logo

logo

logo

logo

logo

التجارة الإلكترونية

تجاره الكترونيه

E-commerce (electronic commerce) - commerce électronique (E-commerce)

 التجارة الإلكترونية

التجارة الإلكترونية

محمد سعيد إسماعيل

  التعاقد بالوسائل الإلكترونية

الحماية القانونية لأطراف العقود الإلكترونية

 

إن النمو السريع للتكنولوجيا في العقود الماضية أثرت في شكل التجارة التقليدية حتى وصلت إلى النمط الجديد من التجارة التي أصبحت تُعرف بالتجارة الإلكترونية Electronic Commerce. وفي الاقتصاد العالمي الناشئ احتلت التجارة والأعمال الإلكترونية مركزاً متقدماً في الدول الصناعية الكبرى، وباتت تنمو على نحو متزايد نتيجة لدمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي أحدثت ثورة في مجال المعاملات التجارية التي تتم بين الشركات والعملاء أو المستهلكين أو فيما بينهم باستخدام شبكة الإنترنت وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة.

وعلى الصعيد العالمي فإن الصفقات التجارية الإلكترونية ذات الطبيعة غير المادية أزالت كل القيود والحدود التي كانت مفروضة عليها منذ وقتٍ قريب. ومن وجهة النظر القانونية فإن التجارة الإلكترونية استحدثت أساليب ونظم جديدة لتكوين العقود إذ إنها تتميز بالعديد من الخصائص والمزايا التي تميزها من التجارة التقليدية، ومن جهة أخرى واجهت هذه التجارة الجديدة في نموها وتطورها الكثير من التحديات القانونية التي لم تقف حجر عثرة في طريق تقدمها وازدياد التعامل بها وإيجاد الحلول القانونية المناسبة لتذليل هذه الصعوبات بما يسهل إبرام العقود الإلكترونية بسرعة أكبر وكفاءة أعلى بصرف النظر عن مكان تواجد أطراف العلاقة التعاقدية.

تتناول هذه الدراسة الجوانب القانونية للتجارة الإلكترونية في مرحلة تكوين العقد الإلكتروني والحماية القانونية التي توفرها تلك العقود لأطراف المعاملات التجارية الإلكترونية.

أولاً: التعاقد بالوسائل الإلكترونية Contracting by Electronic Means

إن تكوين العقد باستخدام تكنولوجيا الحاسوب وسيلة للاتصال بين الأطراف المتعاقدة عن طريق التبادل الإلكتروني للبيانات Electronic Data Interchange، وأتمتة عملية التعاقد ذاتها من حيث الشكل والمضمون تُعد خروجاً على النظرية التقليدية للعقد. وبالتالي فإن التحديات التي تفرضها العقود الإلكترونيةElectronic Contracts تتطلب دراسة مدى انطباق القواعد القانونية العامة لنظرية العقد على المراحل المختلفة للتعاقد بالوسائل الإلكترونية.

1- التعريف بالتجارة الإلكترونية:

إنَّ التجارة الإلكترونية ليست جديدة كما يراها بعض الأفراد، بل إنَّ جذورها ترجع إلى منتصف الأربعينيات عندما تم اكتشاف أول كمبيوتر نتيجة للجهد الفكري والعملي الذي بذله العلماء من الولايات المتحدة وبريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية في ظل جو السرية المميّز لوقت الحرب، وقد أدى ذلك إلى عدم معرفة الآباء الحقيقيين للكمبيوتر الحديث. تلك كانت نقطة البداية ثم تلتها مرحلة في أواخر الخمسينيات ذات أهمية خاصة سخّرت فيها الشركات الكبرى الحواسيب لإيجاد نوع من التكامل نصف الآلي بينها وبين المورِّدين الرئيسيين لها وسمَّيت هذه المرحلة بـ Value Chain. وفي منتصف الستينيات بدأت مرحلة جديدة باستخدام التبادل الإلكتروني للبيانات (EDI) من خلال الشبكات الخاصة، ونجحت مجموعة من الشركات الإنكليزية بعد ذلك بإنشاء أول شبكة إلكترونية لخدمات نقل وتبادل الوثائق سميت بـ TradeNet ثم قامت بإنشاء شبكات القيمة المضافة. بيد أنَّ استخدام شبكة الإنترنت وسيطاً لنقل رسائل التبادل الإلكتروني للبيانات عن طريق البريد الإلكتروني وملفاتها المرفقة بعد تشفيرها، أو من خلال المواقع الإلكترونية للمتاجر الافتراضية والتي يطلق عليها EDI Over the Web؛ كانت المرحلة الأهم لأنَّها نقلت التجارة بمفهومها التقليدي الواسع إلى العالم الافتراضي Cyberspace لتكوِّن الشكل الحالي للتجارة الإلكترونية.

وينقسم مصطلح التجارة الإلكترونية لغوياً إلى مقطعين:

الأول - التجارة: هي ممارسة البيع والشراء، وهي حرفة التاجر الذي يمارس الأعمال التجارية على وجه الاحتراف.

الثاني - الإلكترونية: وهي تدل على أنَّ التجارة تتم عبر وسائل الاتصال الحديثة المعالجة إلكترونياً، والإلكترون لغةً هو دقيقة ذات شحنة كهربائية سالبة وشحنتها هي الجزء الذي لا يتجزأ من الكهربائية.

ويتسع نطاق التجارة الإلكترونية ليشمل كل الأنشطة التجارية التي يتفاعل فيها أطراف التعامل إلكترونياً بدلاً من التبادل المادي المباشر، وانقسم الفقه القانوني في تعريفها إلى اتجاهين:

الاتجاه الأول: يتميَّز أنصار هذا الاتجاه بتعريف التجارة الإلكترونية في إطار ضيق بحيث تشمل أنشطة البيع والشراء وتقديم الخدمات عبر شبكة الإنترنت، ومن هذه التعريفات أن التجارة الإلكترونية «يقصد بها التجارة التي تتم عبر شبكة الإنترنت».

وبعضهم يعرفها بأنها: «ممارسة عملية البيع والشراء باستخدام وسيط إلكتروني».

ويبدو أن أنصار هذا الاتجاه خلطوا بين مفهوم التجارة الإلكترونية والتجارة عبر شبكة الإنترنت؛ من حيث إغفالهم لجوانب كثيرة للتجارة الإلكترونية والتي تتنوع باختلاف الأعمال التجارية من بيع وشراء وتوزيع للمنتجات وتسوية المدفوعات إلكترونياً والتي تتم عبر شبكة الإنترنت وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة.

الاتجاه الثاني: ويرى أنصار هذا الاتجاه أنَّ التجارة الإلكترونية تتسع لتشمل جميع الأعمال الإلكترونية بما فيها الأعمال التجارية والتي تتم على شبكة الإنترنت أو باستخدام الوسائط الإلكترونية المختلفة، ومن هذه التعريفات بأنها «استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لإتمام الأعمال التجارية وغيرها من الأعمال الإلكترونية».

من هنا يتضح أن أنصار هذا الاتجاه الموسع لم يميزوا بين مصطلح التجارة الإلكترونية والأعمال الإلكترونية E-Business التي تمتد لتشمل كل الأنشطة المدنية والإدارية والتجارية والإنتاجية والمالية والخدمية التي تتم باستخدام وسيط إلكتروني.

وبذلك يمكن تعريف التجارة الإلكترونية بأنها: «ممارسة كل الأنشطة التجارية من شراء وبيع وتبادل للمنتجات وتقديم الخدمات والتسوية المالية والتعاملات المصرفية باستخدام الوسائط والشبكات الإلكترونية».

أ- أنواع التجارة الإلكترونية:

تقوم التجارة الإلكترونية على ثلاثة عناصر هي: المنتج والعملية التجارية والتسليم. ويُعتمد على الحالة المادية أو الرقمية Digital لهذه العناصر لتحديد نوع التجارة على النحو الآتي:

Œ التجارة التقليدية: وتكون فيها جميع هذه العناصر مادية، مثال شراء كتاب من المكتبة.

 التجارة الإلكترونية التامة: وتكون العناصر الثلاثة فيها رقمية، مثال شراء برامج حاسوبية من أحد المتاجر الإفتراضية على شبكة الإنترنت، وتسديد الثمن بالدفع الإلكتروني بواسطة بطاقة الإئتمان، والقيام بتحميلها مباشرة على جهاز الحاسوب الشخصي للمشتري On-Line.

Ž التجارة الإلكترونية الجزئية: وذلك عندما يكون أحد العناصر الثلاثة أو أكثر رقمياً والعناصر الأخرى مادية. ومثال ذلك أن يقوم العميل بشراء كتاب من موقع أمازون Amazon الشهير ويطلب من الشركة إرسال الكتاب إلى مكان إقامته بالبريد العادي.

ب- أشكال التجارة الإلكترونية:

يمكن تصنيف أنشطة التجارة الإلكترونية وأعمالها في عدة أشكال، ومن أهمها:

q التجارة الإلكترونية بين وحدة أعمال ووحدة أعمال أخرى:

Business-to-Business  (B2B)

q التجارة الإلكترونية بين وحدة أعمال ومستهلك:

Business-to-Consumer  (B2C)

q التجارة الإلكترونية بين مستهلك ومستهلك آخر:

Consumer -to-Consumer (C2C)

q التجارة الإلكترونية بين وحدة أعمال ومؤسسة حكومية:

Business-to-Government (B2G)

وتُعد التجارة الإلكترونية بين وحدة أعمال ووحدة أعمال أخرى أكثر الأشكال شيوعاً حيث بلغت نسبت نسبتها 79.2% من أعمال التجارة الإلكترونية العالمية في عام 2000، وارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 87% في عام 2004.

ج- خصائص التجارة الإلكترونية:

تمتاز التجارة الإلكترونية بالكثير من المزايا والفوائد التي ساعدت على ازدهارها وتطورها بسرعة كبيرة، بيد أن عجلة تقدمها تواجه العديد من التحديات. ويمكن تناول هذه المسائل على النحو الآتي: 

1- مزايا التجارة الإلكترونية وفوائدها: يتزايد يوماً بعد يوم عدد الشركات والتجار والمستهلكين الذين يعبرون عن ثقتهم وتفاؤلهم بمستقبل التجارة الإلكترونية والفوائد المرجوة منها، ووفقاً لأحدث الإحصائيات الصادرة عن الشركة الاستشارية الدنماركية للتجارة الإلكترونية تبين فيه أن الأزمة المالية الحالية لم تؤثر في التجارة الإلكترونية من حيث العادات الشرائية الدنماركية، ففي الربع الأول من عام 2009 ارتفعت مبيعات الشركات الدنماركية على شبكة الإنترنت بنسبة نمو بلغت 11.5% على أساس سنوي. وأهم مزايا التجارة الإلكترونية:

¦ الطابع الدولي أو العالمي: تتيح التجارة الإلكترونية للشركات عرض المنتجات والخدمات في موقعها الإلكتروني على الشبكة العالمية التي تتخطى الحدود الزمانية والمكانية أو الجغرافية، إذ يتم ذلك طوال ساعات اليوم وفي كل أيام السنة من دون انقطاع، وتصل خدماتها إلى مختلف دول العالم في الوقت نفسه، ويستطيع المستهلك أن يتجول في الأسواق الإلكترونية بكل حرية مع توافر كم هائل من المعلومات (كالمواصفات والأسعار) عن السلع المطلوبة.

¦ غياب المستندات الورقية: هناك العديد من الفوائد التي تجنى من غياب المستندات الورقية المادية وأهمها:

Ÿ خفض التكاليف الناجمة عن إنشاء المعلومات الورقية ومعالجتها وتوزيعها وحفظها واسترجاعها؛ إذ قدرت تكلفة إنتاج الأوراق ومعالجتها في الصفقات التجارية بـ 10% من قيمة المنتجات أو البضائع.

Ÿ الأتمتة الكاملة للصفقات التجارية التي يمكن أن تشمل الإيجاب والقبول والتعاقد والدفع والتسليم وغيرها.

¦ تطوير الأداء التجاري والخدمي: التجارة الإلكترونية بما تتطلبه من بنية تحتية وتقنية واستراتيجيات للإدارة المالية والتسويقية وإدارة علاقات واتصال بالآخرين؛ تتيح الفرصة لتطوير أداء المؤسسات في مختلف الميادين؛ مما يؤدي إلى خلق بيئة تنافسية شديدة بين الشركات والمؤسسات التجارية.

¦ الارتقاء بمستوى الفرد والمجتمع: تسمح التجارة الإلكترونية للفرد بأن يعمل في منزله وتقلل من الوقت المتاح للتسوق؛ مما يعني ازدحاماً مرورياً أقل في الشوارع، وهو الذي يقود إلى خفض نسبة التلوث في الهواء وتحسين البيئة والحد من استهلاك الطاقة.

2- التحديات التي تعترض تقدم التجارة الإلكترونية: هذه التحديات إمَّا أن تكون تقنية وإما قانونية وإما اجتماعية:

¦ التحديات التقنية: وتتعلق بالنواحي الفنية الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبرمجيات وأنظمة التشغيل، فهناك نقص واضح في الاعتمادية والأمان والمعايير و«البروتوكولات» التي تنظِّم عمل التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت.

¦ التحديات القانونية: وتتجسد هذه العقبات القانونية في مجموعها حول أثر استخدام الوسـائل الإلكترونية في تنفيذ الأنشطة التجارية وأهمها:  

Ÿ عدم الكشف عن هويَّة المتعاملين أو التأكد من صحة البيانات الشخصية الخاصة بهم؛ مما يوِّلد عدم الثقة بين الأطراف المعنية.

Ÿ حماية حقوق الملكية الفكرية من الاعتداء غير المشروع.

Ÿ حماية المستهلك من أنشطة الاحتيال المباشر على الشبكة.

Ÿ الحجية القانونية للعقد الإلكتروني ومخرجات الحاسوب والوسائل الإلكترونية الحديثة والقبول بالتوقيع الإلكتروني.

Ÿ تأمين الحماية القانونية والتقنية للمتعاملين بوسائل الدفع الإلكتروني من الاعتداء غير المشروع على بطاقات الائتمان والحسابات البنكية وغيرها من العمليات المصرفية الإلكترونية.

Ÿ الضرائب وما تثيره من مشكلات تحديد النطاق الإقليمي للضريبة والمعايير المطبَّقة في حساب الضريبة والازدواج الضريبي الدولي.

Ÿ مشكلة تنازع الاختصاص القانوني والقضائي في نظـر المنازعات التي يمكن أن تُثار في نطاق التجارة الإلكترونية.

¦ التحديات الاجتماعية: إنَّ المجتمع بكل هيئاته ومؤسساته وأفراده مطالبين بتوفير مناخ ثقافي وبيئة اجتماعية واعية لأهمية التجارة الإلكترونية على الصعيد المحلي والدولي.

2- التعبير عن الإرادة في عقود التجارة الإلكترونية:

تتميَّز معاملات التجارة الإلكترونية بأنَّها تمر بخمس مراحل رئيسية للوصول إلى اتفاق بين الأطراف وإتمام التعاقد الإلكتروني، وهذه المراحل هي:

- المرحلة الأولية: وتهتم بتنظيم التقنية الإلكترونية وإعدادها، ومثالها: التعاقد مع مصمم مواقع على شبكة الإنترنت، وتسجيل اسم نطاق.

- المرحلة التي تسبق التعاقد: وعلى سبيل المثال: الإعلان، استراتيجيات التسويق، تقديم العرض أو الإيجاب من قبل البائع أو المستهلك.

- المرحلة التعاقدية: وتتضمن التبادل الإلكتروني للبيانات بين الأطراف، وقبول الإيجاب من قبل البائع أو المستهلك، والدفع بالتحويل الإلكتروني للأموال.

- مرحلة تنفيذ العقد من قبل البائع: وتتضمن القيام بتسليم المشتري السلع، وأداء الخدمات والفواتير أو الإشعارات.

- مرحلة خدمة ما بعد البيع: وتتضمن تأمين الحماية القانونية للمستهلك.

ويمكن التعبير عن الإرادة بالوسائل الإلكترونية على النحو الآتي:

أ- الإيجاب الإلكتروني Electronic Offer:

يعرّف الإيجاب بأنه: «تعبيرٌ عن إرادة التعاقد يصدر من أحد الأشخاص مفصحاً من خلاله عن نيَّته في إبرام عقد بشروط أساسية محددة». وإذا اقترن الإيجاب بقبول من دون تعديل أو تحفّظ؛ انعقد العقد قانوناً، ولا يختلف الإيجاب الإلكتروني عن الإيجاب التقليدي إلا من حيث الوسيلة في التعبير عن الإرادة إلكترونياً.

والإيجاب يمكن أن يكون شفهياً أو مكتوباً، بيد أنَّ الإيجاب الإلكتروني يجب أن يتم عن طريق الوسائط الإلكترونية مثل: الهاتف أو «الفاكس» أو البريد الإلكتروني أو موقع إلكتروني على الشبكة أو اتصال في غرفة دردشة. والتعاقد في التجـارة الإلكـترونية يتم بين غائبين وهذا ما أجمع عليه غالبية الفقه القانوني؛ إذ يرى بعضهم أنَّ الموجب والقابل لا يجتمعان في مجلس عقد واحد، وقد تفصل بينهما مسافات كبيرة ومن الممكن أن يكونا في دولة واحدة أو في دولتين مختلفتين. ويرى اتجاه آخر أنَّ ما يميِّز التعاقد فيما بين الغائبين حقاً ليس في حالة ألا يجتمع الطرفان في مجلس واحد؛ بل أن تفصل فترة من الزمن بين صدور القبول وعلم الموجب به، وهذه القضية مهمة جداً في تحديد زمان انعقاد العقد الإلكتروني ومكانه.

ويشترط في الإيجاب:

q أن يكون موجَّهاً إلى شخص محدد، أو إلى مجموعة من الأشخاص، أو إلى العالم الطليق عبر شبكة الإنترنت.

q يجب أن يكون الإيجاب محدداً وقاطعاً لا يحتمل التأويل أو الغموض، ولا يتضمن تحفَّظاً يحول دون الطرف الآخر والقبول، وأن يبيَّن العناصر الجوهرية للعقد المراد إبرامه. فإذا لم يتضمن الإيجاب أو العرض تحديداً واضحاً لعناصر العقد فإنَّه لا يعد إيجاباً؛ وإنَّما يمثل مجرد دعوة للتفاوض أو التعاقد.

q وجود نيَّة جديَّة لدى الموجب تجعله ملتزماً بالعرض المقدم من قبله إذا اقترن بقبول.

ويبقى الإيجاب منتجاً لآثاره مادام أنَّ من وجّه إليه حراً في أن يُنشئ العقد بالقبول لهذا العرض. ومع ذلك فإنَّ قدرة القابل على التعاقد يمكن أن تنتهي، ويكون ذلك بانقضاء الإيجاب بمرور الوقت أو الإلغاء أو الرفض أو موت أي طرف أو تلف محل العقد.

ب- القبول الإلكتروني Electronic Acceptance:

يقصد بالقبول - كقاعدة عامة - موافقة الموجب له على الإيجاب الموجَّه إليه بالشروط التي تضمنها من دون تعديل؛ بحيث يترتب عليه انعقاد العقد إذا ما اتصل بعلم الموجب والإيجاب مازال قائماً. ويرى بعضهم أنَّ قبول الإيجاب يعني إعلان القابل الموافقة من دون شروط على كل التعابير التي تضمنها، ويكون تطابق القبول مع الإيجاب على جميع المسائل الجوهرية في العقد، وإنَّ ترك مسائل تفصيلية يتفق عليها الطرفان فيما بعد لا يحول دون قيام العقد مادام الطرفان لم يعلقا الانعقاد على الاتفاق عليها.

ويقصد بالقبول الإلكتروني التعبير عن إرادة القابل بالموافقة على الإيجاب بالشروط ذاتها الواردة فيه عبر وسيط إلكتروني. ويتصور القبول الإلكتروني في حالة المشتري الذي يوافق على التعاقد في وقت ملائم للإيجاب؛ إذ يقوم بنقرة زر أو أيقونة يتضمنها حاسوبه الشخصي المتصل بشبكة الإنترنت وتشير إلى أنَّه مستعد للشراء. والزر أو الأيقونة ستكون عادة مرتبطة بالكلمات الملائمة (مثل: شراء، أوافق، أقبل) التي تتحد مع تعابير الإيجاب لتشكيل العقد الإلكتروني.

في التعاقد الإلكتروني يحدث الكثير من الأخطاء في إدخال البيانات من قبل الشركات التي تقوم بتقديم العروض للمستهلكين، ففي إحدى الحالات وعندما وضعت شركة إيستمان كوداك Eastman Kodak كاميرا للبيع على موقعها في المملكة المتحدة في 11/2/2002 وأعلنت عن طريق الخطأ في إدخال البيانات أن الثمن هو 100 جنيه استرليني بدلاً من 329 جنيهاً استرلينياً، وانتشر العرض خلال ساعات قليلة فتقدم آلاف من الزبائن بقبول العرض على موقعها الإلكتروني، وحاولت الشركة تصحيح الخطأ بإبلاغ العملاء عن وجود خطأ في الإعلان، ورفضت الشركة إملاء طلبات الشراء باعتبار أن الإعلان يمثل دعوة إلى التفاوض وليس إيجاباً ملزماً لها، وأصبح أمام الشركة خياران إما أن تقبل طلبات الشراء وإما أن تُقام عليها الدعاوى القضائية، وسرعان ما استسلمت الشركة لغضب عملائها وقامت بتخفيض الأسعار وكانت النتيجة أن كلفها هذا الخطأ مليوني دولار.

ويثير تلاقي الإرادات العقدية في البيئة الإلكترونية العديد من المشكلات القانونية التي تتعلق بصحة التراضي؛ إذ يشترط أن تكون الإرادة خالية من العيوب وأن تكون صادرة عن كامل الأهلية. ويصعب التحقق من الأهلية القانونية للمتعاقد عن بعد، ويتحمل البائع العبء الأكبر في الصفقات التجارية الإلكترونية للتوثق من أهلية المشتري لوقوع التعاقد صحيحاً؛ إذ لا يعرف البائع أنَّ القابل (المشتري) هو طفل أو مجنون أو مفلس أو مخمور. فماذا يحدث - على سبيل المثال - عندما يكتشف البائع أنَّ الطرف الآخر للعقد هو قاصر؟

تشير القواعد العامة في نظرية العقد إلى أنَّ الأهلية هي شرط لصحة العقد، وإنَّ العقد الذي يبرمه عديم الأهلية يكون باطلاً. أمَّا ناقص الأهلية، فيجوز له إجراء التصرفات التي تعود إليه بالنفع المحض، بيد أنَّ تصرفاته الدائرة بين النفع والضرر تكون قابلة للإبطال لمصلحة ناقص الأهلية. وإنَّ حل هذه المشكلة أصبح ممكناً باستخدام بطاقات الائتمان التي تكفل تحديد سن المستخدم وبيان الهوية، ويتم ذلك بأن يقوم المستخدم أولاً بتسجيل بياناته التي تكشف عن هويته للموقع الإلكتروني الذي يرغب بزيارته لإجراء التعاملات التجارية الإلكترونية، ثم يقوم بإدخال الرقم السري لبطاقة الائتمان الخاصة به حيث يتم التحقق من صحة البيانات واستيفائها للشروط القانونية المطلوبة، فإن ثبت صحتها يمنح المستخدم رقماً خاصاً يسمى بكلمة المرور Password ويتخذ لنفسه اسماً معيناً User name.

وعلى الرغم من هذه التدابير والإجراءات التي تتخذها مواقع الويب على شبكة الإنترنت؛ إلا أنَّ بعض المشكلات لا تزال قائمة، فلو سرق قاصر البطاقة الائتمانية الخاصة بأحد والديه واستعملها في التعاقد الإلكتروني؛ فهل يجوز التمسك بنقص الأهلية لإبطال العقد؟

يذهب الفقه القانوني إلى ترجيح مصلحة المهنيين تطبيقاً لنظرية الظاهر، فيجوز للبائع التمسك بأنَّ القاصر قد توافر لديه مظهر صاحب البطاقة الائتمانية؛ ومن ثم مظهر الشخص الراشد.

3- استخدام النقود الإلكترونية نظاماً للدفع الإلكتروني

حققت الأعمال التجارية الإلكترونية مؤخراً تقدماً كبيراً أدى إلى تطوير أنظمة الدفع التقليدية لتلبية احتياجات البيع والشراء عبر شبكة الإنترنت، وبالتالي فإنَّ عملية الدفع أوالسداد أصبحت تتم وفقاً لأنظمة دفع حديثة ومتطورة يُطلق عليها «أنظمة الدفع الإلكترونية». وعلى الرغم من أن بطاقات الائتمان Credit Cards هي الأكثر قبولاً وشيوعاً لدى المتعاملين بالتجارة الإلكترونية؛ فإنها قد لا تكون أنسب طريقة للدفع الإلكتروني في جميع الصفقات التجارية التي تتم عبر شبكة الإنترنت. وتتضمن أنظمة الدفع الإلكترونية مجموعة واسعة من وسائل الدفع الإلكتروني ومنها: بطاقات ائتمان متعددة الأغراض، أو نُظم تخزين للقيمة في ذاكرة الحاسوب الشخصي للعميل، أو شيكات إلكترونية، أو محفظة نقود إلكترونية، أو نقود رقمية، أو تحويل إلكتروني للأموال. ومن الممكن في هذا البحث دراسة النقود الإلكترونية على النحو الآتي:

أ- تعريف النقود الإلكترونية Electronic Money:

يُستخدم مصطلح النقود الإلكترونية للإشارة إلى الأنظمة الحديثة المؤمنة والمؤسسة على برامج حاسوبية لتبادل المعلومات وتحويل الوحدات النقدية الإلكترونية بشكل رقمي عبر شبكة الإنترنت. وقد استخدم بعض العملاء مصطلحات عديدة تُشير إلى اصطلاح النقود الإلكترونيـة، ومثال ذلك: العملة الرقمية Digital currency، أو النقدية الإلكترونية E-Cash، أو نقود الإنترنت Cyber Money، أو نقود الشبكة Net Money.

ويقصد بالنقود الإلكترونية: «مجموعة متنوعة من آليات الدفع التي تتمثل في الوحدات الرقمية الموثَّقة والخاصة بالقيمة المحددة من قبل الجهة المُصدرة لها، والمخزَّنة على أداة أو وسيلة إلكترونية ليتم تحويلها من المشتري إلى البائع أو إلى أي جهة أخرى».

وتتخذ النقود الإلكترونية أحد نظامين:

- النظام الأول: يتطلب وجود حساب رقمي يدفع نقداً ويخزَّن على نظام حاسوبي آمن ليتم السحب منه على شبكة الإنترنت مباشرة On-Line، أو من دون اتصال مباشر Off-Line وذلك بواسطة المستهلك. وإنَّ رؤوس الأموال التي يتم إيداعها مصرفياً والملائمة لمثل هذه الطريقة من المحتمل أكثر أنَّها ستكون كودائع بنكية، ويُطلق على هذه الطريقة بالنقود الرقمية وهي نقود حقيقية ولكنها رقمية وليست مادية.

- النظام الثاني: يتطلب أن يكون هناك حساباً خاصاً يتم فتحه ليتضمن في داخله الأموال التي ستُستخدم في الصفقات ذات الدفع النقدي الرقمي فقط والتي يتم إيداعها من قبل العميل. وإنَّ رؤوس الأموال تلك سيتم تحويلها إلى جهة ما بناءً على أمر العميل وتوصيته للجهة المُصدرة للنقود الرقمية، ويُطلق على هذه الطريقة «محفظة النقود الإلكترونية».

ب - خصائص النقود الإلكترونية:

(1) فوائد النقود الإلكترونية: وتتميز بمجموعة من المزايا أهمها:

q وسيلة مقبولة لتسوية المدفوعات المنخفضة القيمة؛ لأن نفقات تبادلها تكون في الحدود الدنيا.

q إمكانية استخدامها للدفع في جميع الأوقات والظروف والأماكن لارتباطها بشبكة الإنترنت.

q تسمح بالتحويل الإلكتروني للأموال من شخص إلى آخر ومن دون تدخل طرف ثالث لمراجعة التبادل الإلكتروني للأموال أو تأكيده.

q غير صادرة عن مؤسسة مالية حكومية: وهذا ما دفع بعض الأشخاص لاستخدامها أداة للتهرب الضريبي، أو وسيلة لغسيل الأموال غير الشرعية.

(2) مخاطر النقود الإلكترونية: هناك العديد من المخاطر التي تتعرض لها أسواق النقود الإلكترونية والمعاملات المصرفية الإلكترونية عموماً، ومن أهمها:

q مخاطر التشغيل: تنشأ هذه المخاطر من عدم التأمين الكافي لأنظمة التشغيل، أو الصيانة الدورية للشبكات، أو إساءة الاستخدام من قبل العملاء.

q مخاطر السمعة: إنَّ تقييم الأمان وكفاءة أنظمة الدفع الإلكترونية سيكوِّنان لدى العملاء رأي عام سلبي أو إيجابي، وقد يؤدي ذلك إلى التأثير السلبي أو الإيجابي في مستقبل النقود الإلكترونية.

q مخاطر قانونية: تنشأ هذه المخاطر لعدم وجود اتفاقيات دولية أو قواعد قانونية موحدة نموذجية تنظم المعاملات المصرفية الإلكترونية. ويُلاحظ عدم شمولية التشريعات المصرفية في معظم الدول التي تقبل التعامل بالنقود الإلكترونية لتنظيمها، الأمر الذي يستوجب التدخل الفوري من حكومات الدول لإصدار مثل هذه القوانين، والتعاون الدولي لكبح جِمَاح المجرمين المتخصصين في القرصنة على شبكة الإنترنت والنشاطات الإجرامية الأخرى.

ثانياً: الحماية القانونية لأطراف العقود الإلكترونية

تُعد شبكة الإنترنت نظاماً عالمياً مفتوحاً ووسيلة للاتصال بين الأفراد والأشخاص الاعتبارية من الشركات والمؤسسات الحكومية وغيرها، وقد توسع استخدامها بسرعة منذ تحويل نشاطها إلى نطاق الأعمال التجارية سنة 1993. ويُطلق عليها الشبكة العنكبوتية لأنَّها تشبه إلى حدٍ ما شبكة العنكبوت باعتبارها تتشابك حول محيط الكرة الأرضية لتقديم خدماتها متجاوزة بذلك الحدود الجغرافية والزمانية والقانونية لتنسج هذا الفضاء الإلكتروني الواسع، وكان لابد من تنظيمها بدقة متناهية لتزيد من عامل الثقة الذي أصبح هاجساً للمستهلكين والشركات التجارية المتعاملين عبر شبكة الإنترنت. وإن إبرام العقد الإلكتروني سيحتاج إلى تدخل طرف ثالث مؤتمن وموثوق به ويُطلق عليه «سلطات التصديق الإلكترونية أو مزودو خدمات التصديق الإلكتروني» لإضفاء الثقة بين الطرفين المتعاقدين من جهة، وتأمين الحماية القانونية المطلوبة للصفقات التجارية الإلكترونية.

وقد أفرزت هذه التقنية للتسوق الإلكتروني أنواعاً جديدة من الأخطار التي يمكن أن تواجه المستهلك الإلكتروني عند قيامه بالتسوق عبر الشبكة العالمية، ومن أهمها تحديد الجهة المسؤولة عن فض النزاعات التي تثور بين الأطراف المتعاقدة، وعملت المنظمات الدولية والمؤسسات القانونية على إيجاد العديد من الوسائل الجديدة التي تتناسب مع متطلبات التجارة الإلكترونية لتسوية النزاعات على شبكة الإنترنت. وسيتم بحث أوجه الحماية القانونية من خلال التعرض للمسائل التالية:

1- الحماية القانونية للمستهلك الإلكتروني:

يعتمد نجاح التجارة الإلكترونية على بناء بيئة جذابة وآمنة للمستخدمين، وهذا يتطلب توافر مجموعة من المبادىء التوجيهية لحماية المستهلك، وأهمها:

q الشفافية والحماية القانونية الفعالة للمستهلك، وعلى الأقل توفير المستوى نفسه من الحماية الذي تقدمه الأشكال الأخرى من التجارة.

q التعاون الدولي على مستوى حكومات الدول والشركات وممثلي المستهلكين لمنح الثقة للتجارة الإلكترونية.

q تثقيف الشركات والمستهلكين بشأن المخاطر والفوائد عند القيام بإنجاز المعاملات عبر الإنترنت.

إنَّ قوانين حماية المستهلك يُفترض أنَّها ستحمي الأفراد من السياسات والممارسات المخادعة والمضلِّلة للتصرفات التجارية غير المنصفة، ومثل هذه الحماية ضرورية لبناء الثقة للمستهلكين وتأسيس علاقة أكثر توازناً بين التجار والمستهلكين في الصفقات التجارية. بيد أنَّ الطبيعة الدولية للأسواق الإلكترونية على شبكة الإنترنت واستخدام تقنيات الحاسوب التي تُعدّ الأداة الرئيسية للتسوق الإلكتروني تتطلب منهجاً عالمياً موحداً لحماية المستهلك بوصفه جزءاً من إطار قانوني وتنظيمي للتجارة الإلكترونية. وسعت دول الاتحاد الأوربي في وقتٍ مبكر إلى تنظيم حماية المستهلك عن طريق التوجيه الأوربي الصادر في 20/أيار/مايو لسنة 1997 لحماية المستهلكين بشأن التعاقد عن بُعد، ويُطبق هذا التوجيه (م2/1) بالنسبة إلى:

«أي عقد يتعلق بالسلع أو الخدمات التي تتم بين مورَّد ومستهلك وفقاً للمبيعات المنظَّمة عن بُعد؛ أو توريد الخدمة التي تُدار بواسطة المورِّد الذي - لغرض العقد - يعمل على استخدام وسيلة واحدة أو أكثر من وسائل الاتصال عن بُعد حتى اللحظة التي يتم فيها إبرام العقد».

وتدخَّل المشرِّع الفرنسي مستجيباً للتوجيه الأوربي رقم (7/97/EC) وذلك بمقتضى المرسوم رقم (741/2001) تاريخ 23/8/2001 لحماية المستهلك في التعاقد عن بُعد من خــلال وسائــــل الاتصال الحديثة. وقد أُدمجت النصوص التي يتضمنها هـــذا المرسوم في تقنين الاستهـلاك الفـرنسي الصـادر بالقانون رقم (949/1993) تاريــــــــــــخ 2/7/1993، وبذلك فقد أصبح هذا المرسوم جزءاً لا يتجزأ من قانون الاستهلاك الفرنسي.

وفي الدول العربية يُلاحظ أنَّ قوانين التجارة الإلكترونية عالجت هذه المسألة المهمة، ومثال ذلك القانون التونسي الخاص بالمبادلات والتجارة الإلكترونية رقم (83) لسنة 2000 الذي تناول أهم القضايا المتعلقة بحماية المستهلك الإلكتروني بشيء من التفصيل في الباب الخامس تحت عنوان المعاملات التجارية الإلكترونية. ويمكن تناول حماية المستهلك الإلكتروني على النحو الآتي:

أ- الالتزام بالإعلام والتبصير للمستهلك الإلكتروني:

تُعد كلمة مستهلك حديثة العهد بالنسبة إلى الفقه القانوني، فالمستهلك هو تعبير اقتصادي بالأصل: «فهو الشخص الذي يقوم بعملية الاستهلاك»، وطبقاً للتوجيه الأوربي (2/4) فإنَّ تعبير المستهلك يقصد به: «أي شخص طبيعي يُبرم عقداً ويكون خاضعاً لهذا التوجيه؛ لتحقيق الأهداف التي لا تدخل في نطاق تجارته، أو أعماله التجارية، أو نشاطه المهني»، أما اصطلاح المستهلك الإلكتروني فهو تعبير مستحدث ولا يختلف عن مفهوم المستهلك التقليدي إلا من حيث الأداة أو الوسيلة التي يستخدمها المستهلك للتعاقد عن بُعد.

إنَّ التزام المهني بإعلام المستهلك وتبصيره ينشأ من أجل حماية المستهلك الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، وبموجبه ينبغي على البائع أن يُعلم المشتري بكل ما يمكن أن يؤثر في قراره في إبرام العقد الإلكتروني من عدمه، وبذلك تكون إرادة المستهلك حرة في التعبير عن القبول. ويتصور التوجيه الأوربي أنَّ المستهلك يجب أن يستفيد من المعلومات المسبقة قبل إتمام التعاقد عن بُعد، وهذا تأكيد لتلك المعلومات التي يجب أن يُصرح بها المهني تجاه المستهلك في مرحلة المفاوضات التي تسبق إبرام العقد، وإنَّ غياب الحضور المادي والمتزامن للأطراف يُبرر ذلك الالتزام بأنَّ المستهلك يجب أن يُزوَّد بالمعلومات الشاملة قبل أن يلتزم ويقيد نفسه تعاقدياً.

(1) المعلومات المسبقة: هي المعلومات التي لابد من تزويدها للمستهلك في وقتٍ مناسب قبل إتمام أي عقد عن بُعد، وبمقتضى المادة (4/1) من التوجيه، فإنَّ هذه المعلومات يجب أن تتضمن:

q هويَّة المورِّد (وعنوانه ليس من الضروري أن يتضمن فيما عدا العقود التي تتطلب الدفع قبل تسليم البضاعة أو أداء الخدمة).

q الخصائص الرئيسية للسلع أو الخدمات.

q سعر السلع أو الخدمات التي تتضمن كل الضرائب.

q تكاليف التسليم، حيث تكون ملائمة.

q الإجراءات الخاصة بالدفع والتسليم أو التنفيذ.

q وجود حق الانسحاب، فيما عدا الحالات المشار إليها في المادة (6/3).

q تكلفة استخدام وسائل الاتصال عن بُعد؛ عندما تكون هذه التكاليف مرتفعة عن غيرها من تكاليف الاتصال الأساسية.    

q الفترة التي سيكون فيها الإيجاب (العرض) أو السعر ساري المفعول قانوناً.

q حيث يكون مناسباً المدة الدنيا للعقد في حالة عقود التوريد للمنتجات أو الخدمات التي يتم تقديمها بصورة مستمرة أو بصفة دورية.

(2) تأكيد المعلومات: ويقصد بها البيانات التي يجب أن تُسلّمها من قبل المستهلك بعد إبرام العقد، سواء أكان ذلك كتابةً أم بأي وسيلة أخرى متاحة، ويكون لها صفة القابلية للاستمرار (أي يمكنها حفظ المعلومات أو البيانات مدة معقولة تتلاءم مع الغرض الذي أُنشئت من أجله، وتسمح باستخراج نسخة طبق الأصل لتلك التي تمَّ تخزينها)، ويسهل الوصول إليها بالنسبة إلى المستهلك.

وتبنَّى القانون التونسي بعض الأحكام التي لا تخرج عن المبادئ العامة للتوجيه الأوربي، ففيما يتعلق بتأكيد المعلومات بعد إبرام العقد أوجب في الفصل (29) أنَّه:

«يتعيَّن على البائع أن يوفر للمستهلك - عند الطلب - خلال العشرة أيام المواليـة لإبرام العقد وثيقة كتابية أو إلكترونية تتضمن كافة المعطيات المتعلقة بعملية البيع».

ويُلاحظ أنَّ نص الفصل (29) يُحدد مدة عشرة أيام بعد إبرام العقد لتأكيد المعلومات المسبقة، إضافة إلى جميع المعطيات المتعلقة بعملية البيع من دون تحديد لهذه المعلومات، وإنَّ البائع غير ملزم بتأكيدها إلا إذا طلب منه المستهلك القيام بذلك، وإنَّ الدعامة التي ينبغي أن تتضمن هذه المعلومات يمكن أنَّ تكون وثيقة كتابية أو إلكترونية. وبذلك يكون القانون التونسي قد شددَّ على البائع بتحديد مدة عشرة أيام، أما التوجيه الأوربي فلم يحدد مدة معينة وجعلها حداً أقصى عند التسليم.

ب- حق المستهلك في الانسحاب:

إنَّ حق المستهلك في الانسحاب أو العدول عن العقد الإلكتروني يُعد من أهم مظاهر الحماية القانونية للمستهلك الإلكتروني، نظراً لأنَّ هذا الأخير لا تتوافر له الإمكانية الفعلية أو الحقيقية لمعاينة السلع والتحقق من الأداء المناسب للخدمات قبل إبرام العقد عبر وسائل الاتصال الحديثة. ويبدو أنَّ هذا الحق الممنوح للمستهلك يُعد خروجاً على مبدأ القوة الملزمة للعقد، ولكن هذا الخروج يجد مبرره الأساسي في مقتضيات حماية المستهلك الإلكتروني عندما يتعاقد عن بُعد، حيث يتم التعاقد بين غائبين وقد لا يتوافر للمستهلك المعلومات الكافية عن السلع أو الخدمات التي يرغب في التعاقد بشأنها عبر وسائل الاتصال الحديثة. وانطلاقاً من هذه المبررات أقرَّ التوجيه الأوربي (م 6) حق الرجوع للمستهلك بعد إبرام العقد خلال فترة (سبعة أيام عمل) ومن دون إعطاء أي سبب أو حتى من دون أن يتعرض لأي جزاء، والالتزام الوحيد الذي يقع على عاتق المستهلك في هذه الحالة هو تحمل أعباء (تكاليف) إرجاع السلع إلى المهني. وتبيِّن المادة السادسة أنَّ تاريخ بداية تلك الفترة (سبعة أيام عمل) يمكن تحديدها من خلال التمييز بين السلع والخدمات:

- في حالة السلع: تبدأ هذه الفترة من اليوم الذي يتسلّم فيه المستهلك «تأكيد المعلومات كتابة» أو السلع تنفيذاً للالتزامات المنصوص عليها في المادة الخامسة.

- في حالة الخدمات: تبدأ هذه الفترة من اليوم الذي يتم فيه إبرام العقد أو من اليوم الذي تنفذ فيه الالتزامات المنصوص عليها في المادة الخامسة بعد إتمام العقد (أي تأكيد المعلومات كتابة). ويشترط ألا تتجاوز هذه الفترة ثلاثة أشهر، وذلك على النحو الآتي:

إذا أخفق المورِّد (المهني) في تنفيذ التزاماته (المذكورة في المادة الخامسة)؛ فإنَّ هذه الفترة ستكون ثلاثة أشهر، ويبدأ سريانها كما يلي:

q في حالة السلع: من يوم التسلّم من قبل المستهلك.

q في حالة الخدمات: من يوم إبرام العقد.

فإذا قام المهني بتسليم المستهلك تأكيداً للمعلومات ضمن فترة ثلاثة شهور؛ فإنَّ فترة سبعة أيام عمل المُشار إليها في الفقرة الأولى ستبدأ من هذه اللحظة نفسها. وبما أنَّ المستهلك قد استعمل حقه في الانسحاب طبقاً لهذه المادة؛ فإنَّ المورِّد سيكون ملزماً بأن يعوض المستهلك ما كان قد دفعه من مبالغ أو نفقات وما تحمله من خسائر، ويستثنى فقط تلك التكلفة المباشرة لإرجاع السلع، ومثل هذا التعويض يجب أن يُنفذ بأسرع ما يمكن، ولابد أن يتم خلال 30 يوماً من تاريخ الانسحاب.

وتناول قانون المبادلات والتجارة الإلكترونية التونسي حق المستهلك في العدول عن الشراء في الفصل (30) الذي منح فيه المستهلك حق العدول عن الشراء في أجل عشرة أيام عمل تحتسب:

¦ بالنسبة إلى البضائع بدايةً من تاريخ تسلّمها من قبل المستهلك.

¦ بالنسبة إلى الخدمات بدايةً من تاريخ إبرام العقد.

ويتم الإعلام بالعدول بواسطة جميع الوسائل المنصوص عليها مسبقاً في العقد، ويتعين على البائع إرجاع المبلغ المدفوع إلى المستهلك في أجل عشرة أيام عمل من تاريخ إرجاع البضاعة أو العدول عن الخدمة، ويتحمل المستهلك المصاريف الناجمة عن إرجاع البضاعة.

2- المسؤولية القانونية لمزودي خدمات التصديق الإلكتروني:

تحتاج التجارة الإلكترونية إلى طرف ثالث مؤتمن وموثوق به للتحقق من صحة المعلومات التي يقدمها أطراف المعاملات الإلكترونية. وتقوم هيئات مختصة تؤدي خدمات التصديق الإلكتروني باعتبارها طرف حيادي وتُدعى «سلطات التصديق»، وتصدر هذه السلطات العديد من الشهادات التي تتضمن قاعدة بيانات إلكترونية توفر جميع المعلومات الضرورية الخاصة بالأشخاص الذين يقومون بالتوقيع الإلكتروني، وتكون هذه الشهادة مؤتمتة ومصدقة من قبل سلطات التصديق المختصة وفقاً لأحكام التشريعات الوطنية التي تنظم عملها وتحدد مسؤولية العاملين فيها والغير عند مخالفة هذه القوانين.

وينظم قانون التوقيع الإلكتروني وخدمات الشبكة السوري (رقم (4) تاريخ 19/2/2009م) مزود خدمات التصديق الإلكتروني Electronic certification service provider ويُعرَّفه بأنه: «جهة مختصة مرخص لها بإصدار شهادات التصديق الإلكتروني، وتقديم أي خدمات أخرى تتعلق بذلك»، ويُعرف شهادة التصديق الإلكتروني Electronic certificate بأنها: «شهادة اعتماد تصدر عن جهة مختصة مرخص لها، الهدف منها إثبات عائدية توقيع إلكتروني إلى شخص طبيعي أو اعتباري معين؛ سنداً للارتباط بين الموقع وبيانات إنشاء التوقيع الإلكتروني المعتمدة الخاصة به».  

أ- الموثوقية التي يوفرها مزود خدمات التصديق الإلكتروني:

حددت المادة الخامسة من قانون التوقيع الإلكتروني الوظائف التي سيقوم بها مزوّد خدمات التصديق الإلكتروني؛ وتتجلى في إصدار شهادات التصديق الإلكتروني وتسليمها وحفظها، واتخاذ التدابير اللازمة لتوفير الحماية لها وفقاً لأحكام هذا القانون، وللشروط والنواظم والضوابط التي يصدرها الوزير؛ بناء على قرار من مجلس إدارة الهيئة. ويحدد مجلس إدارة الهيئة الوطنية لخدمات الشبكة المعلومات التي يجب أن تشتمل عليها شهادة التصديق الإلكتروني.

ويجب على مزوّد خدمات التصديق الإلكتروني (م 6) أن يضمن:  

Ÿ صحة المعلومات التي تضمنتها شهادة التصديق الإلكتروني في تاريخ تسليمها.

Ÿ التحقق بموجب شهادة التصديق الإلكتروني من عائدية التوقيع الإلكتروني إلى الموقّع؛ سنداً للارتباط بين الموقّع وبيانات إنشاء التوقيع الإلكتروني المعتمدة الخاصة به.

ب- مسؤولية الموقِّع:

يُعرِّف قانون التوقيع الإلكتروني الموقِّع بأنه شخص طبيعي أو اعتباري حائز بيانات إنشاء التوقيع الإلكتروني، ويوقع أصالة عن نفسه أو نيابة عن غيره. ويكون الموقِّع (م 7) مسؤولاً عن استعمال منظومة إنشاء التوقيع الإلكتروني الخاصة به، وكل استعمال لهذه المنظومة يُعدّ صادراً عنه ما لم يثبت العكس. ويتعيّن عليه اتخاذ جميع التدابير الكفيلة بتفادي أي استعمال غير مشروع لبيانات إنشاء التوقيع الإلكتروني الخاصة به، ويترتب عليه الالتزامات التالية:

Ÿ إعلام مزوّد خدمات التصديق الإلكتروني بكل تغيير في المعلومات المتضمّنة في شهادة التصديق الإلكتروني الحاصل عليها.  

Ÿ لا يتحمّل مزوّد خدمات التصديق الإلكتروني -في حال إخلال الموقّع بالالتزامات المنصوص عليها في هذا القانون- مسؤولية أي أضرار تلحق بالغير من جرّاء ذلك، إذا كان إخلال الموقّع قد حصل لأسباب خارجة عن سيطرة المزوّد.

Ÿ لا تتحمّل الهيئة -في حال إخلال الموقّع أو مزوّد خدمات التصديق الإلكتروني بالالتزامات المنصوص عليها في هذا القانون- مسؤولية أية أضرار تلحق بالغير من جرّاء ذلك.     

ج- مسؤولية مزود خدمات التصديق الإلكتروني:

(1) يقع على عاتق مزوّد خدمات التصديق الإلكتروني (م 8) مهمة تعليق العمل بشهادة التصديق الإلكتروني في الحالات التالية:  

Ÿ بطلب من صاحب الشهادة.  

Ÿ إذا قامت قرائن - بناء على معطيات موثّقة يمكن التحقق منها- تدل على أن استعمال الشهادة كان بغرض التدليس أو الغش، أو انتهاك منظومة إنشاء التوقيع الإلكتروني.

(2) يجب على مزوّد خدمات التصديق الإلكتروني (م 9) إلغاء شهادة التصديق الإلكتروني في الحالات التالية:  

Ÿ بطلب من صاحب الشهادة.  

Ÿ عند إعلام مزوّد خدمات التصديق الإلكتروني بوفاة الشخص الطبيعي أو حل الشخص الاعتباري صاحب الشهادة.  

Ÿ عند ثبوت إحدى الحالات التالية:  

Ÿ عدم صحة المعلومات المتضمّنة في الشهادة المعلقة.  

Ÿ تغيّر المعلومات المتضمنة في الشهادة  

Ÿ استعمال الشهادة بغرض التدليس أو الغش.  

Ÿ انتهاك منظومة إنشاء التوقيع الإلكتروني.

(3) يقوم مزوّد خدمات التصديق الإلكتروني (م 10/أ) بإعلام صاحب الشهادة وبإعلام الهيئة في حال تعليق العمل بشهادة التصديق الإلكتروني أو إلغائها؛ وأسباب ذلك. ويجري رفع التعليق فوراً عند زوال الأسباب التي أدّت إليه.

(4) يحق لصاحب الشهادة أو للغير (م10/ب) التظلّم أمام الهيئة على قرار مزوّد خدمات التصديق الإلكتروني بتعليق الشهادة أو إلغائها، وذلك خلال مدة أقصاها خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلامه به. وتقوم الهيئة بالفصل في التظلّم خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ تقديمه.  

(5) يقوم مزوّد خدمات التصديق الإلكتروني (م10/ج) بمسك سجل الكتروني لشهادات التوقيع الإلكتروني الصادرة عنه. ويكون هذا السجل متاحاً باستمرار لاطلاع المتعاملين على المعلومات التي تتعلق بمعاملاتهم فيه. ويتضمن هذا السجل عند الاقتضاء تواريخ تعليق الشهادات أو إلغائها.

(6) يُعتمد حفظ الوثائق الإلكترونية (م 11) مثلما يُعتمد حفظ الوثائق المكتوبة في الحالات التي يوجبها القانون. ويلتزم المرسل بحفظ الوثيقة الإلكترونية في الشكل المرسلة به ويلتزم المرسل إليه بحفظ هذه الوثيقة في الشكل الذي تسلّمها به. ويجري حفظ الوثيقة على حامل إلكتروني يمكّن من:

Ÿ الاطلاع على محتواها طوال مدة صلاحيتها.

Ÿ حفظها في شكلها النهائي بصورة تضمن سلامة محتواها.

Ÿ حفظ المعلومات الخاصة بمصدرها ووجهتها، وكذلك تاريخ إرسالها أو تسلّمها ومكانه.  

د- العقوبات:

نظم المشرع السوري العقوبات التي تطبق على المخالفين لأحكام قانون التوقيع الإلكتروني في المادة (31) منه، فجاء فيها أنه: «مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر نافذ:

q يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسمائة ألف ليرة سورية إلى مليوني ليرة سورية، كل من قام قصداً بارتكاب أحد الأفعال التالية:

1- إصدار شهادات تصديق إلكتروني أو تقديم أية خدمات تتعلق بالتوقيع الإلكتروني للعموم دون الحصول على الترخيص اللازم لذلك من الهيئة.

2- تزوير أو تحريف توقيع إلكتروني أو بيانات أو منظومة إنشاء توقيع إلكتروني بأي طريق كان.  

3- استعمال توقيع إلكتروني مزور، أو منظومة إنشاء توقيع إلكتروني محرفة، أو شهادة تصديق الكتروني مزورة، مع علمه بذلك.

4- التوصل بأي وسيلة كانت إلى الحصول بغير حق على بيانات إنشاء توقيع إلكتروني أو منظومة إنشاء توقيع إلكتروني أو وثيقة إلكترونية، أو اختراق أي منها، أو اعتراضها أو تعطيلها عن أداء وظيفتها.

5- تقديم أوراق أو معلومات مزورة أو غير صحيحة بقصد الحصول على شهادة تصديق إلكتروني أو تعليق العمل فيها أو إلغائها.

6- إفشاء أية بيانات تتعلق باستخدام التوقيع الإلكتروني أو التحقق من عائديته، أو استخدامها في غير الغرض الذي قدمت من أجله من قبل أحد العاملين لدى مزود خدمات التصديق الإلكتروني، ويكون المزود في هذه الحالة مسؤولاً بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به العامل من غرامات إذا ثبت أن إخلال المسؤول عن الإدارة الفعلية للمزود بواجباته قد أسهم في وقوع هذه الجريمة».  

3- تسوية منازعات التجارة الإلكترونية:

يفضل المستهلك على شبكة الإنترنت اتباع آليات الوساطة الإلكترونية لتسوية منازعات التجارة الإلكترونية، وهذا النظام مازال يتطور باتجاه استخدام الوسائل الإلكترونية لتسوية النزاعات التجارية حيث يتسم بأسلوبه السهل وبتكلفته المنخفضة. ففي الولايات المتحدة تبنَّت جمعية التحكيم الأمريكية The American Arbitration Association مشروع القاضي الافتراضي على شبكة الإنترنت، فكانت بذلك أحد روَّاد تسوية النزاعات بالتحكيم الإلكتروني. ويقوم مشروع القاضي الافتراضي على شبكة الإنترنت على فكرة قبول الشكاوى التي تتعلق بالتبادل الإلكتروني للبيانات، ورسائل البريد الإلكتروني، أو الملفات التي تتعلق بالتعدي على العلامات التجارية، أو حقوق الطبع والنشر، أو إفشاء الأسرار التجارية، أو مخالفة الأعراف التجارية، أو التشهير، أو الاحتيال، والتصرفات الأخرى غير الشرعية.

وتُقدم الشكاوى وفقاً لنظام القاضي الافتراضي عبر شبكة الإنترنت إلى الموقع المخصص لهذا المشروع، ويقوم القاضي الافتراضي بإجراء التحكيم الإلكتروني بصورة حقيقية. ويُعد الحكم الصادر في قضية تيرني Tierney and Email America في 8 أيار/ مايو سنة 1996، أول حكم صدر بموجب نظام القاضي الافتراضي. وكانت هذه القضية تتعلق بالإعلان الذي نشرته شركة Email America على شبكة الإنترنت وفقاً لنظام أمريكا المباشر على شبكة الإنترنت America Online System، وتضمَّن هذا الإعلان عرضاً لبيع خمسة ملايين عنوان للبريد الإلكتروني الخاصة برسائل البريد الإلكتروني Bulk. وطلب المشتكي بإزالة الإعلان وتضمنت شكواه ثلاثة أسباب رئيسية:

أ - يشجِّع الإعلان على الترويج لبيع عناوين البريد الإلكتروني الخاصة برسائل البريد الإلكتروني، وهذه الممارسات تتعارض مع السياسة العامة لشبكة الإنترنت، وتتناقض مع السياسة الخاصة لشركة (AOL) .

ب - يتضمن الإعلان إمكانية التعدي على الحق في الخصوصية للمشتكي.

ج - الإعلان كان مخادعاً ويهدف إلى تحقيق أرباح كبيرة ضمنية من خلال استخدام عناوين البريد الإلكتروني التي سيتم بيعها.

وبعد دراسة الشكوى المقدمة من المشتكي وافق القاضي الافتراضي على اعتبار الإعلان مخادعاً، وطلب من شركة (AOL) إزالة الإعلان. وأصدر القاضي الافتراضي قراره بإزالة الإعلان خلال أربعة أيام من تاريخ تسلّم الشكوى حول موضوع النزاع، وبالمقابل فإنَّ شركة (AOL) استجابت لحكم القاضي ونفَّذت الحكم.

وشكَّلت جمعية التحكيم الأمريكية (AAA) لجنة لتسوية النزاعات عبر شبكة الإنترنت، وتتضمن هذه اللجنة أعضاء من قائمة الخبراء في الملكية الفكرية وتكنولوجيا المعلومات والتقنية والوسطاء القانونيين، وعهدت إلى هذه اللجنة مهمة الإشراف على إدارة التحكيم الإلكتروني وفقاً لنظام القاضي الافتراضي على شبكة الإنترنت. وإنَّ هذا النظام سيصبح آمن بالكامل وسيزوَّد بنظام آمن للتأكد من سلامة المستندات الإلكترونية على شبكة الإنترنت.

وهكذا فإنَّ أسلوب تسوية منازعات التجارة الإلكترونية باستخدام نظام التحكيم الإلكتروني عبر وسائل الاتصال الحديثة؛ يتمتع بالعديد من المزايا وأهمها:

q يسمح نظام التحكيم الإلكتروني بالاستفادة من المزايا العديدة التي تمنحها شبكة الإنترنت.

q تيسير الاتصالات بين الأطراف المعيَّنة في إجراءات التحكيم.

q سيقلل هذا النظام من طول فترة إجراءات التحكيم.

q إن التحكيم الإلكتروني سيكون بمنزلة السلطة القضائية لشبكة الإنترنت.

مراجع للاستزادة:

 

- محمد سعيد اسماعيل، أساليب الحماية القانونية لمعاملات التجارة الإلكترونية (دار الحلبي الحقوقية، بيروت 2009).

- عاطف عبد الحميد حسن، حماية المستهلك (دار النهضة العربية، القاهرة 1996).

- أسامة أحمد بدر، حماية المستهلك في التعاقد الإلكتروني (دار النهضة العربية، القاهرة 2002).

- أحمد جمال الدين موسى، النقود الإلكترونية وتأثيرها على دور المصارف المركزية في إدارة السياسة النقدية، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق بجامعة بيروت العربية (سنة 2001).

- Jennifer E. HILL, The Future of Electronic Contracts in International Sales JD/MBA Candidate 2004, Northwestern University School of Law and Kellogg School of Management, Stanford University.

- Dennis M. KENNEDY, Key Legal Concerns in E-Commerce: The Law Comes to the New Frontier¨ 18 TM Cooley L. Rev. 17, 25 (2001).

 


التصنيف : القانون التجاري
النوع : القانون التجاري
المجلد: المجلد الثاني: بطاقة الائتمان ــ الجرائم الواقعة على السلطة العامة
رقم الصفحة ضمن المجلد : 95
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1045
الكل : 58491581
اليوم : 64095