التظاهرات الهضمية لأمراض الأجهزة الأخرى
تظاهرات هضميه لامراض اجهزه اخري
digestive manifestations of other apparatus diseases -
التظاهرات الهضمية لأمراض الأجهزة الأخرى
زياد درويش
يتظاهر العديد من الأمراض الجهازية والأمراض غير الهضمية بأعراض تشير إلى وجود آفة في الجهاز الهضمي نفسه، وقد تكون الأعراض الهضمية هي المسيطرة على اللوحة السريرية وتدعو المريض لاستشارة الطبيب. وفيما يلي أهم الأمراض غير الهضمية التي تتظاهر بأعراض هضمية.
الجهاز الهضمي وأمراض الغدد الصم
1- الداء السكري: يبدي نحو 20-40% من المصابين بالداء السكري العلامات الدالة على اعتلال الجملة العصبية المستقلة، وينجم ذلك على الأرجح عن فرط سكر الدم المستمر. ويشكو قسم كبير من المرضى السكريين أعراضاً هضمية تأخذ شكل آلام بطنية أو عسر البلع أو الإسهال أو الإمساك أو الغثيان والقياء أو السلس البرازي. يغلب حدوث هذه الأعراض الهضمية عند المصابين بالداء السكري قديم العهد المعتمد على الأنسولين (النمط I) وعند السكريين المتقدمين في السن؛ ولاسيما إذا كان سكر الدم غير مضبوط لديهم جيداً.
أ- خلل وظيفة المريء: يضطرب تحرك Motilityالمريء في نحو ثلثي المرضى السكريين، ويشمل اضطراب التحرك خلل الحركات الحوية وعدم التناسق بينها وانخفاض ضغط مصرة المريء السفلية. تبقى هذه الاضطرابات الحركية لا عرضية في أغلب الحالات إلا أنها قد تسبب عسر البلع في بعض الأحيان، كما أن انخفاض ضغط مصرة المريء السفلية قد يكون السبب في اللذع والتهاب المريء الجزري.
ب- خلل وظيفة المعدة: يؤدي شذوذ تحرك المعدة إلى خلل في إفراغ محتوياتها، وهو ما يدعى خزل المعدة السكري gastroparesis الذي يصيب 30-60% من السكريين، ويتناول تأخر الإفراغ المواد الصلبة خصوصاً، أما السوائل فقد يبقى إفراغها سوياً. تتجلى أعراض خزل المعدة على شكل حس امتلاء في الشرسوف والغثيان والقياء بعد الطعام والانتفاخ، وقد يكون الشبع الباكر عرضاً بارزاً، بيد أن هذه الأعراض لا تظهر إلا في نسبة قليلة من المصابين بخزل المعدة.
توحي القصة السريرية بالتشخيص، ويتأكد بفحص المعدة الشعاعي بعد إعطاء الباريوم الذي يكشف عن معدة متسعة بشدة تحوي بقايا طعامية، تقلصاتها ضعيفة وغير منتظمة وغير فعالة. ويبدو أن التصوير الومضاني scintigraphy بعد إعطاء مادة موسومة أكثر فائدة في التشخيص كما أنه يفيد في تقييم درجة الاستجابة للمعالجة. ويجب في كل الحالات إجراء تنظير هضمي علوي للمريض لنفي أي آفة عضوية قد تكون السبب في تأخر إفراغ المعدة.
يعتمد تدبير هذه الحالة على ضبط سكر الدم وإعطاء وجبات صغيرة متعددة قليلة الدسم والألياف، وقد يتطلب الأمر الاقتصار على الأطعمة السائلة مؤقتاً. أما المعالجة الدوائية فأساسها إعطاء الأدوية المحرضة للحركة prokinetics وفي مقدمتها المتوكلوبراميد metoclopramide بمقدار 10-20ملغ قبل الطعام بساعة أو دومپيريدون domperidone بمقدار 20-40ملغ. تزيد هذه الأدوية توتر toneالمعدة وتسرع إفراغها، وتنسق تحرك المعدة والبواب، أما في الحالات الشديدة المعندة على العلاج فقد استعمل مؤخراً وضع ناظمة pacemaker في جدار البطن (تدعى gastric electrical stimulater) تتصل بمسارٍ مغروسة في الطبقة العضلية من جدار المعدة تقوم بإرسال إشارات تُقلِّصُ جدار المعدة بانتظام، وقد أعطت هذه الطريقة نتائج حسنة، كما يلجأ بعضهم في الحالات الشديدة والمعندة إلى إجراء فغر المعدة ووضع أنبوب للتغذية في الصائم.
ج- الإسهال: عرض كثير الحدوث عند المصابين بالداء السكري من النمط الأول المعتمد على الأنسولين وغير المضبوط جيداً والذي يترافق عادة باعتلال عصبي محيطي واعتلال الجملة العصبية المستقلة. قد تكون الأدوية السبب في حدوث الإسهال مثل الميتفورمين metformin وacarbose، أو يكون سببه آفة أخرى مرافقة مثل فرط النمو الجرثومي أو قصور المعثكلة أو الداء الزلاقي (الداء البطني)؛ إذ يجب نفيها بالفحوص المخبرية والنسجية المناسبة. ومن المفيد الإشارة إلى أن المعالجة التجريبية بالتتراسيكلين مفيدة في تشخيص فرط النمو الجرثومي. ومتى استبعدت الأسباب المختلفة للإسهال عند المصابين بالداء السكري كان التشخيص المرجح هو الإسهال السكري مجهول السبب idiopathic diabetic diarrhoea الذي لا تعرف آلية حدوثه على الضبط.
الخطوة الأولى في معالجة هذا العرض المزعج هي ضبط الداء السكري على نحو جيد، وقد اتضح أن الشادات أدرينالية الفعل adrenergic agonists مثل الكلونيدين clonidine قد تفيد في العلاج؛ لأنها تحرض امتصاص الماء والشوارد في الأمعاء، وتعطى بمقدار 0.1-0.5ملغ مرتين يومياً، كما استعمل في العلاج مضاهيات السوماتوستاتين مثل octreotide، وتبقى المعالجة العرضية من أهم الوسائل المتوافرة للعلاج مثل الكودئين ودي فنوكسيلات diphenoxylate ولوبراميد loperamide.
د- الإمساك: يعدّ أكثر الأعراض الهضمية حدوثاً عند السكريين، ويعزى في بعض الحالات إلى اعتلال الجملة العصبية المستقلة السكري. قد يؤدي الإمساك الشديد إلى حدوث القولون العرطل. ومن المضاعفات الأخرى للإمساك القرحات البرازية والانحشار البرازي fecal impaction والإسهال الفيضي Overflow D.. أما المعالجة فهي عرضية باستعمال الحقن الشرجية المفرغة والملينات والمسهلات.
هـ- السلس البرازي: هو أحد الأعراض المزعجة عند السكريين. ويعزى إلى خلل وظيفة الجملة العصبية المستقلة الذي يؤدي إلى اضطراب توتر المصرة الداخلية للشرج في أثناء الراحة واضطراب استرخائها الانعكاسي. يعتمد معالجة هذه الحالة على الارتجاع البيولوجي biofeedback وإعطاء الأدوية المضادة للإسهال، وقد تفيد الجراحة في الحالات الشديدة.
و- الكبد والطرق الصفراوية: يبدو أن وقوعات الحصيات الصفراوية عند السكريين تزيد على النسبة المعتادة عند عامة الناس، وقد يكون ركود الصفراء في المرارة عند السكريين المصابين باعتلال الجملة العصبية المستقلة عاملاً مساعداً على تشكل الحصيات فيها.
يعدّ الكبد الدهني fatty liver أهم الشذوذات الكبدية التي تحصل عند السكريين وأكثرها شيوعاً؛ ولاسيما عند المصابين بالنمط الثاني من السكري غير المعتمد على الأنسولين. تضخم الكبد الدهنية، وتكون غير مؤلمة؛ لكنها تحافظ على قوامها المرن، بيد أن الحالة قد تتطور، ويحدث التهاب الكبد الدهني steatohepatitis الذي قد ينتهي بحدوث تليف الكبد.
ز- التظاهرات البطنية للحماض الخلوني السكري: يكثر حدوث الغثيان والقياء والألم البطني الشديد في الحماض الخلوني السكري، وقد تخفي هذه الأعراض وراءها حالة التهابية حادة في البطن كانت السبب في حدوث الحماض، لذلك يجب اللجوء إلى الفحوص المخبرية والتصويرية المختلفة (تخطيط الصدى- التصوير المقطعي المحوسب - التصوير الشعاعي) لنفي تلك الحالات البطنية الحادة - مثل التهاب المرارة الحاد والتهاب المعثكلة الحاد وانثقاب أحد الأحشاء المجوفة - التي تتطلب معالجة خاصة.
2- أمراض الدرقية والدريقات:
آ- فرط الدرقية Hyperthyroidism: يشكو نحو ربع المصابين بفرط الدرقية إسهالاً متفاوت الشدة يرجح أن سببه فرط تحرك الأمعاء hypermotility وزيادة سرعة العبور المعوي. يتوقف الإسهال بعد المعالجة، وتعود سرعة العبور إلى حدودها السوية.
قد يؤدي فرط الدرقية إلى اعتلال عضلي يخل بوظيفة العضلات المخططة في البلعوم والمريء؛ مما يعلل عسر البلع الذي يحدث عند بعض المرضى، ويتراجع بعد المعالجة.
لا يتظاهر فرط الدرقية في بعض الحالات بأعراضه الرئيسية الوصفية، وإنما تقتصر الأعراض على الألم البطني والإسهال ونقص الوزن؛ مما يدعو للشبهة بوجود خباثة في أحد الأحشاء البطنية.
ب- قصور الدرقية: يترافق قصور الدرقية بنقص في تحرك الأنبوب الهضمي. يؤدي اضطراب التحرك إلى خلل وظيفة المصرة السفلية للمريء، ومنه حدوث الجزر المعدي المريئي والتهاب المريء الهضمي الذي يتراجع بعد المعالجة الهرمونية. يتظاهر نقص تحرك القولون بالإمساك والانحشار البرازي، كما أنه قد يكون السبب في حدوث تدلي المستقيم rectal prolapse وانفتال السيني والقولون العرطل. يندر حدوث الإسهال في قصور الدرقية، ويعزى عندئذٍ إلى فرط النمو الجرثومي التالي لنقص تحرك الأمعاء، ويتراجع بالمعالجة بالصادات.
ج- فرط الدريقية hyperparathyroidism: تكثر الشكاوى الهضمية عند المصابين بفرط الدريقية، وأكثرها شيوعاً القهم والغثيان والقياء والإمساك والانزعاج البطني المعمم. ترتفع وقوعات القرحة الهضمية عند المصابين بفرط الدريقية، وتراوح النسبة بين 5-15%، كما تزداد لديهم وقوعات التهاب المعثكلة الحاد، وتبلغ 1-2%.
د- قصور الدريقية: قد يترافق قصور الدريقية بسوء الامتصاص مع الإسهال الدهني الخفيف، كما أن الإمساك والانسداد المعوي الكاذب قد يكونان من المظاهر المهمة لقصور الدريقية.
هـ- السرطان اللبي للدرق Medullary Carcinoma: سرطان الدرق اللبي ورم مفرز للكالسيتونين calcitonin يصيب الخلايا C في الغدة الدرقية. يتظاهر المرض في ثلث الحالات بالإسهال المزمن الذي يعزى إلى تأثير الكالسيتونين المرتفع في الأمعاء، كما أن تناقص زمن العبور في القولونات قد يساعد على حدوث الإسهال.
3- أمراض الكظر: يترافق داء ويلسون (قصور الكظر) بأعراض هضمية متنوعة منها القهم والغثيان والقياء والإسهال والألم البطني إضافة إلى نقص الوزن، وقد يرى عند بعض المرضى ارتفاع مزمن في أنزيم أمينوترا نسفراز، ويبدو أن الإسهال ينجم عن خلل وظيفي في خلايا المعي الدقيق يتراجع بسرعة بعد المعالجة بالستروئيدات.
ينشأ ورم القواتم من خلايا لب الكظر، ويفرز كمية زائدة من الكاتيكولامين الذي قد يكون السبب في حدوث انسداد معوي وظيفي (العلّوص ileus) أو انسداد معوي كاذب. ومن الأعراض الهضمية الأخرى التي ترى في ورم القواتم الألم البطني الحاد والإسهال والتهاب القولون الإقفاري.
تنتقل الأورام الخبيثة إلى السبيل الهضمي عن الطريق الدموي أو اللمفاوي أو عن طريق الامتداد المباشر من الأعضاء المجاورة أو الانتقال الصفاقي.
وأكثر السرطانات التي تنتقل إلى السبيل الهضمي هي سرطانة الثدي والرئة والمبيض والملانوم. المظهر السريري الأكثر مصادفة للنقائل الورمية للسبيل الهضمي هو انسداد الأمعاء الدقيقة، ومن المظاهر الأخرى الألم البطني والحمى والحبن إضافة إلى النزف الهضمي والانثقاب. يصعب تشخيص الانتقالات الورمية للسبيل الهضمي؛ ولاسيما إذا توضعت في الأمعاء الدقيقة، ويفيد التصوير الشعاعي بعد إعطاء الباريوم في التشخيص في 50% من الحالات.
أما المظاهر الهضمية للمتلازمة نظيرة الورمية paraneoplastic syndrome فتأخذ أشكالاً متعددة منها الإسهال المائي الذي يعزى إلى الهرمونات التي تفرزها بعض الأورام (الورم السرطاوي، السرطانة القصبية، ورم القواتم)، ومنها أيضاً الانسداد المعوي الكاذب الذي ينجم عن اضطراب تحرك المعي التالي لتخرب الضفيرة العصبية المعوية myenteric plexus؛ الأمر الذي يحدث في العديد من الأورام ولاسيما سرطانة الرئة صغيرة الخلايا small cell carcinoma، وفي سرطانة الثدي والكلية واللمفوما، وقد يسبق ظهورُ أعراض الانسداد المعوي الكاذب تشخيص الورم المسبب بمدة طويلة جداً.
1- اللمفومات: يعدّ الكبد جزءاً مهماً من الجملة الشبكية البطائية؛ لذلك كثيراً ما يرتشح بالخلايا الورمية عند إصابة هذه الجملة بأحد الأمراض الخبيئة، وقد يصل معدل إصابة الكبد مئة بالمئة في بعض هذه الأمراض. تضطرب البنية النسيجية للكبد في هذه الحالات، وتأخذ أشكالاً متعددة كما تظهر شذوذات في اختبارات وظائف الكبد.
أ- لمفوما هودجكن: يرتشح الكبد بالخلايا الورمية في نسبة قليلة من المرضى. يكشف الفحص النسيجي لخزعة الكبد وجود ارتشاح المسافات البابية بوحيدات النوى إضافة إلى الحبيبومات granuloma وخلايا ريد-سترنبرغ Reed-Sternberg، وتترافق الإصابة النسيجية بارتفاع إنزيم الفوسفاتاز القلوي. قد يصيب داء هودجكن أيضاً العقد اللمفاوية الكائنة في سرة الكبد (باب الكبد porta hepatis)، وقد تضغط هذه العقد المتضخمة الأقنية الصفراوية الرئيسية مسببة اليرقان الانسدادي الميكانيكي خارج الكبد.
ب- لمفوما لاهودجكن: تكشف خزعة الكبد المأخوذة عبر الجلد إصابة الكبد باللمفوما اللاهودجكنية في نحو ربع الحالات، وترتفع نسبة الإصابة كثيراً إذا أخذت الخزعة في أثناء تنظير البطن. يندر أن تكون إصابة الكبد باللمفوما اللاهودجكنية أولية، وتتجلى حينئذٍ على شكل كتلة كبدية يكشفها تخطيط الصدى أو التصوير المقطعي المحوسب، وتلتبس حينئذٍ مع سرطانة الكبد الأولية أو النقائل الكبدية. يرتفع إنزيم أمينوترانسفراز في معظم الحالات، وكما هي الحال في داء هودجكن فقد تصاب العقد اللمفاوية في سرة الكبد بالآفة، وتضغط العقد المؤوفة على الأقنية الصفراوية الرئيسة مؤدية إلى حدوث يرقان انسدادي خارج الكبد.
2- ابيضاضات الدم: يشكو نحو عشرة بالمئة من المصابين بابيضاض الدم مضاعفات هضمية. تنجم إصابة الجهاز الهضمي في الابيضاض عن أسباب رئيسية أربعة:
أ- ارتشاح جدار السبيل الهضمي بالخلايا الورمية الذي يؤدي إلى تشكل كتل سليلانية polypoid أو تسمك في الجدار أو قرحات.
ب- عوز المناعة بسبب نقص الخلايا المناعية الذي يؤدي إلى حدوث قرحات في السبيل الهضمي بنقص الكريات المحببة agranulocytic ulcers إضافة إلى الأخماج الانتهازية المختلفة.
ج- عيوب تخثر الدم وما ينجم عنها من أورام دموية ضمن جدران السبيل الهضمي أو نخر في جدار الأمعاء.
د- المضاعفات المختلفة للمعالجة الكيميائية والشعاعية.
أما الأعراض فمتعددة جداً تأخذ شكل التهاب مخاطية الفم أو تقرحات أو نزوف لثوية أو عسر البلع dysphagia أو وجع البلع odynophagia (التهاب المريء الفيروسي أو داء المبيضات candidiasis)، أو نزف هضمي جسيم (تقرحات في أي جزء من السبيل الهضمي)، أو انسداد معوي ميكانيكي أو حالة بطن حادة (انثقاب حشوي، خراجات بطنية، التهاب زائدة حاد)، ويكون سببها أحياناً التهاب نخزي في القسم النهائي من اللفائفي والأعور، وهو ما يدعى التهاب الأعور الابيضاضي leukemic typhlitis.
يتضخم الكبد في كثير من حالات ابيضاض الدم، وتؤكد الخزعة وجود إصابة كبدية في الغالبية العظمى من حالات الابيضاض المزمنة، وقد يصل معدل الإصابة إلى 98%، ويترافق ذلك باضطراب اختبارات وظائف الكبد.
3 - متلازمات تكاثر النقي Myeloproliferative Syndromes: من أهم هذه المتلازمات تليف النقي myelofibrosis والحؤول النقياني myeloid metaplasia التي تتظاهر بضخامة طحالية شديدة وفقر دم مترقّ وقد يتضخم الكبد. تترافق هذه المتلازمة بارتفاع الضغط البابي في 7% من الحالات الذي ينجم عن زيادة الجريان الدموي في وريد الباب إضافة إلى ارتشاح النسيج الكبدي ببؤر تكون الدم hematopoiesis، وقد يسبب ارتفاع الضغط البابي نزفاً هضمياً علوياً جسيماً بسبب تمزق دوالي المريء.
يكثر حدوث المضاعفات الخثرية في كل متلازمات تكاثر النقي (كثرة الحمر، فرط الصفيحات الأساسي- تليف النقي، الحؤول النقياني)، وقد يصيب التخثر الوريد الطحالي مما يؤدي إلى حدوث احتشاء الطحال الذي يتظاهر بالألم البطني الحاد في الربع العلوي الأيسر من البطن أو أنه يتناول الأوردة الكبدية (متلازمة باد كياري Budd-Chiari)؛ مما يؤدي إلى حدوث فرط الضغط البابي وما يتلوه من تشكل الدوالي في المريء وحدوث النزف الهضمي في حالة تمزقها.
4- خلل بروتينات الدم Dysproteinemia: يؤثر الورم النقوي العديد (النقيوم المتعدد multiple myeloma) في الجهاز الهضمي عن طريق:
أ- ارتشاح الجدار بالخلايا المصورة وتشكل الأورام المصورية plasmacytoma التي قد تبقى لاعرضية أو أنها تتظاهر بالألم البطني والقهم والقياء وأحياناً النزف الهضمي.
ب- ارتشاح جدار الأنبوب الهضمي بالمادة النشوانية amyloid وما يتلو ذلك من اضطراب في تحرك الأنبوب الهضمي وما يرافق ذلك من أعراض.
أما في داء ڤالدنستروم Waldenstrom فإن جدار الأنبوب الهضمي يرتشح بالخلايا اللمفاوية الخبيثة التي تفرز الغلوبولين المناعي من النمط IgM. يكشف الفحص السريري وجود ضخامة كبدية أو طحالية في ثلث الحالات. وأكثر من ذلك مصادفة هو ارتشاح جدار الأنبوب الهضمي بالغلوبولين المناعي آنف الذكر الذي يتوضع في ذروة الزغابات وفي النسيج الخلالي interstitium واللوابن (مجاري الكيلوس lacteals) مما يؤدي إلى حدوث توسع الأوعية اللمفاوية lymphangiectasis وظهور أعراض مختلفة كالإسهال والألم البطني والنزف الهضمي والاعتلال المعوي المضيع للبروتين.
5- كثرة الخلايا البدينة Mastocytosis: يتميز هذا الداء بوجود ارتشاح كثيف بالخلايا البدينة mastocytes في الجلد والكبد والطحال والنقي والعقد اللمفاوية والأنبوب الهضمي. تتجلى الإصابة الجلدية الوصفية على هيئة حطاطات أو لويحات plaques حمراء أو بنية (الشرى الصباغي urticaria pignemtosa) مترافقة بالحكة والتبيغ flushing وتسرع القلب والصداع والربو، وسببها إطلاق كمية زائدة من الهيستامين والبروستاغلاندين من الخلايا البدينة التي تطلق في الوقت نفسه الهيبارين؛ مما يهيئ لحدوث النزوف.
يشكو 80% من المرضى أعراضاً هضمية مرافقة منها الغثيان والقياء والألم البطني والإسهال وهو أكثر الأعراض شيوعاً. يؤدي ارتفاع عيار الهيستامين في الدم إلى زيادة الإفراز المعدي الحامض؛ مما يهيئ لحدوث القرحات الهضمية وما يتلوها من نزف هضمي علوي.
تعالج هذه الآفة بضادات مستقبلات الهيستامين H1 و H2 ومضادات الكولين وأحياناً بالستروئيدات القشرية، وقد أعطت هذه المعالجة نتائج حسنة عموماً.
6- اعتلال الكريات الحمر Red Blood Dyscrasia:
أ- فقر الدم المنجلي Sickle Cell Anemia: يتميز فقر الدم المنجلي بفقر الدم من النمط الانحلالي المزمن مع نوب متكررة ومؤلمة من انسداد الأوعية الدموية الذي يؤدي إلى الإقفار أو الاحتشاء، ويمكن أن تتناول أي ناحية من الجسم؛ ولاسيما الأطراف والصدر والبطن. تتصف نوبة التمنجل البطنية بالألم الشديد والحمى، وقد يرتفع البيليروبين الدموي المباشر من إصابة الكبد. وكثيراً ما يلتبس الأمر مع حالات البطن الحادة مثل التهاب المرارة الحاد والتهاب الزائدة الدودية والتهاب المعثكلة، وما يميز الألم البطني في نوبة التمنجل كونه أكثر تعمماً وترافقه مع آلام بعيدة عن البطن كألم الأطراف وألم الصدر. تتحسن نوبة التمنجل البطنية بالإماهة وإعطاء الأكسجين.
ب- التالاسيمية Thalassmia: كثيراً ما يتضخم الكبد عند المصابين بالتالاسيمية بسبب تكون الدم في الكبد، كما أن ثقل الدم المتكرر عند هؤلاء المرضى يزيد من كمية الحديد في الجسم مما يؤدي إلى خلل في وظائف الكبد.
7- اضطرابات تخثر الدم: قد تتظاهر الآفات الدموية المنزفة -كالناعور وداء «فون ويلبراند» ونقص الصفيحات الدموية مهما كان سببه أو خلل وظيفتها والمعالجة بالهيبارين والورفارين warfarin- بالنزف المعدي المعوي متفاوت الشدة، وقد يحدث النزف ضمن جدار الأنبوب الهضمي، ويتجلى سريرياً بألم بطني شديد مع علامات البطن الحاد، وقد يكون النزف في هذه الحالة سبباً في حدوث انسداد الأمعاء أو انغلافها. يتظاهر النزف داخل الجدار شعاعياً على شكل تضيق في اللمعة أو قساوة في الجدار أو ثخانة في ثنيات الغشاء المخاطي الهضمي.
الجهاز الهضمي والأمراض الرثوية وأمراض الكولاجين (المغراء) Collagen
كثيراً ما تؤدي الأمراض الرثوية إلى حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي تأخذ أشكالاً مختلفة. إضافة إلى ذلك فإن الأدوية المستعملة في علاج أمراض النسيج الضام كثيراً ما يكون لها تأثير ضار في الأنبوب الهضمي.
1- التهاب المفاصل الرثياني: إن التهاب الأوعية الرثياني مضاعفة خطيرة للداء الرثياني إلا أنها نادرة (1% من المرض)، وهي تحدث في الحالات الشديدة من الداء، وقد تتناول السبيل الهضمي، فتؤدي حينئذٍ إلى حدوث احتشاء في الأمعاء أو تقرحات فيها أو تكون السبب في التهاب المرارة أو التهاب الزائدة الإقفاري. ومن المضاعفات المعروفة لالتهاب المفاصل الرثياني الداء النشواني وما يرافقه من سوء الامتصاص.
قد تضطرب إنزيمات الكبد في الداء الرثياني؛ ولاسيما ارتفاع إنزيم الفوسفاتاز القلوي إلا أن الارتفاع يبقى معتدلاً في معظم الحالات، ولا يتجاوز ضعف الحد الأعلى السوي. وقد شوهدت تبدلات في النسيج الكبدي عند بعض المصابين، بيد أنها تبقى لاعرضية في معظم الحالات.
أما التظاهرات الهضمية الشائعة في الداء الرثياني فتنجم عن الأدوية المستعملة في معالجته. يؤدي تناول م. ا. غ .س. عن طريق الفم أو بالطريق العام (تحاميل، زرقات) إلى حدوث آفات سطحية في المخاطية أو قرحات صريحة، ومما يزيد من خطورة هذه الأدوية تقدم سن المريض (أكثر من 65 سنة) ووجود قصة قرحية في سوابقه ومشاركة هذه الأدوية مع الستروئيدات القشرية. وقد تبين أن استعمال مثبطات إنزيم COX-2 الانتقائية selective cyclooxygenase-2 inhibitors يقلل من خطر حدوث هذه المضاعفات. تعالج القرحات الهضمية الناجمة عن م. ا. غ. س. بإعطاء مثبطات مضخمة البروتون P.P.I، ويمكن الوقاية من حدوث المضاعفات الهضمية باستعمال البروستاغلاندين misoprostol) E) أو إعطاء مثبطات مضخمة البروتون.
يؤدي معالجة التهاب المفاصل الرثياني بأملاح الذهب إلى ظهور مضاعفات هضمية تتجلى بالإسهال. وقد يحدث التهاب خطر في القولون يتظاهر بالغثيان والقياء والإسهال والحمى، وتعتمد المعالجة على وقف الدواء وإعطاء الستروئيدات القشرية والدواء المستخلب للمعادن الثقيلة المسمى دي مركابرول dimercaprol.
2- تصلب الجلد Scleroderma: يتصف داء تصلب الجلد بالتهاب الأوعية الصغيرة الانسدادي مع تكاثر النسيج الضام والتليف. تتناول الإصابة الأنبوب الهضمي في 90% من الحالات، ويمكن أن تتناول الإصابة أي جزء منه بدءاً من الفم حتى الشرج.
يصاب الجلد حول الفم بالتليف والضمور مما يؤدي إلى تحدد حركة الفك السفلي، كما تصاب اللثة والحليمات اللسانية والمخاطية الفموية بالداء، فتصبح هشة ضامرة مع اضطراب حس الذوق وحس اللمس.
يصاب المريء في معظم المرضى مؤدياً إلى عسر البلع بسبب خلل الحركات الحوية، كما يؤدي نقص الضغط في المصرة السفلية للمريء إلى حدوث الجزر المعدي المريئي والتهاب المريء الجزري، وقد تؤدي التقرحات المريئية المرافقة إلى نزف هضمي، كما قد يتعرقل التهاب المريء الهضمي بحدوث حؤول معدي metaplasia في مخاطية المريء (مريء باريت)؛ مما يعرضها للتنكس السرطاني. أما إصابة المعدة فتأخذ شكل خزل معدي gastroparesis وتأخر إفراغ المعدة؛ مما يفاقم الجزر المعدي المريئي.
تضمر العضلات الملساء في الأمعاء الدقيقة، ويتوضع المغراء في جدار الأمعاء بحيث ينقص تحرك الأمعاء، ويرافق ذلك تبدلات شعاعية مما يعطي الصائم مظهر الأكورديون.
تشمل أعراض الإصابة المعوية القهم والغثيان والقياء والانتفاخ والقرقرة والانزعاج البطني. ويحدث سوء الامتصاص في ثلث المرضى، وينجم عن فرط النمو الجرثومي، ويتحسن بفعل الصادات واسعة الطيف، بيد أن ترسب المغراء في جدار المعي قد يؤدي دوراً في إحداثه. أما إصابة القولون والمستقيم والشرج فإنها تؤدي إلى اضطراب تحرك هذه الأعضاء الذي يتظاهر سريرياً بالإمساك والانحشار البرازي والسلس البرازي والانسداد المعوي الكاذب.
3- الذئبة الحمامية الجهازية Systemic Lupus Erythematosus: الأعراض المعدية المعوية شائعة عند المصابين بالذئبة الحمامية الفعالة، وتتجلى على هيئة الغثيان والقياء والقهم، كما أن اضطراب تحرك المريء وما ينجم عنه من لذع وعسر البلع يصادف عند أكثر من نصف المرضى، ويشاهد الإسهال في نحو ربع المرضى. قد يحدث الحبن عند المصاب بالذئبة، ويعود سببه إلى التهاب الأوعية المساريقية والصفاقية.
يعدّ التهاب أوعية جدار الأنبوب الهضمي من أخطر مضاعفات الذئبة إذ تبلغ نسبة الوفيات فيه خمسين بالمئة، ويؤدي إلى حدوث التقرحات والنزوف والانثقاب والاحتشاء في أحد أجزاء السبيل الهضمي. يعتمد تشخيص هذه الحالة على الفحص النسيجي للخزعات المأخوذة لدى فتح البطن الاستقصائي. أما المعالجة فقوامها الستروئيدات القشرية بمقادير عالية، ويضيف إليها بعض المعالجين السيكلوفوسفاميد، والنتائج على كل حال غير مرضية.
4- التهاب العضلات polymyositis والتهاب الجلد والعضلات: تتصف متلازمة التهاب العضلات بالضعف العضلي وارتفاع إنزيمات العضلات المخططة في المصل (كرياتين كيناز وألدولاز) مع بينات نسيجية على وجود اعتلال عضلي التهابي. وإذا ترافقت هذه المتلازمة بطفح جلدي بنفسجي اللون على ظهر اليدين وحول الحجاج أطلق عليها اسم متلازمة التهاب الجلد والعضلات dermatomyositis. تتظاهر إصابة الأنبوب الهضمي من الناحية الباتولوجية بالوذمة والضمور العضلي والتليف وتقرح المخاطية والانثقاب التي يمكن أن تتناول أي جزء من السبيل الهضمي، أما الأعراض السريرية فتشمل اضطراب عملية البلع واستنشاق المواد الطعامية بسبب إصابة الناحية الحلقية البلعومية crico- pharyngeal، ويضاف إلى ذلك اللذع والانتفاخ والإمساك والنزف الهضمي.
5- متلازمة جوغرن Sjogren: تتميز هذه المتلازمة بارتشاح خلوي لمفاوي في أنسجة الغدد اللعابية والدمعية، تتظاهر سريرياً بالتهاب الملتحمة والقرنية الجاف مع جفاف الفم. يشكو أكثر المرضى عسر البلع الذي قد يكون سببه فقد اللعاب، بيد أنه قد يكون لاضطراب النسيج الضام المريئي دور في ذلك.
6- فرفرية هنوخ- شونلاين Henoch-Schonlein purpura: هي التهاب أوعية جهازي يتظاهر بطفح فرفري في الجلد دون نقص في الصفيحات مع آلام بطنية قولنجية وإصابة في الكليتين والمفاصل. تصيب هذه المتلازمة الأطفال على نحو خاص إلا أنها قد تحدث عند الكهول في كل الأعمار، تتألف الأعراض الهضمية من الألم البطني والغثيان والقياء، وقد يحدث قياء الدم أو التغوط الدموي في نحو 40% من المرضى. يكشف التنظير في الحالات النازفة وجود التهاب العفج السحجي والتقرحات القلاعية في الجزء العلوي من أنبوب الهضم أو آفات حَبَريَّة petechial في القولون، وقد تحدث مضاعفات هضمية خطرة كالاحتشاء والانثقاب والورم الدموي في جدران السبيل الهضمي. تنجم الآفات الهضمية آنفة الذكر عن التهاب الأوعية، وتصادف في أكثر من ثلثي الحالات.
7- التهاب الشرايين العقدي Polyarteritis Nodosa: هو التهاب نخري يتناول الشرايين الصغيرة والمتوسطة للعضلات، وكثيراً ما يصيب الأحشاء البطنية. يتميز هذا الالتهاب بحدوث توسعات أمدمية قد يصل قطرها إلى 10ملم تظهر عند تصوير الأوعية الحشوية.
أما الأعراض فتتضمن الحمى والآلام العضلية وآلام المفاصل الكبيرة وارتفاع الضغط الشرياني. تظهر الأعراض الهضمية عند نحو ربع المرضى، وأكثرها حدوثاً الألم البطني، وقد يحدث النزف أو الانثقاب أو الاحتشاء في بعض الحالات كما شوهدت حالات من التهاب المرارة اللاحصوي بسبب التهاب أوعيتها. يتأكد تشخيص الحالة بتصوير الأوعية المساريقية الذي يكشف التوسعات أمدمية الشكل في الأوعية البطنية.
8- داء بهجت Behçet’s Disease: هو داء التهابي مجهول السبب يتميز بوجود المثلث العرضي التالي:
- تقرحات قلاعية في الفم.
- تقرحات في الناحية التناسلية.
- التهاب العنبية.
يصاب الأنبوب الهضمي في أقل من ربع الحالات، وتتوضع الإصابة في أي جزء منه؛ ولاسيما في الناحية اللفائفية الأعورية. تتجلى الإصابة الهضمية بالألم البطني والإسهال والنزف، وقد يحدث الانثقاب، كما يهيئ هذا الداء للإصابة بالخثرات التي قد تتناول وريد الباب أو الأوردة الكبدية، ومنه حدوث متلازمة باد- كياري.
1- القصور الكلوي المزمن: يكثر حدوث الأعراض الهضمية عند المصابين بقصور كلوي شديد يستدعي إجراء التحال الدموي أو التحال الصفاقي. تشمل الأعراض الهضمية القهم والغثيان والقياء والفواق والألم الشرسوفي واللذع والنزف الهضمي العلوي. يكشف التنظير العلوي وجود علامات مرضية عند نصف المرضى المصابين بالقصور الكلوي المزمن؛ وأكثرها مصادفة التهاب المعدة والتهاب العفج والسحجات في الغشاء المخاطي، ومنها أيضاً التهاب المريء والثدن الوعائي angiodysplasia. قد يكون النزف الهضمي العلوي عند المصابين بقصور الكلية غزيراً يهدد الحياة، ويعزى إلى الثدن الوعائي في أكثر من نصف الحالات. يعالج الثدن الوعائي بالتخثير الكهربي أو الحراري. أما التقرحات الهضمية التي تأتي في الدرجة الثانية بين أسباب النزف؛ فتعالج طبياً بالأدوية المعتادة.
يشكو بعض المصابين بالقصور الكلوي المزمن الإسهال الذي يعزى إلى فرط النمو الجرثومي أو إلى اضطراب استقلاب الأملاح الصفراوية في بعض الحالات. كما أنهم يتعرضون أكثر من غيرهم لانثقاب القولون التالي لانبثاق الرتوج أو انثقاب القرحة الأعورية أو تشكل الأورام البرازية fecaloma كما شوهدت لديهم حالات نزف هضمي خطر من قرحة في المستقيم.
2- زرع الكلية: تشكل المضاعفات الهضمية جزء مهماً من المضاعفات التي تلي زرع الكلية والتي كثيراً ما تكون السبب في الوفاة. أهم هذه المضاعفات وأكثرها مصادفة النزف الهضمي العلوي الصادر عن التقرحات المعدية العفجية والذي قد ينتهي بالوفاة. ومن هذه المضاعفات الأخماج الفيروسية؛ ولاسيما الفيروس مضخم الخلايا CMV والأخماج الفطرية، وسببها الغالب المبيضات البيض. ومن المضاعفات المهمة الأخرى التهاب القولون الإقفاري الذي يتناول قطعة محددة من القولون أو القولون بكامله، وهو ذو إنذار خطر أيضاً.
الجهاز الهضمي والأمراض العصبية
تنجم التظاهرات الهضمية في الأمراض العصبية عن اضطراب تحرك الأنبوب الهضمي الذي يرافق هذه الأمراض. تؤدي بعض هذه الأمراض إلى عسر بلع فموي بلعومي أو ضعف في عضلات البلعوم مما يسبب قلساً أنفياً nasal regurgitation أو استنشاق المواد الطعامية. كما يؤدي اضطراب تحرك المصرة السفلية للمريء إلى حدوث اللذع والتهاب المريء الهضمي. أما اضطراب تحرك القولون والشرج فقد يكون السبب في حدوث الإمساك والانحشار البرازي والسلس الغائطي.
يكثر حدوث اضطراب الأنبوب الهضمي في أذيات الجملة العصبية المركزية كما هي الحال في رضوض الرأس والسكتات الدماغية الشديدة وفي العمليات الجراحية داخل القحف. ففي رضوض الرأس بينت إحدى الدراسات أن التنظير الهضمي العلوي يكشف عن وجود آفات معدية عفجية حادة في 75% من المرضى تأخذ شكل التهاب المعدة السحجي وقرحة المعدة والتهاب المريء والتهاب العفج. ويتظاهر نحو نصف هذه الحالات بالنزف الهضمي، ويعزى إلى الكرب الفيزيولوجي الذي يرافق هذه الحالات المرضية [ر. القرحة الهضمية].
يكثر حدوث المضاعفات الهضمية بعد رضوض النخاع الشوكي أيضاً، فكثيراً ما يحدث في المراحل الباكرة بعد الرض ركود معدي شديد مع توسع المعدة أو انسداد معوي شللي (علوص ileus)، ويتطلب الأمر حينئذ مص المفرزات المعدية، وقد يفيد الميتوكلوبراميد في تحسين هذه الحالات. ومن المضاعفات الهضمية المصادفة بعد رضوض النخاع النزف الهضمي العلوي قرحي المنشأ، وهو أكثر شيوعاً عند إصابة النخاع الرقبي أو عند وجود ضائقة تنفسية مرافقة respiratory distress، وقد تنثقب القرحات الهضمية الحاصلة، ويتأخر تشخيص التهاب الصفاق التالي لذلك بسبب اضطراب الحس المرافق للآفة النخاعية أو بسبب المعالجة بالستروئيدات القشرية. ومن المضاعفات الباكرة لرضوض النخاع الشوكي التهاب المعثكلة الذي قد يكون ناجماً عن المعالجة بالستروئيدات. ويشكو أكثر المصابين برضوض النخاع الشوكي الإمساك الذي يكافح بإعادة التأهيل والتمارين الفيزيائية مع إعطاء مطريات البراز كما أن الملينات المنبهة ضرورية أحياناً مثل بيساكوديل bisacodyl.
كثيراً ما يترافق داء باركنسون باضطرابات هضمية منها عسر البلع الذي ينجم عن خلل في عملية البلع في مراحلها الثلاث الفموية والبلعومية والمريئية. يؤدي خلل المرحلة الفموية البلعومية من البلع إلى بطء مرور اللقمة الطعامية في البلعوم واحتباس البقايا الطعامية في الأخاديد البلعومية مما يهيئ لاستنشاق المواد الطعامية الخطر النتائج.
الأنبوب الهضمي والأمراض الارتشاحية
1- الداء النشواني Amyloidosis: ينجم الداء النشواني عند توضع معقد بروتيني سكري في الأنسجة، ويقسم إلى عدة أصناف يمكنها جميعاً أن تتناول الأنبوب الهضمي. يتوضع النشواني amyloid خصوصاً في جدران أوعية الأنبوب الهضمي مما يؤدي إلى الإقفار والاحتشاء؛ وفي الطبقة العضلية مما يسبب خلل التحرك؛ وفي الطبقة تحت المخاطية مما يعوق الامتصاص.
تتناول الأعراض أي جزء من الأنبوب الهضمي، فضخامة اللسان والتهاب المفصل الفكي الصدغي قد تسبب سيلان اللعاب وصعوبة المضغ. ويؤدي اضطراب تحرك المريء إلى حدوث عسر البلع، وقد يحدث أيضاً انسداد وظيفي في بواب المعدة بسبب اضطراب تحركها، أما اضطراب تحرك الأمعاء فقد يكون السبب في حدوث الإسهال أو الإمساك أو السلس الغائطي أو انسداد الأمعاء الكاذب أو القولون العرطل. يحدث سوء الامتصاص في نحو خمس بالمئة من الحالات، ويعزى إلى فرط النمو الجرثومي وإقفار المخاطية وقصور إفراز المعثكلة الخارجي وترسب النشوائي تحت المخاطية الذي يعوق الامتصاص ميكانيكياً، كما ذكرت حالات من النزف الهضمي عزيت إلى زيادة الهشاشة الوعائية والاحتشاء المعوي. إذا تناول الداء الكبد فإن النشواني يتوضع في جدران الشرايين والشرينات أو أنه يتوضع في مسافات «ديسه» Disse. قد يتضخم الكبد في هذه الحالات كما تضطرب اختبارات وظيفة الكبد؛ ولاسيما ارتفاع إنزيم الفوسفاتاز القلوي وانخفاض الألبومين الدموي.
يعتمد تشخيص الداء النشواني على الفحص النسيجي للخزعات المأخوذة من الطبقة الشحمية تحت جلد البطن أو من الأنبوب الهضمي إذ إن خزعة المستقيم تكشف الداء في 80% من الحالات؛ لكنّ خزعة العفج تعطي نتائج أفضل. وفي كل الحالات يجب تجنب خزعة الكبد خوفاً من حدوث النزف.
يعطى الكولشيسين للوقاية والعلاج في الداء النشواني التالي للإصابة بحمى البحر المتوسط، وتطبق المعالجة العرضية في الحالات الأخرى.
2- الغرناوية (الساركوئيد) Sarcoidosis: الغرناوية داء جهازي مجهول السبب يتوضع في مختلف الأعضاء، يتناول الداء الكبد في كثير من الحالات، وتضطرب حينئذ وظائف الكبد، ويرتفع إنزيم الفوسفاتاز القلوي خاصة، بيد أنه يندر أن تظهر أعراض تدل على إصابة الكبد؛ ولاسيما اليرقان الانسدادي داخل الكبد أو خارج الكبد أو أعراض فرط الضغط البابي، ويتأكد تشخيص الإصابة الكبدية بالفحص النسيجي لخزعة الكبد.
قلّ أن يصاب الأنبوب الهضمي بالغرناوية، ومع ذلك قد يحدث عسر البلع بسبب ضخامة العقد البلغمية في سرة الرئة. والمعدة هي أكثر أجزاء الأنبوب الهضمي تعرضاً للإصابة التي تتجلى بالألم الشرسوفي والنزف الهضمي. يكشف التنظير تقرحات متعددة في المعدة أو تضيقاً في الغار أو صلابة في الجدار مما يدعو للالتباس مع سرطانة المعدة. يصعب تشخيص الآفة نسيجياً اعتماداً على الخزعات التنظيرية إذ إنها تلتبس بسهولة مع داء كرون والتدرن.
الجهاز الهضمي والحمل
يؤدي الحمل إلى اضطراب في تحرك أجزاء الأنبوب الهضمي كافة والشجرة الصفراوية، كما أنه يزيح الأجزاء المتحركة من الأنبوب الهضمي عن موقعها الطبيعي، ويؤدي كل ذلك إلى ظهور أعراض هضمية عند جزء كبير من النساء الحوامل، بيد أن هناك حالات مرضية هضمية تصيب الحوامل دون غيرهن من النساء، وكثيراً ما تعرض حياتهن للخطر.
1- الغثيان والقياء: الغثيان عرض شائع يصيب نحو 60% من النساء الحوامل في الثلث الأول من الحمل، ويترافق في معظم الحالات بالقياء، ويزول عادة بعد الشهر الثالث من الحمل. إذا كان الغثيان والقياء مستمرين، وأديا إلى نقص وزن الحامل واضطراب الشوارد والسوائل؛ دعيت الحالة تقياء الحمل hyperemesis gravidarum. وقد يؤدي القياء الشديد إلى حدوث نزف هضمي علوي بسبب تمزق الغشاء المخاطي أسفل المريء (متلازمة Mallory-Weiss). تعالج الحالات الخفيفة من الغثيان والقياء بإعطاء وجبات صغيرة متعددة وتطمين المريضة، وقد يتطلب الأمر إعطاء مضادات القياء مثل ميتوكلوبراميد وبروكلوربيرازين prochlorperazine كما يفيد الفيتامين B6 في بعض الحالات، أما حالات تقياء الحمل فإنها تستدعي الاستشفاء لتعويض السوائل والشوارد.
2- الجزر المعدي المريئي: يشكو 50-80% من النساء في الثلث الثالث من الحمل من أعراض الجزر المعدي المريئي الذي يتظاهر باللذع وقلس عصارة المعدة أحياناً، بيد أن هذه الأعراض قلّ أن تكون شديدة. تشتد هذه الأعراض تدريجياً مع تقدم الحمل إلى أن تبلغ ذروتها قبيل الوضع، وتعزى إلى اضطراب تحرك المريء ونقص ضغط المصرة السفلية للمريء عندما يصل تركيز الأستروجين والبروجسترون في الدم حده الأعلى؛ وإليهما يعود اضطراب تحرك المريء وانخفاض ضغط المصرة السفلية. يعالج الجزر المعدي المريئي بتجنب الأوضاع التي تؤهب لحدوثه وبإعطاء مضادات الحموضة أو مثبطات إفراز الحمض المعدي [ر. الجزر المعدي المريئي].
3- الإمساك: عرض شائع عند الحوامل، ويعود ذلك إلى ارتفاع تركيز البروجسترون في الدم وما له من تأثير مرخٍ للعضلات الملساء وما ينجم عنه من تطاول زمن المرور في الأمعاء، وكثيراً ما يترافق الإمساك بالبواسير. يتحسن الإمساك بعد تناول الأدوية الغنية بالألياف أو مطريات البراز غير القابلة للامتصاص.
4- الحالات المرضية الأخرى: تزداد وقوعات الحصيات الصفراوية عند الحوامل، ويعود ذلك على الأرجح إلى ارتفاع الأستروجين الذي يقلل من نتاج الحموض الصفراوية، وإلى ارتفاع البروجسترون الذي يثبط تقلص المرارة وإفراغ محتواها.
التهاب الزائدة الحاد هو أكثر الحالات المرضية التي تستدعي التداخل الجراحي على البطن في أثناء الحمل. يصعب تشخيص التهاب الزائدة الحاد عند الحوامل بسبب انزياح الأعور والزائدة عن موضعهما نحو الأعلى وما ينجم عن ذلك من تغير موضع الألم الذي قد يقع حينئذ تحت الحافة الضلعية اليمنى، ومما يساعد على تشخيص الحالة دراسة الأحشاء البطنية بتخطيط الصدى أو التصوير المقطعي المحوسب. يفضل التداخل الجراحي الباكر في حالة الشبهة واستئصال الزائدة الملتهبة، ويمكن إجراء العملية عن طريق التنظير.
5- أمراض الكبد حملية المنشأ: يزداد حجم الدم في أثناء الحمل، وقد تبلغ الزيادة 50% من الحجم الأصلي للدم، ويدعو ذلك إلى تخفيف تركيز عناصر الدم كالكريات الحمر والبروتين والألبومين، كما يرتفع عيار إنزيم الفوسفاتاز القلوي تدريجياً إلى أن يبلغ حده الأقصى في نهاية الحمل إلا أنه لا يتجاوز ضعفي الحد الأعلى الطبيعي.
وهناك بعض الأمراض الكبدية التي تصيب المرأة الحامل خاصة دون غيرها من الأشخاص، وقد تكون سيئة الإنذار؛ وأهم هذه الأمراض:
أ- الركود الصفراوي الحملي Cholestasis of Pregnancy: تظهر أعراض هذا الداء في الثلث الأخير من الحمل، وتتجلى على هيئة حكة جلدية معممة؛ أشدها في الراحتين والأخمصين، أما اليرقان فهو نادر الحدوث. يرتفع إنزيم الفوسفاتاز القلوي قليلاً، وقد يرتفع إنزيم أممينوترانسفراز أحياناً، ويتأكد التشخيص بعيار الحموض الصفراوية في الدم التي تكون مرتفعة. يزول الركود الصفراوي بعد الولادة إلا أن الأعراض تتكرر في الحمول اللاحقة في 70% من الحالات. يفيد إعطاء حمض «أورسو دي أوكسي كوليك» ursodeoxycholic acid في معالجة هذه الحالة بجرعة قدرها 15-20ملغ/كغ/الوزن. كما يفيد الكولسترامين cholestyramine في تخفيف الأعراض أيضاً، كما أن المعالجة بالكورتيزون dexamethasone عن طريق الفم ولفترات قصيرة أعطت نتائج جيدة في تخفيف الحكة.
ب- قبل الارتعاج Preeclampsia ومتلازمة HELLP: «قبل الارتعاج» حالة مرضية حملية مجهولة السبب تتصف بوجود ارتفاع الضغط الشرياني وبيلة بروتينية وأحياناً الوذمة، تشكو المريضة فيها من الصداع المستمر والألم الشرسوفي واضطراب الرؤية كما يرتفع الكرياتنين الدموي.
يتأذى الكبد في 20% من حالات قبل الارتعاج، ويتجلى ذلك مخبرياً بارتفاع إنزيم أمينوترانسفراز ونقص الصفيحات الدموية وانحلال الدم. وقد أطلق على هذه الأذية الكبدية اسم متلازمة HELLP وهي ذات إنذار سيئ، قد تتعرض الحامل فيها إلى تمزق الكبد العفوي أو تشكل ورم دموي في الكبد أو احتشاء فيه، وكلها مضاعفات خطرة تهدد حياة المريضة. أما أعراض هذه المتلازمة فهي الألم البطني المركز في الشرسوف والربع العلوي الأيمن من البطن والغثيان والقياء والصداع، وقد يحدث اليرقان.
تعطى المريضة المصابة بهذه المتلازمة معالجة داعمة، وتنتهي الحالة بالشفاء دون عقابيل بعد توليد الحامل بسرعة بالعملية القيصرية.
ج- تنكس الكبد الدهني الحاد الحملي Acute Fatty Liver of Pregnancy: يحدث تنكس الكبد الدهني الحاد الحملي عند المرأة في أواخر الحمل بين الأسبوعين 34-37 عادة. تشكو الحامل في هذه الحالة الألم البطني والغثيان والقياء. وتظهر لديها بسرعة أعراض قصور الكبد الصاعق الذي يتجلى بالاعتلال الدماغي encephalopathy (تخليط ذهني) والاعتلال الخثري coagulopathy (النزوف الرحمية خاصة). يتطاول زمن البروترومبين، وينخفض الفيبروينوجين الدموي والكريات البيض، ويرتفع إنزيم امينوترانسفراز، وكثيراً ما يحدث اليرقان، أما القصور الكلوي فيتجلى بارتفاع الكريانتين في الدم. يعتمد التشخيص على اللوحة السريرية والفحوص المخبرية عند المرأة في أواخر الحمل.
يندر جداً أن يتطلب الأمر إجراء خزعة الكبد التي تكشف وجود تشحم كبدي صغير الحويصلات الواصم للتشخيص والذي يميز هذه الحالة عن ما قبل الارتعاج وعن متلازمة HELLP.
يُعطى المريض معالجة داعمة، وتجرى العملية القيصرية بسرعة، والنتائج جيدة إذا تم التشخيص في وقت مبكر.
قد يؤدي قصور القلب الاحتقاني والقلب الرئوي والتهاب التأمور المضيق إلى حدوث سوء الامتصاص أو الاعتلال المعوي المضيع للبروتين، وكثيراً ما يحدث الحبن عالي البروتين عند هذه الفئة من المرضى بسبب ارتفاع الضغط الوريدي الجهازي في الكبد والصفاق لديهم، وقد لاحظ بعض الأطباء كثرة حدوث النزف الهضمي من تثدن القولون colonic angiodysplasia عند المصابين بتضيق الدسام الأبهري.
الجهاز الهضمي والأمراض الرئوية
ترتفع وقوعات القرحة الهضمية عند المصابين بالأمراض الرئوية الانسدادية المزمنة chronic obstructive pulmonary disease، ويزداد خطر الإصابة بالقرحة عند المدخنين بشدة منهم.
يترافق التنفس الاصطناعي في وحدات العناية المشددة بمضاعفات كبدية صفراوية عند المرضى، ويرتفع معدل إصابتهم بالتهاب المرارة اللاحصوي. كما أن التهاب المعدة الناجم عن الكرب stress gastritis أمر كثير المصادفة عند هؤلاء المرضى؛ مما يعرضهم للإصابة بالنزف الهضمي العلوي.
قد تترافق الأخماج المختلفة بركود صفراوي داخل الكبد intrahepatic cholestasis يتظاهر أحياناً على شكل يرقان متفاوت الشدة إلا أنه يقتصر في أكثر الحالات على ظهور العلامات المخبرية الدالة على الركود الصفراوي؛ ولاسيما ارتفاع إنزيم الفوسفاتاز القلوي الذي يندر أن يتجاوز مقداره ثلاثة أضعاف الحد الأعلى الطبيعي وارتفاع إنزيم ?GT. نذكر من هذه الأخماج ذات الرئة الفصية خاصة التي يقدر بعضهم نسبة حدوث اليرقان لدى المصابين بها بـ 15-30%، ومنها أيضاً التهاب الزائدة والتهاب الحويضة والكلية والتهاب الرتوج ومختلف حالات تجرثم الدم مهما كان الجرثوم المسبب، ويدل اليرقان في حال وجوده على شدة الخمج المسبب، وقد يكون علامة على إنذار سيئ.
علينا أن نتذكر > إن الأعراض الهضمية التي يشكوها المريض كثيراً ما تكون ناجمة عن مرض جهازي أو آفة متوضعة في أحد أعضاء الجسم الأخرى، وقد يكون العرض أو الأعراض الهضمية المظهر الأول والوحيد لآفات تلك الأعضاء. > يجب على الطبيب إجراء فحص سريري كامل لكل مريض يشكو أعراضاً هضمية. ويتضمن ذلك الاستجواب الدقيق والفحص السريري المتقن بحثاً عن آفات في الأجهزة الأخرى قد تكون السبب في الأعراض الهضمية. وعليه ألا يهمل التحري عن الأدوية التي يستعملها المريض لمعالجة حالات مرضية أخرى يشكوها؛ إذ إنها قد تكون السبب في حدوث الأعراض الهضمية. > إذا اشتبه الطبيب بوجود آفة في أحد الأجهزة يمكن أن تكون السبب في حدوث الأعراض الهضمية عليه الاستعانة بالفحوص المتممة المخبرية والتنظيرية والتصويرية المختلفة لجلاء الحالة.
|
- التصنيف : مدخل إلى الجهاز الهضمي - النوع : مدخل إلى الجهاز الهضمي - المجلد : المجلد الأول - رقم الصفحة ضمن المجلد : 27 مشاركة :