معالجة الأخماج الجرثومية
معالجه اخماج جرثوميه
-
معالجة الأخماج الجرثومية
في هذا العالم أنواع مختلفة من الأحياء الدقيقة، وفي هذا الفصل سيجري التركيز على الجراثيم التي تسبب المرض لأجهزة جسم الإنسان المختلفة، وعلى الأدوية التي تكافحها، وأفضل السبل لاستخدامها. كما ستناقش أخماج المتفطرات التي يمكن أن تصيب أماكن مختلفة من الجسم.
أولاً- أخماج الدم Infection of the Blood:
يعرف تجرثم الدم بأنه وجود الجراثيم في المجرى الدموي، ويدعى تجرثم الدم الذي ترافقه تظاهرات الخمج السريرية إنتان الدم Septicemia.
يعد إنتان الدم حالة طبية خطرة وإسعافية تتطور سريرياً بدءاً من متلازمة الاستجابة الالتهابية الجهازية Sirs، مروراً بقصور الأعضاء (الذي يدعى الإنتان الوخيم Sever sepsis) إلى الصدمة الإنتانية التي تراوح نسبة المواتية فيها بين ١٠ و٤٠٪. على سبيل المثال: إن المريض ذا الضغط المنخفض الذي لا يستجيب لتحسين الحجم الجائل (عن طريق إعطاء السوائل) يتناقص عنده معدل البقيا بمعدل ٧٪ لكل ساعة تأخر في البدء بإعطاء الصادات الفعالة.
وإن الدعم العاجل للدوران والأعضاء الأخرى ضروري للبقيا، كما أن تقييم الحالة الفوري من قبل الأطباء ذوي الخبرة، والاستشارة المبكرة لاختصاصي الأمراض الخمجية يسهمان بتحسن الإنذار، ويخفضان من كلفة المعالجة بالصادات.
وفي أغلب حالات إنتان الدم لا يكون العامل الممرض المسبب معروفاً في البدء؛ لذا فإن العلاج يجب أن يعتمد على مبدأ العلاج التخبري Empirical therapy، ويمكن للتظاهرات السريرية والمعلومات حول مقاومة الجراثيم للصادات محلياً أن تعطي أفكاراً مفيدة للعلاج التخبري.
إن المريض الذي يرقد في المشفى قبل مدة من ظهور إنتان الدم يحتاج إلى صادات تضمن تغطية للعوامل الممرضة المتعددة المقاومة.
أمثلة على الاختيارات المناسبة للصادات في حالات إنتان الدم:
- يشير إنتان الدم مع الطفح المنتشر الذي يشحب بالضغط إلى الخمج بالمكورات السحائية، ويجب إدخال مثل هذا المريض إلى المشفى على الفور بعد إعطائه حقنة فورية من البنزيل بنسلين.
- في حالات ذات الرئة المكتسبة في المجتمع يفضل مشاركة الأموكسيلين - الحمض الكلافولوني مع الكلاريثرومايسين (أو مع الأزيترومايسين).
- عندما يكون إنتان الدم تالياً لجراحة السبيل المعوي أو السبيل التناسلي فإن الإشريكية القولونية (أو الإمعائيات الأخرى)، أو اللاهوائيات كالعصوانيات، أو العقديات والمكورات المعوية هي الجراثيم الأكثر احتمالاً، ويعطى الببراسيلين- تازوبكتامPiperacillin-tazobactam أو الجنتاميسين، إضافة إلى البنزيل بنسلين والمترونيدازول.
(في حالة توقع وجود جراثيم منتجة لطيف واسع من البيتالاكتاماز ESBL يعطى الميروبينيم، ويضاف إليه الفانكوميسين عند الاشتباه بالعنقوديات المقاومة للميثاسيلين MRSA).
- تسبب عادة الإشريكية القولونية وجراثيم أخرى سلبية الغرام، أو المكورات المعوية إنتان الدم التالي لخمج الجهاز البولي، ويعطى عندها الجنتاميسين مع الأموكسيسيلين - الحمض الكلافولوني، أو ببراسيلين – تازوبكتام وحده. (يعطى الميروبينيم إذ صودفت سابقاً جراثيم منتجة لطيف واسع من البيتالاكتاماز ESBL).
- يحدث إنتان الدم عند الولدان بالعقديات مجموعة B، أو بالإمعائيات، ويعطى البنزيل بنسلين مع الجنتاميسين، أو (الفانكوميسين مع السيفتازيديم).
- يشتبه بإنتان الدم بالعنقوديات عند وجود خراجات (في العظم أو الرئة مثلاً)، أو عند وجود التهاب شغاف خمجي حاد، أو خمج القثاطر الوريدية، وتعطى عندها جرعات كبيرة من الفلوكزاسيلين (فانكوميسين في حال الاشتباه بالعنقوديات المقاومة للميتاسلين MRSA).
يجب معالجة إنتان الدم بالعنقوديات غير المختلط (المضاعف) مدة تزيد على ١٤ يوماً؛ وذلك لإنقاص خطورة حدوث أخماج انتقالية، كما يجب معالجة المرضى الذين يستمر إنتان الدم عندهم فترة طويلة، أو لا يستجيبون سريعاً للعلاج على أنهم مرضى التهاب شغاف خمجي حاد بالعنقوديات.
- يجب معالجة حالات التهاب الهلل Cellulitis، والتهاب اللفافة النخري المضاعف بإنتان الدم معالجة مناسبة تغطي المكورات العقدية المجموعة A، واللاهوائيات والكولونيات، وذلك بإعطاء ببراسيلين- تازوبكتام مع الكلنداميسين، أو الميروبينيم مع الكلنداميسين.
- إن إنتان الدم عند مرضى نقص العدلات المحدث بالأدوية السامة للخلايا غالباً ما تسببه القولونيات وشبيهاتها (Coliform)، والزوائف التي تنتقل إلى الدوران مباشرة من الأمعاء. أما العنقوديات سلبية المخثراز Coagulase التي تعد سبباً شائعاً آخر لإنتان الدم عند مرضى نقص العدلات فتأتي من أخماج القثاطر الوريدية المركزية. وتكون المعالجة بالببراسيلين – تازوبكتام، مع الجنتاميسين أو من دونه.
- تحدث متلازمة الصدمة السمية بالعنقوديات عادة عند سيدات صحيحات يستخدمن الدحاسات tampon المهبلية، أو في الإجهاض أو الولادة، وأحياناً قد تلي أخماج الجلد والأنسجة الرخوة، أو سند Packing بعض أجواف الجسم كالأنف، وتعالج بالفلوكزاسيلين، وتعد إزالة مصدر الخمج، كنزع الدحاسات وتصريف الخراجات مهمة أيضاً في التدبير.
ويجب البدء بإعطاء الصادات وريدياً للمرضى الذين يبدون تظاهرات سريرية لإنتان الدم، مع مشاركتها بالدعم الدوراني والتنفسي المناسب، وضبط سكر الدم.
ويتعرض المرضى الذين استؤصل طحالهم، أو لديهم قصور في الطحال لخطر حدوث إنتان دم صاعق وخاصة الجراثيم ذات المحفظة، كالعقديات الرثوية والنيسيريات السحائية، وتكون الخطورة أكبر خلال السنتين اللتين تليان استئصال الطحال (مع أنها تستمر مدى الحياة) وذلك عند الأطفال، أو المرضى الذين جرى استئصال الطحال عندهم بسبب الخباثات الدموية.
ويجب تمنيع هؤلاء المرضى باللقاحات المناسبة، وإعطاؤهم باستمرار جرعات قليلة من فينوكسي ميتيل بنسلين (البنسلين V)، أو الأزيترومايسين للمرضى الذين يبدون حساسية للبنسلين.
ثانياً- أخماج الجيوب المجاورة للأنف والأذنين:
١- التهاب الجيوب: تعوق وذمة الأغشية المخاطية تصريف القيح؛ لذا فمن المنطقي أن تكون الخطوة الأولى في المعالجة فتح الممرات المسدودة، وذلك باستخدام مقبضات الأوعية المحاكية للودي، مثل قطرات الإفدرين الأنفية.
ولا تضيف المعالجة بالصادات سوى فائدة سريرية قليلة، لكن الجراثيم الشائعة التي تسبب التهاب الجيوب- العقديات الرئوية والمستدميات النزلية والعقديات المقيحة والموراكسيلة النزلية- تستجيب عادة للأموكسيسيلن (مع الحمض الكلافوني أو من دونه)، أو الدوكسيسيكلين.
ومن المهم في التهاب الجيوب المزمن إصلاح العيوب التشريحية، كالبوليبات أو انقسام الحاجز الأنفي، ويمكن بالزرع الجرثومي كشف العديد من الأنواع الجرثومية، بعضها جزء من الفلورا الطبيعية للجهاز التنفسي العلوي، مثل العقديات اللاهوائية، العصوانيات؛ لذا يجب الحكم فيما إذا كان الجرثوم المعزول بالزرع هو المسبب للخمج أم لا. واختيار الصاد يجب أن يعتمد على نتائج الزرع الجرثومي واختبار التحسس، وقد يتطلب العلاج وقتاً طويلاً.
ويمكن للفطور أيضاً أن تخمج الجيوب، ويكون عندها التهاب الأنف التحسسي أكثر التظاهرات شيوعاً، ولكن يجب الشك بوجود التهاب الجيوب الفطري الغازي (الذي تسببه الرشاشيات أو العفنيات على سبيل المثال) عند مرضى عوز المناعة، كمرضى الخباثات الدموية، أو مرضى السكري غير المضبوط.
٢- التهاب الأذن الوسطى: معظم حالات التهاب الأذن الوسطى الخفيفة فيروسية، وغالباً تشفى تلقائياً، وتحتاج فقط إلى التسكين والمراقبة. ويدل غشاء الطبل الملتهب والمنتبج على التهاب الأذن الوسطى الجرثومي الذي تسببه عادة العقديات الرئوية أو المستدميات النزلية أو الموراكسيلة النزلية أو العقديات المقيحة (المجموعة A)، أو العنقوديات الذهبية. ويفيد إعطاء الأموكسيسيلين وحده أو مع الحمض الكلافوني، لكن فائدة استخدام الصادات تعد قليلة في الدراسات المضبوطة، وأمكن الحصول على نتائج جيدة وإنقاص استخدام الصادات عند إعطاء الصادات فقط في الحالات التي يسوء فيها وضع المريض أو لا يتحسن خلال ٤٨ ساعة (تدعى أحياناً وصفة راقب وانتظر).
والأطفال دون السنتين من العمر، الذين لديهم التهاب أذن وسطى ثنائي الجانب، والذين لديهم سيلان أذني حاد يستفيدون جيداً من المعالجة بالصادات. ولا تلغي المعالجة بالصادات الحاجة إلى بضع الطبلة عندما يكون الألم شديداً، وحتى في هذه الحالة عندما لا يرتشف كل القيح العقيم يمكن أن يترك التصاقات تضعف السمع.
يبدي التهاب الأذن المزمن مشكلة شبيهة بمشكلة التهاب الجيوب المزمن المذكورة سابقاً. ويملك لقاح المكورات الرئوية فعالية معتدلة في إنقاص معاودة الخمج بالرئويات عند الأطفال المؤهبين للخمج بها.
٣- التهاب الأذن الخارجية: تفاعل التهابي لجلد الصماخ، معظم الحالات تشفى بعد التطهير الشامل لقناة الأذن الخارجية بالمص (Suction). وإذا وجد خمج تستطب عادة الأدوية الموضعية، مثل خلات الألمنيوم، أو المضادات الجرثومية ذات الفعالية ضد الجراثيم، مثل العنقوديات الذهبية أو الجراثيم سلبية الغرام (كالإمعائيات والزوائف). وهذه المضادات تتضمن النيوميسين أو الجنتاميسين. وقد تفيد المحاليل الحاوية الستيروئيدات القشرية الموضعية في حال وجود الأكزيمة.
تستطب الصادات الجهازية عند وجود التهاب هلل منتشر، وإذا كانت الحالة العامة للمريض سيئة، أو عند الشك بالتهاب الأذن الخارجية الغازي (الألم، مضض الأنسجة حول الأذن، سيلان القيح من الأذن). ويحدث التهاب الأذن الخارجية الغازي عادة عند المرضى المسنين أو السكريين، وقد تتطلب هذه الحالات تصويراً أو جراحة، وقد تتطلب استخدام الفلوكزاسيلين (لتغطية العنقوديات الذهبية)، والسبروفلوكساسين (لتغطية الزوائف).
ثالثاً- التهاب الحلق infection of the throat:
التهاب الحلق عادة فيروسي المنشأ، لكن العديد من الحالات المهمة تعود إلى العقديات المقيحة (المجموعة A) (الحساسة للبنزيل بنسلين)، ولا يمكن سريرياً التفريق بينها وبين الأخماج الفيروسية. وتعد الوقاية من المضاعفات أكثر أهمية من التخلص من الأعراض التي نادراً ما تدوم مدة طويلة، والستيروئيدات القشرية أكثر فعالية من الصادات في تقصير فترة الألم. ولا يوجد توافق عام حول ضرورة استخدام الصادات في الحالات الخفيفة الفرادية من التهاب الحلق.
ينحسر المرض عادة خلال أيام قليلة، والمضاعفات القيحية غير شائعة، ونادراً ما تتلوه الحمى الرثوية. ومن المنطقي عدم إعطاء البنسلين حتى تكشف العقديات بالزرع، أو إذا ارتفعت حرارة المريض بشدة، وبعض الأطباء يأخذون مسحة بلعومية وينتظرون نتيجتها، ولا يعطون البنسلين إلا إذا عزلت العقديات المقيحة. وتعد حالات التهاب الحلق الوخيمة (الشديدة) الفرادية أو الوبائية مُسبَبَةً بالعقديات، ويمكن الحد من خطورة مضاعفاتها بوساطة الفينوكسي فينيل بنسلين فموياً (كلاريتروميسين، أو سيفالوسبورين فموي للمرضى المتحسسين للبنسيلين)، وتعطى لعشرة أيام على الرغم من زوال الأعراض قبل ذلك، ويجب ألا تقل فترة العلاج عن خمسة أيام. الأزيترومايسين بجرعة ٥٠٠ ملغ فموياً مرة في اليوم ولثلاثة أيام فعال أيضاً عند الشك بالعقديات، كما أن السيفالوسبورينات الفموية لخمسة أيام فعالة كإعطاء البنسلين لعشرة أيام. ويجب عدم استخدام الأموكسيسيلن إذا كانت المعطيات تشير إلى التهاب بعلوم ناجم عن داء وحيدات النوى الخمجي؛ إذ إنه سيؤدي غالباً إلى ظهور طفح عند المريض. يستطب استخدام الصادات وقائياً (الوقاية الكيميائية) للأشخاص الأصحاء في التجمعات المغلقة لمنع انتشار العقديات، وذلك بإعطاء فينوكسي ميتيل بنسلين (البنسلين V) فموياً بجرعة ١٢٥ ملغ كل ١٢ ساعة.
ينجم الخمج في الحمى القرمزية والحمرة عن العقديات (المجموعة A)، ويجب استخدام البنزيل بنسلين حتى في الحالات الخفيفة للوقاية من الحمى الرثوية والتهاب الكلية.
الوقاية الكيميائية chemoprophylaxis: إن الوقاية الكيميائية من الخمج بالعقديات (المجموعة A) بفينوكسي ميتيل بنسلين ضرورية للمرضى الذين حصلت لديهم هجمة واحدة من الحمى الرثوية، وتستمر على الأقل خمس سنوات أو حتى سن العشرين بصرف النظر عن طول فترة العلاج. ويجب استمرار الوقاية الكيمائية مدى الحياة بعد الهجمة الثانية من الحمى الرثوية. وإن هجمة وحيدة من التهاب الكلية الحاد ليس استطباباً للوقاية الكيميائية.
مثالياً يجب استمرار الوقاية الكيميائية طوال السنة، لكن في الحالات التي لا يمكن التقيد بذلك يجب إعطاؤها على الأقل في الأشهر الباردة. والتأثيرات السيئة للوقاية الكيميائية غير شائعة، والمرضى الذين يتناولون البنسلين مؤهبون لاكتساب أنواع من العقديات المخضرة المقاومة للبنسلين في الفم؛ لذا فإنه حتى في حال الإجراءات السنية الصغيرة كالتقليح Scaling يوجد خطر تجرثم الدم، وكذلك حدوث التهاب الشغاف الخمجي بالجراثيم المقاومة للبنسلين عند الأشخاص الذين لديهم أي آثار لآفات قلبية رثوية. كما أن المرضى الذين يتناولون البنسلين مؤهبون لحمل مكورات عنقودية، أو مكورات رئوية مقاومة للبنسيلين.
أسباب أخرى لالتهاب البلعوم:
- خمج فنسان: أسبابه الجرثومية مختلطة، وتتضمن اللاهوائيات والملتويات Spirocheta، ويستجيب بسهولة للبنزيل بنسلين، و٦٠٠ ملغ منه حقناً عضلياً كافية إلا في حالات الحاجة إلى معالجة فموية سنية؛ إذ يمكن أن يحدث النكس. كما أن الميترونيدازول بجرعة ٢٠٠ ملغ كل ثماني ساعات، ولمدة ثلاثة أيام فعال أيضاً.
- الخانوق Diphtheria: (الوتديات الخانوقية): يعطى من ١٠٠٠٠ إلى ١٠٠٠٠٠ وحدة من الترياق بجرعتين منفصلتين بفاصل من نصف ساعة إلى ساعتين لتعديل الذيفانات المتكونة. وتختلف الجرعة بحسب شدة المرض، كما يستخدم الأزيترومايسين، أو البنزيل بنسلين لمنع إنتاج ذيفانات أكثر.
- الشاهوق Whooping cough (البورديتلة الشاهوقية): المعالجة الكيميائية مطلوبة للأطفال غير الملقحين، والذين تكون مناعاتهم ضعيفة، أو الذين لديهم رئة متأذية، أو أعمارهم أقل من ثلاثة أشهر. ويستطب الأزيترومايسين في المرحلة النزلية، ويجب أن يستمر إعطاؤه مدة ١٤ يوماً (كذلك للوقاية في الحالات ذات الاحتياجات الخاصة). والعلاج يمكن أن يقصر الهجمة إذا أعطي مبكراً (قبل بدء النوب، أو ضمن ٢١ يوماً من التعرض لحالة معروفة)، لكنه غير فعال فعالية كبيرة، وينقص أيضاً من عدوى الآخرين. ويمكن للستيروئيدات القشرية والسالبوتامول والمعالجة الفيزيائية أن تفيد في تخفيف الأغراض، لكن لا توجد براهين حقيقية على ذلك.
- مرض ليميير Lemierr disease: التهاب الوريد الخثري الخمجي للوريد الوادجي الباطن، وهو عادة يتطور بوصفه مضاعفة لالتهاب الحلق الجرثومي عند البالغين الشباب والفتيان الأصحاء، يمكن أن يؤدي التهاب الوريد الخثري لاحقاً إلى مضاعفات جهازية، كتجرثم الدم أو الصمة الإنتانية. يحدث داء ليميير غالباً عندما يتطور التهاب الحلق الجرثومي (غالباً بالعصيات المغزلية المنخرة) إلى حدوث خراجات حول اللوزتين. ويؤدي وصول الجراثيم إلى الوريد الوداجي الباطن بالمجاورة إلى وصولها إلى المجرى الدموي وقد يؤدي التهاب الوريد أو انضغاط الوريد إلى تكون علقة دموية.
رابعاً- أخماج القصبات، الرئة، الجنبة:
- التهاب القصبات Bronchitis: معظم حالات التهاب القصبات فيروسية، وفي الحالات التي تسببها الجراثيم تكون العوامل الممرضة المسببة عادة هي العقديات الرئوية و/ أو المستدميات النزلية، وثمة الكثير من التساؤلات حول دور المعالجة بالصادات في التهاب القصبات الحاد غير المختلط، لكن الأموكسيسيلين، التتراسكلين أو التريميتوبريم صادات مناسبة إذا كان العلاج ضرورياً. إن مدى فائدة المضادات الجرثومية الجديدة - مثل موكسيفلوكساسين Moxifloxacin- مقابل غلائها وتأثيراتها الجانبية مازال خاضعاً للنقاش.
في حالات التهاب القصبات المزمن تستطب المعالجة الكابتة (الوقائية) بالأموكسيسلين أو التريميتوبريم خلال الأشهر البادرة (في المناطق الباردة والمعتدلة)، وذلك للمرضى الذين لديهم أعراض قصور رئوي، وتفاقم معاود لإنتاج القشع القيحي باستمرار.
في المعالجة المتقطعة يعطى المريض الدواء، ويطلب منه استخدامه بجرعته الكاملة عند ظهور أول أعراض النزلة الصدرية، كوجود القشع القيحي، ووقف العلاج بعد ثلاثة أيام إذا حدث تحسن سريع، أو أن يستمر المريض بأخذ العلاج حتى الشفاء التام. وإذا استمر تفاقم الحالة لأكثر من عشرة أيام يجب إعادة تقييم الحالة سريرياً.
- ذوات الرئة (التهابات الرئة) Pneumonias:
تعد المعطيات السريرية دليلاً مفيداً على العضويات المسببة، وتساهم في الوصول لأفضل تخمين في الاختيار المبكر للمضاد المكروبي. في الواقع من غير الممكن التفريق بين التهابات الرئة المسببة بالعوامل الممرضة النموذجية أو غير النموذجية اعتماداً على السريريات فقط، ومعظم الخبراء ينصحون بالبدء بتغطية كلا النوعين من العضويات الممرضة في المرضى ذوي الحالات المهمة. لا توجد معطيات قوية على أن إضافة تغطية للعوامل الممرضة غير النموذجية إلى المعالجة التخبرية بصادات البيتالاكتام يحسن النتائج العلاجية.
يُنصح بالقبول في المشفى وحقن الصادات واسعة الطيف للمرضى المصابين بمرض شديد بعد تقييمهم بمقياس CURB - 65 (تعطى نقطة واحدة لكل من: التخليط، ارتفاع البولة في المصل، معدل التنفس أكثر من ثلاثين في الدقيقة، هبوط ضغط الدم، العمر ٦٥ سنة أو أكثر)، ترافق درجة التقييم ثلاثة فأكثر مواتية عالية، ويحتاج المريض إلى معالجة وريدية. وإن التأخر أربع ساعات فأكثر في استخدام الصادات الفعالة عند المرضى ذوي الحالة السيئة يزيد المواتية.
التهاب الرئة عند الأشخاص الأصحاء سابقاً (المكتسبة في المجتمع): المرض المنتشر بشكل قطعي أو فصي عادة تسببه العقديات الرئوية، والمستدميات النزلية سبب نادر له. والتهاب الرئة يؤدي غالباً إلى تفاقم التهاب القصبات المزمن. البنزيل بنسلين وريدياً أو الأموكسيسيلين أو الكلاريتروميسين فموياً هي المعالجة المختارة إذا كان التهاب الرئة بالمكورات الرئوية الأكثر احتمالاً. ويستخدم الكلاريتروميسين أو الدوكسيسيكلين أو الموكسيفلوكساسين للمريض المتحسس للبنسلين. وفي حالات المرض الشديد يجب إعطاء بنزيل بنسلين (لتغطية المكورات الرئوية)، إضافة إلى السبروفلوكساسين (لتغطية المستدميات والعوامل الممرضة اللانموذجية)، والأموكسيسلين– الحمض الكلافولاني مع الكلاريتروميسين بديل أقل ميلاً لإحداث الإسهال بالمطثيات العسيرة. حيثما تكن المكورات الرئوية المقاومة للبنسلين شائعة يكن السيفترياكسون الوريدي هو الخيار التخبري الأكثر واقعية بانتظار تأكيد الحساسية من المخبر، والفانكوميسين بديل مناسب في هذه الحالة. ويوجد العديد من الصادات الجديدة المختلفة تحت الاختبار للاستخدام في أخماج المكورات الرئوية المقاومة للبنسلين، وتتضمن السفالوسبورينات، مثل سيفتوبيرول، والكينولونات التنفسية، مثل موكسيفلوكساسين وليفوفلوكساسين، والببتيدات السكرية الشحمية، مثل دالبافانسين Dalbavancin، والكيتوليدات Ketolides، مثل سيتروميسين cethromycin.
ذات الرئة التالية للنزلة الوافدة (الإنفلونزا): تسببها غالباً العنقوديات الذهبية، وأفضل معالجة تخبرية لها تتضمن إضافة الفلوكزاسيلين Flucloxacillin إلى النظام العلاجي الحاوي البنزيل بنسلين، والمذكور سابقاً. وعندما تثبت ذات الرئة بالعنقوديات يجب استخدام الريفامبيسين مع الفلوكزاسيلين، تكون ذراري العنقوديات المنتجة لذيفان بانتون– فالتنين ليكوسيدين منخرة بطبيعتها. واللينوزولايد Linezolid أو الكلينداميسين أظهرا قدرة على إنقاص إنتاج الذيفان على مستوى الريباسات؛ لذا ينصح بإضافة أحدهما عند توقع هذه الحالة. ذات الرئة اللانموذجية يمكن أن تحدث بالمفطورات الرئوية، وأقل منها بالمتدثرات الرئوية أو الببغائية (داء الببغاء)، أو بالفيلقيات المستروحة، أو بكوكسيلا بورنيتي (الحمى الاستفهامية Q Fever)، ويجب إعطاء دوكسيسكلين أو كلاريتروميسين فموياً، ويجب أن تستمر المعالجة عشرة أيام بعد زوال الحمى. أما المفطورات وحمى Q فتستمر ثلاثة أسابيع للوقاية من النكس. وفي المراحل الباكرة للمرض (خلال ٢٤ إلى ٤٨ ساعة) يجب التحول من المعالجة الوريدية إلى الفموية عند حدوث تحسن سريري.
ذات الرئة المكتسبة في المشفى: تعد ذات الرئة مشفويةً إذا ظهرت بعد ٤٨ ساعة على الأقل في المشفى، وهي تحدث أولياً بين المرضى المقبولين بمشكلات صحية، أو الناقهين من عمليات جراحية بطنية أو صدرية، أو المرضى على التهوية الآلية. والعوامل الشائعة المسببة لها هي العنقوديات الذهبية، الإمعائيات، العقديات الرئوية، الزوائف الزنجارية، المستدميات النزلية، اللاهوائيات بعد شفط المفرزات (Aspiration). يمكن إعطاء الأموكسيسيلين – كلافولانيك أسيد في الحالات الخفيفة مالم يكن معروفاً استيطان العضويات المقاومة، ويجب بدء معالجة الحالات الشديدة بالببراسيلين- تازوبكتام، (وإضافة الفانوكوميسين في حال كان انتشار العنقوديات المقاومة كبيراً) وذلك بانتظار نتائج زرع القشع وتحسسه. الفانكوميسين والتيكوبلانين فعالان مثل اللينوزولايد في معالجة ذات الرئة بالعنقوديات المقاومة MRSA، وتأثيراتهما غير المرغوب بها أقل.
ذات الرئة عند الأشخاص الذين لديهم أمراض رئوية مزمنة: تتكاثر الجراثيم المطاعمة الطبيعية للجهاز التنفسي العلوي في الرئتين المتأذيتين وخاصة بعد الأخماج الفيروسية، أو الاحتقان الرئوي، أو الاحتشاء الرئوي. ولا يجب إعطاء الصادات للمرضى الذين لم يبدوا زلة تنفسية لمرتين أو أكثر، أو زيادة حجم القشع أو القشع القيحي. الأخماج المختلطة شائعة، وبما أن المستدميات النزلية، والعقديات الرئوية هي العضويات المسببة غالباً، فإن الأموكسيسيلين والتريميتوبريم خياران واقعيان في الممارسة المنزلية، أو يجب أن تستبدل بهما الكينولونات، لكن لا توجد براهين على تفوقها على الخط الأول للعلاج الأقدم.
الكليبسيلة الرئوية سبب نادر للخمج الرئوي، وتحدث مع تكهف عند الكحوليين والمسنين والمدنفين، ويستطب فيها الببراسيلين– تازوبكتام، مع إمكان إضافة أحد الأمينوغليكوزيدات، كذلك فإن السيفالوسبورينات، والكينولونات، والكاربابينميات Carbapenems فعالة أيضاً.
يمكن للموراكسيلة النزلية - وهي إحدى جراثيم الفلورا في البلعوم الأنفي- أن تكون العامل الممرض عند مرضى التهاب القصبات المزمن؛ لأن معظم ذراريها تنتج البيتالاكتاماز، ويستخدم في معالجتها الأموكسيسيلين – الحمض الكلافولاني، أو التتراسيكلين، أو الكلاريتروميسين.
ذات الرئة عند مرضى عوز المناعة: يشيع حدوث ذات الرئة عند مرضى متلازمة عوز المناعة المكتسب، أو عند المرضى الذين يتلقون أدوية كابتة للمناعة. أشيع الجراثيم الممرضة التي يمكن أن تسببها العنقوديات الذهبية والعقديات الرئوية، كما يغلب أن تسببها عضويات أقل فوعة (الإمعائيات، الفيروسات، الفطور)، ومن الضروري بذل الجهد في تحديد العامل المسبب إذا أمكن عن طريق غسالة القصبات، أو خزاعة الرئة.
• ويجب أن يعطى المريض صادات واسعة الطيف، مثل الببراسيلين- تازوبكتام، أو أمينوغلوكوزيد مع سفتازيديم بانتظار معرفة العامل الممرض المسبب.
• وفي نصف الحالات تكون الإمعائيات والكليبسيلة هي العامل الممرض المسبب وخاصة عند مرض نقص العدلات، وتستجيب للبراسيلين– تازوبكتام والسيفتازيديم. وهي إضافة إلى الزوائف تستجيب أفضل عند إضافة أمينوغلوكوزيد.
• ويعد المتكيس الرئوي الكاريني عاملاً ممرضاً رئوياً مهماً عند المرضى الذين لديهم عوز في المناعة الخلوية، ويعالج بالكوتريموكسازول Co-trimoxazole ١٢٠ ملغ/كغ يومياً عن طريق الفم أو الوريد بجرعتين أو أربع جرعات منفصلة، ولمدة ١٤ يوماً.
- داء الفيلقيات Legionnaires disease:
تستجيب الفيلقية المستروحة للأزيترومايسين بجرعة ٤ غرامات في اليوم وريدياً، في عدة جرعات (أربع جرعات)، أو للكلاريثروميسين مع إضافة الريفامبيسين في الأخماج الأشد، وربما كان السبروفلوكساسين أكثر فعالية بقليل على الرغم من أنه أكثر كلفة، وأكثر تأثيرات ضارة.
التهاب الرئة بالعضويات اللاهوائية: يحدث التهاب الرئة باللاهوائيات بعد شفط (Aspiration) المواد من البلعوم الأنفي غالباً، أو يرافق مراضية رئوية أخرى، كاحتشاء الرئة أو سرطانة القصبات. وتتضمن العوامل الممرضة إضافة إلى الأسباب المكروبية العادية العقديات الهوائية واللاهوائية، العصوانيات، المغزلية، وربما تحتاج المعالجة إلى إعطاء كو-أموكسيكلاف (الأموكسيسيلن- الحمض الكلافولاني) أو ببراسيلين- تازوبكتام لعدة أسابيع؛ للوقاية من النكس.
الخراجة الرئوية: يعالج المكروب الذي تم تحديده، ويستخدم الشفط أو التفجير الجراحي المنهجي إذا دعت الضرورة.
الدبيلة الرئوية Empyema: الشفط والتفجير ضروريان، تتلوهما معالجة بالصادات بحسب المكروب المعزول.
يجب أخذ ثلاثة زروع للدم على الأقل من أماكن مختلفة، وفي أوقات مختلفة عند الشك به، والفواصل الزمنية لها تتعلق بحالة المريض (كم هي شدة المرض والإنتان)، إذ تؤخذ الزروع بفارق ساعات قليلة في حالة المريض المصاب بإنتان الدم والمشتبه بإصابته بالتهاب الشغاف الحاد، مع البدء بإعطاء الصادات على الفور بعد آخر زرع، على حين يمكن أخذ الزروع على عدة أيام إذا كان المريض مستقراً، ويجب تعديل المعالجة بالمضادات المكروبية على ضوء النتائج.
التأخير في المعالجة يعرض المريض لأذية قلبية خطرة، أو صمة جهازية. العقديات أو المكورات المعوية أو العنقوديات تسبب ٨٠٪ من الحالات، وحالياً تعد مجموعة العقديات المخضرة، تليها العنقوديات الذهبية العوامل الممرضة الأكثر شيوعاً. والعنقوديات الذهبية هي الأكثر احتمالاً عند متعاطي المخدرات وريدياً مع أن قائمة العوامل الممرضة المشتبه بها واسعة في هذه المجموعة. ويعود سبب الزروع السلبية في التهاب الشغاف (٨-١٠٪في الممارسة المعاصرة) إلى الاستخدام السابق للصادات، أو بسبب الاحتياجات الزراعية الخاصة للمكروب المزروع. ومن الأفضل أن تعد الجراثيم الممرضة من العقديات، وأن تعالج تبعاً لذلك.
يظهر التهاب الشغاف على الصمامات البديلة في الأشهر القليلة التي تلي العمل الجراحي، وتسببه عادة العنقوديات الذهبية، والعنقوديات سلبية المخثراز، وأحياناً العصيات سلبية الغرام.
مبادئ المعالجة:
- تستخدم جرعات عالية من الصادات المبيدة للجراثيم؛ لأنه يصعب الوصول إلى المكروب في النوابت Vegetations غير الموعاة على الصمامات.
- يعطى الدواء حقناً، ويفضل وريدياً للوصول إلى ذروة التركيز الضرورية لاختراق النوابت.
- يفحص مكان التسريب الوريدي يومياً، ويغيَّر بانتظام للوقاية من الخمج الانتهازي الذي تسببه عادة العنقوديات سلبية المخثراز أو الفطور، والأمثل هو قثطار الوريد المركزي أو القثطار المركزي المغروز محيطياً.
- تستمر المعالجة من ٢ - ٦ أسابيع، وفي حالة الصمامات البديلة المخموجة لستة أسابيع. ويمكن أن تستطب المعالجة طويلة الأمد أيضاً للمرضى المخموجين بالمكورات المعوية أو الذراري الأخرى مع تركيز مثبط أدنى للبنسلين MIC، أعلى من ٥,٠ ملغ /ل، والذين تبقى الأعراض لديهم أكثر من ستة أسابيع، والمرضى الذين لديهم نوابت كبيرة، ولديهم بطء في استقرار الأعراض والعلامات بعد بدء المعالجة.
يمكن معالجة التهاب الشغاف بالعقديات الحساسة (التركيز الأدنى المثبط للبنسلين ١,٠ ملغ/ل أو أقل) لمدة أسبوعين بنجاح.
قد يُتطلب تبديل الصمام في أي وقت خلال المعالجة أو بعدها إذا تدهورت الوظيفة القلبية الوعائية، أو تبين أن الخمج مستحيل الضبط.
- تعدل الجرعة بحسب حساسية المكروب الخامج باستخدام اختبار MIC.
تتألف أفضل معالجة تخبرية من بنزيل بنسلين (٢, ٧غ وريدياً يومياً في ست جرعات منفصلة) مع جنتاميسين (١ ملغ لكل ١ كغ من وزن الجسم كل ثماني ساعات- التآزر يسمح بهذه الجرعة من الجنتاميسين، ويقلل خطورة التأثيرات غير المرغوب بها)، ومعايرة تركيز الجنتاميسين في المصل مهمة، والتراكيز الأدنى يجب أن تكون أقل من ١ ملغ/ لتر، والتركيز الأعلى (الذروي) ٣-٥ ملغ/ لتر. ويجب استخدام جرعات عالية من فلوكزاسيلين مع الريفامبيسين إذا كانت العنقوديات الذهبية متوقعة، ويجب إعطاء الفانكوميسين مع الريفامبيسين والجنتاميسين للمرضى الحساسين للبنسلين، وللمرضى الذين لديهم بدائل داخل قلبية، أو عند الشك بالعنقوديات الذهبية. والمرضى الذين تكون حالتهم حادة وشديدة (المتوقع لديهم الخمج بالعنقوديات الذهبية) يجب إعطاء فلوكزاسيسلين (٨ -١٢غراماً في اليوم في أربع إلى ست جرعات يومياً) إضافة إلى الجنتاميسين.
عندما يتم تحديد المكروب يعدل العلاج بحسب حساسيته للصادات.
الوقاية: يُحرض تجرثم الدم العابر بالإجراءات السنية التي تسبب نزف اللثة، وبالشق الجراحي للجلد، والإجراءات باستخدام الأدوات على الجهاز البولي والولادة، حتى الأنشطة التي تبدو بريئة - كتفريش الأسنان- قد تسبب تجرثم الدم، وقد تشكل هذه الأنشطة خطورة مستمرة مدى الحياة؛ إذ إن التداخلات الطبية قليلة الحدوث. يضاف إلى ذلك حقيقة أن إعطاء جرعات وحيدة من الصادات لا ينفي الخطورة، والأدلة على فعاليتها غير مكتملة.
سادساً- التهاب السحايا Meningitis:
إن السرعة في بدء المعالجة والتشخيص المكروبي المتقن يعدان من أهم العوامل التي تحدد مصير المريض، وخاصة بوجود المرض الغازي بالمكورات السحائية؛ إذ إن انتان الدم الصاعق بالمكورات السحائية لازال يحمل نسبة مواتية تقدر بـ ٢٠-٥٠٪، كما أن دعم الدوران في وحدة العناية المركزة محدد مهم أيضاً لنتيجة المرض، مثل الاستخدام السريع للصادات. عند الشك بالمرض بالمكورات السحائية – وإذا لم يكن لدى المريض قصة تأق بالبنسلين– يجب البدء بإعطاء البنزيل بنسلين من قبل الممارس العام قبل نقل المريض إلى المشفى، وفائدة البدء السريع بالمعالجة تعوض النقص في إمكان تحديد نوع الجرثومة المسببة بعد إعطاء الصادات. إن طرق التشخيص الجزيئية كسلسلة تفاعل البوليميراز PCR لكشف الـDNA الجرثومي في السائل الدماغي الشوكي أو الدم تتيح تشخيصاً سريعاً، حتى لو جرى تحطيم العامل المسبب بإعطاء الصادات.
المعالجة:يجب إعطاء الأدوية وريدياً بجرعات عالية كافية لقتل كل العوامل الممرضة التي يحتمل وجودها، وتتضمن المعالجة التالية المناسبة لكل الأعمار فوق خمس سنوات:
من أجل النيسريات السحائية والعقديات الرئوية يعطى بنزيل بنسلين ٤,٢غ كل أربع ساعات، وبعضهم يفضل السفترياكسون ٢غ وريدياً كل ١٢ ساعة في كل الحالات بانتظار نتائج اختبارات التحسس، ويمكن أن يكون هذا مفضلاً اعتماداً على الانتشار المحلي للمقاومة للبنسلين. وفي مثل هذه الحالات عند الأشخاص الذين بلغوا الخمسين من العمر أو أكثر، والحوامل والمرضى منقوصي المناعة يستحسن إضافة الأموكسيسيلين (٢غ وريدياً كل أربع ساعات) منذ البداية لتغطية إمكان وجود الليستريا؛ لأنه لا توجد فعالية للسيفالوسبورينات على الليسترية المستوحدة.
المعالجة المثالية لالتهاب السحايا بالعقديات الرئوية المعروف أو المتوقع مقاومتها للبنسلين تتكون من السفترياكسون ٢غ وريدياً كل ١٢ ساعة مع فانكوميسين ١٥ ملغ/ كغ وريدياً كل ١٢ ساعة، إضافة إلى الريفامبيسين ٣٠٠ ملغ وريدياً كل ١٢ ساعة.
ويجب أن تستمر المعالجة الوريدية حتى يستطيع المريض تناول الدواء عن طريق الفم، ولكن يبقى السؤال حول المدة اللازمة لاستمرار المعالجة وريدياً أو فموياً. أما التهاب السحايا المستديمة النزلية: فيعالج بإعطاء سيفترياكسون ٢غ وريدياً كل ١٢ ساعة أو كلورامفينيكول ١٠٠ ملغ/ كغ يومياً مدة عشرة أيام بعد استقرار الحرارة.
الوقاية الكيميائية Chemoprophylaxis: العوامل الممرضة الشائعة لالتهاب السحايا تنتشر بالمفرزات التنفسية، ونادراً ما يتطور لدى الحملة اللاعرضيين التهاب سحايا، لكنهم قد ينقلون العوامل الممرضة إلى من هم بتماس شخصي وثيق معهم. الريفامبيسين فموياً فعال لإنقاص معدلات الحملة.
يحدث التهاب السحايا بالمكورات السحائية غالباً بشكل أوبئة في المجتمعات المغلقة، لكن قد يحدث أيضاً حالات معزولة. ويجب أن يعطى المرضى والمخالطون جرعة وحيدة من السبروفلوكساسين (٥٠٠ ملغ فموياً)، أو سيفترياكسون (٢٥٠ أو ٥٠٠ ملغ عضلياً أو وريدياً).
المستدميات النزلية: يملك النمط b من المستدميات إعداءً مشابهاً لإعداء المكورات السحائية، يعطى ريفامبيسين ٦٠٠ ملغ عن طريق الفم يومياً مدة أربعة أيام للمخالطين غير الممنعين.
التهاب السحايا بالمكورات الرئوية: يميل إلى الحدوث بشكل حالات فردية، ولا يحتاج المخالطون إلى وقاية كيميائية.
يجب أن تعطى المضادات المكروبية (في الأخماج المعوية) في حالات خاصة مع تحديد العامل الممرض، وعندما يرى أن في إعطائها فائدة. يمكن أن يحدث الإسهال بسبب الذيفانات الجرثومية في الغذاء، أو التخليط الغذائي، أو القلق أو الأدوية، كما يحدث بسبب الخمج. وحتى لو كان الإسهال خمجياً فقد يكون فيروسياً، وإن كان جرثومياً فإن المضادات المكروبية (الصادات) ربما لا تنقص مدة الأعراض، وقد تفاقم الحالة بالسماح للأخماج الانتهازية، وتحفيز حدوث الإسهال بالمطثيات العسيرة. إن المحافظة على التوزان المائي الشاردي فموياً أو بالتسريب الوريدي بالمحاليل السكرية الشاردية، وإعطاء دواء مضاد للحركية (ماعدا الأطفال الصغار أو أولئك الذين لديهم براز زحاري مدمى، أو في أخماج المطثية العسيرة) هي الأركان الرئيسية للمعالجة في مثل هذه الحالات.
بعض الأخماج المعوية قد تجد فائدة من المعالجة الكيميائية (الصادات):
- جنس العطيفات Campylobacter: يزيل الكلاريتروميسين أو الأزيترومايسين أو السبروفلوكساسين فموياً المكروب من البراز، لكنه فعال سريرياً فقط إذا استخدم خلال ٢٤-٤٨ ساعة الأولى من المرض، وإذا كان المريض يعاني بشدة. المقاومة للسبروفلوكساسين أصبحت شائعة في بعض مناطق العالم (تايلند مثلاً).
- جنس الشيغلة: لا يتطلب المرض المعتدل معالجة نوعية بالصادات، لكن يجب معالجة داء الشيغلات السمي الذي ترافقه الحمى العالية بالسفترياكسون الوريدي أو السبروفلوكساسين/ الأزيترومايسين فموياً مدة خمسة أيام.
- جنس السالمونيلة: يعطى مضاد مكروبي لالتهاب المعدة والأمعاء الشديد بالسالمونيلة، أو لتجرثم الدم أو لالتهاب الأمعاء بالسالمونيلة عند منقوصي المناعة. ويمكن الخيار بين السبروفلوكساسين أو الأزيترومايسين أو السيفالوسبورينات حقناً (سفترياكسون مثلاً). ويزداد حدوث المقاومة للسبروفلوكساسين عند السالمونيلة (بما في ذلك السالمونيلة التيفية) وخاصة في شبه القارة الهندية.
- الحمى التيفية: تعد الحمى التيفية خمجاً عاماً، وتتطلب علاجاً بالسفترياكسون الوريدي مدة ١٤ يوماً، أو السبروفلوكساسين الفموي أو الوريدي، أو الأزيترومايسين الفموي. الكلورامفينيكول والأموكسيسلين، وكوتريموكسازول بدائل أقل فعالية. ويمكن تحويل المعالجة بالحقن إلى معالجة فموية عندما يتحسن المريض، وتتحدد حساسية العامل الممرض. وقد يُتطلب إطالة أمد المعالجة لأولئك المرضى الذين تتطور لديهم مضاعفات، مثل ذات العظم والنقي أو الخراجات.
حالة الحمل Carrier state: تتطور في بعض الأشخاص الذين ليس لديهم أعراض للمرض، لكنهم يستطيعون إعداء الآخرين. وتستقر المكروبات في المرارة أو المثانة، يمكن أن يفيد السبروفلوكساسين فموياً بجرعة عالية مدة ٣-٦ أشهر لما يمكن أن يكون مشكلة صعبة، تتطلب فحوصات لشذوذات الجهاز البولي، أو حتى استئصال المرارة.
- الإشريكية القولونية: قاطن طبيعي للأمعاء، لكن بعض الذراري المنتجة للذيفانات المعوية ممرضة، وغالباً ما تسبب إسهال المسافرين. تعطى الكينولونات والسبروفلوكساسين أو الأزيترومايسين، لا تستخدم الصادات وقائياً عادة، لكن إذا كان ذلك ضرورياً فالكينولون أو الريفاكسيمين فعالة.
الإشريكية القولونية المنتجة للفيروتوكسين :Verotoxic Escherichia coli يمكن أن تسبب إسهالاً دموياً وتأثيرات جهازية، مثل الملازمة الانحلالية اليوريميائية (UHS)؛ وقد وجد في بعض الدراسات أن المعالجة بالصادات قد تزيد الإنذار سوءاً، على كل حال يفضل تجنب إعطاء الصادات في الإسهال الدموي حتى يتم نفي وجود الإشريكية المنتجة للفيروتوكسن مخبرياً.
- ضمات الهيضة Vibrio Cholera:
يحدث الموت في الكوليرا بسبب فقد الماء والشوارد في البراز، ويمكن أن يزيد هذا الفقد عن لتر في الساعة. ومن الضروري والحيوي الإعاضة السريعة والمحافظة على التوازن المائي الشاردي بالمحاليل الشاردية الوريدية أو الفموية. وإن جرعة وحيدة ومبكرة من الدوكسيسيلين تنقص بشكل ملحوظ كمية الإسهال ومدته، وتزيل الجرثوم من البراز (وهكذا تقلل تلوث البيئة). ويعد السبروفلوكساسين أو الماكروليدات، مثل الكلاريتروميسين أو الأزيترومايسين بدائل للعضويات المقاومة. ولقد وجد أن إعطاء أسيتات الزنك فموياً بالمشاركة مع الصادات ينقص كمية الإسهال ومدته في الكوليرا، ربما تتحسن بنية المخاطية المعوية ووظيفتها في مرضى سوء التغذية. ويمكن معالجة الحملة بالدوكسيسيكلين بجرعة كبيرة فموياً مدة ثلاثة أيام. كما يمكن لإزالة التلوث الانتقائي Selective decontamination للأمعاء أن ينقص خطورة الأخماج المشفوية من مكروبات الأمعاء (بما في ذلك الفطور) عند المرضى ناقصي المناعة، أو الذين يتلقون عناية مركزة (وخاصة التهوية الآلية). والنظام الأشيع يتضمن مشاركة المضادات المكروبية الموضعية غير القابلة للامتصاص (كولستين، نيستاتين، أمفوتريسين B)، والسفترياكسون الوريدي لإنقاص عدد العصيات سلبية الغرام والخمائر yeasts، مع المحافظة على اللاهوائيات الطبيعية. والبدائل تتضمن استخدام المواد الموضعية وحدها، أو تناول السبروفلوكساسين فموياً. ويجب استعمال إزالة التلوث الانتقائي بحذر كبير في المشافي ذات المؤشر العالي على وجود جراثيم متعددة المقاومة، أو إسهالات بالمطثية العسيرة.
ثامناً- التهاب الصفاق peritonitis:
هو خمج مختلط عادة (متعدد العوامل الممرضة المسببة)، ويجب عند اختيار المضاد المكروبي الأخذ بالحسبان احتمال وجود الكولونيات واللاهوائيات، مع أن الحاجة إلى تغطية المكونات الرئيسية الأخرى للفلورا الطبيعية، كالمكورات المعوية والعقديات أقل أهمية. ومن المناسب إعطاء الأموكسيسيلن- الحمض الكلافولاني مع الجنتاميسين،أو الببراسيلين- تازوبكتام وحده، أو مشاركة الجنتاميسين والبنزيل بنسلين مع المترونيدازول، أو الميروبينيم وحده (إذا عزلت سابقاً جراثيم منتجة لطيف واسع من البيتالاكتاماز)، ويمكن وقف المعالجة عندما يتحسن المريض سريرياً، وتصبح الواسمات الالتهابية عنده (مثل البروتين الارتكاسي C) طبيعية. ترافق دورة العلاج قصيرة الأجل (٥-٧ أيام) نتائج جيدة في انثقاب الأمعاء الذي يتم إصلاحه جراحياً خلال يوم إلى يومين.
باستثناء الأخماج المنتقلة بالجنس تتضمن العوامل الممرضة الشائعة الإشريكية القولونية (الأشيع في كل مجموعات المرضى)، المتقلبات، الكليبسيلة، الإمعائيات الأخرى، الزوائف الزنجارية، المكورات المعوية، المكورات العنقودية الرمية.
يبدو أن المرضى الذين لديهم مشكلة في السبيل البولي، كوجود الحصيات البولية، أو ضخامة الموثة، أو قثاطر بولية دائمة، يحدث الخمج لديهم بمكروبات متنوعة ومقاومة من جراثيم الفلورا. وإن تحديد العامل المسبب، ومعرفة تحسسه للأدوية مهمان جداً؛ بسبب الطيف الواسع للعوامل المسببة وانتشار الذراري المقاومة.
وقد تكون الجرعات الصغيرة فعالة في خمج السبيل البولي السفلي؛ لأن معظم المضادات المكروبية تتركز في البول. ويتطلب خمج جسم الكلية الجرعات التي يحتاج إليها أي خمج جهازي. وإن كمية البول الكبيرة، وتعدد البيلات يسرعان إزالة الخمج.
تقع المعالجة الدوائية لخمج السبيل البولي في عدة تصنيفات:
١- خمج السبيل البولي السفلي (التهاب المثانة):
هذا الخمج أكثر شيوعاً عند النساء الصغيرات ذوات السبيل البولي الطبيعي، تقلل الصادات مدة الأعراض لكنها قد تسبب تأثيرات غير مرغوب بها،ونحو ٢٠-٣٠٪ من المرضى تزول لديهم الأعراض بعد ٥-٧ أيام حتى من دون صادات. إن بدء المعالجة بالنتروفورانوين أو تريميتوبريم عادة مقبول. والأموكسيسيلين – الحمض الكلافولاني أو السيفالوكسين أو السبروفلوكساسين خيارات أخرى، لكن ترافقها زيادة خطورة الخمج بالمطثيات العسيرة؛ لذا فهي تستخدم عادة خطاً علاجياً ثانياً (يحتفظ بالسيفالوكسين للنساء الحوامل). يبلغ معدل المقاومة الحالية زهاء ٢٠- ٥٠٪ بين العوامل الممرضة الشائعة للتريميتوبريم والأموكسيسلين؛ مما يهدد قيمتها العلاجية التخبرية في كثير من مناطق العالم. ويجب أن تستمر المعالجة ثلاثة أيام، وقد تبرز الحاجة إلى تغييرها عند معرفة نتائج التحسس الجرثومي.
٢- خمج السبيل البولي العلوي:
قد يرافق التهاب الحويضة والكلية إنتان الدم، وعادة يتظاهر بالحمى وألم الخاصرة، يوصى عند مثل هؤلاء المرضى بالبدء بالأموكسيسيلين– الحمض الكلافولاني مع الجنتاميسين وريدياً، أو يكون البديل الببراسيلين-تازوبكتام وريدياً (أو الميروبينيم في حال وجود جراثيم مفرزة للبيتالاكتاماز واسعة الطيف ESBL) ويوصى بالأموكسيسيلين – الحمض الكلافولاني ١٤ يوماً، أو السبروفلوكساسين ٧ أيام إذا كانت المعالجة الفموية مناسبة. ويحتاج هذا الخمج في جسم الكلية إلى تركيز كافٍ من الصاد في الدم والبول. مع أنه يوصى بالتحول إلى دواء فموي (بناءً على نتائج اختبارات التحسس) لإتمام دورة المعالجة بعد تحسن المريض سريرياً.
خمج السبيل البولي العلوي أو السفلي بذراري الإمعائيات المنتجة لطيف واسع من البيتالاكتامازات أصبح أكثر شيوعاً في بعض المناطق، حتى عند المرضى الذين ليس لديهم استشفاء سابق. مثل هذه الجراثيم مقاومة حتى للسبروفلوكساسين، والسيفالوسبورينات التي تعطى عن طريق الحقن، والجنتاميسين. وقد يكون الميروبينيم أو الإرتابينيم، أو الأميكاسين حقناً، أو بيفميسيلينام أو نتروفورانوين أو فوسفوميسين فموياً فعالة.
٣- خمج السبيل البولي الناكس:
الهجمات الحادة التالية بالعضوية الممرضة نفسها قد تكون نكساً، وتدل على الإخفاق في التخلص من الخمج الأصلي. أما الهجمات التي تحدث مع فواصل زمنية طويلة فيما بينها وتسببها عضويات ممرضة مختلفة الأنواع فقد تكون عودة للخمج، وتكون غالباً بالعدوى الصاعدة من جلد العجان. وإن إعادة المعالجة لمدة قصيرة يجب أن تتغلب على معظم الأخماج الناكسة، لكن إذا أخفق هذا فإن معالجة بالجرعة العالية يمكن أن تعطى مدة (٧– ١٤ يوماً)، وقد تحتاج إلى الاستمرار بإعطاء جرعة صغيرة وقائية من التريميتوبريم أو النتروفورانوين، أو سيفالوسبورين فموي. وقد ينقص تناول عصير العنب البري تكرار النكس عند النساء؛ ربما لأن السكريات الموجودة في العصير تتدخل مع التصاق الجراثيم على ظهارة المثانة. إن الجزر المثاني الحالبي (عودة البول المثاني عبر الحالب إلى الكلية)مسؤول عن نحو ثلث حالات أخماج السبيل البولي عند الأطفال، ويسبب أذية كلوية متفاقمة. إن إعطاء الصادات الفموية وقائياً مدة طويلة لمثل هؤلاء المرضى فعاليته متوسطة في إنقاص الأخماج العرضية.
٤- الخمج اللاعرضي Asymptomatic infection (البيلة الجرثومية اللاعرضية):
يمكن كشفها بفحص البول الاعتيادي للنساء الحوامل أو المرضى الذين لديهم شذوذات بنيوية معروفة في السبيل البولي. ومثل هذا الخمج يمكن أن يوضح تعدد البيلات أو السلس البولي عند المسنين. ويجب إعطاء معالجة مناسبة مضادة للمكروبات، يتم اختيارها بحسب اختبارات التحسس، ولمدة ٧ – ١٤ يوماً، عادة يفضل الأموكسيسيلين أو السيفالوسبورين عند الحوامل، إلا أن النتروفورانتين يمكن أن يستخدم إذا لم تكن الولادة وشيكة.
٥- التهاب الموثة Prostatitis:
أكثر العوامل الممرضة شيوعاً هنا العصيات سلبية الغرام الهوائية، مع أن المتدثرات يمكن أن تشارك أيضاً. عادة تستخدم الكينولونات كالسبروفلوكساسين، مع أن التريميتوبريم والدوكسيسيكلين والأزيترومايسين فعالة أيضاً.وتدخل هذه الأدوية الموثة بتراكيز كافية لكونها منحلة في الدسم، ويمكن مشاركتها على نحو مفيد، والاستجابة لدورة علاجية قصيرة ووحيدة عادة جيدة. لكن النكس شائع، ويعد المريض شافياً فقط إذا أصبح خالياً من الأعراض من دون اللجوء إلى المضادات المكروبية مدة سنة واحدة.وتعطى غالباً معالجة فموية مدة أربعة أسابيع للهجمات الناكسة. وتعد معالجة التهاب البروستات بالإمعائيات المنتجة لطيف واسع من البيتالاكتامازات أو المنتجة للكاربابينيماز مشكلة نظراً لضعف نفوذ البيتالاكتامات والأمينوغليكوزيدات إلى البروستات. وتظهر أدلة أن الفوسفوميسين قد يكون عاملاً مناسباً لهذا الاستطباب.
الوقاية الكيميائية: قد تستخدم الوقاية الكيميائية أحياناً عند المرضى المعرضين لهجمات النكس أو التفاقم الحاد لخمج متعذر الاستئصال. وهي يمكن أن تقي من تفاقم الأذية الكلوية عند الأطفال الذين تكشف لديهم بيلة جرثومية لاعرضية بالتحري الاعتيادي. ويعد إعطاء النتروفورانتين (٥٠- ١٠٠ ملغ يومياً) أو تريميتوبريم (١٠٠ ملغ يومياً) كافياً. ويفضل إعطاء الدواء بجرعة وحيدة ليلاً.
أدوية خاصة بأخماج السبيل البولي:
كثير من المضادات المكروبية العامة التي تستخدم لأخماج السبيل البولي قد وصفت في مكان آخر، لكن توجد مواد قليلة تستخدم فقط لأخماج السبيل البولي:
نتروفورانتوين Nitrofurantoin: مضاد مكروبي صنعي، وهو فعال ضد معظم العوامل الممرضة البولية ماعدا الزوائف والمتقلبات. وتزداد أهميته حالياً لاحتفاظه بفعالية ضد مجموعة من الكولونيات وأشباهها التي اكتسبت مقاومة للتريميتوبريم والبتالاكتامات والكينولونات. وهو يُمتص جيداً في السبيل المعوي، ويتركز في البول، لكن تركيزه في البلازما ضعيف جداً لمعالجة خمج النسيج الكلوي. ينقص الطرح عند وجود قصور كلوي، جاعلاً الدواء أكثر سمية وأقل فعالية. وتتضمن التأثيرات الضارة الغثيان والإقياء والإسهال، وقد يحدث اعتلال أعصاب محيطي خاصة عند المرضى الذين لديهم اعتلال كلوي مهم، والذين يعد الدواء لديهم مضاد استطباب.
تتضمن الارتكاسات التحسسية الطفح والشري المعمم والارتشاح الرئوي.
وهذا الدواء آمن في الحمل ماعدا الفترة قرب الولادة (لأنه قد يسبب انحلال دم الوليد)، ويجب تجنبه عند مرضى عوز إنزيم G6PD.
فوسفومايسين تروميتامول Fosfomycin trometamol: ثلاثة غرامات بجرعة وحيدة بالفم مناسبة لالتهاب المثانة البسيط. وثلاثة غرامات يومياً بالتناوب (اليوم الأول والثالث والخامس) قد تكون مناسبة لخمج السبيل البولي المختلط. المعالجة الفموية اليومية قد تكون مطلوبة في معالجة التهاب الموثة.
عاشراً- أخماج السبيل التناسلي:
الأمراض المنتقلة بالجنس متعددة عادةً، ويؤدي تعقب المتماسين ونخلهم دوراً حيوياً في ضبط الانتشار والإقلال من عودة الخمج. تتفاوت أنظمة المعالجة المُوصى بها بين البلدان، وهذا بسبب الاختلاف في حساسية العوامل الممرضة ذات العلاقة للمضادات المكروبية، وتوفر هذه المضادات.
- داء السيلان Gonorrhoea: تزداد مشكلة مقاومة أخماج النيسيرية البنية للبيتالاكتام والكينولون، فقد ارتفع معدل المقاومة للسبروفلوكساسين من ١,٢٪ في سنة ٢٠٠٠ إلى ٣٩٪ في سنة ٢٠١٥. تتطلب المعالجة الناجحة تعريض العضوية الممرضة لتركيز عالٍ من الدواء في فترة قصيرة، ونظام الجرعة الوحيدة عملي، ويحسن الشكاوى (الأعراض).
- الخمج الشرجي التناسلي غير المتضاعف: يتضمن خط المعالجة الأول الحالي للسيلان معالجة ثنائية بالسفترياكسون (٥٠٠ ملغ بالعضل) والأزيترومايسين (١غرام بالفم)، لكن فعالية المعالجة مهددة بالمقاومة للمضادات المكروبية.
- داء السيلان البلعومي يستجيب بسرعة أقل، ويُوصى بالسفترياكسون العضلي.
- الخمج التشاركي coexistent infection: كثيراً ما توجد المتدثرة الحثرية مع النيسيرية البنية، يستخدمالتتراسكلين فموياً مدة سبعة أيام، أو١غرام من الأزيترومايسين جرعة وحيدة، أو أوفلوكساسين٤٠٠ ملغ لمعالجة التهاب الإحليل بالمتدثرات Chlamydia.
- التهاب الإحليل اللاسيلاني: تعود معظم حالات التهاب الإحليل القيحي التي لا يمكن تحديد النيسيريات البنية فيها إلى العضويات المنتقلة بالجنس. عادة المتدثرات الحثرية هي الخمج الجرثومي المنتقل بالجنس الأكثر شيوعاً في العالم، وأحياناً المفطورات الحالة للبولة. التتراسكلين مدة أسبوع، أو جرعة وحيدة من الأزيترومايسين فعالان في المعالجة.
- التهاب المهبل الجرثومي Bacterial vaginosis: يمكن لعدة جراثيم أن تكون مشاركة، بما في ذلك المتدثرة الحثرية، أو النيسيرية البنية، أو المفطورات البشرية Mycoplasma hominis، وقد يوجد خمج إضافي بجراثيم الأمعاء أو السبيل التناسلي البولي الأخرى. ومشاركة المضادات المكروبية مطلوبة عادة، مثلاً السفترياكسون مع التتراسيكلين مع المترونيدازول وريدياً للخمج الشديد الحاد، حيث يكون وجود الكلاميديا محتملاً، أو الأموكسيكلاف وحده لمعالجة التهاب المشيماء والسلى بعد الوضع (بعد الولادة).
- الزهري (السفلس): يعالج السفلس الأولي والثانوي بفعالية بجرعة وحيدة (٤,٢ مليون وحدة دولية) من البنزاتين بنسلين بالعضل.ويمكن استخدام الدوكسيسيكلين أو الأزيترومايسين فموياً مدة أسبوعين عند المرضى المتحسسين للبنسلين، ويبدو أن جرعة وحيدة من الأزيترومايسين (٢غ) لها فعالية مشابهة. اللولبية الشاحبة حساسة بثبات للبنسلين، لكن سُجلت حالات نادرة من المقاومة للمكروليدات عالمياً.
يستجيب السفلس الثالثي (الكامن) للدوكسيسيكلين لمدة ٢٨ يوماً، أو لثلاث جرعات أسبوعية من البنزاتين بنسلين في العضل (٤,٢ مليون وحدة في الجرعة الواحدة). ويتطلب السفلس العصبي تراكيز مصلية أعلى لأجل الشفاء، ويجب أن يعالج بالبروكائين بنسلين ٤,٢ميغا وحدة مرة يومياً بالعضل مدة ١٧ يوماً، مع بروبنسيد ٥٠٠ ملغ فموياً أربع مرات يومياً. يجب أن يعالج السفلس الولادي عند الوليد بالنزيل بنسلين مدة ١٠ أيام على الأقل. بعض الأطباء يحبذ أن تعالج المرأة الحامل المصابة بالسفلس كما يعالج السفلس الأولي في كل حمل من أجل تجنيب الجنين أي خطر، ويفضل أن تُعطى هذه المعالجة بين الشهر الثالث والسادس؛ إذ يمكن أن يكون هناك خطر الإجهاض إذا أُعطيت أبكر من ذلك. نتائج معالجة السفلس بالبنسلين ممتازة، ومتابعة جميع الحالات ضرورية مدة خمس سنوات إن أمكن.
من المحتمل حدوث تفاعل جاريش– هيرشيمنت بسبب السايتوكين Cytokine (غالباً العامل المنخر للورم) الذي يتحرر بعد تخرب كمية كبيرة من اللولبيات، وهو شائع بعد ساعات قليلة من حقن البنسلين الأول، ويتظاهر بالحمى وتسرع القلب والصداع والألم العضلي والدعث، وتستمر هذه الأعراض مدة يوم واحد عادة، يمكن أن يقي البريدنيزولون من التفاعل.
- القريح chancroid : العامل المسبب مستدمية دوكري، وتستجيب طبيعياً للأريترمايسين مدة سبعة أيام، أو جرعة وحيدة من السفترياكسون أو الأزيترومايسين.
- الورم الحبيبي الإربي Granuloma inguinal: يستجيب خمج المغمدة الورمية الحبيبية للتريموكسازول أو الدوكسيسيكلين لأسبوعين، أو جرعة وحيدة من الأزيترومايسين أسبوعياً مدة أربعة أسابيع.
- الداء المهبلي الجرثومي :Bacterial vaginosis:الداء المهبلي الجرثومي شكل شائع من المفرزات المهبلية التي يمكن فيها عزل المشعرات المهبلية أو المبيضات البيض، ولا توجد فيها خلايا التهابية، وهو يشخص من المظهر المميز سلبي الغرام للمسحة المهبلية.
يرافق الحالة فرط نمو لبعض جراثيم المهبل المطاعمة، تستجيب الحالة جيداً لجرعة وحيدة من المترونيدازول ٢ غرام، أو ٤٠٠ ملغ ثلاث مرات يومياً مدة أسبوع عن طريق الفم، مع سبعة أيام من الكلينداميسين الموضعي الذي يقدم بديلاً.
حادي عشر- خمج العظام والمفاصل:
يمكن للجراثيم المسببة لالتهاب العظم والنقي أن تصل عبر مجرى الدم، أو تنغرس مباشرة من خلال الكسر المركب، أو الخمج المزمن للنسيج الموضعي أو العمل الجراحي.
المكورات العنقودية الذهبية هي الجراثيم الأكثر عزلاً في جميع مجموعات المرضى، وجنس السالمونيلة في المناطق المدارية. التهاب العظم والنقي المزمن في الطرف السفلي (خاصة عندما يتبع الخمج الجلدي المزمن عند المسنين)، يرتبط غالباً باللاهوائيات المجبرة (كالعصوانيات)، والإمعائيات.
يجب أن تبذل جهود خاصة للحصول على العظم من أجل الزرع؛ لأن الزرعات السطحية أو من الجيوب قليلاً ما تتنبأ بالنبيت الجرثومي المسبب. وتتطلب معالجة التهاب العظم والنقي المزمن مدة طويلة (٦– ٨ أسابيع عادةً، وأحياناً أطول). وتفيد الإزالة الجراحية للعظم المتموت في تحسين نتائج معالجة التهاب العظم والنقي.
تُضبط المعالجة بنتائج الزرع، لكن نظم العلاج الشائعة تتضمن الكو-أموكسيكلاف co-amoxiclav (الحالات المكتسبة في المجتمع عند البالغين)، الفلوكلوكزاسيلين مع الحمض الفوسيدي (للعنقوديات الذهبية) أو من دونه، السفترياكسون أو الأموكسيكلاف (عند الأطفال)، والسبروفلوكساسين (للإمعائيات). وقد تكون المعالجة القصيرة (٣– ٦ أسابيع) كافية لمعالجة التهاب العظم والنقي الحاد، لكن التهاب العظم والنقي في أجسام الفقرات يتطلب ثمانية أسابيع على الأقل.
التهاب المفاصل الخمجي Septic arthritis :
تعد من المشكلات الطبية التي تستوجب تعاملاً طارئاً (عاجلاً) إذا كان يراد الاحتفاظ بوظيفة جيدة للمفصل. العامل الممرض الأشيع هو المكورات العنقودية الذهبية، لكن طيفاً واسعاً من الجراثيم المختلفة يمكن أن تشارك أيضاً، ومن ضمنها العقديات، الإمعائيات، النيسيريات. رشافة المفصل تسمح بالتشخيص المكروبي النوعي، والتفريق بينها وبين الأسباب غير الخمجية، مثل التهاب الزليل البلوري crystal synovitis (التهاب الزليل بالبلورات)، ولها فوائد علاجية؛فمثلاً يستطب النزح في التهاب مفصل الورك. المعالجة الأولية كما في التهاب العظم والنقي المزمن، ويضبط استمرار المعالجة بنتائج الزرع، وعادة تتطلب المعالجة ٤-٦ أسابيع، ويمكن غالباً التحول إلى المعالجة الفموية عندما يحدث تحسن مقبول.
ويمكن لطيف واسع من الجراثيم المختلفة أن يسبب خمج المفاصل البديلة، لكن أكثرها شيوعاً العنقوديات (العنقوديات الذهبية والعنقوديات سلبية المخثراز). وإن تنضير البدائل وزراعة عينات مناسبة من الخزعة العظمية يفيد في التشخيص والعلاج معاً، والمعالجة طويلة الأجل المضبوطة بنتائج الزرع (مع الاحتفاظ بالبدائل في مكانها) ناجحة في ٦٠٪ من الحالات أو أكثر، كما يُوصى بها ضمن أسابيع قليلة من بداية تظاهرات الخمج والبدائل مستقرة.
تعالج الأخماج السطحية التي تسببها أنواع مختلفة من العضويات organism بالكلورامفينيكول، الحمض الفوسيدي، فراميسيتين، جنتاميسين، سيبروفلوكساسين، ليفوفلوكساسين، أُفلوكساسين، أو نيومايسين قطرات أو مراهم. يستخدم سبروفلوكساسين أو أُفلوكساسين أو ليفوفلوكساسين أو جنتاميسين أو توبراميسين للزوائف الزنجارية، والحمض الفوسيدي للمكورات العنقودية الذهبية خاصةً. تحوي المستحضرات غالباً الهيدروكورتيزون أو البريدنيزولون، لكن الستيروئيدات تخفي تطور الخمج فيما لو طبقت مع المضاد المكروبي الذي يقاومه المكروب (جرثوماً أو فيروساً)، ويمكنها مفاقمة المرض بكبح الالتهاب الواقي. تستخدم الوقاية الكيميائية من دون الستيروئيدات للوقاية من الخمج الجرثومي الثانوي في التهاب الملتحمة الفيروسي.
- التهاب الملتحمة بالمتدثرات: تسببه في الدول المتقدمة الأنماط التناسلية (D-K) للمتدثرات، ويبقى المستودع والانتقال بالتماس الجنسي، يحدث الحثر المستوطن في الدول النامية عادة بالأنماط C , B , A التتراسكلين الفموي فعال في كلتا الحالتين، ويمكن إعطاء الأزيترومايسين الجهازي للمرأة الحامل أو المرضع، يستجيب رمد الوليد للأزيترومايسين الجهازي والتتراسيكلين الموضعي.
- التهاب القرنية الفطري: يمكن أن يحدث التهاب القرنية الفطري بفطر المغزلاوية أو الرشاشيات أو الفطور الأخرى عند المرضى الذين يستخدمون العدسات اللاصقة، أو الذين تلقوا معالجة سابقة بالصادات، المعالجة عادة بالفوريكونازول الجهازي والمعالجة الموضعية (ناتاميسين مع أمفوتريسين موضعي أو فوريكونازول أو من دونهما).
ثالث عشر- أخماج المتفطرات Mycobacterium:
١- السل الرئوي:
قرابة ثلث سكان العالم تعرضوا للخمج بالمتفطرة السلية، وهو السبب الرئيسي الثاني للوفاة بسبب عامل ممرض محدد بعد الخمج بفيروس عوز المناعة البشري.
لقد حولت المعالجة الدوائية السل من مرض مقعد ومميت غالباً إلى مرض يمكن الشفاء منه بنسبة تقارب ١٠٠٪، لكن الظهور الحالي لذرارٍ من السل متعددة المقاومة الدوائية (MDR- TB)، أو مقاومة على نطاق واسع (XDR-TB)، وتفاعلها مع الخمج بفيروس عوز المناعة البشري قد أصاب هذه النظرة المتفائلة بالاضطراب. كانت المعالجة الكيميائية للسل طويلة الأمد، لكن الفهم الأفضل لتأثير الأدوية المضادة للسل، وإعادة البنية المناعية الفعالة عند مرضى الخمج بـ HIV سمح بتطوير أنظمة علاجية قصيرة المدى.
مبادئ المعالجة المضادة للسل:
- قتل أكبر عدد ممكن من العصيات المتكاثرة بفعالية، ويمكن الحصول على ذلك بالإيزونيازيد.
- تعالج العصيات المثابرة التي تتكاثر ببطء، أو معالجة متقطعة بالريفامبيسن والبيرازيناميد.
- تجنب ظهور مقاومة دوائية باستخدام المعالجة متعددة الأدوية لكبح الطفرات وحيدة المقاومة التي قد تكون موجودة، أو تظهر مجدداً في أثناء المعالجة. الريفامبيسين والإيزونيازيد هما الأفضل.
- تستخدم الصيغ المركبة للتأكد من عدم حصول استجابة ضعيفة في المعالجة المفردة مع تتالي المقاومة الدوائية.
معظم أنظمة المعالجة الحديثة تحوي مرحلة أولية مكثفة؛ وذلك لإنقاص الحمل الجرثومي بسرعة ما أمكن (عادة لشهرين)، تتبع بمرحلة مستمرة بالريفامبيسين والإيزونيازيد مدة أربعة أشهر على الأقل مبنية على معطيات التحسس.
تضم كل أنظمة الدورة العلاجية القصيرة الإيزونيازيد والبيرازيناميد والريفامبيسين والإيتامبيتول.
بعد الاختبارات السريرية المكثفة تبين ما يلي:
أ- النظام العلاجي اليومي غير المراقب المتضمن مشاركة الإيزونيازيد والريفامبيسين لستة أشهر مع البيرازيناميد Pyrazinamide والإثامبوتول في الشهرين الأوليين.
ب- النظام العلاجي المراقب (المعالجة المراقبة يومياً DOT) للمرضى الذين لا يمتثلون للمعالجة، بمشاركة الإيزونيازيد والريفامبيسين مدة ستة أشهر، وبمعدل ثلاث جرعات في الأسبوع إضافة إلى الإثامبوتول والبيرازيناميد في أول شهرين (يعطى الإيزونيازيد والبيرازيناميد بجرعات أعلى من النظام غير المراقب). النظام العلاجي اليومي المراقب مباشرة أكثر فعالية من نظام الجرعات الثلاث أسبوعياً. في كلا النظامين يجب إضافة الإثامبوتول بالفم والستربتومايسين بالعضل في الشهرين الأوليين، إذا كان هناك احتمال بوجود جراثيم مقاومة أو كان المرض شديداً مع آفات فعالة واسعة. يجب عدم استخدام الإيتامبيتول عند الأطفال الصغار بسبب عدم القدرة على تسجيل آثاره الجانبية العينية.
كل الأنظمة فعالة جيداً مع معدل نكس زهاء ١-٢٪ في الذين يستمرون لستة أشهر، حتى إن أهمل المرضى العلاج بعد أربعة أشهر مثلاً فإن النكس لا يحدث إلا بنسبة ١٠-١٥٪، ونادراً ما تتطور مقاومة دوائية مع أحد هذه الأنظمة.
المشكلة غالباً في تعدد الأدوية وأخذها مدة طويلة وخاصة في الدول النامية، ويعتقد أن التركيبة ثابتة الجرعة تحسن المطاوعة، لكن التوفر الحيوي للريفامبيسين يبقى أمراً مقلقاً في التراكيب ثابتة الجرعة. بعض التراكيب ثابتة الجرعة شائعة الاستخدام تضم Rifater: (ريفامبيسين، إيزونيازيد، بيرازيناميد)، وRifinah أو Rimactazid: (ريفامبيسين مع إيزونيازيد). وفي كل الحالات يتطلب ضبط السل الفعال معالجة مثالية للحالات المسجلة، ونخلاً بعناية، وبحثاً عن الحالات بين المتماسين معهم.
مشاكل خاصة:
العضويات المقاومة للدواء: تحدث المقاومة الأولية للدواء في قرابة ٤٪ من الحالات في المملكة المتحدة، وعادة للإيزونيازيد. ويجب معالجة المرضى الذين يبدون مقاومة متعددة (تُعرّف بأنها المقاومة للريفامبيسين والإيزونيازيد على الأقل) بثلاثة أدوية أو أربعة يكون المكروب متحسساً لها. ويجب أن يطول أمد العلاج إلى ١٢-٢٤ شهراً بعد أن يصبح الزرع سلبياً. وتتطلب معالجة مثل هذه الحالة تدبيراً من ذوي الخبرة.
المتفطرات اللاسلية مقاومة غالباً للأدوية المعهودة، وفوعتها أقل، لكن يمكن أن تسبب أخماجاً خطرة عند منقوصي المناعة، ويمكن أن تستجيب للمكروليدات (كلاريتروميسين)، الإثامبوتول Ethambutol أو ريفابوتين Rifabutin، بمشاركتها معاً غالباً.
الوقاية الكيميائية يمكن أن تكون كما يلي:
• الوقاية الأولية: إعطاء الأدوية المضادة للسل للأشخاص غير المخموجين ولكنهم متعرضون، ونادراً ما يكون مسوغاً.
• الوقاية الثانوية: وهو معالجة الأشخاص المخموجين لكن غير العرضيين، كالأشخاص الذين تعرضوا للمرض وتطور لديهم تفاعل سلين إيجابي. ربما تكون الوقاية الكيميائية الثانوية مسوغة عند الأطفال دون السنة الثالثة من العمر بسبب خطورة حدوث مرض منتشر عندهم. ويمكن استخدام الإيزونيازيد وحده مدة ٦– ٩ أشهر، إذ إن خطورة نشوء المقاومة تكون قليلة بسبب قلة الحمل الجرثومي. المعالجة الأقصر بدواء بديل (الريفامبيسين مدة ثلاثة أشهر أو أربعة)، أو المشاركة الدوائية (ريفامبيسين مع الإيزونيازيد لمدة ثلاثة أشهر) أظهرت التزاماً أفضل.
١- الحمل: يجب عدم وقف المعالجة أو تأجيلها في أثناء الحمل إطلاقاً، والمبدأ الرئيسي هو الحد من تعرض الجنين، والأفضل هو نظام المعالجة بأربعة أدوية مدة ستة أشهر. يجب بدء المعالجة في الثلث الثاني للحمل أو أبكر إذا كان المرض خطراً، ولتجنب التأثيرات المشوهة يجب عدم إعطاء الأدوية في الثلث الأول. الكابريوميسين هو الخيار الأفضل حقناً عند الضرورة، لكنه يحمل خطر السمية الأذنية، ويجب استبعاد الإثامبوتول؛ لأنه يفاقم الغثيان والإقياء وله تأثيرات مشوهة.
٢- السل خارج الرئوي: مبادئ المعالجة فيه كتعدد الأدوية والمتابعة المديدة، هي نفسها في السل الرئوي، يصعب وصول الأدوية إلى كثير من الآفات السلية المزمنة بسبب نقص التوعية؛ لذا فإن المعالجة غالباً تكون أطول، والجرعات أكبر وخاصة إذا لم يكن ممكناً التخلص من النسج المتأذية بالجراحة كسل العظام مثلاً.
٣- سل السحايا: أنظمة المعالجة لستة أشهر بعدة أدوية تضم الريفامبيسين فعالة. تستطب الجراحة عند إخفاق المعالجة الكيميائية مع دلائل على خمج مستمر، وللتخلص من الضغط على العمود الفقري بسبب عيوب عصبية مستمرة أو متكررة أو عدم ثباتية الظهر.
٤- سل العقد اللمفاوية: نظام المعالجة لمدة ستة أشهر كافٍ في سل العقد اللمفاوية الحساس للأدوية، ويجب استمرار المعالجة حتى لو أزيلت العقد جراحياً، ويمكن للعقد اللمفاوية المصابة أن تتضخم حتى لو كان المريض على المعالجة، أو بعد انتهاء المعالجة من دون أي أدلة على النكس. تتطلب الخراجات الباردة في العقد اللمفاوية نزحاً بالإبرة.
الستيروئيدات الكظرية والسل:
يتم تناول الستيروئيدات القشرية عند إصابة الغدة الكظرية في داء أديسون، وفي سل السحايا وسل التامور Pericardial، يُنصح عادة بالبدء بالبريدنيزولون أو الديكساميتازون بجرعات عالية، مع بدء المعالجة المضادة للسل ثم تخفض بعد ٤-٨ أسابيع، ويجب ملاحظة أن الريفامبيسين يتفاعل مع البريدنيزولون؛ لذا يجب زيادة جرعة البريدنيزولون زيادة مناسبة.
السل في منقوصي المناعة: يتطلب هؤلاء المرض إجراءات خاصة؛ لأنهم قد يُخمجون بسهولة عند التعرض للعدوى. وتحوي أخماجهم أعداداً كبيرة من العصيات، ويُحتمل أن مرضى الإيدز أكثر عرضة للخمج بالذراري متعددة المقاومة.
عند معالجة المرضى المخموجين بالسل وHIV معاً نبدأ بمعالجة السل أولاً، ثم بالمعالجة المضادة للـ HIV بعد أسبوعين إلى شهرين بحسب عدد الخلايا CD4. ويجب تعديل الخطة العلاجية للمرضى الموضوعين أصلاً على المعالجة المضادة للفيروسات القهقرية عند إصابتهم بالسل.
الأدوية المضادة للسل:
- إيزونيازيد: مضاد نوعي للمتفطرة السلية؛ لأنه يمنع تركيب مكونات فريدة للجدار الخلوي للمتفطرة السلية، فهو مبيد للعصيات المتكاثرة داخل البلعميات أو خارجها، ومثبط للعصيات الهاجعة. وليس له تأثير على الجراثيم الأخرى، أو تأثيره ضعيف عليها. يمتص الإيزونيازيد جيداً من الجهاز الهضمي وينتشر في سوائل الجسم، بما في ذلك CSF؛ لذا يجب أن يعطى عند الشك بسل السحايا. الجرعة النظامية اليومية منه (٣٠٠ ملغ يومياً) تعطي تركيزاً مقبولاً مبيداً للمتفطرات.
التأثيرات الضارة: الإيزونيازيد جيد التحمل عامةً، والتأثير السلبي الأخطر له هو أذية الكبد، التي تراوح بين ارتفاع بسيط في انزيمات الكبد وبين التهاب الكبد الوخيم. ومعظم الحالات تحدث عند المرضى فوق ٣٥ عاماً، وتتطور خلال ٨ أسابيع من المعالجة؛ لذا يجب مراقبة وظائف الكبد شهرياً خلال هذه الفترة على الأقل.
يمكن أن تؤدي مستقلبات الإيزونيازيد في الجسم إلى اعتلال أعصاب محيطي؛ لذا يجب أن يعطى البيروديكسين ١٠ ملغ يومياً للوقاية منه. وتتضمن التأثيرات الضارة الأخرى للإيزونيازيد الاضطراب العقلي، والتهاب العصب البصري، والاختلاجات.
- الريفامبيسين: يملك تأثيراً مضاداً لعصيات الدرن، مشابهاً لتأثير الإيزونيازيد، كما أنه يستخدم في الجذام. ويعمل بتثبيط تركيب الـ RNA، وهو فعال ولاسيما ضد المتفطرات نصف الهاجعة ضمن الخلايا. الاستخدامات الأخرى للريفامبيسين تتضمن الجذام، داء الفيلقيات (مع الإزيترومايسين أو السبروفلوكساسين)، الوقاية من المكورات السحائية (حالياً يوصى بالسبروفلوكساسين) وخمج العنقوديات الوخيم (مع الفلوكساسيلين أو الفانكوميسين). ويمتص الريفامبيسين بسهولة من السبيل الهضمي ويخترق معظم الأنسجة، ودخوله إلى السائل الدماغي الشوكي عندما تكون السحايا ملتهبة كافٍ لإحداث تركيز علاجي مستمر بجرعات فموية عادية. ويتم طرح ٦٠٪ منه بالبراز.
التأثيرات الضارة: نادراً ما يسبب الريفامبيسين أي سمية مهمة، وتتضمن التأثيرات الجانبية الحكة مع طفح أو من دونه، ونقص الصفيحات. وقد يحدث ارتفاع عابر في البيلروبين أو الإنزيمات الكبدية عند بدء المعالجة ولا يستوجب إيقافها، لكن قد يحدث التهاب كبد مميت. يجب فحص وظائف الكبد قبل بدء المعالجة، ولأشهر قليلة بعد البدء بها. والجرعات المتقطعة قد تثير متلازمة شبيهة بالنزلة الوافدة، أو فقر دم انحلالياً، ونقص صفيحات، أو قصوراً كلوياً. إن تلون البول أو الدمع أو القشع بالأحمر دليل على أخذ المريض للدواء.
التأثير الدوائي drug interaction: الريفامبيسين محرض قوي لإنتاج الإنزيمات؛ لذا فهو يسرع استقلاب العديد من الأدوية بما في ذلك الوارفارين، الستيروئيدات، مانعات الحمل، المسكنات المخدرة، الصادات الفموية، فينيتوئين. تتطلب زيادة استقلاب الأدوية زيادة مناسبة في الجرعات، أو معالجة بديلة.
- ريفابوتين Rifabutin: له الفعالية والتأثيرات الضارة نفسها للريفامبيسين، وهو يستخدم للوقاية من خمج المتفطرة الطيرية عند مرضى الـ AIDS، ولمعالجة أخماج المتفطرات السلية وغير السلية بالمشاركة مع الأدوية الأخرى.
- بيرازيناميد: من مشتقات النيكوتيناميد، ويعد من الخيارات الأولى في أنظمة المعالجة المشتركة لقدرته الخاصة على قتل العصيات داخل الخلوية. يجب عدم استخدامه أكثر من شهرين في السل الحساس للدواء. وهو غير فعال تجاه المتفطرات البقرية. ويُمتص البيرازيناميد جيداً من السبيل الهضمي ويُستقلب في الكبد، وتراكيزه في السائل الدماغي الشوكي تعادل تراكيزه في الدم. البيرازيناميد آمن في أثناء الحمل.
التأثيرات الضارة: تضم فرط حمض اليوريك في الدم، والآلام المفصلية التي تحدث أكثر عند الاستخدام اليومي وأقل عند الاستخدام المتقطع للدواء، وهي بخلاف النقرس تصيب المفاصل الكبيرة والصغيرة، ويكفي استخدام مضاد التهابي غير ستيروئيدي لعلاجها.
- إيثامبوتول: يستخدم بالمشاركة مع مضادات السل الأخرى لمنع ظهور عصيات مقاومة؛ لكونه كابحاً للجراثيم، وهو يمتص جيداً من السبيل الهضمي، وتحدث له تراكيز فعالة في معظم أنسجة الجسم بما في ذلك الرئة. وفي حالة التهاب السحايا قد تدخل كميات كافية منه إلى السائل الدماغي الشوكي لتثبيط نمو المتفطرات. ويطرح رئيسياً عن طريق الكلية، ويجب إنقاص الجرعة عندما تكون الوظيفة الكلوية ضعيفة.
التأثيرات الضارة: الإثامبوتول غير سام نسبياً بالجرعات العادية، والمشكلة الرئيسية هي التهاب العصب البصري وحيد الجانب أو ثنائيه، وهو نادر الحدوث، ويؤدي إلى فقد القدرة البصرية، وعتامة مركزية، وعمى اللون الأخضر والأحمر، والتغيرات عكوسة إذا أوقف الدواء حالاً. ويجب فحص القدرة البصرية قبل بدء المعالجة، ومراقبتها في أثنائها، ووقف الدواء على الفور عند ظهور أي أعراض تشير إلى تدهور القدرة البصرية.
التهاب الكبد المحرض بالأدوية المضادة للسل:
يعد الريفامبيسين والإيزونيازيد والبيرازيناميد من بين أدوية الخط الأول المضادة للسل ذات السمية الكبدية المحتملة. كما أن الريفامبيسين يمكن أن يحدث يرقاناً لا عرضياً من دون أدلة على التهاب الكبد، وهو نادراً ما يسبب التهاب الكبد عندما يستخدم وحده. والريفامبيسين والإيزونيازيد أقل سمية بثلاث مرات في غياب البيرازيناميد. ومن الضروري استبعاد التهاب الكبد الفيروسي الحاد بإجراء واسمات التهابات الكبد الفيروسية قبل تشخيص التهاب الكبد المحرض بالأدوية المضادة للسل في الدول النامية. ويمكن لالتهاب الكبد المحرض بالأدوية أن يكون مهدداً للحياة إذا استمر إعطاء الدواء، ويجب إيقاف الأدوية ذات السمية الكبدية على الفور بانتظار الشفاء المخبري التام، وفي تلك الفترة يجب استخدام الإيثامبوتول والستربتوميسين وأحد الكينولونات Quinolones.
- ثياسيتازون thiacetazone: دواء كابح للمتفطرات، يستخدم مع الإيزونيازيد لتثبيط نشوء مقاومة له، وهو يمتص من السبيل الهضمي. يستقلب جزئياً ويطرح جزئياً في البول. والجرعة اليومية للبالغين مع يومياً ١٥٠ ملغ يومياً، وهو لا يستخدم في حالة الخمج المشترك بفيروس عوز المناعة والسل بسبب التفاعلات الجلدية الشديدة، وقد تحدث متلازمة ستيف – جونز بمعدلات مرتفعة عند المرضى الآسيويين.
التفاعلات الضارة: تضم الأعراض الهضمية، التهاب الملتحمة، الحمامى عديدة الأشكال، فقر الدم الانحلالي، فقد المحببات، الوذمة الدماغية، والتهاب الكبد.
أدوية الخط الثاني المضادة للسل:
- الكاناميسين والأميكاسين: كلاهما مبيد للجراثيم، ويفيدان في المرضى ذوي المقاومة للستربتوميسين، والمقاومة المتصالبة بينهما واردة. الجرعة المثالية من الأميكاسين ١٥ ملغ/ كغ (عادة ٧٥,٠– ١ غرام يومياً في العضل). التأثيرات الضارة مشابهة للستربتوميسين.
- كابريوميسينcapreomycin: أمينوغليكوزيد مبيد للجراثيم. لا يوجد له تصالب في المقاومة مع الأمينوغليكوزيدات الأخرى، والجرعة ٢٠ ملغ/ كغ (١غرام حداً أعلى) بالعضل بجرعة وحيدة يومياً مدة ٢٠- ١٢٠يوماً، ثم مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع. تأثيراته الضارة مشابهة للستربتوميسين.
- الثيوأميدات Thioamides: إثيوناميد وبروثيوناميد مبيدان للجراثيم، تركيبهما الكيمياوي يشبه الثياسيتازون، وكثيراً ما توجد مقاومة متصالبة جزئية معه، الجرعة اليومية القصوى ١٥-٢٠ ملغ/ كغ وحتى ١ غرام يومياً. تتضمن التأثيرات الجانبية أعراضاً معدية معوية، اكتئاباً، هلوسة، التهاب كبد. يجب تجنب الدواء في الحمل.
- سيكلوسيرين وتيريزيدون Cycloserine and terizidone: دواء مبيد للجراثيم مركب، والجرعة الاعتيادية ٥٠٠ – ٧٥٠ ملغ. معظم تأثيراته الجانبية عصبية مركزية، وتضم الصداع والاكتئاب والاختلاج وتغير السلوك والميل للانتحار، وإضافة البييروديكسين للمعالجة تنقص هذه التأثيرات.
- الفلوروكينولونات Fluoroquinolone: أكثر الفلوروكينولونات احتمالاً للاستخدام (مرتبة تنازلياً) هي: موكسيفلوكساسين٤٠٠ ملغ يومياً، أغجاتيفلوكساسين ٤٠٠ ملغ يومياً، ليفوفلوكساسين ٧٥٠ ملغ يومياً.تملك الأجيال الأخيرة من الفلوروكينولونات بعض التأثير على الجراثيم المقاومة؛ لذا تستخدم في معالجة السل واسع المقاومة.
- حمض بارا أمينو ساليسيليك PAS: الجرعة الاعتيادية منه ٨ - ١٢ غراماً يومياً، مقسومة على عدة جرعات. تتضمن التأثيرات الضارة الشائعة الانزعاج الهضمي، خلل الوظيفة الكبدية، قصور الدرق.
- بيداكويلين Bedaquiline: دواء جديد مضاد للمتفطرات، يقوم بتثبيط انتقائي ونوعي لتركيب الـ ATP في المتفطرات، يمكن أن يضاف إلى الأنظمة الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية لمعالجة المرضى البالغين من السل المتعدد المقاومة. أشيع التأثيرات الضارة له الغثيان، الإقياء، الألم المفصلي، الطنين، ارتفاع ناقلات الأمين.
- ديلامانيد Delamanid دواء حديث يثبط نوعياً تركيب الحمض المتفطري، وفعاليته المضادة للجراثيم نوعية للمتفطرات، ويعد طليعة دواء يستقلب من قبل المتفطرات لإنتاج جذور حرة فعالة. يمكن أن يزيد استخدام الديلامانيد – بوصفه جزءاً من نظام علاجي مركب مناسب - من نسبة انقلاب زرع القشع إلى سلبي خلال شهرين من العلاج في المرضى البالغين المصابين بالسل المتعدد المقاومة. التأثير الجانبي المهم المعروف للديلامانيد هو تطاول QT.
- لينوزولايد Linezolid: الجرعة الاعتيادية للبالغين ٦٠٠ ملغ مرتين يومياً مدة ٤- ٦ أسابيع، وبعدها تنقص الجرعة إلى ٦٠٠ ملغ يومياً لتفادي آثاره غير المرغوب بها.
٥-الجذام Leprosy :
معالجة الجذام الفعالة معقدة، وتحتاج إلى الخبرة للوصول إلى نتائج أفضل. تتطلب مشكلة مقاومة الجذام حالياً استخدام أدوية متعددة، تتضمن:
• للمرض قليل العصيات: دابسون وريفامبيسين مدة ستة أشهر.
• للمرض كثير العصيات: دابسون وريفامبيسين وكلوفازيمين مدة سنتين، وربما تكون المتابعة لـ ٤-٨ سنوات ضرورية.
- دابسون Dapsone: سلفون (من السلفوناميدات) كابح للجراثيم، كان لمدة طويلة الدواء القياسي لكل أشكال الجذام. يؤدي الاستخدام المتقطع، أو المدة غير الكافية لدواء وحيد إلى ظهور مقاومة أولية وثانوية، والتي أصبحت مشكلة مهمة. ويستخدم الدابسون أيضاً لمعالجة التهاب الجلد حلأي الشكل، والتهاب الرئة بالمتكيس الرئوي الكاريني (مع التريميتوبريم)، وللوقاية من الملاريا مع البيريميثامين. تتفاوت آثاره الضارة من الأعراض المعوية المعدية إلى فقد المحببات، فقر الدم الانحلالي، تفاعلات تحسسية معممة، قد تتضمن التهاب الجلد التقشري.
- ريفامبيسين: (ذكر سابقاً في أدوية السل)، مبيد جرثومي فعال وآمن عندما يعطى مرة في الشهر، وإعطاؤه بهذا الفاصل الطويل يسهل مراقبة المعالجة.
- كلوفازيمين Clofazimine: له فعالية كابحة للمتفطرة الجذامية وتأثير مضاد للالتهاب، ويسبب أعراضاً معوية معدية، وتصبغاً جلدياً أحمر، وآفات جلدية أخرى قد تبقى شهوراً بعد وقف المعالجة.
وتضم مضادات الجذام الأخرى الإيثيوناميد والبروثيوناميد والتاليدوميد.
٦- المتفطرات غير السلية الأخرى: تعد المتفطرة الخراجية Mycobacterium abscessus سبباً متزايداً للخمج عند المرضى منقوصي المناعة. تتألف معالجتها من فترة تحريضية أولية تمتد ٢– ٨ أسابيع (بالأميكاسين والإيميبينيم بوصفهما خيارين مفضلين)، أما خيارات مرحلة المداومة فتتضمن الكلاريتروميسين ولينيزولايد وكسيفلوكساسين أو كلوفازيمين.
المتفطرة الطيرية مقاومة بذاتها لكثير من الصادات والأدوية المضادة للمتفطرات، لكنها إلى حدٍ ما حساسة للماكروليدات، الريفاميسينات، الإيثامبوتول والفلوروكينولونات، الأمينوغليكوزيدات. على العموم تعالج المتفطرة الطيرية بمضادين أو ثلاثة مضادات جرثومية مدة ١٢ شهراً على الأقل.
- أخماج الحروق: يمكن تخفيف الخمج بتطبيق كريمات السلفاديازين الفضيSilver sulfadiazine على الرغم من أن المعطيات على الفائدة السريرية قليلة، ويمكن أن يحدث امتصاص مهم من أي سطح. استخدام الصادات الجهازية مدة ٤-١٤ يوماً في المرضى ذوي الحروق الكبيرة أدى إلى إنقاص المواتية بنحو ٥٠٪، لكن على حساب زيادة انتشار المقاومة للصادات.
- الموات الغازي Gas gangrene: الجلد بين الخاصرة والركبة ملوث عادة بالجراثيم اللاهوائية البرازية، ومهما كان تحضير الجلد للعمليات العظمية أو البتر جيداً فإن ذلك لن يقتل أو يزيل كل الأبواغ. ويحتمل أن يلي الخمج الجراحةَ التي يرافقها نقص التروية ونقص أكسجة الأنسجة، ويمكن للموات الغازي أن تسببه (المطثية الحاطمة). ويستخدم البنزيل بنسلين والمترونيدازول للوقاية.
- التهاب الهلل Cellulitis(التهاب الجلد): من أشيع أخماج العقديات الحالة بيتا للدم (المقيحة)، لكن يمكن للعصوانيات الشمعية أن تسببه أيضاً. ويمكن لطيف واسع من الجراثيم بما في ذلك اللاهوائيات المجبرة أن تساهم في الحالات التي يرافقها قصور التروية الشريانية (أخماج الطرف السفلي عند المرضى السكريين). وتستجيب الحالات المعتدلة التي تسببها العقديات للفلوكساسيلين، وقد تتطلب الحالات الشديدة إضافة جرعات كبيرة من البنزيل بنسلين حقناً، أو الكلينداميسين. قد يتطور الخمج أحياناً إلى خمج سريع الانتشار في النسج، مع تنخر في الجلد المغطي لها (يدعى التهاب الصفاق التنخري)، يجب إجراء تنضير جراحي مستعجل لكل الأنسجة المتموتة، ويوصُى بإضافة الكلينداميايسين إلى النظام العلاجي بالصادات. يجب الحذر عند إعطاء الكلينداميسين بسبب خطورة حدوث خمج بالمطثية العسيرة.
- الجروح Wounds: المعالجة الجهازية بالصادات ضرورية لعدة أيام على الأقل في الجروح الوسخة، وفي الجروح النافذة إلى أجواف الجسم. وقد يكون الفلوكزاسيلين هو الأفضل، لكن في حالة جروح البطن النافذة يجب إضافة المترونيدازول، كما يجب إضافة صاد مضاد للجراثيم سلبية الغرام الهوائية كالجنتاميسين، وقد يُستخدام الفانكوميسين أو غيره من الغليكوبيبتيدات عند بعض المرضى المقبولين في المشفى لتغطية العنقوديات الذهبية المقاومة للميتاسيلين.
- العضات Bites: العضات البشرية أو عضات الثدييات الأخرى شائعة، وقد تنغرس فيها جراثيم النبيت الفموي في النسج العميقة. الخمج الثانوي شائع (٨٠٪ من عضات القطط تصبح مخموجة)، وقد يحوي الباستوريلة المستوحدة التي قد تسبب التهاب هلل سريع الانتشار، وهي مقاومة للفلوكزاسيلين والأزيثرومايسين. والتدبير المناسب بعد العناية المباشرة بالجرح يتضمن الوقاية من الكزاز وانتقال أخماج الفيروسات، كالتهاب الكبد B وC وHIV في المناطق التي تتوطن بها. وتُنقص الوقاية بالصادات خطورة الخمج في العضات، ويعد (كو-أموكسيكلاف) الخيار الأفضل. ويُعطى الدوكسيسيكلين أو المترونيدازول للمرضى المتحسسين للبنسلين. الباستوريلة عادة مقاومة للماكروليدات.
- الخراجات والأخماج في الأجواف المصلية: تُعالج بحسب حساسية المكروب المشتبه به، لكن تتطلب جرعات عالية بسبب النفوذية الضعيفة. ويقلل نزح تجمعات القيح من مدة المرض، وقد يمكن تفادي المعالجة بالصادات أحياناً بعد النزح.
- العد Acne: قد يحدث أو يتفاقم جزئياً بسبب الخمج بالبروبيونات Propionibacterium العدية. يفيد الأزيثرومايسين أو الدوكسيسيلين أو المينوسيكلين عندما يُشارك مع البنزويل بيروكسيد موضعياً.
خامس عشر- الأخماج المرافقة للعناية الصحيةHeath care associated infection:
تضم التهاب الرئة عند مرضى التهوية الآلية، أخماج جروح العمليات الجراحية، تجرثم الدم المرافق للقثاطر الوريدية، التهاب السحايا بعد الجراحات العصبية، أخماج الأجهزة البديلة، كالمفاصل والصمامات. يمكن أن تساهم في هذه الأخماج عوامل ممرضة اعتيادية، كالعنقوديات الذهبية والعقديات المجموعة A، لكن عدداً من الجراثيم المقاومة قد تساهم فيها أيضاً، وقد تسبب مشكلة علاجية صعبة، خاصة أن هذه الأخماج تحدث عند مرضى لديهم مشاكل صحية أصلاً. وقد تكون بعض مسببات هذه الأخماج مقاومة لمعظم الصادات المعروفة؛ لذا يُفضل استشارة أختصاصي الأحياء الدقيقة والأمراض الخمجية قبل معالجتها. يوصى عادة ببعض المشاركات غير الاعتيادية بالصادات، كما أُعيد استخدام بعض الصادات القديمة، مثل الكوليسيتين والفوسفومايسين والكلورامفينيكول لمعالجة هذه العوامل الممرضة.
- داء الشعيات Actinomycosis: الشعية الإسرائيلية اللاهوائية حساسة للعديد من الصادات، لكن ليس للمترونيدازول. يعطى البنزيويل بنسلين أو الأموكسيسيلين لأسابيع أو لأشهر. والأخماج عادة مختلطة؛ لذا يضاف المترونيدازول لتغطية اللاهوائيات الأخرى التي قد تكون مشاركة في الخمج. الكو- أموكسيكلاف بديل مناسب، والمعالجة الجراحية قد تكون مطلوبة.
- داء البريميات Leptospirosis: من أجل فعالية أفضل للمعالجة يجب البدء بها خلال أربعة أيام من بدء الأعراض، يُوصى بالبنزيل بنسلين في المرض الشديد، والسفترياكسون بديل مناسب. الدوكسيسيكلين والأموكسيسيلين بديلان مناسبان في الحالات الأخف. وإجراءات الدعم العامة ضرورية بما في ذلك تعويض السوائل، ومراقبة علامات قصور الكلية أو الكبد أو القلب.
- داء لايم lyme disease: إبقاء الجلد مغطىً، واستخدام منفرات الحشرات قد يقي من لدغ القراد، كما أن نزع القراد اللادغ سريعاً خلال أقل من ٢٤ ساعة قد يقي من الخمج. وإعطاء جرعة وحيدة (٢٠٠ ملغ) من الدوكسيسيكلين خلال أول ٧٢ ساعة بعد اللدغ قد يقي بنسبة ٧٨٪. تستجيب بورلية بوردوغوفري في معظم المرضى العرضيين للأموكسيسيلين أو الدوكسيسيلين فموياً لمدة ٢١ يوماً، لكن غزو الجملة العصبية المركزية يستدعي إعطاء جرعات كبيرة من السفترياكسون لمدة ١٤ يوماً.
صلاح شحادة
- المجلد : المجلد السابع عشر مشاركة :