التنظير الهضمي التشخيصي والعلاجي
تنظير هضمي تشخيصي وعلاجي
diagnostic and therapeutic digestive endoscopy - endoscopie digestive diagnostique et thérapeutique
التنظير الهضمي التشخيصي والعلاجي
فائز صندوق
وصف المنظار الضوئي
أنواع التنظيرات
كان التصوير بالباريوم هو الإجراء المتبع في تشخيص أمراض المعدة والقولون حتى أوائل السبعينات حين بدأ استخدام المنظار الضوئي الذي عدّ محطة نوعية في عالم الجهاز الهضمي من تشخيص ومعالجة، إذ أمكن رؤية الآفات المرضية مباشرة بعد أن كانت تقرأ على نحو غير مباشر، هذا إضافة إلى الكثير من الإجراءات العلاجية التي يمكن إجراؤها بوساطة المناظير.
المنظار هو أنبوب رفيع مرن مؤلف من أكثر من 40ألف ليف زجاجي كلها فائقة النقاوة مع آلة تصوير «كاميرا» في رأس الأنبوب. وقد تطور هذا المنظار حتى أصبح إلكترونياً (فيديو) مما أسهم إسهاماً سريعاً في توثيق المعلومات وحفظها والإسراع بالتعليم.
تحضير المريض
تشترك كل التنظيرات بتحضير مشترك وهو القدوم صباحاً صائماً عن الطعام والشراب مدة 10 ساعات على الأقل، ثم لكل تنظير تحضيره الخاص: فتنظير القولون وتنظير الأمعاء الدقيقة و«كبسولة» التنظير capsule endoscopy CE يحتاجان إلى أخذ 4لترات من محلول عالي التركيز مع شوارد معاوضة يحدث إسهالاً شديداً مع الحفاظ على توازن الجسم الشاردي. وهنا لابد من الانتباه لحالات القصور القلبي والقصور الكلوي إذ يجب الأخذ في الحسبان تحمل القلب ومراقبة عدم الدخول في قصور القلب الاحتقاني. ومن الجدير بالذكر أنه يجب التعامل مع الإجراءات التنظيرية بالآلية الخاصة بالعمليات الجراحية نفسها ولاسيما بالإجراءات التنظيرية العلاجية من ناحية أخذ الموافقات الخطية بعد شرح نسبة نجاح الإجراء للمريض ومضاعفاته. ولم يعد التنظير الهضمي مرعباً كما كان بالسابق، إذ أصبح التخدير السطحي الخاص بالتنظير من الوسائل المنوالية المشجعة التي تضمن عدم إزعاج المريض في أثناء الإجراء.
1- التنظير الهضمي العلوي: يكشف هذا التنظير آفات المريء والمعدة والاثني عشري بنسبة تشخيصية عالية تفوق حساسية كل الطرق الشعاعية الأخرى مثل صورة المريء المعدة بالباريوم التي لم يعد لها دور إلا في حالات نادرة مثل عسر البلع والتضيقات التي لم يمكن تجاوزها بالمنظار، أو وجود مضاد استطباب قلبي أو تنفسي. وإن من أهم استطباباته التشخيصية عرضين رئيسيين: القلس مع اللذع، والألم الشرسوفي، حيث يكشف علامات التهاب المريء الناجمة عن القلس ودرجة الالتهاب، ووجود الفتق الحجابي وحجمه، ووجود داء «باريت» الذي يخضع لأسلوب متابعة تنظيرية خاص. كما يكشف وجود القرحات الهضمية ويحدد مكانها الذي يحدد طريقة المتابعة على الرغم من العلاج المشترك بالقرحتين المعدية والاثني عشرية. ولا داعي لتنظير المعدة للمتابعة (follow up) بعد معالجة القرحة الاثني عشرية حيث يستعاض باختبار النفس لمعرفة استمرار وجود جرثومة الحلزونة البوابية أو لا، ولكن تنظير المتابعة ضروري بعد شهر من المعالجة عند المصاب بالقرحة المعدية للتأكد من اختفاء القرحة إذ يخشى من كونها قرحة سرطانية. كما يستطب تنظير المعدة في حالات فقر الدم صغير الكريات مجهول السبب، ونقص الوزن مع نقص الشهية، والتغوط الزفتي أو القياء الدموي حيث يكشف أورام المعدة السليمة مثل الورم العضلي الأملس leiomyoma وسرطان المعدة ودوالي المريء وقعر المعدة والتشوهات الوعائية. ونتيجة للتطورات الحديثة في مضمار الأجهزة بدأت إمكانية تمييز النسيج الخلوي وتشخيص عسر التصنع الحالة الخلوية ما قبل السرطانية خاصة بحالات باريت وذلك بوساطة استخدام وسائل التلوين التنظيري chromoendoscopy، والتنظير المجهري microendoscopy، واستخدام تقنية الحزم الضوئية الضيقة narrow banding imaging (NBI).
أما علاجياً فقد بات من المسلم به جدوى هذا التنظير في تدابير شتى:
أ- أنواع النزوف بنسبة أكثر من 95%. خاصة في نزوف القرحات ودوالي المريء وسقف المعدة والتشوهات الوعائية حيث يمكن السيطرة على النزف بوضع مشابك معدنية hemoclips أو حقن مواد مصلبة sclero agents أو بالتخثير الحراري أو الربط. المهم هنا أن يحول مريض النزف الهضمي العلوي (إقياء دموي أو تغوط زفتي) سريعاً للتنظير الهضمي إذ أثبتت الدراسات جدوى هذا الإجراء في أثناء النزف الحاد وذلك بغية التشخيص الباكر، والسيطرة على النزف وتحسين الإنذار.
ب- بعد بلع الأجسام الأجنبية مثل الدبوس أو الملاقط والعملات المعدنية وغيرها، حيث يمكن سحبها بالمنظار. والجدير بالذكر هنا من الضروري أن يتم التحويل على الريق سريعاً.
ج- ويمكن أيضاً استئصال السليلات polyps المتوضعة بالمريء أو المعدة أيضاً.
د- وكذلك يمكن توسيع تضيقات المريء السليمة الناجمة عن بلع الكاويات أو التالية للقلس المزمن وذلك بموسعات سفاري Savary متدرجة القياسات.
هـ- وفي حال الأورام المضيقة للمريء أو الاثني عشري (ورم معثكلة)، وغير القابلة للاستئصال الجراحي يمكن وضع دعامات (استنتات) معدنية تساعد على تلطيف أعراض المريض الانسدادية في أيامه الأخيرة.
و- كذلك يمكن وضع قثطرة من المعدة للجلد (تفميم معدة أو صائم) للتغذية عبره في مرضى توقف عملية البلع المزمنين.
ز- ومن الممكن معالجة تضيقات المفاغرات بتوسعيها ببالونات خاصة عبر المنظار ويمكن وضع دعامات (استنتات) بلاستيكية expandable (لدائنية) فترة محددة.
ح- وإن من أهم التطورات الحديثة في مجال التنظير العلوي العلاجي استئصال الأورام اللابدة in situ أو حالات عسر التصنع في داء باريت حيث تستأصل بطريقة استئصال المخاطية السطحية بالربط أو بالسنار mucosectomy بعد رفعها عن الطبقة تحت المخاطية بحقن محلول ملحي، وكذلك تقنية قطع المخاطية mucosal resection. ويمكن استخدام الموجات الاهتزازية RFA أيضاً لتخثير مخاطية باريت.
ط- ومن الإجراءات العلاجية التي اتفق عليها الآن توسيع انسداد البواب القرحي بالبالون مع استخدام أدوية القرحة الحديثة بنسبة نجاح عالية، ويجدر بالذكر هنا التعامل مع هذه الحالة بالاستراتيجية الجراحية نفسها حيث يجب وضع أنبوب أنفي معدي قبلها مدة 3-5 أيام حتى تعود المعدة إلى حجمها قبل إجراء التوسيع مما يخفف من مضاعفات الانثقاب.
ي- وأخيراً لابد من التنويه هنا بتخطيط الصدى بالتنظير endoscopic ultrasound (EUS) الرائد في التشخيص الدقيق لآفات تحت المخاطية ودراسة انتشار أورام المريء والمعدة والمعثكلة وعلاقاتها بالجوار وبالتالي تحديد التدبير جراحياً أو تنظيرياً. ويعد هذا الإجراء الأدق في تحديد درجة انتشار أورام المعثكلة وحليمة فاتر. وقد تطور هذا الإجراء حديثاً حتى بات بالإمكان معالجة الكيسات الكاذبة المعثكلية، وتداخلات الطرق الصفراوية.
2- التنظير الهضمي السفلي: إن أهم ما يجب على الطبيب العام الممارس الانتباه إليه هو قاعدة الدم مع البراز. فعلى الرغم أن 93% من النزف السفلي الأحمر ناجم عن بواسير شرجية بغض النظر عن العمر، فإنه يمكن لهذا النزف أن يدل أيضاً على علامات باكرة لسليلات في القولون أو التهاب قولون تقرحي مزمن. وقد بات معروفاً أن السليلات تحتاج إلى 6-12 سنة لكي تتطور إلى سرطان قولون، وعلاج التهاب القولون التقرحي المزمن يخفف من سرعة تطور المرض باتجاه الخباثة؛ لذا فإن تحويل المريض باكراً لتنظير القولون هو من أهم وظائف الطبيب الممارس العام.
3- تنظير القنوات الصفراوية المعثكلية الراجع ERCP: أحدث هذا الاكتشاف منذ عام 1968 ثورة نوعية في عالم التنظير الهضمي، إذ أصبح بالإمكان تشخيص أمراض الشجرة الصفراوية والمعثكلية إضافة إلى القيام بإجراءات علاجية عديدة بديلة من العمل الجراحي. ويعد هذا الإجراء راضاً إذ يمكن أن تحدث مضاعفات مهمة مثل التهاب معثكلة في 4% من الحالات، ونزف أو انثقاب يحتاج إلى جراحة بنسبة 0.1% (واحد بالألف). لذلك لم يعد له دور في التشخيص إذ استبدل به إجراءات غير راضة مثل الرنين المغنطيسي للطرق الصفراوية MRCP والتصوير الطبقي المحوري متعدد الشرائح multislices، وتخطيط الصدى بالتنظير.
إن أكثر ما يهم الطبيب الممارس العام أن يقرر تحويل المريض للتنظير بالتوقيت المناسب من أجل المعالجة قبل أن تتطور الحالة لمراحل متقدمة غالباً ما تكون خطرة في هذه الأماكن. أهم استطبابات هذا الإجراء: اليرقان الانسدادي الناجم عن حصيات الشجرة الصفراوية وأورامها وأورام المعثكلة، حيث يمكن سحب الحصيات المتوسطة حتى 10ملم من الشجرة الصفراوية بعد إجراء خزع مصرة أودي بنسبة عالية جداً تقارب الـ 99%، وفي حالات الحصيات الكبيرة يمكن تفتيتها بالمفتت الميكانيكي أو بوساطة جهاز الموجات الصادمة المستخدم في تفتيت الحصيات البولية. كما يمكن وضع دعامات (استنتات) بلاستيكية أو معدنية عبر المنظار كإجراء تلطيفي يخفف الأعراض الانسدادية لما تبقى من عمر المريض. كما يستخدم هذا الإجراء في العلاج التنظيري في التهابات المعثكلة المزمنة حيث يمكن توسيع تضيقات القناة المعثكلية بموسع «سوهندرا» وسحب الحصيات الكلسية من القناة. وأخيراً أصبح بالإمكان القيام بإفراغ الكيسات الكاذبة المعثكلية باتجاه المعدة أو الاثني عشري بوساطة هذا الإجراء بل إدخال المنظار في الفوهة المجراة بالمنظار باتجاه جوف الكيسة وتنظيفها بدقة وبنسبة نجاح عالية تبلغ 87%. كذلك يمكن علاج الأورام الموضعة بزرع مادة شعاعية ضمن أورام الشجرة الصفراوية. ويمكن استئصال ورم حليمة فاتر بعد التأكد من عدم ارتشاحه بوساطة تخطيط الصدى بالتنظير. وأخيراً من الضروري أن ننوه بتنظير الطرق الصفراوية المعثكلية الراجع في التهاب المعثكلة الحاد. فبعد أن كان هذا التصوير مضاد استطباب في التهاب المعثكلة الحاد أصبح من المعتمد إجراؤه على نحو إسعافي في الالتهاب الناجم عن الطرق الصفراوية (biliary acute pancreatitis) حيث لوحظ أن التنظير وإجراء خزع حليمة فاتر وإزالة العائق الصفراوي من حصيات أو طفيليات أو غيره، يساعد على تسريع شفاء الهجمة الحادة، ويخفف من مضاعفات الالتهاب الحاد وأخيراً يخفف من الإقامة ضمن المستشفى.
4- تنظير الأمعاء الدقيقة: يبلغ طول الأمعاء الدقيقة نحو 6 أمتار كانت تعد حتى وقت قريب ظلماء لنا من وجهة النظر التنظيرية. وكانت كل الدراسات الخاصة بها تعتمد على الرؤية غير المباشرة من أشعة الباريوم، والطبقي المحوري والتصوير بالموجات الصوتية حتى استخدم المنظار الطويل وطوله متران ونصف push enteroscopy الذي أمكن بوساطته دراسة نحو ثلث الأمعاء الدقيقة فقط. وتكمن الصعوبة بدفع المنظار في تلك الأمعاء المتحركة بشكل حر في البطن، حتى جاء حديثاً منظار البالون المزدوج double balloon الذي أصبح بالإمكان بوساطته رؤية كل لفائف الأمعاء الدقيقة وذلك بطيها باتجاه الفاحص في أثناء التنظير. ويمكن أن تتم الدراسة من الفم أو من الشرج للوصول إلى النهايات البعيدة من اللفائفي. وتطور أخيراً المنظار وحيد البالون single balloon الذي يعتمد الآلية نفسها. وعلى الرغم من الاستطبابات القليلة لهذا المنظار وصعوبته من ناحية الوقت الطويل والحاجة إلى التخدير فهو يحقق غاية كبرى عند الحاجة إليه. وقد حددت استطباباته في حالات النزوف الهضمية التي أخفق التنظير العلوي والسفلي باكتشاف أسبابها. وبعد تطور استخدام محفظة (كبسولة) التنظير أصبح استخدام هذا المنظار محصوراً بآفات الأمعاء الدقيقة العلاجية مثل استئصال السليلات أو توقيف النزوف من الأمعاء الدقيقة.
5- كبسولة التنظير: عدت هذه التقنية قفزة أخرى في عالم التنظير إذ اعتمدت تكنولوجيا الفضاء من استخدام كبسولة بحجم حبة الدواء (11>26ملم). في نهايتها توجد آلة تصوير (كاميرا) عالية الدقة تأخذ 2-4 صور بالثانية في كبسولة المعدة والقولون و14 صورة بالثانية في كبسولة المريء. طريقة التحضير للفحص بهذه الكبسولة هي نفسها في تنظير القولون. وقد حددت استطبابات الكبسولة بما يلي:
أ- النزف الهضمي مجهول السبب الذي أخفق التنظير العلوي والسفلي باكتشاف سببه.
ب- الاشتباه بأورام الأمعاء الدقيقة وسليلاتها.
ج- الشك بأمراض الأمعاء الالتهابية (داء كرون).
د- الشك بسوء الامتصاص الذي لم يثبت بالخزعة.
6- تنظير القولون الافتراضي بالتصوير المقطعي المحوسب أو بالمرنان CT & MRI virtual colonoscopy: أصبح بالإمكان بوساطة التطور المتقدم في تلك الأجهزة أخذ مقاطع لكامل القولون من الداخل. ويمكن افتراضياً الدخول إلى داخل اللمعة لدراسة السليلات والأورام بنسب تقارب نتائج التنظير الضوئي. ويحتاج هذا الإجراء إلى طريقة التحضير الخاصة بتنظير القولون نفسها، ولكن تبقى المشكلة أنه عالي الكلفة إلى الآن.
علينا أن نتذكر > الدم الأحمر مع البراز: في دراسة محلية للحملة من الوقاية من أمراض القولون تبين أن نسبة أورام المستقيم والقولون عند الشباب تحت الثلاثين من العمر في بلادنا (18%)، وهي أعلى مما هي في الغرب (5% فقط). وتجري حالياً دراسات مع ألمانيا وأمريكا لمحاولة وضع تعليمات ناظمة خاصة لبلادنا. حتى ذلك الحين يُقترح تحويل المريض إلى تنظير القولون، ووقائياً أقارب الدرجة الأولى للعائلات ذات القصة الإيجابية لورم أو سليلات بالقولون في الحالات التالية: - وجود دم مع البراز بدءاً من 10 سنوات لاكتشاف سليلات بالقولون. - إيجابية الدم الخفي بالبراز عند المرضى ما بين 20-40 سنة من العمر (يجرى مرة كل عام). - فوق الأربعين من العمر حتى من دون وجود دم مع البراز. > براز أسود: التأكد من القصة المرضية أن المريض لا يتناول الأدوية التي تلون البراز باللون الأسود كالحديد والبزموت، وبعض أنواع الطعام كالسبانخ والكبدة. وإرسال المريض باكراً إلى التنظير عند التأكد من وجود الدم. > تكون المعدة في حالة انسداد البواب متمددة ومتطاولة ويكون جدارها رقيقاً؛ لذلك يجب إدخال المريض إلى المستشفى ووضع أنبوب أنفي معدي ليعود الجدار لثخانته الطبيعية للإقلال من احتمال الانثقاب التالي للتوسيع، وهي الاستراتيجية الجراحية نفسها لتحسين نجاح المفاغرة. > اليرقان عند كبار السن ومتوسطي العمر: هو ورم بالطرق الصفراوية أو حصيات صفراوية حتى يثبت العكس. لا تعالج التهاب كبد قبل أن تجري صورة تخطيط الصدى وهي أسرع طريقة للتشخيص. > التصوير الراجع هو إجراء علاجي فقط، ولم يعد تشخيصياً بتطور الرنين والمقطعي المحوسب الحديث. > التهاب المعثكلة الصفراوي المنشأ: تحويل مباشر للتصوير الراجع، فهذا يساعد بسرعة على شفاء الالتهاب، وقلة المضاعفات، وقلة الإقامة بالمستشفى. > لا يجرى تنظير الأمعاء الدقيقة والكبسولة إلا بعد إخفاق التنظيرين العلوي والسفلي.
|
- التصنيف : الإجراءات المستخدمة في استقصاءات الجهاز الهضمي - النوع : الإجراءات المستخدمة في استقصاءات الجهاز الهضمي - المجلد : المجلد الأول - رقم الصفحة ضمن المجلد : 537 مشاركة :