تغذيه واورام
nutrition and tumors - nutrition et les tumeurs



التغذية والأورام

مشير العمار

شأن الغذاء في حدوث السرطان عند الإنسان
تأثير السرطان في الحالة الغذائية للمريض
دعم الحالة التغذوية لمرضى السرطان
 

أظهر العديد من الدراسات ارتباط 30% من حالات السرطان في الدول الصناعية بعوامل غذائية، مما جعل بعض الأغذية تأتي في المرتبة الثانية بعد التدخين بين العوامل الواجب تجنبها للوقاية من السرطان. ومن جهةٍ ثانية ثبتت أهمية بعض الأغذية في الوقاية من السرطان.

وفي هذا البحث سيتم تناول العناوين التالية:

أولاً- شأن الغذاء في حدوث السرطان عند الإنسان.

ثانياً- تأثير علاج السرطان في الحالة الغذائية للمريض.

ثالثاً- كيفية تحسين الحالة الغذائية للمصابين بالسرطان (التغذية المساعدة أو البديلة).

أولاً- شأن الغذاء في حدوث السرطان عند الإنسان:

ظهرت أولى الملاحظات في النصف الأول من القرن العشرين من قبل Tannenbaum وزملائه عن العلاقة بين الوارد الحروري ومعدل النمو والوزن وحدوث السرطان حين أشار إلى أن تقليل 30% من الوارد الحروري في الحيوانات الثديية ينقص من حدوث السرطان فيها بنسبة 90%، كما أشار أيضاً إلى تأثير المواد الدسمة في زيادة الحدوث، لكن صعوبة إسقاط نتائج دراسته على الإنسان قلل من قيمتها. كما لوحظ زيادة وقوع سرطان القولون في كلا الجنسين ذوي محيط البطن الكبير (زائدي الوزن)، وزيادة وقوع سرطان باطن الرحم والمرارة في النساء اللواتي كان واردهن الحروري - وخاصة من الدسم - في سن المراهقة أعلى من أقرانهن في المرحلة نفسها. ويلاحظ من الدراسات الوبائية أن نسبة وقوع سرطان الثدي في دول أوروبا الجنوبية كإسبانيا واليونان أقل مما هو عليه في دول شمالي أوربا وقد يرتبط ذلك بزيادة استهلاك سيدات هاتين الدولتين الدسم وحيدة اللا إشباع الموجودة في زيت الزيتون. ويتبادر للذهن هنا ما إذا كان للمواد الدسمة علاقة مباشرة في حدوث السرطان على نحو مستقل عن الوارد الحروري بالإجمال؟ والجواب هو نعم، إذ ثبت في العديد من الدراسات ارتباط كل من سرطان الثدي والقولون والموثة وباطن الرحم بزيادة استهلاك المواد الدسمة.

يوضح الجدول (1) بعض العوامل التغذوية وشأنها في الوقاية من السرطان أو الحث عليه.

العوامل

قد يزيد (+)

قد ينقص (-)

السرطان

الدهون الغذائية

+

القولون والمستقيم والثدي، والموثة والمعثكلة

أوميغا 3- حموض دهنية عديدة اللاإشباع

-

القولون والمستقيم والثدي

أوميغا6-حموض دهنية عديدة اللاإشباع

+

الثدي والموثة والمبيض

زيوت السمك

-

القولون والمستقيم والثدي

السمنة

+

القولون والمستقيم والمريء والثدي والمثانة وبطانة الرحم

قلَّة التمارين الرياضية

+

القولون والمستقيم

اللحوم

+

القولون والمستقيم والثدي

البروتين

+

القولون والمستقيم والمعثكلة والثدي والموثة

فول الصويا

-

الثدي

اللحوم المشوية و المقلية

+

القولون

الملح

+

المعدة

الأطعمة المملحة

+

المعدة والقولون والمستقيم

المخللات والأطعمة الجاهزة

+

المعدة والأنف والبلعوم

الأطعمة الملوَّثة بالأفلاتوكسين

+

المريء والمعدة والكبد

السكر

+

الثدي والمعثكلة

الحديد

+

القولون والمستقيم

الكالسيوم

-

القولون والمستقيم

الحليب

-

المريء والمعدة

حمض الفوليك

-

عنق الرحم والقولون والمستقيم

النترات

+

المعدة

الكحوليات

+

الكبد والمعثكلة والمريء والقولون والمستقيم والرأس والعنق والفم والمعدة والثدي

الفواكه والخضروات

-

سرطانات الأنسجة الظهارية ولاسيما بشرة الجهاز التنفسي والقناة الهضمية والرئة والبلعوم الأنفي.

مضادات الأكسدة: السيلينيوم وفيتامينE ، فيتامين A، بيتا كاروتين، الكاروتينيدات، الليكوبين، الليوتن

-

المريء والمعدة والقولون والمستقيم والفم والمعثكلة والثدي والمثانة وعنق الرحم والموثة

المواد الكيماوية النباتية غير- الغذائية:

الغليكسينولات والأندولات والفلافينويدات ومركبات الكبريت

-/+

القناة الهضمية

الألياف الغذائية وعديدة السكريات غير النشوية

-

القولون والمستقيم

الألياف المقاومة

-

القولون والمستقيم

الجدول (1) يبين بعض العوامل التغذوية ودورها في الوقاية من السرطان

 

يمكن القول إذاً إن هناك العديد من العوامل الغذائية أو الكيميائية التي تسهم في حدوث السرطان عند الإنسان بآليات عديدة، ولكن من دون أن يكون هناك ارتباط مباشر بين عاملٍ من هذه العوامل و حدوث سرطان بعينه، و ذلك بسبب تعدد العوامل المتداخلة للوصول بأي خلية إنسانية للحظة ما بعد الصفر في تكون السرطان إذ يوجد ما يثبط وما ينشط على طول الطريق المؤدية إلى هذه اللحظة (من امتصاص العامل المتهم حتى وصوله إلى الخلية فإحداثه التحول السرطاني).

1- العوامل الغذائية الحاثة على حدوث السرطان:

أ- الدسم: أكد العديد من الدراسات علاقة التغذية الغنية بالدسم بوقوع السرطان، وثبت في حيوانات التجربة أن تخفيض المتناول من السعرات الحرارية دهنية المصدر من النصف إلى الثلث بدءاً من الفطام قلل من حدوث السرطان وضاعف البقيا لدى هذه العينة. وفُسِّر ذلك باستقرار المناعة الخلوية في الحيوانات قليلة الوارد من الدسم واستقرار التوتة وهرموناتها بالمصل. ومن خلال هذه الملاحظات والدراسات المخبرية والوبائية تم الإجماع على أن الدهون غير المشبعة قد يكون لها شأن في بداية تحول الخلية إلى خلية سرطانية وذلك على الأرجح بالآلية المتمثلة بإضعاف رد الفعل والرقابة المناعية.

ب- النتريت:nitrites يستخدم النتريت عموماً مادة حافظة في منتجات اللحوم والخضروات على ألا يتجاوز 100-150 جزءاً بالمليون، كما يوجد مع الأمينات في دخان التبغ والهواء ومياه الشرب الملوَّثة، ويتكون النتريت بوساطة بكتيريا الفم عند تناول أطعمة تحوي على النترات، وفي الظروف الحمضية للمعدة تتفاعل النتريتات مع الأمينات لتكوين النتروزامينات nitrosamines، وهي مركبات محدثة للطفرات في الخلية الحية ولذلك تعد مسرطنة (75% من أصناف النتروزامينات مسرطنة بالتأكيد لحيوانات التجربة). وإن مركبات النتروزامين المتكونة في المعدة هي مركبات مسرطنة للمعدة ولعدة أعضاء أخرى من ضمنها القولون. وتعد فينولات القهوة من المركبات المحفِّزة للنتروزامينات.

جـ- الجذور الحرة والالتهابات: يعد الأكسجين عنصراً أساسياً للحياة، غير أن تعرض جزيء الأكسجين للحرارة أو الضوء أو حدوث التهاب ما (أكثر ما يشاهد ذلك في الموثة) يؤدي إلى كسر جزيء الأكسجين وانفصال الإلكترونات وترك ذرات أكسجين وحيدة، وهذه الذرات تسمى الجذور الحرة التي تكون قادرة على تحريك عملية هدم بنية الخلية الطبيعية مؤدية إلى أضرار متتالية تؤدي إلى حدوث السرطان، وكلما زادت الجذور الحرة ازداد معها حدوث الأذية الخلوية المفضية للسرطان. غير أن الأمور ليست بهذه السهولة إذ تمتلك أجسامنا في الحالة الطبيعية عدة وسائل دفاعية في مواجهة الجذور الحرة، وعندما يحدث ما يثبط خطوط الدفاع هذه تصبح الفرصة مهيأة للجذور الحرة كي تؤثر في بنية الخلية، وإن أحد أهم العوامل التي تثبط سبل الدفاع هذه هو رد الفعل الالتهابي في الجسم، فعندما تتجه كريات الدم البيض للمكان المصاب تبدأ بإطلاق جذور الأكسجين والنيتروجين لتقتل الخلايا الهدف (جراثيم، ڤيروسات…إلخ) مما يجعل وجود هذه المركبات أمراً طبيعياً في أثناء أي حالة خمجية (أي تغييب الرقابة)، غير أنه إذا حدث وبقي رد الفعل الالتهابي من دون ضابط أو دخل طور الإزمان فإن ذلك سيعمل على إفساح المجال لهذه الجذور كي تؤثر في خلايا المكان المصاب على نحو غير متناهٍ مما يؤدي إلى حدوث السرطان، ويبدو هذا واضحاً في سرطان الموثة حيث لاحظ الباحثون وجود خلايا التهابية تقريباً في كل حالات سرطان الموثة بعد الاستئصال الجراحي ووجدوا أن هذا الالتهاب يؤدي إلى خلل تنسج خلوي dysplasia بل يؤدي إلى حدوث بؤر قبل سرطانية أو سرطانية منتشرة في نسيج الموثة المجاور للالتهابات الأولية، واعتماداً على هذه المعطيات تم الاتفاق على أن الأكسدة والالتهاب عاملان أساسيان في تطوُّر سرطان الموثة.

2- العوامل الغذائية الواقية (القادرة على تغيير تأثير العوامل الكيميائية المسرطنة):

أ- حمض الأسكوربيك:ascorbic acid وهو قادر على منع النتريت من التفاعل مع الأمينات لتكوين النتروزامين، وقد برهن على قدرته عند الجرذان، وثبت أن للخس والخضروات الخضراء التأثير الواقي نفسه، غير أن التأثير الواقي لحمض الأسكوربيك في ظروف المعدة الحمضية يوجب استهلاكه مع كل وجبة نظراً لتأثيره القصير المدى.

ب- ڤيتامين:A برز شأنه الواقي من سرطانات الأنسجة البشروية في القولون والرئة والمثانة عند تعريض حيوانات التجربة - التي لديها عوز لهذا الڤيتامين- لعوامل مسرطنة. غير أن سمية هذا الڤيتامين التالية لإعطاء جرعات عالية منه -لأن الكبد تحتجز القسم الأعظم منه قبل وصوله لباقي الأنسجة - حدَّ من استخدامه هو ومشتقاته، مع أنه يستخدم في ألمانيا والنمسا منذ عشرات السنين.

جـ- السيلينيوم  :seleniumلوحظ في أمريكا زيادة انتشار بعض أنواع السرطان في الأماكن التي تفتقر تربتها للسيلينيوم، كما لوحظ أن مشتقات هذا العنصر تقي من حدوث بعض السرطانات عند حيوان التجربة، غير أن السيلينيوم عنصر سام للإنسان بتراكيزه العالية لذلك لا ينصح باستخدامه دائماً.

د- مضادات الأكسدة: تغيب مضادات الأكسدة من جميع الأغذية التي تعتمد في تحضيرها على السكَّر والملح والدسم. في حين توجد في الخضار والفواكه الطازجة والحبوب والبهارات، فالبندورة وعصيرها مثلاً ترفع نسبة الليكوبين lycopene مضاد الأكسدة في الموثة، في حين يزيد استهلاك الشاي الأخضر والأسود من تركيز مضادات الأكسدة الحاوية على البوليفينول، إذاً يمكن القول إن الڤيتامينات والمعادن الآتية من الخضار والفواكه والحبوب والبهارات كلها تعمل مضادات أكسدة ويكون تأثيرها بوصفها عاملاً مضاداً لإحداث السرطان.

هـ- محرضات الإنزيمات microsomal oxidase inducers: توجد في الأمعاء والرئة إنزيمات تعمل على تثبيط نشوء السرطان، وقد أطلق عليها اسم إنزيمات أكسدة الصغرورات microsomal oxidases enzymes، ولوحظ أن لهذه الإنزيمات محفِّزات غذائية ولاسيما الأندولات التي عزلت من عائلة الكرنب Brassicaceae التي تشمل اللفت والقنبيط مما جعل من هذه الأغذية عوامل وقائية ضد المواد المسرطنة الداخلة عن طريق الجهاز الهضمي أو التنفسي.

3- طرائق تحضير الطعام:

إن الإفراط في طهو أي نوع من اللحوم على حرارة عالية يؤدي إلى تكوين نوع من المسرطنات المسمى الأمينات متغايرة الحلقات heterocyclic amines، وقد أظهرت التجارب قدرة هذه المركبات على إحداث سرطان الموثة عند الحيوان، كما أن شواء اللحوم أو الدجاج مع طبقة الجلد المغطية يؤدي إلى تكوين نمط آخر من المسرطنات هو الـ polycyclic aromatic hydrocarbons، وإن كلا هذين المركبين المسرطنين يوجدان في دخان التبغ بعد احتراق أوراق التبغ ولها شأن في نشوء سرطان الرئة. وتناول مثل هذه الأغذية يومياً يعادل تدخين ما مقداره ثلاثون لفافة تبغ؛ لذلك فإن اعتماد وسائل أخرى للطهو كالسلق على البخار أو نقع اللحوم بالخل قبل طهوها للتسريع في نضجها، وعدم تعريضها للنار مباشرة وتقليبها المتكرر في أثناء التحضير يعد أكثر أماناً. كما أن التحول لاستخدام مصادر بروتينية غير قابلة لتكوين مسرطنات في أثناء التحضير كزيت فول الصويا يعد خطوة أولى رئيسية في تقليل الأذيات الخلوية الناجمة عن الإفراط في طهو الطعام. أما القلي فتنصح التوصيات العالمية في مجال التغذية بالإقلال من تحضير الأطعمة بالقلي والتحميص لأنها لا تعدّ عندئذٍ من ضمن الأغذية الصحية.

ثانياً- تأثير السرطان في الحالة الغذائية للمريض:

يحدث لدى المصابين بالسرطان اضطراب في الدورة الاستقلابية الرئيسية التي يتم من خلالها استقلاب الغلوكوز وينجم عنها اللاكتات، ويبدو أن الخلايا السرطانية تعاود تدوير اللاكتات من خلال دورة تصنيع الغلوكوز - مما يتطلب طاقة كبيرة - كي يتاح للخلايا السرطانية استجرار وارد طاقي مرتفع يتناسب مع نموِّها المتسارع من دون ضابط فيزيولوجي يعوقها، وهكذا كلما ازداد إنتاج اللاكتات تحفزت الخلايا السرطانية لإنتاج الغلوكوز مما يفسر زيادة استهلاك الطاقة في المصاب بالسرطان ومن ثم نقص الوزن والدنف وسوء الحالة العامة.

1- اضطراب استقلاب البروتينات والدسم: تعد الحموض الأمينية الحرة المصنَّعة داخل الجسم أو القادمة عبر التغذية مصدراً إضافياً لتصنيع الغلوكوز ومصدراً للنتروجين أيضاً، ويعتمد على هذا السبيل في تصنيع الغلوكوز في أثناء الصيام لفترات قصيرة لتزويد الدماغ وباقي أنسجة الجسم بالطاقة اللازمة. أما في حالات الصيام المديد عند الأصحاء فإن هذه العملية تتثبط للإقلال من هدم العضلات الهيكلية ويصبح الاعتماد على الحموض الدسمة مصدراً رئيسياً للطاقة ويؤكد ذلك عدم ارتفاع النتروجين في الدم المحيطي. في حين لا يحدث هذا التثبيط عند مرضى السرطان ويستمر استجرار الطاقة اعتماداً على الحموض الأمينية مما يؤدي إلى هدم بروتينات العضلات الهيكلية والعضلات الملس للأحشاء. وتستمر عملية التقويض الاستقلابي هذه حتى لو تمكن المريض من تناول كميات كافية من الحموض الأمينية والسعرات الحرارية ويؤكد ذلك معدلات النتروجين المرتفعة في الدم المحيطي، ولا تتراجع هذه العملية إلا بالسيطرة على السرطان بالوسائط العلاجية اللازمة مما يعني أن هناك إنزيمات وسيتوكينات تطلقها الخلية السرطانية لتحريك مصادر الطاقة باتجاه نموها وتكاثرها العشوائي من دون أي التزام بالأسس الفيزيولوجية.

2- فقدان الشهية عند مريض السرطان قد يكون سبباً أو نتيجة أو كليهما معاً، فمن جهة هناك الورم الذي يؤدي إلى الدنف كما ذكر سابقاً واضطراب وظائف الجهاز الهضمي واضطراب حاستي الشم والتذوق، وهناك أيضاً المعالجة الكيميائية أو الجراحية أو الشعاعية منفردة أو مجتمعة، كلها كفيلة بإنقاص الشهية وإحداث القياء الذي يفاقم من نقص الشهية، ويضاف إلى ذلك الحالة النفسية التي تدخل المريض في حلقة معيبة تغذوياً (اضطراب نفسي ¨ قلة شهية للطعام ¨ اضطراب نفسي). كما أن فقدان الشهية نفسه يؤدي إلى الوقوع في حلقة معيبة عندما يصل بالمريض لحالة من سوء التغذية (فقدان الشهية ¨ سوء تغذية ¨ فقدان الشهية).

3- التأثير المباشر للسرطان: قد يؤثر السرطان - بحسب موقعه وقربه من الجهاز العصبي أو الهضمي- مباشرة محدثاً عسر البلع، والإحساس المبكر بالشبع ونقص الامتصاص أو سوء الامتصاص وانفراغ الأمعاء المبكر.

4- التأثير المباشر للمعالجات الكيميائية أو الشعاعية: كآلام البطن والمغص والإسهال والقياء والتهاب الأغشية المخاطية للفم والبلعوم والمريء، وجفاف الفم ونقص اللعاب وما ينجم عنه من صعوبة المضغ والطعم المعدني في الفم واضطراب حاسة الذوق.

ثالثاً- دعم الحالة التغذوية لمرضى السرطان (المتممات الغذائية):

يكون 30-40% من المصابين بالسرطان في حالة تغذوية سيئة حين التشخيص، إذ إن 15% من المرضى يكونون قد فقدوا أكثر من 10% من أوزانهم في هذه المرحلة. يصادف سوء التغذية بالدرجة الأولى في سرطانات المريء (80% من المرضى)، تليها سرطانات الرأس والعنق والحنجرة والسبيل الهضمي العلوي (70%)، وبالدرجة الثالثة في سرطان الرئة واللمفومات حيث يصادف عند (50% من المرضى).

إذاً لا بدَّ دائماً من تقييم الحالة الغذائية لكل المصابين بالسرطان حين التشخيص ومراقبتها بانتظام طوال المراحل العلاجية، والبدء بدعم المريض في أي وقت يتبين أن معايير التغذية الصحيحة بدأت تشير إلى عدم كفاية وارده الغذائي (ولاسيما أنه يواجه تحديات مرضه والعلاجات المرتبطة به). وعلى هذا الأساس يجب تعرُّف مشعرات الحالة الغذائية والحد الذي نبدأ عنده بالدعم و الطرائق المتبعة لذلك.

تقييم الحالة الغذائية:

هناك مشعران مهمان لتقييم الحالة الغذائية للمريض مما يُمَكِّن من استباق حالة نقص التغذية أو سوء التغذية أو كشفهما في الوقت المناسب وهما:

أ- مشعر كتلة الجسم:body mass index (BMI) ويعد الإنسان ناقص التغذية حين يكون هذا المشعر BMI (الذي يساوي وزن الجسم بالكيلوغرام مقسوماً على مربع الطول بالمتر) أقل من 18.5كغ/م2 (أو إذا كان أقل من 21كغ/م2 عند المسنين ما فوق الـ 75 سنة).

ب- مقدار فقد الوزن قبل دخول المشفى: ونجمل هذا المشعر في الجدول رقم 2.

الزمن المقدر لفقد الوزن

فقد وزن ذو أهمية

فقد وزن شديد

خلال أسبوع

2%

> 2%

خلال شهر

5%

> 5%

خلال 6 أشهر

10%

> 10%

الجدول (2) برنامج الصحة والغذاء العالمي

 

جـ- يتم تقييم سوء التغذية الحادث اعتماداً على مشعر الخطورة التغذوية index nutritional risk index (NRI) .

NRI = (1.519 × الألبومين غ/ل) + 7.41 × الوزن الحالي مقسوماً على الوزن الاعتيادي.

إذا كان الـ NRI أكبر من 5.97 فيكفي مراقبة المريض بوزنه أسبوعياً والانتباه لوارده الغذائي من خلال ملاحظاته أو ملاحظات المحيطين به. أما إذا كانت الـ NRI أقل من 5.97 فيجب اتباع الخطوات التالية:

حساب الحاجة الحرورية اليومية للمريض: ويتم ذلك بمقدار الحاجة الحرورية لإنسان في حالة الراحة التامة وهي 30-35 كيلو كالوري لكل كيلوغرام من الوزن في اليوم، ثم يزاد هذا الرقم بالاعتماد على مدى النشاط الفيزيائي الذي يقوم به المريض يومياً وعامل الخطورة المتفق عليه لكل حالة على حدة وفقاً للجدول رقم 3.

عوامل التصحيح الواجب زيادة الحاجة الحرورية اعتماداً عليها

عوامل تتعلق بحالة النشاط

عوامل تتعلق بظروف مرضية تزيد الحاجة الحرورية

إنسان طريح الفراش (من دون أي نشاط فيزيائي)

×0.1

الجراحة، السرطان

×1.1

في المستشفى وقادر على الحركة

×1.2

الخمج الشديد والحوادث

×1.3

فعالية فيزيائية متوسطة

×1.4

الحروق

×1.5

الجدول (3)

 

اعتماداً على ما سبق تحسب الحاجة الحرورية اليومية وفق العلاقة التالية:

الحاجة الحرورية بالكيلو كالوري/كغ/يوم = الحاجة اليومية بالراحة (30-35) × عامل التصحيح المتعلق بالنشاط الفيزيائي × عامل التصحيح المتعلق بالحالة المرضية. ويعتمد لذلك على جداول أو مساطر حساب جاهزة.

ثم تقَسَّم هذه الحاجة من ناحية المصادر إلى بروتينات، ويجب أن تحوي الحاجة اليومية للإنسان وهي 1غ/كغ من الوزن، وسكريات 3-4غ/كغ من الوزن، وحموض دسمة 1-2غ/كغ من الوزن. يضاف إلى ذلك حبابة من مجموعة الڤيتامينات المتعددة يومياً والعناصر النادرة التي يحتاج إليها الجسم وهي (اليود والفلور والمغنزيوم والكوبالت والحديد والزنك، والبروم والألمنيوم والسلسيوم والنحاس).

ويتوافر حالياً العديد من المنتجات للدعم الغذائي منها ما يؤخذ بشكل طعام إضافي ذي نكهات جيدة يتم تناوله بعد الوجبات دائماً ،ومنها ما يعطى عن طريق الأنبوب الأنفي المعدي وهو الطريق المفضل في أورام الرأس والعنق أو بعد الجراحة المجراة على الرأس والعنق ، ويعد الطريق الأنفي المعدي هذا مفضلاً على الطريق الوريدي، لذا يكون الخيار الأول عندما تخفق تغذية المريض بالطريق الطبيعي، والسبيل التغذوي الثالث هو السبيل الوريدي (مستحضرات خاصة بالوريد المركزي وأخرى تناسب الوريد المحيطي).

وعلى نحو عام لا ينصح بالدعم الغذائي للأشخاص المصابين بالسرطان حين يكونون بحالة غذائية جيدة أو متوسطة ما داموا قادرين على التغذية ولا تزال شهيتهم ضمن الحدود المقبولة من دون مشعرات لخطورة تغذوية، ولكن حينما تبدأ مشعرات سوء التغذية بالتطور فينصح بالمقاربة الغذائية الداعمة وفقاً لشجرة القرار التالية (الشكل 1).

ويبين المخطط (1) حدوث سوء التغذية بسبب زيادة استهلاك الطاقة عند مرضى السرطان.

الشكل (1) المخطط (1) حدوث سوء التغذية بسبب زيادة استهلاك الطاقة عند مرضى السرطان

 

يفيد الدعم الغذائي للمصاب بالسرطان على النحو التالي:

1- يحافظ على الحالة التغذوية المثلى والوزن المثالي مما يحسن الحالة العامة للمريض.

2- يساعد في الحصول على الفائدة القصوى من العلاج.

3- يخفف من الآثار الجانبية للعلاج.

4- يمنع أو يحسن حالة فقدان بروتينات الجسم والضعف المناعي.

5- يحسن ويحافظ على نوعية الحياة.

من جهةٍ أخرى قد يكون من الضروري للمصاب بالسرطان الذي يظهر علامات سوء التغذية أن تعدَّل وجباته الغذائية من ناحية التواتر أو النوع أو الاثنين معاً وأن تؤخذ بالحسبان العوامل التالية:

1- موقع العضو المصاب وأماكن الانتقال الثانوية.

2- الأعراض والعلامات السريرية.

3- نوع العلاج المطبق ومدى تأثيراته الجانبية.

4- تأثير السرطان نفسه على العناصر الغذائية المتناولة.

5- مدى التحمل وقابلية التناول.

يوضح الجدول رقم 4 بعض التفاصيل في هذا المجال.

المشكلة

الدعم التغذوي المقترح

صعوبة المضغ أو البلع أو كلاهما معاً والتهاب الفم والجفاف

- تشجيع المريض على استعمال بيكربونات الصوديوم وغسيل الفم بالماء.

- تخفيف قوام الأطعمة إلى ما يشبه السائل (الحليب المخفوق بالبيض بعد إضافة مادة ذات نكهة مثل البطاطا المهروسة).

- إضافة صلصات أو مرق ثخين أو حساء خفيف خال من الملح.

- شرب سوائل مع الوجبات.

- تجنب الأطعمة الحاوية على البهارات بكميات عالية أو مواد حمضية أو مملحة.

- تغيير حرارة الأطعمة لتجنب إصدارها للرائحة.

- محاولة استخدام اللعاب الصناعي.

 

 

غثيان أو قياء

- مضادات قياء قبل الطعام.

- التأكد من تناول هذه الأدوية من قبل المريض .

- لا بد من مراجعة الطبيب إذا لم يتوقف القياء خلال 72 ساعة.

- تجنب تحضير الأطعمة التي تطلق الروائح.

- تناول أطعمة باردة أو حرارتها من حرارة الغرفة.

- إعطاء المريض أطعمة جافة كالخبز المحمص أو البسكويت قبل الوجبات وقبل النهوض من الفراش صباحاً وكل ساعتين.

- اعتماد الوجبات الصغيرة و المتكررة و تجنب تقديم الأطعمة الدهنية و المقلية أو عالية المحتوى الدهني .

- تجنب الأطعمة الحريفة و العالية الحلاوة و ذات النكهات القوية.

- تجنب تقديم الأطعمة المفضلة عند وقت النوم لتجنب تحفيز الاستجابة السالبة لهذه الأطعمة.

 

 

 

تغير الطعم

- تحديد الوقت الذي حدث فيه هذا التغير بحاسة الذوق والشم.

- تناول أطعمة باردة أو حرارتها من حرارة الغرفة.

- تجنب الأطعمة ذات الروائح القوية.

- محاولة استخدام البهارات والمنكهات.

- محاولة إيجاد مصادر بديلة للبروتين مثل زبدة الفول السوداني والجبن والبيض المطهي أو اللحوم البيضاء حين عدم تقبل اللحوم الحمراء.

- استخدام أواني من اللدائن حين وجود طعم معدني للطعام.

- طهي اللحوم بعصير الأناناس أو الليمون إذ يمكن لهذه النكهات أن تحسن من سهولة التذوق.

- إضافة السكر قد يحسن من نكهة المآكل المالحة.

- إضافة الملح للأطعمة المحلاة يقلل من حلاوتها.

 

 

فقد الشهية للطعام

- أدوية لفتح الشهية.

- تقديم الأطعمة المفضلة للمريض.

- توفير أجواء هادئة وممتعة للمريض في وقت الطعام.

- تشجيع تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية كل عدة ساعات حتى ولو لم يكن المريض جائعاً.

- نفي أي سبب قد يكون مسؤولاً عن فقد الشهية كالألم أو الغثيان أو الإمساك وحل المشكلة إن وجدت.

- زيادة القيمة الغذائية للأطعمة المتناولة بإضافة الكربوهيدرات والبروتين وإضافة مسحوق الحليب الجاف المنزوع الدسم والدهون التي يمكن تقبلها كالزبدة والمرق.

 

 

فقد الوزن وضمور العضلات

- تقديم أغذية غنية بالسعرات الحرارية ومكثفة بالبروتين مثل:

· إضافة الحليب الجاف للأطعمة والمشروبات لدعم البروتين،استخدام الأطعمة الحاوية على دهون عالية السعرات الحرارية وسهلة التقبل من المريض كالمثلجات والألبان كاملة الدسم والفواكه المعلبة في محاليل سكرية.

· إضافة اللحم أو الجبن المهروس للصلصات والخضر والشوربة.

- تشجيع تناول أطعمة خفيفة بين الوجبات.

- تشجيع استخدام المتممات الغذائية (مستحضرات صيدلانية عالية السعرات الحرارية)

- الإقلال من تناول القهوة والشاي ذات المحتوى الطاقي والغذائي القليل.

 

 

 

ظاهرة الامتلاء

- محاولة تناول أطعمة خفيفة بشكل متكرر.

- إنقاص تناول الكربوهيدرات البسيطة وزيادة تناول البروتين والدهون في الغذاء.

- تحديد تناول السوائل إلى 30دقيقة قبل الوجبة و بـ 30-60 دقيقة بعدها.

- استخدام غسول الفم بمحاليل طبية كبيكربونات الصوديم أو ما يصفه الطبيب.

- غسول فم مسكن لتخفيف الألم المرافق للطعام.

- تجنب (المقرمشات) ذات القوام الصلب واستبدالها بأطعمة لينة وسائلة.

- تجنب الأطعمة المملحة و الحمضية والحريفة.

- تجنب الأطعمة الساخنة و تستبدل بها أطعمة باردة أو بحرارة الغرفة.

- تشجيع الأغذية المتممة لزيادة الوارد الغذائي.

- نفي وجود مرض فطري أو فيروسي.

 

 

 

 

الإسهال

- زيادة الوارد من السوائل لتعويض المفقود.

- الحث على تناول الأطعمة الغنية بألياف البكتين في أثناء الحالة الحادة حين يتم استبعاد الخمج المعوي أما الأطعمة الغنية بالألياف المنتجة للغازات فقد يكون تحملها ضعيفاً.

- زيادة تناول الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم لتعويض المفقود.

- تعديل المحتوى الدسم في الوجبة بحسب الحاجة.

- الانتباه للتغوط الدهني.

- التقليل من محتوى الوجبة من اللاكتوز بحسب الحاجة ولاسيما إذا كان المريض يعالج شعاعياً على ناحية المثانة.

- إذا كان المريض قيد العلاج الشعاعي فلا بد من أخذ قرار المتابعة على العلاج الشعاعي من قبل أخصائي المعالجة الشعاعية.

- استخدام القابضات لمدة 36-48ساعة.

- التشجيع على إعطاء المشروبات الساخنة ولاسيما عصير التفاح الساخن.

 

الإمساك

- زيادة الوارد من الألياف .(تناول الخضار خاصةً).

- إعطاء 3-4 ملاعق شاي من دقيق القمح الكامل مع تناول 8-10 أكواب ماء في اليوم ويمكن زيادة إعطاء دقيق القمح إلى نصف كوب يومياً حتى تظهر الحركات الحوية.

- إعطاء ملين للبراز أو مسهل يومياً لثلاثة أيام ثم إذا لم تبدأ حركة الأمعاء يمكن إعطاء الحقن الشرجية لتفادي أي مضاعفات أخرى.

الجدول (4)

 

 

 

 

 


- التصنيف : الأورام - النوع : الأورام - المجلد : المجلدالثامن - رقم الصفحة ضمن المجلد : 410 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1