logo

logo

logo

logo

logo

جرائم الحض على الفجور

جرايم حض علي فجور

crimes of incitement to debauchery - crimes d'incitation à la débauche

 جرائم الحض على الفجور

جرائم الحض على الفجور

صفاء أوتاني

 الحض على الفجور

الدعارة

 

إن في حياة الإنسان دائرة من المحرمات تشمل أنواع السلوك اللااجتماعي التي يستنكرها المجتمع، ومن هذه الأفعال ما يهدد النظام الاجتماعي إما لجسامة الضرر الذي يلحق بالمجتمع نتيجة ممارستها، أو لأن ممارستها تشجع على ارتكاب أفعال أكثر خطورة. وهذا النوع يعبر عنه بالرذيلة، ومن أظهر الأمثلة عليها الحض على الفجور والدعارة.

وقد وردت جرائم الحض على الفجور في الفصل الثاني (الذي يحمل عنوان «في الحض على الفجور والتعرض للأخلاق والآداب العامة») من الباب السابع المخصص للجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة، وذلك في المواد /509-516/ من قانون العقوبات. كما نص على تجريمها قانون مكافحة الدعارة وتعديلاته (القانون رقم 10 تاريخ 8/3/1961).

أولاً- الحض على الفجور:

عرفت محكمة النقض المصرية الفجور في معرض تعريفها للبغاء فقالت: «البغاء كما هو معرف به في القانون هو مباشرة الفحشاء بين الناس بغير تمييز، فإن ارتكبه الرجل فهو فجور، وإن قارفته أنثى فهو دعارة» (نقض مصري 29 حزيران 1978، مجموعة أحكام محكمة النقض س 6 رقم 30 ص 85). بالتالي فإن بغاء الذكور هو «الفجور» أما بغاء الإناث فهو «الدعارة».

وقد حدد المشرع صوراً للحض على الفجور في المواد (509-512) من قانون العقوبات:

1- تسهيل ارتكاب الفجور أو المساعدة على إتيانه:

نصت المادة (509) في فقرتها الأولى على أن: «من اعتاد حض شخص أو أكثر، ذكراً كان أو أنثى، لم يتم الحادية والعشرين من عمره، على الفجور أو الفساد أو على تسهيلهما له أو مساعدته على إتيانهما عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من خمسة وسبعين إلى ستمئة ليرة».

أ - طبيعة الجريمة (ركن الاعتياد): هذه الجريمة جريمة اعتياد، ومن ثم لا يكفي لقيامها مجرد ارتكاب فعل واحد من أفعال التحريض، وإنما يتعين أن تتعدد الأفعال التي تصدر عن الفاعل، ذلك أن المشرع لا يعاقب على الحض على الفجور في ذاته، إذ إنه لا يجعل صاحبه خطراً على المجتمع إذا ارتكبه مرة واحدة، ولكن ارتكاب أفعال التحريض على سبيل الاعتياد يجعل مرتكبها خطراً على المجتمع وجديراً لذلك بالعقاب.

ويتأكد الاعتياد بالحض على الفجور بارتكاب هذا الفعل مرتين أو أكثر سواء لشخص واحد أو لأشخاص مختلفين. ويشترط قانون العقوبات لقيام هذه الجريمة أن تقع على من لم يتم الحادية والعشرين من العمر، سواء أكان المجني عليه ذكراً أم أنثى.

ب- الركن المادي: يتخذ الركن المادي في هذه الجريمة عدة صور يمكن حصرها فيما يأتي:

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; التحريض: ويقصد بالتحريض على الفجور دفع الشخص إلى ارتكاب الجريمة بالتأثير في إرادته وتوجيهها الوجهة التي يريدها المحرض، وهو يتمثل في أن يتجه نشاط المحرض  إلى نفسية من يوجه إليه التحريض لكي يؤثر فيه فيدفعه إلى ارتكاب فعل الفجور.

فنشاط المحرض في هذه الجريمة هو نشاط ذو طبيعة نفسية غايته إقناع من يوجه إليه التحريض بفكرته عن طريق إبراز دوافعها والإعزاء بالمنفعة المادية التي يمكن تحقيقيها من ممارسة هذا الفعل، والتقليل من شأن العقبات التي تعترض تنفيذها.

والتحريض في أغلب حالاته مجرد من أي مظاهر خارجية ملموسة لذلك لابد من الالتجاء إلى قرائن قانونية في إثباته. ويجوز الركون إلى وقائع لاحقة على الجريمة لاستخلاص الدليل عليه.

يمكن أن يتحقق الركن المادي في الحض على الفجور في ثلاث صور، إما التحريض بالقول مثال دفع الشباب إلى ارتكاب الفجور، سواء كان القول مجرداً أم مصحوباً بإغراء كهدية أم وعداً، وإما بالرسوم كبيع الصور والرسومات لتحقيق شهوات الغير أو شهواته الشخصية، وإما بالفعل عن طريق إرشاد الغير وتوجيهه إلى محل يدار للدعارة أو الفجور.

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; المساعدة والتسهيل: تعرف المساعدة بأنها تقديم العون - أياً كانت صورته - إلى شخص بقصد تمكينه من ممارسة الفجور. كما يعرف التسهيل بأنه تذليل العقبات أمام شخص بقصد تمكينه من ممارسة الفجور. فالتسهيل والمساعدة لفظان لمعنى واحد تقريباً، فهي كل عمل من الأعمال التي يقوم بها الجاني ويرمي من خلالها إلى أن ييسر لشخص الفجور أو الفساد، أو قيامه بالتدابير اللازمة لممارسة الجريمة، وتهيئة الفرصة له أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى هذا الشخص ليتمكن من ارتكاب الفجور أياً كانت الطريقة أو مقدار هذه المساعدة أو التسهيل.

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; الركن المعنوي: يتخذ الركن المعنوي في هذه الجريمة صورة القصد الجرمي العام، والقصد الجرمي العام يتمثل بالعلم والإرادة، وتطبيقاً لذلك لابد من أن يعلم الفاعل أنه يحرض على الفجور أو يسهله أو يساعد عليه، سواء وقع الفعل بعد ذلك أم لا، أما علمه أن القانون يجرم هذا الفعل فهو علم مفترض لأنه «لا جهل بالقانون». ولا بد كذلك من أن تتجه إرادته إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة.

ت - العقوبة المقررة لجريمة الحض على الفجور:

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; العقوبة البسيطة: قرر المشرع السوري للتحريض على الفجور أو تسهيله أو المساعدة عليه عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من خمسة وسبعين إلى ستمئة ليرة، وذلك في الفقرة الأولى من المادة (509) من قانون العقوبات، ولهذه الجريمة وصف الجنحة بالنظر للعقوبة المقررة لها.

إضافة إلى هذه العقوبة الأصلية فقد أعطى المشرع للمحكمة إمكانية فرض تدبير الإخراج من البلاد (إذا كان الفاعل أجنبياً)، ويمكنها كذلك أن تفرض عليه تدبير الحرية المراقبة، إضافة إلى فرض تدبير إقفال المحل (المادة 516 من قانون العقوبات).

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; العقوبة المشددة: بموجب أحكام المادة (515 من قانون العقوبات) فإنه تشدد وفقاً لنص المادة (247) عقوبة التحريض على الفجور أو تسهيله أو المساعدة عليه إذا كان المجرمون ممن وصفوا في المادة (49) من قانون العقوبات، أي إذا كان الجاني أحد أصول المجني عليه (شرعياً كان أو غير شرعي)، أو أحد أصهاره لجهة الأصول، أو كان شخصاً يمارس عليه سلطة شرعية أو فعلية، أو أحد خدم هؤلاء الأشخاص، في هذه الحالات تزداد العقوبة من الثلث إلى النصف وتضاعف الغرامة.

2- إغواء العامة على ارتكاب الفجور:

نصت المادة (512) من قانون العقوبات على أن: «من اعتاد أن يسهل بقصد الكسب إغواء العامة على ارتكاب الفجور مع الغير ومن استعمل إحدى الوسائل المشار إليها في الفقرتين الـ 2 و3 من المادة 208 لاستجلاب الناس إلى الفجور يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من ثلاثين إلى ثلاثمئة ليرة».

أ- طبيعة الجريمة (ركن الاعتياد): هذا الركن أهم أركان هذه الجريمة فالقانون لا يعاقب على مجرد إغواء العامة على ارتكاب الفجور أو الغير، فالعقاب ينصب على حالة أو ظرف قائم بالشخص وليس على مجرد واقعة مادية.

ب- الركن المادي: يتخذ الركن المادي في هذه الجريمة صورتين هما:

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; الإغواء: ويقصد به ترغيب شخص في فعل شيء وتهيئته لتقبل هذا العمل، ويتحقق عادة بتصوير الفعل للمجني عليه بصورة غير حقيقية، وذلك يجعله في صورة الفعل الجميل المشروع مما يدفعه لارتكابه، أو بإغرائه بما يمكن أن يحققه من كسب مادي. 

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; الاستجلاب العلني لارتكاب الفجور: يقصد بالاستجلاب دعوة العامة لارتكاب الفجور، وقد اشترطت المادة (512) من قانون العقوبات بأن تتم الدعاية بإحدى الوسائل المنصوص عليها في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (208) وهذه الوسائل هي:

الكلام أو الصراخ سواء جهر بهما أم نقلا بالوسائل الآلية بحيث يسمعهما في كلا الحالين من لا دخل له بالفعل، والكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والأفلام والشارات والتصاوير على اختلافها إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على شخص أو أكثر.

وهذه الوسائل يجب أن تحقق علانية الدعوة إلى الفجور، أي يجب أن تؤدي إلى نشرها وإذاعة خبرها بين مجموع غير معين من الناس لا تربطه بالجاني صلة مباشرة تفرض عليهم واجب الاحتفاظ بما يدور أو يقال بينهم. ولكن لا يشترط لتحقق العلانية السماع الحقيقي أو المشاهدة الحقيقية لأفعال الجاني، وإنما يكفي أن تكون تلك المشاهدة أو السماع ممكناً أو محتملاً.

ت - الركن المعنوي: جريمة إغواء العامة على ارتكاب الفجور جريمة مقصودة، والقصد فيها ليس من قبيل القصد العام الذي يكتفى فيه بإرادة النشاط مع العلم بجميع العناصر الأخرى التي يتكون منها الركن المادي، وإنما يلزم فوق ذلك أن يتوافر القصد الخاص، ويتمثل في أن يكون الإغواء قد تم بقصد الكسب.

ث - العقوبة المقررة:

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; العقوبة البسيطة: قرر المشرع السوري لجريمة إغواء العامة على ارتكاب الفجور عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من ثلاثين إلى ثلاثمئة ليرة، وذلك في المادة (512) من قانون العقوبات، ولهذه الجريمة وصف الجنحة بالنظر إلى العقوبة المقررة لها. كما يمكن أن يقضى على الفاعل بالإخراج من البلاد (إذا كان أجنبياً)، ويمكن أن يفرض عليه تدبير الحرية المراقبة، إضافة إلى فرض تدبير إقفال المحل، وذلك بموجب أحكام المادة (516) من قانون العقوبات.

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; العقوبة المشددة: إذا كان الجاني أحد أصول المجني عليه (شرعياً كان أو غير شرعي)، أو أحد أصهاره لجهة الأصول، أو كان شخصاً يمارس عليه سلطة شرعية أو فعلية، أو أحد خدم هؤلاء الأشخاص، في هذه الحالات تزداد العقوبة من الثلث إلى النصف وتضاعف الغرامة، وذلك بموجب أحكام المادة (515) من قانون العقوبات. ويعاقب بالعقوبة نفسها إذا كان الجاني موظفاً أو رجل دين أو كان مدير مكتب استخدام أو عاملاً فيه، وارتكب الفعل مسيئاً استعمال السلطة أو التسهيلات التي يمكن أن يستمدها من وظيفته.

3- إغواء فتاة أو امرأة إرضاء لأهواء الغير:

نصت المادة (510) من قانون العقوبات على هذه الجريمة بقولها: «يعاقب بالحبس ثلاث سنوات على الأقل وبغرامة لا تنقص عن ثلاثمئة ليرة من أقدم إرضاء لأهواء الغير على إغواء أو اجتذاب أو إبعاد امرأة أو فتاة لم تتم الحادية والعشرين من عمرها ولو برضاها، أو امرأة أو فتاة تجاوزت الحادية والعشرين من العمر باستعمال الخداع أو العنف أو التهديد أو صرف النفوذ أو غير ذلك من وسائل الإكراه».

أ- الركن المادي: الإغواء و الاجتذاب لفظان لمعنى واحد تقريباً، يقصد بهما تزيين ارتكاب الفساد، والحمل على ارتكابه كما لو أوهم الفاعلُ المجني عليها أن هذا العمل سيؤدي إلى ارتفاع مستوى معيشتها.

وقد ميز المشرع السوري بالنسبة إلى النشاط الجرمي ووسائله حسب عمر المجني عليها، فإذا لم تتم المرأة أو الفتاة الحادية والعشرين من عمرها تقع جريمة الإغواء أو الإبعاد ولو كان الفعل برضاها، أما إذا تجاوزت المرأة أو الفتاة الحادية والعشرين من العمر فلا تقع الجريمة إلا إذا استخدم الجاني الخداع أو العنف أو التهديد أو صرف النفوذ أو غير ذلك من وسائل الإكراه.

ويقصد بالخداع: الطرق الاحتيالية ووسائل الغش التي تقع على المجني عليه، وتؤدي إلى الانسياق إلى ما يطلبه الجاني منه. ويجب أن تكون هذه الطرق والوسائل من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي رمى إليها الجاني، أما المظاهر الساذجة فلا يعتد بها.

ويقصد بالقوة: كل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص ويكون من شأنها تعطيل قوة المقاومة أو إعدامها.

وأما التهديد فيقصد به الإكراه المعنوي، ومعناه التلويح للمجني عليه بارتكاب فعل من الأفعال في حالة مخالفته للأوامر الصادرة من الجاني. ويجب أن يكون التهديد صادراً من الجاني للمجني عليه مباشرة. أما صرف النفوذ فيقصد به استعمال أصحاب السلطة لنفوذهم على غيرهم.

ب- الركن المعنوي: جريمة إغواء فتاة أو امرأة إرضاء لأهواء الغير جريمة مقصودة، وبالتالي يشترط لقيامها إضافة إلى الركن المادي توافر القصد الجرمي بعنصريه العلم والإرادة، فيجب أن تتجه إرادة الجاني صوب ارتكاب الفعل المكون للركن المادي، مع انصراف علمه إلى عناصر الجريمة، كما يلزم فوق ذلك أن يتوافر القصد الخاص، ويتمثل في أن يكون إغواء الفتاة أو المرأة قد تم بقصد إرضاء شهوات الغير.

ت- العقوبة المقررة:

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; العقوبة البسيطة: قرر المشرع السوري لجريمة إغواء فتاة أو امرأة إرضاء لأهواء الغير عقوبة الحبس ثلاث سنوات على الأقل وبغرامة لا تنقص عن ثلاثمئة ليرة، وذلك في المادة (510) من قانون العقوبات.

كما يمكن أن يقضى على الفاعل بالإخراج من البلاد (إذا كان أجنبياً)، ويمكن أن يفرض عليه تدبير الحرية المراقبة، إضافة إلى فرض تدبير إقفال المحل وذلك بموجب أحكام المادة (516) من قانون العقوبات.

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; العقوبة المشددة: شدد المشرع عقوبة هذه الجريمة وذلك بموجب أحكام المادة (515) من قانون العقوبات إذا كان الجاني أحد أصول المجني عليها (شرعياً كان أو غير شرعي)، أو أحد أصهارها لجهة الأصول، أو كان شخصاً يمارس عليها سلطة شرعية أو فعلية، أو أحد خدم هؤلاء الأشخاص، في هذه الحالات تزداد العقوبة من الثلث إلى النصف وتضاعف الغرامة.

ثانياً- الدعارة:

يقصد بالدعارة بغاء الإناث، وقد عرف الفقه الجزائي الدعارة بأنها: مباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز.

وقد جرّم المشرع السوري صور الدعارة وذلك في الفقرة الثانية من المادة (509) والمادة (513) من قانون العقوبات:

1- تعاطي الدعارة السرية:

نصت الفقرة الثانية من المادة (509) على جرم تعاطي الدعارة بقولها: «ويعاقب العقاب نفسه من تعاطى الدعارة السرية أو سهلها».

أ- الركن المادي: تقوم هذه الجريمة على تعاطي الدعارة، ويقصد بالتعاطي ممارسة الدعارة، ويتكون الركن المادي من سلوك مادي يتمثل في مباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز، وأن يكون ذلك على وجه الاعتياد، ولا يستلزم لتوافرها أن تكون الممارسة مقابل أجر، وإن كان الحصول على مقابل مادي قد يقوم قرينة على عدم التمييز بين الناس في قبول ارتكاب الفاحشة معهم. ويشترط أن يكون إشباع شهوات الجانية أو شهوات الغير بطريق مباشرة، وذلك بأن يكون هناك اتصال بين الطرفين على أي نحو.

ب- الركن المعنوي: جريمة تعاطي الدعارة جريمة مقصودة، فيتطلب قيام القصد الجرمي فيها توافر عنصري العلم والإرادة, فالعلم شرط للإرادة ومرحلة في تكوينها, ويجب أن ينصب علم الجانية على جميع أركان الجريمة، ولا يكفي العلم وحده لقيام القصد الجرمي في جريمة تعاطي الدعارة بل لابدَّ من توافر الإرادة، ويترتب على انتفاء أحد عنصري العلم والإرادة انتفاء القصد الجرمي، وبالتالي انتفاء الركن المعنوي المتطلب في هذه الجريمة.

ت- العقوبة المقررة: في حال توافرت أركان هذه الجريمة تفرض بحق الجانية عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات والغرامة من خمسة وسبعين إلى ستمئة ليرة، وذلك كونه عطف على الفقرة الأولى من المادة (509) من قانون العقوبات، ولهذه الجريمة وصف الجنحة بالنظر إلى العقوبة المقررة لها.

كما يمكن أن يحكم على المرأة بالإخراج من البلاد (إذا كانت أجنبية)، ويمكن أن يفرض عليها تدبير الحرية المراقبة، إضافة إلى فرض تدبير إقفال المحل.

2- تسهيل الدعارة السرية:

نصت الفقرة الثانية من المادة (509) من قانون العقوبات على جرم تسهيل الدعارة بقولها: «ويعاقب العقاب نفسه من تعاطى الدعارة السرية أو سهلها».

أ- الركن المادي: تقوم هذه الجريمة على تسهيل الدعارة، ويقصد بالتسهيل معاونة أنثى على ممارسة الدعارة بتذليل العقبات أمامها بقصد تمكينها من ممارسة الدعارة.

وتختلف صور التسهيل باختلاف ظروف كل جريمة؛ إذ لم ينص المشرع على وقوع الجريمة بطريقة معينة، ومن قبيل التسهيل أن يقوم الفاعل التوسط بين الرجال والبغايا عن طريق استعمال الهاتف، وترتيب المقابلات بين الطرفين بهذه الطريقة بقصد الدعارة.

ب- الركن المعنوي: تُعدّ هذه الجريمة من الجرائم المقصودة التي يتطلب قيامها توافر القصد الجرمي لدى الفاعل بعنصريه العلم والإرادة، فالفاعل يجب أن يعلم أن ما يقوم به يعد تسهيلاً للدعارة، وأن تتجه إرادته إلى ذلك، وإلا فلا تقوم الجريمة في حقه لانتفاء الركن المعنوي. كما يشترط لقيام هذه الجريمة توافر قصد جرمي خاص، هو أن يكون تسهيل الدعارة قد تم بقصد إرضاء شهوات الغير.

ت- العقوبة المقررة:

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; العقوبة البسيطة: في حال توافر أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة (509/2) فإن العقوبة التي يستحقها الفاعل هي الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات والغرامة من خمسة وسبعين إلى ستمئة ليرة، وذلك كون المشرع قد عطف بالعقوبة على الفقرة الأولى من المادة (509) من قانون العقوبات. وقد قرر المشرع عقوبتي الحبس والغرامة على سبيل الوجوب ولم يخول القاضي سلطة الاقتصار على إحداهما.

كما يمكن أن يحكم على الفاعل بالإخراج من البلاد (إذا كان أجنبياً)، ويمكن أن يفرض عليه تدبير الحرية المراقبة، إضافة إلى فرض تدبير إقفال المحل وذلك حسب نص المادة (516) من قانون العقوبات.

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; العقوبة المشددة: إن المشرع السوري قد شدد عقوبة جريمة تسهيل الدعارة إذا كان الجاني أحد أصول المجني عليها (شرعياً كان أو غير شرعي)، أو أحد أصهارها لجهة الأصول، أو كان شخصاً يمارس عليها سلطة شرعية أو فعلية، أو أحد خدم هؤلاء الأشخاص، في هذه الحالات تزداد العقوبة من الثلث إلى النصف وتضاعف الغرامة (المواد 515 و247 و492 من قانون العقوبات).

3- اتخاذ الدعارة مهنة لكسب العيش:

نصت المادة (513) من قانون العقوبات على هذه الجريمة بقولها: «كل امرىء لا يتعاطى مهنة بالفعل فاعتمد في كسب معيشته أو بعضها على دعارة الغير عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة مائة ليرة».

وعلة التجريم في هذه الجريمة تحريم الاستفادة من الكسب غير المشروع الناجم عن أعمال الدعارة.

أ- الركن المادي: تقوم هذه الجريمة بالتعويل في معيشة الفاعل كلها أو بعضها على ما يكسبه غيره من الدعارة. والمقصود بذلك استغلال الدعارة أي الحصول على غلتها، أي الحصول على المال الذي يدفع أجراً للدعارة، ولا يشترط أن يحصل الفاعل على  الأموال كافة التي يكتسبها غيره من ممارسة الدعارة، ولكن يكفي أن يحصل على بعضها فقط. ويستوي أن يكون الفاعل ذكراً أو أنثى شريطة ألا يتعاطى مهنة بالفعل ويعول في معيشته على ما يكسبه غيره من الدعارة.

ويلاحظ أن المشرع لم يشترط في هذه الجريمة أن يكون الاعتماد على سبيل الاعتياد، لذلك فإنه يكفي وقوع هذا الفعل مرة واحدة للعقاب عليه.

ولا يهم أن يكون الفاعل قد استخدم التهديد في حصوله على المال أو لم يستخدمه، كما لا يهم أن تكون الأموال التي يدفعها الغير لمستغل الدعارة عن رضاء، فالجريمة تقع حتى لو كان الغير يدفع الأموال رغماً عنه.

ب- الركن المعنوي: إن جريمة اتخاذ الدعارة مهنة لكسب العيش جريمة مقصودة، لابد فيها من علم الفاعل بمختلف عناصرها، فيجب أن يدرك الفاعل عناصر الجريمة، وأن ما يصدر عنه من فعل هو اتخاذ للدعارة مهنة لكسب العيش، وأن تتجه إرادته إلى ذلك الفعل وآثاره. ولابد إضافة إلى ذلك من توافر قصد جرمي خاص يتمثل في نية الفاعل المشاركة في الأموال الناتجة عن ممارسة الدعارة واتخاذها وسيلة للعيش.

ت- العقوبة المقررة:

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; العقوبة البسيطة: إن الجريمة المنصوص عليها في المادة (513) من قانون العقوبات جنحية الوصف، وقد وضع المشرع حداً أدنى لعقوبتها الحبس ستة أشهر، أما حدها الأقصى فهو الحبس سنتين وذلك إضافة إلى عقوبة الغرامة مئة ليرة.

كما يمكن أن يحكم على الفاعل بالإخراج من البلاد (إذا كان أجنبياً)، ويمكن أن يفرض عليه تدبير الحرية المراقبة، إضافة إلى فرض تدبير إقفال المحل وذلك وفقاً لما قررته المادة (516) من قانون العقوبات.

&https://mail.arab-ency.com.sy/law/details/25822/2#159; العقوبة المشددة: لقد شدد المشرع العقوبات الأصلية المنصوص عليها في المادة (513) من قانون العقوبات وذلك بموجب أحكام المادة (515) إذا كان المجرم أحد الأشخاص الذين عددتهم المادة (492) من قانون العقوبات. أي إذا كان الجاني أحد أصول المجني عليها (شرعياً كان أو غير شرعي)، أو أحد أصهارها لجهة الأصول، أو كان شخصاً يمارس عليها سلطة شرعية أو فعلية، أو أحد خدم هؤلاء الأشخاص، في هذه الحالات تزداد العقوبة من الثلث إلى النصف وتضاعف الغرامة.

مراجع للاستزادة:

 

- علي عبد القادر القهوجي، قانون العقوبات - القسم الخاص (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2002).

- عبد الحميد الشواربي، جريمة الزنا وجرائم الاغتصاب - هتك العرض - الفعل الفاضح - الدعارة (منشأة المعارف، الإسكندرية 1998).

- مجدي محب حافظ، الجرائم المخلة بالآداب العامة في ضوء الفقه وأحكام النقض (دار الفكر الجامعي، الإسكندرية 1994).

 


التصنيف : القانون الجزائي
النوع : القانون الجزائي
المجلد: المجلد الثاني: بطاقة الائتمان ــ الجرائم الواقعة على السلطة العامة
رقم الصفحة ضمن المجلد : 360
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1048
الكل : 58491652
اليوم : 64166