logo

logo

logo

logo

logo

التاجر

تاجر

merchant - marchand

 التاجر

التاجر

محمد سامر عاشور

 شروط اكتساب صفة التاجر

الأشخاص الاعتبارية ووصف التاجر

 

بين المشرع في المادة التاسعة من قانون التجارة الأشخاص الذين تنطبق عليهم صفة التاجر على الشكل الآتي:

q الأشخاص الطبيعيون الذين تكون مهمتهم القيام بالأعمال التجارية.

q الشركات التي يكون موضوعها تجارياً.

ولهذا البيان أهمية قانونية كبيرة لأن المشرع قد وضع قواعد وأحكاماً لا تطبق إلا على من تثبت له صفة التاجر قانوناً. فالقانون التجاري يلزم التجار ببعض الواجبات كمسك الدفاتر التجارية والتسجيل في سجل التجارة، كما يخضعهم دون غيرهم لنظام الإفلاس، وهم وحدهم الذين يفيدون من نظام الصلح الواقي من الإفلاس. كما أن صفة التاجر ضرورية لإعطاء بعض الأعمال المدنية صفة الأعمال التجارية بالتبعية.

أولاً: شروط اكتساب صفة التاجر

عرَّف قانون التجارة التاجر بأنه الشخص الذي تكون مهنته القيام بأعمال تجارية. وعلى هذا يُشترط لاكتساب صفة التاجر شرطان رئيسيان: الشرط الأول هو القيام بالأعمال التجارية، والشرط الثاني هو احتراف القيام بهذه الأعمال. ويسبق هذين الشرطين شرط آخر لا تقوم من دونه صفة التاجر ألا وهو توافر الأهلية القانونية للقيام بالأعمال التجارية.

1- القيام بالأعمال التجارية:

الأعمال التجارية التي تؤدي إلى اكتساب صفة التاجر هي الأعمال التجارية بحكم ماهيتها الذاتية. ويجب أن يقوم الشخص بهذه الأعمال باسمه ولحسابه الخاص وعلى وجه الاستقلال بحيث يتحمل وحده تبعة هذه الأعمال كسباً أو خسارة، وهذا ما استقر عليه الاجتهاد وأقره وجعله متمماً للشروط الأخرى، ويخرج من عداد التجار الولي أو الوصي الذي يدير المحل التجاري باسم الصغير ولحسابه، والموظفون والعمال الذين يديرون التجارة لحساب رب العمل ومديرو الشركات المساهمة والمحدودة المسؤولية؛ لأنهم يقومون بالعمل باسم الشركة ولحسابها ويعدون بمنزلة التابع للشركة كشخص اعتباري. بعكس ذلك، إن جميع الشركاء المتضامنين في شركات التضامن وشركات التوصية يعدون تجاراً ولو لم يشتركوا في إدارة الشركة ولم تظهر أسماؤهم في عنوانها التجاري؛ لأن أعمال الشركة تتم باسم جميع الشركاء المتضامنين، ويسأل هؤلاء عن هذه الأعمال على وجه التضامن وبكامل أموالهم.

كما يعد السماسرة والوكلاء بالعمولة تجاراً مع أن نشاطهم المهني ينحصر في أعمال تعود لحساب الآخرين، ذلك لأن كلاً منهم لا يخضع في ممارسته لحرفته هذه لإرادة أحد، كما يقوم بها على وجه الاستقلال.

وقد يمارس شخص ما الأعمال التجارية مستتراً وراء شخص آخر أو مستخدماً اسمه، كأن يكون الأول غير قادر على تعاطي التجارة أو ممنوعاً من القيام بها (كالطبيب أو المحامي أو الموظف العام). فيبدو الشخص الظاهر وكأنه هو التاجر. وقد ثار الخلاف فيمن يكتسب صفة التاجر منهما. ويرى بعض الفقه ضرورة إسباغ وصف التاجر على كل من الشخص الظاهر والمستتر. فالشخص الظاهر ولو أنه لا يعمل لحسابه؛ إلا أنه بالفعل يلتزم قبل الغير والمتعاملين، مما يوجب اكتسابه صفة التاجر حفاظاً على استقرار المعاملات بين الناس. أما بالنسبة إلى الشخص المستتر فهو  يعد تاجراً لأن القيام بالعمل يجري لحسابه.

2- احتراف الأعمال التجارية:

الاحتراف يفترض تواجد عنصرين: عنصر التكرار للعمل، وعنصر نية الارتزاق من وراء ذلك العمل.

أ - تكرار القيام بعمل تجاري:

يقتضي الاحتراف تكرار القيام بعمل معين بصفة مستمرة ومنتظمة. وهذا ما يفرق الاحتراف عن الاعتياد؛ إذ إن الاعتياد يقتضي أيضاً تكرار وقوع العمل لكن ليس بصفة مستمرة، بل من وقت إلى آخر.

وقد نصت المادة (12) من قانون التجارة على أنه لا يعد تاجراً من قام بمعاملة تجارية عرضاً. وعلى هذا، إذا قام طبيب أو مزارع من وقت إلى آخر بعمل تجاري معين - كما لو اشترى الطبيب بعض الأدوية لبيعها لمرضاه، أو كما لو اشترى المزارع بعض المحاصيل الزراعية لبيعها مع غلة أرضه - فإن الطبيب أو المزارع لا يكتسب صفة التاجر في هذه الأحوال لأنه لم يحترف القيام بالعمل التجاري ولم يكن مصدراً لكسب العيش عنده. وبالرغم من ذلك فإن صفة المزارع أو الطبيب لا تحول دون اكتساب صفة التاجر إذا احترف إلى جانب الزراعة أو مهنة الطب القيام بعمل تجاري؛ أي لا يشترط أن يتضمن العمل التجاري كل معاملات الشخص بحيث لا يمارس نشاطاً آخر غير التجارة، فيجوز أن تكون للشخص حرفة تجارية وأخرى مدنية مما يستدعي بالتالي إضفاء آثار صفة التاجر عليه مادام شرط الاحتراف متوافراً.

على أن هنالك حالة عدَّ المشرع فيها الشخص تاجراً ولو لم يحترف التجارة بالفعل، فقد نصت المادة (11 ق.ت) على أن «كل من أعلن في الصحف والنشرات أو أية واسطة أخرى عن المحل الذي أسسه وفتحه للاشتغال بالمعاملات التجارية يعد تاجراً وإن لم يتخذ التجارة حرفة مألوفة له». وقد عد المشرع هؤلاء الأشخاص تجاراً لتعاملهم مع الآخرين على هذا الأساس، وقد اقتضت حماية الثقة واستقرار المعاملات بين الناس افتراض صفة التاجر فيهم.

إن الحكم بوجود الاحتراف أو عدمه قضية وقائع تخضع لتقدير قاضي الموضوع، ومتى فصلت محكمة الموضوع في مسألة توافر الاحتراف  أو عدمه؛ يتوجب عليها أن تبني على ذلك النتيجة القانونية، وهي اكتساب صفة التاجر أو عدم اكتسابها، وهنا يخضع تكييفها هذا لرقابة محكمة النقض. وبما أن الأصل أن الشخص لا يعمل بالتجارة إلى أن يقوم الدليل على عكس ذلك؛ فإنه يتعين على من يدعي لشخص ما صفة التاجر أن يثبت أنه يحترف العمل التجاري بجميع وسائل الإثبات المنصوص عنها في القانون.

ب- الارتزاق من العمل التجاري:

لا يكفي الاحتراف وحده لاكتساب صفة التاجر بل يجب أن يكون القيام بالأعمال التجارية وسيلة للعيش والرزق. لهذا لا يعد الاعتياد على ممارسة بعض الأعمال التجارية التي لا تكسب في ذاتها الرزق احترافاً بالمعنى الذي اشترطه القانون؛ ولا تكسب بالتالي من يمارسها صفة التاجر. لذلك إذا اعتاد صاحب العقار أن يسحب شيكات على مستأجريه بقيمة الأجرة، وأن يسدد ديونه عن طريق الشيكات أو يحرر على نفسه سندات لأمر كلما اشترى شيئاً لاستهلاكه؛ فإنه لا يكتسب صفة التاجر لأنه لا يكتسب رزقه من تحرير الأسناد التجارية أو قبولها.

3- الأهلية التجارية:

لا يكفي أن يقوم الشخص بالأعمال التجارية ويتخذها حرفة له ومورداً لرزقه ليصبح تاجراً، بل يجب فوق ذلك أن يكون أهلاً للقيام بأعمال التجارة. وقد أشار قانون التجارة في المادة (15) منه إلى أن الأهلية التجارية تخضع لأحكام الأهلية المدنية. وبما أن الأهلية المدنية تتأثر بالسن من جهة وما يسمى بعوارض الأهلية من جهة ثانية؛ فإنه يمكن تصنيف حالة الأشخاص في زمر ثلاث: كاملو الأهلية، ناقصو الأهلية، وفاقدو الأهلية.

أ- الشخص كامل الأهلية:

حدَّد المشرع سن الرشد بثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، وعد كل شخص أتم هذه السن متمتعاً بقواه العقلية وغير محجور عليه لجنون أو سفه أوعته أو غفلة؛ كاملَ الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية (المادة 46 من القانون المدني). وما سبق يطبق على الأهلية الخاصة بممارسة الأعمال التجارية.

ب- الشخص ناقص الأهلية:

ناقص الأهلية هو كل شخص بلغ السابعة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة، أو بلغ الثامنة عشرة من عمره وكان سفيهاً أو مغفلاً.

ومن بلغ السابعة من العمر يطلق عليه «الصغير المميز». وتصرفات الصغير المميز تكون صحيحة إذا كانت نافعة له نفعاً محضاً؛ وباطلة إذا كانت ضارة له ضرراً محضاً. أما التصرفات التي تدور بين النفع والضرر، فتكون قابلة للإبطال لمصلحة ذلك القاصر، ويزول حق التمسك بالإبطال إذا أجاز القاصر التصرف بعد بلوغه سن الرشد، أو إذا صدرت الإجازة من وليه أو من القضاء بحسب الأحوال (المادة 112 من القانون المدني).

ويجوز للصغير المميز الذي بلغ الخامسة عشرة من العمر مزاولة التجارة إذا أذن له القاضي بذلك ( المادة 113 من القانون المدني).

وبخصوص السفيه والمغفل فقد ميز القانون المدني في المادة (116) بين حالتين:

1- إذا صدر التصرف من ذي الغفلة أو السفيه بعد شهر القرار القضائي بالحجر عليه؛ أخذ هذا التصرف حكم تصرفات الصغير المميز.

2- أما التصرف الصادر قبل شهر القرار القضائي بالحجر عليه فلا يكون باطلاً أو قابلاً للإبطال إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ. 

ج- الشخص فاقد الأهلية:

فاقدو الأهلية هم الصغار غير المميزين الذين لم يبلغوا السابعة من عمرهم والمجانين والمعتوهون. فبالنسبة إلى الصغير غير المميز ليس له حق التصرف بأمواله وتكون جميع تصرفاته باطلة (المادة 111 من القانون المدني).

أما بالنسبة إلى المجانين والمعتوهين فقد فرق القانون (المادة 115 من القانون المدني) بين حالتين:

1- إذا صدر التصرف من المعتوه أو المجنون بعد شهر القرار القضائي بالحجر عليه فإن ذلك التصرف يعدّ باطلاً.

2- أما إذا صدر التصرف قبل شهر القرار القضائي بالحجر عليه فإنه لا يكون باطلاً إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد، أو كان الطرف الآخر على بيِّنة منها.

ولابد من الإشارة أن المشرع السوري قد أعطى المرأة المتزوجة ما للرجل من حق التصرف في أموالها والاشتغال بالتجارة؛ خلافاً لبعض التشريعات الأجنبية التي تقضي بعدم أهلية الزوجة للتصرف في أموالها الخاصة، ولا تجيز للمرأة المتزوجة القيام بالأعمال التجارية إلا بعد الحصول على إذن من زوجها.

ثانياً: الأشخاص الاعتبارية ووصف التاجر

1- الدولة وأشخاص القانون العام:

ورد في المادة (13) من قانون التجارة رقم (33) أنه: «لا تعدّ الدولة ودوائرها ولا الوحدات الإدارية واللجان والنوادي والجمعيات ذات الشخصية الاعتبارية؛ من التجار وإن قامت بمعاملات تجارية، إلاّ أن معاملاتها المذكورة تكون خاضعة لأحكام قانون التجارة». وهكذا لا يمكن للدولة ولا المؤسسات التابعة لها اكتساب صفة التاجر، ذلك أن الدولة ومؤسساتها عندما تمارس العمل التجاري لا تسعى إلى الربح؛ وإنما إلى تحقيق المصلحة العامة ومصلحة المجتمع. وإذا قامت الدولة أو أحد أشخاص القانون العام بالعمل التجاري فإن أعمالها تعد تجارية وتخضع لقانون التجارة، ولكن مع ذلك فإن الدولة لا تلزم بالواجبات التي تفرض على التاجر، ولا يطبق عليها نظام الإفلاس فالدولة لا تفلس.

أما فيما يتعلق باللجان والنوادي والجمعيات ذات الشخصية الاعتبارية فإنها وإن قامت بأعمال تجارية؛ فإن نشاطها يكون لخدمة أعضائها أو لأغراض خيرية ولا يهدف إلى الربح، وعليه فإنها لا تكتسب صفة التاجر بالرغم من أن أعمالها تجارية وتخضع لأحكام قانون التجارة.

2- الشركات التجارية بموضوعها:

من استقراء الفقرة (ب) من (1) من المادة التاسعة من قانون التجارة يظهر أن الشركات التي يكون موضوعها تجارياً تعد في عداد التجار، وعندما تطلب المشرع أن يكون موضوع الشركة تجارياً قصد بذلك أن يكون الغرض من إنشاء الشركة وغايتها عملاً من الأعمال ذات الوصف التجاري.

وغرض الشركة وموضوعها يتبدى جلياً عند تأسيسها، حيث نصت الفقرة الخامسة من المادة الثامنة من قانون الشركات رقم (3) تاريخ 13/3/2008 على أنه يجب أن تتضمن شهادة تسجيل الشركة الصادرة عن أمين السجل غاية الشركة وموضوعها.

ويتبدى قصد المشرع من موضوع الشركة أيضاً عندما نص في الفقرة (ج) من الفقرة الثانية من المادة (32) من قانون الشركات رقم (3) على أنه يشترط أن يتضمن طلب تأسيس شركة التضامن موضوع الشركة، وهذا منحى المشرع في الأنواع الأخرى من الشركات. وفي هذه الحالة تكتسب الشركة عند اكتمال تأسيسها صفة التاجر، وبالتالي عليها الالتزام بالالتزامات التي يلتزم بها التاجر وتخضع لأحكام قانون التجارة كأحكام الصلح الواقي والإفلاس، وكذلك لأحكام قانون الشركات.

وإذا كانت غاية الشركة  أو موضوعها أو الغرض من إنشائها القيام بالأعمال المدنية - كأعمال الزراعة مثلاً - ففي هذه الحالة تعد شركة مدنية ولا تلتزم بما يلتزم به التجار. وفي هذا الإطار نصت الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون التجارة على استثناء يتعلق بالشركات التجارية بشكلها وبغض النظر عن الموضوع أو الغرض الذي تقوم به، وهي الشركات التي يكون موضوعها مدنياً ولكنها اتخذت صفة الشركات المساهمة أو الشركات محدودة المسؤولية، فتخضع لجميع التزامات التجار ولأحكام الصلح الواقي والإفلاس المقررة في قانون التجارة. فهذه الشركات تعد تجارية حتى لو قامت بعمل ذي طبيعة مدنية، فلو قامت شركة مساهمة مثلاً باستثمار الأراضي الزراعية أو استصلاحها - وهو عمل مدني - فإنها تبقى شركة تجارية؛ لأن المشرع عدها شركة تجارية بشكلها بغض النظر عن موضوعها أو الغرض الذي أسست من أجله.

 

مراجع للاستزادة:

 

- إلياس حداد ومحمد سامر عاشور، القانون التجاري، بري، بحري، جوي (منشورات جامعة دمشق، 2006-2007).

- جاك الحكيم، الحقوق التجارية، الأعمال التجارية والتاجر والمتجر، الجزء الأول (منشورات جامعة دمشق، 2006- 2007).

- مصطفى كمال طه، القانون التجاري (الدار الجامعية، المكتبة القانونية، بدون تاريخ).

- محمد فاروق أبو الشامات و جمال مكناس، الحقوق التجارية، الأعمال التجارية والتاجر والمتجر، منشورات جامعة دمشق، 2008.

- محمد فريد العريني، محمد السيد الفقي، القانون التجاري (الأعمال التجارية، التجار، الشركات التجارية) (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2003).

- محمد السيد الفقي، مبادئ القانون التجاري (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2002).

- قانون التجارة رقم (33) لعام 2007.

- قانون الشركات رقم (3) لعام 2008.


التصنيف : القانون التجاري
النوع : القانون التجاري
المجلد: المجلد الثاني: بطاقة الائتمان ــ الجرائم الواقعة على السلطة العامة
رقم الصفحة ضمن المجلد : 58
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1052
الكل : 58481660
اليوم : 54174