امراض امعاء
-

 أمراض الأمعاء

أمراض الأمعاء

الإسهال الداء المعوي الالتهابي
آلية الإسهال الأدوية التي تحرّض الهجوع في التهاب القولون القرحي:
الأدوية المضادة للإسهال متلازمة القولون المتهيج
الإمساك  
 

يعد الإمساك والإسهال ومتلازمة القولون المتهيج من الأمراض الشائعة جداً، وعالمياً تعد الإسهالات الإنتانية ثالث سبب يؤدي إلى الوفاة نتيجة لنقصان السوائل والشوارد والمواد الغذائية من الجسم. يموت نحو ١.٥ مليون طفل بعمر أقل من ٥ سنوات بسبب الإسهال، وهذا يحدث في الدول النامية خاصة.

سيتم مراجعة الأمراض التالية في هذا البحث:

أولاً - الإسهال:

يعاني مريض الإسهال طيفاً واسعاً من الأعراض القولونية. وتعرِّف منظمة الصحة العالمية الإسهال أنه تغوط ثلاث مرات أو أكثر يومياً من البراز الرخو أو السائل (أو أن يكون البراز أكثر ميوعة مما اعتاده الشخص). ويتفاوت الإسهال من الخفيف إلى الشديد الذي قد يكون سبباً من أسباب الوفاة وسوء التغذية في الدول النامية، وإن أهم أولوية في معالجة الإسهال هو الحفاظ على توازن السوائل والشوارد.

لمحة فيزيولوجية: يتم إفراز ٧-٨ لترات من الماء والشوارد إلى السبيل الهضمي يومياً عند الشخص البالغ الطبيعي، ويتم امتصاص هذه الكمية - إضافة إلى ٢-٣ لترات من السوائل والشوارد الموجودة في الواجب الغذائي كاملاً- من قبل المخاطية المبطنة للأمعاء الدقيقة والغليظة عبر آليات امتصاص فاعلة ومنفعلة. وينتج الإسهال من اضطراب التوازن ما بين عملية الإفراز وإعادة امتصاص الماء.

يُعدّ امتصاص الماء ظاهرة منفعلة، وتعتمد على وجود مدروج gradient حَلولي عبر الخلية، مما يسمح للماء بأن يجري بآلية التحال. ويعد الصوديوم أهم عنصر في هذه العملية، ويتقرر مدروج الصوديوم بالنواقل الفعالة ومساعدات النواقل المرتبطة بمجموعة من المواد الغذائية والمنحلة؛ بما في ذلك الشوارد والحموض الأمينية والسكريات البسيطة.

آلية الإسهال:

1- الإسهال الحلولي: يؤدي وجود الجزيئات الفعالة حلولياً؛ غير المهضومة؛ أو غير الممتصة في الأمعاء إلى احتباس الماء في اللمعة. تعمل معظم المسهلات على هذا المبدأ.

إن الإسهال الناجم عن عدم تحمل الحليب هو مثال عن الإسهال الحلولي؛ إذ يؤدي عوز اللاكتاز Lactase إلى بقاء اللاكتوز الفعال حلولياً في الأمعاء حيث لا يمكن امتصاصه. وكذلك فإن أي مرض يمكن أن يؤدي إلى أذية مخاطية الأمعاء الدقيقة أو الغليظة (مثل الداء الزلاقي) سيؤدي إلى تعطيل قدرة الأمعاء على امتصاص المواد المنحلة، ومن ثم يؤدي إلى الإسهال الحلولي.

٢ - الإسهال الإفرازي: ينتج هذا النوع من الإسهال من الإفراز غير الطبيعي للمواد المنحلة الفعالة حلولياً، فبالحالة الطبيعية؛ واستجابة للمحرضات المختلفة تقوم الخلايا المعوية بنقل الكلور إلى لمعة الأمعاء، ويتلوه بذلك الصوديوم والماء.

يتواسط هذا الإفراز كلٌ من: AMP الدوري والـ GMP والكالسيوم والبروستاغلاندين واللوكوترينات.

هناك مجموعة من الهرمونات المعوية التي تحرض الإفراز بما في ذلك الببتيد المعوي الفعال وعائياً vasoactive intestinal peptide (VIP) والسيكريتين، وتقوم الأورام الغدية العصبية -على نحو نادر- بإفراز كميات كبيرة من هذه الهرمونات؛ مما يؤدي إلى إسهال إفرازي غزير. كما أن العديد من الجراثيم المعوية (مثل الكوليرا والإشيريشيا القولونية) تفرز ذيفاناتٍ، تسبب إفراز الشوارد إلى لمعة الأمعاء من خلال تأثيرها في عملية الإفراز.

٣- زيادة سرعة المرور المعوي: تكون عادة أولية (مجهولة السبب) بيد أنها يمكن أن تحدث نادراً بسبب أورام الأنبوب الهضمي المفرزة؛ مثل الأورام الغدية العصبية؛ والتي يمكن أن تفرز الببتيدات مثل الهستامين و5-HT والـ VIP والتي تملك خصائص محركة للأمعاء. وتُشاهد هذه الحالات البدئية عادة عند مرضى متلازمة القولون المتهيج، وهي نادراً ما تكون شديدة إلى الحد الذي يجعلها تحدث اضطراباً مهماً في توازن الشوارد والسوائل.

لا يُعدَ هذا التصنيف مهماً سريرياً عادة؛ لأن الكثير من حالات الإسهال تكون مسببة باشتراك عدة اضطرابات بآن واحد. وعلى سبيل المثال يمكن أن تؤدي الأخماج المعوية إلى تحريض الإفراز، كما تؤثر أيضاً في الامتصاص، كما أن العديد من أسباب سوء الامتصاص تنجم عن أذية مباشرة لمخاطية الأمعاء؛ إضافة إلى تخفيض الامتصاص المناسب للمواد الفعّالة حلولياً.

الأنماط الحركية في الأمعاء:

قد يكون من العوامل المهمة في إحداث الإسهال فقدان التقلصات القطعيةsegmenting contraction الطبيعية التي تؤخر مرور محتويات الأمعاء، ذلك أن الأمواج الحوّيّة لها تأثير أكبر في دفع محتويات الأمعاء. تقوم التقلصات القطعية للعضلات الملساء في الأمعاء بخلط محتويات الأمعاء. عادة ما يكون لدى مرضى الإسهال فعالية قطعية تلقائية أقل في القولون السيني منها عند الناس غير المصابين بالإسهال، وتكون الفعالية القطعية أكبر عند مرضى الإمساك. وتقوم الأدوية المضادة لحركية الأمعاء بإنقاص الإسهال عن طريق زيادة الحركات القطعية، وتخفيض الحركات الحوية في الأمعاء.

العلاج بالسوائل والشوارد:

إن العلاج بالإماهة الفموية باستخدام المحاليل الشاردية السكرية كافٍ لمعالجة الأغلبية العظمى من حالات الإسهال المائي الناجمة عن التهاب المعدة والأمعاء الحاد. وتُعد هذه المعالجة البسيطة والفعالة والرخيصة والمتوفرة والقادرة على معالجة حالات خطرة من الإسهال واحدة من أهم التطورات العلمية التي أمكن تحقيقها في معالجة التهاب الأمعاء، وواحدة من أهم الاستراتيجيات الصحية العامة الناجحة عالمياً، وتأتي فعالية هذه المعالجة من أن نقل السكر المرتبط بالصوديوم يستمر خلال الإسهال، مما يسمح لامتصاص الصوديوم والماء بالاستمرار من خلال طرائق بديلة.

الإماهة الفموية الملحية:

توصي منظمة الصحة العالمية / اليونيسيف بالصيغة التالية:

- كلور الصوديوم ٣.٥ غ / ل.

- كلور البوتاسيوم ١.٥ غ / ل.

- سترات الصوديوم ٢.٩ غ / ل.

- الغلوكوز منزوع الماء ٢٠ غ/ ل.

هذه الصيغة تؤمن ٩٠ ميلي مول / ل من الصوديوم و٢٠ ميلي مول / ل من البوتاسيوم و٨٠ ميلي مول / ل من الكلور و١٠ ميلي مول / ل من السترات و١١١ ميلي مول / ل من الغلوكوز (بحلولية إجمالية تقدر بـ ٣١١ ميلي مول / ل). وهناك عدة صيغ أخرى متوفرة يحتوي بعضها كمية أقل من الصوديوم.

وتجدر الملاحظة أن محاولة الإماهة بالمشروبات الغازية التجارية المتوفرة وحدها تفشل؛ لأن محتوى الصوديوم فيها قليل جداً (أقل من ٤ ملغ /لتر عادة).

وتستجيب معظم الحالات استجابة كافية عند الاهتمام بالوارد الفموي. ويجب الانتباه أن نقص السوائل والشوارد خطر؛ ولاسيما عند الاطفال والمتقدمين بالعمر الذين قد يحتاجون إلى إعاضة السوائل وريدياً. وتعد الأدوية المضادة للحركة غير مناسبة في حالات الإسهال الشديدة حيث إن تأثيراتها الجانبية السلبية تفوق أي فائدة هامشية يمكن أن تحصل من استعمالها.

الأدوية المضادة للإسهال:

هناك نوعان من الأدوية التي تستخدم عادة تشاركياً. ويجب استعمال هذه الأدوية فقط في الحالات السليمة للإسهال ولفائدة عرضية قصيرة الأمد؛ لأن استخدامها قد يكون مؤذياً بحالات الإسهال الالتهابية أو الخمجية.

الأدوية المثبطة للحركة:

يُفعِّل الكودئين codeine والديفينوكسيلات diphenoxylate واللوبيراميد loperamide المستقبلات

الأفيونية على العضلات الملساء في الأمعاء، مما يؤدي إلى إنقاص الحركات التمعجية وزيادة التقلصات القطعية. وتعد الديفينوكسيلات واللوبيراميد أدوية نوعية للأمعاء نسبياً حيث إنها لا تتجاوز الحاجز الدموي الدماغي (باستثناء الفينوكسيدات بجرعات كبيرة). ويجب تجنب هذه الأدوية عند مرضى الداء المعوي الالتهابي الفعال؛ إذ إنه يمكن أن يؤدي إلى انسداد الأمعاء الشللي وقولون عرطل سمّي، كما أن التطبّل الذي تحدثه هذه الأدوية قد يكون مزعجاً للمريض أكثر من الإسهال الرخو الذي استخدم الدواء لعلاجه.

الأدوية التي تزيد لزوجة viscosity محتويات الأمعاء مباشرة:

يعدّ الكاولين Kaolin مسحوقاً مازاً (ممتزاً)، ولذلك فإن فعاليته العلاجية محدودة، مما يستدعي استعماله عادة مع الأفيونات، ويجب ألا يستعمل دورياً. والأدوية التي تزيد من كتلة البراز مثل الإسباجولا ispaghula والميتيل سيليلوز methylcellulose والستيركوليا sterculia تعد مضادة للإسهال عند مرضى داء الرتوج، ولإنقاص سيولة البراز عند مرضى تفميم الدقاق والقولون.

الإسهال الخمجي:

يتضمن هذا إسهال المسافرين، وتُعزى أكثر من نصف حالات الإسهال التي تصيب زائري المناطق المدارية وتحت المدارية إلى الزمر السامة المعوية للإشريكيات القولونية E.coli، كما تُتهم جراثيم أخرى مثل الشيغيلا shigella وأنواع السالمونيللا salmonella؛ وبعض الفيروسات مثل عائلة النورواك Norwalk، وبعض الطفيليات ولاسيما الـجيارديا لامبيلا.

تحدث العدوى عادةً بتناول طعام أو شراب أو ماء ملوث، مما يشير إلى أن تجنب ذلك هو أكثر الطرق فعالية في الوقاية من خطر الاصابة.

يشفى الإسهال الخمجي عادةً تلقائياً، ولا يتطلب سوى الإماهة الجيدة. وتعد الأدوية المثبطة لحركة القولون مضادة استطباب إذ لا تقلل من التخلص من العوامل السامة، مما يؤدي إلى القولون العرطل السُمّي، بيد أنه مسموح بها في الحالات الخفيفة. وما يزال استعمال المضادات الحيوية مختلفاً عليه حتى في حالات الزحار الجرثومي؛ إذ إنها لا تنقص من مدة الأعراض لأكثر من ٤٨ ساعة.

كما أن هناك أدلة نادرة على أن استخدام المضادات الحيوية للمرضى المصابين ببعض أنواع الزمر الجرثومية - مثل الإشريكيات القولونية E.coli ١٧٥- قد يؤدي إلى المتلازمة الانحلالية اليوريميائية (HUS) التي قد تكون مهددة للحياة. قد تكون المضادات الحيوية مستطبة إذا كان المرضى بحالة سميّة أو مثبطي المناعة أو عند الإصابة بالأخماج الغازية مثل الشيغيلا، في هذه الحالة تستخدم بعض أنواع المضادات الحيوية، ويعد السيبروفلوكساسين ciprofloxacin أكثرها شيوعاً، بيد أنه يجدر الملاحظة أن الماكروليدات macrolides- نظرياً على الأقل- أقل تأهيباً للمتلازمة الانحلالية عند المرضى المعرضين لذلك.

وهناك أيضاً علاجات نوعية للعناصر الممرضة الأخرى التي يمكن كشفها بزراعة البراز مثل الزحار والجيارديا.

الإسهال الناجم عن المطثيات العسيرة:

تتفاوت شدة الإصابة بالمطثيات العسيرة Clostridium difficile بين الإسهال المحدود والمزعج إلى التهاب القولون الغشائي الكاذب السمي المهدد للحياة، مما يفسر الاهتمام البالغ بهذا النوع من الجراثيم مؤخراً. وإن من أهم عوامل الخطورة بالإصابة بهذا النوع من الجراثيم هو تقدم العمر، ووجود أمراض مشاركة مهمة أخرى، واستخدام الصادات الحديث، وقصة قبول حديث في المشفى خلال الشهور الثلاثة الماضية. وياللأسف تعدّ كل المضادات الحيوية عوامل خطورة للإصابة بخمج المطثيات العسيرة بما في ذلك الميترونيدازول - في حالات نادرة - مع أنه يعدّ بحد ذاته أحد العلاجات الأساسية لهذا المرض، بيد أن الكلندامايسين clindamycin والكوينولونات quinolones والسيفالوسبورينات cephalosporins والبيتالاكتامات B-lactams هي المسببات الأكثر شيوعاً وشدةً.

الخط الأول لعلاج هذه الحالة هو الميترونيدازول لمدة ٧-١٤ يوماً عن طريق الفم، بيد أن هناك أدلة تشير إلى أن الاستعمال المديد (٤ أسابيع) للفانكومايسين الفموي مع إنقاص تدريجي للجرعة قد يكون مفيداً في الحالات الشديدة والمعندة أو الناكسة.

إن الإنقاص التدريجي للجرعة يسمح بقتل الأبواغ التي تتفعّل في أثناء طور العلاج؛ والتي لم يتم القضاء عليها بالمعالجة الأولية. لا يُمتص الفانكومايسين من الأنبوب الهضمي، ولذلك يُستخدم فموياً بجرعة ١٢٥ ملغ ٤ مرات يومياً، وأحياناً يمكن مضاعفة هذه الجرعة، ولا يستدعي هذا الطريق من العلاج مراقبة العيارات المصلية للدواء بسبب عدم امتصاصه. كما أن هناك بعض المضادات الحيوية الفموية الحديثة التي قد تكون أيضاً مفيدة في مثل هذه الحالات كالفيداكسومايسين fidaxomicin. كما أن هناك بعض الأدلة التي تدعم استعمال بعض العلاجات الحديثة مثل البروبيوتيك probiotics والحقن البرازية المعدة من براز طبيعي من أشخاص سليمين، بيد أنه لا يوجد أدلة قوية بما فيه الكفاية لتدعم هذا النوع من العلاج. وتعمل هذه الوسائل العلاجية عن طريق إعادة النبيت الطبيعي من الجراثيم في الأمعاء، في حين تعمل الغلوبولينات المناعية الوريدية على تعديل الذيفانات الممرضة.

الإسهال المحدث بالأدوية:

هناك عدد كبير من الأدوية التي يمكن أن تُحدِثَ الإسهال بوصفه أحد تأثيراتها الجانبية، وتعد المضادات الحيوية من أشيع الأدوية التي تسبب الإسهال. ويعتقد أن هذا ناجم عن تغير في النبيت الطبيعي لجراثيم الأمعاء؛ والذي يمكن أن يتطور أحياناً ليؤدي إلى الإصابة بالتهاب القولون بالمطثيات العسيرة التي ذكرت سابقاً.

الإسهال الإفرازي الناجم عن الببتيدات الفعالة وعائياً (VIP):

يثبط الأوكتريوتايد octreiotide والذي هو مماثل صنعي للسوماتوستاتين تحرير الببتيدات التي تتواسط بعض إفرازات الأنبوب الهضمي، ويمكن أن يستخدم لمعالجة الإسهال الناجم عن الأورام الغدية العصبية مثل الكارسينوئيد أو أورام VIP (أي الأورام التي تنتج VIP). ويستخدم اللانريوتايد lanreotide، وهو النموذج المديد التأثير من الدواء عند هؤلاء المرضى حيث يستخدم مرة واحدة شهرياً فقط.

سوء امتصاص الحموض الصفراوية:

يعدّ سوء امتصاص الحموض الصفراوية عاملاً مهماً في إحداث متلازمة القولون المتهيج وأنماط الإسهال الأخرى مجهولة السبب. وينجم الإسهال في هذه الحالة عن بقاء الحموض الصفراوية الفعالة حلولياً ضمن لمعة الأنبوب الهضمي.

تُصنع الحموض الصفراوية في الكبد، وهي ضرورية لامتصاص المواد الدسمة من الأمعاء الدقيقة.

يقوم الدقاق الانتهائي بإعادة امتصاص الحموض الصفراوية إلى الكبد، وذلك عبر نظام إعادة تدوير معوي كبدي عالي الكفاءة والفعالية. وينجم سوء امتصاص الحموض الصفراوية الأولي عن عدم انتظام عملية التلقيم الراجع المعوي الكبدي، مما يؤدي إلى زيادة إفراز الحموض الصفراوية؛ والتي تتجاوز القدرة الامتصاصية للأمعاء.

ويمكن للعمليات الجراحية أو الأمراض التي تؤثر في مخاطية الأمعاء الدقيقة مثل داء كرون، أو سوابق استئصال المرارة - الذي يؤدي إلى إفراغ مستمر للحموض الصفراوية - أن تُحدث الإسهال بسوء امتصاص الحموض الصفراوية الثانوي.

إذا لم يمكن تحديد سبب قابل للعلاج لسوء امتصاص الحموض الصفراوية فإنه يمكن استخدام الراتينات المازة للحموض الصفراوية مثل الكولسيفيلام colesevelam والكوليستيبول colestipol أو الكولسترامينcholestyramine . وإن تناول هذه الأدوية مزعج بسبب طعمها وقوامها؛ ولأنها ترتبط بالعديد من الأدوية الأخرى، ولذلك فإنه يجب تناولها قبل ساعة أو بعد عدة ساعات من تناول الأدوية الأخرى. تستخدم مازات الحموض الصفراوية أيضاً كأدويةٍ خافضةٍ للدسم.

التهاب القولون المجهري:

يتظاهر التهاب القولون المجهري بالإسهال، وتكون مخاطية القولون فيه طبيعية عيانياً، بيد أن التشريح المرضي يظهر وجود إما ارتشاح لمفاوي في المخاطية (التهاب القولون اللمفاوي) أو تليف تحت البطانة (التهاب القولون الكولاجيني). وتعدّ هذه الحالة سليمة ويمكن أن يحدث فيها شفاء تلقائي في عدد لا بأس به من الحالات. ويعالج التهاب القولون المجهري بالأمينوساليسيلات أو الستيروئيدات القشرية، وفي أحيان أخرى يمكن أن يُكتفى بمعالجة الأعراض بمضادات الإسهال.

ثانياً- الإمساك:

يعني الإمساك أشياء مختلفة لأشخاص مختلفين، ومن الصعوبة بمكان تعريفه بتعريف واحد يقبل به الجميع، بيد أنه عموماً يعني وجود براز قاسٍ وقليل التواتر.

تعرّف معايير روما ٣ الإمساك بأنه توفر اثنين أو أكثر من المعايير التالية خلال فترة تتجاوز (١٢) أسبوعاً، وهي:

التغوط أقل من ثلاث مرات في الأسبوع، الكبس أكثر من ربع المرات، براز قاسٍ، عدم إفراغ كامل والإحساس بوجود انسداد مستقيمي شرجي.

وهناك أسباب متعددة للإمساك يجب البحث عنها ونفيها أو معالجتها. أما العلاج العرَضي فيتضمن استخدام المسهلات التي تحرّض التبرز والتي تعمل في غالب الأحيان عن طريق إنقاص قساوة محتويات القولون السفلي، وهي تصنف كما يلي:

١- الأدوية التي تزيد حجم البراز:

تتوفر (تُؤمن) الألياف في الحمية الغذائية من خلال الخضراوات والفواكه، وتكون في معظم الأحيان على شكل سكريات متعددة غير نشوية، وهي غير قابلة للهضم بوساطة الإنزيمات الإنسانية. الألياف يمكن أن تكون حلولة (البكتين pectin والإسباجولا ispaghula)، وغير حلولة (السيللوز والهيميسيللوز). والألياف غير الحلولة لها تأثير أقل من الألياف المنحلة في لزوجة محتويات الأمعاء؛ بيد أنها مسهل أقوى لأنها تقاوم الهضم في الأمعاء الدقيقة مما يمكّنها من الوصول سليمة إلى القولون. كما أن لها قدرة أكبر على حبس الماء في لمعة القولون، حيث إن ١غ من ألياف الجزر مثلاً يمكنها أن تحبس ٢٣غ من الماء. ويعتقد أن الإنسان من خلال إعادة تكرير السكريات في غذائه خلال القرون الماضية أفقر هذا الغذاء من الألياف، ومن ثمّ تناقص حجم البراز في القولون، مما أدى إلى إحداث الإمساك والبواسير وداء الرتوج.

والأدوية التي تزيد حجم البراز من خلال زيادة الألياف في الحمية هي العلاج الأمثل في حالات الإمساك البسيطة، حيث تزيد حجم البراز وتنقص قساوته، مما يؤدي إلى إنتاج براز طري وكبير الكمية، يزيد من فعالية حركات القولون الإفراغية، ومن ثم يجعل هذه الألياف ذات تأثير أكثر فيزيولوجيةً من المسهلات الاخرى.

والجدير بالملاحظة أنه يجب تناول كميات كبيرة من السوائل مع هذه الألياف (ما لا يقل عن لترين يومياً).

مستحضرات الألياف: النخالة هي البقايا التي تنجم عن تحضير الطحين من الحبوب، وهي تحتوي على ما يقارب ٢٥-٥٠٪ من وزنها على شكل ألياف، ويمكن تعزيز كمية الألياف التي في الطعام عن طريق تناول الخبز الكامل والحبوب الغنية بالنخالة؛ بيد أنه يجب الانتباه أن المبالغة بتناول هذه المكملات يمكن أن تؤدي إلى تطبل مزعج في البطن.

الألياف المنحلة - مثل الإسباجولا- فعالة وأكثر تقبلاً من النخالة، ويمكن لهذه الألياف أن تمتص الماء مما يؤدي إلى زيادة حجمها بسرعة، مثلاً الميتيل سيللوز يزداد حجمه ٢٥ مرة عن حجمه الأصلي عندما يمتص الماء، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الستيركوليا sterculia (وهي نوع من أنواع الصمغ النباتي الذي سمي كذلك على اسم إله الزراعة والخصب عند الرومان). وتتوفر هذه الألياف على شكل مستحضرات تجارية متنوعة في الاسواق.

٢- الأدوية التي تحرّض حركية القولون:

المسهلات المحرّضة: تعمل هذه الأدوية من خلال زيادة حركية الأمعاء بآليات متنوعة، بيد أنها يمكن أن تحدث آلاماً بطنية ماغصة، وهي مضادة استطباب عندما يكون هناك اشتباه بوجود انسداد معوي.

- البيساكوديل Bisacodyl: يحرّض النهايات الحسية في القولون بآلية مباشرة من خلال لمعة القولون. وتبدأ فعاليتها عند تناولها عن طريق الفم خلال ٦-١٠ ساعات، أما التحاميل فتعمل خلال ساعة واحدة. ويمكن لهذه التحاميل أن تنقص الحاجة إلى استخدام الحقن الشرجية عند المتقدمين في العمر، وليس هناك تأثيرات جانبية مهمة لها.

- البيكوسولفات الصوديوم Sodium picosulfate: مماثل للبيساكوديل، ويستخدم أيضاً لإفراغ القولون قبل الإجراءات التشخيصية والجراحة.

- الغلسيرول: له تأثير محرّض خفيف على المستقيم عندما يؤخذ على شكل تحميلة.

- مجموعة الأنتراكوينونanthraquinone: من المسهلات، تتضمن: السنا senna والدانثرونdanthron والروبارب rhubarb، تتحرر هذه المشتقات في الأمعاء الدقيقة، وتُمتص هناك، ومن ثم تُفرز إلى القولون وتقوم بتأثيرها فيه مع ما يتبقى منها من دون امتصاص.

- السنا: موجود على شكل مستحضرات معيارية، وهو شائع الاستعمال لمعالجة الإمساك، حيث يمكن استخدامه أيضاً لإفراغ القولون للإجراءات التشخيصية والجراحية. ويبدأ السنا عمله خلال ٨-١٢ ساعة.

ـ-الدانثرون: متوفر أيضاً على شكل مستحضرات معيارية، ويمكن أيضاً مشاركته مع دوكوسات الصوديوم docusate sodium، وهو يعمل خلال ٦-١٢ ساعة، بيد أن هناك بعض الأدلة المشتقة من دراسات على القوارض التي تشير إلى احتمال وجود خطورة تسرطن من الاستعمال المديد للدانثرون؛ ولذلك يفضل تجنبه، إنما يمكن أن يكون مفيداً لمعالجة الإمساك عند المرضى المصابين بأمراض لا يرجى شفاؤها.

- من المستحضرات الحديثة: البروكالوبرايدprucalopride وهو من محرضات مستقبلات 5-HT4، حيث تم ترخيصه مؤخراً خطاً علاجياً ثانياً للنساء المصابات بالإمساك المزمن أو في حالات الإصابة بمتلازمة القولون المتهيج مع الإمساك. كما تم ترخيص الليناكلوتايد linaclotide الذي يفيد أيضاً في حالات متلازمة القولون المتهيج مع الإمساك.

٣- المسهلات الحلولية:

لا تُمتص هذه المسهلات في لمعة الأمعاء إلا بمقدار قليل، وتزيد من كتلة البراز، وتنقص من لزوجته viscosity؛ مما يحرّض إخراج براز لين.

بعض الأملاح غير العضوية تحافظ على الماء في لمعة الأمعاء أو تسحبه من الجسم:في حالات الإمساك الخفيف يكفي استخدام هيدروكسيد المغنزيوم، أما في أشد الحالات فيستخدم سولفات المغنزيوم؛ لأنه ذو فعالية أقوى، وكلا النوعين يعمل خلال ٢-٤ ساعات.

ـ اللاكتولوز lactulose: يعدّ اللاكتولوز سكريدثنائي صنعي، وإذا أُخذ عن طريق الفم فإنه لا يتأثر بالإنزيمات الهاضمة للسكاكر الثنائية في الأمعاء الدقيقة، وبذلك فإنه لا يُمتص ويكون له دور مسهل حلولي. المشكلة في هذه المسهلات أنه يمكن أن تتعودها الأمعاء فيخف تأثيرها مع الوقت. ويستخدم اللاكتولوز أيضاً في معالجة الاعتلال الدماغي الكبدي.

تستخدم المسهلات الحلولية في تنظيف القولون قبل الإجراءات التشخيصية والجراحة. وتفيد الحقن الشرجية المحتوية على الفوسفات أو السترات في إفراغ القسم البعيد من القولون؛ مما يؤثر تأثيراً مفيداً لمعالجة الإمساك المعند obstinate عند المرضى المتقدمين في العمر أو المقعدين.

أما المستحضرات الفموية المحتوية على فوسفات المغنزيوم وحمض الليمون – مثل Citramag أو البولي إيتيلن غليكول polyethylene glycol - فإنها تعدّ محاليل معادلة الحلولية عندما تنحل بكمية كبيرة من الماء، وتستخدم أيضاً في التحضير لتنظير القولون، بيد أن بعض المرضى لا يتحملون تناول هذه الكميات الكبيرة من السوائل.

إن الاستخدام الزائد للمسهلات الحلولية والمحرّضة قد يؤدي إلى خسارة كمية كبيرة من الماء والشوارد، مما يؤدي إلى قصور كلوي أو خزل بسبب نقص البوتاسيوم؛ ولا سيما عند المتقدمين بالعمر أو مرضى داء السكري أو مرضى القصور الكلوي. وعندما يكون تنظير القولون ضرورياً عند هؤلاء المرضى (كما هو الحال قبل الجراحة أو التنظير) فإنه يمكن استخدام مسهلات أقل تأثيراً، أو تحضير القولون تحت الرقابة الطبية؛ مع تعويض السوائل أو الشوارد ومراقبتها.

٤- ملينات البراز faecal softeners:

إن الخصائص الملينة لهذه الأدوية مفيدة في تدبير حالات الشق الشرجي أو البواسير، يقوم دوكوسات الصوديوم docusate sodium بتليين البراز عن طريق تخفيض التوتر السطحي للسوائل في لمعة الأمعاء، مما يؤدي إلى احتباس كمية أكبر من الماء في البراز، كما أن لهذه الملينات خصائص محرضة لحركة القولون، بيد أن هذا الأثر يعدّ ضعيفاً نسبياً. ويعمل دوكوسات الصوديوم خلال يوم أو يومين.

التحاميل والحقن الشرجية:

يمكن أن تستخدم التحاميل (البيساكوديل والغليسيرين) لتحريض حركة الأمعاء خلال ساعة من استعمالها. أما الحقن الشرجية فهي تحرّض التغوط عن طريق تليين البراز وتمديد القولون، وهي تستخدم في التحضير للجراحة أو التصوير الشعاعي والتنظير. وتستعمل المستحضرات المحتوية على فوسفات الصوديوم والتي تُمتص امتصاصاً قليلاً من الأمعاء، ومن ثم فإنها تحتبس الماء في اللمعة على نحو شائع. كما يضاف إليها زيت جوز الهند أحياناً لتليين السدادات البرازية.

مضادات الاستطباب: مضادات الاستطباب النسبية لاستخدام المسهلات هي: وجود الألم البطني غير المشخص، أو الداء المعوي الالتهابي، أو الانسداد المعوي. كما أنه لا يفضل استخدام المسهلات لإفراغ المستقيم المحتوي على السدادة البرازية؛ لأنها عادةً ما تفشل وتسبب آلاماً بطنية شديدة. وفي هذه الحالة يفضل استخدام الحقن الشرجية وتفتيت السدادات البرازية بالإصبع، وللوقاية من تكرار حدوث السدادات البرازية فإنه ينصح باستخدام الأدوية التي تزيد حجم البراز أو الملينات.

ثالثاً - الداء المعوي الالتهابي:

يُعدّ الداء المعوي الالتهابي (التهاب القولون التقرحي وداء كرون) مرضاً مزمناً ناكساً يصيب الأنبوب الهضمي، ويتميز بالتهاب مخاطية الأمعاء. وإن الآلية الإمراضية للداء المعوي الالتهابي غير مفهومة فهماً كاملاً بعد. ويُعتقد أن الداء المعوي الالتهابي ينجم عن استجابة مناعية غير ملائمة لمستضدات غير ممرضة في لمعة الأمعاء. مما يشير إلى أنه يمكن أن يكون استجابة قبل التهابية مخربة لمحرّض ممرض، أو استجابة التهابية دفاعية فشلت في أن تبقي الارتكاس الالتهابي تحت السيطرة. ويؤدي اشتراك كلٍ من الاستعداد الوراثي والعوامل البيئية إلى إحداث إما داء كرون؛ الذي يمكن أن يصيب أي قطعة من الأنبوب الهضمي، وإما التهاب القولون القرحي الذي يكون محدوداً بالقولون.

وعلى الرغم من أن داء كرون والتهاب القولون القرحي هما مرضان مختلفان؛ لكنهما يشتركان في العديد من الجوانب فيما يتعلق بالتدبير الطبي. وتهدف المعالجة الدوائية إلى إحداث الهجوع والحفاظ عليه. إن صيانة الهجوع ضرورية، ليس فقط لإراحة المريض؛ وإنما أيضاً للإقلال من خطورة المضاعفات مثل سرطان القولون والمستقيم؛ والذي يرتبط مباشرة بشدة المرض خلال فترة طويلة من الزمن. كما أن هناك أدلة متزايدة على أن شفاء المخاطية؛ وليس فقط الاستجابة السريرية؛ هي العامل الأهم في تقرير الإنذار الطويل الأمد.

كانت مستحضرات الأمينوساليسيلات (5-ASA) والستيروئيدات القشرية تعد الركن الأساسي في معالجة الداء المعوي الالتهابي لعدة عقود، وقد أضيفت مؤخراً العلاجات المثبطة للمناعة؛ والتي ظهر أن لها دوراً مهماً في السيطرة على أعراض الداء المعوي الالتهابي. وفي السنوات القليلة الأخيرة استُحدثت العلاجات الحيوية أو البيولوجية والتي يعتقد أنها ستتطور في السنوات القادمة. أول الأدوية البيولوجية كانت تعمل على حصر مستقبلات العامل المنخر للنسج TNFα، بيد أن هناك علاجات حديثة واعدة تعمل أيضاً على سبل جديدة.

ويجب توخي الحذر الشديد عند استخدام مضادات الإسهال عند مرضى التهاب القولون الفعال، وهي مضادة استطباب إذا كانت الحالة شديدة؛ لأنها يمكن أن تؤدي إلى توسع سمّي في القولون ممّا قد يؤدي إلى انثقابه.

الأدوية التي تحرّض الهجوع في التهاب القولون القرحي:

- الأمينوسالسيليت Aminosalicylate:

تحافظ الأمينوسالسيليت على الهجوع عند مرضى التهاب القولون التقرحي، كما أنها يمكن أن تستخدم في معالجة الهجمات الحادة (مع الستيروئيدات القشرية أو من دونها بحسب شدة الحالة). وهناك أدلة متزايدة على أن لها دوراً وقائياً من سرطان القولون والمستقيم عند مرضى التهاب القولون التقرحي، بآلية مستقلة عن قدرتها على الحفاظ على الهجوع.

إن آلية عمل هذه الأدوية غير واضحة وضوحاً تاماً؛ بيد أنه يعتقد أنها تثبط تركيب البروستاغلاندينات الالتهابية، وتنظف الجذور الحرة، وتثبط إعادة تحريض الخلايا الالتهابية، كما أنها تثبط إنتاج السايتوكينات الالتهابية والوسائط البروتينية.

استخدم السلفاسالازين sulfasalazine لمعالجة التهاب المفاصل الروماتويدي منذ عام ١٩٣٠، ولوحظ فيما بعد أن له فعالية ضد التهاب القولون التقرحي. ويتركب السلفاسالازين من مركبين هما: السلفابيرين و5-ASA المرتبطان برباط آزو. ولا يمتص السلفاسالازين من الأمعاء الدقيقة، وتقوم جراثيم القولون بشطر رباط الآزو لتحرير جزئي المركب. ويمتص السلفابيرين من القولون، ويُستقلب في الكبد، ويطرح في البول، وليس له دور علاجي في التهاب القولون؛ وإنما ينحصر دوره في إيصال مستحضر الـ 5-ASA إلى القولون. والسلفاسالازين متوفر على شكل حبوب أو حقن شرجية (تستخدم عندما يكون امتداد المرض إلى الزاوية الطحالية فقط) أو تحاميل (تستخدم في علاج التهاب المستقيم). ويعدّ هذا المستحضر مفيداً ولاسيما لمعالجة مرضى التهاب المفاصل المرافق لداء الالتهاب المعوي؛ لما له من فعالية مفصلية.

التأثيرات الجانبية لهذا المستحضر هي بسبب السلفابيرين، وتتضمن الصداع والإرهاق والقمه والغثيان والقيء، وكلها مرتبطة بالجرعة. وتتضمن الارتكاسات التحسسية الطفح والحرارة والتهاب العقد اللمفاوية، كما يمكن أن يحدث نقص بالكريات البيض والعدلات بحالات نادرة. ويمكن أن يعاني الذكور نقصاً عكوساً بعدد النطاف، ونقصاً بحركيتها. ويمكن لمفرزات الجسم أن تتلون باللون البرتقالي ممّا قد يصبغ العدسات اللاصقة المرنة.

- الميسالازين mesalazine:

يتحمل المرضى الذي لا يتحملون السلفالازين عادةً الميسالازين الذي يعدّ من مستحضرات 5-ASA. يُمتص الميسالازين امتصاصاً سريعاً وكاملاً في الصائم القريب، وهو متوفر بعدة أشكال تؤخر تحرره في الأمعاء، فحبوب الأزاكول ملبّسة بحيث تتحرر عندما يكون pH سبعة أو أكثر؛ ممّا يجعل تحررها أكثر ما يكون في الدقاق الانتهائي والقولون. وبالمقابل فإن البنتاسا pentasa ذات تحرر بطيء؛ بيد أنها غير مرتبطة بـال pH ممّا يجعلها تتحرر على مسار الأنبوب الهضمي.

تتوفر مستحضرات الميسالازين على شكل فموي، حقن شرجية، تحاميل.

مستحضرات الـ 5-ASA الأخرى:

مثل البالسالازايد والأولسالازين تنتج على شكل مستحضرات فموية فقط، وسرعان ما يتم التخلص من الـ 5-ASA التي تدخل إلى الدم عن طريق الأستلة في الكبد والطرح الكلوي، ومقارنة بالسلفاسالازين فإن مشتقات 5-ASA الحديثة جيدة التحمل عادةً وآمنة جداً. ويجب أن يُخبر المرضى عن الخطورة النادرة لحدوث القصور الكلوي والاضطرابات الدموية ممّا يجعل من الأفضل إجراء التحاليل الدموية المخبرية للمراقبة.

الستيروئيدات القشرية corticosteroid:

يمكن أن تستخدم التحاميل والحقن الشرجية الستيروئيدية في التهاب القولون البعيد أو الأيسر. وعادة ما تكون العلاجات بمستحضرات الـ 5-ASA أكثر فعالية في الحالات التي لا تحتاج إلى الستيروئيدات القشرية الجهازية، لذلك فإنه لا يفضل استعمال التحاميل والحقن الشرجية الستيروئيدية خطاً أولياً في العلاج عندما يكون التهاب القولون التقرحي محدوداً في القولون الأيسر، أما الهجمات الحادة التي لا تستجيب للأمينوساليسيلات وحدها فإنها يمكن أن تستفيد من إضافة حقن الستيروئيدات القشرية الشرجية. وتقوم المستحضرات الرغوية منها بتبطين مخاطية القولون على نحو أكثر فعالية من المستحضرات المائية.

يتعرض المرضى المصابون بالتهاب القولون البعيد لما يسمى بفرط تراكم البراز قبل المنطقة المصابة بالالتهاب، ممّا يؤدي إلى ما يسمى بإسهال الإفاضة. ويمكن أن يُكشف فرط التراكم البرازي عن طريق إجراء صورة بطن بسيطة بوضعية الوقوف، ويُعالج بالمسهلات وذلك بشرط أن تكون الحالة الالتهابية محدودة بالقولون البعيد. ويجب تجنب استخدام مضادات الإسهال في هذه الحالة لأنها ستزيد من شدة المشكلة، كما يجب تناول كميات كافية من السوائل والألياف في الواجب الغذائي، وقد يكون مفيداً استخدام الملينات التي تزيد من حجم البراز في الوقاية من فرط تراكم البراز.

الستيروئيدات القشرية الجهازية:

يجب معالجة الهجمات الشديدة من التهاب القولون القرحي أو داء كرون التي لا تستجيب للمعالجة بمستحضرات الـ 5-ASA باستخدام الستيروئيدات القشرية الجهازية، وتكفي عادةً المستحضرات الفموية. ومن المهم البدء بجرعة قادرة على السيطرة على الحدثية الالتهابية مثل البريدنيزولون prednisolone ٤٠ ملغ/كغ باليوم فموياً، حيث تكون الاستجابة السريرية سريعة خلال أسبوع واحد.

عندما تتحقق الاستجابة السريرية يمكن تخفيض الجرعة ببطء شديد خلال ٦-٨ أسابيع. وإن هذا التناقص التدريجي للجرعة مهم؛ لأن إيقاف العلاج فجأة يمكن أن يؤدي إلى اشتداد الأعراض.

تتطلب الهجمات الشديدة من التهاب القولون القرحي العلاج بالمشفى باستخدام الستيروئيدات القشرية الوريدية، لذا يجب أخذ ذلك في الحسبان عند المرضى الذين لا يستجيبون للعلاجات الطبية الأخرى، والخطورة الرئيسية في هذه الحالة هي حدوث توسع القولون السمّي والانثقاب. ويُتوقع حدوث استجابة سريرية مهمة خلال ٧٢ ساعة من العلاج بالستيروئيدات القشرية الوريدية، وفي حال عدم حدوث هذا التحسن فإنه يُنصح بتجربة السايكلوسبورين ciclosporin أو مضادات العامل المنخر للورم Anti-TNF في إحداث الاستجابة.

عند فشل كل ما سبق لا يبقى أمام الطبيب إلا اللجوء إلى استئصال القولون الإسعافي.

السايكلوسبورين:

يمكن للسايكلوسبورين إحداث الهجوع عند المرضى المصابين بالتهاب قولون قرحي شديد معنّد على الستيروئيدات القشرية الوريدية. ويُعطى السايكلوسبورين ٢ ملغ/كغ وريدياً، وتعدل الجرعة بحسب سويات الدواء المصلية حتى الوصول إلى الهجوع. ويجب مراقبة وظائف الكلية والضغط الدموي الشرياني مراقبة حثيثة. ويجب الانتباه أن السايكلوسبورين محرّض للنوبات الصرعية الذي يكون أكثر وضوحاً عند مرضى الاضطرابات الشاردية (الكالسيوم والمغنزيوم خاصة) وعند مرضى نقص الكولسترول في الدم، لذلك يجب تجنبه إذا كان هناك قصة نوبة صرعية. السايكلوسبورين غير فعال في الحفاظ على الهجوع، لذلك يلزم اللجوء إلى المعالجة بمثبطات المناعة لصيانة الهجوع.

العلاجات الحيوية البيولوجية biological therapy: تم ترخيص ستة أدوية بيولوجية حالياً لمعالجة التهاب القولون القرحي وإحداث وصيانة الهجوع، أربعة منها هي من زمرة الـ anti-TNF (infliximab, adalimunab, golimumab and certolizumab)، واثنان مضادات الأنتغرين anti-integrin (natalizumab and vedolizumab).

الأدوية التي تحرّض الهجوع في داء كرون:

-الأمينوساليسيلة Pentasa:

تعدّ هذه الأدوية أقل فعّالية في داء كرون، وفي حال استخدامها يجب استخدام المستحضرات التي تستهدف القسم المصاب من الأنبوب الهضمي (على سبيل المثال البنتاسا أفضل من الآزاكول Asacol وكلاهما من المستحضرات التجارية عند إصابة الأمعاء الدقيقة).

ـ المضادات الحيوية:

تعدّ المضادات الحيوية مفيدة في السيطرة على المظاهر حول الشرجية والاختراقية للمرض. وأكثر الصادات استخداماً بهذا الصدد هي الميترونيدازول والسبروفلوكساسين. وتتضمن التأثيرات الجانبية لهذه الصادات:عدم تحمّل الكحول، واعتلال الأعصاب المحيطي، والإسهال المحدَث بالصادات، والتهاب القولون الغشائي الكاذب الناجم عن الاستعمال المديد لهذه الصادات؛ ممّا يحدّ من استعمالها لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر متواصلة.

ـ العلاج بالحمية:

هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن الحمية السائلة المعتمدة على الحموض الأمينية (الحمية العنصرية elemental diet) أو الحمية قليلة البروتين oligopeptides لمدة ٤ – ٦ أسابيع تعادل بفعاليتها الستيروئيدات القشرية في السيطرة على داء كرون. الملاحظ في هذه الحالة أن النكس شائع عند إيقاف الحمية. المشكلة في المستحضرات العنصرية هي أنها غير مستحبة المذاق حتى لو أضيفت إليها منكهات، وغالباً ما يُلجأ إلى استعمالها عن طريق الأنبوب الأنفي المعدي ممّا لا يرغبه المرضى عادةً. وتفيد هذه الطريقة بالعلاج في الحالات المعندة على الستيروئيدات، كما أن أطباء الأطفال يحبّذونها؛ لأنهم يحاولون تجنب الستيروئيدات القشرية الجهازية بسبب تأثيراتها الضارة على النمو.

ـ الستيروئيدات القشرية:

تعدّ الستيروئيدات القشرية فعالة في داء كرون الفعال. ويعد البيوديزونايد Budesonide - وهو ستيروئيد قشري فعال موضعياً- بديلاً من البريدنيزولون. وتصل المستحضرات المديدة التأثير من هذا الدواء إلى الدقاق والقولون الصاعد، ولذلك فهي تعدّ مفيدةً في علاج داء كرون الذي يصيب الأمعاء الدقيقة والوصل الدقاقي الأعوري، وتكون فعاليتها تقريباً مماثلة لفعالية البريدنيزولون لكنها أقل منه بقليل. وإن استقلاب معظم هذا الدواء في المرور الأول من الكبد يحدّ من توفره الجهازي؛ ومن ثمّ من تأثيراته.

ـ العلاجات البيولوجية الحيوية:

هناك خبرة مديدة في استعمال العلاجات البيولوجية في داء كرون خصوصاً فيما يتعلق باستخدام أضداد الـ TNFα، حيث أظهرت الدراسات أنها فعالة في تحريض الهجوع في داء كرون الفعال وصيانته؛ بما في ذلك النمط ما حول الشرجي والمتنوسر.

صيانة الهجوع في الداء المعوي الالتهابي:

لا تعدّ الستيروئيدات القشرية فعالة في صيانة الهجوع لداء كرون أو التهاب القولون القرحي، وذلك بسبب تأثيراتها الجانبية المهمة المرافقة للاستعمال المديد.

في التهاب القولون القرحي تعتمد الأمينوسالسيلات في صيانة الهجوع، حيث يجب البدء بها بالوقت ذاته الذي تسحب به الستيروئيدات القشرية، ولكن دورها محدود - إذا كان لها دور- في صيانة الهجوع في داء كرون.

إذا كان المرض معتمداً على الستيروئيدات القشرية على الرغم من استخدام جرعة كافية من الـ 5-ASA فإنه يجب اللجوء إلى الآزاثيوبرين والمثبطات المناعية الأخرى. وتُستطب الجراحة إذا فشلت المعالجة الطبية في السيطرة على المرض أو إذا رافقت تأثيرات جانبية غير مقبولة.

ـ الآزاثيوبرينAzathioprine: دواء فعال بوصفه بديلاً من الستيروئيدات؛ لكونه جرعة صيانة في داء كرون والتهاب القولون القرحي، وهو يستخدم عندما تكون مستحضرات الـ 5-ASA غير كافية للحفاظ على هجوعٍ كافٍ. يُستقلب الآزاثيوبرين إلى ٦ مركابتوبيورين (6-MP) ومن ثم إلى التيوغوانين Tioguanine، وهو مثبط لتركيب البيورين والذي يمكن أن يُحدث درجة من التثبيط المناعي. في هذا الممر الاستقلابي يعد أنزيم الثيوبيورين ميتل ترانسفيراز (TPMT) الأنزيم المحدِد لسرعة هذا الاستقلاب. تورَّث فعالية الـ TPMT كوراثة مندلية حيث يؤدي وجود سويات منخفضة منه إلى ارتفاع خطورة التثبيط النقوي، مما يستدعي استعمال جرعات أقل أو استخدام دواء آخر. وتتوفر الفحوصات المخبرية التي تقيّم فعالية الـ TPMT، وتمكن من التمييز ما بين المرضى الذين عندهم فعالية غائبة أو منخفضة (طفرة متماثلة الأمشاج) والذين يحملون خطورة عالية للمضاعفات، أو فعالية متوسطة (طفرة مختلفة الأمشاج) حيث يمكن استعمال الآزاثيوبرين مع الحذر؛ وما بين ذوي الفعالية الطبيعية والذين يحملون خطورة منخفضة للتأثيرات الجانبية، وعند هؤلاء يفضل استعمال جرعة ٢-٢.٥ ملغ / كغ جرعة علاجية.

لا يعدّ الآزاثيوبرين دواءً ملائماً لتحريض الهجوع؛ لأنه يتطلب من ٨-١٢ أسبوعاً حتى تظهر فعاليته، لذلك تُستعمل الستيروئيدات القشرية جسراً ريثما تظهر الفعالية العلاجية للآزاثيوبرين.

وبما أن الآزاثيوبرين يمكن أن يؤدي إلى تثبيط نقوي والتهاب كبد فإنه يجب مراقبة وظائف الكبد وتعداد الكريات أسبوعياً خلال الشهرين الأوليين من العلاج، ومن ثم كل ٢-٣ أشهر فيما بعد ما دام يستعمل الدواء. ويمكن أن يصاب المرضى بالتهاب المعثكلة في ٥٪ من الحالات. وإن عدم تحمّل الآزاثيوبرين الشائع نسبياً يتجلى بالوهن العام والانزعاج البطني والغثيان. ويكون المركابتوبيورين أفضل تحمّلاً عند المرضى، وجرعته من ١-١.٥ ملغ/كغ يومياً. ولكنه لا يفيد المركابتوبيورين بديلاً من الآزاثيوبرين عند المرضى الذين يصابون بالتهاب المعثكلة أو التثبيط النقوي.

-الميتوتركساتMethotrexate: يمكن أن يكون مفيداً في السيطرة على نكس داء كرون الذي لا يستجيب للستيروئيدات القشرية أو الآزاثيوبرين، كما أنه يفيد أحياناً في التهاب القولون القرحي. ويُحدّ من الاستعمال القصير والمديد لهذا الدواء تأثيراته الجانبية والتي تتضمن تثبيط النقي والتليف الرئوي والكبدي. ويستخدم هذا الدواء جرعة واحدة أسبوعياً مع تعويض حمض الفوليك في الأيام التي لا يستخدم فيها. ومن المهم ملاحظة أن هذا الدواء مشوّه للأجنة كثيراً، وهو مضاد استطباب عند كل من الرجال والنساء الذين يرغبون في الإنجاب.

-العلاجات البيولوجية الحيوية Certolizumab - Pegol:

تؤدي الـ TNFα إلى تفعيل الخلايا المناعية، وتحرير الوسائط الالتهابية عن طريق ربط مستقبلات TNF السطحية. هناك العديد من أضداد TNFαالموجودة في السوق بما في ذلك الإنفلكسيماب infliximab والأداليموماب Adalimumab والسيرتوليزوماب- بيكول. وأول هذه الأدوية هو الإنفلكسيماب، ويعطى عن طريق الوريد بجرعة ٥ ملغ/كغ في الأسابيع ٠، ٢، ٦ بدايةً ثم كل ٨ أسابيع فيما بعد. أما الأداليموماب فهو ضد وحيد النسيلة، إنساني على نحو كامل، ويتميز بأنه يمكن إعطاؤه تحت الجلد بجرعة ١٦٠ ملغ في الأسبوع ٠، ثم ٨٠ ملغ بعد أسبوعين، ثم ٤٠ ملغ كل أسبوعين فيما بعد. أما السيرتوليزوم - بيكول فهو يعطى أيضاً تحت الجلد بجرعة ٤٠٠ ملغ في الأسابيع ٠،٢،٤، ومن ثم كل ٤ أسابيع.

هذه الأدوية فعالة في تحريض الهجوع في داء كرون وصيانته، وتعدّ الخبرة بالإنفلكسيماب هي الكبرى. يفيد كل من الإنفلكسيماب والأداليموماب في الداء المتنوسر الاختراقي.

تعطى هذه الأدوية بشكل مديد خلال سنة على الأقل، وما زال هناك نقاش حول إمكان استعمال المثبطات المناعية الأخرى معها- مثل الأزاثيوبرين- لتحسين الفعالية.

تتضمن التأثيرات الجانبية لهذه الأدوية الارتكاسات التحسسية، كما أن هناك خطورة مهمة لتفعيل السل عند المصابين به سابقاً، ممّا يستدعي نفي وجود سل كامن قبل البدء بالعلاج. كما أن هناك خطورة نظرية من زيادة التعرض للأخماج غير النموذجية الأخرى، والسرطانات وبشكل خاص الداء التكاثري اللمفاوي، إلا أن الدراسات الطويلة الأمد غير متوفرة بعد. ومن الضروري بمكان الكشف عن وجود أخماج أخرى مثل التهاب الكبد B وC وHIV عند المرضى قبل البدء بالمعالجة بهذه الأدوية حتى لا تزداد هذه الحالات سوءاً في حال وجودها.

صيانة الهجوع بعد الجراحة في داء كرون:

من الصعوبة بمكان الحفاظ على الهجوع دوائياً لمرضى كرون بعد تعرضهم لأي استئصال جراحي. ودُرست عدّة أدوية بهذا الصدد، وتبين أن المضادات الحيوية فعالة؛ بيد أنه لايمكن استعمالها لأكثر من ثلاثة أشهر بسبب سميّتها وتأثيراتها الجانبية عند الاستعمال المديد، وتفيد مشتقات 5-ASA والآزاثيوبرين إلى حد ما، وتشير الأدلة الأخيرة إلى أن الإنفلكسيماب أكثر فعالية بكثير.

رابعاً- متلازمة القولون المتهيج:

يصيب هذا المرض ٢٠٪ من سكان العالم، وهو أشيع سبب لزيارة طبيب الأمراض الهضمية في العيادة. وتتظاهر هذه المتلازمة بمجموعة من الأعراض الهضمية بما في ذلك اضطراب عادات التغوط (إمساك، إسهال، أو كلاهما) والألم البطني والتطبل. وتتظاهر الأعراض الهضمية العلوية بعسر الهضم غير القرحي.

يمكن أن تحدث كل هذه الأعراض مع غياب أي مرض واضح في الأنبوب الهضمي، مع أن مرضى تهيج القولون تكون عندهم اضطرابات في حركية المعي. ومن الملامح الأخرى لهذه الحالة فرط الحساسية الحشوية، فمرضى تهيج القولون عندهم عتبة تنبّه الألم منخفضة عند تمدد القولون المحرض بنفخ بالون موضوع في القولون.

تبدأ هذه الأعراض عند بعض مرضى تهيج القولون بعد تعرّضهم لهجمة التهاب معدة وأمعاء حادة، أو شدة (كرب Stress) عاطفية مهمة. وترافق هذه الحالة اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب. والقاعدة الأساسية لمعالجة هذه الحالة - بعد إجراء الاستقصاءات الضرورية- هي تطمين المريض على سلامة سير هذا المرض؛ وأن إنذاره جيد. ويُشَجع المرضى الذين يسيطر الإمساك على أعراضهم على زيادة كمية السوائل والألياف في واجبهم الغذائي؛ مع العلم بأن نخالة القمح يمكن أن تؤدي إلى تطبّل وغازات مزعجة؛ ممّا يجعل استعمال الأدوية التي تزيد حجم البراز مثل الإسباجولا أكثر تحملاً.

يمكن أن يستجيب الإسهال للأدوية المثبطة لحركة الأمعاء- مثل اللوبيرامايد loperamide - حيث تعدّل الجرعة بحسب الأعراض، كما أن فوسفات الكودئين فعالة أيضاً في مثل هذه الحالات. وتستخدم مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة بجرعات منخفضة - أي أقل من الجرعات المستخدمة في علاج الاكتئاب- ومضادات التشنج لمعالجة الألم البطني؛ بيد أنه لا يوجد دليل موضوعي قوي على فعاليتها العلاجية، وإن إثبات هذه الفعالية معقد قليلاً بسبب الطبيعة المتنوعة لأعراض تهيج القولون، وطبيعة المرضى الذين يعانون من هذه المتلازمة، والاستجابة العالية للدواء الغفل placebo في متلازمة القولون المتهيج. وهناك نموذجان هامان من مضادات التشنج هما: الأدوية مضادة الموسكارين، والأدوية التي ترخي العضلات الملس مباشرة.

الأدوية المضادة للموسكارين:

تحصر هذه الأدوية النقل الكولينيرجي عند النهايات العصبية ما بعد العقيدية، وتؤدي إلى إرخاء العضلات الملس. ومن أكثر هذه الأدوية شيوعاً هو الديسكلومين dicyclomine والبروبانثيلين propantheline؛ بيد أن تأثيراتها العلاجية محدودة بتأثيراتها المضادة للكولين. وهذه الأدوية تعد مضادة استطباب عند مرضى الزرق؛ وضخامة البروستات، وكما أنه يجب تجنبها عند المرضى المصابين بالقلس المعدي المريئي.

الأدوية المرخية للعضلات الملس مباشرة:

للميبيفيرين mebeverine تأثير مباشر في فعالية العضلات القولونية؛ ولاسيما عندما يكون هناك فرط حركية كولونية، ويتميز بأنه ليس له تأثيرات ضارة مزعجة. كما أن للألفيرين alverine وزيت النعنع أيضاً تأثيرات مرخية للعضلات الملس مباشرة.

من المفيد تجربة جرعة منخفضة من الأميتربتلين amitriptyline (١٠- ٢٥ ملغ) قبل النوم عند المرضى الذين لا يستجيبون لمضادات التشنج؛ ولا سيما إذا كانوا مصابين بالاكتئاب، يتحسن الاكتئاب عند استعمال الجرعات التقليدية لهذه الأدوية المضادة للاكتئاب. كما أن هناك دوراً للعلاج بالاسترخاء والتنويم المغناطيسي والعلاج السلوكي المعرفي في بعض الحالات الخاصة.

الخزل المعدي:

ينجم الخزل المعدي من اعتلال الأعصاب السكري الذي يصيب مرضى السكري ويؤثر في الجملة العصبية الحشوية كلها. ويؤدي نقص الحركية المعوية إلى الإحساس بالتطبل والغثيان والقيء واضطراب الإفراغ المعدي والألم البطني. ويفيد في علاج هذه الحالة استخدام الأدوية المحركة للمعدة مثل الدومبيريدون domperidone والميتوكلوبراميد metoclopramide، كما يفيد أيضاً استخدام الإريثرومايسين erythromycin (٢٥٠- ٥٠٠ملغ) ٤ مرات يومياً. ويمكن للإريثرومايسين أن يكون له تأثير تآزري عندما يستخدم مع الدومبيريدون أو الميتوكلوبراميد. كما أنه يمكن أن يفيد حقن ذيفان البوتولينيوم Botulinum بالبواب عن طريق التنظير في تحسين الإفراغ المعدي.

داء الرتوج: يصيب داء الرتوج ٥-١٠ ٪ من الناس الذين تفوق أعمارهم ٤٥ سنة في العالم الغربي، تزداد نسبة الحدوث هذه إلى ٨٠ ٪ عند المرضى الذي يتجاوزون الثمانين عاماً من العمر. من عوامل الخطورة المهمة هي عسر حركة القولون، مع زيادة الضغط داخل القولون، والحمية الغنية بالكربوهدرات، والفقيرة بالألياف. ويعاني بعض هؤلاء المرضى ألماً بطنياً بسبب عسر حركية القولون، في حين يبقى بعضهم الآخر من دون أعراض. ويحدث التهاب الرتوج عند نسبة قليلة من المرضى المصابين بالرتوج، وقد يتطور إلى انثقاب وتشكيل الخراج. وعادةً ما يستجيب داء الرتوج القولوني العرضي لزيادة الألياف في الواجب الغذائي وإضافة الأدوية التي تزيد حجم البراز. كما تفيد الأدوية مضادة التشنج في السيطرة على الألم الناجم عن تشنج القولون، بيد أن الأدوية المثبطة للحركة قد تؤدي إلى ركودة محتويات الأمعاء مما يزيد من الضغط داخل القولوني، ولذلك يجب تجنبها.

يتطلب التهاب الرتوج المعالجة بصادات واسعة الطيف لمدة ٧-١٠ أيام مثل السيبروفلوكساسين والميترونيدازول أو الأمبسلين والجنتامايسين مع الميترونيدازول.

الشق الشرجي:

عادةً ما تكون الشقوق الشرجية مؤلمة كثيراً بسبب تشنج المصرة الشرجية. ولقد استُخدمت المراهم المخدرة والأدوية الملينة استخداماً واسعاً سابقاً، كما أن خزع المصرة الداخلية الجانبي جراحياً استُعمل في الحالات الشديدة، بيد أن هذه العملية قد تؤدي إلى السلس الغائطي بسبب ضعف المصرة الناجم عنها. وبديلاً من ذلك ينصح باستخدام النترات موضعياً بتركيز ٠.٤ ٪ لمدة ٤ أسابيع أو الدلتيازم diltiazem بتركيز ٢٪؛ ممّا يفيد في شفاء ثلثي الشقوق الشرجية عن طريق إرخاء المصرة، وتحسين الصبيب الدموي للشق المصاب بنقص التروية، ومن ثم تحريض الشفاء. يحدث امتصاص جهازي زهيد من النترات؛ ممّا قد يؤدي إلى اضطرابات حرائكية دموية تتظاهر بالصداع. هذا الصداع يمكن أن يحدث تعود عليه مع مرور الوقت. كما يفيد أيضاً في الشقوق الشرجية حقن ذيفان البوتولينيوم في المصرة.

 

- المجلد : المجلد السابع عشر مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1