اضطرابات التخثر المكتسبة
اضطرابات تخثر مكتسبه
acquired coagulation disorders - troubles de la coagulation acquis
فيصل أبو النعاج
اضطرابات التخثر المكتسبة acquired coagulation disorders:
قد تكون شذوذات تخثر الدم مضاعفة لمجموعة كبيرة من الحالات المرضية.
وتعد اضطرابات التخثر المكتسبة أكثر تعقيداً من الأشكال الوراثية وتختلف عنها؛ إذ إن نقص أحد العوامل أو اضطرابه هو ما يميز الاضطرابات الوراثية في حين ترافق الاضطرابات المكتسبة عوامل متعددة مثل نقص الصفيحات وخلل وظيفتها إضافة إلى وجود مثبطات غير طبيعية للتخثر واضطرابات وعائية.
لا ترافق شدة النزوف موجودات مخبرية مهمة لدى المرضى المصابين باضطرابات التخثر المكتسبة، وغالباً ما تكون معالجة الإعاضة غير فعالة وتكون النزوف أقل شدة من الأشكال الوراثية مع بعض الاستثناءات.
تختلط الصورة السريرية بأعراض المرض المسبب وعلاماته، وأكثر الأمراض المسببة شيوعاً هي: عوز الڤيتامين K، والمرض الكبدي، والمعالجة بمضادات التخثر، والتخثر المنتشر داخل الأوعية DIC، وانحلال الليفين الحاد ومثبطات التخثر المرضية ونقل الدم الكتلي المحفوظ.
يتشكل البروترومبين والعوامل السابع والتاسع والعاشر والبروتين C والبروتين S في الكبد وتعتمد على وجود الڤيتامين K، وحين تكون كمية هذا الفيتامين ناقصة في مخازن الجسم - بسبب نقص الوارد أو سوء الامتصاص أو نقص قدرة الكبد على اصطناع العوامل المذكورة - يحدث خلل في التخثر الطبيعي.
تتشكل العوامل الخامس والحادي عشر والثالث عشر أيضاً في الكبد ولكنها لا تعتمد على الڤيتامين K. ونظراً لوجود مصدرين مستقلين للڤيتامين K فإن النقص الغذائي أو تعقيم الأمعاء بالصادات كلاً بمفرده لا يعد كافياً لإحداث اضطرابات مهمة في التخثر. ويجب أن يقل الوارد اليومي الفموي منه عن عشرين ميكرو غرام لعدة أسابيع لكي يحدث نقص مهم في البروترومبين.
يحدث عوز الڤيتامين K في ثلاثة أحوال:
1- الاضطرابات التي تعوق امتصاص الدسم:
أ- اليرقان الانسدادي والناسور الصفراوي، ويكون السبب الرئيس لعوز الڤيتامين Kتعويق امتصاص هذا الڤيتامين بسبب قلة الأملاح الصفراوية.
ب- متلازمة سوء الامتصاص: تنقص الاضطرابات المعوية التي تؤدي إلى سوء امتصاص الدسم (الإسهال الدهني والإسهالات المعندة والداء الزلاقي والتهاب الأمعاء المنطقي والنواسير المعدية القولونية والتهاب القولون القرحي) من امتصاص الڤيتامين وتؤدي إلى اضطراب تخثري. وقد يكون النزف العرض البارز لهذه الاضطرابات في حالات نادرة.
2- تعقيم الأمعاء بوساطة الصادات الحيوية: شوهد في حالات نادرة حدوث نزوف لدى مرضى يتناولون صادات حيوية مدة طويلة بسبب فقدان الزمر الجرثومية المعوية التي تصنع هذا الڤيتامين.
3- الداء النزفي عند الوليد:hemorrhagic disease of the new born يحدث هذا الاضطراب في الأيام الأولى من حياة الوليد (3-5 أيام)، ويعود السبب إلى خلل في تركيب العوامل التي تعتمد على الڤيتامين K، ويكون إما أولياً مجهول السبب وإما ثانوياً تالياً لأحد الأسباب التالية:
أ- نقص امتصاص الڤيتامين K.
ب- مرض كبدي (نقص نضج وظيفي).
ج- نقص تصنيع الجراثيم للڤيتامين K.
د- تناول بعض الأدوية من قبل الأم، مثل مضادات التخثر الفموية أو مضادات الاختلاج أو جرعات عالية من الأسبرين.
تكون النزوف شديدة (تغوط أسود وأورام دموية دماغية ونزف سري ونزف بعد الختان). يتم علاج هذه الحالات بإعطاء الڤيتامين K1 بعد الولادة مباشرة ولاسيما للمولودين الخدج بجرعة (0.5-1ملغ) وريدياً ويكون تأثيره سريعاً وفعالاً خلال 6 ساعات تقريباً، وإذا استمرت النزوف يجب إعطاء البلازما الطازجة المجمدة أو الدم الطازج.
يعتمد العلاج في حالات عوز الڤيتامين K على:
إصلاح السبب.
حقن الڤيتامين K، والجرعة العلاجية لدى الكهول تراوح بين 25-50ملغ.
معالجة الإعاضة حين يكون النزف شديداً.
ثانياً- المرض الكبديliver disease:
يكون النزف في المرض الكبدي خفيف الشدة أو متوسطاً، وقد تكون كل عوامل التخثر ناقصة ما عدا العامل الثامن، وقد تكون النزوف المتطاولة بعد الرضوض العلامة الأولى لمرض كبدي ومعايرة زمن البروترومبين مشعر مهم لشدة خلل التخثر لدى المريض الكبدي.
الفيزيولوجيا المرضية:
هنالك عوامل عديدة تؤدي إلى حدوث خلل الإرقاء لدى المريض الكبدي، وهي تشمل عوامل التخثر ونقص الصفيحات وزيادة نشاط انحلال الليفين.
1- خلل تركيب عوامل التخثر: تقوم الكبد بتركيب عوامل التخثر (X-IX-VII-V-II-I) ولا تتأثر هذه العوامل بالدرجة نفسها في المرض الكبدي، تتأثر العوامل المعتمدة على الڤيتامين K )X-IX-VII-II( أولاً ويتأثر العامل الخامس في الحالات الشديدة فقط.
2- نقص الصفيحات: ينجم نقص الصفيحات عن فرط توتر وريد الباب وضخامة الطحال الاحتقانية (فرط نشاط الطحال)، وتعد الكبد المكان الأهم لإنتاج مولد الصفيحات thrombopoietin 125 الضروري لإنضاج النواءات وتشكيل الصفيحات.
3- انحلال مولد الليفين fibrinogenolysis and fibrinolysis: تصنع الكبد البلاسمينوجين ومضادات البلاسمين وتزاح محرضات البلاسمينوجين الداخلي من الدوران بوساطة الكبد، في المصابين بمرض كبدي شديد تستمر هذه المحرضات في الدوران فترة أطول مما يؤدي إلى تحريض مزمن أو متقطع للجهاز الإنزيمي الحال لليفين.
4- التخثر داخل الأوعية intravascular coagulation: قد يؤدي المرض الكبدي إلى حدوث التخثر المنتشر داخل الأوعية DIC لأنه يرافقه قصور في تصفية عوامل التخثر الفعالة والعناصر المخثرة الأخرى.
التظاهرات السريرية:
لا ينزف المرضى المصابون بمرض كبدي شديد على الرغم من وجود اضطرابات إرقاء عديدة وهو أمر يدعو للاستغراب. إن النزف المعدي المعوي هو الأكثر مشاهدة وغالباً ما يكون تالياً لأذية موضعية مثل (دوالي المريء، والقرحة الهضمية، والتهاب المعدة).
وقد تظهر نزوف معممة متوسطة الشدة مثل الرعاف والكدمات، وقد تعرقل النزوف بعض العمليات الجراحية مثل الخزعات وقلع الأسنان والعمليات الصغرى الأخرى.
الموجودات المخبرية:
تتفاوت الموجودات المخبرية في المرض الكبدي وتراوح بين تطاول خفيف في زمن البرترومبين (PT) وموجودات مخبرية أكثر وضوحاً في المرضى المصابين بأذيات كبدية شديدة مثل:
1- تطاول زمن الثرومبوبلاستين الجزئي PTT.
2- نقص الصفيحات الدموية واضطراب وظيفتها.
3- نقص الفيبرينوجين وعوامل التخثر الأخرى (نقص العامل الخامس في التهاب الكبد الصاعق).
4- ارتفاع نواتج تدرك الفيبرين FDP في التهاب الكبد المزمن المترقي.
ويعتمد حالياً على international normalized ratio (INR) بديلاً لزمن البروترومبين PT.
المعالجة:
لا يحتاج كل مرضى الكبد المصابين باضطراب تخثري إلى إصلاح الإرقاء قبل إجراء أعمال جراحية مثل خزعة الكبد مثلاً.
يُحَسِّن إعطاء جرعة من الڤيتامين K تراوح بين 10 و20ملغ من اضطراب التخثر لدى نحو 30% من مرضى الكبد، ولكن زمن البروترومبين لا يلبث أن يتطاول بعد الاستجابة الأولية. أما المرضى المصابون بآفة كبدية شديدة فيستجيبون بدرجة ضئيلة أو لا يستجيبون أبداً للمعالجة بالڤيتامين K. وتستطب معالجة الإعاضة بالبلازما الطازجة المجمدة لدى وجود نزف جدي أو قبل العمليات الجراحية إلا أن تأثيرها مخيب للأمل.
أعطيت ركازات العوامل التي تعتمد على الڤيتامين K معالجة معيضة لمرضى الكبد النازفين وكانت النتائج متفاوتة، وأدت في بعض الحالات إلى حدوث مضاعفات صمية تخثرية وتخثر منتشر داخل الأوعية؛ لذلك لا تعطى هذه الركازات إلا في النزوف المهددة للحياة، وتفضل البلازما الطازجة المجمدة ولكن تأثيرها مؤقت حتى بالجرعات الكبيرة 20-30مل/كغ.
وقد خفف إعطاء الـ 1-desmino-8-D argenine Vasopressin (DDAVP من اضطرابات التخثر عند بعض مرضى التشمع. ويستطب إعطاء العوامل الحالة للفيبيرين E-amino caproic acid (EACA).
ثالثاً- المعالجة بمضادات التخثر:
مضادات التخثر التي تعطى في الممارسة السريرية هي الهيبارين ومضادات الڤيتامين K.
يمنع الهيبارين تشكل الترومبوبلاستين وفعل الترومبين، ويعطى حقناً فقط. وله تأثير سريع مضاد للتخثر يستمر من 1-6 ساعات بعد حقنه وريدياً ويدوم فترة أطول بعد إعطائه تحت الجلد ويستقلب في الكبد ويطرح في البول.
وتشمل مضادات الڤيتامين K مشتقات الكومارين والاندانيديون، وهي تثبط تركيب العوامل المعتمدة على الڤيتامين K بوساطة الكبد. يتأخر تأثير هذه الأدوية ريثما يتم تصفية العوامل الموجودة في الدوران ويستغرق ذلك 36-48 ساعة بعد إعطاء الوارفارين (كومارين) ويستمر تأثيرها 48 ساعة بعد إيقافها (نصف عمر عوامل التخثر). وقد يستمر التأثير فترة أطول حين زيادة الجرعة. ويستقلب الكومارين في الكبد ويطرح في البول. ويبدي المرضى المصابون بقصور الخلية الكبدية حساسية زائدة لمشتقات الكومارين.
ضبط المعالجة بمضادات التخثر: يتم ضبط المعالجة بالهيبارين بإجراء زمن الترومبوبلاستين الجزئي APTT الذي يجب أن يبقى بحدود (1.5-2.5) من القيم الطبيعية.
أما مضادات التخثر الفموية فيتم ضبطها بإجراء زمن البروترومبين ويجب أن يبقى international normalized ratio (INR) بحدود (1.8-3) من القيم الطبيعية.
النزف خلال إعطاء مضادات التخثر: يحدث النزف بسبب:
1- فرط الجرعة.
2- أذية موضعية (رض بسيط، عمليات علاجية).
يتم إجراء الاختبارات المذكورة سابقاً فور حدوث النزف، فإذا كانت طبيعية ينتبه إلى وجود أذيات موضعية أو بيلة دموية (حصاة كلوية) أو إقياءات دموية، أو تغوط أسود (قرحة هضمية).
زيادة الحساسية: قد تحدث نزوف تلقائية لدى المرضى الذين يتناولون مضادات التخثر الفموية بجرعات عادية بسبب وجود حساسية زائدة لهذه الأدوية ولا سيما في المعالجة طويلة الأمد. من الأدوية التي قد تسبب فرط الحساسية الأسبرين والصادات الحيوية الفموية، في حين تعد الباربيتورات والمهدئات الأخرى من الأدوية التي تتطلب زيادة الجرعة الدوائية. قد يحدث فرط حساسية للهيبارين لدى المصابين بمرض الكبد أو الكلى أو قصور الدوران المحيطي، وهنالك خطورة زائدة لاحتمال حدوث نزف دماغي عند المصابين بارتفاع الضغط الشرياني الشديد.
يلاحظ وجود ميل زائد للنزف عند المرضى الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً بسبب تصلب الشرايين من جهة ولأن الجرعة اللازمة تكون أقل من جهة ثانية. وقد يحدث خطأ في تناول العلاج من قبل المريض ولا سيما في المراحل الأولى من العلاج.
المعالجة:
1- تدبير النزف خلال المعالجة بالهيبارين: يعطى سلفات البروتامين protamine sulphate الذي يبطل مفعول الهيبارين، وهو متوفر على شكل حبابات 5مل تحتوي 50ملغ، وإن كل 1ملغ منه تبطل مفعول 100ملغ هيبارين.
إذا كان إيقاف عمل الهيبارين ضرورياً خلال دقائق يجب إعطاء الجرعة الكاملة من سلفات البروتامين، وإذا كان إيقاف عمل الهيبارين ضرورياً بعد 30 دقيقة تعطى نصف الجرعة، وإذا كان بعد ساعة يعطى ربع الجرعة فقط، وقد تكون هنالك ضرورة لإعادة إعطاء سلفات البروتامين لأن هذا الدواء يطرح من الدوران بسرعة أكبر من الهيبارين.
أما إذا أعطي الهيبارين تحت الجلد فإن جرعة سلفات البروتامين اللازمة هي 50% من آخر جرعة، وقد يتطلب الأمر إعادة الإعطاء.
2- تدبير النزف في أثناء المعالجة بمضادات التخثر الفموية: حين وجود نزف شديد يعطى الڤيتامين K1 بجرعة تراوح بين 25-50ملغ وريدياً، ويجب ألا تزيد سرعة الإعطاء على 5ملغ/دقيقة، وقد يسبب الإعطاء السريع الاحمرار والدوار وتسرع القلب وهبوط الضغط وزلة تنفسية وتعرقاً أحياناً.
وحين عدم وجود نزف يمكن إعطاء ڤيتامين K1 بمقدار 10ملغ فموياً.
رابعاً- التخثر المنتشر داخل الأوعية disseminated intravascular coagulation (DIC):
متلازمة نزفية يحدث فيها تخثر منتشر داخل الأوعية يؤدي إلى خلل في الإرقاء، وتنجم عن استهلاك عوامل التخثر والصفيحات في عملية التخثر.
تعرقل هذه المتلازمة الكثير من الحالات السريرية، ويكون التخثر المنتشر حاداً عادة وقد يكون تحت الحاد أو مزمناً.
الأسباب:
1- الحاد:
أ- الحوادث الولادية: انفصال المشيمة الباكر، وصمة السائل الأمنيوسي، والإجهاض.
ب- الجراحة ولاسيما جراحة القلب والرئة.
ج- ارتكاس نقل الدم الانحلالي.
د- الخمج الدموي ولاسيما بسلبيات الغرام والمكورات السحائية.
هـ- الصمة الرئوية.
و- عضة الأفعى.
ز- ارتكاسات فرط الحساسية.
ح- ضربة الحرارة.
2- تحت الحاد أو المزمن:
أ- السرطان الغدي المنتشر أو الموضع.
ب- ابيضاض الدم الحاد بالسليفات M 3.
ج- موت الجنين داخل الرحم.
د- فرفرية نقص الصفيحات الخثرية TTP.
هـ- الفرفرية الصاعقة fulminant.
و- الورم الوعائي.
الفيزيولوجيا المرضية: يحدث التخثر المنتشر داخل الأوعية بسبب:
1- دخول عوامل نسيجية للدوران تحرض عملية التخثر.
2- أذية شديدة في البطانة الوعائية.
الموجودات السريرية:
1- DICالحاد: كثيراً ما يكون السبب واضحاً، ويكون المريض بحالة صدمة. النزوف بأشكالها المختلفة هي العرض الرئيس للإصابة (الحبرات، الكدمات، النزوف حول القثاطر الوريدية، الرعاف، النزوف الهضمية والبولية والرئوية).
وتشاهد النزوف المزعجة حول المفجرات وفي الأجواف المصلية عند الذين تعرضوا لعمل جراحي. أما المظاهر الخثرية التي تنجم عن انسداد الأوعية بالفيبرين والصفيحات فقد تتناول أي عضو في الجسم ولاسيما الجلد والدماغ والكليتين.
2- DIC المزمن: تشاهد الكدمات المحيطية في الأطراف من دون حبرات وقد تدوم أسابيع أو أشهراً، ونزوف من المخاطيات على نحو متقطع (رعاف) وقد يشاهد التهاب وريد خثري في مناطق غير مألوفة وانسدادات وعائية (قصور وظيفة الكلية، متلازمات عصبية عابرة) وخثرات دماغية متكررة مع نزوف خفيفة.
التشخيص المخبري:
تعد الفحوص التالية حجر الزاوية في تشخيص الـ :DIC
الفيبرينوجين في المصل، PTT، زمن البروترومبين، تعداد الصفيحات، منتجات تدرك الفيبرين fibrin degeneration products (FDP). نواتج تدرك الفيبرينوجين.
وفحص اللطاخة الدموية المحيطية مهم لأنه يكشف وجود كريات حمر مجزأة في 50% من الحالات، كما أن نقص الصفيحات يعد علامة باكرة وثابتة في الـ DIC ويصعب تأكيد التشخيص بوجود تعداد صفيحات طبيعي.
يكون تعداد الصفيحات بحدود 50-100 ألف/ملم مكعب وقد يكون أقل من ذلك بكثير، كما يتطاول الـ PTT، وزمن البروترومبين في الـ DIC الحاد وعلى نحو مبكر. وفي الـ DIC المزمن قد يبقى الـ PTT طبيعياً.
ينقص الفيبرينوجين والعامل الخامس والعامل الثالث عشر نقصاً واضحاً وقد ينقص العامل العاشر أيضاً.
تشاهد نواتج تدرك الفيبرينوجين FDP نتيجة مباشرة لتأثير الترومبين في الفيبرينوجين.
هنالك حالتان يحدث فيهما اضطرابات مخبرية تشبه الـ DIC وهما:
المرض الكبدي الحاد.
انحلال الليفين المرضي وهو نادر.
ويجب تذكر أن FDP قد ترتفع في الصمة الرئوية والقصور الكلوي المزمن. كما أن نقص الصفيحات قد يشاهد لدى المعالجين بالهيبارين أو بعد جلسات الغسيل الكلوي.
المعالجة:
توجه المعالجة إلى المرض المسبب وإلى المحافظة على حجم كتلة الدم وتروية الأنسجة ثم تعويض عناصر الدم الناقصة، والهدف الأساسي منها هو إصلاح الفينرنيوجين. وأفضل ما يكون ذلك بإعطاء الرسابات القرية cryoprecipitate التي يجب أن تعطى بكمية كافية لرفع نسبة الفيبرينوجين في البلازما إلى 150ملغ/100مل على الأقل. تعطى الرسابة القرية بمقدار 3-4وحدات/10كغ من وزن المريض وتعطى البلازما الطازجة المجمدة بمقدار 10-15مل/كغ.
قد يساعد نقل الصفيحات بعض المرضى المصابين بنقص صفيحات شديد، كما أن معالجة الصدمة ضرورية لكل المصابين بالـ DIC. ويجب نقل الدم الكامل أو الكريات الحمر فقط سريعاً حين وجود استطباب لذلك.
تفضل المعالجة بالهيبارين لدى مرضى الـ DIC المزمن ولكنه لا يغير من الإنذار لأن ذلك يتعلق بالمرض المسبب، وهو يقلل من شدة النزف ومن الصمات الخثرية ويحسن من نتائج الاضطرابات المخبرية.
موجودات خاصة في أشكال مختلفة من الـ DIC:
1- انفصال المشيمة الباكر abruptio placentae: يحدث الـ DIC في 40% من هذه الحالات وتحدث الصدمة بسرعة، وتفريغ الرحم هو الخطوة العلاجية الأهم. يعد نقل الصفيحات والرسابات القرية والبلازما الطازجة ضرورياً إذا كان الخلل التخثري شديداً أو استمر فترة أطول مما هو مألوف.
2- موت محصول الحمل intrauterine fetal death: لا تشاهد الاضطرابات المخبرية إلا إذا بقي الجنين الميت في الرحم مدة 3-5 أسابيع فترتفع الـ FDP وتنقص الصفيحات والفيبرينوجين ونادراً ما يأخذ الـ DIC الشكل الحاد ولا يكون النزف جدياً.
3- الصمة الأمنيوسية :amniotic fluid embolism قد يحدث الـ DIC مع نزف شديد في ساعة إلى ساعتين، ويرافق هذه المتلازمة انحلال الليفين ومولد الليفين. يسيطر على الصورة السريرية نقص الأكسجة وانسداد الأوعية الرئوية.
والصمة الأمنيوسية مميتة في أغلب الحالات.
4- الأخماج النسائية: تكون المرأة الحامل معرضة للـ DIC بأشكاله المختلفة إذا أصيبت بأخماج نسائية، وتسيطر الصدمة والقصور الكلوي الحاد على الصورة السريرية.
5- الإنتان الدموي: يؤدي الـ DIC المرافق للأخماج إلى نزوف تشاهد بالصورة السريرية نفسها. ولا يكون التشخيص صعباً عادة. يجب أن يوجه العلاج للخمج المسبب للصدمة المرافقة.
6- الفرفرية الصاعقة :purpura fulminans تشاهد التظاهرات النزفية للفرفرية الصاعقة بعد عدة أيام من خمج حاد كالأخماج التنفسية بالڤيروسات أو الحمى القرمزية، وأكثر ما تشاهد في الأطفال وعلى نحو أقل في الكهول. تتظاهر بكدمات في الأطراف السفلية والأليتين وتكون متناظرة وتتطور إلى نخرة، وقد يرافقها حرارة وتعرق، والأذيات الحشوية نادرة.
نسبة الوفيات نحو 18%، المعالجة بالهيبارين مفيدة ويفضل الاستمرار بالعلاج بجرعات مخففة من 2-3 أسابيع خوفاً من حدوث النكس بعد إيقاف الهيبارين.
7- السرطانة الغدية :carcinoma تختلف الصورة السريرية للمرضى المصابين بالـ DIC المرافق للسرطانات الغدية، وهي تجمع ما بين النزف وظاهرة الصمة الخثرية ومن ضمنها الصمة الشريانية ويختفي الـ DIC بعد معالجة الورم السرطاني.
خامساً- انحلال مولد الليفين fibrinogenolysis:
يحدث انحلال الليفين ثانوياً للـ DIC في حالات كثيرة، ويعد استجابة فيزيولوجية لنقص الأكسجة والصدمة أو الكرب في حالات أخرى، وهو لا يؤدي إلى حدوث نزوف تلقائية ولكن انحلال سدادات الليفين الساكنة وظيفياً قد يحرض حدوث نزف موجود سابقاً لأسباب أخرى.
يحدث انحلال الليفين بصفة مضاعفة لاضطرابات مختلفة مثل المرض الكبدي الشديد وهو الأكثر شيوعاً أو لدى المصابين بالتنشؤات المنتشرة وبعد العمليات الكبيرة ولا سيما عمليات الكبد والرئة. الآلية تشبه الآلية التي تؤدي إلى حدوث الـ DIC (دخول خلاصات النسج للدوران)، وبالآلية نفسها يفسر حدوث انحلال مولد الليفين بعد العمليات الكبيرة.
وقد يحدث انحلال الليفين بعد المعالجة بحالات الخثرة.
الموجودات السريرية والتشخيص المخبري:
تشبه الصورة السريرية ما يشاهد في الـ DIC في معظم الحالات. تتطاول الـ PTT وزمن البروترومبين وزمن الترومبين بسبب التأثير المضاد للتخثر لـFDP . يكون العامل الخامس V والعامل الثامن VIIIC ناقصاً، وقد ينقص العامل XIII عند بعض المرضى.
المعالجة:
تفيد العوامل المضادة لانحلال الليفين في المعالجة، ولكن هذه الأدوية محظورة في الـ DIC. يعد الابسيلوك امينو كابروئيك اسيد (كابرول) EACA والعوامل الأخرى المشابهة نوعية ومثبطات قوية لانحلال الليفين ومولد الليفين. يعطى EACA بمقدار 0.1 غ/كغ كل 6 ساعات تسريباً وريدياً في النزوف الشديدة.
سادساً- مثبطات التخثر المرضية pathologic inhibitors of coagulation:
وتعرف بالمكونات الدموية الداخلية غير الطبيعية التي تمنع تخثر الدم، ومعظم هذه المثبطات أجسام ضدية تعمل في أي مرحلة من مراحل التخثر.
أضداد عوامل التخثر:
تعمل الأجسام الضدية لعوامل التخثر بصفة مثبطات نوعية لعامل واحد من العوامل وهي تؤدي إلى صورة مخبرية وسريرية تماثل الصورة التي تشاهد في اضطرابات التخثر الوراثية من جوانب عديدة.
1- أضداد العامل الثامن:
لوحظ وجود الأجسام الضدية للعامل الثامن بنسبة 5-21% من المرضى المصابين بالناعور A وهم من المرضى المصابين بشدة.
قد تظهر الأجسام الضدية للعامل الثامن عفوياً مرافقة بعض الأمراض الخمجية المزمنة مثل التهاب المفاصل نظير الرثياني والذئبة الحمامية الجهازية والتهاب القولون القرحي، وقد تظهر لدى كبار السن من دون سبب واضح، وفي حالات أقل مصادفة قد تشاهد الأجسام الضدية في فترة النفاس أو مرافقة للارتكاسات الدوائية.
الفيزيولوجيا المرضية: إن ظهور الأجسام الضدية لدى المصابين بالناعور A ذو علاقة على نحو ما بإعطاء ركازات العامل الثامن ولكن الآلية المناعية غير واضحة ولا توجد علاقة بين ظهور الأجسام الضدية وكمية العامل الثامن المعطاة للمريض أو مستوى العامل.
الموجودات السريرية والمخبرية: تشبه التظاهرات النزفية ما يشاهد في المصابين بالناعور A وقد تكون شديدة.
وربما توضح هذه المثبطات الحوادث التي تذكر عن إصابة الأنثى بالناعور. قد تحدث نزوف شديدة حين ظهور أجسام ضدية لدى المصابين بدرجة متوسطة من الناعور ويصبح المريض معنداً على معالجة الإعاضة وقد يكون لذلك نتائج مميتة.
تشبه الموجودات المخبرية ما يشاهد لدى مرضى الناعور ,A ويكون العامل الثامن معدوماً في المتأثرين بشدة (عادة بحدود 10% أو أكثر).
تعتمد الفحوص على إجراء الـ PTT وزمن التخثر، وهنالك وحدات قياسية للمثبطات (وحدة Bethesda - وحدة Oxford).
المعالجة: إعطاء العامل الثامن بالجرعات العادية غير فعال، وقد توقف الكميات الكبيرة من العامل الثامن (20000-200000 وحدة) النزف في بعض المرضى وتخفق في آخرين. ويمكن أن يعطى المرضى الذين لا يستجيبون للعامل الثامن الإنساني العامل الثامن غير الإنساني تسريباً بطيئاً مع إعطاء ركازات عوامل التخثر التي تعتمد على Vit K. وقد يفيد العامل الثامن البقري أو الخنزيري لأنه أقل تفاعلاً مع الأجسام الضدية. وقد أوصي بإعطاء جرعات عالية من العامل التاسع 30-50 وحدة/كغ كل 12-24 ساعة. كما أثبت إعطاء العامل السابع المفعل فعاليته.
هنالك محاولات للتخفيف من تشكل الأجسام الضدية للعامل الثامن وقد تفاوتت درجات نجاحها. وقد ظهر بعض التحسن في50% من المرضى بإعطاء الستيروئيدات القشرية مثل البريدنيزولون بمقدار 1- 1.5 ملغ/كغ فترة طويلة، كما لوحظ بعض الاستجابة بعد إعطاء مثبطات المناعة مثل السيكلوفوسفاميد بمقدار 2-3 ملغ/كغ يومياً وحده أو مع البريدنيزلون إذ توقف النزف وتراجع العيار titre ولكن التثبيط الكامل للأضداد أمر نادر. كما أدى إعطاء جرعات عالية من العامل الثامن مع مثبطات المناعة إلى نتائج مشجعة، وقد أوصي بتبديل الدم وفصل البلازما في بعض الحالات.
والشفاء التلقائي ممكن في بعض الحالات ولاسيما إذا ظهرت الأجسام الضدية بعد المعالجة بالبنسلين أو خلال فترة النفاس.
2- الأضداد الأخرى لعوامل التخثر:
وجدت مثبطات العامل التاسع لدى 5% من المصابين بالناعور B ونادراً في أشخاص عاديين.
كذلك شوهدت مثبطات للعامل الخامس عند أناس عاديين وهي بخلاف مثبطات العوامل الأخرى نادراً ما تؤدي إلى نزوف جدية وتختفي تلقائياً في معظم الحالات، ويعد نقل الصفيحات أكثر فعالية من نقل البلازما في النزوف الشديدة.
لوحظ وجود مثبطات لعامل فون ويللبراند عند مرضى عاديين لا سوابق لديهم وبعد نقل الدم لمرضى مصابين بداء فون ويللبراند. وقد لوحظ وجود مثبطات للعامل XIII بعد نقل الدم لمرضى مصابين بعوز خلقي في هذا العامل. كما وصفت مثبطات نوعية للعامل XI والعامل XII في الذئبة الحمامية الجهازية في معظم الأحيان.
3- أضداد الفوسفولبيد:
تشاهد أضداد الفوسفولبيد في سياق أحد أمراض المناعة الذاتية ولاسيما الذئبة الحمامية، أو توجد بشكل متفرد، ويرافقها سريرياً واحد أو أكثر من المظاهر التالية:
أ- خثرات شريانية أو وريدية راجعة recurrent.
ب- قلة الصفيحات الدموية.
ج- إجهاضات تلقائية متكررة.
ويطلق على هذه التظاهرات اسم متلازمة أضداد الفوسفولبيد التي قد تكون ثانوية (أي مرافقة لمظاهر الذئبة الحمامية أو غيرها من أمراض المناعة الذاتية) أو أولية حين تكون منفردة. سريرياً: تتميز متلازمة أضداد الفوسفولبيد الأولية بحدوث الإجهاض التلقائي المتكرر والصمات الخثرية الوريدية أو الشريانية أو كليهما. وقد تتطور الحالة إلى ذئبة حمامية أو اضطرابات أخرى.
وأكثر الأماكن شيوعاً لحدوث الخثرات هي أوردة الطرف السفلي العميقة والأوردة الكبدية والجيوب الدماغية والشرايين المساريقية، وقد تشاهد الخثرات الإكليلة عند صغار السن. وينجم النزف حين حدوثه عن قلة الصفيحات أو سوء وظيفتها أو نقص البروترومبين.
ومن الجدير بالذكر أن أضداد الفوسفولبيد تشاهد في 10% من المرضى المصابين بحوادث صمية خثرية.
مخبرياً: يوجد عدة أنواع من أضداد الفوسفولبيد أهمها:
أ- أضداد الكارديوليبين cardiolipin.
ب- أضداد تخثر الذئبة lupus anticoagulant التي يمكن معايرتها مخبرياً. ومن الاضطرابات المخبرية الأخرى قلة الصفيحات الدموية وتطاول زمن الترومبويلاستين الجزئي P.T.T وتطاول معتدل في زمن البروترومبين.
يعتمد تشخيص هذه المتلازمة على اجتماع واحد أو أكثر من المظاهر السريرية الأساسية آنفة الذكر مع ايجابية أضداد الكارديوليبين أو أضداد تخثر الذئبة.
المعالجة: تقلل الستيروئيدات القشرية من الاضطرابات التخثرية ونقص الصفيحات، كما أن مثبطات المناعة تبدو فعالة في العديد من المرضى.
4- مثبطات أخرى للتخثر:
لوحظ وجود مثبطات تخثر في بعض الأمراض مثل ورم النقي المتعدد، وعزي ذلك إلى وجود الباربروتين paraprotein الذي يعمل بصفة مضاد ترومبين antithrombin، كذلك عُزل مثبط تخثر من الكريات البيض في الابيضاض النقوي المزمن.
سابعاً- اضطرابات التخثر من نقل الدم الكتلي:
شوهد نقص متوسط الشدة في العامل الخامس والثامن واضطرابات خفيفة في الـ PTT وزمن البروترومبين والترومبين بعد نقل الدم الكتلي. وإن نقص الصفيحات وسوء وظيفتها من أكثر العوامل التي تؤدي إلى حدوث النزوف. وقد تؤدي الصدمة - التي تحدث بعد نقل الدم البارد أو الدم بدرجة حموضة pH غير عادية وانسداد الأوعية الرئوية الدقيقة بتجمعات الصفيحات - إلى هذه المشكلة.
1- النزف المرافق لفصل البلازما التبديلي:
تؤدي التبدلات التي تحدث في الصفيحات وعوامل التخثر في الدوران خارج الأوعية إلى حدوث نزوف قليلة الأهمية ولكنها - بوجود سبب إضافي إلى اضطراب الإرقاء كقصور الوظيفة القلبية الرئوية أو الكبدية - قد تؤدي بسرعة إلى إخفاق في عملية الإرقاء وغالباً ما يضطر إلى إعطاء كميات كبيرة من البلازما الطازجة المجمدة وركازات عوامل التخثر ونقل الصفيحات إذا كانت قليلة العدد.
2- العوز المكتسب لأحد عوامل التخثر:
قد يشاهد عوز أحد عوامل التخثر في بعض الأمراض المكتسبة مثل عوز العامل العاشر في الداء النشواني لأنه يرتبط بألياف الأميلوئيد تحت البطانة الوعائية.
ولوحظ وجود نقص البروترومبين والعامل التاسع والعامل XII، والبلاسمينوجين والـ antithrombin III في بعض المرضى المصابين بالمتلازمة الكلائية، وقد يكون ذلك بسبب خسارة البروتين الكبيرة في البول.
كما لوحظ وجود نقص العامل التاسع في عدد من المصابين بداء غوشيه، ونقص العامل الثاني عشر والثالث عشر في المصابين بالابيضاض النقوي المزمن ومختلف الابيضاضات الحادة.
- التصنيف : أمراض الدم - النوع : أمراض الدم - المجلد : المجلدالثامن - رقم الصفحة ضمن المجلد : 202 مشاركة :