قلب ريوي
cor pulmonale - cœur pulmonaire



القلب الرئوي

 

جورج العسافين

الفيزيولوجيا المرضية

الأسباب المرضية

الأعراض السريرية

الاستقصاءات

المعالجة

الإنذار

 

 

 

القلب الرئوي هو تضخّم البطين الأيمن (توسع أو تضخّم أو كلاهما معاً)، ناجم عن ارتفاع الضغط الرئوي يتلوه زيادة الحمل على البطين الأيمن بسبب أمراض الرئتين وجدار الصدر ومراكز السيطرة على التهوية أو الأمراض التي تصيب الدوران الرئوي. وليس من الضروري وجود قصور في القلب الأيمن لتشخيص القلب الرئوي. وتجدر الملاحظة أن تعريف القلب الرئوي يستبعد تشوّهات القلب الأيمن (التي قد تؤدي ثانوياً إلى قصور القلب الأيسر) أو أمراض القلب الخلقية.

يغلب ما يكون تطوّر القلب الرئوي مزمناً وبطيئاً، ولكن قد يحدث على نحو حاد حين لا يستطيع البطين الأيمن المعاوضة نتيجة حدوث تطوّر مفاجئ في المرض الاصلي أو خلل دوراني رئوي شديد كالصمّة الكبيرة.

الفيزيولوجيا المرضية:

تختلف الآلية المرضية بحسب السبب، ولكن الأساس هو دائماً زيادة المقاومة الوعائية الناجمة عن تشنج الأوعية الرئوية بسبب نقص الأكسجة من جهة وحالة الحماض من جهة ثانية، إضافة إلى نقص سطح التبادل السنخي الشعري كما هو الحال مثلاً في الآفات الرئوية الانسدادية المزمنة (COPD) chronic obstructive pulmonary diseases.

تؤدي زيادة المقاومة الوعائية إلى ارتفاع الضغط الرئوي الذي يحدث بداية بعد الأخماج التنفسية الحادّة في سياق المرض الأصلي ومع تكرار الإصابات يثبت ارتفاع الضغط هذا ويصبح مستمراً ثمّ يزداد شدّة بالتدريج، ثم تحدث ضخامة في الطبقة العضلية للشرينات الرئوية إضافة إلى تشكّل خثرات ضمنها مما ينقص من سطح السرير الوعائي فيزيد من ضغط الحمل القلبي ويسيء لوظيفة البطين الأيمن مع تضخم عضلته وحدوث ما يسمّى القلب الرئوي مع استمرار نقص الأكسجة المزمن الذي يؤدي لاحقاً إلى تأذي وظيفة البطين الأيسر وقصوره.

الأسباب المرضية:

ينجم القلب الرئوي عن مجموعة أمراض رئوية أو غير رئوية يمكن تصنيفها كالتالي:

1- الآفات الرئوية:

(COPD -التهاب القصبات المزمن وانتفاخ الرئة).

- التليف الكيسي.

- الآفات الرئوية الخلالية.

2- الإصابات الدورانية الرئوية:

- الصمّة الخثارية الرئوية.

- فرط الضغط الرئوي الأولي.

- الصمّة الورمية.

- فقر الدم المنجلي.

- داء البلهارزيات الرئوي Schistosomiasis.

- الداء مسد الوريد الرئوي.

3- الأمراض العضلية العصبية:

- التصلب الجانبي الضموري.

- الوهن العضلي الوبيل.

- شلل الأطفال.

- متلازمة غيَّان باره Guillain- Barré.

 - إصابات النخاع الشوكي.

- شلل الحجاب الثنائي الجانب.

4- تشوهات القفص الصدري:

- الجنف.

5- أذيات المراكز التنفسية:

- نقص التهوية المركزي الأولي.

- متلازمة توقف النفس في أثناء النوم.

وهذه كلها تؤدي إلى القلب الرئوي بالآليات المحتملة التالية:

- تقبّض الأوعية الرئوية بسبب نقص الأكسجة السنخي والحماض التنفسي.

- نقص سطح السرير الوعائي الرئوي كما في حالة انتفاخ الرئة والصمّة الرئوية.

- زيادة اللزوجة الدموية كما في فقر الدم المنجلي وكثرة الكريات الحمر.

- زيادة حجم الجريان الدموي.

إنّ أهم سبب للقلب الرئوي هو COPD (التهاب القصبات المزمن وانتفاخ الرئة) ويزداد حدوثاً كلما كانت الإصابة أكثر تقدماً ليصل إلى نحو 70% من المرضى الذين لديهم حجم الزفير القسري 0.6 > FEV1 ليتر كحجم رئوي مزفور بالثانية الأولى.

الأعراض السريرية:

أهمّها الأعراض الناجمة عن ارتفاع الضغط الرئوي وهي الزلة الجهدية والتعب والنعاس والألم الصدري الذي يقلّد ألم خناق الصدر، والغشي حين الجهد الناجم عن عدم قدرة القلب على زيادة النتاج القلبي بسبب تقبّض الشريينات الرئوية. قد يشكو المرضى أيضاً من سعال ونفث دم ونادراً من بحة الصوت، أما احتقان الكبد الناجم عن قصور القلب الأيمن الشديد فيؤدي إلى قهم وشعور بعدم الراحة في المراق الأيمن.

الموجودات السريرية:

وهي العلامات المشاهدة في ارتفاع الضغط الرئوي والمصاحبة لضخامة البطين الأيمن وقصوره كاحتداد المركب الرئوي للصوت الثاني، وارتفاع موجة A بالنبضان الوريدي الوداجي، ودفعة خلف القص، وصوت رابع، وتكة دفعية رئوية انقباضية، ونفخة دفعية بمنتصف الانقباض ونفخة انبساطية مبكرة بسبب القصور الرئوي. وبسبب ارتفاع الضغط الوريدي الجهازي يرى في تخطيط القلب الكهربائي سيطرة موجة V، ويسمع بالإصغاء صوت ثالث بطيني أيمن مع نفخة قصور مثلث الشرف تزداد شدّة بالشهيق.

 وترى -إضافة إلى الضخامة الكبدية - الوذمات المحيطية التي تحدث خاصة في المرضى الذين يرتفع فيهم غاز ثاني أكسيد الكربون المشترك مع عودة امتصاص البيكربونات بالأنابيب القريبة لتخفيف الحماض التنفسي الحاصل لكنها تسهم بإحداث الوذمة بفعل عودة امتصاص الماء وكلور الصوديوم السلبي. العامل الآخر الذي يسهم في هذا الاحتباس هو نقص الأكسجة الذي يسبب تقبّض أوعية الكلية ونقص إطراح الصوديوم.

الاستقصاءات:

من الضروري إجراء بعض الاسقصاءات لتأكيد التشخيص:

- صورة الصدر: وترى فيها زيادة عرض الشرايين الرئوية بالسرتين ونقص التوعية المحيطية، إضافة إلى إظهار بعض علامات الأمراض الرئوية المسببة.

- تخطيط القلب الكهربائي: الذي يظهر علامات تدلّ على ضخامة البطين الأيمن كانحراف المحور للأيمن وارتفاع موجة P بالاتجاه II مع R/S < 1 بالاتجاه V1، وقد يكون هناك حصار غصن أيمن تام أو جزئي.

- صدى دوبلر القلب echo Doppler: وهو مهم لقياس الضغط الشرياني الرئوي على نحو غير مباشر، وتحديد درجة ثخن البطين الأيمن مع تبارز الحاجز بين البطينين نحو البطين الأيسر خلال الانقباض، كما ترى علامات قصور مثلث الشرف.

- اختبارات وظائف الرئة: وهي ضرورية حين وجود قصة مرض صدري.

- تصوير القلب بالنظائر المشعّة: لاختبار وظيفة العضلة القلبية.

- قثطرة القلب الأيمن: وهو الوسيلة الأكثر دقة في تشخيص القلب الرئوي وتقدير الضغط الرئوي، ولكن لا داعي لإجرائها إلاّ حين وجود صعوبة في تقييم قصور مثلث الشرف بالصدى أو حين وجود أعراض تتعلق بالجهد، ومن المهم إجراء القثطرة لنفي الإصابة الإكليلية أو تأكيدها، وقد تكون مهمة لتحديد الاستجابة للموسعات الوعائية كحاصرات الكلس وغيرها.

- خزعة الرئة: مع أهميتها لتقييم فرط الضغط الرئوي ودرجة الاستجابة للموسعات الوعائية فقد استعيض عنها حالياً بالقثطرة القلبية .

المعالجة:

تهدف المعالجة إلى تحسين الأكسجة وتقوية انقباض عضلة البطين الأيمن مع إنقاص المقاومة الوعائية، ويجب أن يركز على علاج الـ COPD جيداً في هذا السياق.

- الأكسجين: تطيل المعالجة طويلة الأمد بالأكسجين (LTOT) أمد الحياة في مرضى الـCOPD وذلك بإنقاصها المقاومة الرئوية الوعائية مما يؤدي إلى تحسين النتاج القلبي والكلوي وزيادة طرح الصوديوم في البول.

- المدرات: تفيد حين وجود زيادة في حمل القلب الأيمن وتحسّن وظيفة البطينين الأيمن والأيسر ولكن في الوقت نفسه لا يجب إحداث إدرار شديد فهو يؤدي إلى نقص النتاج القلبي ويؤثر في وظيفة البطين الأيمن، ومن المهم معايرة البولة وكرياتينين المصل للاستدلال على الوظيفة الكلوية وحالة الحجم الدموي، وطبعاً يجب إيقاف المدرات فور ارتفاعهما، وقد يؤدي العلاج بالمدرات أيضاً إلى قلاء استقلابي الأمر الذي يسبب تثبيطاً تنفسياً وآثاراً سيئة في المرضى المصابين بأمراض صدرية شديدة.

- الديجوكسين: لم تثبت الدراسات أي فائدة للديجوكسين في علاج القلب الرئوي إلاّ إذا ترافق وقصور القلب الأيسر.

- الموسعات الوعائية: تضم مجموعة عديدة من الأدوية مثل الـ هيدرالازين، والنيترات، ونيفيديبين، وفيراباميل، ومثبطات الخميرة القالبة للأنجيوتنسين وكلها مفيدة في إنقاص توتر الشريان الرئوي على المدى القصير ولكن ليس لفترة طويلة، ومن ناحية ثانية لم تحسّن هذه الأدوية تحمّل المرضى للجهد ولم تحسّن حالتهم الوظيفية، عدا ما أحدثت من التأثيرات الجانبية ونقص الأكسجة ولاسيما في مرضى الـ COPD؛ لذا لا ينصح باستخدامها فيهم. وينصح مع ذلك باستخدامها للمصابين بارتفاع الضغط الرئوي الشديد والمزمن ويفضّل هنا إجراء قثطرة يمنى ومراقبة الاستجابة بعد إعطاء الـ nifedipine مديد التأثير 30- 240ملغ/يومياً أو diltiazem 120- 720 ملغ/يومياً بطريق الفم.

- الثيوفيللين ومحاكيات الودّي sympathomimetics: قد تحسّن هذه الأدوية الحالة بآلية بعيدة عن تأثيرها كموسعات قصبية وذلك بتحسين وظيفة العضلة القلبية والحجاب الحاجز وتوسيع الأوعية الرئوية قليلاً.

- الميترين Almitrine: يحسّن الأكسجة قليلاً ولكن لا ينصح باستعماله لأنه يزيد ارتفاع الضغط الرئوي سوءاً ويؤدّي للزلة التنفسية.

- الفصادة: تُجرى حين ارتفاع الهيماتوكريت اكثر من 55% وتؤدّي إلى انخفاض ضغط الشريان الرئوي والمقاومة الوعائية، ويجدر بالذكر أن المعالجة بالأكسجين تقلل من حدوث ارتفاع الهيماتوكريت في مرضى الـ COPD.

الإنذار:

إنّ تطور الحالة إلى قلب رئوي مع ارتفاع الضغط الرئوي وحصول الوذمات الانطباعية يسيء للإنذار ليصبح معدّل البقيا لخمس سنوات نحو 30% من مرضى الـ COPD.

 

 

- التصنيف : جهاز التنفس - النوع : جهاز التنفس - المجلد : المجلد الرابع - رقم الصفحة ضمن المجلد : 114 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1