تنسخ فيروسات
-

 تَنَسُّخ الفيروسات

تَنَسُّخ الفيروسات

أحمد السّحار

 اﻟﻨﻀﺞ Maturation   الارتكازAttachment 
 الإطلاق Releasing   النّفاذ Penetration
 منحنيات نمو الفيروسات نزع الغِلالة Uncoating  
 ملخص المفاهيم الرئيسية  التنسّخ Replication 
  التّجميع Assembly 
 

مقدمة:

يجب أن يخضع الفيروس لعملية التنسّخ (التكرار) من أجل إنتاج فيريونات مُعدية جديدة قادرة على إصابة خلايا أخرى في الجسم أو إصابة مُضيفين جُدد. يقوم الفيروس بعد دخوله إلى الجسم بتماس مادي مع الغشاء الهيولي للخلية المستهدفة، ويدخل إليها، ثم يُطلِق جينومه فيها ليتنسّخ؛ ثمَّ تقوم ربيوسومات هذه الخلية المُضيفة بتصنيع بروتيناته، وتتجمع هذه الجزيئات الحيويّة؛ لتكون فيريونات مُعدية جديدة. وأخيراً تُطلَق الفيروسات الجديدة من الخلية؛ كي تواصل عملية العدوى.

تُصنَّف المراحل السبع للتنسّخ الفيروسي على الشكل الآتي:

الارتكاز، النفاذ، نزع الغِلالة، التنسُّخ، التجميع، النُّضج، الإطلاق.

ويجب أن تقوم جميع الفيروسات بالمراحل السبع لتوليد جسيمات فيروسية (فيريونات) جديدة. وقد تحدث عدة مراحل متزامنة، أو قد تحدث بعض المراحل بترتيب مختلف، وذلك بحسب كل فيروس.

1 - الارتكاز  Attachment:

يحدث التماس بين الفيروس والخلية الهدف عبر الغشاء الهيولي للخلية. وتقوم بروتينات الغشاء الهيولي السطحية بمجموعة وظائف، منها: نقل الشوارد والجزيئات، وتسهيل ارتباط الخلية بخلية أخرى، أو تعمل بوصفها مستقبلات للبروتينات الواردة إلى الخلية. وتكون غالبية بروتينات الغشاء الهيولي بروتينات سكريّة. وإنَّ ارتكاز الفيروس على الغشاء الهيولي للخلية الهدف أمرٌ رئيسيٌ وحدّيٌ؛ كي يبدأ بخمج الخلية. ويكون التآثر بين الفيروس وسطح الخلية نوعيّا: حيث يحتوي الفيروس على بروتينات ارتكاز تُمتَزُّ على مستقبَلة خلوية سطحية (الجدول١). وإنَّ جزيئات المستقبلات الخلوية السطحية هي جزيئات طبيعية بروتينية سكريّة أو ثمالات سكريّة تلزَم لوظائف خلوية محدَّدة، ولكن الفيروسات تقوم باستغلاِلها لترتكز على الغشاء الهيولي للخلية. مثال: يرتبط الفيروس الأنفي ببروتين يُعرفَ باسم جزيء الالتصاق بين الخلوي ١(1CAM-1)، الذي وظيفته الأساسيّة هي المشاركة في ارتكاز الخلايا إلى بعضها. في حين ترتبط سلالات فيروس الإنفلونزا A بسكريات في حمض السياليك الموجود في نهايات سلاسل الكربوهيدرات الخلوية، وترتبط فيروسات الهربس البسيط بشكل عكوس بالغليكوزأمينوغليكان (GAGS)، مثل كبريتات الهيباران؛ وذلك من أجل أن ترتبط ببروتين وسيط لدخول فيروس الهربس، أو ترتبط بالنِّكتينات nectins على سطح الخلية (الشكل ١).

الشكل (١): المستقبلات الخلويّة السطحيّة. تستخدم الفيروسات المختلفة مستقبلات خلوية سطحية نوعية من أجل الارتكاز. وإنَّ المستقبلات الخلويّة هي التي تحِددّ توجّه الفيروس إلى خلايا معيَّنة.

 

الجدول (١): المستقبلات الخلوية السطحية التي ترتكز عليها الفيروسات البشرية.

المستقبلة/ات الخلوية السطحية

الفيروس

جزيئات الالتصاق بين الخلوي ١ (ICAM-1) (٩٠٪)، مستقبلة البروتين الشحمي منخفض الكثافة (LDL) (١٠٪)

الفيروسات الأنفية

مستقبلة فيروس شلل الأطفال (PVR أو CD155)

فيروس التهاب سنجابية النخاع (فيروس شلل الأطفال)

CD4 (مستقبلة) و CCR5 أو CXCR4 (مستقبلات مشترِكة)

فيروس العوز المناعي البشري HIV

حمض السياليك

فيروس الإنفلونزا A

CD46 و CD150

فيروس الحصبة

كبريتات الهيباران أو HVEM أو النّيكتين-١

فيروس الهربس البسيط نمط ١

DC-SIGN

فيروس الدّنج

عديد الببتيد المشترِك بنقل توروكولات الصوديوم

فيروس التهاب الكبد B

كبريتات الهيباران والانتغرينات

فيروس الورم الحليمي البشري

وكذلك تَتَطلَّب بعض الفيروسات مستقبلات مشترِكةcoreceptors ؛ لتُعدي الخلية. حيث يرتبط فيروس العوز المناعي البشري HIV في البداية ببروتين هو CD4 على سطح الخلايا اللمفاوية التائية، وهذا لا يكفي لمواصلة عملية العدوى؛ بل يتطلَّب مشاركة واحد من بروتينين لمستقبلتين مشاركتين من مستقبلات الكيموكينات، هما CCR5 وCXCR4. ويُعدُّ البشر الذين لديهم نسخة معدَّلة من CCR5 (إحدى المستقبلات المشترِكة) مقاومين إلى حد كبير للعدوى بهذا الفيروس بسبب عدم قدرته على استخدام CCR5 المعدَّلة كمستقبِلة مشتركة؛ ومن ثمّ لا تحدث العدوى. إذاً يمكن منع عدوى الخلية إذا أمكن منع الارتكاز الفيروسي عليها، وتُعدُّ بروتينات ارتكاز الفيروس هدفاً لعدّة من الأدوية المضادّة للفيروسات.

ويحدث في سياق عملية الارتكاز مقاوَمة للقوى الكهربيّة الراكدة من قِبل كل من بروتين الارتكاز الفيروسي والمستقبلة الخلوية السطحية. ويتوضع بروتين الارتكاز الفيروسي في الجزء الخارجي من الفيروس حيث يجري التماس مع الخلية، وبيرز هذا البروتين من الغلاف الفيروسي في الفيروسات المغلَّفة، في حين تحتوي الفيروسات غير المغلَّفة على بروتين أو أكثر من بروتينات القفيصة التي تتآثر والمستقبلات الخلوية السطحية. ويمكن أن تمتد بروتينات الارتكاز الفيروسي من سطح الفيريون أو أنها تتوضع داخل» أثلام» “canyons” مكوَّنة من بروتينات قفيصة. مثال: ترتبط ٩٠٪ من الأنماط المصلية للفيروسات الأنفية بجزيء الالتصاق بين الخلوي١(ICAM-1) على سطح الخلية، ويتوضع جزيء الارتكاز الفيروسي في ثلم عميق يتكون من البروتينات الفيروسية VP1 وVP2 وVP3 بدلاً من استخدام الجزء الخارجي من قفيصة الفيروس لهذا الغرض. وبالمقابل يرتبط ١٠٪ من الفيروسات الأنفية بمستقبلات البروتين الشحمي منخفض الكثافة جداً (VLDL)، ولا يحدث هذا التآثر في الأثلام المتكوّنة من البروتينات الفيروسية. وكذلك ترتبط عدّة من البروتينات الفيروسية VP1 الموجودة في رؤوس القفيصة الفيروسية عشرونية الوجوه بالمستقبلة. ويوضّح هذا المثال أيضاً أنَّ السلالات المختلفة للفيروس نفسه يمكن أن تستفيد من مستقبلات خلوية سطحية مختلفة للقيام بالارتكاز.

٢- النّفاذ  Penetration:

تدخل الفيروسات التي نجحت في الارتكاز على الخلية إلى داخلها بسرعة لتتجنّب الضغوط خارج الخلوية التي يمكن أن تُزيلها، مثل تدفق المخاط. ويشير مصطلح «النفاذ» إلى عبور الفيروس للغشاء الهيولي، وتتطلّب هذه العملية طاقة توفرها الخلية المُضيفة، بخلاف الارتكاز الذي لا يتطلَّب طاقة. وتستخدم الفيروسات آليات مختلفة عدة للدخول إلى الخلية (الشكل٢، الجدول٢)، بعضها عمليات خلوية طبيعية مثل الالتقام. ويحدث الالتقام المتواسط بالمستقبلةَ عندما ترتبط المستقبلة الخلوية السطحية بربيطتها الفيروسية، وتُستبطَن internalized في وهدات مغلَّفة بالكلاذرين أو في كُهيفات تصبح لاحقاً حويصلات داخل خلوية. وأخيراً تفقد هذه الحويصلات غلافها المكوَّن من الكلاذرين أو الكافيولين؛ وتندمج مع «الجسيمات الداخلية المبكرة»، وهي حويصلات حامضية حمضاً خفيفاً (pH 6.0-6.5)؛ فتصبح «جسيمات داخلية متأخرة» مع زيادة حموضتها (pH 5.0-6.0). ثمَّ تنقل الجسيماتُ الداخلية المتأخرة الموادَ إلى الجسيمات الحالّة الملأى بالإنزيمات الهاضمة.

الشكل (٢): نفاذ الفيروسات إلى الخلية. تستفيد الفيروسات المختلفة من الآليات الخلوية المتنوعة للدخول إلى الخلية بعد ارتباطها بمستقبلات خلوية سطحية نوعية لها، مثل عمليات الالتقام المتواسط بالكافيولين أو بالكلاذرين أو الالتقام المتواسط بمستقبلات مستقلة عن كل من الكلاذرين والكافيولين، أو عبر عمليتي الالتقام الكُتَلي والبلعمة.

 

الجدول(٢): طرائق نفاذ فيروسات انتقائية تصيب البشر.

أمثلة الفيروسات

نمط النفاذ (الدخول)

فيروس الدنج، فيروس التهاب الكبد C، الفيروسات الريوية، الفيروسات الغديّة، الفيروس الصغير B19، فيروس غرب النيل.

التقام متواسط بالكلاذرين

فيروس الورم الحليمي البشري، فيروس التهاب الكبدB والفيروس SV40.

التقام متواسط بالكافيولين

فيروس العوز المناعي البشري، فيروس الإنفلونزا، الفيروس التنفسي المخلوي، فيروسات الهربس البسيط، فيروس إبيولا.

الاندماج

التوجّه Tropism: لا تعرض جميعُ خلايا الكائنات كثيرة الخلايا أنواعَ البروتينات الخلوية السطحية نفسها. ويشير مصطلح توجّه (tropism) الفيروس إلى النوعية التي تجعل الفيروس يُصيب خلية مُضيفة أو نسيجاً مُضيفاً محدّداً، فلا يكون الفيروس قادراً على إصابة خليّة لا تحمل بروتينات سطحيّة رابطة لهذا الفيروس. ولهذا فإن بعض الفيروسات لها مجال ضيق من الخلايا المُضيفة تحدِّدها بروتينات خلوية سطحية يستخدمها فيروس معيّن للارتكاز. مثال: يُعدُّ البشر المُضيف الطبيعي الوحيد المعروف لفيروس شلل الأطفال، ولهذا السبب كان فيروس شلل الأطفال تاريخياً فيروساً صعب الدراسة؛ لأن المستقبلة الخلوية السطحية التي يستخدمها للارتكاز- وهي CD155 غير موجودة في النماذج الحيوانية الصغيرة، مثل الفئران. وصُمِّمت سلالة فئران مُعدَّلة وراثياً بحيث تستطيع التعبير عن الجزيء CD155 البشري في عام ١٩٩٠، وكانت هذه الفئران عُرضة للعدوى بهذا الفيروس، في حين أن الفئران الطبيعية غير المعدَّلة وراثياً لم تكن كذلك.

ويشيع استخدام الفيروسات (المغلَّفة وغير المغلَّفة) لعملية الالتقام الخلوي المتواسط بالمستقبلة من أجل النفاذ إلى داخل الخلية عبر الغشاء الهيولى. وعندما ينخفض pH الجسيم الداخلي المحتوي على الفيروس تتبدَّل أشكال البروتينات الفيروسية؛ مما يسمح لها بالهروب منه؛ ويمكن أن يحدث هذا في الجسيمات الداخلية المبكرة، أو الجسيمات الداخلية المتأخرة، أو الجسيمات الحالّة، وذلك اعتماداً على الفيروس (الشكل ٢). وتستخدم معظم أنماط الفيروسات الالتقام الخلوي المتواسط بالكلاذرين للدخول إلى الخلية، ومنها فيروس حمى الدنج، وفيروس التهاب الكبدC ، والفيروسات الريويّة. وتقوم قِلّة من الفيروسات المعروفة التي تصيب البشر- مثل SV40 وفيروسات الورم الحليمي- باستخدام الالتقام الخلوي المتواسط بكافيولين (الكُهيفات)؛ واكتُشِف ذلك عند استخدام دواء يثبط تكوين الكُهيفات. وإنَّ منع الالتقام المتواسط بالكلاذرين لم يمنع دخول هذه الفيروسات إلى الخلايا. وما لا تزال فيروسات أخرى تقوم بعملية الالتقام غير المتواسط بالكلاذرين ولا بالكافيولين.

وكذلك تستغل الفيروسات أشكالاَ أخرى من الالتقام - مثل الالتقام الكُتَلي والبلعمة - لدخول الخلية. في حالة الالتقام الكُتَلي تشكِّل الخلية حويصلة تبتلع فيها أي جزيئات موجودة في السائل خارج الخلية بما فيه من فيروسات. وإنَّ البلعمة هي شكل من أشكال الالتقام المتواسط بالمستقبلة، تقوم بها خلايا متخصصة بابتلاع خلايا كاملة. وتبيّن حديثاً أن أثنين من الفيروسات التي حمضها النووي دنا كبير هما فيروس الهربس البسيط نمط١ وmimivirus يدخلان الخلايا من خلال مسارات تشبه البلعمة.

وثمّة طريقة أخرى للنفاد تنفرد بها الفيروسات المغلَّفة هي الاندماج أو الانصهار. ويمكن أن يحدث اندماج الغلاف الفيروسي مع الغشاء الهيولي للخلية أو مع حويصلات التقام مثل الجسيم الداخلي، ويكون متواسطاً بالبروتينات الفيروسية ذاتها التي يستخدمها الفيروس للارتكاز على الخلية أو ببروتينات أخرى. مثال: يحمل فيروس العوز المناعي البشري البروتين gp120 الذي يرتبط بـ CD4 وواحدة من اثنتين من المستقبلات المشتركة، CCR5 أو CXCR4، وحال حدوث ذلك يقوم بروتين فيروسي آخر هو gp41 بدمج غلاف الفيروس مع غشاء الخلية، فتنطلق القفيصة النووية الفيروسية إلى هيولى الخلية.

٣- نزع الغِلالة  Uncoating:

يشير مصطلح نزع الغلالة إلى إزالة القفيصة وإطلاق جينوم الفيروس في الخلية، بغضّ النظر عن المكان الذي سيجري فيه تنسّخ الجينوم وترجمته. ويمكن أن تكون عملية نزع الغلالة منفصلة عن عملية النّفاذ أو تكونا مرتبطتين تماماً، وتقوم الفيروسات بنزع الغلالة بطرائق عدة مختلفة (الشكل٣). مثال: يكون دخول الفيروسات الأنفية إلى الخلية بوساطة الالتقام المتواسط بالمستقبلة في حويصلات مغلفة بالكلاذرين. ويزداد حجم الفيروس نحو ٤٪ داخل الجسيم الداخلي الحمضي، ويشكل أحد بروتينات القفيصة -VP1- مساماً في الجسيم الداخلي تسمح بإطلاق الجينوم الرنوي للفيروس الأنفي. ومن ناحية أخرى يحتوي فيروس الإنفلونزا على بروتين فيروسي، هو مستضد التراص الدموي HA المغروس في الغلاف الفيروسي، ويرتبط HA ببقايا حمض السياليك الموجودة على سطح الخلايا الظهارية التنفسية، ويحدث الاختراق من خلال الالتقام المتواسط بالمستقبلة. ويسبِّب انخفاض pH الجسيم الداخلي حدوث تغيير في شكل البروتين HA الفيروسي؛ مما يكشف عن ببتيد اندماج يجمع الغلاف الفيروسي وغشاء الجسيم الداخلي، ويدمجهما معاً. في هذه الحالة يُسهِّل البروتين HA ارتكازَ الفيروس ونزع غلالته. وتُنقُلَ قطع رنا الفيروس المنطلقة إلى النواة، فتدخلها من خلال المسام النووية. ومن جهةٍ أخرى يُعتقدَ أن قفيصات فيروسات أخرى - مثل فيروس شلل الأطفال- لا تدخل الخلية على الإطلاق، لكن يسبِّب ارتباط قفيصة فيروس شلل الأطفال بمستقبلات خلوية سطحية حدوث تغيير في شكل الفيروس يؤدي إلى تكوين مسام في غشاء الخلية يجري من خلاله إطلاق الحمض النووي الريبي الفيروسي في الهيولى. وبالمقابل تبقى عدة من الفيروسات سليمة إلى حد كبير بعد النفاذ، فالفيروسات الريوية لا تنزع غلالتها تماماً داخل الهيولى، بل يتنسّخ الجينوم (في قاعدة منزلية home base).

الشكل(٣): نزع الغلالة عن قفيصة الفيريون.

وتُصيب عدة من فيروسات الهربس الخلايا العصبية، ولكنّها يجب أن تتنسّخ في النواة التي يمكن أن تكون بعيدة جداً عن موقع دخول الفيروس في الغشاء الهيولي. وبعد اندماج الغلاف الفيروسي بالغشاء الهيولي تُنَقل القفيصات النووية السليمة لـ HSV-1 على طول النبيبات الدقيقة إلى النواة. وترتبط بروتينات HSV بـ dynein، وهو بروتين الخلية المُضيفة الذي «يُمشّي» الحويصلات بما تحملها على طول النّبيبات الدقيقة. وترسو قفيصة HSV في المسام النووية، وينتقل الحمض النووي الفيروسي إلى النواة (الشكل ٤).

الشكل(٤): نقل الجينوم الفيروسي إلى النواة. 

وتكون قفيصات بعض الفيروسات صغيرة لدرجة تمكنّها من المرور عبر المسام النووية، مثلاً؛ يبلغ قطر قفيصة فيروس التهاب الكبد B نحو ٣٠ نانومتر، وتدخل سليمةً من خلال المسام النووية، وتنُزَع الغلالة داخل النواة.

٤- التنسّخ Replication:

يشفِّر الجينوم الفيروسي لتصنيع البروتينات الفيروسية. وتتضمّن عملية تكوين فيريونات جديدة علميتي تصنيع البروتينات الفيروسية المشفَّرة بالجينات الفيروسية وتنسّخ جينوم الفيروس. وتعتمد استراتيجية تنسّخ الفيروس عموماً على نوع الحمض النووي لجينوم الفيروس (الشكل٥). وتستغل عدةٌ من الفيروسات البروتينات الخلوية؛ لتقوم بتنسّخ جينوميتها، ولذلك فإن مكان وجود هذه البروتينات سيحدد مكان حدوث تنسّخ الحمض النووي الفيروسي عامّة.

الشكل (٥): استراتيجيات تنسّخ الفيروسات المصنّفة بحسب تصنيف بالتيمور. جميع الفيروسات- أيّاً كان نوع الحمض النووي لجينومها- يجب أن يتنسّخ جينومها ويترجَم لبروتينات من أجل تجميع الفيريونات الوليدة. 

ولجميع الكائنات الحية جينومات مكوَّنة من دنا مزدوج الطاق (dsDNA)، ولكن الفيروسات تنفرد بأن جينوماتها يمكن أن تتكون من من دنا مزدوج الطاق (dsDNA) أو دنا مفرد الطاق (ssDNA)، أو رنا مزدوج الطاق (dsRNA) أو رنا مفرد الطاق (ssRNA)، وهذا الأخير يمكن أن يكون إيجابي الاتجاه أو سلبي الاتجاه. ويُعدُّ نظام تصنيف بالتيمور Baltimore classification system مفيداً في فهم الاستراتيجيات العامة لتنسّخ الفيروسات؛ لأنه يصنّف الفيروسات في سبعة صفوف بناءً على نمط جينوماتها:

أ- فيروسات جينومها دنا مزدوج الطاق.

ب- فيروسات جينومها دنا مفرد الطاق.

ج- فيروسات جينومها رنا مزدوج الطاق.

د- فيروسات جينومها رنا مفرد الطاق إيجابي الاتجاه.

ه- فيروسات جينومها رنا مفرد الطاق سلبي الاتجاه.

و- فيروسات جنيومها رنا يُنتسَخ عكسياً.

ز- فيروسات جنيومها دنا يُنتسَخ عكسياً.

ويمكن أن تكون الحموض النووية الفيروسية خطية أو حلقية، ويمكن أن تكون مُجزَّأة في عدة قطع صغيرة داخل الفيريون، كما في فيروسات الإنفلونزا، أو غير مُجزَّأة، مثل فيروس داء الكلب الذي يحتوي على جزيء واحد من الحمض النووي يشفِّر لجميع الجينات الضرورية للفيروس. وتكون أطول الحموض النووية أكثر عرضة للتجزيء، ولكن يجب على الفيروسات ذات الحمض النووي المُجزَّأ أن تحزم كل أجزاء الجينوم في الفيريون، حتى تكون مُعديةً.

أ- الصنف الأول: فيروسات dsDNA:

تحتوي الفيروسات التي جينوماتها dsDNA على الحمض النووي الأكثر تشابهاً مع الكائنات الحية، وغالباً ما تستخدم الإنزيمات والبروتينات التي تستخدمها الخلية لتنسّخ حمضها النووي وانتساخه، ومنها بوليميرازات الرنا والدنا الخلويّة. وتُلفىَ هذه الإنزيمات في نواة الخلية الحقيقية النواة؛ ومن ثمّ فإن جميع الفيروسات التي جينوماتها dsDNA التي تصيب البشر (باستثناء فيروسات الجدري) تدخل إلى نواة الخلية مستخدمةً الآليات المختلفة للدخول ونزع الغلالة المذكورة أعلاه. من أمثلة الفيروسات البشرية جينومها dsDNA: فيروسات الهربس وفيروسات الجدري والفيروسات الغدية والفيروسات التوارمية.

وإذا كانت البروتينات الفيروسية لازمة لتنسّخ جينوم الفيروس يجب أن يحدث الانتساخ وصنع الرنا المرسال الفيروسي (vmRNA) قبل تنسّخ الجينوم الفيروسي. إضافة إلى ذلك تعمل بعض البروتينات الفيروسية المترجَمة بوصفها عوامل انتساخ لتوجيه انتساخ الجينات الأخرى، حيث ترتبط عوامل الانتساخ بمتواليات محدَّدة داخل مُحفِّزات Promotors الجينات الخلوية على الفور في موقع قَبل بداية موقع بدء الانتساخ؛ كي يبدأ انتساخ تلك الجينات.

وتشترك المِعزازات Enhancers أيضاً في الانتساخ، وهي متواليات منَظِّمة تتوضّع بعيداًupstream عن موضع بدء الانتساخ، ويمكن أن تكون أعلاه (قبل بدايته) أو بعده downstream. وتحتوي فيروسات الدنا مزدوج الطاق أيضاً على مناطق محفِّزات ومناطق مِعزازات داخل جينوماتها تتعرّفها عوامل انتساخ فيروسية وعوامل انتساخ خلوية أيضاً. وتبدأ هذه البروتينات في انتساخ الجينات الفيروسية بوساطة بوليميراز الرنا II للخلية المُضيفة.

وتحدث معالَجة طليعة الرنا المرسال الفيروسي (تُسمَّى عملية التعديل ما بعد الانتساخ) من خلال آليات معالجة الرنا المرسال الخلوي ذاتها. تتلقى نُسخ الرنا المرسال الفيروسي قلنسوة عند الطرف ٥′ وذيل عديد (A) عند الطرف ٣′، وتُضفرّ في بعض الفيروسات؛ ليتشكّل نُسَخ vmRNAs مختلفة. مثال: يُتشفرَّ كل جين من فيروسات الهربس بوساطة محفِّز خاص بها، ولا تُضفَّر عادة، في حين يحتوي جينوم الفيروس الغدي البشري نمط E على ١٧ جيناً يشفر ٣٨ بروتيناً مختلفاً؛ بسبب حدوث التضفير التبادليalternative splicing لـ vmRNA في أثناء معالجة الرنا.

وتقوم الفيروسات dsDNA بانتساخ جيناتها في موجات، وأول جينات فيروسية تُنتسخ ومن ثمَّ تُترجَم إلى بروتينات فيروسية هي الجينات المبكِّرة المباشرة (أو العاجلة) و/ أو الجينات المبكّرة. وتمتلك منتجات هذه الجينات مجموعة متنوعة من الوظائف، يساعد الكثير منها على توجيه التنسّخ الفعّال للجينوم والانتساخ اللاحق للجينات المتأخرة التي تشفِّر للبروتينات البنيوية الرئيسية للفيريون وللبروتينات الأخرى المشارِكة في تجميع الفيريون ونضجه وإطلاقه. ويتطلب تنسّخ الجينوم الفيروسي بروتينات خلوية متعدّدة؛ ويؤكِّد وجود الجينات الفيروسية المتأخرة المنتَسخة والمترجمة بعد تنسّخ جينوم الفيروس أن الإنزيمات الخلوية اللازمة للتنسّخ لا تتأثّر سلباً بترجمة كمية هائلة من البروتينات البنيوية للفريون.

ويحدث تنسّخ جينوم جميع فيروسات dsDNA داخل نواة الخلية المصابة، باستثناء فيروسات الجدري، ويُتنسَّخ الحمض النووي لحقيقيات النوى بوساطة بوليميراز الدنا وبروتينات أخرى داخل النواة. ومع ذلك؛ فإن بوليميرازات الدنا - سواء كانت خلوية أم فيروسية - لا يمكنها إجراء تخليق دنا من جديد، بل يجب أن ترتبط ببادئة قصيرة (مَشْرَع) primer من الدنا التي سبق أن ارتبطت بقطعة من الدنا مفرد الطاق، مشكِّلة دنا قصيراً مزدوج الطاق يُطوَّل بعد ذلك بوساطة بوليميراز الدنا (الشكل٦-أ).

وإنَّ إنزيم البريماز Primase هو الإنزيم الذي يُنتِج البادِئات في أثناء تنسّخ دنا الخلية، وتستفيد بعض الفيروسات- مثل الفيروسات التوارمية وبعض فيروسات الهربس- من إنزيم البريماز الخلوي لإنشاء بادئات لجينوماتها dsDNA في أثناء التنسّخ. وتوفِّر فيروسات الهربس الأخرى- مثل HSV-1- جزيء بريماز خاصاً بها، وهذه العملية أقل شيوعاً. في حين ترمِّز الفيروسات الغدية لبروتين فيروسي يهيئ primes بوليميراز الدنا الفيروسي الخاص به (الشكل٦-ب).

وتقوم الفيروسات التوارمية وفيروسات الورم الحليمي باستخدام بوليميراز الدنا الخلوي، وتشفِّر جميع فيروسات dsDNA الأخرى لبوليميراز الدنا الخاص بها من أجل تنسّخ الجينوم الفيروسي. وكذلك ثمّة حاجة إلى عدّة من الإنزيمات والبروتينات الخلوية الأخرى لتخليق الدنا، ويكون اعتماد الفيروسات عليها بدرجات متفاوتة؛ بحسب كل فيروس. وتُعدُّ فيروسات الجدري استثناءً لافتاً لهذا الأمر، فهي ترمِّز لجميع البروتينات اللازمة لتنسّخ جينومها. وفي الواقع ترمِّز أيضاً للبروتينات اللازمة لانتساخ الرنا الفيروسي، من ثمّ بخلاف جميع فيروسات dsDNA الأخرى- لا تحتاج هذه الفيروسات إلى الدخول إلى نواة الخلية المضيفة لا للتنسّخ ولا للانتساخ ولا لمعالجة الجينات الفيروسية؛ ممّا يسمح بأن يكون تنسّخها كلّها في هيولى الخلية.

ب- الصنف الثاني: فيروسات ssDNA:

تصيب الفيروسات التي جينوماتها ssDNA الجراثيم والنباتات إصابة أساسّية، ولكن ثمة فصيلتان منها- Anelloviridae والفيروسات الصغيرة Parvoviridae- تصيبان البشر. وهذه الفيروسات هي من أصغر الفيروسات المعروفة، لها قفيصة عشرونية الوجوه غير مغلفة، وقطرها ١٨-٣٠ نانومتر، وجينومها صغير ٤٠٠٠-٦٠٠٠ نوكليوتيد. وتعتمد هذه الفيروسات كليّاً على إنزيمات الخلية المُضيفة من أجل تنسّخ جينومها وانتساخه؛ وذلك لأنّ هذا الجينوم يشفِّر عدداً قليلاً فقط من الجينات.

ويدخل الجينوم الفيروسي ssDNA إلى نواة الخلية المضيفة، حيث يُحوَّل إلى dsDNA بوساطة بوليميراز الدنا خلال المرحلة S من دورة الخلية. ويحدث هذا لأن جينوم الفيروسات الصغيرة له أطراف «دبوس الشعر hairpin» تُطوى للخلف؛ وترتبط بشكل مُتمِّم لـ ssDNA (الشكل٦-ج). وتُعرَف هذه العملية باسم الشروع الذاتي أو التهيئة الذاتية self-priming، ويجري بها تخليق بادئة لبوليميراز الدنا، ليقوم بتطويل الدنا الفيروسي مفرد الطاق. بعد أن يصبح الجينوم الفيروسي مزدوج الطاق يصبح إنزيم بوليميراز الرنا II قادراً على انتساخ الجينات الفيروسية التي تُترجمَ بعد ذلك إلى بروتينات فيروسية، ويقوم بوليميراز الدنا بتنسّخ الجينوم الفيروسي بحيث يمكن أن يحدث تجميع الفيريونات الجديدة.

 
الشكل (٦): شروع الدنا (بدء تنسّخ الدنا): أ- تحتاج بوليميرازات الدنا بادئات (مشرعات) من أجل بدء التنسّخ. تستفيد بعض الفيروسات من البريماز الخلوي لإنتاج البادئة، ب- بينما تشفِّر الفيروسات الغدية لبادئة بروتينية تقوم بتهيئة بوليميراز الدنا الفيروسي. ج- في عملية الشروع الذاتي ينثني الجينوم ssDNA لفيروسات البارفو مّرة أخرى على نفسه؛ ليشكل نهايات دبوس الشعر التي تعمل كبادئة لبوليميراز دنا المضيف. 

ج- الصنف الثالث: فيروسات dsRNA:

تضم الفيروسات التي جينومها dsRNA وتصيب البشر فصيلتين: الفيروسات الريوية والفيروسات البيكوبيرناوية، وتكون جميع الفيروسات في هذا الصنف غير مغلَّفة؛ وقفيصتها عشرونية الوجوه؛ والجينوم مجزأً. ومن هذه الفيروسات فصيلة الفيروسات الريويّة (التنفسية المعوية)Reoviridae التي تضم الفيروسة العجيلية (فيروس الروتا)، وسبب التسمية أن الفيروس يشبه العجلة (الشكل٧). وإنَّ فيروس الروتا هو السبب الرئيسي للإسهال عند الأطفال، ويتكوّن جينومه من ١١ جزءاً، في حين يكون جينوم الفصيلة البيكوبيرناويّةPicobirnaviruses مجزأً في جزأين، يبلغ طولهما معاً نحو ٤,٢ كيلو أساس. وسُمَّيت كذلك؛ لأنها فيروسات صغيرة، والرنا فيها مزدوج الطاق ومجزأ في جزأين. وعُزِلٍت الفيروسات البيكوبيرناويّة البشرية من براز مصابين بالإسهال، على الرّغم من عدم اتّضاح العلاقة السّببية بين هذا الفيروس وأي خمج نوعي – حالياً.

 

الشكل (٧): صورة بالمجهر الإلكتروني للفيروسة العجيلية

(فيروس الروتا).

وفي العادة لا تدخل الفيروسات الرنويّة نواة الخلية المُصابة، وذلك لعدم احتوائها على وسيط DNA؛ ومن ثمّ لا تَلزمها إنزيمات الخلية المُضيفة المسؤولة عن تنسّخ دنا الخلية. ومع ذلك يتعين على الفيروسات الرنوية انتساخ vmRNA؛ لكي تتمّ تُترجمَ البروتينات الفيروسية بوساطة الريبوسومات من أجل تكوين فيريونات جديدة. ولا تحتوي الخلايا على الإنزيمات الضرورية لنسخ mRNA من مرصاف RNA؛ ومن ثمّ يجب أن تحمل جميع الفيروسات الرنويّة/ أو ترمِّز/ بوليميراز رنا معتمد على رنا (RdRp) لانتساخ mRNA الفيروسي (الشكل٨-أ). وتحتوي فيروسات الرنا مزدوج الطاق على RdRp يدخل إلى داخل الخلية ضمن الفيريون.

لا يُزال غلاف الفيروسات الريوية كاملا داخل هيولى الخلية؛ مما يوفر «قاعدة منزلية» للانتساخ. وفي الواقع لا يُلحَظ dsRNA أو vmRNA الحرّ داخل هيولى الخلية. ويرتبط RdRp ارتباطًا وثيقًا بالقفيصة منزوعة الغلالة جزئياً، والتي تحتوي على مسام يمر من خلالها الرنا المرسال المنتَسَخ؛ ليدخل إلى هيولى الخلية ويرتبط مع ريبوسومات الخلية.

ويُستخدَم واحد فقط من طاقي رنا جينوم فيروس الروتا- وهو الطاق السلبي الاتجاه- مرصافاً؛ ليُصنعَ الرنا المرسال بوساطة RdRp الفيروسي، ويترُجم في الريبوسومات لإنتاج بروتينات فيروسية بنيوية وغير بنيوية. وكذلك ينتسخ كل جزء من أجزاء الجينوم إلى mRNA أحادي السِّسترون monocistronic؛ مما يعني أن كل نسخة من mRNA تقوم بتشفير بروتين واحد فقط (أحادي الوظيفة). ثمَّ يصبح vmRNA من كل جزء من أجزاء الجينوم الفيروسي متَضمَّناً داخل القفيصة، جنباً إلى جنب مع البروتين RdRp؛ ليتكوَّن فيريون جديد. وداخل القفيصة يقوم RdRp بصنع نسخة متمِّمة لكل قطعة من vmRNA مرّة واحدة وهكذا يتكوّن الطاق المتمِّم السلبي الاتجاه من الجينوم الفيروسي؛ ومن ثمّ يتكوّن الرنا مزدوج الطاق في القفيصة المشكَّلة حديثاً.

د- الصنف الرابع: فيروسات +ssRNA:

تنفرد الفيروسات الرنويّة بأن معلوماتها الجينية تُرمَّز بالرنا وليس بالدنا. تُسمىَّ الفيروسات التي جينومها ssRNA يعمل مباشرة عمل رنا مرسال الفيروسات الرنويّة الإيجابية الاتجاه +ssRNA (أو الإيجابية الطاق)، وبالمثل تُسمىَّ الفيروسات التي جينومها ssRNA لا يمكن ترجمته على الفور بوساطة الريبوسومات الفيروسات الرنويّة السلبية الاتجاه –ssRNA (أو السلبية الطاق). ويجب نسخ الرنا السلبي الاتجاه إلى رنا إيجابي الاتجاه بوساطة RdRp الفيروسي قبل أن يُترجمَ في الريبوسومات (الشكل٨-أ).

وإنَّ الفيروسات ذات +ssRNA أكثر وفرة من أي صنف آخر من الفيروسات، وتصيب طيفاً واسعاً من الأنواع المُضيفة. ويضمُّ هذا الصنف سبع فصائل فيروسية مختلفة تصيب البشر، ومنها الفيروسات التاجية والفيروسات المصفِّرة والفيروسات البيكورناوية، وجميعها تسبب أمراضاً مهمّة عند البشر (الجدول٣). وتشير وفرتها إلى أن الفيروسات ذات +ssRNA كانت ناجحة جداً من الناحية التطورية.

 

الجدول (٣): فصائل الفيروسات البشريّة بحسب أصناف تنسّخ حمضها النووي.

أمثلة الفيروسات

الفصيلة

الصنف I: فيروسات ذات حمض نووي دنا مزدوج الطاق dsDNA

الفيروس الغدّي

الفيروسات الغدّية

فيروس الهربس البسيط، فيروس إيبشتاين بار، الفيروس النطاقي الحماقي

الفيروسات الهربسيّة

فيروس الورم الحليمي البشري

فيروسات الورم الحليمي

الفيروس التوارمي JC، الفيروس التوارمي BK، فيروس SV40

الفيروسات التوارميّة

فيروس الجدري، فيروس الوَقْس

فيروسات الجدري

الصنف II: فيروسات ذات حمض نووي دنا مفرد الطاق ssDNA

الفيروس الصغير B19

الفيروسات الصفيرة

فيروس Torque teno

Anelloviridae

الصنف III: فيروسات ذات حمض نووي رنا مزدوج الطاق dsRNA

فيروس بيكوبيرنا البشري

Picobirnaviridae

الفيروسة العجيليّة (فيروس الروتا)

الفيروسات الريويّة

الصنف IV: فيروسات ذات حمض نووي رنا مفرد الطاق إيجابي الاتجاه +ssRNA

الفيروس النجمي البشري

الفيروسات النجميّة

فيروس نورووك

الفيروسات الكأسيّة

الفيروس التاجي البشري

الفيروسات التاجيّة

فيروس الدنج، فيروس الحمى الصفراء، فيروس غرب النيل، فيروس التهاب الكبد C

الفيروسات المصفِّرة

فيروس التهاب الكبد E

فيروسات التهاب الكبد E

فيروس شلل الأطفال، الفيروس الأنفي، الفيروس المعوي فيروس التهاب الكبد A

الفيروسات البيكورناويّة

فيروس التهاب الدماغ الخيلي الشرقي، فيروس الحصبة الألمانية، فيروس تشيكونغوانيا

الفيروسات الطخائيّة (فيروسات التوغا)

الصنف V: فيروسات ذات حمض نووي رنا مفرد الطاق سلبي الاتجاه -ssRNA

فيروس التهاب السحايا والمشيميات اللمفاوي، فيروس لاسّا، فيروس ماتشوبو

الفيروسات الرّمليّة

فيروس هانتا، فيروس حمى القرْم وكونغو النزفي

الفيروسات البُنياويّة

فيروس إيبولا، فيروس ماربورغ

الفيروسات الخيطية

فيروسات الإنفلونزا

الفيروسات المخاطيّة القويمة

فيروس الحصبة، فيروس النكاف، فيروس هيندرا، فيروس نيباه

الفيروسات المخاطانيّة

فيروس الكَلَب

الفيروسات الربدية

الصنف VI: فيروسات ذات حمض نووي رنا تقوم بانتساخ عكسي

فيروسات العوز المناعي البشري نمط ١ ونمط ٢

الفيروسات القهقرية

الصنف VII: فيروسات ذات حمض نووي دنا تقوم بانتساخ عكسي

فيروس التهاب الكبد B

فيروسات التهاب الكبد الدنويّة

ويكون الجينوم الفيروسي ssRNA+ مُعدياً؛ لأنه يحمل المعلومات الوراثية التي تُترجَم مباشرةً بعد دخوله إلى الخلية. وأدت التّجارب التي تمَّ فيها نُقِل جينوم فيروس شلل الأطفال فقط إلى هيولى الخلية إلى تكوين فيريونات جديدة؛ لأن ترجمة الجينوم هي النشاط الأول الذي يحدث مع الجينوم ssRNA+. وينتج من هذه الترجمة كل البروتينات الفيروسية اللازمة لتنظيم ما تبقى من دورة تنسّخ الفيروس، ومنها البروتين RdRp الذي يُنتج على الفور بعد دخول الفيروس إلى الخلية. إذاً يجب أن تحمل فيروسات الرنا مزدوج الطاق RdRp داخل الفيريون؛ في حين يُشفِّر الجينوم +ssRNA لإنتاج هذا الإنزيم. ومن المهم أن يلاحظ أنه على الرغم من أن الفيروس يشفر للبروتين RdRp الخاص به؛ فإن البروتينات الخلوية غالباً ما تكون مطلوبة أيضاً لحدوث التنسّخ. وعلى سبيل المثال- لا يتنسّخ جينوم فيروس شلل الأطفال عند حقنه في بويضة ضفدع (على الرغم من أنه مُعدٍ) ما لم تُحقَن هيولى من خلية بشرية مع الجينوم؛ مما يشير إلى أنه يحتاج إلى عنصر خلوي بشري واحد على الأقل لتنسّخ جينوم فيروس شلل الأطفال.

وإنَّ السمة الشائعة لفيروسات +ssRNA هي أن جينومها المُعدي يشفر لعديد بروتين؛ مما يعني أنّه يُترجمَ الجينوم بوساطة الريبوسومات إلى سلسلة طويلة من الحموض الأمينية، وتنقسم بعد ذلك إلى عدة بروتينات أصغر؛ ممّا يوفِّر طريقة اقتصادية للحصول على عدّة بروتينات من ترجمة قطعة واحدة فقط من الرنا المرسال. وفي حالة الفيروسات البيكورناوية، يُترجَم الجينوم كاملاً، ثم تقوم البروتيازات بشطر عديد البروتين في مواقع مختلفة لتكوين بروتينات عدّة مختلفة (الشكل ٨-ب). وينتج من الشَّطر المتناوب لأقسام معيّنة من عديد البروتين إنتاج بروتينات إضافية.

 
الشكل (٨): تفاصيل تنسّخ الفيروس الذي جينومه رنا. أ- يعمل +ssRNA الفيروسي عمل رنا مرسال يُترجَم مباشرة في ريبوسومات الخلية. يجب أن تُدخِل الفيروسات التي جينومها dsRNA أو−ssRNA الإنزيم RdRp إلى الخلية؛ ليقوم بالانتساخ. ب- يشفِّر +ssRNA الفيروسات البيكورناويّة لعديد بروتين واحد يُشطَر عدة مرات لتكوين جميع البروتينات اللازمة للتنسّخ. ج- يتكون معقد البروتين النووي الريبي للفيروسات الحلزونية، مثل فيروس الإنفلونزا A، من جينوم ssRNA−، وبروتين القفيصة النووية الواقي (NP)، وبروتينات مرتبطة به، ومنها معقد الإنزيم RdRp. 

وتبدأ فيروسات +ssRNA أخرى- مثل الفيروسات الطخائيّة (فيروسات التوغا) التي تتضمن فيروس الحصبة الألمانية- بترجمة جزء فقط من الجينوم +ssRNA لإنشاء مجموعة أولية من البروتينات التي توجه تنسّخ الجينوم وترجمة البروتينات الفيروسية الأخرى؛ ممّا يسمح بحدوث «مراحل» لتكاثر الفيروس، وذلك على غرار ما لوُحِظ في الانتساخ المبكِّر جداً والمبكِّر والمتأخِّر لبعض الفيروسات الدنوية. ويُصاحب طريقةَ الترجمة هذه عادةً إنشاءُ عديدات بروتين مختلفة. ويحدث هذا بمعدَّل منخفض، حيث يُصنعَّ نحو ١٠٪ من البروتينات الفيروسية في المرحلة المبكِّرة، ولكنه يؤدي إلى تكوين بروتينات فيروسية مهمة، ومنها RdRp فيروسي.

وعندما يتم تصنيع بروتينات التنسّخ للفيروسات +ssRNA فإنها تميل إلى التجمّع في/ أو داخل أغشية محدَّدة في الخلية؛ مكوِّنةً معقّدات تنسّخ. على سبيل المثال؛ تبقى البروتينات الفيروسية لفيروس شلل الأطفال مرتبطة بأغشية الشبكة الهيولية الباطنة الخشنة أو الحويصلات الإفرازية، ويبدو أن وظيفة هذا الارتباط هي تركيز البروتينات الفيروسية في مكان واحد من الخلية لتسهيل عمليات التنسّخ تسهيلا أفضل؛ إضافة إلى حماية الرنا الفيروسي من الاستجابات المناعية داخل الخلية.

ويُستخدَم الجينوم الفيروسي لفيروسات +ssRNA لتكوين طاق مُتمِّم سلبي، وهو الرنا الجينومي المُتمِّم antigenomic RNA الذي يُستخدَم مرصافاً لإنشاء نسخ متعدّدة من الجينوم +ssRNA. ويُعدّ تنسّخ الجينوم الفيروسي- إلى جانب إنتاج البروتينات الفيروسية- خطوة أساسية في تكوين العناصر المطلوبة لإنشاء فيريونات جديدة.

ه- الصنف الخامس: فيروسات ssRNA:

لا تعمل الجينومات الفيروسية الرنويّة السلبية الاتجاه -ssRNA عمل رنا مرسال. لذلك يجب أن يحمل الفيروس RdRp ضمن الفيريون إلى الخلية. وثمّة ست فصائل جينوماتها ssRNA − تشمل بعضاً من أكثر الفيروسات المسببة للأمراض المعروفة للإنسان، ومنها فيروس إيبولا وفيروس ماربورغ، وفيروس الحصبة، وفيروس النكاف، وفيروس الكَلَب، وفيروس الإنفلونزا. ولهذه الفيروسات قفيصة حلزونية مغلَّفة، ويمكن أن تحتوي على جينومات مجزّأة (مثل الإنفلونزا) أو جينومات غير مجزّأة (مثل فيروس الكلب).

ولا تدخل الفيروسات ذات ssRNA− إلى النواة عموماً (فيروسات الإنفلونزا استثناء لهذه القاعدة). ولا تملك الجينومات ssRNA− قلنسوة؛ ولا تحتوي على ذيول عديد أدينيل؛ لأن الجينوم هنا لا يعمل عمل mRNA. وبدلاً من ذلك يجب أولاً أن يُنتسَخ الجينوم بوساطة RdRp الفيروسي إلى mRNA، يُترجَم بعد ذلك. وللفيروسات ذات ssRNA− قفيصات نووية حلزونية، حيث يُغلّفَ الرنا الفيروسي ببروتين قفيصة متكرر، يُسمَّى NP أو N. إضافة إلى ذلك يرتبط RdRp الفيروسي والبروتينات الأخرى اللازمة للتنسّخ أيضاً ببروتين القفيصة النووية وبالرنا الفيروسي. يُطلقَ على المعقد المكوَّن من الرنا الفيروسي والبروتينات المعقد النووي الريبي (الشكل٨-ج). ويُنتسَخssRNA − على الفور في الخلية إلى رنا مرسال بوساطة RdRp الفيروسي وبروتينات مساعِدة أخرى تلزم لإنتاج بروتينات الفيروس.

وكما هو الحال مع الفيروسات ذات +ssRNA، يُنشأ الرنا المُتمِّم؛ ليكون بمنزلة مرصاف لتنسّخ الجينوم، ففي حالة الفيروسات ذات ssRNA− يكون الرنا المُتمِّم هو ssRNA+. وإنَّ هذ الرنا المُتمِّم غير مطابِق للرنا المرسال الفيروسي الإيجابي الاتجاه الذي يُنتجَ في أثناء العدوى، وذلك بسبب تغطية الرنا المرسال الفيروسي بقلنسوة وبذيل من عديد الأدينيل. ويحدث تبديلٌ في مرحلة ما في أثناء التنسّخ الفيروسي بحيث يقوم الإنزيم RdRp بتنسّخ الجينوم بدلاً من انتساخ الرنا المرسال. ويمكن أن يحدث هذا؛ لأن بعض البروتينات الفيروسية المترجَمة ترتبط بالجينوم ssRNA− في المواضع التي توقف البوليميراز إيقافاً طبيعيّاَ، ممّا يسمح للإنزيم بمواصلة نسخ الجينوم بأكمله إلى جينوم متمِّم. وتنضمُّ في بعض الحالات البروتينات الفيروسية المترجَمة حديثاً إلى معقّد RdRp؛ مما يحفِّز تنسّخ الجينوم الفيروسي بدلاً من انتساخ الرنا المرسال الفيروسي.

وإنَّ الفيروسات الرملية هي الفيروسات الثنائية الاتجاه الوحيدة التي تصيب البشر (ثمّة فيروسات نباتية جينوماتها ثنائية الاتجاه). وتحتوي هذه الفيروسات- التي تضمُّ فيروس لاسّا وفيروس التهاب السحايا والمشيميات اللمفاوي- على جزأين من الجينوم؛ جزء طويل (L) وجزء قصير (S)، وكل منهما ثنائي الاتجاه. ويُنتسخ الرنا المرسال الإيجابي الاتجاه بوساطة RdRp من الأجزاء السلبية الاتجاه في هذه القطع. وكذلك ينتسَخ كل قطعة من الجينوم المتمِّم، ويُستخدّم لإنشاء رنا مرسال فيروسي للأجزاء الإيجابية الاتجاه من مقاطع الجينوم (الشكل ٩).

 
الشّكل (٩): تنسّخ الجينيومات الثنائية الاتجاه؛ يقوم RdRp فيروسي بانتساخ رنا مرسال من الجزء –ssRNA. لا يُترجَم الجزء +ssRNA مباشرة في الريبوسومات؛ بل يُنتسَخ أولاً إلى جينوم مًتمِّم له اتجاه معاكِس لاتجاهه في الجينوم الثنائي الاتجاه. عندها، يُنتسَخ الجزء−ssRNA من الجينوم المُتمِّم إلى رنا مرسال بوساطة RdRp فيروسي. 

وتكون الفيروسات الرنويّة أكثر عرضة للطفرات من الفيروسات الدنوية. ويمكن لجميع بوليميرازات الدنا أو الرنا أن تُخطئ من خلال وضعها نوكليوتيداً خطأ في السلسلة التي تقوم بتركيبها، ولكن بوليميرازات الدنا المعتمدة على الدنا لديها القدرة على التدقيق والتصحيح (قراءة راجعة)، حيث تقوم باستبدال نوكليوتيد صحيح بالنوكليوتيد الخطأ. ومن جهةٍ أخرى ليس للبوليميرازات RdRps القدرة على التصحيح؛ ممّا يزيد من معدّل الخطأ الإجمالي للإنزيم من خطأ واحد لكل ٩١٠ أساس في عمل بوليميرازات الدنا إلى أكثر من خطأ واحد لكل ٥١٠ أساس في عمل RdRp، وهذا يؤدي إلى انخفاض دقة الإنزيم أو مصداقيتهfidelity . لذلك تُعدُّ الفيروسات الرنويّة واحدة من أصحاب أعلى معدلات طفرات بين جميع الكيانات الحيويّة. ويمكن أن ينتج عن الطفرات التي تولدها RdRps بروتينات فيروسية طافرة، فتنشأ من ثمّ ذرارٍ مختلفة قليلاً عن الذرية الأولية للفيروس يمكنها أن تنجو نجاء أفضل تحت الضغوط البيئية.

وإنَّ التأشيب هو العملية التي يقوم من خلالها الفيروس بتبادل أجزاء من مادته الجينية مع أجزاء من المادة الجينية لذرية أخرى من الفيروس نفسه. وعندما تدخل أكثر من ذرية واحدة من الفيروس إلى الخلية يمكن أن يحدث تأشيب. ويمكن أن تحدث هذه العملية في فيروسات ذات dsRNA أو +ssRNA أو −ssRNA في أثناء تنسّخ الجينوم عندما يقوم RdRp بالتحويل من تنسّخ مرصاف رنا إلى مرصاف رنا من ذرية أخرى من الفيروس ذاته، ويستمر في التنسّخ؛ ومن ثمّ يتكوّن جينوم هجين يختلف عن جينوم أي من الذريتين الأصليتين.

ويمكن أن تخضع الفيروسات مُجزّأة الحمض النووي أيضاً لإعادة تدامج مورثيreassortment عندما تدخل ذريتان من هذه الفيروسات إلى خلية ما، وتتنسّخان فيها، فقَد تختلط أجزاء الحمض النووي لإحدى الذريتين مع أجزاء الذرية الأخرى عند تعبئة الحمض النووي الفيروسي لتكوين فيريونات جديدة؛ ممّا يؤدي إلى تكوين ذرية فيروسية جديدة. ويمكن أن يكون هذا الأمر خطراً عندما يُعاد تدامج ذريتين من أنواع فرعية مختلفة لفيروس ما لتكوين ذرية فيروسية لم تنتشر من قبل بين البشر، وهذا ما يحدث مع فيروس الإنفلونزا A ، ويجعله سبباً لأوبئة الإنفلونزا.

و- الصنف السادس: الفيروسات الرنوية التي تنتسخ عكسياً:

إنَّ الحدث الأول الذي يحدث بعد دخول +ssRNA فيروسي إلى خلية مُضيفة هو ترجمته، أما إذا دخل –ssRNA فيُنتسَخ. وإن جينوم الفيروسات القهقرية رنا، ولكن يجب أن يُنتسَخ عكسيّاً قبل استخدام إنزيمات الخلية المُضيفة للانتساخ. وتشفِّر الفيروسات القهقرية لإنزيم المنتسخة العكسية؛ وتحمله داخل فيريوناتها، وهو RdDp، ويقوم بانتساخ عكسي للرنا مفرد الطاق الفيروسي؛ فيكوِّن دنا متمِّماً مزدوجا الطاق خطّياً (cDNA)، ويُدمَج بعد ذلك في كروموسوم الخلية المُضيف.

لا تُلفَى سوى عدد قليل من الفيروسات القهقرية، وقلّة منها فقط تُصيب البشر مثل HIV وHTLV (الجدول٣). وتنفرد الفيروسات القهقرية بأن جينومها ثنائي الصيغة الصبغية؛ أي ثمّة نسختان من الجينوم داخل الفيريون، وذلك بخلاف الفيروسات التي تكون جينوماتها مجزَّأة لكن جميع الأجزاء تشفِّر جينات فيروسية مختلفة. وإنَّ جينوم الفيروسات القهقرية هو +ssRNA، ومع ذلك فإنه لا يعمل عمل الرنا المرسال، كما تنفرد أيضاً بين الفيروسات الرنوية بأن تنسّخ جينومها يكون بوساطة الإنزيمات الخلوية بدلا ًمن RdRp.

ويتكوّن إنزيم المنتسخة العكسية RT للفيروس HIV من سلسلتين ببتيديتين مختلفتي الحجم، وهو إنزيم فريد؛ لأنه يمكن أن يؤدي وظائف إنزيمية عدّة، حيث يعمل عمل دنا بوليميراز معتمد على الرنا؛ وعمل دنا بوليميراز معتمد على الدنا، وله أيضاً فعالية RNase H؛ مما يعني أنه قادر على تدريك الرنا عند ارتباطه بالدنا، لكن على الرغم من أنه دنا بوليميراز؛ فإنّه لا يمتلك القدرة على القراءة الراجعة والتصحيح، وكذلك يمكن أن يُخطئ مثل RdRps بإدخال نوكليوتيد خطأ في كل ٥١٠ أساس. كما أنه بطيء، وتبلغ سرعته نحو عُشْر سرعة بوليميراز الدنا.

ويكون الانتساخ العكسي لواحدٍ فقط من نسختي الرنا بوساطة RT، على الرغم من أن التأشيب يمكن أن يحدث إذا قفز إنزيم المنتسخة العكسية إلى النسخة الأخرى من الرنا الفيروسي في أثناء العملية.

وإنَّ إنزيم التكامل Integrase) IN) هو إنزيم آخر ضروري للفيروسات القهقرية موجود داخل الفيريون، ويقوم بعملية تكامل طليعة دنا الفيروس في كروموسوم الخلية المُضيفة، حيث يزيل إنزيم الانتيغراز اثنين من النوكليوتيدات من كل طرف من دنا طليعة الفيروس، ويُنشِئ شقاً في كروماتين الخليّة المُضيفة، ويَدمج دنا طليعة الفيروس في دنا الخلية المُضيفة. وتقوم بعدها إنزيمات إصلاح الدنا في الخلية بإغلاق الشق.

وفي هذه المرحلة يكون الدنا الفيروسي المتكامل مثل أي جين خلوي آخر، وسيُنتسَخ بوساطة بوليميراز II الرنا للخلية المُضيفة، فينتج رنا مرسال فيروسي كامل الطول، يُكتمل تكوينه بإضافة قلنسوة عند النهاية ٥′ وذيل عديد أدينيل عند النهاية ٣′، وتُحزمَ نسختان منه في فيريون مكوِّنتين الجينوم الفيروسي مضاعف الصيغة الصبغية.

ز- الصنف السابع: الفيروسات الدنوية التي تنتسخ عكسياً:

إضافة إلى ﺍﻟﻔيرﻭﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﻬﻘﺮﻳﺔ تقوم فصيلتان من الفيروسات الدنوية بعملية الانتساخ ﺍﻟﻌﻜﺴﻲ في ﺃﺛﻨﺎء تنسّخهما في ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ. وتقوم الفيروسات الدنوية بعملية الانتساخ ﺍﻟﻌﻜﺴﻲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺩﻭﺭﺓ تنسّخها في الخلية، بخلاف ﺍﻟﻔيرﻭﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﻬقرﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ تقوم بالانتساخ ﺍﻟﻌﻜﺴﻲ في المراحل الأولى لتنسخها في الخلية.

ويسمّى ﺃﻱ ﻓيرﻭﺱ يخضع للانتساخ العكسي ﻓيرﻭساً شبيه القهقري retroid. وتدخل في هذا التصنيف فصيلتان من الفيروسات الدنويّة؛ هما فصيلة Caulimoviridae ﺍﻟﺘﻲ ﺗصيب ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ، ﻭفصيلة فيروسات التهاب الكبد الدنويّة Hepadnaviridae ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼيب ﺍﻟﺤيوﺍﻧﺎﺕ؛ وينتمي إليها فيروﺱ بشري وحيد، هو فيرﻭﺱ ﺍﻟﺘﻬﺎﺏ الكبد (HBV) B.

وﻳﺠب أن يُنقّل ﺟﻴنوﻡ HBV إلى ﺍﻟنوﺍﺓ من أجل تنسّخه. وإنَّ هذا الجينوم مزدوج الطاق جزئياً. ويكون طاق الدنا الكامل هنا هو ﺍﻟطاق السلبي الاتّجاه، ﻭﺍﻟطاق ﻏير الكامل هو الطاق الإيجابي الاتّجاه. يُنقُلَ الدنا الحلقي المرتخي relaxed circular DNA (rcDNA) ﺇﻟﻰ النواة ، حيث يجري إصلاح الفجوة وحيدة الطاق الموجودة في الدنا بوساطة إنزيم غير معروف حتى الآن؛ مما يتمِّم تكوين الدنا الحلقي المغلَق تساهمياً covalently closed circular DNA (cccDNA). يُربَط cccDNA ﻭيُحافَظ ﻋﻠﻴﻪ على شكل يَصبوغ episome، مما يعني أن الدنا مزدوج الطاق الحلقي الفيروسي لا يندمج في دنا الخلية المُضيف؛ بل يظلُّ كيان منفصلاً داخل النواة.

ويقوم بوليميراز الرنا II للخلية المُضيفة بانتساخ نُسَخ رنا مرسال فيروسي ابتداءً من الطاق ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ للـ cccDNA اليصبوغي، وتغادر هذه النُّسخ ﺍﻟﻨﻮﺍﺓ؛ وتُترجَم بوساطة ريبوسوﻣﺎﺕ الخلية؛ فتتكوَّن البرﻭﺗﻴﻨﺎﺕ الفيرﻭﺳﻴﺔ. وﻳﻘﻮﻡ بوليميراز الرنا II ﺃﻳﻀﺎً بصنع رنا قبل جينومي RNA pregenome يغادر ﺍﻟﻨﻮﺍﺓ. ﻭﻣﻦ اللافت ﺃﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ عمل رنا مرسال، كما أنّه ﻳﻌﻤﻞ مرصافاً للانتساخ ﺍﻟﻌﻜﺴﻲ. وثمّة متواليتان متطابقتان ضمن cccDNA مكوَّنتان من ١٢ ﻧﻮﻛﻠﻴﻮﺗﻴداً، يُطلقَ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ مصطلح المتكرِّر المباشر ١ DR1 (direct repeat 1) والمتكرِّر المباشر ٢ DR2 (direct repeat 2). وتبدأ ترجمة الرنا قبل الجينومي ﻋﻠﻰ طاق الدنا السلبي الاتجاه ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ قبل DR1؛ ويقوم بوليميراز الرنا II بانتساخ الطاق السلبي الاتجاه كاملاً، ومنه ﻓﻲ ذلك الموقع DR2. ويتكوَّن اليصبوغ من دنا مزدوج الطاق حلقي، ﻭﻣﻊ ﺫلك ﻳﺴﺘﻤﺮ بوليميراز الرنا II بعمله إلى ما بعد ﻧﻘﻄﺔ الابتداء ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ، ﻭيُنهي عمله بعد DR1 ﻋند ﺇﺷﺎﺭﺓ عديد أدينيل. ﻭتكون ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻲ تكوين رنا قبل جينومي pgRNA ﻃﻮﻳﻞ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ متواليات ﻣﺘكرﺭﺓ ﻓﻲ ﻛﻼ ﺍلطرفين، ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ DR1. ﻳتم ثني جزء من المتوالية المتكررة لتشكِّل ﺑﻨﻴﺔ فيزيائية تُعرفَ ﺑﺎﺳﻢ ﺇﺑﺴﻴﻠﻮﻥ (ε)، وتُعدّ ﺑمنزلة مكان ابتداء لعملية الانتساخ ﺍﻟﻌﻜﺴﻲ.

ويُحزمَ pgRNA والبروتين P ﺍلذﻱ ترُجِم ﻣؤخراً فتتشكل القفيصات. ويعمل البروتين P- ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ RT ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﻬﻘﺮﻳﺔ- عمل دنا بوليميراز معتمد على الرنا؛ وكذلك عمل RNase H مزيلاً الرنا من الهجين رنا-دنا. وﻳﺮﺗﺒﻂ البروتين P ﺑﺎﻟﺒﻨﻴﺔ إبسيلون ε؛ وتنتسخ ﻋﻜﺴﻴﺎً ﺑﻀﻌﺔ أزواج نوكليوتيدية ﻣﻨﻪ. وتقوم هذه العملية بعمل بادئة ترتبط بـ pgRNA الإيجابي الاتجاه؛ وتَنتَسِخه ﻋﻜﺴﻴﺎً، فيتكوّن كامل الطاق السلبي من دنا الجينوم. ويقوم RNase H ﻟلبروتين P بتدريك pgRNA ﻣﻦ ﻫﺬﺍ الطاق ﺗﺎﺭﻛﺎً جزءاً قصيراً من الرنا عند النهاية التي تحوي متوالية المتكرر المباشر DR1. وتنتقل بادئة الرنا هذه ﺇﻟﻰ ﺍلطرﻑ ﺍﻵخر من الدنا؛ وترتبط بمتوالية المتكرر المباشر DR2 المطابِقة هناك. ويقوم البروتين P بتطويل طاق الدنا الإيجابي الاتجاه ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ المرصاف السلبي الاتجاه. وﻳؤدي هذا إلى تشكيل طاق دنا إيجابي الاتجاه أقصر ضمن ﺟﻴﻨﻮﻡ HBV، ويقوم هذا الدنا بإغلاق ﺍﻟﻔﺠﻮﺓ ﺑﻴﻦ النهاﻳﺎﺕ - ′٣ -ﻭ ′٥ من الطاق السلبي الاتجاه ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻣﺘوﺍﻟﻴﺎﺕ متمِّمة. ويكتمل بهذا تنسّخ ﺍﻟﺠﻴﻨﻮﻡ ﻭﺇﻧﺸﺎء الدنا الحلقي المرتخي rcDNA.

٥- التّجميع Assembly:

تنشأ الفيروسات ﻣﻦ تجميع ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ اصطُنِعت ﺣﺪﻳﺜﺎً، فيتشكل الجسيم الفيروسي غير الناضج قبل إطلاقه من الخلية. وﻳﺤﺪﺙ ﺘﺠﻤﻴﻊ الفيروس ﻏﺎﻟﺒﺎً ﺟﻨﺒﺎً ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ ﻨﻀجه وإطلاقه.

وﻳﻌﺘﻤﺪ ﻣﻮﻗﻊ ﺘﺠﻤﻴﻊ الفيريون ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺱ. وﻳﻤﻜﻦ ﺃن ﻳﺤﺪﺙ ﺩﺍﺧﻞ ﻧﻮﺍﺓ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ، أو ﻓﻲ ﻏﺸﺎئها الهيولي، ﺃﻭ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻏﺸﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺨلية، ﻣﺜﻞ معقد غولجي. وﺗﻘﻮﻡ ﻣﻌﻈﻢ الفيروسات الدنوية ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻐﻠَّﻔﺔ ﺑﺘﺠﻤﻴﻊ قفيصاتها النووية ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺓ ﺣﻴﺚ يتنسّخ الجينوم. وتعبُر ﺍﻟﺒﺮﻭﺗﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻤﺴﺎﻡ ﻨﻮﻭﻳﺔ لتصل ﺇﻟﻰ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻊ. ولكن ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻌﻈﻢ الفيروسات الدنوية- ﻋﻨﺪ ﺗﺠﻤﻴﻌﻬﺎ- ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﺴﻊ لها ﺍﻟﻤﺴﺎﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ. وﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺳﺎﺕ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺟﺘﻴﺎﺯ الغشاء ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ؛ في حين يحرض بعضها الآخر حلّ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﺃﻭ استماتتها ﻟﻠﻬﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﺍﺓ. ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺘﺠﻤﻊ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺳﺎﺕ المغلَّفة بغلاف ﻤُﺸﺘَق ﻣﻦ الغشاء الهيولي على هذا الغشاء.

وتكون ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺟﻴﻨﻮﻡ ﺍﻠﻔﻴﺮﻭﺱ ﺍﻟﺤﻠﺰﻭﻧﻲ بوساطة ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺑﺮﻭﺗﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﻔﻴﺼﺔ. وﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ؛ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺒﺮﻭﺗﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﻔﻴﺼﺔ ﺃﻥ ﺗﺒﺪﺃ ﻓﻲ تغليف ﺍﻟﺠﻴﻨﻮﻡ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﻧﺴﺨﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻜﺲ، وذلك ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺱ: ﻳﻤﻜﻦ أن يلتف ﺍﻟﺠﻴﻨﻮﻡ ﺣﻮﻝ ﺑﺮﻭﺗﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﻔﻴﺼﺔ. وﺗﻜﺎﺩ ﺑﻌﺾ الفيروسات العشرونية الوجوه أن تكمِلّ تجميع قفيصاتها قبل إدخال الجينوم.

وﻳﺤﺪﺙ التجميع ﺍﻟﻌﻔﻮﻱ ﻟﻠﻘﻔﻴﺼﺔ، «ويسمىَّ أيضاً «ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻊ الذاتي» لبروتينات ﻗﻔﻴﺼات ﻓﻴﺮﻭﺳﺎﺕ ﻋﺸﺮﻭﻧﻴﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺑﺴﻴﻄﺔ، ﻣﺜﻞ الفيروسات ﺍﻟﺒﻴﻜﻮﺭﻧﺎوية ﻭﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ. أما تجميع الفيروسات أكثر البنى تعقيداً، فيُنظَّم بوساطة ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣن البروتينات ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﺮﺍﻓِﻘﺔ تُسمَّى البروتينات الداعِمة scaffolding. من أمثلتها: ﻓﻴﺮﻭﺳﺎﺕ ﺍﻟﻬﺮﺑﺲ ﻭﺍﻟﻔيرﻭﺳﺎﺕ ﺍلغدﻳﺔ.

٦- اﻟﻨﻀﺞ  Maturation:

ﺗحدﺙ ﺍﻟﺨﻄﻮﺍﺕ النهائية لتنسّخ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺱ وهي ﺍﻟﻨﻀﺞ ﻭﺍﻹطلاق- ﺑﻌﺪ ﺗﺠﻤﻴﻊ الجينوم ﻭﺍﻟﺒﺮﻭﺗﻴﻨﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻘﻔﻴﺼﺔ. وتكون ﺍﻟﻔﻴﺮﻳﻮنات ﺣﺘﻰ ﻫﺬﻩ المرحلة ﻓﻲ طور ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ، ﻭﺇﺫﺍ أوُقِفت ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ، فلن يكتمل ﺗﻜﻮين ﻔﻴﺮﻭﺳﺎﺕ مُعدية جديدة.

وﻳﺸﻴﺮ مصطلح النضج ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ النهائية التي تحدث ﺩﺍﺧﻞ ﻓﻴﺮﻳﻮﻥ ﻏﻴﺮ ﻧﺎﺿﺞ تحوِّله إلى ﺟﺴﻴﻢ ﻓﻴﺮﻭسي ﻣُﻌﺪ. وﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ تحدث ﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ بنيوية تشمل ﺍﻟﻘﻔﻴﺼﺔ، ﻭﻳﻤﻜﻦ أن تشارك ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻧﺰﻳﻤﺎﺕ الخلية ﺍﻟﻤُﻀﻴفة ﺃﻭ ﺍﻹﻧﺰﻳﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﻔَّﺮﺓ ﺑﺎﻟﻔﻴﺮﻭﺱ. وﻣﻦ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﺠﻴﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺮﻭﺗﻴﻦ التراص الدموي HA في فيروس اﻹﻧﻔﻠﻮﻧﺰﺍ. وﻳﺸﺎﺭﻙ هذا البروتين ﻓﻲ ارتكاز الفيروس على ﺤﻤﺾ ﺍﻟﺴﻴﺎﻟﻴﻚ ﺑﺎﻟﺨﻠﻴﺔ، ﻭذلك بعد أن يخضع لتعديل ﻣﺎ ﺑﻌﺪ الترجمة بإضافة سكر له؛ فيصبح HA بروتيناً سكرياً ﻗﺎﺩﺭاً ﻋﻠﻰ الارتكاز على ﺣﻤﺾ ﺍﻟﺴﻴﺎﻟﻴﻚ. ومع ذلك يجب أن يُشطرَ البروتين HA ﺇﻟﻰ ﺟﺰﺃﻳﻦ HA1 وHA2؛ ليصبح معدياً، حيث ﻳﺮتبط الجزء HA1 بمستقبلته على ﺳﻄﺢ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ، ويقوم الجزء HA2 بدمج ﺍﻟﻐﻼﻑ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺳﻲ مع غشاء دﺍﺧﻠﻲ؛ ليُطلَق بعدها ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺱ ﻓﻲ الهيولى يُشطرَ NH بوساطة ﺒﺮﻭﺗﻴﺎﺯات خلوية. وﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﺠﺴﻴﻢ اللبي ﻟﻔﻴﺮﻭﺱ HIV ﻣﻦ ﺑﺮﻭﺗﻴﻨﺎﺕ ﻣﺸﻔﺮﺓ بوساطة الجين gag. وﻳﺘُﺮجمَ ﺍﻟﺠﻴﻦ ﺇﻟﻰ عديد ﺑﺮﻭﺗﻴﻦ يُشطرَ ﺑﺎﻟﺒﺮﻭﺗﻴﺎﺯ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺳﻲ، ﻟﻴﺸﻜِّﻞ ﺒﺮﻭﺗﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﻔﻴﺼﺔ والمطرس والقفيصة النووية ﻟﻠﻔﻴﺮﻳﻮﻥ. وﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﺤﺪﺙ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﺑﻌﺪ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻔﻴﺮﻳﻮﻥ ﻣﻦ ﺳﻄﺢ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ (الشكل١٠)، ﻭهذا ضروري ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻓﻴﺮﻳﻮﻥ ﻣُﻌﺪٍ. وتعمل عدّة أدوية مضادّة للفيروسات على تثبيط عمل بروتياز HIV؛ ممّا يعطِّل تكوّن الفيريونات المُعدية.

 
الشكل (١٠): تجمع فيريونات ﻓﻴﺮﻭﺱ العوز المناعي ﺍﻟﺒﺸﺮي وتحرّرها ونضجها. أ- ﺗﺘﺠﻤﻊ ﺑﺮﻭﺗﻴﻨﺎﺕ الفيروس ﻓﻲ الغشاء الهيولي ﻟﻠﺨﻠﻴﺔ مكوِّنةً برعماً فيه. ب- ﺣﺰﻡ ﺟﻴﻨﻮﻡ الفيروس ﻓﻲ القفيصة الفيروسية. ج- ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺱ ﻣﻦ ﻏﺸﺎء ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ قبل أن يُشطرَ البروتين Gag ﻟﻔﺼﻞ برﻭﺗﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﻔﻴﺼﺔ وبروتينات المطرس ﻟﻠﻔﻴﺮﻳﻮﻥ. د- ﻳﺸطر البروتياز الفيروسي عديد البروتين؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﺒﺮﻭﺗﻴﻨﺎﺕ ﺑﺈﻛﻤﺎﻝ إنشاء الفيريونات ﺍﻟﻤُﻌﺪﻳﺔ.  

٧- الإطلاق  Releasing:

إنَّ إطلاق الفيريونات ﺇﻟﻰ الوسط ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺨلوي هو ﺍﻟﺨﻄﻮﺓ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺩﻭﺭﺓ تنسّخ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺱ، ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺩﻭﺭﺓ العدوى مع خلاﻳﺎ ﺟﺪﻳﺪﺓ. ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺤﺪﺙ ﺍلتحرر بطرائق ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ؛ وذلك ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺱ. وﺗﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻏﻼﻓﻬﺎ ﻣﻦ الغشاء الهيولي عموماً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻣﻦ هذا الغشاء، وتغرز ﺑﺮﻭﺗﻴﻨﺎﺕ ﻏﻼﻓﻬﺎ فيه. وتتآثر ﺑﺮﻭﺗﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﻔﻴﺼﺔ، فتقوم البروتينات الفيروسية المرتبطة بالغشاء بإحداث اﻧﺤﻨﺎء في الغشاء الهيولي ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻔﻴﺼﺔ، ويستمر هذا الأمر حتى يلفّ الغشاءُ الفيروسَ كاملاً مشكِلاً الغلاف الفيروسي، ويغادر الفيروسُ الخليةَ. وﺗﻌُﺮﻑَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ بالبرعمة (الأشكال١١-أ و ١١-ب، و ١٢).

 
الشكل (١١): برعمة الفيريونات: أ- ﺻﻮﺭﺓ بالمجهر الإلكتروني لفيريونات الحصبة الألمانية ﻤﺘﺒﺮﻋمةً ﻣﻦ الغشاء الهيولي للخلية المُضيفة. ب- ﺻﻮﺭﺓ بالمجهر الإلكتروني لفيروسات إيبولا الحلزونية (أزرق) متبرعمةً من الخلية المصابة (ﺃﺻﻔﺮ).  

وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻔﻴﺮﻭﺳﺎﺕ ﺃﻥ ﺗﺘﺒﺮﻋﻢ ﻣﻦ ﺃﻱ غشاء ﺩﺍﺧﻞ الخلية، ومنها أغشية الشبكة الهيولية الباطنة الخشنة ﺃﻭ أغشية معقد غولجي ﺃﻭ ﺣﺘﻰ الغشاء ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ. وﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻔﻴﺮﻳﻮﻥ ﺍﻟﻤﻐﻠَّﻒ إلى التبرعم ﻣﻦ ﺧﻼﻝ الغشاء الهيولي وإنما ﻳﺨﻀﻊ عموماً لعملية الإيماس ﻟﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ.

وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻔﻴﺮﻭﺳﺎت غير المغلَّفة ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ بوساطة الإيماس. ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺳﺎﺕ الحالّة للخلية ﺗمزق الغشاء الهيولي مسبِّبةً حلّ الخلية ﺃﻭ انفجارها؛ ممّا يؤدي إلى إطلاق ﺍلفيريونات الوليدة؛ لتقوم بخمج ﺧﻼﻳﺎ ﺟﺪﻳﺪﺓ. ويُطلَق كثير ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻴﺮﻭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ العارية ﻣﻦ ﺧﻼﻝ حلّ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ.

وﺗﺮﺗﺒﻂ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻊ ﻭﺍﻟﻨﻀﺞ ﻭﺍلإﻃﻼﻕ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎً ﻭﺛﻴﻘﺎً، ﻭﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﻄﻠﻮﺑﺔ ﻹﻧﺸﺎء فيريونات ﻣُﻌﺪﻳﺔ جديدة ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺩﻭﺭﺓ العدوى.

٨- منحنيات نمو الفيروسات:

يمكن للعلماء أن يقوموا بإعداء الخلايا بالفيروس في المختبر؛ وذلك لمراقبة حركية دورة تنسّخ الفيروس. وتُستخَدم منحنيات النمو ذات الخطوة الواحدة Onestep growth curves لدراسة دورة تنسّخ الفيروس في أثناء العدوى. وابتكر Emory Ellis وDelbrück Max الحائز جائزة نوبل منحنى النمو بخطوة واحدة باستخدام العاثيات، وسُمِّيت بهذا الاسم؛ لأن جميع الفيروسات في التجربة تتنسّخ في خطوة واحدة وفي وقت واحد. ويُستخدَم عدد كبير من الفيروسات لإعداء الخلايا من أجل مزامنة عدوى كثير من الخلايا في وقتٍ واحدٍ. ويُشير تعبير تعدد العدوى multiplicity of infection (MOI) إلى النسبة: عدد الفيروسات/عدد الخلايا، مثال: تكون النسبة ١٠ إذا كان عدد الفيروسات عشرة أمثال عدد الخلايا المُراد إعداؤها. وتُستخدَم MOI عالية عموماً لضمان إصابة جميع الخلايا عند دراسة منحنيات النمو ذات الخطوة الواحدة.

وعندما تُوضَع العاثيات مع الجراثيم تقوم بإعداء الخلايا الجرثومية حالاً. وبعد فترة زمنية قصيرة جداً - عادةً دقيقة واحدة - تخُفّف المزرعة بمادة وسط الزرع من أجل منع استمرار العدوى، أو بدلاً من ذلك يمكن تنبيذ الخلايا لإزالة العاثيات التي لم تدخل إليها، وإضافة مادة وسط الزرع الطازجة. وتُؤخَذ عينة من المزرعة في كل دقيقة، ويحدّد عدد الفيروسات المُعدية باستخدام مقايسة اللويحة plaque assay. في البداية لا تُلفَى فيروسات مُعدية إضافية في المزرعة؛ لأن كل العاثيات قامت بإعداء الخلايا الجرثومية، وبدأت بالتنسّخ في داخلها، وتُعرَف هذه الفترة بفترة الخَفاء latent period (الشكل١٢). ويحدث بعد ذلك أول هبّة (انفجار)burst للخلايا الجرثومية مُحرِّرة الدفعة الأولى من العاثيات التي تهرب من الخلايا إلى الوسط. وإنَّ حجم الانفجار هو عدد الفيريونات المُعدية التي تُطلَق من كل خلية. وتطلِق العدوى النموذجية ٥٠-٢٠٠ فيريون من كل خلية مخموجة، وتكون فترة الخَفاء عادةً ٢٠-٣٠ دقيقة.

 
الشكل (١٢): تجربة منحنى النمو بخطوة واحدة. يُستخدَم في هذه التجربة نسبة عالية من الفيروسات/الخلايا (MOI) لمزامنة عدوى الجراثيم بالعاثيات.  

ولأن الفيريونات تتكون من تجميع بروتينات مصنوعة حديثاً؛ يمكن للعلماء أيضاً حلّ الخلايا الجرثومية اصطناعياً في نقاط زمنية مختلفة لمعرفة متى يتمّ تجميع الفيريونات داخل الخلية؛ لتصبح مُعدية، وذلك قبل إطلاقها. وتُعرَف هذه الفترة باسم فترة الاحتجاب eclipse period ، وتمثل مقدار الوقت الذي يستغرقه تكوين الفيريونات المُعدية في داخل الخلية.

وجُرِب أيضاً إجراء منحنيات النمو بخطوة واحدة مع الفيروسات التي تصيب حقيقيات النوى. وتستغرق هذه الفيروسات وقتاً أطول للتنسّخ؛ لأن الخلايا الحقيقية النواة لا تتكاثر بالسرعة التي تتكاثر بها الجراثيم؛ ونتيجة لذلك؛ فإن الإنزيمات التي تتطلبها بعض الفيروسات لا تكون متوافرة حالاً بالضرورة عند إعداء الخلايا. وكذلك فإن الخلايا الحقيقية النواة أكثر تعقيداً، وتحتوي على عمليات وعُضيات غير موجودة في الجراثيم، مثل الشبكة الهيولية الباطنة الخشنة أو جهاز غولجي؛ من ثمّ تستغرق دورة تنسّخ الفيروس وقتاً أطول في الخلايا الحقيقية النواة، وتكون فترة احتجاب الفيروسات التي تصيب حقيقيات النوى أطول على نحو ملحوظ، وتبلغ نحو ١٨-٢٤ ساعة. وتختلف فترة الاحتجاب- التي تجري فيها ملاحظة الفيريونات المُعدية داخل الخلايا-اعتماداً على الفيروس إن كان مغلَّفاً أم لا. فالفيروسات غير المغلَّفة تكون مُعدية عند التجمع والنضج، في حين أن الفيروسات التي تَشتق غلافها من الغشاء الهيولي لا تكون مُعديةً حتى تتبرعم من الخلية.

ملخص المفاهيم الرئيسية:

- الارتكاز:

• تقوم الفيروسات بالارتباط بالغشاء الهيولي للخلايا. وإن ارتباط الفيروس هو عملية نوعية تتضمن ارتباط بروتين الارتكاز الفيروسي بمستقبلة خلوية سطحية للفيروس، تختلف تبعاً للفيروس، وهذا ما يحدِّد توجّه الفيروس. وتحتاج بعض الفيروسات إلى مستقبلات مشارِكة للدخول.

• يشتمل ارتباط بروتين الارتكاز الفيروسي بمستقبلات الخلية على قوى كهربية ساكنة. وتتوضع بروتينات الارتكاز الفيروسية على السطح الخارجي للفيريون، وهو الغلاف الفيروسي في الفيروسات المغلَّفة، والقفيصة في الفيروسات غير المغلَّفة.

- النفاذ:

• النفاذ هو الطريقة التي تعبر بها الفيروساتُ الغشاءَ الهيولي للخلية.

• تستفيد الفيروسات من العمليات الخلوية الطبيعية؛ لتدخل إلى الهيولى. ويمثِّل الالتقام إحدى الطرق الشائعة للدخول. ويمكن أن يكون الالتقام متواسطاً بالكافيولين أو بالكلاذرين، أو يحدث الالتقام الكتلي، أو البلعمة.

• تستخدم بعض الفيروسات المغلَّفة الاندماج لدخول الخلية. وتتواسط هذه العملية بروتينات الاندماج الفيروسي التي تدمج الغلاف الفيروسي مع غشاء الخلية.

- نزع الغِلالة:

• يشير نزع الغلالة إلى تفكّك القفيصة الفيروسية وإطلاق الجينوم في الخلية. وتُجمَّع الفيريونات الوليدة من جديد بوساطة تغليف عفوي للجينوم الناجم عن التنسّخ في قفيصة أُنشِئت حديثاً.

• تقوم عدّة من الفيروسات بنزع الغِلالة بالهروب من الجسيم الداخلي المستَخدم لدخول الفيروس إلى الخلية. في حين لا تقوم فيروسات أخرى بنزع الغِلالة تماماً، وتستخدم المتبقي من القفيصة كقاعدة منزلية لعمليات التنسّخ.

• تقوم بعض الفيروسات بنزع الغلالة على الغشاء النووي مباشرةً قبل عبور الجينوم إلى النواة. وكذلك يستطيع عدد قليل من الفيروسات الصغيرة جداً العبور عبر المسام النووية؛ فيحدث نزع الغِلالة في النواة.

- التنسّخ:

• يوجد سبعة أصناف من الفيروسات في تصنيف بالتيمور، تعتمد على نوع الحمض النووي واستراتيجية تنسّخها، وهي:dsDNA ، وssDNA، وdsRNA، و+ ssRNA ، و- ssRNA، وفيروسات رنوية تقوم بالانتساخ العكسي، وفيروسات دنوية تقوم بالانتساخ العكسي.

• يجب أن تدخل جميع فيروسات dsDNA البشرية (باستثناء فيروسات الجدري) إلى النواة للتنسّخ بسبب وجود بوليميرازات الرنا والدنا. ومن أمثلتها: فيروسات الهربس والفيروسات الغدية.

• يُحوَّل الجينوم ssDNA إلى dsDNA بوساطة بوليميراز دنا الخلية المُضيفة بعد أن تتكوّن بادئة من الجينوم نفسه. ويجري بعد ذلك الانتساخ والتنسّخ كما في الفيروسات ذات dsDNA. ومن أمثلتها: الفيروسات الصغيرة والفيروسات الحلقية Anelloviruses.

• إن فيروسات dsRNA، وبالتحديد الفيروسات الريوية والفيروسات البيكوبيرناوية غير مغلفة، وعشرونية الوجوه، مع جينومات مجزأة. ويجب أن تحمل RdRp معها من أجل انتساخ جينومها إلى vmRNA؛ لأن الخلية لا تحتوي على هذا الإنزيم.

• تكون الفيروسات ذات +ssRNA مُعديةً؛ بسبب إمكان ترجمتها مباشرة بوساطة الريبوسومات؛ ومن ثمّ فإنها لا تحمل RdRp؛ ولكن بدلاً من ذلك تشفِّر لصنعِه. ويشفِّر +ssRNA عديد بروتين واحد يُشطَر إلى عدة بروتينات مختلفة. ومن أمثلة هذه الفيروسات التي تصيب البشر، وتشمل الفيروسات البيكورناوية وفيروس نوروك وفيروس التهاب الكبد C وفيروس الحصبة الألمانية وغيرها.

• لا تكون الجينومات -ssRNA مُعديةً، ويجب انتساخها إلى vm RNA قبل أن تحدث الترجمة، لذلك يجب أن تحمل RdRp معها. وتحتوي فيروسات -ssRNA على معقدات بروتينية نووية حلزونية تتكون من الرنا الفيروسي؛ وبروتين القفيصة الحامي؛ وأي إنزيمات مرتبطة به. وكذلك الحال مع فيروسات ssRNA +، ينتسخ متمِّم الجينوم، ويعمل مرصافاً لإنشاء الجينوم. وتكون الفيروسات مزدوجة الاتجاه إيجابية الاتجاه جزئياً أو سلبية الاتجاه جزئياً. ومن أمثلة الفيروسات البشرية ذات الجينومات ssRNA- فيروسات الإنفلونزا وفيروس الإيبولا وفيروس داء الكلب وفيروس الحصبة وفيروس النكاف.

• إن بوليميرازات الرنا غير قادرة على التدقيق، لذلك يكون عملُها أقلّ دِقّةً من بوليميرازات الدنا.

• يمكن أن تنشأ ذرارٍ جديدة من الفيروس عندما تصيب ذريتان مختلفتان خلية واحدة. ويحدث التأشيب عندما يتنسّخ جينوم رنا فيروسي، ويقفز RdRp من مرصاف ذرية إلى مرصاف ذرية أخرى؛ فينشأ جينوم هجين. وكذلك يحدث إعادة التدامج المورثي عندما تمُزجَ قطع من الجينومات المجزَّأة في أثناء تعبئتها في قفيصات جديدة.

• الفيروسات القهقرية هي فيروسات تقوم بانتساخ عكسي لرنا جينومها، فيتكوَّن cDNA؛ وذلك بوساطة الإنزيمات RdDp، وDdDp وRNase H. ويصبح HIV طليعة فيروس عندما يقوم الانتيغراز الفيروسي بدمج الجينوم في كروموسوم الخلية المُضيفة، ثمَّ يجري الانتساخ والتنسّخ بوساطة إنزيمات هذه الخلية.

• إنَّ فيروس التهاب الكبد B هو أيضاً فيروس شبيه بالقهقري، ولكنه يقوم بالانتساخ العكسي من أجل إنشاء دنا جينومه، والذي يكون مفرد الطاق جزئياً ومزدوج الطاق جزئياً ويعُرَف باسم rcDNA، ويُرمَّم إلى يصبوغ مزدوج الطاق تماماً cccDNA في نواة الخلية. وينتسِخ بوليميراز الرنا II الرنا قبل الجينومي الذي انتُسِخَ عكسياً بعد أن عُبِئ في القفيصة، وبذلك يتكون الجينوم rcDNA.

- التجميع:

يشير التجميع إلى تغليف الجينوم الفيروسي المنسوخ ببروتينات فيروسية مصنَّعة حديثًا لإنشاء فيريون. ويمكن أن يحدث هذا في النواة، أو داخل عضيّة مثل مركّب جهاز غولجي أو الشبكة الهيولية الباطنة الخشنة، أو في العصارة الخلوية؛ بحَسَب الفيروس.

- النضج:

يشير النضج إلى التغييرات النهائية التي يجب أن تحدث في الفيريون لخلق فيريون معدٍ بدلاً من جسيم خامل. ويمكن أن يشمل ذلك التَّعديل على مستقبلات سطح الخلية، أو شطر عديدات البروتين الفيروسية، أو تغييرات في القفيصة الفيروسية. وغالباً ما يرتبط النضج ارتباطاً وثيقاً بالتجميع و/أو الإطلاق.

- الإطلاق:

يشير الإطلاق إلى خروج الفيريون من الخلية. ويحدث هذا في أغلب الأحيان من خلال تبرعم الفيروسات المغلَّفة من أغشية الخلية؛ أو بوساطة حلّ الخلية.

منحنيات نمو الفيروس:

تعتمد منحنيات النمو بخطوة واحدة على العدوى المتزامنة للخلايا، بحيث تحدث عملية التنسّخ وإطلاق الفيريون في وقت واحد في جميع الخلايا. وتشير فترة الاحتجاب إلى مقدار الوقت المطلوب لتجميع الفيريونات المُعدية داخل الخلايا، بينما تشير فترة الخَفاء إلى مقدار الوقت قبل ملاحظة الفيريونات المُعدية خارج الخلية. وتستغرق الفيروسات التي تصيب الخلايا الحقيقية النواة وقتاً أطول للتنسخ من العاثيات. وتكون فترات الاحتجاب والخَفاء هي ذاتها للفيروسات في الخلايا الحقيقية النواة التي تحصل على غلافها من الغشاء الهيولي؛ إلا إذا حدث النضج بعد الإطلاق.

 

- المجلد : كتاب علم المناعة مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1