التدريب الإداري
تدريب اداري
administrative training - formation administrative
أسامة الفراج
الإعداد والتدريب في الجمهورية العربية السورية
أولاًـ مفهوم التدريب الإداري:
يُعد التدريب training أحد تطبيقات التعلم learning في المنظمات، من خلاله يمكن إعداد العاملين الجدد لمواجهة التحديات التي تواجههم في العمل، وكذلك صقل معارف العاملين القُدامى ومهاراتهم وخبراتهم وتعزيزها.
ويأخذ التدريب صيغاً متنوعة ومتعددة؛ فمنها التدريب الإداري Administrative training أو التجاري أو المعلوماتي أو التقني أو الفني.
ويتم تبني إحدى هذه الصيغ بناءً على تعريف العمل الذي يتم بموجبه تحديد المهام والأدوار المطلوب أداؤها التي تنبع من أهداف البنية التنظيمية التي يعمل في ظلها الفرد.
فكلما اقترنت مسؤوليات العمل والمهارات والمؤهلات والخبرات المطلوبة بممارسات إدارية بحتة كالإشراف والقيادة والتحفيز والتقييم والتخطيط والتنظيم والرقابة وتطبيق السياسات والقواعد وحل المشكلات الإدارية؛ تكون صيغة التدريب الإداري هي الغالبة لسد الفجوة في المعارف والمهارات النفسية والسلوكية لمثل هذه الممارسات.
إذاً التدريب الإداري هو عملية رسمية وغير رسمية تتم في قاعات التدريب أو بين الرئيس والمرؤوس مباشرةً بغية تنمية التزام العاملين بأداء المهام الإدارية على النحو الأمثل من خلال تعزيز معارفهم ومهاراتهم وخبراتهم واتجاهاتهم وتطويرها وصقلها.
ولضمان فعالية التدريب الإداري لابد من مراعاة أربعة مبادئ أساسية تشمل ما يأتي:
أ ـ المشاركة: فمشاركة المتعلم في عملية التعلم لا تؤدي إلى سرعة التعلم فقط بل إلى رسوخ ما تعلمه الفرد فترة أطول. فالمتدرب في قاعة التدريب الذي يشارك في الحوار والمناقشة والاستفسار تكون فرصته للتعلم أفضل من المتدرب الذي يكون وجوده سلبياً.
ب ـ التكرار: حيث يساعد التكرار على تثبيت ما تعلمه الفرد. ويرى علماء النفس أن التكرار يجب أن يكون موزعاً على فترة طويلة نسبياً؛ حتى تكون له فعاليته.
ج ـ إمكانية نقل ما تعلمه المتدرب إلى الواقع العملي: فالتدريب تكون له فعاليته حينما يستطيع المتدرب الاستفادة مما تعلمه خلال فترة التدريب في الواقع الفعلي للعمل. ومن العوامل التي تساعد على ذلك محاولة محاكاة ظروف العمل الفعلية والأدوات التي تستخدم في العمل أثناء التدريب. وذلك نفسه يمكن أن يقال بالنسبة للمهارات الإدارية.
د ـ المعلومات المرتدة: يحتاج المتعلم إلى تيار من المعلومات المرتدة عن نتيجة سلوكه للوقوف على مدى فعالية التدريب. فمثلاً هل أحدث التدريب تعديلاً في سلوكه؟ وما نواحي القصور التي يجب تصحيحها؟ ومن دون ذلك لن يتمكن من الحكم الصحيح على فعالية التعلم.
وأحد أكثر أنواع نظم المعلومات المرتدة شهرة في هذه الأيام ما يُعرف بنظام التقييم 360˚.
وفي هذا النوع من التقييم يتم استخدام مصادر متعددة للمعلومات لتقييم أداء الفرد حيث لا يقتصر الأمر على الرؤساء (كما هو معتاد)، بل يمتد ليشمل الحصول على معلومات عن الفرد المطلوب تقييمه من الزملاء والمرؤوسين والرؤساء بل من الشخص ذاته.
ثانياً ـ أنواع التدريب الإداري:
تقوم معظم المنظمات الكبيرة غالباً بتقديم ستة أنواع من التدريب الإداري الرسمي لكل منها هدف مميَّز:
1ـ التدريب عند بداية الخدمة: ويشتمل ذلك التدريب على البرامج التعريفية والتمهيدية والبرامج التي تدرِّب العاملين الجدد على المهارات الوظيفية.
ويتم تصميم هذه البرامج وتنفيذها لتزويد الموظف الجديد بالمعارف الخاصة بالمنظمة، إضافة إلى الاتجاهات الأساسية والمهارات الوظيفية اللازمة للأداء الوظيفي المبدئي.
2ـ التدريب العلاجي: ويتضمن هذا التدريب أي نوع من أنواع التدريب الرسمي أو غير الرسمي الذي يهدف إلى تصحيح قصور ملحوظ في معارف الموظف أو مهاراته أو اتجاهاته.
3ـ تدريب زيادة الكفاءة أو التدريب المتقدم: يتم تصميم هذه البرامج لتحسين المهارات والمعارف الوظيفية أو توسيعها أو زيادتها أو تحديثها.
4ـ إعادة التدريب: يتم تصميم هذه البرامج لتزويد العاملين بمهارات جديدة لتحل محل المهارات المتقادمة نتيجة التقدم التقني أو ظهور أجهزة حديثة أو عمليات جديدة أو منتجات جديدة.
5ـ التدريب متعدد الجوانب: ويسمى أحياناً تدريب زيادة المهارات أو تدريب تحقيق الانتشار. وتُعد هذه البرامج وسيلة لإعداد العاملين متعددي المهارات، وأفراد يمكنهم من التأقلم مع التغيرات في متطلبات العمل والتقدم التقني. والتدريب متعدد الجوانب هو استراتيجية أساسية لجعل المنظمة أكثر قدرة على المنافسة وأكثر إنتاجية، كما أنه يشجّع على الاستقرار والاستجابة السريعة للتغيير وتجنب تسريح العمال، ويعوض عن الانكماش الذي قد يحدث في عرض العمالة المؤهلة.
6ـ تدريب العودة إلى العمل: ويشمل التدريب الذي يُقدم للأفراد الذين تغيبوا عن العمل مدة طويلة بسبب ما، ويحتاجون إلى تدريب مبدئي أو تدريب لإنعاش المهارات والمعارف التي يحتاج إليها العمل. كما يُستخدم المصطلح نفسه لتدريب العائدين من تكليفات طويلة خارج الوطن لمساعدتهم على التأقلم مع الصدمة الثقافية الناجمة عن عودتهم إلى وطنهم بعد فترة غياب طويلة.
ثالثا ًـ الاحتياجات التدريبية:
1ـ دورة حياة العملية التدريبية:
يهدف التدريب إلى رفع مستوى الإمكانات البشرية لمساعدة المؤسسات والأفراد على تحقيق أهدافهم.
ومعلوم بأن مشكلة الأداء السابق أو الحالي أو المستقبلي للعامل هو محور عملية التدريب، وبالتالي فإن عملية تحديد الاحتياجات التدريبية بعدها مرحلة أولى في دورة حياة العملية التدريبية يساعد على تحسين التعامل مع مشكلة الأداء، إلا أنها لا تقتصر على هذه المرحلة بل تتكون هذه الدورة مما يلي:
أ ـ تخطيط التدريب وتصميمه: تعني هذه المرحلة الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة لمعالجة الاحتياج التدريبي المحدد.
حيث إن تخطيط العملية التدريبية سواء كان لفرد أم لمجموعة يجب أن يركز على النتائج المطلوبة، وعادة ما تكون النتائج تحسناً في الأداء. لذلك فإن التدريب لا ينتهي إلا بإحراز هذا التحسين في الأداء.
ولابد في هذه المرحلة من تصميم التدريب الذي يعني تطبيق تقنيات التدريب لاستنباط فرص التعلم. وإذا تم وضع أهداف واقعية ودقيقة للبرنامج فإن تصميم فرصة التعلم ستطابق إلى حد ما تلك الأهداف.
ب ـ تنفيذ التدريب: التنفيذ الناجح للتدريب يعتمد على عدة عوامل وأهمها تحديد الاحتياجات التدريبية بدقة، وإدراك المتدربين للحاجة إلى التدريب ودعم الإدارة العليا والاختيار الموفق لطريقة التدريب وأخيراً امتلاك المدرب للمهارات اللازمة التي تدعم الاحتياجات التعليمية للفرد.
ج ـ تقييم العملية التدريبية: ولا بد لهذه المرحلة أن تجيب عن السؤال التالي: إلى أي مدى كان البرنامج التدريبي مفيداً؟
وبما أن نتائج التدريب يجب أن تعود بالنفع على المتدرب وعلى المؤسسة، فلابد من تصميم البرنامج بطريقة تسمح بقياس التحسن.
2ـ مفهوم تحديد الاحتياجات التدريبية:
إن تحديد الاحتياجات التدريبية بعدها مرحلة في دورة حياة العملية التدريبية يسبق المراحل الثلاث آنفة الذكر.
تتعدد أسباب خروج سلوك الأفراد أو أداؤهم عما هو متوقع، ويمكن أن تضيف هذه الأسباب فيما يلي:
> إنهم لا يعرفون كيف ومتى يؤدون مهامهم، والمشكلة هنا تكمن في قلة المعرفة والمهارة.
> إنهم غير محفزين للأداء، والمشكلة هنا قلة عملية التحفيز وبالتالي ضرورة تصحيح نظم تحفيز تدعو العاملين إلى الإقبال على التدريب.
> هناك ما يمنعهم من الأداء سواء في المنظمة أم البيئة، والمشكلة هنا المنظمة والبيئة التي تعمل فيها.
وبالتالي يُقصد بتحديد الاحتياجات التدريبية تحليل مجالات عدم التوازن بين الأداء المستهدف والأداء الحالي الناجمة عن أحد الأسباب السابق ذكرها أو أكثر.
كما يمثل تحديد الاحتياجات التدريبية مرحلة التشخيص بالنسبة إلى العملية التدريبية، حيث إنه من الصعب تحديد الأشخاص الذين يشملهم التدريب وأهداف التدريب ومحتوى البرنامج والأسلوب الذي يمكن أن يُقدم به التدريب، وكذلك التقييم الموضوعي لنشاط التدريب من دون تحديد دقيق وموضوعي للاحتياجات التدريبية.
وعلى هذا فإن تحديد الاحتياجات التدريبية لا بد من أن يجيب على خمسة أسئلة رئيسة هي: أين يقع التدريب (تنظيمياً أو تخصصياً)؟ من يجب تدريبه؟ ما المحتوى التدريبي؟ ما النتائج المتوقعة بعد التدريب؟ متى ستظهر نتائج التدريب بصورة ملموسة على المتدرب والمنظمة؟
ولتحديد الاحتياجات التدريبية طرق رئيسة ثلاث:
الطريقة الأولى ـ تحليل التنظيم: عند استخدام طريقة تحليل التنظيم بهدف تحديد الاحتياجات التدريبية فإن التركيز ينصب على معرفة المكان (القسم أو الإدارة أو الفرع) الذي يحتاج إلى تدريب، (وماهية هذا التدريب) لمعالجة المشاكل التي يعاني منها، وعند تحليل التنظيم فإنه يلزم التفرقة بين جانبين رئيسين هما:
تحليل الهيكل التنظيمي، وتحليل المناخ التنظيمي، وفيما يلي بعض المؤشرات التدريبية لكل منها:
أ ـ المؤشرات الناجمة عن تحليل الهيكل التنظيمي: من خلال تحليل الهيكل التنظيمي يمكن استشعار التعديلات التي تطرأ على البنية التنظيمية التي يعمل في إطارها الأفراد، مما يساعد في تحديد الاحتياج التدريبي الذي يعبّر عن العجز الذي قد يصيب كفاءات الفرد من جراء هذا التعديل، ومن المؤشرات التي تقود إلى ذلك يمكن ذكر ما يلي: استحداث وظائف جديدة، إلغاء وظائف قائمة، تعديل واجبات بعض الوظائف ومسؤولياتها، تغيير الموقع التنظيمي لبعض الوظائف، تفويض صلاحيات بعض الوظائف العليا إلى وظائف أدنى منها، تركيز بعض الوظائف بدلاً من لا مركزيتها، استحداث أنشطة جديدة أو توقف بعض الأنشطة القائمة، اختلال الهيكل الوظيفي إما بزيادة الأفراد عن الوظائف وإما نقص الأفراد عن الوظائف، عدم فاعلية اللجان وطول الوقت المستغرق في بحث الموضوعات.
ب ـ المؤشرات الناجمة عن تحليل المناخ التنظيمي: يُعد المناخ التنظيمي بمنزلة مقياس لدرجة حرارة المنظمة التي يمكن الاستدلال عليها من خلال مجموعة من المؤشرات التي تساعد على تحديد الاحتياج التدريبي مثل: ارتفاع شكاوى العاملين، ارتفاع معدل دوران العاملين، ارتفاع معدلات الغياب والتأخير عن مواعيد العمل، ارتفاع معدل الحوادث وإصابات العمل، ارتفاع معدل شكاوى الزبائن، انخفاض المعنويات كما تظهره استقصاءات اتجاهات العاملين، ضعف الانتماء والولاء للمنظمة كما تظهره استقصاءات اتجاهات العاملين.
الطريقة الثانية ـ تحليل العمل:
يمكن استخدام طريقة تحليل العمل لتحديد الاحتياجات التدريبية عن طريق دراسة قوائم توصيف الوظائف بالمؤسسة التي تشمل مهام كل وظيفة من الوظائف والمواصفات اللازم توافرها في شاغلي هذه الوظائف، وعن طريق هذه الدراسة فإنه من الممكن الخروج ببعض المؤشرات التدريبية مثل:
> اختلاف مهارات العاملين وقدراتهم عن متطلبات الوظائف.
> عدم تناسب التأهيل العلمي أو الخبرة العملية لبعض الأفراد مع متطلبات أداء وظائفهم.
> اختلاف أنماط السلوك الفعلي للأفراد عن الأنماط المرغوب فيها كما تحددها قوائم توصيف الوظائف.
الطريقة الثالثة ـ تحليل الفرد:
ينصب الاهتمام في هذه الطريقة على مستوى أداء الفرد الفعلي ومدى إمكانية الارتقاء بهذا الأداء من خلال التدريب، ويمكن اللجوء إلى المصادر التالية للخروج ببعض المؤشرات التدريبية:
> نتائج تقييم الأداء التي من المفروض أن تتم دورياً في المنظمة (تقييم رسمي).
> ملاحظة الرؤساء والمشرفين لأداء مرؤوسيهم (تقييم غير رسمي).
> نتائج الاختبارات التي تتم في المؤسسة من آن لآخر مثل اختبارات المهارة ومراكز التقييم.
> نتائج استقصاءات الرأي التي يمكن إجراؤها من آن لآخر بهدف معرفة رأي الأفراد في أدائهم الحالي ومدى حاجتهم إلى التدريب.
رابعا ًـ طرق التدريب الإداري:
تعددت التقسيمات التي قُسِّمت إليها الطرق التدريبية: فمنهم من وزعها إلى فئتين؛ أساليب فردية وأخرى جماعية، وآخرون يوزعون الطرق إلى مجموعتين، مجموعة لتدريب العاملين والعمال العاديين ومجموعة لتدريب الإداريين. إلا أن العبرة لم تكن في التوزيع أكثر من محتوى كل طريقة وأسلوب استخدامها ومجالاته والقيود التي تحد من استخدام بعضها. وبهذا سيتم الأخذ بالتقسيم التقليدي الذي جرت غالبية كتب الإدارة على اتباعه في إطار التدريب الإداري:
1ـ المحاضرة lecture: تعتمد المحاضرة على قيام المدرب بإلقاء المادة التدريبية مباشرة في مواجهة جمهور المتدربين. وهي عملية اتصال من جانب واحد فقط هو المدرب، حيث يصغي إليه المتدربون من دون أن يشاركوا بالنقاش. وتستمد المحاضرة وجودها من التنظيم المسبق لأفكار المدرب وعرضها عرضاً مترابطاً ومتجانساً، ويكون فيها المدرب سيد الموقف يحدد ما يقوله وكيف يقوله، ومتى يقوله، ومتى ينتهي منه، ويعين الجزء الذي يمر عليه مرور الكرام والآخر الذي يشدّد عليه. وقد يعد المحاضر موجزاً لمحاضرته يوزع على المتدربين لمساعدتهم على تتبع الأفكار.
وللمحاضرة مزاياها منها الإسراع في عملية التدريب حيث يتم التحضير للمحاضرة وموجزها في وقت قصير. كما تتصف بتفادي المعوقات التي تنشأ من المناقشات والأحاديث الجانبية التي قد تذهب بالموضوع إلى متاهات خارج صميم الموضوع. وكلما كان المحاضر بارعاً في عرض أفكاره كانت المحاضرة مصدر متعة للسامعين.
إلا أن هنالك محددات لهذا الأسلوب التدريبي؛ إذ إن المحاضر يقع عليه كل العبء في حين أن المستمع في حالة سكون وقد يكون في حال يكون فيها حاضراً في جسمه وشارداً في ذهنه.
ومع ذلك يُعد أسلوب المحاضرة خير الوسائل لشرح المبادئ العلمية أو التعليمات أو القواعد الخاصة بالعمل.
2ـ الندوات Panel discussion: وهو أسلوب يتبادل فيه عدد من المتخصصين طَرْقَ موضوع محدد من جوانب مختلفة، وفي الوقت ذاته الذي يشارك فيه المتدربون النقاش. وهو يجمع بين خصائص المحاضرة، حيث يعرض كل متحدث وجهة نظره إلى جانب ذلك فهو يتمتع بصفة جلسة النقاش. كما أنه من الأساليب التدريبية المناسبة لتدريب المستويات الإدارية العليا.
3ـ التدريب في أثناء العمل Onـtheـjob training: بموجب هذه الطريقة يتعلم المتدرب المشرف من خلال ممارسته الإشراف، وتقع مسؤولية التدريب وإدارته على عاتق الرئيس المباشر.
وتُعد هذه الطريقة من أكثر الطرق انتشاراً في التدريب الإداري لو توافر الوقت الكافي للمدرب وأعطى ما يستحقه من عناء وجهد وصبر.
4ـ تعيين مساعد مشرف Asst. supervisor: ووفق هذه الطريقة يُعيّن لكل مشرف مساعد يقوم إلى جانب واجباته العادية ببعض المهام الإدارية التي يُوكل المشرف أمرها له، والغرض من ذلك إعداد المساعد لعملية الإشراف مستقبلاً.
ويعاب على هذه الطريقة من أنها تفتقر إلى الإبداع إذ يكون المتدرب من بعد ذلك نسخة لرئيسه يتبع الأسلوب نفسه ويسلك الطرق نفسها في نمط إدارته وقيادته.
5ـ طريقة التدريب الدوري rotation: وهي طريقة خاصة بفئة من العاملين تنتظرهم مراكز عليا تتطلب منهم سبق الإطلاع العام على أمور المنظمة المختلفة. ولهذا يضم المنهج التدريبي لهذه الطريقة كشفاً عاماً لكل أنشطة المنظمة ليطلع عليها المتدرب وبصورة خاطفة من دون تركيز إلى أن يستقر في عمله الأصلي وهو مزود بفكرة عامة عن كل نشاطات المنظمة.
إن هذه الطريقة ربما لا تنفع لتدريب ذوي الاختصاص الضيق على الأقل، ولكنها قد تكون مفيدة لتهيئة رجال الإدارة لمواقع هامة في الهيكل التنظيمي.
6ـ التدريب على اتخاذ القرارات (البريد الوارد) inـ basket: ويهدف هذا الأسلوب إلى تدريب المدير والمتدرب على اتخاذ القرارات بوضعه في موقف يماثل موقف العمل العادي حيث يقدم له البريد الوارد، وهي المعاملات التي يصادفها عادة في عمله اليومي، وبه عدد من المشاكل يطلب إليه اتخاذ قرارات لها بناء على ما تحتويه من معلومات. ويتم تنفيذ هذا الأسلوب بعزل المتدربين بعضهم عن بعض، فيجلس كل متدرب بمكان معين، ويُعطى عدداً من المعاملات تماثل البريد الذي يُحمل إليه في أي يوم من أيام العمل العادية. والأساس أن كل متدرب يُعطى الكمية نفسها من المعلومات، وفي نهاية اليوم التدريبي يعقد اجتماع عام فيعرض كل متدرب ما توصل إليه من حلول لتلك المعلومات وما ثبّته من آراء عليها بغية مناقشتها. ومن خلال تلك المناقشة يصل الجميع إلى اتفاق (أو ربما لا يتم الاتفاق) على الحلول المناسبة.
وأهمية هذا الأسلوب تكمن في دفع المتدرب للتفكير في المشكلة الإدارية على ضوء المعلومات المتوفرة، وهو الموقف العادي الذي يجد أغلب الإداريين أنفسهم فيه عادة. كما يتعلم المتدرب الطرق التي عالج بها الآخرون المعاملات نفسها، وكذلك معايشة الجماعة في الوصول إلى القرار المشترك تطبيقاً للعمل الجماعي واحترام آراء الآخرين.
7ـ الألعاب الإدارية Management games: وهذا الأسلوب يعمد إلى خلق موقف تدريبي يشابه إلى حد بعيد مواقف العمل الطبيعية التي يعمل بها المدير المتدرب. إذ تُقسم مجموعة المتدربين إلى مجموعات صغيرة (5ـ7 أفراد) عادة، تمثل كل مجموعة إدارة منفصلة. وتُعطى للمتبارين في بداية اللعبة تعليمات محددة عن شروط العمل وبعض المعلومات الأساسية عن الوحدة الإدارية التي يمثلونها، وعن السوق التي يتعاملون بها. وتنقسم اللعبة إلى عدة جولات يقوم أفراد كل إدارة وفي كل جولة بمراجعة البيانات المعطاة لهم واتخاذ القرارات بإنتاج السلعة المحددة لهم أو بيعها مثلاً، وتُحسب نتيجة كل قرار بناء على أسلوب محدد مسبقاً بمعرفة هيئة التدريب يجهله المتدربون.
كما أن هيئة التدريب تضيف عاملاً عشوائياً لتحديد ربح كل منظمة أو خسارتها. وتبلغ نتائج القرارات لكل إدارة. وعلى ضوء تلك النتائج تُعاد الدراسة باتخاذ قرار جديد وهكذا تستمر اللعبة لعدد من الجولات. وفي نهايتها تُعلن النتائج النهائية من حيث الربح أو الخسارة لكل منظمة. ويُعقد اجتماع عام لتقييم اللعبة والتعليق على سلوك الجماعات المختلفة. وعادة تلجأ كل مجموعة إلى تنظيم نفسها وتوزيع الاختصاصات بين أفرادها وتقرر لنفسها أهدافاً وسياسات تسترشد بها في اتخاذ قراراتها. ومن خلال العرض الذي تقدمه كل مجموعة أو إدارة في نهاية اللعبة لأسلوب العمل الذي اتبعته تبدأ مناقشة مهمة حول صلاحية هذه الأساليب وملاءمتها. وعادة تجري تغذية عكسية يقدمها أعضاء الهيئة التدريبية من توجيه وإرشاد. ومن هذا المنطلق يُعدّ أسلوب الألعاب الإدارية من الأساليب التدريبية المهمة في التدريب الإداري.
8ـ تدريب الحساسية Sensitivity training: وهو أسلوب مبتكر حديثاً يهدف لاختيار مدى حساسية المدراء وردود أفعالهم بالنسبة للآخرين. كما يهدف في الأساس إلى إحاطة المدير المتدرب بآراء الآخرين فيه حيث يتميز هذا الأسلوب بإزاحة الحواجز الاجتماعية المفتعلة التي تخفي حقيقة العلاقات الاجتماعية بين الناس.
وأساس هذا النوع من التدريب هو الاجتماع والنقاش بلا هدف محدد أو جدول للأعمال. وأن دور المدرب لا يزيد على متابعة المناقشات التي تدور بين المتدربين والعمل على قيادتها من دون أن يدخل في صلب النقاش بأي صورة من الصور. ويعاب على هذه الطريقة أنها تؤدي إلى إظهار العلاقة بين الأفراد على حقيقتها ذلك الأمر الذي لا يتحمله بعضاً ممن لا يتحمل قسوة الحقيقة وقد يصاب بعضهم بالانهيار.
9ـ اللجان committeas: وقد تؤلف الإدارات اللجان من بين موظفيها لدارسة مشكلة تمثل قاسماً مشتركاً بينهم بغية الوصول إلى حل جماعي لها. ولكن قد تهدف الإدارة باستخدام هذه اللجان ـ فضلاً عن هدفها الأساسي ـ إلى استخدامها وسيلة تدريبية لتنمية مهارات موظفيها في اتخاذ القرارات واكتسابهم خبرات أوسع نتيجة تبادلهم الخبرات والمعارف فيما بينهم.
ومن الطرق المألوفة في بعض المنظمات أن تُشَكل لجنة من المديرين الذين يلوا في المستوى أعضاء الإدارة العليا. وغرضها مساعدة مجلس الإدارة على حل المشاكل التي تُعرض عليه. وبهذه الطريقة يتدرب أعضاء اللجنة على أعمال مجلس الإدارة ويكتسبوا معارف ومهارات من الدراسات التي يقومون بها للوصول بها إلى قراراتهم. إنهم يمثلون إدارة الظل، يقدمون العون لمجالس الإدارة الحاضرة بتقديمهم توصيات مدروسة لمشاكل مطروحة على مجالس الإدارة. كما تساعدهم هذه الخبرات على التهيؤ لاتخاذ القرارات عند وصولهم للمراكز العليا.
10ـ تمثيل الأدوار Roleـplaying: ويقصد بهذا الأسلوب التدريبي أن يقوم المتدرب بتمثيل شخصية معينة في موقف تمثيلي. ومن خلال تقمصه للدور تبرز آراؤه واتجاهاته حول الموضوع محل النقاش. وبعد إتمام الدور تتم مناقشة ما يجري بين الدارسين والمدرب فتُستَعرض الاتجاهات التي سادت التدريب وما احتوته من أخطاء أو انحرافات. ويُستخدم هذا الأسلوب عادة في التدريب على حقول العلاقات الإنسانية وأساليب الإشراف والقيادة حيث يُوضع المدرب في موقف يتطلب منه أن يتقمص مثلاً دور المشرف الذي يضبط عاملاً متلبساً بمخالفة يؤدبه متدرب آخر. ومن خلال النقاش بينهما تبرز اتجاهات السلوك في مثل هذا الموقف فيعلق عليها المدرب ومجموعة المتدربين.
11ـ التمارين exercises: ويُقصد بهذا الأسلوب أن يُطلب من الدارسين القيام بمهام معينة تؤدي إلى نتائج معينة واتباع تعليمات المدرب. وقد يتضمن التمرين شكل اختبار لمعلومات المتدرب. ومن المتطلبات لهذه الطريقة أن يكون موضوع التمرين واقعياً ممتعاً يثير اهتمام المشاركين ومن أمثلتها صياغة تمرين يتعلق باستخدام البرمجة الخطية لكونها وسيلة تخطيطية رقابية.
12ـ المحاكاة simulation: ويتمثل هذا الأسلوب من التدريب بأن يستخدم المتدرب معدات وآلات شبيهة لما تستخدمه المنظمة وتدريب الدارس عليها.
ومن الصعاب التي يواجهها هذا النوع من التدريب أن توفر لكل الدارسين العدد المطلوب من مستلزمات التدريب وهو أمر مكلف.
13ـ أسلوب دراسة الحالات Case study: أسلوب دراسة الحالة من الأساليب الحديثة. وفيه يُقدم للمشاركين مشكلة يُطلب منهم الإسهام في تشخيصها وتحليلها تحليلاً انتقادياً وتصور الحلول لها، وتبنّي حلاً من بينها للتوصية به علاجاً للحالة، ومن ثم التخطيط لتنفيذه. والحالة هي وصف معبّر ومماثل للحقيقة في كلمات وأرقام لموقف فعلي في الإدارة، وهو أسلوب يشترك به الدارسون اشتراكاً فاعلاً تفتقده المحاضرة، وأسلوب يمثل المفتاح الذي يشارك به الدارس مشاركة إيجابية.
والهدف الأساسي من أسلوب دراسة الحالة ليس التوصل إلى حل للمشكلة بقدر ما هو تدريب الدارسين على التحليل والتفكير المنظم في أسباب المشكلة أو النظر إلى جوانبها المختلفة وتخيّل الحلول البديلة لها بالاستناد إلى المعارف الإدارية. وهو تدريب على تطبيق المعلومات الإدارية في المواقف الفعلية.
خامساً ـ الإعداد والتدريب في الجمهورية العربية السورية:
وضعت الخطة الخمسية العاشرة برنامجاً لتنمية الموارد البشرية تشارك فيه القطاعات كافة وخصصت له ما نسبته 3% من كتلة الاعتمادات الاستثمارية في الجهات العامة لتنفيذ برامج التدريب والتأهيل للعاملين كافة انطلاقاً من أن الاهتمام بتنمية رأس المال البشري، وإعداده الإعداد السليم والمطابق لمتطلبات سوق العمل، وتوفير بيئة إبداعية وتمكينية هي من أهم أبعاد التنمية البشرية والنهوض بالفرد والمجتمع السوري.
وتؤكد الحكومة في خططها أولوية تنمية الموارد البشرية أساساً لإحداث التحولات اللازمة في الاقتصاد السوري نحو اقتصاد السوق الاجتماعي، وضرورة اقتران تحقيق معدلات النمو الاقتصادي المرسومة في الخطة بجملة من البرامج لتطوير الموارد البشرية على مستوى القطاعين العام والخاص، والنهوض بمستوى الأداء والإدارة والتكنولوجيا والمعارف المطلوبة والارتقاء بنوعية العنصر البشري واستثمار رأس ماله الاستثمار الأمثل.
وتشير الخطة إلى ضرورة مراجعة واقع الموارد البشرية في القطاع العام والتخلص من الظاهرة المستشرية لنقص التشغيل وتضخم العاملين في الخدمة المدنية وفى المنشآت العامة، والنهوض بمستوى الموارد البشرية في القطاع الخاص لضمان عنصر الجودة وتطوير المنتج السوري وزيادة قدرته التنافسية، وإلى ضرورة إيلاء أهمية خاصة للموارد البشرية في المناطق الريفية والمحافظات الأقل نمواً خلال سنوات الخطة للتغلب على حالة العجز الكبير في الموارد البشرية المدربة فيها أو الحد منها وذلك لدعم الجهود القائمة للنهوض بتلك المناطق.
ولم يستثنِ البرنامج المرأة من الاهتمام بل أكد ضرورة إيلاء أهمية خاصة للنهوض بأوضاع المورد البشري النسوي وتوفير الفرص المتكافئة للمرأة السورية المُدرّبة لتولي المهام والمناصب جنباً إلى جنب مع الرجل في القطاعات الإنمائية المختلفة، وتنفيذ برامج خاصة للمرأة في المناطق الريفية والنائية لتعليمها وتدريبها وتمكينها من منحها القروض والإعانات المادية وفرص العمل وتوليد الدخل لتحسين أوضاعها المعيشية.
ويقترن تطوير رأس المال البشري في الخطة بتكثيف العمل في مجال العلوم والتكنولوجيا، وتوفير البيئة المحفزة لضمان العنصر الإبداعي والابتكاري للموارد البشرية. وتُولي الخطة برامج خاصة للنهوض بذلك عن طريق تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في التدريب والبحث والتطوير وتوسيع استثماراته الحالية في قطاعات التنمية البشرية كالتعليم والصحة.
كما تتبنى الخطة في استراتيجيتها سياسة وطنية للتدريب والتطوير للمهارات من خلال تطبيق نظام تدريبي جديد ترأسه هيئة وطنية عليا تضم الدولة والقطاع الخاص لتوفير المهارات والقدرات الجديدة المطلوبة للمنشآت الإنتاجية والخدمية من أجل زيادة الإنتاجية والتنافسية، ووضع تصور استراتيجي للتعليم والتدريب وتضمين النظام التدريبي الجديد برامج تمهيدية قبل دخول سوق العمل وبرامج أثناء الخدمة وبرامج استهدافية للفئات والمناطق الخاصة، وربط ذلك باستحداث نظام وطني للتأهيل ومنح الشهادات وفق معايير محددة لممارسة المهن والأعمال بالتوافق مع المعايير والمقاييس الدولية، وتأكيد تأهيل القوى العاملة الفنية بالتوازي مع النهوض بتكنولوجيا المعلومات وتوفير بنية تحتية متطورة للاتصالات وتطبيق ذلك في كل القطاعات الإنمائية.
وركزت الخطة في استراتيجيتها على زيادة مساهمة القطاع الخاص في قطاع التعليم والتدريب وتطوير المهارات من خلال وضع لوائح تنظيمية وأسس عمل لتطوير البيئة التنافسية للخدمات التعليمية، وإلزام القطاع الخاص بتقديم تعليم نوعي وعالي المردود وتنفيذ سياسة وطنية جديدة للتعليم قائمة على أساس إعطاء دور أكبر للتعليم الخاص في كل المراحل الدراسية وخصوصاً في مرحلة التعليم العالي وتقديم الحوافز المادية والمعنوية للقطاع الخاص وتنظيماته المهنية من أجل استحداث مؤسسات تدريبية تعتمد على الإعانات الحكومية للمساهمة في تطوير الموارد البشرية في المنشآت الإنتاجية والخدمية الخاصة.
وتعتمد الاستراتيجية على وضع سياسة جديدة لتنمية الموارد البشرية قائمة على أساس برنامج شامل للإصلاح الإداري على مستوى الحكومة كلها وعلى مستوى كل وزارة وكل محافظة في إطار اللامركزية، وإجراء مسح ميداني لحصر القوى العاملة في قطاع الخدمة المدنية للتعرف إلى ظواهر التشغيل المنقوص وتشخيص الفائض والاحتياجات ومن ثم تطبيق برنامج إعادة التوزيع. كما تعتمد على تنفيذ برنامج وطني للجودة وتطوير أوضاع الموارد البشرية في منشآت القطاع الخاص من خلال تطبيق برنامج وطني لإعادة تأهيل المؤسسات الخاصة يتضمن في أحد أبعاده تنمية الموارد بحيث يتم منح شهادات تأهيل وفق المقاييس الدولية للمؤسسات التي تنهض بأدائها التنظيمي والمادي والبشري، وإقامة مؤسسات تدريبية تختص بتوفير الاحتياجات التي يتطلبها سوق العمل والقطاع العام والخاص من الخبرات والمهارات المستجدة والمتطورة.
مراجع للاستزادة: |
ـ محمد زياد حمدان، تصميم وتنفيذ التدريب بأسلوبية رقمية سلوكية لتحسين الموظف والمؤسسة الوظيفية (دار التربية الحديثة، عمّان 1990).
ـ عبد الفتاح دياب حسين، دور التدريب في تطوير العمل الإداري (المجموعة الاستشارية العربية، الطبعة الأولى، القاهرة 1996).
ـ مهدي حسين زويلف، حالات وبحث في الإدارة بين النظرية والتطبيق (دار مجدلاوي، عمّان 1996).
ـ عبد الرحمن توفيق، التدريب عن بُعد، الجزء الخامس (مركز الخبرات المهنية للإدارة بميك، القاهرة 2001).
ـ كيي ثورن وديفيد ماكيي، كل ما تريد أن تعرف عن التدريب (مكتبة جرير، الطبعة الأولى، الرياض 2001).
ـ بوب باورز، ترجمة سعد بن هادي القحطاني، المدرب المتميّز (معهد الإدارة العامة، الرياض 2004).
ـ جيرالد غرينبرغ، روبرت بارون، ترجمة رفاعي محمد رفاعي وإسماعيل علي بسيوني، إدارة السلوك في المنظمات (دار المريخ، الرياض 2004).
ـ وليم د. تريسي، ترجمة سعد أحمد الجبالي، تصميم نظم التدريب والتطوير (معهد الإدارة العامة، الطبعة الثالثة، الرياض 2004).
ـ عبد الرحمن توفيق، التدريب بالوسائط المتعددة، الجزء السابع (مركز الخبرات المهنية للإدارة بميك، القاهرة 2005).
ـ عبد الرحمن توفيق، التدريب المباشر لقيادة أكثر سمواً (مركز الخبرات المهنية للإدارة بميك، الطبعة الثانية، القاهرة 2005).
- التصنيف : القانون العام - النوع : القانون العام - المجلد : المجلد السادس: علم الفقه ــ المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان - رقم الصفحة ضمن المجلد : 55 مشاركة :