logo

logo

logo

logo

logo

بطلان القرارات الإدارية

بطلان قرارات اداريه

nullity of administrative decisions - nullité des décisions administratives

 بطلان القرارات الإدارية

بطلان القرارات الإدارية

مهند نوح

انعدام القرارات الإدارية

بطلان القرار الإداري

نتائج التفرقة بين القرار الباطل والقرار المعدوم

موقف القضاء الإداري السوري من بطلان القرارات الإدارية وانعدامها

 

يمكن أن يكون القرار الإداري مشوباً إما بالانعدام وإما بالبطلان المطلق، ومن ثم فلا مكان للبطلان النسبي في إطار القرارات الإدارية، وذلك لسبب بسيط وجوهري ومنطقي هو أن الخلل الذي يصيب القرار الإداري ويؤدي به إلى البطلان لا يقبل الإجازة، بحكم تعلق القرارات الإدارية بالنظام العام، وبتطبيق قوانين هي جميعها من النظام العام، ومن ثم لا يجوز أن يصحح البطلان فيها بإرادات ذات طبيعة فردية:

أولاً ـ انعدام القرارات الإدارية:

 من المستقر عليه أن القرار يكون مشوباً بالانعدام إذا اكتنفته إحدى العيوب التالية:

1ـ عيب عدم الاختصاص الجسيم (غصب السلطة): ويكون القرار مشوباً بعيب عدم الاختصاص الجسيم في الحالتين التاليتين:

أ ـ إذا صدر ممن ليس له علاقة بالإدارة: إذ يتخذ القرار في هذه الحالة من قبل شخص لا يتمتع بأي صفة إدارية تخوله اتخاذ تصرفات تتصل بالوظيفة الإدارية، وفي مثل هذه الحالة يوجد انتفاء كامل لتقلد الوظيفة، أو أن يصدر قرار من قبل شخص لم تكتمل بعد إجراءات تعيينه، أو أن يصدر القرار من قبل فرد أبطل تعيينه، أو أن يصدر من فرد انتهى سند تقلده للوظيفة.

ب ـ إذا صدر القرار من قبل سلطة إدارية بالتجاوز على اختصاص إحدى السلطتين التشريعية والقضائية، وقد استقر القضاء والفقه الإداريان على الانعدام في هذه الحالة، وذلك بسبب خرق مبدأ الفصل بين السلطات، كما هو الحال عندما تضع السلطة التنفيذية قواعد عامة مجردة ضمن المجال المخصص للسلطة التشريعية حصراً، ويتحقق ذلك، عملاً وخصوصاً، عندما تتولى السلطة التنفيذية إصدار لوائح تنفيذية، وتتجاوز فيها على ما قرره القانون الذي صدرت لتنفيذه. أو عندما تفرض السلطة الإدارية جزاءات لا يجوز فرضها قانوناً إلا بصدور حكم قضائي، كأن يصدر قرار إداري بفرض إحدى العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات.

2ـ إذا كان محل القرار مستحيلاً: وهذه الحالة للانعدام تعني أن يكون محل القرار أثراً غير قابل للتحقق، كأن يصدر قرار بتعيين شخص ميت في الوظيفة، أو كأن يصدر قرار بإيفاد موظف إلى كوكب الشمس، أو كأن يصدر قرار بتثبيت موظف قد تجاوز السن القانونية الممكِّنة للخدمة الوظيفية.

3ـ إذا اتخذ القرار بناء على غش أو تدليس: ويتعلق الانعدام في هذه الحالة بركن السبب في القرار، إذ يفترض عندئذ أن المستفيد من القرار قد مارس الغش والتدليس في سبيل دفع الإدارة إلى إصدار القرار، وبناء على ذلك، يبنى القرار على سبب غير صادق في الواقع، وسبب عدم الصدق في هذه الحالة، هو الأفعال التي مارسها من صدر القرار لمصلحته، ومن الواضح أن هذه الحالة لا تتحقق إلا في حالة القرارات الموقوفة على طلب المواطن غالباً.

ثانياً ـ بطلان القرار الإداري:

ويكون القرار باطلاً، إذا كان مشوباً بعيب عدم الاختصاص العادي (غير الجسيم) وذلك عندما يحدث تجاوز على خريطة الاختصاص كما رسمها القانون، من الناحية الموضوعية، أو الزمانية أو المكانية، وكذلك عندما يكون القرار مخالفاً للقانون في محله، وإن رأى جانب من الفقه أنه عندما يكون القرار متجاوزاً على القاعدة القانونية العليا في الدولة متمثلة في نصوص الدستور فإنه يكون عندئذ مشوباً بالانعدام لا بالبطلان، وكذلك يكون القرار باطلاً إذا كان مفتقداً لسببه، أو يوجد فيه انحراف بالسلطة (عندما ينحرف رجل الإدارة عن هدف المصلحة العامة إلى هدف آخر ذي طبيعة ذاتية) أو يوجد فيه مخالفة للإجراءات والأشكال التي فرضها المشرع. علماً أن هذه الأخيرة لا تسبب بطلان القرار إلا إذا كانت جوهرية، ومن ثم فإن الأشكال والإجراءات الثانوية ليس من شأنها بطلان القرار.

ثالثاً ـ نتائج التفرقة بين القرار الباطل والقرار المعدوم:

في الحقيقة إن القرار إذا كان معدوماً، فيعد بحكم غير الموجود، وغير القابل للوجود أصلاً، أما إذا كان باطلاً فإنه يكون قابلاً للوجود، وذلك بتحصنه من الطعن القضائي والمراجعة الإدارية، بعد مرور الميعاد المحدد لذلك قانوناً (بعد مرور ستين يوماً من تاريخ نفاذه)، ولا يمكن القول إن البطلان في هذه الحالة يكون نسبياً، على أساس قياس الحصانة المانعة من الطعن القضائي أو المراجعة الإدارية على البطلان النسبي الذي يقبل الإجازة، وذلك لأن القرار ما لم تمسه الحصانة الزمانية يظل باطلاً، إذا ما أثير بطلانه، إدارياً، أو قضائياً.

وكذلك الحال، فإن الفرد يمكن أن يحتج بعدم تنفيذ القرار المعدوم، في حين لا يستطيع الاحتجاج بعدم تنفيذ القرار الباطل، إلا إذا استصدر قراراً من القضاء يقضي بوقف تنفيذه، أو بإلغائه.

وكذلك فإن الجهة القضائية المختصة بإعلان انعدام القرار هي القضاء الإداري، أما الجهة القضائية المختصة بالتعويض عن مثل هذا القرار، فهي جهة القضاء العادي، بحكم أن القرار يغدو ـ إذا كان منعدماً ـ من قبيل الأعمال المادية التي يختص بالنظر فيها هذا القضاء الأخير.

رابعاً ـ موقف القضاء الإداري السوري من بطلان القرارات الإدارية وانعدامها:

لقد توسع مجلس الدولة السوري في فكرة انعدام القرارات الإدارية، حتى اختلطت مع فكرة البطلان، وأصبحت أصلاً عاماً، حل محل البطلان ذاته، مما أدى إلى عدم التفريق بدقة بين مواطن الانعدام ومواطن البطلان في القرار، فقد قررت الجمعية العمومية للمجلس في رأي حديث لها، أنه لا توجد معايير عامة لتحديد مواضع للانعدام في القرارات الإدارية، إذ تعالج كل حالة على حدة، وإن كان الانعدام يأتي لمعالجة مواطن الخلل في أركان القرار الإداري (راجع فتوى الجمعية العمومية رقم /9/ لعام 2002، غير منشورة).

وفي الحقيقة إن ما قاد مجلس الدولة السوري إلى هذا الاتجاه هو الرغبة في معالجة جوانب الخلل في مشروعية بعض القرارات وهي تلك التي أسبغ عليها المشرع الحصانة المانعة من الإلغاء القضائي، إذ قرر مجلس الدولة السوري في مناسبات كثيرة أن مثل هذه القرارات وإن أسبغ عليها المشرع الحصانة المانعة من الطعن القضائي، إلا أنه إذا شابها عيب جسيم ينحدر بها إلى درجة الانعدام، فيجب إلغاؤها (راجع حكم المحكمة الإدارية العليا رقم 32 في الطعن 321 لسنة 1987، مجموعة المبادئ لسنة 1987، ص29)، إلا أن هذا النهج الذي سار عليه مجلس الدولة السوري في توسيع نطاق الانعدام في سبيل إلغاء القرارات الإدارية المحصنة من الطعن القضائي، قاد إلى قبول الدعاوى ضد القرارات التي مضى على نفاذها وقت طويل قد يصل إلى أكثر من عقد من الزمان، وذلك من منطلق أن قبول الدعوى وإلغاء القرار على أساس أنه مشوب بالانعدام من شأنه أن يفتح ميعاد الطعن المنصوص عليه في المادة (22) من قانون مجلس الدولة، وهذا يعني أن القسم القضائي في المجلس أصبح في كثير من الأحيان يقبل الدعاوى في مواجهة القرارات الإدارية على أساس الانعدام وهي في حقيقتها مشوبة بعيب البطلان، وذلك بعد انقضاء ميعاد دعوى الإلغاء بكثير، مما قاد إلى المساس باستقرار المعاملات، وقد تجلى ذلك خصوصاً في إطار قضاء الاستملاك (راجع حكم المحكمة الإدارية العليا رقم 25 في الطعن 69 لسنة 1986، مجموعة المبادئ لسنة 1986، ص60 وحكمها رقم 22 في الطعن 93 لسنة 1986، مجموعة المبادئ لسنة 1986، ص57). مع الإشارة إلى أن القضاء الإداري السوري مستقر على الانعدام في حالة استعمال الغش في سبيل الحصول على القرار، مما يمكن من سحبه إدارياً أو إلغائه قضائياً في كل وقت (حكم المحكمة الإدارية العليا رقم 235 في الطعن 18 لسنة 1983، مجموعة المحامي مصباح المهايني، مبادئ القضاء الإداري في أربعين عاماً، مؤسسة النوري، الجزء الثالث، ص 580).

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ رمزي الشاعر، تدرج البطلان في القرارات الإدارية (بلا دار نشر،  القاهرة 1997).

ـ سليمان الطماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية (جامعة عين شمس، القاهرة 1991).

- Laubadère.A et Gaudemet.Y et Venezia.J.C, Traité de droit administratif, L.G.D.J, (Paris, 1999).

 


التصنيف : القانون العام
النوع : القانون العام
المجلد: المجلد السادس: علم الفقه ــ المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان
رقم الصفحة ضمن المجلد : 336
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1042
الكل : 58491915
اليوم : 64429