoviral vector vaccine Ad26.COV2.S (Janssen COVID-19)، ويدعى باسم لقاح Johnson & Johnson: تُعطى حقنة عضلية واحدةً للأفراد الذين تبلغ أعمارهم ١٨ عاماً أو أكثر. يرتبط هذ اللقاح بخطر نادر للإصابة بتخثر الدم مع قلة الصفيحات، وربما التهاب عضلة القلب ومتلازمة غيلان باريه.
يوصى بشدة بالتلقيح ضد كوفيد -١٩ (الدرجة ١-أ) بالنسبة إلى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم ١٢ عاماً فأكثر، أما بالنسبة إلى الذين تراوح بين ٦ أشهر و١١ عاماً فيوصى أيضاً بالتلقيح ضد مرض كوفيد -١٩ لكن درجة التوصية أقل.
٤-توصيات خاصة بالنسبة إلى تلقيح مُضعفي المناعة: قد لا يستجيب الأشخاص الذين يعانون ضعف المناعة استجابة كافية لبرنامج اللقاح المنوالي الموصى به للوقاية من كوفيد-١٩؛ لذا يوصى بجرعات إضافية لتحسين فعاليته لديهم، لكن يجب الانتباه إلى أن هذه الجرعات الإضافية لاتحلّ محلّ الجرعات الداعمة للّقاح بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من بعض حالات نقص المناعة، لذا يوصى بإعطاء سلسلة لقاح أولية من ثلاث جرعات من الرّنا المرسال بدلاً من سلسلة من جرعتين، كما يفضل إعطاء جرعة إضافية من لقاح mRNA لهؤلاء الأشخاص الذين تلقوا سابقاً جرعة واحدة من Ad26.COV2.S.
* الجرعات الداعمة: يوصى بإعطاء جرعات داعمة للأشخاص الذين تلقوا سلسلة لقاحات COVID-19 الأولية، إذ يوصى بإعطاء جرعة معزِّزة من اللقاح عندما يكون هؤلاء الأشخاص عرضة لإصابة جديدة بالفيروس. يفضل استخدام لقاح ثنائي التكافؤ (إما لقاح ثنائي التكافؤ من شركة Pfizer وإما لقاح ثنائي التكافؤ من Moderna لمن هم بعمر ٥ سنوات) في الجرعة الداعمة التي تُعطى بعد شهرين على الأقل من السلسلة الأولية للقاح. يعتمد برنامج الجرعات المعزِّزة للأطفال الأصغر سناً على السلسلة الأولية التي يتمُّ تلقيها.
بالنسبة إلى الأشخاص الذين تقلُّ أعمارهم عن ٥ سنوات والذين تلقوا سلسلة أولية وجرعات داعمة سابقة مع لقاح أحادي التكافؤ، فإنه يوصى أيضًا بإعطاء جرعة داعمة مع لقاح mRNA ثنائي التكافؤ (إما لقاح ثنائي التكافؤ من Pfizer لمن هم في سن ٥ سنوات وإما لقاح ثنائي التكافؤ Moderna لهؤلاء ≥ ٦ سنوات) بعد شهرين على الأقل من آخر جرعة لقاح. من المرجح أن تفيد الجرعة الداعمة من اللقاح ثنائي التكافؤ معظم الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات مناعية، أو الأشخاص ذوي الخطورة العالية للإصابة الشديدة من المرض (على سبيل المثال بسبب الأمراض المرافقة المتعددة) أو الذين يعيشون في مناطق ذات معدلات عالية أو متزايدة لانتقال الفيروس (SARS-CoV-2).
يُعتقد أن للجرعة الداعمة الثنائية التكافؤ دوراً مهماً في تنشيط المناعة المتضائلة بعد جرعة (أو جرعات) اللقاح الروتينية السابقة، وتوسيع درجة الوقاية ضد متحوِّرات SARS-CoV-2.
توصيات خاصة: إذا تمَّ إعطاء اللقاح بطريقة مختلفة عن الطريقة الموصى بها فلا يلزم تكرار الجرعة أو سلسلة اللقاح، وإنما يتمُّ استكمالها باللقاح ذاته إن كان متوفراً. ليس ثمة دلائل مؤكَّدة حالياً حول الفائدة التي يمكن تحقيقها (أو الضرر) من إعطاء لقاحات مختلفة في سلسلة اللقاح الأولية بسبب عدم توفر اللقاح ذاته؛ أو ظهور مضادات استطباب له، وفي هذه الحالة يوصى بأن تكون الفترة بين جرعتي اللقاح المختلفين أربعة أسابيع على الأقل.
● الآثار الجانبية المتوقَّعة للقاح: تعدُّ لقاحات كوفيد –١٩ المتوفِّرة حالياً آمنة إلى حدٍّ بعيد، لكن يجب إخطار متلقي اللقاح بإمكان حدوث بعض الآثار الجانبية بعد تلقي اللقاح؛ والتي قد تشمل تفاعلات موضعية و/أو جهازية؛ بما في ذلك الألم في موضع الحقن والحمى والتعب والصداع. يمكن تناول المسكنات أو خافضات الحرارة مثل الباراسيتامول أو مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية في حالة ظهور هذه التفاعلات. لا يُنصَح بالاستخدام الوقائي لهذه الأدوية قبل تلقي اللقاح بسبب التأثير غير المؤكَّد في الاستجابة المناعية للمُضيف.
● موانع الاستعمال والاحتياطات: موانع الاستعمال الأولية للقاح COVID-19 هي تفاعلات الحساسية الشديدة أو الفورية لّلقاح أو أي من مكوناته، لذا يفضل مراقبة جميع متلقيّ اللقاح والذين ليس لديهم موانع استعمال محددة تجاهه لمدة ١٥ دقيقة على الأقل بعد التلقيح تحسباً لأي استجابة أرجية. يفضل مراقبة الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الحساسية المفرطة تجاه أي نوع من الأدوية أو المواد الكيمياوية، أو سُجِّل لديهم سابقاً رد فعل تحسسي فوري تجاه اللقاحات الأخرى أو العلاجات القابلة للحقن، أو موانع محدَّدة لفئة لقاح COVID-19 غير تلك التي يتلقونها لمدة ٣٠ دقيقة.
- المجلد : المجلد الثامن عشر مشاركة :