جنين عرطل
fetomegaly - fœtomégalie



عسرات الولادة لأسباب في الجنين

الدكتور محمد أنور الفرا

 الجنين العرطل

استسقاء رأس الجنين

انسدال الأطراف

 

أولاً ـ الجنين العرطل

الجنين العرطل fetomegaly هو الجنين الذي يتجاوز وزنه حين ولادته في أي عمرٍ من الحمل 4000غ (أو 4500غ برأي بعضهم) وقد يولد هذا الجنين حياً سواءً بالطريق الطبيعي أم بالعملية القيصرية أو يولد ميتاً بطريق المهبل غالباً.

تهيئ بعض الحالات المرضية لحدوث الجنين العرطل وهي:

1 ـ الحامل المصابة بالداء السكري: غير المكتشف قبل الحمل أو في أثنائه، وتكون ولادة الجنين العرطل الموجّه الأول نحو كشف هذا الداء في هذه الحامل.

يتصف الجنين العرطل المولود من أم سكرية بالوزن الزائد مع وجه مدور أحمر وعنق قصير ومنكبين عريضين وبطن منتفخ وأطراف سفلية وعلوية مكتنزة، مما يوصف معه بأنه جنين (بدين)، وتنجم زيادة الوزن هذه عن ضخامة الأحشاء (الكبد والطحال والأمعاء ولكن من دون ضخامة الدماغ) مع الوذمة الشاملة في كل الأنسجة.

وتفسر زيادة وزن الجنين بأن الخلايا المعثكلية المفرزة للأنسولين فيه تكون فعالة لأنه يتغذى بدم أمه الحاوي تركيزاً عالياً من السكر غير المنضبط، ولمعاوضة ذلك يعمد الجنين إلى فرط إفراز الأنسولين وهو المتهم بزيادة وزنه .

وللجنين العرطل المولود من أم سكرية بعض المواصفات الخاصة التي يجب أن يعامل معها معاملة الخديج وذلك لسوء نمو النسيج الرئوي لديه وتعرضه للإصابة بداء الأغشية الهلاميةhyaline membrane disease أو ما يسمى متلازمة الضائقة التنفسية respiratory distress syndrome بالرغم من وزنه الزائد وولادته في تمام الحمل . ويتناقص حدوث هذه الحالة إذا ما ضبط تركيز سكر الدم في الحامل، ويتعرض الجنين العرطل المولود من أم سكرية إلى هبوط تركيز سكر الدم المفاجئ عقب الولادة لفرط إفراز الأنسولين من معثكلته وتوقف تركيز سكر الدم العالي من والدته، ويتظاهر ذلك بنوب اختلاج لذلك يجب عيار سكر دم الوليد من حين لآخر وإعطاء السكر المناسب بطريق الوريد.

 ـ يتميز الجنين العرطل من أم سكرية بوجه أحمر محتقن مع زيادة عدد الكريات الحمر polycythemia وخضاب الدم واللزوجة الدموية، ما قد يعرضه لخثار الدم ولاسيما خثار الشريان الكلوي الذي يتظاهر بانقطاع البول، ويعمد أحياناً إلى تبديل دم الوليد لبلوغ الدرجة الكافية من اللزوجة والمستوى الطبيعي من الخضاب.

 ـ تزداد نسبة التشوهات الخلقية في الأجنة العرطلة المولودة من أم سكرية ولاسيما في اللواتي لم يضبط تركيز سكر الدم فيهن قبل الحمل أو في أثنائه.

 ـ قد يتعرض الوليد العرطل لنقص الكلسيوم والمغنزيوم الذي يتظاهر بنوب اختلاجية.

 ـ يصاب 25% من الأجنة المولودة من أمهات سكريات بارتفاع تركيز بيليروبين الدم hyperbilirubinemia الناجم عن انحلال الكريات الحمر المرافق لزيادة عددها؛ لذلك يفضل إعطاء الوليد 1ملغ من الڤيتامين K عقب الولادة مباشرة.

 ـ وليد الأم السكرية العرطل أكثر تعرضاً للأذيات حين الولادة سواء أكانت بطريق البطن أم بطريق المهبل؛ لأن الولادة المهبلية تكون صعبة وكثيراً ما ينعضل الكتفان مما يؤدي إلى أذية الضفيرة العضدية العصبية وحدوث الشلل في الطرف المصاب.

2 ـ اختلاف الزمر RH : إذا كان الجنين +RH والحامل RH ـ مع تركيز عالٍ من الأضداد antibodies فإنه غالباً ما يصاب بما يعرف بالخزب المناعي المشيمي الجنيني immune hydrops fetalis لأن الأجسام الضدية عالية التركيز تستطيع عبور المشيمة ورص كريات الجنين الحمر سلبية الـ Rh لذلك يصاب الجنين بانحلال الدم ويرتفع فيه مستوى البيليروبين، ونتيجة فقر الدم الشديد يصاب الجنين باسترخاء القلب داخل الرحم الذي يتظاهر بانحباس السوائل لديه ولاسيما في جوف البطن وتحت الجلد ويصبح بذلك عرطلاً قد يصل وزنه أحياناً إلى 6.5كغ، ويرافق ذلك وجود مشيمة كبيرة الحجم ثقيلة الوزن.

 3 ـ الخزب الجنيني اللامناعيhydrops fetalis non  ـ immune: يتصف الجنين هنا بتراكم السوائل في الأنسجة والأجواف المصلية (انصباب الجنب وانصباب التأمور والحبن) وأصبح هذا النوع من استسقاء الجنين اللامناعي أكثر شيوعاً من الاستسقاء المناعي الناجم عن تنافر الزمر Rh نظراً لإمكانية الوقاية من هذا الأخير بإعطاء الغلوبولين المناعي D للحامل بعد الولادة.

ينجم هذا النوع غالباً عن الشذوذات القلبية في الجنين ولاسيما اللانظميات الجنينية fetal arrhythmia، كما يصادف في الشذوذات الصبغية كتثليث الصبغي الجسمي trisomy وتثليث المجموعة الصبغية triploidy.

4 ـ الإفرنجي: يحدث الجنين العرطل عن الإفرنجي الخلقي، وهو نادر الحدوث ترافقه مشيمة كبيرة الحجم زائدة الوزن.

ثانياً ـ استسقاء رأس الجنين

استسقاء رأس الجنين hydrocephalus تشوه جنيني خلقي يتصف بتراكم كمية كبيرة من السائل الدماغي الشوكي في البطينات الدماغية تفوق الكمية الطبيعية، ينجم عن خلل تشريحي في الفتحات الواصلة بين البطينات، ولم يعرف سبب واضح لحدوث هذا التشوه، ولم تتهم الأدوية المتناولة في أثناء الحمل ولا تعرُّض الحامل للأشعة على أنها عامل مسبب، ويعتقد بوجود عامل وراثي في الآلية الإمراضية يتظاهر بتكرر حدوث هذا التشوه في أكثر من حمل في المرأة نفسها، وغالباً ما ترافقه تشوهات أخرى في الجنين المصاب.

يشاهد هذا التشوه بنسبة حادثة واحدة لكل 2000 جنين، وتؤدي زيادة إفراز السائل الدماغي الشوكي وتجمعه إلى كبر حجم الرأس لدرجة قد يبلغ معها محيطه 70 ـ80 سم ويبلغ حجم السائل 500 ـ2000سم3 أو أكثر، وتعد هذه الحالة من الأسباب المؤدية إلى عسر الولادة بسبب عدم التناسب بين المجيء وأقطار الحوض، كما يصادف المجيء المقعدي في30% من حالات استسقاء الرأس (قانون المطابقة).

التشخيص

غالباً ما يكون سهلاً في أشهر الحمل المتوسطة والأخيرة، وذلك بملاحظة كبر حجم البطن الذي لا يتناسب وسن الحمل الحقيقية، وبالشعور بكتلة الرأس بجس البطن ولاسيما إذا كانت الحامل نحيلة، أما في أثناء المخاض وبعد تمزق جيب المياه واتساع العنق فيشعر بالمس بتوسع الدروز واليوافيخ وتوترها، وبشيوع استعمال الصدى أصبح من الممكن وضع التشخيص باكراً ومنذ الأسبوع العشرين من الحمل، وبمراقبة الصدى يمكن كذلك متابعة تطور الآفة وأثرها في ضغط المادة الدماغية لأن الاستسقاء الشديد يؤدي إلى ضمور المادة الدماغية لدرجة لا تمكن معها الحياة الطبيعية بعد الولادة.

يتعلق إنذار الولادة بكشف هذا التشوه فإن لم يكشف وبدأ المخاض ولم ينتبه لوجوده فقد يؤدي ذلك إلى تمزق الرحم وما يجره من مشكلات.

الشكل (1) انسداد الطرف العلوي

التدبير

يعتمد التدبير على درجة تطور حجم الرأس مع تقدم الحمل، واقترح بعضهم إنهاء الحمل إذا كان الاستسقاء شديداً، وكانت زيادة حجم السائل الدماغي الشوكي سريعة، ورقة قشر الدماغ شديدة أو غيابها تماماً؛ لأنه لا فائدة من استمرار الحمل وتعريض الحامل للكثير من المضاعفات في الأشهر الأخيرة من الحمل كنوبة ما قبل الإرجاج وانفكاك المشيمة الباكر وارتكاز المشيمة المعيب، ولكن يجب ألا يغرب عن البال أن إنهاء الحمل ولاسيما في الخروسات يحمل أيضاً في طياته بعض الخطورة على الجهاز التناسلي، فضلاً عن أن قانون مزاولة المهنة في بلدنا لا يسمح بإنهاء الحمل أو بالإجهاض المحرض حين وجود جنين مشوه بل يقتصر استطبابه على وجود حالة تهدد صحة الحامل وحياتها.

أما إذا كشف استسقاء الرأس متأخراً في أثناء المخاض ـ وهو أمر نادر الحدوث في هذه الأيام ـ فينصح ببزل السائل الدماغي الشوكي بإبرة توفيه Tuffier لإنقاص حجم الرأس للوقاية من عدم التناسب الرأسي الحوضي، وقد يلجأ إلى بزل الرأس بطريق البطن ـ بعد إفراغ المثانة وإدخال الإبرة عبر الجلد والرحم فوق وصل العانة بإصبعين ـ للغاية نفسها وهي تصغير أقطار الرأس والحفاظ على الجنين حياً ما أمكن حين ولادته، ويلجأ بعضهم إلى خزع الرأس بمنفاش الجمجمة وتفريغ السائل الدماغي الشوكي والمادة الدماغية لتسهيل تقدم الجنين في أثناء المخاض. واستبعدت هذه الطريقة في الوقت الحاضر إلا إذا كان الجنين ميتاً.

ويتجه الكثير من المراكز الطبية نحو إجراء القيصرية من دون النظر إلى حجم الرأس وثخانة المادة الدماغية، والغاية من ذلك استخراج جنين حي قد تقدم له الجراحة العصبية بعض الفائدة بإجراء المجازة ولكن أكثر هذه العمليات لا تحقق الفائدة المرجوة منها بسبب إصابة الأجنة بأكثر من تشوه في معظم الحالات. 

ثالثاً ـ انسدال الأطراف

انسدال الأطراف هو تقدم أحد الأطراف العلوية أو السفلية أو كليهما في السبيل الحوضي في أثناء المخاض، وغالباً ما يشاهد في المجيء المقعدي بالطراز القدمي والولادة المبكرة التي يكون الجنين فيها صغيراً، وهذه الأجنة معرضة للأذية وارتفاع نسبة وفيات ما حول الولادة الناجمة عن الخداج prematurity.

وقد ينسدل طرف علوي مع مجيء رأسي أو قد ينسدل نادراً طرف سفلي مع المجيء الرأسي وهو ما يدعى المجيء المركب compound presentation.

يعمد في بعض الأحيان إلى رد الطرف المنسدل إذا سمح اتساع العنق بذلك ولم يكن رأس الجنين منعضلاً في الحوض، أو يترك الطرف كما هو مع المراقبة الشديدة لتطور المخاض خوفاً من حدوث مخاض مسدود يؤدي إلى تمزق أحد أعضاء الجهاز التناسلي كالرحم أو عنق الرحم .

أما حين انسدال الطرف العلوي مع المجيء المعترض فلا مجال لأي إجراء ولادي عن طريق المهبل بل يلجأ إلى العملية القيصرية حفظاً على حياة الحامل والجنين، وتتجه بعض المدارس في الوقت الحاضر إلى اللجوء إلى العملية القيصرية في كل حالات الانسدال مهما كانت سن الحمل لقدرة هذه المراكز على العناية بالوليد الخديج؛ الأمر الذي لا ينطبق على كثير من مستشفيات العالم الثالث.

 

 

علينا أن نتذكر

> إصابة الحامل بالسكري أو أن تكون زمرتها الدموية من نوع Rh ـ وتكون زمرة زوجها Rh+ يعرض الجنين للعرطلة؛ لذلك وجب التفتيش عن هذين الأمرين بدقة في كل حامل. وتبرز هنا أهمية الفحص الطبي قبل الزواج وقبل الحمل.

> إذا كانت المرأة سكرية فيجب أن تمتنع عن الحمل إلى أن ينضبط السكري لديها بإشراف اختصاصي.

> إذا كانت الحامل Rh ـ وزوجهاRh + وجب إعطاؤها الغلوبولين المناعي D بعد الولادة الأولى إذا كان الجنين المولود Rh+. كما يجب مراقبتها في كل الحمول القادمة ولاسيما إذا لم يكشف الأمر منذ الحمل الأول.

> يجب أن نفكر بوجود استسقاء رأس الجنين في كل مرة نجد فيها ـ عند فحص الحامل في النصف الثاني من الحمل ـ زيادة في حجم الرحم لا تتناسب وسن الحمل المفترضة. ونفتش عن هذه الآفة بالفحص السريري وبالصدى.

> يرافق هذا التشوهَ غالباً تشوهاتٌ أخرى تجعل حياة الجنين بعد ولادته غير أكيدة.

> يجب استشارة الاختصاصي حين تشخيص الآفة ليدبر الأمر بحسب ظروف الحمل ودرجة الاستسقاء.

انسدال الأطراف حالة نادرة، وتشخيصها سهل ولكن يجب دائماً استشارة الاختصاصي ويستحسن أن تنقل الماخض رأساً إلى المستشفى لتدبيرها.

 

 


- التصنيف : توليد - النوع : توليد - المجلد : المجلد الثاني - رقم الصفحة ضمن المجلد : 332 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1