ورم ليفي
fibroma - fibrome



الورم الليفي

الدكتور إبراهيم حقي الآلية الإمراضية
الفحص السريري
الاستقصاءات المتممة
المضاعفات

 

يكاد الورم الليفي fibroma يكون الورم السليم الشائع الوحيد في جسم الرحم. لا يرى قبل البلوغ وتكثر مشاهدته في سن النشاط التناسلي (20% من النساء عامة في هذا السن) ويزداد وجوده بعد الخامسة والثلاثين ويضمر بعد سن الضهى إن كان موجوداً من قبل.

وهو تضخم ألياف عضلة الرحم الملس وتكاثرها تكاثراً سليماً بشكل كتلة وحيدة أو كتل كثيرة قد تبلغ العشرات يختلف حجمها بين أصغر من فلقة الحمصة وأكبر من البرتقالة الكبيرة. تتوضع هذه الكتل أو النويات في ثخن العضلة الرحمية (وتدعى الخلالية)، أو قرب بطانة الرحم (وتدعى تحت المخاطية) أو قرب مصلية الرحم (وتدعى تحت المصلية)، والنوعان الأخيران قد يكونان (لاطئين) يبرز الورم فيهما في جوف الرحم أو على سطحها الخارجي وقد يكونان (مذنبين) بأذناب مختلفة الطول والثخن ويدعى الورم حينئذ (مرجلاً) أو (سليلة). وقد يجتمع في المريضة نفسها أكثر من نوع من هذه الأنواع.

وعدا توضع الورم الليفي في جسم الرحم قد يتوضع في عنق الرحم (بنسبة 4%) أو في مضيق الرحم (بنسبة 1%). يحدث في الألياف العضلية الملس المتضخمة المحاطة في الأصل ببعض الألياف الضامة تبدل تصلبي هياليني أدى قوامه الصلب إلى تسمية هذه الأورام باسمها الشائع (الورم الليفي) والأصح أن تسمى (الورم العضلي الأملس leiomyoma).

الآلية الإمراضية

توضعات النويات الليفية المختلفة

ما زالت الآلية الإمراضية الحقيقية مجهولة وأكثر ما يتهم في إحداث الورم الليفي فرط إستروجين الدم، ومن أهم ما يدل على ذلك:

1 ـ حدوث الورم الليفي في سن النشاط التناسلي فحسب، فهو لا يحدث قبل البلوغ ويضمر بعد سن الضهى إن كان موجوداً من قبل.

2 ـ مشاهدته في غير المتزوجات وفي غير المنجبات أكثر من مشاهدته في غيرهن.

3 ـ زيادة حجم الورم في أثناء الحمل.

4 ـ ارتفاع مستوى الإستراديول في مصل المصابات بالأورام الليفية.

5 ـ عدد مستقبلات الإستروجين في خلايا الأورام الليفية أكثر من عددها في الخلايا المحيطة بها، وعلى العكس إن عدد مستقبلات البروجسترون فيها أقل.

ومع ذلك مازال اعتقاد أن ارتفاع مقدار الإستروجينات قد يؤثر في نمو الأورام الليفية ولكن لا يمكن الجزم أنه هو سبب حدوثها.

الأعراض

قد لا تتظاهر الأورام الليفية بعرض ما، ولاسيما منها الصغيرة حتى الكبيرة البعيدة عن بطانة الرحم. وتكشف عرضاً في أثناء فحص نسائي لشكوى نسائية عابرة أو حتى في أثناء فحص عام لشكوى غير نسائية إطلاقاً. والعرض الذي ينبه لوجود الورم الليفي هو النزف الطمثي بزيادة كمية الدم في أثناء الطمث أو بطول مدته أو بالاثنين معاً. وتختلف شدة النزف باختلاف موضع النواة الليفية، وهو في النواة المتوضعة قرب المخاطية أشد منه في النواة المتوضعة في ثخن عضلة الرحم، وقد لا يحدث النزف إطلاقاً في النويات المتوضعة تحت المصلية أو يكون قليلاً. وإذا كان النزف رحمياً أي في الفاصل بين الطموث أو كان قليل الكمية وجب التفتيش عن آفة أخرى في الرحم أو في عنق الرحم. قد يكون النزف الطمثي العرض الوحيد، وقد يرافقه ألم أو حس ثقل في الحوض أو أعراض ضغط الأعضاء المجاورة في الحوض أو في البطن، إذا كان الورم كبيراً ضغط المثانة أو المستقيم أو الأمعاء أو إذا أصيب بمضاعفة ما. وفي الأورام الكبيرة التي تجتاز الحوض إلى البطن تشعر المصابة نفسها بكتلة الورم إضافة إلى الأعراض السابقة.

الفحص السريري

قد يرى الفاحص بالتأمل بروز بطن المريضة في الأورام الكبيرة التي قد تصل إلى السرة.

1 ـ وبجس البطن يشعر بكتلة صلبة متحركة على الخط المتوسط في المنطقة الخثلية أو أعلى منها بحسب حجم الورم وقد تكون الكتلة كلها أو بعض أجزائها لينة إذا حدث اختلاط في الورم.

2 ـ وبالمس المهبلي المشترك بجس البطن يشعر بكتلة الرحم كبيرة الحجم متحركة ذات قوام صلب أو مختلف القوام. وإذا كانت هناك عدة نويات كان سطح الرحم غير منتظم يشعر عليه بعجر مختلفة الحجم. وحركة الرحم كلها لا تنتقل إلى عنق الرحم إذا أمسك الأخير بين الإصبعين الماستين.

أما إذا كان الورم من النوع المذنب تحت المصلية فيبدو متحركاً وكأنه كتلة ملحقات، ويصعب التفريق بين هاتين الحالتين أحياناً من دون اللجوء إلى الوسائل الاستقصائية المتممة.

3 ـ وبتنظير المهبل ترى أحياناً النواة الليفية الموجودة على العنق وهي نادرة جداً، والغالب أن يرى الورم الليفي المذنب الخارج عبر الفوهة والمرتكز بذنبه الطويل على جدار الرحم الداخلي وهو ما يسمى المرجل الليفي.

الاستقصاءات المتممة

1 ـ يفيد الصدى في تحديد موقع النويات الليفية وعددها وحجمها وما قد يطرأ عليها من مضاعفات، أو لمراقبة تطورها في أثناء الحمل.

2 ـ ويفيد التصوير الظليل لجوف الرحم في كشف النويات تحت المخاطية وتمييز النوى اللاطئة من النوى المذنبة. ويدل على النوى الخلالية تبدل شكل الرحم وعدم تناظرها، أما النوى تحت المصلية فلا يفيد التصوير الظليل في كشفها غالباً. وقد ترى أحياناً ظلال كلسية في جوف الرحم أو في عضلته أو خارجه تدل أحياناً على وجود نوى ليفية متكلسة.

3 ـ ويفيد تنظير باطن الرحم في رؤية تبدلات بطانته وما عليها من آفات مختلفة ويكمل التنظير بأخذ خزعات من الأمكنة غير الطبيعة لتأكيد التشخيص. وأخذ الخزعات بالتنظير أدق من أخذها بالتجريف.

4 ـ ويفيد تنظير البطن للتمييز بين النوى الليفية الرحمية وأورام الملحقات ويمكن إكماله أحياناً باستئصال الكتل الموجودة أياً كان منشؤها.

السير

سير الورم الليفي بطيء جداً وقد تبلغ المصابة سن الضهى فيضمر الورم من دون أن يكشف، أو قد يكشف اتفاقاً سواء في سن النشاط التناسلي أم بعد الضهى إذا حدث فيه اختلاط ما أدى إلى ظهور أعراض حادة تشير إلى وجوده.

المضاعفات

نوعان حادة ومزمنة

1 ـ من المضاعفات الحادة:

أ ـ الانفتال الذي يحدث في الأورام المذنبة ذات الذنب الرفيع والطويل سواء أكانت تحت المصلية أم تحت المخاطية، ويبدأ بألم بطن حاد وحالة صدمة وغثيان وقيء. فإذا كان وجود الورم الليفي معروفاً من قبل وجب التفكير بهذا الاختلاط واللجوء رأساً إلى استئصال الورم، وأما إذا لم يكن وجود الورم معروفاً من قبل فيجب أن يعامل معاملة البطن الحاد فيجرى تنظير البطن بسرعة ثم تعالج الآفة المكتشفة.

ب ـ والنخر الطاهر الحاد وهو إقفار تال لاضطراب وعائي غير معروف السبب يكثر حدوثه في الحوامل، ويبدو بألم حوضي اشتدادي ونزف رحمي وارتفاع الحرارة وازدياد حجم الورم ولينه وألمه.

ج ـ والنزف الرحمي الحاد سواء نحو الخارج عن طريق المهبل أم نحو جوف البطن إذا نزف وريد سطحي على نواة ليفية تحت المصلية.

د ـ انحباس البول الحاد الناجم عن ضغط المثانة بالنويات الليفية الموجودة على عنق الرحم أو مضيقه.

2 ـ ومن المضاعفات المزمنة:

أ ـ فاقة الدم إذا تكرر النزف وكان غزيراً.

ب ـ ضغط الأحشاء المجاورة ولاسيما الحالب والمثانة والمستقيم والأوعية الدموية واللمفية والأعصاب، ولكل من هذه الحالات أعراضها الخاصة.

ج ـ انقلاب باطن الرحم لظاهرها، ويرى في الأورام الليفية تحت المخاطية متوسطة الحجم ذات الذنب الطويل المرتكز على قعر الرحم، وليس لهذه المضاعفات أعراض وإنما يكشف اتفاقاً إذا فحصت المريضة بالمنظار لسبب ما ويؤكد التشخيص بالمس وتنظير البطن.

د ـ الاستحالات: ومنها السليم كالاستحالة الكلسية والتصلب الهياليني والحؤول الشحمي، ومنها الخبيث كالاستحالة الغرنية وهي نادرة جداً يزداد فيها النزف ويكبر الورم وتسوء الحالة العامة سريعاً وينتشر الورم إلى الرئة والكبد وإنذارها سيئ جداً.

وعدا هذا يتأثر الورم الليفي إذا حملت المرأة المصابة به فيزداد حجمه في بعض الحالات ويصاب بالنخرة الطاهرة في حالات أخرى وتكشف هذه التبدلات بالصدى. كما يؤدي الحمل إلى تبديل وضع الورم في الحوض فتتغير مجاوراته وتتغير تأثيراته في الأحشاء المجاورة تبعاً لذلك.

ومن جهة ثانية يؤثر الورم الليفي في الحمل فيؤدي نادراً وبحسب حجمه وموضعه إلى العقم، كما يؤدي إلى الإجهاضات المتكررة أو الخداجات وإلى عسرات الولادة ونزوف الخلاص.

التشخيص

يجب التفكير بالورم الليفي في كل امرأة في العقد الثالث أو الرابع من العمر تشكو من نزف طمثي ولاسيما إذا كانت غير متزوجة أو غير منجبة. يثبت التشخيص بوجود كتلة صلبة على الخط المتوسط في المنطقة الخثلية وما فوقها تُرى بالتأمل أو يشعر بها بجس البطن وبالشعور بكبر حجم الرحم وصلابتها بالمس المشرك بالجس.

يشتبه التشخيص إذا كانت الكتلة غير صلبة بمضاعفة من مضاعفات الورم الليفي أو بالحمل. وإذا كانت الكتلة بعيدة عن الخط المتوسط كما في الأورام تحت المصلية فيشتبه التشخيص بورم مبيضي، وعند الشك يلجأ إلى الصدى الذي يحل المشكلة في معظم الحالات ويلجأ عند الضرورة إلى تصوير الرحم الظليل أو تنظير البطن أو تنظير الرحم وهي حالات نادرة جداً؛ لأن الاستجواب والفحص السريري البسيط يكفيان في معظم الحالات لوضع التشخيص.

يجب الانتباه في كل كتلة على الخط المتوسط لوجود الحمل ولو ادعت المريضة أنها ترى الطمث بانتظام أو أنها تنزف نزفاً طمثياً، فاللواتي يحملن حملاً غير شرعي يغررن بالطبيب في كثير من الحالات، وكان كشف هذه الحالات صعباً في الماضي إلا بالجراحة والفحوص المتكررة ولكن بعد انتشار الصدى أصبح كشفها سهلاً وسريعاً.

المعالجة

قد لا تحتاج الأورام الليفية إلى معالجة أبداً إذا كانت صغيرة لا تبدو بأعراض تشكوها المريضة لأنها في الأصل لا تشخص ولا تعرف إلا عرضاً، وإذا كشف الورم وكان صغيراً أو متوسط الحجم ولا ينزف بغزارة كما في الأورام الخلالية أو تحت المصلية، أو إذا كانت المرأة قريبة من سن الضهى فيمكن معالجته دوائياً باستعمال المواد البروجسترونية الفعل التركيبية التي تعاكس فعل الإستروجينات الزائدة في دم المصابة، ولا تنقص هذه المعالجة حجم الورم وإنما تمنع النزوف وتنظم الطمث، ومن الأدوية المستعملة شادات الـ GN RH التي تؤدي إلى ضهى دوائي بإيقافها عمل الإستروجينات. وتنقص هذه الشادات حجم الورم إلى النصف في 50% من الحالات، ولكنه قد يعود إلى النمو بعد إيقاف المعالجة عدا ما تسببه من أعراض الضهى المزعجة والإصابة بتخلخل العظام.

وإذا كان الورم تحت المصلية لاطئاً أو مذنباً ولا تبدو بوجوده أعراض ضغط الأحشاء المجاورة فلا لزوم للمعالجة. أما إذا بدت أعراض مزعجة فيستأصل جراحياً. وكذلك يجب استئصال الأورام تحت المخاطية والأورام المختلطة مهما كان حجمها وموضعها. وتختلف طرائق الاستئصال حسب حجم الورم وموضعه، وقد يكون محافظاً باستئصال النويات الليفية والإبقاء على الرحم أو غير محافظ باستئصال الرحم مع الورم.

 

علينا أن نتذكر

> الورم الليفي ورم سليم يندر جداً تحوله إلى ورم خبيث، ولكن قد تحدث فيه استحالات مزعجة ولو أنها سليمة غالباً.

> لا يحدث الورم الليفي أبداً قبل البلوغ، وينقص حجمه بعد سن الضهى إذا كان موجوداً قبله.

> 20% من النساء في سن النشاط التناسلي مصابات بأورام ليفية، ولكن كثيراً من هذه الأورام يبقى لاعرضياً لا يكشف أبداً أو يكشف عرضاً فهي لا تحتاج إلى العلاج.

> كل امرأة تنزف نزفاً طمثياً وهي في العقد الثالث أو الرابع من عمرها ولاسيما إذا كانت غير متزوجة أو غير منجبة يجب التفكير بإصابتها بالورم الليفي.

> علاج الأورام الليفية دوائي أو جراحي، وتختلف طريقة المعالجة كثيراً بحسب حجم الورم وموضعه وسن المريضة وشدة الأعراض، والطرق الجراحية مختلفة كذلك فقد تكون بطريق البطن أو بطريق المهبل وبالجراحة التقليدية أو بالتنظير.

لذا يجب استشارة الطبيب المختص منذ تشخيص الورم الليفي أو الشك بوجوده

.


- التصنيف : نسائية - النوع : نسائية - المجلد : المجلد الثاني - رقم الصفحة ضمن المجلد : 58 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1