اضطرابات الطمث
اضطرابات طمث
menstruation disorders - troubles de la menstruation
الدكتور مجاهد حمامي
قصور الطمث | تشخيص اضطرابات الطمث والتحريات |
الطمث النزفي | اشتداد الأعراض المهيئة للطمث |
تعدد الطمث | عسرة الطمث |
النزوف الرحمية |
يتعرض الغشاء المبطن للرحم (البطانة الرحمية endometrium) في سن النشاط التناسلي بتأثير مجموعة من الهرمونات لتغيرات دورية تنتهي بتوسف القسم الأعظم من هذا الغشاء وانطراحه، ويرافق ذلك سيلان دموي من الأعضاء التناسلية يستمر فترة تراوح بين 2 ـ7 أيام ويطلق على هذه العملية اسم الطمث menstruation.
يظهر الطمث لدى الأنثى منذ سن البلوغ (11 ـ14سنة) ويستمر في سن النشاط التناسلي حتى نهايته (سن الإياس) (42 ـ48 سنة)، ويتصف الطمث سريرياً بأنه سيلان دموي منشؤه غشاء باطن الرحم، يظهر من الأعضاء التناسلية بفواصل منتظمة تراوح مدة الدورة ما بين 25 ـ32 يوماً ووسطياً 28 يوماً.
ومدة الطمث في الأحوال الطبيعية بين 2 ـ8 أيام ووسطياً خمسة أيام. ويختلف مقدار الدم المفرغ في أثناء الطمث بين 20 و80 غراماً ووسطياً 60 غراماً.
وللطمث من حيث مدته ومقداره نمط خاص يختلف بين امرأة وأخرى، وتسبق الطمث أعراض موضعية وعامة تدل على قرب حدوثه تعرف بالأعراض المهيئة للطمث تقتصر في أغلب النساء على الشعور بوعكة عامة خفيفة وحس ثقل في أسفل البطن وقد يشتد الحس الجنسي، وقد تشاهد أيضاً أعراض عصبية نفسية كالصداع والنزق والخفقان واضطراب الشهية، وتزول جميع الأعراض متى ظهر الطمث.
ويتألف السيلان الطمثي من الدم وبقايا الغشاء المبطن للرحم ومن مفرزات عنق الرحم المخاطية وخلايا متوسفة مهبلية وجراثيم ومن حاصلات الاستقلاب كالخمائر والبروستاغلاندين والليستين وهو غني بالفسفور والكلسيوم والغليكوجين والجريبين. وله رائحة خاصة، ولونه أحمر قاتم وتفاعله قلوي وهو بطيء التخثر لخلوه من مولد الليفين.
وقد تطرأ على صفات الطمث المختلفة بعض الاضطرابات أهمها:
قصور الطمث وانقطاعه، والطمث النزفي، وتعدد الطمث، والنزوف الرحمية، واشتداد الأعراض المهيئة للطمث، وعسرة الطمث.
1 ـ قصور الطمث oligomenorrhea:
إذا كان مقدار دم الطمث أقل من الحدود الطبيعية دعيت الحالة قلة دم الطمث أو شح الطمث. وإذا كانت الفترات بين الطموث أطول من الفترات الطبيعية دعيت الحالة تباعد الطموث أو ندرة الطمث. وإذا لم يحدث الطمث مطلقاً دعيت الحالة غياب الطمث أو انقطاع الطمث amenorrhea.
ولهذه الحالات الثلاث أسباب وإمراض ومعالجة واحدة لأنها ليست في الحقيقة إلا درجات لاضطراب فيزيولوجي مرضي واحد هو قصور الطمث يبلغ أقصاه حين يغيب الطمث.
وقصور الطمث إما بدئي وإما ثانوي:
ـ فالبدئي: هو الذي يظهر منذ البلوغ.
ـ أما الثانوي: فهو الذي يحدث بعد أن تكون الأنثى قد رأت طموثاً نظامية مدة ما.
وأما غياب الطمث فيقسم إلى:
ـ مؤقت: إذا غاب الطمث ثم عاد إلى الظهور.
ـ ونهائي: إذا لم يعد مطلقاً بعد غيابه.
وغياب الطمث قد يكون فيزيولوجياً أو طبيعياً كما في الحمل والإرضاع وبعد سن الإياس، أو مرضياً وهو موضوع البحث.
الأسباب والأعراض: تقسم أسباب قصور الطمث إلى أسباب في الجهاز التناسلي وأسباب غدية وأسباب عامة وأسباب عصبية ونفسية.
أ ـ الأسباب في الجهاز التناسلي: تؤدي بعض أسواء الشكل الخلقية في الرحم كغياب الرحم أو ضموره إلى غياب طمث بدئي ونهائي، وتؤدي حالات أسواء الشكل كغياب المهبل أو انسداده وانسداد غشاء البكارة إلى انقطاع طمث بدئي كاذب؛ إذ يحدث الطمث ولكنه لا يظهر ويتجمع الدم خلف الانسداد مكوناً ورماً دموياً.
كما أن تخرب بطانة الرحم الشامل بسبب التجريف العميق المؤدي لالتصاقات جوف الرحم (متلازمة آشرمان)، بسبب الخمج الدرني المتطور يؤدي إلى ندرة الطمث الثانوي أو غيابه التام.
ويؤدي سوء تشكل المبيض أو غيابه (المبيض الخيطي) كما في متلازمة تورنر الناجم عن خلل في الصبغيات الجنسية النمط XO إلى غياب طمث بدئي وكذلك في حالات الخنوثة الأخرى، وتؤدي أورام المبيض المذَّكرة virilizing tumor إلى مظاهر الاسترجال والشعرانية وانقطاع طمث ثانوي، وتؤدي متلازمة المبيض المتعدد الكيسات polycystic ovary الناجمة عن خلل استقلابي في الهرمونات الجنسية إلى السمنة والشعرانية وتباعد الطموث أو ندرة الطمث أو انقطاعه.
وتترافق بعض الكيسات الوظيفية في المبيض (الكيسات الجريبية والكيسات اللوتئينية) بانقطاع الطمث بسبب استمرار إفراز الإستروجين أو الإستروجين والبروجسترون. ويستمر انقطاع الطمث شهرين أو ثلاثة أشهر حتى يتوقف نشاط الكيسة وتضمر فينخفض مقدار الإستروجين ويحصل الطمث.
ب ـ الأسباب الغدية:
ـ النخامى: يؤدي قصور الغدة النخامية (الطفالة النخامية) إلى غياب طمث بدئي، وتنخر الفص الأمامي للنخامى بعد الصدمة النزفية الشديدة (متلازمة شيهان) يؤدي إلى انقطاع طمث ثانوي. وينجم عن الأورام النخامية انقطاع طمث ثانوي مترافق بثر الحليب وفرط إفراز هرمون البرولاكتين.
ـ الغدة الكظرية: قصور الغدة الكظرية الشديد (داء أديسون) أو فرط نشاط الغدة (داء كوشينغ) يؤديان إلى انقطاع طمث ثانوي. وكذلك فرط نشاط قشر الكظر أو ورم قشر الكظر يؤدي إلى أعراض الاسترجال وانقطاع طمث ثانوي.
ـ الغدة الدرقية: يحدث انقطاع الطمث عرضاً مرافقاً لفرط النشاط الدرقي، كما يحدث في الحالات المتقدمة من القصور الدرقي.
ج ـ الأسباب العامة: يشاهد قصور الطمث في الأمراض المنهكة كما في التدرن الرئوي، والتهاب الكلية المزمن، وأمراض القلب غير المعاوضة، والداء السكري الشديد، وفي فاقة الدم الشديدة، ونقص التغذية الشديد في أثناء المجاعات والحروب.
وقد يؤدي استعمال بعض الأدوية الهرمونية كالحبوب المانعة للحمل إلى انقطاع طمث ثانوي بسبب النهي النخامي وما يلبث أن يعود الطمث تلقائياً بعد التوقف عن تناولها. كما ينقطع الطمث نتيجة استئصال الرحم أو المبيض أو تعرضهما للإشعاع.
د ـ الأسباب العصبية والنفسية: قد يحدث انقطاع طمث ثانوي بعد رض فجائي، أو صدمة عاطفية شديدة، أو خوف شديد، أو التغير الفجائي في نمط الحياة، كدخول الفتاة مدرسة ليلية أو انتقالها إلى مدينة أخرى أو بعد الزواج مباشرة، أو في بعض الاضطرابات النفسية كالقهم العصبي anorexia nervosa، أو حالات الهرع أو الشوق الشديد للحمل في امرأة عقيم مثلما يحدث في الحمل الهرعي (الكاذب) pseudopregnancy.
2 ـ الطمث النزفيmenorrhagia:
يقصد بالطمث النزفي الطمث الذي يبقى محافظاً على نظمه الطبيعي لكن مقدار الدم النازف فيه يتعدى الحدود الطبيعية (أكثر من 60 سم3)، أو يدوم السيلان الدموي فيه أكثر من المدة النظامية (أكثر من ثمانية أيام).
ويحدث الطمث النزفي بسبب آفة تضعف مقوية الرحم وتقلصها كما في تصلب الرحم وتليفه وفي الورم الليفي، أو بسبب التهاب باطن الرحم النزفي أو بسبب الاحتقان الناجم عن تزوي الأوعية الرحمية كما في الهبوط التناسلي وانقلاب الرحم الخلقي.
كما يحدث الطمث النزفي في حالات اضطراب الدوران الحوضي كما في حالات التعب والوقوف المديد والسفر الطويل، والإكثار من الرقص والإفراط في المناسبات الجنسية وحالات الشذوذ الجنسي (السحاق) وفي بعض حالات الاحتقان المنفعل كما في أمراض القلب وارتفاع الضغط الشرياني، وبعض أمراض الكبد والتهابات الكلية المزمن، كما يحدث الطمث النزفي بسبب اضطرابات التخثر الدموي.
3 ـ تعدد الطمث polymenorrhea:
يقصد بتعدد الطمث أو تقارب الطمث أن يتكرر حدوث الطمث في فواصل أقل من الحدود النظامية مثلاً في كل (15 ـ 18) يوماً مع بقاء مدة السيلان الدموي وكميته ضمن الحدود الطبيعية.
وتعدد الطمث متلازمة منشؤها حصول الدورة الطمثية في أسرع من الوقت النظامي المخصص لها، ويشاهد هذا الاضطراب بصورة خاصة في سن البلوغ، كما يشاهد في سن النشاط التناسلي بسبب احتقان المبيضين لآفة فيهما كالتهاب الملحقات أو كيسات المبيض أو أورام المبيض الليفية أو غيرها.
4 ـ النزوف الرحمية metrorrhagia:
يقصد بالنزوف الرحمية النزوف غير المنتظمة التي تظهر في غير أوقات الطمث وتقسم من حيث أسبابها وإمراضها إلى نزوف ذات منشأ ولادي ونزوف ذات منشأ نسائي.
أ ـ النزوف الولادية: وهي ليست موضوع البحث لذلك يكتفى بتعداد الحالات التي تشاهد فيها هذه النزوف وهي: التهديد بالإسقاط والإسقاط والحمل خارج الرحم والرحى العدارية وارتكاز المشيمة المعيب، وانفكاك المشيمة الباكر والنزوف في أثناء المخاض ونزوف الخلاص ونزوف عواقب الوضع.
ب ـ النزوف النسائية: وتقسم إلى نزوف عضوية ونزوف وظيفية.
ـ النزوف العضوية: تشاهد في التهابات الرحم الحادة وفي سل عنق الرحم وتقرحاته وفي الأورام الليفية الرحمية المصابة بالاستحالة وفي سرطانات عنق الرحم وجسم الرحم وفي العُضال الغدي adenomyosis وفي التهابات الملحقات الحادة وكيسات المبيض الوظيفية (الجريبية) والورم الحبيبي في المبيض granulosa cell tumor.
ـ النزوف الوظيفية: هي النزوف الناجمة عن خلل وظيفي من دون وجود سبب عضوي، وقد تحدث هذه النزوف في سن البلوغ وسن النشاط التناسلي أو ما حول سن الإياس. وتعزى غالباً إلى فرط الإستروجين الذي يترافق غالباً بنقص البروجسترون أو غيابه كما في الدورات الطمثية اللاإباضية. وهو يؤدي إلى فرط التصنع hyperplasia في غشاء البطانة الرحمي وخاصة النوع الغدي الكيسي، ومتى ظهر الطمث كان غزيراً ونزفياً ويكون توسف غشاء باطن الرحم بطيئاً (عسرة توسف). وكذلك فإن فرط الإستروجين ينهي النخامى عن إفراز الهرمون الحاث للجريب (FSH) لذلك يصبح ترمم الغشاء بطيئاً (عسرة ترمم) فيطول زمن الطمث بسبب عسرة التوسف وعسرة الترمم ويصبح مديداً ثم ينقلب إلى نزف رحمي مستمر غير منتظم.
تشخيص اضطرابات الطمث والتحريات:
من القصة السريرية والاستجواب المفصل للقصة الطمثية: سن البلوغ، نظم الدورة، مدة الطمث وكمية دم الطمث، والفحص السريري العام والدقيق الذي يشمل جميع الأجهزة مع الانتباه لمظاهر النمو والصفات الجنسية الثانوية وفحص الأثداء وفحص الأعضاء التناسلية بالمس المهبلي في المتزوجات والمس الشرجي في العذارى. ويدعم التشخيص بالفحص بما فوق الصوت للرحم والملحقات والمعايرات الهرمونية المختلفة (FSH) و (LH) والإستروجين أو دراسة الصبغيات والنمط الصبغي واللطاخات المهبلية أو تجريف الرحم الاستقصائي والفحص النسيجي لبطانة الرحم والفحوص الدموية وتحري عوامل التخثر الدموي وتنظير البطن.
المعالجة
1 ـ معالجة قصور الطمث وانقطاعه: بعد الوصول إلى التشخيص الصحيح توجه المعالجة إلى السبب. ففي انقطاع الطمث البدئي إذا كان السبب غياب الرحم أو ضموره فلا فائدة من المعالجة. أما في حالة ضمور المبيضين أو قصورهما فتفيد المعالجة الهرمونية بإعطاء الحاثات النخامية أو بإجراء دورة طمثية اصطناعية بإعطاء الإستروجين والبروجسترون تكرر لمدة طويلة، وتعالج الآفات العضوية المسببة في الجهاز التناسلي، والأسباب الغدية والأسباب العامة. وانقطاع الطمث الثانوي الوظيفي المنشأ يعالج بحسب سببه فتعالج الأسباب الغدية: قصور الغدة النخامية أو الورم النخامي أو قصور قشر الكظر أو فرط نشاطه أو ورمه.ويعالج المبيض المتعدد الكيسات أو الكيسات الوظيفية في المبيض وتعالج الأسباب العامة كالأمراض المزمنة والمنهكة وتعالج الأسباب العصبية والنفسية.
2 ـ معالجة الطمث النزفي والنزوف الرحمية: في الحالات ذات المنشأ العضوي توجه المعالجة إلى السبب فتعالج جميع الأسباب العضوية التي ذكرت سابقاً كالأورام الرحمية والسرطانات والأخماج الحوضية والاحتقان الحوضي واضطراب التخثر الدموي والأمراض القلبية وارتفاع الضغط الشرياني.
وفي الحالات ذات المنشأ الوظيفي يصلح الخلل الوظيفي في الغدة النخامية أو الكظرين أو الغدد الأخرى. وإذا كان السبب فرط نشاط إستروجيني يعطى البروجسترون في النصف الثاني من الدورة الطمثية أو الأندروجين.
وفي كل الأحوال تدعم المعالجة بالمرقئات ومقبضات الرحم (كالإرغوتين) ومنظمات الدوران الحوضي والمعالجة الفيزيائية كالحقن المهبلية الحارة.
وقد يلجأ إلى تجريف الرحم لإيقاف النزف مؤقتاً أو استئصال بطانة الرحم أو الرحم أو استئصال المبيضين أو إشعاعهما وذلك حين الحاجة القصوى وحين تخيب جميع وسائل المعالجة الأخرى.
5 ـ اشتداد الأعراض المهيئة للطمث:
قد تشتد الأعراض المهيئة للطمث وتشكل متلازمة مرضية (متلازمة ماقبل الطمث) تشمل اضطرابات الأجهزة المختلفة:
ـ اضطرابات الجهاز العصبي: الصداع والشقيقة والآلام العضلية والمفصلية المختلفة والاضطرابات النفسية (النزق، والقلق، والأرق والهمود والاكتئاب).
ـ اضطرابات الجهاز الهضمي: كثيرة المصادفة كالعقبولة الطمثية وفرط الحموضة المعدية، وعسرات الهضم والإمساك أو الإسهال.
ـ اضطرابات جهاز التنفس: توذم الحبال الصوتية والخناق الطمثي والاحتقان في جهاز التنفس أو نوب الربو.
ـ اضطرابات الجهاز البولي: الوذمات الخفيفة في الكعبين والأجفان والبوال وتعدد البيلات.
ـ وقد يتضخم الثديان ويتوتران ويصبحان مؤلمين بالجس وتحريك الأطراف العلوية.
ـ وقد تصاب الغدة الدرقية بفرط نشاط قبيل الطمث فتظهر الهبّات الساخنة وتحدث نوبات التعرق، وإذا كانت الغدة الدرقية مصابة بالقصور فإن هذا القصور يزداد قبيل الطمث فتشكو المريضة من الزرقة في النهايات والبرد والوذمة في الوجه.
ـ وقد يضطرب حس الشم وتخف حدة السمع والبصر وقد تلاحظ بعض الاضطرابات الجلدية كالعد acne والشرى.
ولا تزال الآلية الإمراضية لهذه المتلازمة غامضة ويعتقد أن السبب المباشر هو احتباس السوائل الناجم عن زيادة الهرمونات الجنسية أو اضطراب في قشر الكظر، ويعزوها بعضهم لاضطراب التوازن بين الودي ونظير الودي. ومهما يكن من أمر فإن الطمث يؤلف ظرفاً دقيقاً يكشف النقاب عن آفات كثيرة في الجسم كانت كامنة قبل ذلك.
المعالجة: تستند المعالجة إلى إعطاء المدرات البولية لطرح السوائل. ويفيد كثيراً إعطاء البروجسترون الصنعي في النصف الثاني للدورة الطمثية. وتعالج الشقيقة بالمسكنات ومركب طرطرات الإرغوتامين وتعالج الاضطرابات النفسية بالمهدئات. كما تعالج الاضطرابات الأخرى في الأجهزة المختلفة بالأدوية الخاصة.
6 ـ عسرة الطمث dysmenorrhea:
الطمث المؤلم (عسرة الطمث) متلازمة تتصف بظهور الألم قبل الطمث مباشرة أو في أثنائه، وهي شائعة بين النساء وخاصة لدى الشابات والعازبات.
التصنيف والأسباب والأعراض: تصنف عسرات الطمث حسب أسبابها إلى عسرة طمث أساسية أو تشنجية، وعسرة طمث عرضية أو احتقانية، ونوع نادر هو عسرة الطمث الغشائية.
أ ـ عسرة الطمث الأساسية أو التشنجية: هي التي لا يكشف الفحص السريري فيها أي اضطراب أو آفة في الجهاز التناسلي أو في الجسم عامة، ويكون الألم العرض الأساسي والوحيد المرافق للطمث ويختفي باختفائه من دون أعراض أخرى. يظهر الألم في اليوم الأول ويكون شديداً يستمر نصف ساعة أو ساعة ثم يعاود المريضة دورياً ويكون تشنجياً، ويمكن أن يترافق بالدوار أو الإغماء والإقياء في الحالات الشديدة ويتوضع الألم أسفل البطن والحوض وقد ينتشر إلى الفخذين.
وتعزى الآلية المرضية لعسرة الطمث التشنجية إلى خلل وظيفي في الهرمونات التناسلية، وتستند إلى أن الإستروجين والبروجسترون لا يؤثران في تطور غشاء باطن الرحم فحسب بل يؤثران أيضاً في تقلص العضلة الرحمية وفي التوازن بين الجملة العصبية الودية ونظيرة الودي.
فالإستروجين ينبه المبهم والبروجسترون ينبه الودي ويثبط المبهم، فإذا اختل نمو الجريبات في المبيض زيادة أو نقصاً اضطرب نمو الغشاء المخاطي للرحم وتقلص عضلة الرحم والتوازن بين الودي ونظير الودي. ففي الأحوال الطبيعية عندما يتقلص الرحم يتسع عنقه وبالعكس إذا وسع عنق الرحم قسراً (كإدخال شمعة هيغار) فإن الرحم تنقبض ويتم هذا الفعل بتأثير الودي ونظير الودي، فإذا اختل هذا التوازن أدى إلى ظهور الألم وهذا ما يدعى خلل التقاطب بين جسم الرحم وعنق الرحم، فحين ينقبض جسم الرحم لطرد دم الطمث ينقبض أو يتشنج عنق الرحم عوضاً عن أن يتسع ويشكل عائقاً أمام السيلان الطمثي يؤدي إلى ظهور الألم.
كما يؤدي الاستعداد البدني والنفسي لدى الفتاة دوراً مهماً في نشوء عسرة الطمث وتطورها لديها.
ب ـ عسرة الطمث العرضية أو الاحتقانية: تتظاهر بشكل ألم يبدأ قبل الطمث بيومين أو ثلاثة أيام ويتراجع الألم ويخف عند ظهور الطمث، وهو يتوضع في الظهر وأسفل البطن ويعد هذا الألم مظهراً أو عرضاً لإصابة بآفة موضعة في الجهاز التناسلي أو لآفة عامة أو لآفة في الجهاز العصبي.
ـ فمن الأسباب في الجهاز التناسلي: تضيق قناة عنق الرحم الخلقي أو الندبي وانقلاب الرحم الخلفي، والأخماج الحوضية كالتهاب الملحقات وما حول الرحم، وفي الانتباذ البطاني الرحمي endometriosis.
ـ ومن الأسباب العامة: التهاب الزائدة والأخماج في الأمعاء والقولونات والإعياء الجسدي وآفات الغدد الصم.
ـ ومن الأسباب العصبية: الوراثة العصبية الحوضية والإعياء الفكري واضطراب الجملة العصبية النباتية الودية ونظيرة الودية والتهاب الأعصاب الحوضية أو ضغطها.
ج ـ عسرة الطمث الغشائية: يتصف هذا الشكل سريرياً بآلام عصابية تظهر في اليومين أو الأيام الثلاثة التي تسبق الطمث ثم تنقلب متى ظهر الطمث إلى آلام قولنجية تنتشر في المثانة والمستقيم وتستمر يومين أو ثلاثة أيام بعد بدء الطمث. وتنقذف من الرحم مع دم الطمث شرائح متميزة هي غشاء باطن الرحم، وقد ينقذف الغشاء قطعة واحدة فتخف الآلام بعدها وتزول. وغالباً ما تعزى هذه الحالة إلى نشاط مفرط في الجسم الأصفر يؤدي إلى زيادة في إفراز الإستروجين والبروجسترون فينمو غشاء باطن الرحم نمواً سريعاً ومفرطاً، وحين حدوث الطمث ينسلخ هذا الغشاء قطعاً أو قطعة واحدة، وينقذف مع دم الطمث ويترافق بآلام شديدة شبيهة بما يحدث في الإجهاض.
المعالجة: تعالج عسرة الطمث الأساسية التشنجية معالجة عرضية بإعطاء مسكنات الألم المعروفة ومضادات التشنج، ويصلح اختلال التوازن الهرموني فيعطى البروجسترون الصنعي في النصف الثاني من الدورة الطمثية لتخفيف درجة استثارة الرحم وتعديل الزيادة في مقدار الإستروجين. ويوصي بعضهم بإعطاء الأندروجين لتعديل مقدار الإستروجين وتثبيط الغدة النخامية. والمعالجة نفسها يمكن أن تتبع في عسرة الطمث الغشائية.
أما عسرة الطمث العرضية الاحتقانية فتعالج معالجة سببية فتعالج الأخماج الحوضية، ويوسع عنق الرحم حين تضيقه ويرد انقلاب الرحم الخلفي، ويعالج الانتباذ البطاني الرحمي، وتعطى مسكنات الألم ومضادات التشنج، ويفيد إعطاء البروجسترون الصنعي في النصف الثاني من الدورة الطمثية.
علينا أن نتذكر تحدث في الطمث اضطربات مختلفة من حيث مدته وكميته قلةً أو كثرة، ومن حيث دوراته طولاً وقصراً، ومن حيث ما يسبقه أو يرافقه من أعراض. وأسباب كل هذه الاضطرابات على كثرتها إما أن تكون نتيجة آفة عضوية خلقية وإما أن تكون مكتسبة، وإما من خلل وظيفي في عمل هرمونات الغدد المسيطرة على تنظيم الدورات الطمثية. لذلك يجب حين تعرض حالة من حالات اضطرابات الطمث التفتيش عن السبب بوسائل التشخيص المختلفة، وحين معرفته توجه إليه المعالجة المناسبة. والمعالجات دوائية هرمونية وغير هرمونية أو جراحية، وبعض الاضطرابات لا تفيد فيها المعالجات وهي الناجمة عن الآفات الخلقية التي لا يمكن إصلاحها.
|
- التصنيف : نسائية - النوع : نسائية - المجلد : المجلد الثاني - رقم الصفحة ضمن المجلد : 150 مشاركة :