logo

logo

logo

logo

logo

الإعفاءات الضريبية

اعفاءات ضريبيه

tax exemptions - exemptions fiscales

 الإعفاءات الضريبية

الإعفاءات الضريبية

منى الإدلبي

ماهية الإعفاء الضريبي

أهداف الإعفاء الضريبي

 

يعد الإعفاء الضريبي Tax exemption أحد أنواع الحوافز الضريبية التي تُعرُف على أنها "نظام يصمم في إطار السياسة المالية للدولة بهدف تشجيع الادخار أو الاستثمار على نحو يؤدي إلى نمو الإنتاجية القومية وزيادة المقدرة التكليفية للاقتصاد، وزيادة الدخل القومي نتيجة قيام المشروعات الجديدة أو التوسع في المشروعات القائمة".

كما تعرف على أنها "استثناء من نظام الضرائب العام بحيث تخفض الأعباء الضريبية عن المشروعات من أجل حفزها للاستثمار في مشروعات محددة، أو قطاعات معيّنة".

وتتعدد أنواع هذه الحوافز، فإلى جانب الإعفاءات الضريبية هناك نظام تخفيض الضرائب، ونظام تأجيل الضريبة، ونظام تثبيت الضريبة، ونظام ترحيل الخسائر، ونظام الإهلاك المعجل، ونظام معونات الاستثمار، ونظام رد الضريبة، ونظام الأسعار التمييزية للضريبة.

أولاً ـ ماهية الإعفاء الضريبي:

سيتم شرح هذه الماهية من خلال ثلاث نقاط، أولها التعريف بمفهوم الإعفاء وأنواعه، والثاني تمييز مفهوم الإعفاء من عدم الخضوع للضريبة، والثالث تبيان العلاقة بين مفهوم الإعفاء الضريبي ومفهوم العدالة الضريبية.

1ـ مفهوم الإعفاء الضريبي وأنواعه:

يقصد بالإعفاء الضريبي "تنازل الدولة عن حقها في فرض وتحصيل الضريبة بناء على تشريع ضريبي أو غيره عن إيراد خاضع أصلاً للضريبة وفقاً لاعتبارات اجتماعية واقتصادية". أما عن أنواعه فهي:

أ ـ قد يكون هذا الإعفاء مؤبداً يستفيد منه النشاط طوال حياته، أو مؤقتاً يحدد بمدة زمنية معيّنة ينتهي بانتهائها، ويسمى عندئذ بالإجازة الضريبية tax holiday التي تعرف على أنها "الإعفاء الكامل أو الجزئي للشركات الجديدة أو الشركات التي تم توسيع نشاطها من الضرائب المباشرة لفترة محددة".

ب ـ قد يكون الإعفاء كاملاً أو جزئياً، بحيث يعفى المشروع بموجب الإعفاء الكامل من جميع الضرائب طوال فترة الإجازة، وهذا هو الأصل، وقد ينصب على جزء من الدخل الخاضع للضريبة، وقد يقسم الإعفاء قسمين بحيث تستفيد المنشأة من إعفاء كامل في القسم الأول، وإعفاء جزئي في القسم الثاني.

ج ـ قد يكون الإعفاء مكانياً أو نوعياً من حيث المحل. ويمنح الإعفاء المكاني بنص القانون لمشروعات مقامة في مناطق معيّنة، كالمناطق الاقتصادية الخاصة التي تعرف بأنها: "موقع أو منطقة جغرافية ضمن بلد يكون لها قوانين والتزامات خاصة بها، الهدف من إنشائها تشجيع المستثمرين المحليين والأجانب على الاستثمار في منطقة بعينها، حيث تعمل هذه المناطق على إزالة العوائق التي تواجه حركة عناصر الإنتاج والمنتج النهائي من بلد لآخر"، وتتسم هذه المناطق بمزايا وإعفاءات ضريبية مستقرة ودائمة.

أو المناطق الحرة والتي تعرف بأنها: "جزء داخل إقليم الدولة، لا تسري عليها الإجراءات الجمركية والإدارية التي تسري على باقي إقليم الدولة"، بيد أنها سياسياً خاضعة للسيادة الوطنية، من خصائصها الأساسية لا ضريبة، لا قانون، لا بيروقراطية، والهدف منها تحرير التجارة الدولية وزيادة حركة الاستثمار الدولي من أجل التصدير، وجذب الشركات متعددة الجنسية.

أو مناطق عمرانية جديدة، أو مناطق نائية، هذا التخصيص بالإعفاء يكون لأهداف رصدها المشرع تعود إلى طبيعة هذا المكان، فالمناطق النائية والمناطق العمرانية الجديدة تكون أقل جاذبية للمستثمرين فتكون بحاجة لتدخل المشرع لجعلها أكثر جاذبية لإعمارها، فيقدم حوافز ضريبية تشجع على الاستثمار فيها.

أما الإعفاء النوعي فينصرف إلى نشاطات محددة ومشروعات معيّنة من الضرائب على الدخل بغض النظر عن مكان ممارستها.

د ـ قد ينصب الإعفاء على الضرائب المباشرة، كضرائب الدخل، كالإعفاء من الضريبة على أرباح الشركات لبعض النشاطات، أو لنوع محدد من الشركات كالشركات المساهمة تشجيعاً للادخار.

هـ ـ وقد تنصب على الضرائب غير المباشرة كالضريبة على الاستهلاك، والضريبة على القيمة المضافة، والضريبة الجمركية، فمثلاً يتم إعفاء مستوردات بعض الشركات المراد تحفيزها كالمشروعات الصغيرة مثلاً من الضريبة الجمركية على الواردات، أو إعفاء الصادرات من الضريبة الجمركية تشجيعاً للتصدير، أو إعفاء المستوردات من الآليات ومستلزمات الإنتاج من الضريبة الجمركية تشجيعاً للتصنيع المحلي والتصدير بشكل منتج نصف مصنَّع أو كامل التصنيع، أو إعفاء عقود تأسيس الشركات والمنشآت من رسوم التوثيق والشهر.

وتمثل النظم الجمركية الخاصة إحدى الصور التي تجسد مثل هذا الشكل من الإعفاء، وتتجسد في نظام الترانزيت، ونظام رد الضريبة، ونظام السماح المؤقت.

2ـ الإعفاء الضريبي وعدم الخضوع للضريبة:

قد يقع لبس بين مفهومي الإعفاء الضريبي وعدم الخضوع للضريبة رغم اختلافهما، فالإعفاء يمثل تجنيب جزء خاضع أصلاً للضريبة لتوافر شروط فرض الضريبة عليه، بيد أن المشرع رأى عدم إلزامه الضريبة لاعتبارات معيّنة، قد تكون اجتماعية أو اقتصادية، وذلك بنص خاص، وعدم الإلزام هذا ينتهي بانتهاء تلك الاعتبارات، فالضريبة هنا لها وجود إلا أنها متوقفة في فترة الإعفاء.

أما عدم الخضوع للضريبة فيعني عدم جواز تحديد الضريبة وتحصيلها على نشاط معيّن لعدم توافر الشروط المعتبرة قانوناً لإلزام الشخص الضريبةَ، فالنشاط غير خاضع للضريبة، بيد أنه قد يخضع لها مستقبلاً.

وهنا يقع على المحاسبة عبء تبيان النشاط الخاضع والنشاط المعفي من الضريبة وتمييزهما وفق القوانين السارية والتعليمات والتفسيرات النافذة.

3ـ الإعفاء الضريبي وانسجامه مع مفهوم العدالة الضريبية:

إن تعريف العدالة عموماً والعدالة الضريبية خصوصاً يكتنفها شيء من الصعوبة، بيد أن علماء المالية حاولوا إيجاد تعريف يتلاءم ومقتضيات أيديولوجية المجتمع، فالنظام الضريبي العادل برأيهم هو النظام الذي يوفر معاملة ضريبية يؤمن أغلبية أفراد المجتمع بعدالتها، وتقوم على مبدأين:

* عدالة أفقية Horizontal equity: وتقوم على معاملة كل الممولين في ظل ظروف اقتصادية متماثلة معاملة ضريبية متماثلة.

* عدالة رأسية Vertical equity: وتقوم على معاملة كل الممولين في ظل ظروف اقتصادية غير متماثلة معاملة ضريبية غير متماثلة.

ويرى الفقيه جودميه إنه لا توجد ضريبة عادلة بصورة كاملة، فما يكون عادلاً على صعيد قد لا يكون كذلك على صعيد آخر. وما يكون عادلاً في ظروف بلد قد لا يكون عادلاً في ظل بلد آخر… وهكذا.

ومع ذلك فقد استقر الفكر الضريبي على أن الضريبة العادلة هي الضريبة التي تفرض على المكلف على أساس القدرة على الدفع بعد آن كانت تعدّ كذلك على أساس المنافع التي يتلقاها المكلف من الدولة.

وبذلك تتعدد المعايير حول المبادئ التي يقوم عليها فرض الضريبة وفق ما يتوافق والعدالة، هذه العدالة التي قد تتصادم أو تتعارض أهدافها وفاعليتها أحياناً.

أما عن أثر وجود الإعفاءات الضريبية في هذه العدالة فيرى بعضهم أن هذه الإعفاءات لا تؤثر في عمومية الضريبة التي تمثل أحد مقومات عدالة النظام الضريبي والتي يقصد منها إخضاع جميع الأشخاص وجميع الأموال للضرائب متى توافرت الشروط القانونية في كل منها؛ وذلك لأن هذه الإعفاءات تمنح بعد فرض الضريبة على كل الأفراد، وذلك مراعاة لظروف خاصة بالمستفيدين من الإعفاء.

ويرى آخرون أن الإعفاء الضريبي يعدّ خروجاً عن مبدأ العمومية، ولكن بهدف تحقيق العدالة النهائية بين المكلفين، مع أن مبدأ العمومية هو أحد السبل اللازمة لتحقيق العدالة، والفرق بين الصورتين هو أنه في حالة عدم الإعفاء تكون العدالة نظرية بحتة، أما في وجود الإعفاءات فتصبح العدالة واقعاً ملموساً بشرط أن تمنح وفق سياسة مدروسة.

ثانياً ـ أهداف الإعفاء الضريبي:

تمثل الإعفاءات الضريبية ـ كما قلنا سابقاً ـ إحدى أدوات السياسة الضريبية التي تعرَّف بأنها "فن فرض الضرائب بشكل تعزز فيه فاعلية الاقتصاد وتضمن توزيعاً عادلاً للدخل".

من خلال هذا التعريف يتوضح لنا أن أهداف هذه الإعفاءات يتجسد على نحو رئيس بأهداف اقتصادية واجتماعية، ودور الضريبة هذا ارتبط بتطور دور الدولة وتدخلها في الحياة الاقتصادية، حيث كانت تتصف الضريبة بداية بالحيادية (neutral) في ظل الدولة الحارسة، لذا كانت الضريبة أداةً تمويلية فقط لأوجه الإنفاق المحددة للدولة، ومن ثم تحولت إلى أداة ذات أثر فعّال وتوجيهي للحياة الاقتصادية والاجتماعية في ظل الدولة المتدخلة في كل مناحي الحياة.

1ـ الأهداف الاقتصادية للإعفاء الضريبي:

تستخدم هذه الأداة لتوجيه الاقتصاد باتجاه معيّن، وذلك بالتأثير في قرارات الإنتاج والاستثمار والاستهلاك للأفراد، وشكل هذا التأثير يختلف باختلاف الدولة ومستوى تقدمها، فالدول النامية تستخدم السياسة الضريبية عموماً؛ وسياسة الإعفاءات الضريبية خصوصاً من أجل تخطي المشاكل التنموية لديها والمتمثلة في نقص رؤوس الأموال، وضيق نطاق السوق المحلي، وتخلف الأساليب الفنية والتقنية الحديثة للإنتاج، والبطالة.

أي من أجل حفز التراكم الرأسمالي، وتشجيع الادخار، والحد من الاستهلاك، وتشجيع التصنيع ولاسيما الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تتلاءم وإمكانات هذه الدول، وتشكل الخلية الأولى باتجاه بناء صناعات مغذية وعناقيد صناعية تشكل أساساً لصناعات كبيرة فيما بعد، وتشجيع التصدير لسد فجوة التجارة الخارجية، وحفز الاستثمارات المحلية والأجنبية وحفز التقدم التكنولوجي وتشغيل مزيد من اليد العاملة، وتطوير المناطق النامية وتسريع وتيرة تشغيلها.

أما الدول المتقدمة فتهدف من خلال هذه السياسة إلى ضمان الاستمرار في النمو مع الاستقرار؛ لأنها قطعت أشواطاً مهمة في تنميتها الاقتصادية، فحققت هيكلاً إنتاجياً متماسكاً معتمدة على قطاع صناعي قوي، وتطور تكنولوجي ملحوظ.

2ـ الأهداف الاجتماعية للإعفاء الضريبي:

تتعدد الأهداف الاجتماعية التي تدفع الحكومات لاستخدام الإعفاءات الضريبية، ويأتي في مقدمتها إعادة توزيع الدخل لمصلحة الطبقات الفقيرة، ورفع مستوى متوسطي الدخول، وتشجيع بعض النشاطات ذات الطابع النفعي اجتماعياً كمعاهد تأهيل المعوقين مثلاً؛ ورياض الأطفال…إلخ.

وقد تقدم كأسلوب ترغيب، كأن تقدم للشركات التي توافق على اتباع بعض الإرشادات والأساليب التي تخفف من تلوث البيئة.

كذلك قد تمنح الإعفاءات لأسباب صحية، كالإعفاء الممنوح للمواد الكحولية التي تستهلك في أغراض طبية.

وقد تمنح لأسباب سياسية كإعفاء المواد الكحولية التي تستهلكها البعثات السياسية والقنصلية وأعضاؤها الدبلوماسيون في سورية من ضريبة استهلاك المشروبات الكحولية على الأراضي السورية بشرط المعاملة بالمثل، ويسري هذا الإعفاء على موظفي جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة والمؤسسات المنبثقة منها لدى قيامهم في سورية بمهام رسمية.

 3ـ فاعلية الإعفاء الضريبي في جذب الاستثمار

يعرف الاستثمار investment بأنه: "إتحاد العمالة ورأس المال من أجل تحقيق منتج معيّن".

وهذا يعني أن الاستثمار يعدّ أحد الأهداف الاقتصادية التي تتمحور حولها سياسة الإعفاءات الضريبية بوصفه محدداً رئيساً للنمو الاقتصادي.

أ ـ أنواع الاستثمار:

تتعدد أنواع الاستثمارات، فهناك من ناحية الفاعلية الاقتصادية الاستثمار في القطاع الإنتاجي والاستثمار في القطاع غير الإنتاجي أي الاستثمار المباشر وغير المباشر، والاستثمار الصافي والإجمالي، والاستثمار المولد والمستقل، ومن ناحية أطرافه هنالك الاستثمار المحلي والأجنبي، ومن ناحية توطنه الاستثمار الداخلي والاستثمار في المناطق الحرة، وسيتم التعرض لهذه الأنواع بإيجاز شديد:

ـ الاستثمار المحلي: يوجه فيه أطراف النشاط الاقتصادي في الداخل مدخراتهم نحو الحصول على رأس مال إنتاجي يستخدم في الداخل، فأموال هذا الاستثمار ترد من مصادر داخل الدولة، ويمتلك الوطنيون أغلبية رأس مال المشروع، ويمكن أن يتملك الأجانب جزءاً يسيراً منه، ولكنه لا ينفي عنه صفة المحلية؛ لأن تملكهم لهذا الجزء اليسير لا يخولهم حق الإدارة.

ـ الاستثمار الأجنبي: ويعدّ كذلك عندما يمول من مصادر من خارج الدولة المضيفة بالكامل، أو يكون ممولاً من الخارج بنسبة كبيرة بحيث يسمح للأجنبي بالسيطرة على القرار الاستشاري فيها، وهذا الاستثمار قد يكون مباشراً أو غير مباشر:

ـ الاستثمار الأجنبي المباشر direct foreign investment: ويقصد به تكوين منشأة جديدة، أو توسيع منشأة قائمة عن طريق مقيمي دولة معيّنة داخل حدود دولة أخرى، وهنا يحتفظ المستثمر الأجنبي بحق ملكية المنشأة وإدارتها.

وقد يأخذ شكل استثمار خاص فردي، أو مشترك تتوزع فيها الملكية بين المستثمر الأجنبي والوطني، أو بشكل شركات متعددة الجنسيات multinational corporations، وتتسم هذه بكبر حجم إنتاجها وتنوعه، واحتكارها لأحدث التكنولوجيا، وتدار مركزياً من مركزها الرئيس في البلد الأم، وتعدّ الأداة الرئيسة في خلق العولمة الاقتصادية وتعزيزها، حيث تتجه نحو تكامل عملياتها على النطاق العالمي لتخفيض تكاليف الإنتاج.

ويتميز هذا النوع من الاستثمار بأنه يوفر موارد رأسمالية جيدة للدول النامية، ويخلق فرص عمالة جديدة، ويزيد من حجم صادراتها وتنافسيتها، وينقل معه معارف تكنولوجية وفنية.

ـ الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة Indirect foreign investment: وهي الاستثمارات التي يحصل فيها المستثمر على عائد رأسمالي دون أن تكون له السيطرة على المشروع، وتدعى بالاستثمارات المالية، ويقصد بها الاكتتاب في السندات ذات الفائدة الثابتة أو الأسهم ذات الربح المتغير التي تصدرها الدولة أو المشروعات التي تقوم بها.

ـ الاستثمار في المناطق الحرة:

الاستثمارات عموماً يمكن أن تقام ضمن حدود الدولة الإقليمية، أو في المناطق الحرة التي تعدّ أرضاً تابعة للدولة، ولها حدود جغرافية واضحة، وقد تقع في نطاق ميناء بحري أو بري أو جوي أو بالقرب منه، ويتم عزلها جمركياً عن الدولة بحيث تعامل البضائع الداخلة إليها من الدولة معاملة الصادرات، والبضائع الخارجة منها لهذه الدولة معاملة الواردات، وهذا لا يعني عزلها بوصفها سيادة مستقلة فهي تخضع لسيادة الدولة، وتطبق عليها قوانين الدولة نفسها، بيد أنها تتمتع بنظام قانوني خاص من حيث العمل، ومنح تراخيص مزاولة النشاط لمشروعات الاستثمار وقواعد الاستيراد والتصدير والرسوم الجمركية والإعفاءات الضريبية، فالاستثمار في هذه المناطق قد يكون مستقلاً بأحكامه عن الاستثمار الداخلي لديها، وقد يعدّ ضرباً من الاستثمار الذي تنطبق عليه أحكام الاستثمار الداخلي.

ب ـ أثر الإعفاء في جذب الاستثمارات وتوجيهها:

إن استخدام الإعفاءات الضريبية يرتب خسارة في عوائد الدولة الضريبية، لذا يجب أن يكون استخدامها مدروساً بحيث تقابل هذه الخسائر منفعة فعلية تعود على الدولة، وإلا غدت هذه الحوافز مجرد أداة لهدر موارد الدولة ليس إلا، ففاعلية هذه الإعفاءات تتحدد من خلال النقاط التالية:

ـ قد تكون الإعفاءات عقيمة:

بمعنى أنها غير ذات جدوى، فالاستثمار بوجودها وعدمه قائم، كالاستثمارات في المشروعات المربحة والجذابة لأي مستثمر، إذ يسعى إليها حتى في غياب الإعفاءات. كذلك في حال وجود الإعفاء الضريبي إلى جانب حافز ضريبي آخر قد يحمل أثراً تنافسياً بينهما بحيث يصبح الإعفاء وقتها غير ذي جدوى.

ويكون الإعفاء كذلك عندما يقدم لأنشطة وقطاعات لا تحتاج الدولة إليها لدفع التنمية لديها، أو عندما يكون العبء الضريبي بالأصل منخفضاً أو معتدلاً.

ـ من ناحية المستفيد من الإعفاءات الضريبية:

 تفيد الاستثمارات الجديدة دوناً عن الاستثمارات القائمة أو التوسعات، كما تعدّ المنشآت الصغيرة أكثر تأثراً بالإعفاءات من المشاريع الكبيرة.

وتفيد الاستثمارات قصيرة الأجل، أما طويلة الأجل فلا تستفيد منها بالدرجة نفسها إلا إذا كانت الإعفاءات طويلة أو الإجازة الضريبية قابلة للتجديد.

فالإعفاءات لا تعدّ فعالة بخصوص المشروعات كثيفة رأس المال التي لا تستطيع تكوين أرباح في السنوات الأولى، فهي ستفيد الشركات الرابحة لأنها ستزيد من عوائد استثمارها، ولن تفيد الشركات الخاسرة التي لن تدفع ضرائب بكل الأحوال، أي إن الإعفاء يفيد الاستثمارات محددة المخاطر، لذلك نرى أن معظم المشروعات التي اتجهت نحو الدول النامية في مجملها مشروعات تجارية وصناعات استهلاكية.

أما عن توقيتها فيرى بعضهم أن الإجازة عديمة الجدوى في السنوات الأولى للمشروع، ويرى بعضهم عكس ذلك، فالمشرع البريطاني قصر الإفادة من الحوافز الضريبية للمنشآت الصغيرة على بدايتها دوناً عن الفترة اللاحقة مسوغاً ذلك بأن حاجة أي مشروع صغير لحافز يظهر جلياً في بداية عمره الإنتاجي، فالذي يحدد قيمة الحافز هو وقت الحاجة إليه، ومنها الإعفاء الضريبي.

ـ الإعفاء الضريبي وارتباطه بالتهرب الضريبي والتضخم:

يجب أن يلاحظ أن الإعفاء الضريبي يعدّ أكثر الأدوات الضريبية حساسية للتخطيط الضريبي tax planning؛ لأن العوائد من هذا الحافز مضمونة للمستثمر.

وكذلك فإن الإعفاء الضريبي قد يصبح وسيلة لتجنب دفع الضريبة tax avoidance، فقد تنشأ منشآت تحت تسميات جديدة للاستفادة من مدد إعفاء جديدة؛ مما يؤدي إلى خسارة غير فعالة في موارد الدولة، أو قد تغير الشركة شكلها القانوني للاستفادة من إعفاء يرتبط بشكلها الجديد، أو تغير موقع المشروع، أو التوسع على مراحل أو الاندماج والتصفية للاستفادة من إجازة جديدة، أو قد تجزأ الشركة الكبيرة إلى وحدات صغيرة للإفادة من تخفيضات ضريبية مخصصة لمصلحة المنشآت الصغيرة.

أضف أن الإجازة الضريبية تجعل المستثمرين بمنأى عن اطلاع موظفي الضرائب على أعمالهم أثناء فترة السماح الضريبي.

كذلك فإن الشركات متعددة الجنسيات تجيد آليات التهرب الضريبي لتحول أرباحها إلى المناطق المسماة بالملاذات الضريبية ذات الإعفاءات الضريبية، وذلك من خلال التلاعب في أسعار التحويلات transfer pricing.

وأخيراً فإن الإعفاء قد يصبح سبباً للتضخم؛ لأن المستثمر وبعد انتهاء مدة هذا الحافز وخضوعه من جديد للضريبة التي قد يكون عبؤها المفروض كبيراً؛ يلجأ المستثمر لتعويض النقص في أرباحه المستوفاة على نحو ضريبي إلى رفع أسعار منتجاته؛ مما يعكس عبئاً ضريبياً على جموع المستهلكين ويؤدي إلى التضخم.

ـ مشكلات تصاحب تطبيق سياسة الإعفاءات الضريبية:

وهذه المشكلات تحتم على المشرع الضريبي التنبه لها عند إعداد برنامج الإعفاءات وتطبيقها، وهي كما التالي:

 ـ وجوب تحديد دقيق لمحل هذا الإعفاء، وإلا أرهقت الإدارة الضريبية في تقييم مدى توافر الشروط المطلوبة للاستفادة من هذا الإعفاء، كتحديد مفهوم المشروع الصغير، أو نقل التكنولوجيا والبحث والتطوير.

ـ تحديد بدء سريان مدة الإعفاء الضريبي، وهذا يعتمد على عدة معايير منها:

> إتمام إجراءات شهر الشركة أو صدور قانونها.

> تاريخ ورود رأس المال المستثمر.

> السنة الأولى التي يتحقق فيها أرباح متراكمة للشركة.

> تاريخ بدء الإنتاج أو مزاولة النشاط الاستثماري.

وهناك معايير أخرى تطبق أحياناً بحسب الحالة، كالانتهاء من أعمال إنشاء الفنادق مثلاً.

ولا يخفى علينا مدى أهمية النتائج المترتبة على تحديد هذا التاريخ، فمثلاً قد يكون مثبطاً لهمة المستثمر إذا حدد ببدء الإنتاج في حال كان المشروع ضخم التكاليف، ويحتاج إلى عمالة مدربة، أو قد يكون خاسراً في بدايته…إلخ، لذلك هناك تشريعات كثيرة تحدد بدء الإعفاء بالسنة الأولى التي يتحقق فيها الربح.

ـ معالجة وضع تصفية المشروع فور انتهاء مدة الإعفاء الضريبي، وتتعدد الأسباب هنا، فقد تكون التصفية بسبب خسارة المشروع، أو اكتفاء المستثمر بالأرباح الطائلة التي حققها في فترة الإعفاء، وهنا يرى البعض وجوب فرض نسبة معيّنة من جميع الضرائب التي تم إعفاؤهم منها.

ـ معالجة وضع الخسائر المتحققة في فترة الإعفاء التي يمكن النص على ترحيلها وحسمها من الأرباح التي ستتحقق بعد انقضاء فترة الإعفاء.

ـ معالجة حالة توقف المشروع في فترة الإعفاء بسبب ظروف خارجة عن إرادة المستثمر أو القوة القاهرة أو الظروف الطارئة، هل تحتسب من أصل مدة الإعفاء أو تنزل منها؟

ـ معالجة احتساب أقساط استهلاك الآلات depreciation عند انتهاء فترة الإعفاء، فهل سيعدّ قسط استهلاك الآلات بانتهاء هذه الفترة قسطاً أول أو سيستمر في تعداد الأقساط على حسب ما بدأت به في ظل الإجازة؟ فلو كانت الإجازة الضريبية خمس سنوات؛ فهل سيعدّ قسط الاستهلاك قسطاً أولياً أو سادساً، وهذا ما يحدد فاعلية الإجازة الضريبية حافزاً ضريبياً.

ولذلك ثار جدل كثير حول فاعلية الإعفاء الضريبي بوصفه أحد أنواع الحوافز الضريبية وحافزاً للاستثمار.

ومع ذلك فإن الإعفاء الضريبي حافز ضريبي مهم لحفز بعض الاستثمارات، ويقع على عاتق المشرع ربط هذا الحافز بالأهداف التنموية للدولة، وإطلاق الإعفاءات حيث مكانها المناسب بعيداً عن الهدر، ولا سيما المشروعات الصغيرة، كما لا بد من اعتماد سياسة التدرج في مدة الإعفاء بحسب أهمية الهدف المبتغى من تطبيق هذه السياسة.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد جامع، النظرية الاقتصادية، التحليل الاقتصادي الجزئي (دار النهضة العربية، 1995).

ـ أسامة محمد الفولي،» دور الإجازة الضريبية كحافز للاستثمار الخاص»، مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية، (كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، 1989).

ـ أميرة حسب الله محمد، تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر في ظل العولمة، المؤتمر العلمي الخامس والعشرون للاقتصاديين المصريين "قضايا العولمة وتأثيرها على الدول النامية"، الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، في الفترة 5ـ 6 أبريل 2006.

ـ أمين السيد لطفي، الحوافز والإعفاءات الضريبية (دار النهضة العربية، 1997).

ـ إيمان مرعي، المناطق الاقتصادية الخاصة (الفرص… التحديات) (مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤسسة الأهرام، القاهرة 2004).

ـ براكاش لونجاني، عساف رزين، «ما مدى فائدة الاستثمار الأجنبي؟»، مجلة التمويل والتنمية، يونيو 2001.

ـ حامد دراز، السياسات المالية (الدار الجامعية، الإسكندرية 2003).

ـ حامد عبد المجيد دراز، النظم الضريبية العربية (الدار الجامعية، بيروت 1995).

ـ حسن محمد كمال، محمد عبد الفتاح محمد، قراءات في المشكلات الضريبية المعاصرة (كلية التجارة، جامعة عين شمس، 2001).

ـ رابح رتيب، أهم المشكلات العملية التي يمكن أن تثار من جراء تطبيق الإعفاءات الضريبية الواردة في قانون الاستثمار والمجتمعات العمرانية (القاهرة 1994).

ـ السيد عطية عبد الواحد، «الضريبة البيئية»، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، العدد الأول، السنة الثالثة والأربعون، يناير، 2001.

ـ صفوت عبد السلام عوض الله، اقتصاديات الصناعات الصغيرة ودورها في تحقيق التصنيع والتنمية (دار النهضة العربية، القاهرة، 1993).

ـ عبد الحفيظ عيد، المالية العامة (دار النهضة العربية، القاهرة 2000).

ـ عبد السلام أبو قحف، نظريات التداول وجدوى الاستثمارات الأجنبية (مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية 2001).

ـ عبد الله الصعيدي، التشريع الضريبي، قانون الضريبة على الدخل في مصر (قانون رقم 91 لسنة 2005) (دار النهضة العربية، ط1، القاهرة 2006).

ـ محمد نجيب جادو، في ظاهرة التسرب الضريبي وآثارها المالية والاقتصادية "دراسة تطبيقية في مصر" (دار النهضة العربية، ط1، القاهرة 2004).

ـ محمودي مراد، التطورات العالمية في الاقتصاد الدولي "النظرية العامة للمناطق الاقتصادية الحرة" (دار الكتاب الحديث، القاهرة 2002).

ـ الوليد صالح عبد العزيز، دور السياسة الضريبية في تحفيز الاستثمارات، رسالة دكتوراه (كلية الحقوق، جامعة القاهرة، فرع بني سويف، 2002).

ـ وليد صالح عبد العزيز، حوافز الاستثمار وفقاً لأحدث التشريعات الاقتصادية (دار النهضة العربية، القاهرة 2005).

ـ يوسف شباط، محمد الحلاق، السياسة المالية (منشورات جامعة دمشق، 2006).

- ACS, ZOLTAN J., AUDRETSCH, DAVID B., Small Firms and Entrepreneurship, An East-West Perspective, (Cambridge University Press, Great Britain1993).

- BIRD, RICHARD. M & OLDMAN, OLIVER, Taxation in Developing Countries (The Johns University Press, Baltimore and London 1990).

- Unctad, A Better Investment Climate for Every One, World Development Report, 2005.

- DOMINIQUE ROUX, Analyse économique et gestion de l’entreprise (theories,methods et pratiques), Économie “module” , Dunod 1987).

- HARVEY ROSEN, Public Finance (Irwin INC, USA 1988).

- HIGGINS, BENJAMIN, Economic Development, Problems, Principles, and Policies (ww.Norton & Company INC., NewYork, USA 1968).

-HOLLAND, DAVID & VANN, RICHARD J, Income Tax Incentives Foreign Investment, Tax Law Design and Drafting Volume 2, International Monetary Fund, chapter 23, 1998.

- MUSGRAVE, RICHARD, &, MUSGRAVE, PEGGY.B, Public Financein Theory and Practice (MC Graw-Hill, International Book Company, London, 3rd edition, 1980).

-Askari, Hossein Cummings,John and Glover, Michael, Taxation and Tax Policies in The Middle East, Butterworths Studies in International Political Economy (First published, London 1982).

-VAISH,M.C&AGARWAL, H.S. ,Public Finance, Allied Publishers Private Limited (New Delhi ,third edition 1985).


التصنيف : القانون المالي
النوع : القانون المالي
المجلد: المجلد الرابع: الرضاع ــ الضمان المصرفي
رقم الصفحة ضمن المجلد : 476
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1055
الكل : 58492229
اليوم : 64743