الاعتراف في القانون الدولي
اعتراف في قانون دولي
confession in international law - aveu dans le droit international
الاعتراف في القانون الدولي
ياسر الحويش
التعريف بالاعتراف، وطبيعته القانونية
المجتمع الدولي ليس ساكناً، بل هو في حالة حراك وتأثر بالحياة السياسية. تزول دول وتنشأ أخرى، تأتي حكومات جديدة بالقوة في دول قائمة؛ وبطريقة مخالفة للدساتير، وتباشر حكومات اختصاصاتها من المنفى، تحدث ثورات داخلية، وحروب أهلية.
في جميع هذه الأحوال ينشأ واقع جديد يستثير الاعتراف الدولي، الذي ينتج آثاراً قانونية تسبغ المشروعية على الأوضاع الجديدة.
أولاً- التعريف بالاعتراف، وطبيعته القانونية:
1- تعريف الاعتراف Recognition in International Law: يمكن تعريف الاعتراف بأنه تصرف قانوني بإرادة منفردة من شخص دولي حيال كيان جديد بقصد الإقرار بصفته شخصاً دولياً، أو حيال وضع واقعي معين بغية إعطائه فعالية ممهدة لإكسابه المشروعية الدولية.
¯ فالاعتراف هو أولاً وقبل كل شيء تصرف بإرادة منفردة. وهذا يعني أن الاعتراف عمل اختياري من جانب الأشخاص الدولية، حتى لو كان هذا التصرف مستنداً إلى طلب من طالب الاعتراف، وسواء كان هذا الطلب موجهاً إلى دولة أم إلى منظمة دولية؛ إذ ليس في القانون الدولي ما يجبر الأشخاص الدولية على الاعتراف بالأشخاص الآخرين، أو بالأوضاع الواقعية القائمة. وهذا يؤكد أن النتيجة القانونية للاعتراف نابعة من كونه تصرفاً بإرادة منفردة.
¯ والاعتراف يقوم به شخص دولي - هو المعترِف - سواء أكان دولة أم منظمة دولية.
¯ ويخاطب الاعتراف شخصاً دولياً (هو غالباً دولة جديدة في المجتمع الدولي أو وضع جديد في دولة قائمة طرأت على وجودها تبدلات بسبب التغير في السيادة).
¯ وتتمثل الغاية من الاعتراف بإعطاء المعترَف به صفة الشخص الدولي تجاه المعترِف؛ إذا كان الاعتراف موجهاً لدولة تكاملت الأركان الدستورية لقيامها. أما إذا كان الاعتراف ناجماً عن وضع واقعي جديد لدى شخص دولي قائم فإن الغاية من الاعتراف تتمثل في التمهيد لإسباغ المشروعية على الوضع الجديد من جانب المعترِف.
2- طبيعة الاعتراف:
هل يُعدّ الاعتراف عملاً سياسياً أو قانونياً؟
مما لاشك فيه أن الاعتراف عمل سياسي من حيث المبدأ لارتباطه بالإرادة المطلقة للدولة المعترِفة، وهذا العمل السياسي يدل على «عِـلم حكومة دولة أجنبية بوجود حالة واقعية من هذا النوع وتسليمها بوجود هذه الحالة، وقبولها بالنتائج القانونية المترتبة على وجودها عن طريق الاعتراف بها».
فالعلم بوجود الحالة الواقعية والتسليم بوجودها لا يعد اعترافاً قانونياً، وإنما يتم الاعتراف حينما تظهر نية الحكومة الأجنبية في قبول النتائج القانونية التي يرتبها القانون الدولي على وجود هذه الحالة.
مما تقدم يتبيّن أن الاعتراف يبدأ عملاً سياسياً بإرادة منفردة من المعترِف، وبحدوثه يصبح لهذا العمل السياسي نتائجه القانونية في المجتمع الدولي. وهذا يعني أن الاعتراف ذو طبيعة مختلطة فهو عمل سياسي وقانوني في الآن ذاته.
وينبغي الانتباه أن النتيجة القانونية للاعتراف -بحسبانه عملاً سياسياً- تتوقف من حيث المبدأ عند إكساب الدولة المعترَف بها الشخصية الدولية، وقد تمتد- ولكنْ ليس بالضرورة- إلى إقامة العلاقات الدولية معها؛ لأن موضوع إقامة العلاقات الدولية مستقل عن الاعتراف.
ثانياً - أنواع الاعتراف:
1- الاعتراف بالدولة:
أ - اكتساب الدولة للشخصية الدولية:
تنشأ الدولة عندما تتكامل أركانها الثلاثة (الشعب، الإقليم والسيادة) التي تُعدّ أركاناً أساسية ينبغي توافرها في أي دولة. وفي الوقت الذي يكتفي فيه فقه القانون الدستوري بهذه الأركان نجد فقه القانون الدولي يتطلب عنصراً إضافياً؛ هو الاعتراف لإضفاء وصف الشخصية القانونية الدولية على الدولة.
ويعكس الاعتراف بالدولة مدى قدرتها على الدخول في علاقات دولية مع الأشخاص الدولية الأخرى (دولاً ومنظمات دولية).
ويؤكد واقع العلاقات الدولية أن الوحدات السياسية مكتملة الأركان لا تكتسب عضوية الجماعة الدولية تلقائياً، وإنما يتوقف ذلك على قبولها والاعتراف بها من معظم الجماعة الدولية الموجودة، وهذا يعني أن الوحدات السياسية الجديدة لا تصبح حقيقة قانونية إلا بعد الاعتراف بها وتبادل العلاقات معها.
ويمكن القول إن الاعتراف بالدولة بمنزلة توافق دولي أولي يسمح للكائن المعتَرَف به (الدولة - الشخص الدولي الجديد) أن يدخل في علاقات مع الأشخاص الآخرين، يحكمها القانون الدولي.
ومن ثم يمكن القول إن الاعتراف يمهّد لقيام علاقات قانونية مع المعترَف به، إذ لا علاقات قانونية مع دولة لا اعتراف بها؛ وإن أساس هذا الاعتراف يكتسب طابعاً اختيارياً إذ لا تعترف دولة بغيرها من دون رضاها، وليس من حق الدولة التي لم يعترف لها بالشخصية الدولية أن تطالب الأشخاص الدولية مطالبة قانونية بوجوب الاعتراف بها.
ب- أثر الاعتراف في إسباغ الشخصية الدولية:
هل الاعتراف منشئ للدولة أم كاشف عن وجودها؟
يرتبط هذا السؤال بما إذا كان الاعتراف عملاً سياسياً أو قانونياً. وهناك ثلاثة اتجاهات:
يرى جانب من الفقه أن الاعتراف عمل إنشائي. وإذا كان الاعتراف عملاً إنشائياً فإن هذا يعني أن أركان الدولة أربعة وليست ثلاثة فقط، والاعتراف هو هذا الركن الرابع.
ويرى جانب آخر أن الاعتراف عمل كاشف. وإذا كان الاعتراف عملاً كاشفاً فإن الدولة تقوم باجتماع أركانها الثلاثة وحسب، أما الاعتراف فدوره مقصور على إعطاء الضوء الأخضر للمعترف به لدخول المجتمع الدولي، وبصورة أدق للدخول في علاقات دولية مع المعترِف. ويدعم أنصار هذا الاتجاه رأيهم بقضاء محكمة العدل الدولية في قضية «ممر كورفو» بين بريطانيا وألبانيا، فقد عرضت بريطانيا النزاع أمام المحكمة على الرغم من عدم اعتراف بريطانيا بألبانيا. وقد أقرت المحكمة بمسؤولية ألبانيا على الرغم من أن النظام الأساسي للمحكمة يقصر اختصاصها القضائي على الدول. واستنتج أنصار هذا الاتجاه أن الاعتراف ليس سوى إقرار بتوافر أركان الدولة، ولا يؤثر في قيامها.
وهناك اتجاه ثالث يرى في الاعتراف عملاً مركباً (منشئاً وكاشفاً).
وبتقديرنا أن الاعتراف عمل كاشف أكثر منه عملاً منشئاً لأن الدولة غير المعترَف بها من شخص دولي لا يلغَى وجودُها الواقعي على الأقل حيال من يعترف بها من الأشخاص الدولية الأخرى.
وقد أقرّ مجمع القانون الدولي عام 1938 بأن «وجود الدولة الجديدة مع ما ينتج عن هذا الوجود من الآثار القانونية لا يتأثر برفض الاعتراف بها من جانب دولة أو أكثر».
فالدول تتخذ مواقفها بناءً على حسابات سياسية خاصة بكل منها؛ وكل دولة تقدر مواقفها من الاعتراف بدولة أخرى تبعاً لمصالح المعترِف، وبالتالي فإن الدولة التي يتم الاعتراف بها من جانب بعض الدول تُعدّ شخصاً دولياً تجاه من اعترف بها وإن لم تتمكن من ممارسة اختصاصاتها الدولية تجاه من لم يعترف بها.
وبناءً على نظرتنا إلى الاعتراف أنه كاشف عن دولة موجودة أكثر من كونه منشئاً لها؛ فإن من يقوم بالاعتراف ينبغي أن يتأكد من استكمال الدولة الجديدة أركانها الثلاثة؛ إذ إن الاعتراف لا يخلق الدولة، وإنما هو عمل يعبر عن إرادة الدول الأخرى في قبول التعامل مع دولة جديدة في المجتمع الدولي.
ومن الثابت أن الاعتراف ليس له قيمة من الناحية الواقعية إذا لم تتوافر لدى الدولة محل الاعتراف جميع أركان الدولة؛ والاعتراف لا يمنح الدولة الجديدة صفة الدولة؛ إذ إن هذه الصفة موجودة قبل الاعتراف. فالدولة موجودة وتباشر نشاطها منذ نشوئها باكتمال أركانها الثلاثة، أما الاعتراف ذاته فإنه يفتح الباب أمام الدولة المعترَف بها للدخول في علاقات دولية مع من يعترف بها وحسب.
وما دام الاعتراف ذا صفة كاشفة في المقام الأول فإن له مفعولاً رجعياً، أي إن آثار الاعتراف ترتد إلى وقت قيام الدولة المعترف بها، كما يترتب على هذه النظرة أن الاعتراف غير قابل للتقييد بشروط؛ حتى لو قيِّد بشروط، فإن الدولة المعترف بها تلتزم مراعاة هذه الشروط من دون أن يسقط الاعتراف السابق بها.
ج - صور الاعتراف:
قد يكون الاعتراف علنياً؛ وقد يكون ضمنياً.
(1) الاعتراف العلني:
الاعتراف العلني هو اعتراف رسمي de jure يتم من إعراب الدولة المعترِفة صراحةً عن قبولها بالدولة الجديدة عضواً في المجتمع الدولي. وقد يكون هذا الإعراب مبنياً على طلب من الدولة المعنية التي ترغب في الحصول على الاعتراف، كما يمكن أن يكون بمبادرة من الدولة المعترِفة فحسب؛ لأن الأصل في الاعتراف أنه تصرف بإرادة منفردة من جانب المعترِف.
وقد يكون الاعتراف العلني فردياً صادراً عن السلطة المختصة في الدولة المعترِفة، كما يمكن أن يكون جماعياً، كما لو قررت مجموعة من الدول الاعتراف بالدولة الجديدة أو بمجموعة من الدول، أو كما لو صدر الاعتراف من دولة بمجموعة من الدول، أو كما لو صدر الاعتراف عن جهاز عام في منظمة دولية كالجمعية العامة للأمم المتحدة.
(2) الاعتراف الواقعي (الضمني):
الاعتراف الضمني هو اعتراف فعلي de facto ناجم عن التعامل مع الدولة الجديدة كما لو كانت دولةً معترفاً بها صراحةً، كأن تبرم معها اتفاقية تجارية أو تتبادل معها التمثيل القنصلي قبل الاعتراف بها رسمياً.
وإذا كانت هذه الأمثلة تكاد تقترب بالاعتراف الواقعي من الاعتراف العلني؛ فإن هناك صوراً للاعتراف الواقعي أضعف من ذلك بكثير، كما لو دخل الطرفان اللذان لا يعترف أحدهما بالآخر أو اللذان يعترف أحدهما بالآخر من دون الآخر؛ في مفاوضات دولية حول مسألة من شأن الوصول إلى نتيجة بخصوصها أن يحدث الاعتراف، ثم لا تفضي هذه المفاوضات إلى تحقيق الغاية منها. ففي هذه الأحوال لا يعكس هذا التعامل اعترافاً ضمنياً بالآخر إلا في أبهت الألوان. ولذلك فإن الاعتراف الضمني مؤقت بطبيعته، ويتم لغايات محددة، ويكون للحسابات السياسية دورها الحاسم في دفع الدول غير المعترِفة ببعضها للقيام بتصرفات يُنظر إليها للوهلة الأولى على أنها تحمل معنى الاعتراف، في حين أنها لا تعدو كونها تمهيداً للدخول في علاقات قانونية دولية فيما بينها من دون أن تلتزم الاعتراف الرسمي.
د- سحب الاعتراف:
هل يجوز سحب الاعتراف؟
من حيث المبدأ يمكن سحب الاعتراف بدولة في ظروف معينة.
ويسهل هذا السحب بخصوص الاعتراف الواقعي de facto بسبب طبيعته الحذرة والمؤقتة. فالدولة التي تضطرها الظروف إلى الدخول فعلياً بعلاقات دولية مع دولة لم تكن قد اعترفت بها رسمياً؛ يصطبغ اعترافها بالحذر من ناحية، والأناة والتوقيت من ناحية ثانية، وبكونه قبولاً أولياً لوقائع سياسية من ناحية ثالثة. ومن ثم يمكن سحب الاعتراف الواقعي تبعاً للتغيّر في هذه الوقائع؛ إذ يكفي أن تقطع الدولة المعترِفة تعاملها مع المعترَف به، فتتحقق النتيجة القانونية لسحب الاعتراف تلقائياً.
أما الاعتراف الرسمي de jure فإنه خطوة أكثر تقدماً ودقةً، ومن ثم فإنه لا ليس ثمة رأي قاطع بجوازه أو عدم جوازه، ويبدو أن حسم هذه المسألة متعلق بتكييف الاعتراف.
فإذا كان الاعتراف عملاً سياسياً منشئاً (أي ركناً من أركان الدولة) ومتعلقاً بالإرادة المطلقة للمعترِف جاز سحبه. أما إذا كان عملاً قانونياً كاشفاً (أي ليس ركناً من أركان الدولة، وإنما مجرد عنصر إضافي)، ففي المسألة قولان: جواز السحب؛ وعدم جوازه.
وفي جميع الأحوال فإن فقدان أحد الأركان الدستورية الثلاثة للدولة (الشعب، الإقليم، السيادة) يؤدي - قانوناً - إلى زوال الدولة، ولن يجدي الاعتراف نفعاً في استمرارها؛ إذ لا اعتراف بلا دولة.
ولكون الاعتراف أقرب إلى السياسة منه إلى القانون؛ فإنه إذا كان موصوفاً أو مشروطاً يصبح لدى المعترِف تبرير قانوني لسحب الاعتراف في حال الإخلال بالوصف أو بالشروط المحددة وقت الاعتراف.
هـ- عدم الاعتراف بالدولة:
السؤال الذي يمكن إثارته هو: هل يوجد التزام عدم الاعتراف بالدولة الجديدة في بعض الظروف؟
(1) نظرية ستيمسون:
وفقاً لنظرية ستيمسون فإنه لا يجوز الاعتراف بالدولة الجديدة إذا كان إنشاؤها مخالفاً لالتزامات دولية. وقد تأيدت نظرية ستيمسون بقرار صادر عن عصبة الأمم بتاريخ 11/3/1933 مفاده أن «أعضاء عصبة الأمم يلتزمون بعدم الاعتراف بأي حالة أو معاهدة أو اتفاق ناجم عن استخدام وسائل مخالفة لعهد عصبة الأمم أو لميثاق بريان كيلوغ الخاص بمنع الالتجاء إلى الحروب».
وقد تأكد التزام عدم الاعتراف في عمل الأمم المتحدة حيث طلب مجلس الأمن سنة 1965 وكذلك سنة 1970 من أعضاء الأمم المتحدة عدم الاعتراف بالوضع المترتب على إعلان استقلال روديسيا الجنوبية من الأقلية البيضاء لمخالفته قرارات الجمعية العامة التي اشترطت أن يكون استقلال ذلك الإقليم في ظل حكومة تمثل الأغلبية. كما طلب مجلس الأمن عدم الاعتراف بالوضع الجديد الناجم عن غزو العراق للكويت.
ومع ذلك فإن الدول تنكر وجود مثل هذا الالتزام، وتتعامل على أن لها سلطة مطلقة في الاعتراف أو عدمه، مما يؤكد النظرة القائمة على أن الاعتراف عمل سياسي أكثر منه عملاً قانونياً.
(2) وضع الدولة غير المعترف بها من بعض أعضاء المجتمع الدولي:
وفقاً لما جرى عليه العمل الدولي واستقر عليه العرف الدولي تستطيع الدولة الجديدة أن تدخل في علاقات دولية كاملة مع الدول التي تعترف بها، كما تستطيع أن تدخل في علاقات قانونية وسياسية واقتصادية محدودة مع الدول التي لا تعترف بها إذا وجدت هذه الدول ضرورة أو مصلحة لها في هذه العلاقات. وفي جميع الأحوال تلتزم الدولة الجديدة قواعد القانون الدولي القائمة كي تكون جديرة باكتساب عضوية المجتمع الدولي، ولو كان هذا الاكتساب جزئياً أو محدوداً.
2- الأشكال الأخرى للاعتراف:
أ - الاعتراف بالثورة؛ وبحالة الحرب:
(1) الاعتراف بالثورة :insurrection
يمكن أن يحصل الاعتراف بحالة الثورة إذا نشبت في دولة ما. ويقصد بالثورة العصيان المسلح الذي لا يبلغ مبلغ الحرب الأهلية.
ويجوز أن يصدر الاعتراف من حكومة الدولة التي حدثت فيها الثورة بقصد رفع مسؤوليتها عن أعمال الثوار التي أضرت بالدول الأخرى في حال فشل الثورة. ويترتب على هذا الاعتراف عدم جواز معاملة الثوار كخونة أو مجرمين.
أما إذا صدر الاعتراف بالثورة من دولة أجنبية فلا يترتب عليه إعطاء الثوار الحقوق المقررة في القانون الدولي للمحاربين كحق زيارة السفن التابعة للدول الأجنبية وتفتيشها؛ ولا تلتزم الدولة المعترفة اتباع واجبات الحياد وأهمها الامتناع عن مساعدة دولة الأصل.
(2) الاعتراف بحالة الحرب :belligerency
يجوز الاعتراف بحالة الحرب إذا أصبح للثوار حكومة منظمة تباشر سلطاتها على إقليم معين، وجيش يتبع قواعد الحرب. ويترتب على الاعتراف بحالة الحرب انطباق قواعد الحرب والحياد.
ووفقاً لأحكام المادة الثامنة من لائحة مجمع القانون الدولي لعام 1936 بشأن الاعتراف »لا يجوز للدول الأجنبية أن تعترف للجماعات الثائرة بصفة المحاربين إذا لم يكن في حوزة هؤلاء إقليم معين، أو لم تكن لهم حكومة نظامية وقوات مسلحة منظمة.
ب - الاعتراف بالحكومة الفعلية:
ينطوي الاعتراف بالدولة على اعتراف بالحكومة الشرعية التي تقوم فيها. بيد أن الاعتراف يمكن أن يتم ولاسيما من طريق أسلوب الاعتراف الفعلي de facto، حتى في حالات الوصول إلى الحكم بطريقة غير شرعية.
قد تأتي حكومة جديدة بطريقة غير دستورية كالانقلاب، أو بإزاحة النظام الشرعي بوساطة عدوان خارجي بالتعاون مع المعارضة، وفي هذه الأحوال تتصف الحكومة الجديدة بكونها حكومة فعلية. ويتم الاعتراف بالحكومة الفعلية عادةً بناءً على الحسابات السياسية للدول المعترِفة، ولاسيما عندما تتمكن الحكومة الفعلية من السيطرة الفعالة والمستمرة.
ج - الاعتراف بالأمة:
ظهر هذا النوع من الاعتراف في أثناء الحرب العالمية الثانية بعد احتلال الألمان لأقاليم بعض دول الحلفاء؛ إذ انتقل قادة الأقاليم المحتلة إلى الدول الحليفة، وشكلوا فيها لجاناً قومية اعترفت بها الدول الأخرى على أنها حكومات منفى تمثل أممها المهزومة، فسمحت فرنسا للّجنة التشيكية ثم للّجنة اليوغسلافية أن تشكل في أراضيها جيشاً قومياً ومجلساً عسكرياً يصدر قراراته باسم الأمة.
د - الاعتراف بجماعات التحرير الوطنية: مثل اعتراف غالبية الدول بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني ومعاملة بعضها لممثل المنظمة معاملة سفير دولة.
مراجع للاستزادة: |
- يحيى الجمل، الاعتراف في القانون الدولي، رسالة دكتوراه (القاهرة 3691).
- H. LAUTERPACHT, erpacht. H, Recognition in International Law, (Cambridge, 1947).
- T.C. CHEN, The International Law of Recognition, (London, 1951).
- T. L. GALLOWAY, Recognizing Foreign Governments, (Washington, 1978).
- J. DUGARD, Recognition and the United Nations, (Cambridge, 1987).
-.TALMON, Recognition in International Law: A Bibliography, (The Hague, 2000).
- التصنيف : القانون الدولي - النوع : القانون الدولي - المجلد : المجلد الأول: الإباحة والتحريم ـ البصمة الوراثية - رقم الصفحة ضمن المجلد : 364 مشاركة :