قانون الجمارك والإجراءات الجمركية
قانون جمارك واجراءات جمركيه
customs law and customs procedures - loi de la douane et les procédures douanières
قانون الجمارك والإجراءات الجمركية
جميل الصابوني
اعتمدت الدول منذ القديم على القواعد الجمركية من أجل تنظيم عملية التبادل التجاري فيما بينها والحصول على الإيرادات المالية اللازمة لها، ومن هذه الزاوية أصدرت الدول قوانين متخصصة في هذا المجال سميت القوانين الجمركية، بينت فيها قواعد التخليص الجمركي وإجراءاته، كما تطلب ذلك أيضاً وجود ضابطة شرطية متخصصة في مكافحة التهريب والمخالفات الجمركية. لذا لا بد من تقسيم هذا البحث إلى ثلاثة عناوين:
أولها: يتضمن القانون الجمركي عموماً، والتشريعات الجمركية الصادرة في سورية. والثاني: يشمل الإجراءات الجمركية المطبقة في تسيير النشاط التجاري عبر الحدود. والثالث: تبحث فيه الضابطة الجمركية، التي تُعدّ من أهم عناصر تنفيذ التشريع الجمركي.
أولا ًـ القانون الجمركي:
(1) تعريف القانون الجمركي: يعرف القانون الجمركي بأنه «كافة القواعد القانونية التي تنظم النشاط التجاري عبر حدود أي دولة».
ويكون الهدف منه محاربة الجريمة الجمركية، التي أسماها قانون الجمارك السوري الحالي رقم (38) لعام 2006 المخالفة الجمركية، وهي تتمثل تحديداً في التهريب الجمركي، الذي يعرفه بعض الفقه بأنه: كل فعلٍ أو امتناعٍ عن فعل مخالفٍ لأحكام القانون الجمركي والأنظمة والقرارات الصادرة بالاستناد إليه.
وقد عرفه القانون رقم (38) بأنه «عملية إدخال البضائع إلى البلاد أو إخراجها منها ـ خلافاً لأحكامه وللنصوص النافذة ـ من غير طريق المكاتب الجمركية». فالتهريب الجمركي يُعدّ جريمةً تخل بالاستقرار المالي والاقتصادي للدولة؛ لأنه ـ كما هو معلوم فقهاً وعملاً ـ أن الضرائب الجمركية تعدّ من أهم الإيرادات التي تمول الخزانة العامة في بعض الدول كالدول النامية؛ وإن قلت أهميتها التمويلية في الآونة الأخيرة.
وقد حددت المادة (278) من القانون المذكور أعلاه الحالات التي تعدّ تهريباً جمركياً على سبيل الحصر، وهي كما أوردتها المادة على النحو التالي:
ـ عدم التوجه بالبضائع عند الإدخال إلى أول مكتب جمركي.
ـ عدم اتباع المسالك والطرق المحددة بالنصوص القانونية والنظامية في إدخال البضائع وإخراجها وعبورها.
ـ تفريغ البضائع من السفن أو تحميلها عليها بصورة مغايرة للأنظمة على الشواطئ حيث لا توجد مكاتب جمركية.
ـ تفريغ البضائع من الطائرات أو تحميلها عليها بصورة غير مشروعة خارج المطارات النظامية، أو إلقاء البضائع في أثناء النقل الجوي في أثناء الطريق دون أن يكون ذلك لازماً لسلامة الطائرة أو دون أن يعلم دوائر الجمارك بذلك فور هبوطها. وكذلك تفريغ البضائع من وسائط النقل الأخرى خارج المكاتب الجمركية بصورة مغايرة للأنظمة النافذة.
ـ عدم التصريح في مكتب الإدخال أو الإخراج عن البضائع الواردة أو الصادرة دون بيان حمولة؛ بما في ذلك ما يصطحبه المسافرون من هذه البضائع.
ـ تجاوز المكاتب الجمركية دون التصريح عن البضائع في الإدخال والإخراج.
ـ اكتشاف بضائع غير مصرح بها في المكتب الجمركي موضوعةً في مخابئ مهيأة لإخفائها خصوصاً أو في فجوات أو فراغات لا تكون مخصصةً عادةً لاحتواء مثل هذه البضائع.
ـ الزيادة أو النقص أو التبديل دون سبب مبرر في الطرود أو في محتوياتها المقبولة في وضعٍ معلقٍ للرسوم موضوع الباب الثامن من هذا القانون المكتشفة بعد مغادرة البضاعة المكتب الجمركي.
ـ عدم تقديم الإثباتات التي تحددها إدارة الجمارك لإبراء بيانات الأوضاع المعلقة للرسوم.
ـ إخراج البضائع من المناطق الحرة أو المخازن الجمركية أو المستودعات إلى المنطقة الجمركية دون معاملة جمركية.
ـ البيانات المخالفة التي قصد منها استيراد بضائع ممنوعة أو محصورة أو تصديرها بواسطة مستندات مزورة أو مغايرة للحقيقة.
ـ تقديم مستندات أو قوائم مزورة أو مغايرة للحقيقة أو وضع علامات كاذبة بقصد التخلص من تأدية الرسوم الجمركية أو الرسوم والضرائب الأخرى كلياً أو جزئياً أو بقصد تجاوز أحكام المنع أو الحصر.
ـ نقل البضائع الممنوعة وحيازتها دون تقديم إثباتات تثبت استيرادها بصورة نظامية.
ـ نقل البضائع الخاضعة لضابطة النطاق الجمركي وحيازتها دون مستند نظامي.
ـ عدم إعادة استيراد البضائع الممنوع تصديرها والمصدرة مؤقتاً لأي غايةٍ كانت.
ـ البضائع الممنوعة المصرح عنها بتسميتها الحقيقية قبل الحصول على الترخيص بإدخالها أو إخراجها.
ـ تغيير مسالك السيارات المحملة في بيانات البضائع العابرة وفي بيانات إعادة التصدير.
ـ نقل بضاعة من واسطة نقل إلى واسطة نقل أخرى أو إعادة تصديرها دون بيان أو ترخيص نظامي.
ـ ذكر عدة طرود مقفلة ومجموعة بأي طريقة كانت في البيان الجمركي على أنها وحدة.
ـ الزيادة عما هو مصرح به في بيانات إعادة التصدير التي من شأنها أن تؤدي إلى تسديدات غير حقيقية في بيانات الأوضاع المعلقة للرسوم.
ـ عبور البضائع تهريباً أو دون معاملة.
ـ عدم تسديد بيانات التجارة الداخلية وما هو في حكمها من مستندات جمركية وفق الشروط التي تحددها إدارة الجمارك.
ويدخل في إطار الحديث عن المخالفة الجمركية تعريف بعض المصطلحات القانونية التي لا يستقيم الحديث عن القانون الجمركي إلا بها، كتعريف الحرم الجمركي «بأنه القطاع الذي تحدده إدارة الجمارك لمباشرة الإجراءات والرقابة الجمركية في كل ميناء بحري أو جوي أو في أي مكان آخر يوجد فيه مكتب للجمارك».
أما الخط الجمركي فيقصد به «الخط المطابق للحدود السياسية الفاصلة بين الدولة وبين الدول المتاخمة لها، أو لشواطئ البحار المحيطة بها».
أما النطاق الجمركي «فهو الجزء من الأراضي أو البحار الخاضعة لرقابة و إجراءات جمركية محددة في القانون، وهو على نوعين: النطاق الجمركي البحري، والنطاق الجمركي البري».
(2) التطور التاريخي للقانون الجمركي في سورية: كان للقانون الجمركي في سورية مسيرة تطورٍ حافلة، بدءاً من عهد الاحتلال الفرنسي لسورية حتى عام 2006. ففي عام 1943 تم التفاوض ما بين مندوبي حكومتي سورية ولبنان من جهة؛ وبين قائد الجيش الفرنسي من جهة أخرى حول موضوع الجمارك، فتم الاتفاق على إعطاء الوزير الفرنسي الصلاحية المطلقة لإدارة الجمارك العامة في سورية ولبنان، وفي عام 1944 صدر القانون رقم (32) عن رئيس الجمهورية العربية السورية، القاضي بمنح المجلس الأعلى للمصالح المشتركة السورية اللبنانية مهمة إدارة الجمارك في البلدين باعتبارها إحدى تلك المصالح.
وتم تقسيم الأرض الجمركية آنذاك إلى ثلاثة أقاليم، هي:
1ـ الإقليم الأول: ومركزه بيروت، ويشمل الأراضي اللبنانية.
2ـ الإقليم الثاني: ومركزه حلب ويتضمن مناطق حلب واللاذقية والفرات والجزيرة.
3ـ الإقليم الثالث: مركزه دمشق ويتضمن حماة وحمص ودمشق وحوران وجبل الدروز.
وبعد الجلاء الفرنسي عن سورية عام 1946 بدأ التغيير السياسي والحكومي الشامل، وكان ضمن هذا التغيير الانفصال الجمركي بين سورية ولبنان، وذلك منذ عام 1950، خصوصاً بعد أزمة الفرق بين سعر العملتين السورية واللبنانية لمصلحة الأخيرة.
ففي 11/3/1950 صدر المرسوم رقم (71) القاضي بإحداث مديرية عامة للجمارك السورية، وهي ذات استقلال مالي، ولكنها مرتبطة بوزارة المالية، وفعلاً قامت الحواجز الجمركية بين البلدين، وتم إنشاء مراكز لمراقبة الحدود السورية اللبنانية لمنع التهريب.
وفي ظل الوحدة السورية المصرية عام 1958 صدر القرار رقم (476) عن رئيس الجمهورية المتحدة، والذي أحدث إدارة مركزية للجمارك، مقرها القاهرة، يرأسها مدير عام بدرجة وكيل وزارة مساعد، ويتبع لهذه الإدارة المركزية إدارتان إقليميتان؛ إحداهما تختص بالإقليم الجنوبي (مصر) والثانية تختص بالإقليم الشمالي (سورية). وبذلك تم إلغاء المجلس الأعلى للجمارك في سورية، وأصبح وزير الخزانة (المالية) يمارس صلاحيات ذاك المجلس؛ باستثناء بعض الصلاحيات التي يمارسها المدير العام للجمارك.
وبعد الانفصال عام 1961 وتحديداً بعد ثورة الثامن من آذار عام 1963 شدّد المؤتمر القطري الأول لحزب البعث العربي الاشتراكي على حماية التجارة الخارجية، وفعلاً صدرت بعض المراسيم عام 1965 تقضي باحتكار الدولة لاستيراد عدد من السلع الاستهلاكية وتأميم جميع الشركات النفطية، وكذلك تم عقد اتفاقيات مهمة في المجال التجاري والجمركي، كتلك المعقودة مع لبنان أو الكويت أو العراق.
بيد أن أهم الإنجازات على الصعيد التجاري والجمركي كانت بعد الحركة التصحيحية عام 1970؛ إذ صدر قانون الجمارك رقم (9) لعام 1975 الذي ألغى العمل بالقانون رقم (137) الموروث عن الانتداب الفرنسي، واستمر تطبيق هذا القانون حتى عام 2006؛ إذ صدر قانون الجمارك الحالي رقم (38).
وأهم ما يميز قانون الجمارك الحالي رقم (38) لعام 2006 أنه وضع الإطار القانوني الصحيح للإجراءات المبسطة التي يجب اعتمادها؛ بما ينسجم مع التشريعات الجمركية المعتمدة في الدول العربية. ونص القانون المذكور على إحداث مجلس إدارة في المديرية العامة للجمارك، وحدد بدقة المهام التي تكلف بها، كما أنه شمل توضيح مجال عمل الدوائر الجمركية، وشرح بوضوح مبادئ تطبيق التعرفة الجمركية، وحدد أسس التقييد والمنع وأسبابها. وتناول شرح أهم العناصر المميزة للبضائع، سواء من حيث المنشأ، أم المصدر، أم النوع، أم القيمة، أم الاستيراد والتصدير بحراً وبراً وجواً، وكذلك النقل ببريد المراسلات أو الطرود البريدية.
كما شملت أبواب القانون مراحل التخليص الجمركي ومعاينة البضائع وأحكاماً خاصة بالمسافرين وتأدية الرسوم والضرائب، وكيفية سحب البضائع وأحكاماً عامة بشأن الأوضاع المتعلقة بالبضائع العابرة (الترانزيت)، ولم يغفل القانون إيضاح كيفية إعادة تصدير البضائع التي لم توضع في الاستهلاك، ورد الرسوم لدى إعادة التصدير، أيضاً شمل القانون مهام المخلصين الجمركيين وحقوق موظفي الجمارك وواجباتهم والنطاق الجمركي، وتضمن القانون فصلاً خاصاً بموضوع التحري عن التهريب، وحق الاطلاع على السجلات والأوراق والمستندات العائدة لعمليات تهم الجمارك؛ إلى غير ذلك من الأمور والقضايا الجمركية التي توزعت بين عشرين باباً و 298 مادة.
والجدير بالذكر أن رجال السياسة والاقتصاد يعدّون أن القانون الحالي رقم (38) قد تضمن تغييرات جذرية تميزه من قانون الجمارك القديم رقم (9) لعام 1975، خصوصاً من حيث اعتماده للوثائق الإلكترونية، وتطبيق ما يسمى «بالمانيفست الإلكتروني»، وهذا يعني أن تبدأ عملية التخليص قبل وصول البضائع.
وأهم ما يميز القانون الحالي رقم (38) أنه شديد الشبه بقوانين الدول المجاورة، كما أنه يهيئ سورية ـ على نحو متطور ـ لاتفاقياتٍ واستحقاقاتٍ دولية مرغوبة، سواء أكانت اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوربي أم اتفاقيات التجارة الحرة.
(3) تعريف الضريبة الجمركية ومحل فرضها: استقرت معظم التشريعات والقوانين الجمركية على تعريف الضريبة الجمركية بأنها «تلك الضريبة التي تفرضها الدولة على بعض السلع عند اجتيازها لحدودها الإقليمية». فإذا فُرضَت الضرائب الجمركية بمناسبة عبور السلع الأجنبية إلى داخل حدود الدولة؛ سميت بالضرائب على الواردات. وإذا فُرضَت بمناسبة عبور السلع الوطنية إلى خارج حدود الدولة؛ سميت بالضرائب على الصادرات.
إذاً فالواقعة المنشئة لهذه الضريبة هي عبور سلعةٍ ما الحدود الوطنية للدولة خروجاً أو دخولاً، فالضريبة الجمركية إذاً هي ضريبةٌ بالمعنى الحقيقي، وليست رسوماً جمركية، كما يشيع استخدامها على الصعيدين العملي والتشريعي، سواءً كان هذا الخطأ غير مقصودٍ كما يعتقد بعضهم، أم أنه خطأ متعمد؛ بقصد إطلاق يد الحكومة في فرض تلك الضرائب دونما حاجة للرجوع إلى البرلمان (كممثلٍ للشعب)، وهو الأسلوب المتبع في فرض الضرائب عادةً.
4ـ المحاكمة الجمركية: وهذا يتضمن دراسة المحكمة الجمركية من جهة، وأصول المحاكمة المتبعة أمامها في نظر المنازعات الجمركية من جهةٍ أخرى.
(أ) ـ المحكمة الجمركية: بيّن قانون الجمارك السوري رقم (38) كما هو شأن معظم قوانين الجمارك في الدول العربية تشكيل المحكمة الجمركية، وذلك في المادة (233) منه. حيث تتألف المحكمة الجمركية من قاضٍ متفرغ لا تقل مرتبته عن قاضي بدائي يسميه وزير العدل. إذاً لا يوجد ما يمنع من أن يكون قاضي المحكمة الجمركية بمرتبة مستشار، ولكن لا يجوز حتماً أن يكون بمرتبة قاضٍ صلحي. لذلك فقد أكد القانون أن درجة هذه المحكمة تعادل درجة محكمة بداية جزائية. كما أنه تطبق أمامها أصول المحاكمات الجزائية المتبعة أمام محاكم البداية في كل ما لم يرد عليه النص في هذا القانون.
في حين أن قانون الجمارك المصري لم يتضمن تحديد المحكمة المختصة بجرائم التهريب الجمركي، لذلك وبالعودة إلى قانون الإجراءات الجنائية المصري ـ المادة (215) منه ـ يُرى أن المحكمة الجزائية هي المختصة بالنظر في هذا النوع من الجرائم. وهي محكمة مختصة بالنظر في المخالفات والجنح فقط دون الجنايات.
أما فيما يتعلق باختصاص المحكمة الجمركية؛ فإن المادة (234) من قانون الجمارك الحالي حددت اختصاص تلك المحكمة في الآتي:
ـ النظر في الخلافات الناجمة عن تطبيق أحكام هذا القانون.
ـ النظر في الدعاوى المتعلقة بالمخالفات الجمركية، بما في ذلك تحصيل الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب الأخرى التي تستوفيها إدارة الجمارك، وكذلك الغرامات والمصادرات المتعلقة بها.
ـ النظر في الاعتراضات على قرارات التحصيل.
ـ النظر في الاعتراضات على قرارات التغريم.
ـ يبقى من اختصاص المحكمة الجمركية النظر في الأمور المستعجلة في كل ما هو داخل في اختصاصها.
ـ في الحالات التي تقرر فيها المحكمة تسليم البضاعة المسموح باستيرادها أو وسائط النقل النظامية المحجوزة لصاحبها أو لشخص ثالث لقاء كفالة نقدية أو عقارية أو مصرفية تعادل قيمة البضاعة أو واسطة النقل المقدرة من قبل إدارة الجمارك، ولا يفك حجزها إلا بعد إيداع كفالة لدى دائرة الجمارك، ويُعدّ من يتسلّمها مسؤولاً مدنياً وجزائياً في حال إساءة الأمانة.
ـ في الحالات التي يحصل فيها خلاف حول قيمة البضاعة المهربة أو مواصفاتها أو منشئها تحيل المحكمة الجمركية الموضوع إلى اللجنة التحكيمية المنصوص عليها في هذا القانون.
ب ـ أصول المحاكمة الجمركية: كما أُشير سابقاً فإن إجراءات المحاكمة المتبعة أمام المحكمة الجمركية هي ذاتها المتبعة أمام المحكمة البدائية، مع مراعاة بعض الاختلافات البسيطة.
> الضبوط الجمركية والتبليغات: ففيما يخص تحرير الضبوط الجمركية وتنظيمها، يُلاحظ أن المادة (205) من قانون الجمارك الحالي نصت على أن يتم «تنظيم ضبط الجريمة أو المخالفة الجمركية من قبل موظَفَين اثنين على الأقل من الجمارك أو من رجال ضابطتها أو من القوى العامة الأخرى، وينظم هذا المحضر بتاريخ اكتشاف المخالفة، ويجب أن يذكر فيه بعض الأمور اللازمة كمكان وتاريخ وساعة تنظيم الضبط، وأسماء منظميه ورتبتهم وأعمالهم، وأسماء المخالفين ومهنهم وعناوينهم، ونوع البضائع المحجوزة وكمياتها وقيمتها، ويذكر أيضاً تفصيلات وقائع عملية التهريب الجمركي وإفادات الشهود عليها، ويذكر أيضاً مواد القانون التي تنطبق على المخالفة أو الجريمة الجمركية».
ثم يحال الضبط إلى المحكمة الجمركية، ويعد الضبط صحيحاً بكل ما فيه حتى يثبت العكس، كما لو ادعى صاحب المصلحة بتزوير هذا الضبط، حيث تنظر المحكمة الجمركية في الادعاء بالتزوير بما أمكن من السرعة، ولها أن تحيل ذاك الادعاء بالتزوير إلى الجهة القضائية المختصة للبت فيه، ومهما يكن؛ فإن ثبت تزوير الضبط كلياً أو جزئياً حكمت المحكمة بإلغائه أو تصحيحه. وإن تنازل مدعي التزوير عن دعواه قبل صدور الحكم، حكم عليه بتعويض نقدي يراوح من (7500 إلى 12500) ليرة سورية. أما إن ثبت صحة الضبط حكم عليه بتعويض نقدي لمصلحة الجمارك يتراوح ما بين (15000 و25000) ليرة سورية.
وفيما يتعلق بالتبليغات فإن المادتين (235 و236 من قانون الجمارك 38) شدّدتا على أنه «لموظفي الجمارك ورجال ضابطتها أن ينظموا ويبلغوا جميع الأوراق الجمركية بما في ذلك قرارات التحصيل والتغريم». وتتبع الأصول المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية في التبليغ، مع مراعاة بعض الأمور الخاصة بالجمارك.
كما أنه في حالة تغيير المطلوب تبليغه مكان إقامته المختار أو مكان عمله ـ بعد تاريخ تحرير الضبط الجمركي ـ دون إعلام دائرة الجمارك خطياً بذلك، حينئذٍ يجري تبليغه لصقاً على مكان إقامته أو عمله الأخيرين، وفي لوحة إعلانات المكتب الجمركي المختص.
وفي حالة أخرى إذا كان المطلوب تبليغه مجهولاً أو غير معلوم الموطن، وكانت قيمة البضاعة موضوع المخالفة الجمركية لا تتجاوز (100000) ليرة سورية؛ يجري التبليغ بالإلصاق في لوحة إعلانات المحكمة الجمركية والدائرة الجمركية المختصتين فقط. أما إذا تجاوزت قيمة البضاعة مبلغ (100000) ليرة سورية؛ فيضاف إلى ما سبق الإعلان أيضاً في صحيفة يومية.
وفي كل الحالات يجب أن يثبت التبليغ بالإلصاق بمحضر موقع من اثنين من موظفي الجمارك أو ضابطتها.
> طرق الطعن في أحكام المحكمة الجمركية: نصت المادة (237) من قانون الجمارك على أن الأحكام الصادرة عن المحكمة الجمركية تخضع لإجراءات الطعن ومواعيده المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية؛ مع مراعاة بعض الأمور مثل:
ـ تكون أحكام المحكمة الجمركية مبرمة ونهائية في الأحكام التي تقضي بما لا يزيد على (10000) ليرة سورية بما فيها قيمة المصادرات.
ـ تكون الأحكام من الدرجة الأولى وتقبل الطعن بالاستئناف دون النقض إذا قضى الحكم بما يزيد على (10000 ولا يتجاوز 25000) ليرة سورية، ويكون حكم محكمة الاستئناف مبرماً، كما أنه دائماً يكون حكماً وجاهياً. علماً أن الاستئناف يجب أن يكون حصراً أمام محكمة الاستئناف القائمة في مركز المحكمة الجمركية. وفي حال عدم تقديم الطعن خلال المدد المحددة في قانون أصول المحاكمات فإن الحكم يصبح مبرماً.
وقد نصت المادة (238) من قانون الجمارك على قاعدة خاصة تقضي بعدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة عن المحكمة الجمركية، إذا كان الحكم يتعلق بمواد ممنوعة أو محصور استيرادها أو تصديرها؛ إلا بعد إيداع مبلغ تأمين يعادل خمس قيمتها، على ألا يتجاوز هذا المبلغ (50000) ليرة سورية، وهذا طبعاً إضافة إلى الرسوم والتأمينات التي تقضي بها النصوص النافذة في قانون أصول المحاكمات. وهذا النص يوضح نية المشرع في التعامل مع هذه البضائع الممنوعة أو المحصورة معاملةً مشددة؛ لأن مبلغ التأمين في حال رفض الطعن سوف يضيع على الطاعن؛ مما يجعل الطاعن متأنياً جداً قبل الإقدام على الطعن بالحكم الجمركي الصادر ضده.
ثانياً ـ الإجراءات الجمركيـة:
قبل الحديث عن الإجراءات المتبعة في أثناء عملية إدخال البضائع أو إخراجها عبر حدود البلاد، لا بد من تحديد الجهة المسؤولة عن متابعة مدى صحة تلك الإجراءات في جميع مراحلها، وكذلك الأفراد والهيئات المخول لها بمزاولة العمل في التخليص الجمركي.
1ـ مديرية الجمارك العامة والمخلصون الجمركيون:
فقد نصت المادة (2/ الفقرة 1) من قانون الجمارك الحالي على إنشاء مديرية الجمارك العامة، بوصفها إدارة تابعة لوزارة المالية، ومسؤولة عن ضبط المخالفات الجمركية، وتطبيق أحكام هذا القانون.
حيث يتولى مدير الجمارك العام ـ بالمشاركة مع مجلس إدارة المديرية ـ وضع خطة عمل الإدارة وسياساتها، وتسيير شؤونها المختلفة داخل حدود البلاد. ويتألف مجلس الإدارة في المديرية العامة للجمارك من:
أ ـ مدير الجمارك العام (رئيساً).
ب ـ معاون مدير الجمارك العام (عضواً).
ج ـ آمر الضابطة الجمركية العامة، أو من يقوم مقامه (عضواً).
د ـ ممثل عن وزارة المالية برتبة مدير على الأقل (عضواً).
هـ ـ ممثل عن وزارة الاقتصاد والتجارة برتبة مدير على الأقل (عضواً).
و ـ ممثل عن وزارة الصناعة برتبة مدير على الأقل (عضواً).
ز ـ مدير التشريع والشؤون القانونية في إدارة الجمارك (عضواً).
ح ـ يحق للمجلس أن يستعين بشخصٍ يمثل أي جهةٍ عامة أخرى أو خاصة، فيما يتعلق بالمواضيع التي تخص تلك الجهة. وبالتالي يحق لذلك الشخص إبداء رأيه دون امتلاكه حق التصويت.
أما بالنسبة إلى الدوائر والمكاتب والمخافر الجمركية التي تتوزع في أرجاء البلاد؛ فهي تنشأ وتلغى بقرار من وزير المالية. كما أن اختصاصاتها وتنظيم العمل فيها يحدد بقرار صادر عن المدير العام للجمارك في سورية، وهذا ما ورد في نصوص المواد (7ـ 8 ـ9) من قانون الجمارك الحالي في سورية.
وتراعى في جميع الإجراءات الجمركية المتبعة من قبل الإدارة والدوائر والمخافر الجمركية مبادئ التبسيط والعلنية والشفافية، وتطبيقاً لذلك فهي تأخذ بالأساليب الحديثة والنظم المتقدمة فيما يتعلق بسير المعاملات الجمركية.
ولكن على الرغم مما سبق فإن الإجراءات الجمركية توصف بأنها شديدة التعقيد، لذلك فقد نصت القوانين المختلفة على أن يعهد بهذه المهمة إلى شخص متخصص ومرخص له بمزاولة مهنة التخليص الجمركي يسمى في قوانين العالم كافة بالمخلص الجمركي.
فالمخلص الجمركي يمارس دوراً مهماً وبارزاً في مجال العمل الجمركي. والغريب أن قانون الجمارك السوري جانبه الصواب عندما قصر منح ترخيص مزاولة مهنة التخليص الجمركي فقط للشخص الطبيعي، وهذا ما ورد في صريح المادة الأولى منه، والتي نصت على تعريف المخلص الجمركي بأنه «كل شخص طبيعي يمتهن إعداد البيانات الجمركية وتوقيعها وتقديمها للجمارك، وإتمام الإجراءات الخاصة بتخليص البضائع لحساب الغير».
في حين أصابت معظم القوانين العربية عندما منحت ترخيص مزاولة هذه المهنة للشخص الطبيعي والاعتباري على السواء، وذلك كما في المادة (49 /فقرة 1) من قانون الجمارك المصري رقم (66) لعام 1963 المعدل، وكذلك المادة (166) من قانون الجمارك الأردني رقم (20) لعام 1998 المعدل.
لأن الشخص الاعتباري سيكون أكثر كفاءةً وقدرةً على القيام بالواجبات الملقاة على عاتقه، كما تتوافر لديه إمكانات مالية وإدارية وقانونية تفوق حتماً قدرات الشخص الطبيعي، وهذا يُعدّ أهم ما يتطلبه العمل في التخليص الجمركي.
2ـ الإجراءات الجمركية المتبعة ضمن النطاق الجمركي للدولة:
تتلخص الإجراءات الجمركية المتبعة في العمل الجمركي بالنقاط التالية:
أ ـ تنظيم قوائم الشحن (المانيفست): وهي إجراء يقتصر عادةً النص بشأنه في القوانين على شحن البضائع عن طريق البحر، حيث يكون لكل سفينةٍ قائمة عامة وحيدة، تدرج فيها حمولة السفينة من البضائع، وتكون هذه القائمة موقعة من ربان السفينة، ويذكر فيها إضافةً إلى الحمولة اسم السفينة وجنسيتها واسم الشاحن والمشحون له. ويجب أن تقدم قوائم الشحن من قبل ربابنة السفن أو من يمثلونهم إلى مكتب الجمارك المختص خلال 24 ساعة من وصول السفينة إلى المرفأ.
ويُعتقد أنه لتطابق العلة؛ فإن الكلام ذاته يجب أن يطبق على الشحن في الطائرات، ووسائل النقل البرية عبر الدول؛ باعتبارها جميعها تمثل وسائل لنقل البضائع أيضاً عبر حدود الدول.
وقد فرضت المادة (268) من قانون الجمارك السوري غراماتٍ واجبة عند وجود مخالفات لبيان الحمولة (المانيفست)، هي على النحو التالي:
تفرض غرامة تعادل مثلي قيمة البضاعة ورسومها إلى ثلاثة أمثال قيمتها مع الرسوم عند وجود نقص غير مبرر أو زيادة غير مبررة عما أدرج في بيان الحمولة، سواء في عدد الطرود أم في محتوياتها أم في كميات البضائع المنفرطة، وفي حال تعذر تحديد القيمة أو الرسوم؛ فإنه تفرض على كل طردٍ زائد أو ناقص غرامة تراوح من (5000) إلى (10000) ليرة سورية. وفي هذا تشديد على أهمية قوائم الشحن في إطار إتمام العمل الجمركي.
ب ـ البيانات الجمركية: تنص قوانين الجمارك المختلفة على أهمية وجود البيانات الجمركية التي تقدم إلى الدوائر الجمركية؛ لإتمام عملية التخليص الجمركي.
فالمادتان (69) من قانون الجمارك السوري، و(43) من قانون الجمارك المصري تنصان على أنه «يجب أن يُقَدَّمَ لدائرة الجمارك بيان تفصيلي «شهادة إجراءات» عند تخليص أي بضاعة ـ حتى ولو كانت معفاة من الضرائب الجمركية ـ يتضمن جميع المعلومات التي تمكّن من تطبيق الأنظمة النافذة، واستيفاء الضرائب والرسوم الواجبة، أو لغايات الإحصاء».
مع العلم أن تحديد نموذج هذا البيان ومضمونه، وعدد نسخه، والمعلومات المطلوب إدراجها فيه؛ هو أمر يحدده مدير الجمارك العام في سورية بقرار صادرٍ عنه، وذلك وفقاً للمادة (70) من قانون الجمارك الحالي، في حين يصدر بتحديده قرار من وزير المالية كما ورد في قانون الجمارك المصري، وبعض قوانين الدول العربية الأخرى.
ويجب أن يتضمن البيان الجمركي جميع المعلومات والإيضاحات والعناصر التي تمكن من تطبيق الأنظمة الجمركية واستيفاء الضرائب. كما يجب أن يتم تقديم البيان الجمركي من أصحاب البضائع أنفسهم أو من وكلائهم المقبولين لدى الجمارك، أو من قبل المخلصين الجمركيين المرخص لهم بالعمل. ويجب أن يسجل البيان برقم متسلسل سنوي بعد التحقق من مطابقته لأحكام القانون. وأياً يكن؛ فإن الموقّع على بيان الشحن يعدّ مسؤولاً عن صحة ما ورد فيه، وهذا مع الإبقاء في كل الأحوال على مسؤولية صاحب البضاعة، وقد ورد ذلك في صريح المادة (44) من قانون الجمارك المصري، وهو ما يستدل عليه من نصوص قانون الجمارك السوري، وإن لم يرد النص عليه صراحةً.
ونظراً لأهمية البيانات الجمركية في إثبات ما فيها من معلومات وبيانات، فقد شدّدت القوانين الجمركية المختلفة على منع حصول أي تعديل في الإيضاحات والمعلومات الواردة في البيان الجمركي بعد تقديمها للجمارك إلا بعذر مقبول وبموجب موافقة من مدير الدائرة الجمركية المختصة، وقد أجاز قانون الجمارك السوري في المادة (73) منه أن يتم تقديم طلب تصحيح أو تعديل من قبل مقدم البيان ذاته، وفيما يخص العدد أو الوزن أو القياس أو القيمة؛ بشرط تقديمه قبل إحالة البيان الجمركي لجهاز المعاينة وخلال 24 ساعة من تقديم البيان الجمركي.
وفي كل الأحوال لا يجوز ترك البيانات مفتوحة لمدة طويلة نتيجة لضغوط العمل الجمركي، لذا فقد نص القانون على حق الدوائر الجمركية في إلغاء البيانات خلال 15 يوماً من تاريخ تقديمها إذا لم تسدد الرسوم والضرائب الواجبة على البضائع المذكورة فيها، أو إذا لم تستكمل مراحل تخليص هذه البضائع من الجمارك لأسباب تتعلق بمقدميها. كما يحق للدوائر الجمركية أن توافق على طلب مقدم البيان الجمركي بإلغائه؛ ما دامت لم تدفع عنه الرسوم والضرائب الواجبة. ويستثنى من ذلك حالة وجود مخالفة أو خلاف بين الطرفين، فحينئذٍ لا يسمح بالإلغاء إلا بعد إنهاء تلك المخالفة أو حسم ذلك الخلاف.
وتجدر الإشارة إلى أن القوانين الجمركية عموماً تجيز لأصحاب البضائع أو من يمثلونهم قانوناً أن يطلبوا فحص بضائعهم وأخذ عيناتٍ منها عند الاقتضاء، وذلك بموافقة موظفي دائرة الجمارك المختصة وإشرافهم. وقد شدّد قانون الجمارك السوري في المادة (76) منه على منح الجهات القضائية والجهات الرسمية المختصة ـإضافة إلى من ذكروا أعلاهـ حق الاطلاع على البيانات الجمركية.
ج ـ معاينة البضائع في الدوائر الجمركية: بعد تقديم البيان الجمركي للدائرة الجمركية المختصة؛ يقوم موظفو الجمارك الموجودون بفحص البضائع ومعاينتها كلياً أو جزئياً، والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشئها ومدى مطابقتها للبيان، والأصل أن تتم المعاينة داخل الحرم الجمركي، ويسمح في بعض الحالات بإجرائها خارجه بناءً على طلب أصحاب العلاقة وعلى نفقتهم (سواءً من حيث نقل الطرود أم فتحها أم إعادة تغليفها)، وذلك وفقاً للقواعد المحددة من قبل مديرية الجمارك العامة، وطبيعة البضائع هي التي توجب ذلك أحياناً، كما أن نقص الأدوات والمعدات الموجودة لدى الإدارات الجمركية تجبر أصحاب العلاقة على طلب ذلك أحياناً، لذلك في هذه الحالة يجب أن يكون ذلك على نفقة الإدارة الجمركيةم وليس أصحاب العلاقة.
كما أن المعاينة يجب أن تتم ـ عادةً ـ بحضور مقدم البيان أو من يمثله قانوناً، وفي حالات الضرورة (كالشك في وجود بضائع ممنوعة قانوناً) أو في حالة الاستعجال يمكن إجراء المعاينة دون حضورهم بواسطة لجنة يعينها مدير الدائرة المختصة لهذا الغرض.
وفي مسألةٍ جديرةٍ بالاهتمام، شدّدت المادة (79) من قانون الجمارك السوري على أنه في أثناء المعاينة، إذا ما تبين وجود نقصٍ أو تبديلٍ في محتويات طرود البضاعة عما هو وارد في البيان الجمركي؛ فإن المسؤولية عن هذا النقص أو التبديل تتحدد على الشكل التالي:
ـ إذا كانت الطرود قد أدخلت المخازن الجمركية أو المستودعات بحالة ظاهرية سليمة يتأكد معها حدوث النقص في بلد مصدر البضاعة وقبل شحنها، فإن المسؤولية تنتفي عن أي طرف.
ـ وفي حال كانت الطرود الداخلة إلى المخازن الجمركية أو المستودعات بحالة ظاهرية غير سليمة، وجب على الهيئة التي تستثمر تلك المخازن أن تقوم مع دائرة الجمارك والشركة الناقلة بإثبات هذه الحالة في محضر الاستلام، والتحقق من وزنها ومحتوياتها، ويتوجب على الهيئة المستثمرة اتخاذ التدابير اللازمة كافة لحفظ تلك البضائع وسلامتها. وعندئذٍ يكون الناقل مسؤولا عن ذلك النقص ما لم يثبت تسلمه للطرود ومحتوياتها بالشكل والنحو الذي شوهدت فيه عند إدخالها المخازن الجمركية والمستودعات.
ـ أما إذا دخلت الطرود للمخازن الجمركية والمستودعات بحالة ظاهرية سليمة ثم أصبحت بعد إدخالها موضع شبهة؛ فإن الهيئة المستثمرة لتلك المخازن والمستودعات تكون هي المسؤولة عن أي نقص أو تبديل في البضاعة.
ولدائرة الجمارك الحق في طلب تحليل البضاعة لدى محلل معتمد من قبل إدارة الجمارك العامة، وذلك للتحقق من نوعها أو مواصفاتها أو مدى مطابقتها للأنظمة، ويكون لها في الوقت ذاته إلى جانب أصحاب العلاقة الاعتراض على نتيجة التحليل الصادرة؛ أمام لجنة التحكيم التي ينص قانون الجمارك على تشكيلها وعملها، ويتوجب على تلك اللجنة أن تنظم ضبطاً بنتيجة المعاينة التي توصلت إليها.
وأجاز المشرع للدائرة الجمركية إتلاف البضائع التي يثبت ضررها من خلال المعاينة والتحليل، ويكون هذا الإتلاف على نفقة أصحابها وبحضورهم أو بحضور من يمثلهم قانوناً، ويستثنى من ذلك حالة ما إذا أعادوا تصدير تلك البضائع خلال المهلة التي تحددها لهم الدائرة الجمركية. وفي حال تخلف أصحاب البضاعة أو من يمثلهم عن حضور الإتلاف أو عدم قيامهم بإعادة التصدير خلال المهلة المذكورة؛ تتم عملية الإتلاف حتماً وعلى نفقتهم من قبل الدائرة الجمركية حيث تنظم محضراً للإتلاف، وتغرمهم بضعف نفقات الإتلاف، وتتم ملاحقتهم بتلك النفقات بحسب قانون جباية الأموال العامة رقم (341) لعام 1956.
وقد انفرد قانون الجمارك السوري بنص فريد ومميز ورد في المادة (84) منه يتعلق بحالة تعذر إتلاف البضائع رغم التأكد من كونها تعدّ خطراً على الأمن أو الصحة أو السلامة العامة، فقد عدّها النص بضاعة ممنوعة من نوعٍ معيّن، ويلتزم أصحابها بإعادة تصديرها تحت طائلة الملاحقة الجمركية والجزائية (ومثال تلك المواد النفايات النووية) التي يتعذر إتلافها أو دفنها دون التأثير في الصحة والسلامة العامة.
وفي المحصلة يتم بعد الانتهاء من المعاينة والتحليل استيفاء الرسوم والضرائب من قبل الدائرة الجمركية، وذلك وفقاً لمحتويات البيان الجمركي؛ ما لم تكن نتيجة المعاينة مختلفة عن محتوى البيان، عندها يتم فرض تلك الضرائب والرسوم على أساس النتيجة، مع الإبقاء على حق الدائرة الجمركية في الملاحقة القانونية لاستيفاء الغرامات الواجبة على تلك المخالفة (مخالفة البيان) وفقاً لأحكام هذا القانون.
د ـ سحب البضائع من الدوائر الجمركية: إن سحب البضائع من الجمارك متعلق بتأدية ما يترتب عليها من رسوم وضرائب، أو بتقديم ضمانة بتسديدها، وبإتمام الإجراءات الجمركية. وفي حال تسديد تلك الرسوم والضرائب؛ يتوجب على موظفي الجمارك إعطاء إيصال بالدفع باسم مقدم البيان الجمركي (سواء كان هو صاحب البضاعة أم ممثله القانوني). ويصبح ذلك الشخص بريء الذمة تجاه الجمارك؛ وبالتالي لا يوجد ما يمنع حينئذٍ من سحب البضاعة من الدائرة الجمركية المختصة.
وقد وضع المشرع السوري استثناءً (ورد في المادة 97 من قانون الجمارك الحالي) عند إعلان حالة الطوارئ بسحب البضائع فوراً أو بعد معاينتها وقبل تأدية الرسوم والضرائب عليها، وذلك مقابل ضمانات وشروط خاصة يحددها وزير المالية.
كما أنه في المادة (98) أيضاً أجاز سحب البضائع بعد معاينتها وقبل تأدية الرسوم والضرائب الواجبة عليها؛ إذا ما قام المكلف بتقديم ضمانة مصرفية أو نقدية ضمن شروط يحددها الوزير؛ شرط ألا تتجاوز مدة تقديم الضمانة ثلاثين يوماً من انتهاء المعاينة.
مع العلم أن قانون الجمارك السوري شأنه شأن معظم قوانين الجمارك أخضع البضائع المستوردة من قبل الدولة أو هيئاتها ومؤسساتها العامة وكذلك المنظمات الشعبية للضرائب الجمركية والرسوم الواجبة ما لم يرد نص خاص بإعفائها منها.
ثالثاً ـ الضابطة الجمركية:
رغم أن قانون الجمارك الحالي قد تضمن في الكثير من مواده الحديث عن عمل الضابطة الجمركية وصلاحياتها ومهامها؛ فإن المشرع السوري فضّل إصدار قانونٍ مستقل صدر في العام ذاته الذي صدر فيه قانون الجمارك رقم (38)؛ ليكون خاصاً بالضابطة الجمركية في سورية، وهو القانون رقم (37) لعام 2006.
ومبرر هذا التلازم في صدور قانون الضابطة الجمركية رقم (37) مع قانون الجمارك رقم (38) هو أهمية عمل هذه الفئة من موظفي الجمارك، وفي الوقت ذاته بيان حدود صلاحياتهم واختصاصاتهم؛ على اعتبار أنه يعول عليهم على نحو رئيسي في جرائم التهريـب الجمركي.
1ـ تكوين الضابطة الجمركية:
المادة (1) من القانون (37) عرّفت الضابطة الجمركية بالمعنى الضيق بأنها «الأداة التنفيذية المسلحة لمديرية الجمارك العامة، وتُعدّ عناصرها من القوى العامة، ومن رجال الضابطة العدلية في حدود اختصاصهم، ويرأسها آمر الضابطة الجمركية».
وهذا ما نصت عليه أيضاً المادة (192) من قانون الجمارك رقم (38)، بل زادت عليه فقرة مهمة جداً لم ترد في قانون الضابطة ذاته، وهي أنها شدّدت على عدم جواز ملاحقتهم أمام القضاء عن الجرائم الناشئة من الوظيفة إلا بعد موافقة لجنةٍ تشكل بقرارٍ من وزير العدل (باستثناء حالة الجرم المشهود حيث تتم الملاحقة مباشرة). ويكون تشكيل اللجنة المذكورة على النحو التالي:
> قاضي نيابة عامة لا تقل مرتبته عن محامٍ عام (رئيساً).
> قاضٍ لا تقل مرتبته عن قاضي بداية (عضواً).
> ممثل عن إدارة الجمارك لا تقل مرتبته عن مدير يسميه مدير الجمارك العام (عضواً).
والجدير بالذكر أن تبعية الضابطة الجمركية (باعتبارها جزءاً من الجمارك) لوزير المالية؛ يجعل من الوزير صاحب سلطة التعيين لكبار موظفي الضابطة الجمركية كمعاوني آمر الضابطة الجمركية ورؤساء الشعب والضابطات الجمركية الفرعية، أما آمر الضابطة الجمركية فيعين بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
أما بقية رجال الضابطة الجمركية فيتم تعيينهم من قبل مجلس الضابطة الجمركية. ومن يمتلك سلطة التعيين يمتلك سلطة النقل والترفيع وإنهاء الخدمة، وهذا ما ورد في المادة (6) من قانون الضابطة رقم (37).
ويتولى إدارة شؤون الضابطة الجمركية ومراقبة أعمالها في مكافحة التهريب الجمركي مجموعة هيئات وأفراد حددتهم المادة (1) من القانون (37) على النحو الآتي:
(أ) مجلس الضابطة الجمركية: وهو ـ كما عرفته المادة الأولى من قانون الضابطة ـ المجلس الذي يشرف على عمل الضابطة في مكافحة التهريب، ويصدر التعليمات والقرارات الناظمة لذلك كافة. ويتألف المجلس مما يلي:
> مدير الجمارك العام (رئيساً).
> المعاون الأول لمدير الجمارك العام (عضواً).
> آمر الضابطة الجمركية (عضواً).
> المعاون الأول لآمر الضابطة الجمركية (عضواً).
> المعاون الثاني لآمر الضابطة الجمركية (عضواً).
(ب) مديرية شؤون الضابطة الجمركية: وهي إحدى المديريات المركزية في إدارة الجمارك العامة، ترتبط بها كل الضابطات الجمركية الفرعية المنتشرة في أنحاء القطر، ويناط بهذه المديرية مراقبة الأعمال والمهام الموكولة إلى عناصر الضابطة.
(ج) آمر الضابطة الجمركية: يُعدّ المدير الإداري لعناصر الضابطة الجمركية، وهو برتبة عميد على الأقل، ويتولى إدارة أعمال مديرية شؤون الضابطة الجمركية ومتابعة عناصرها وحسن أداء أعمالهم في جميع أرجاء القطر.
ـ كما أن المادة (1) من القانون (37) ذكرت بعض الوحدات التي تعد جزءاً من تكوين الضابطة الجمركية في سورية عموماً، وهي:
(1) ـ الشعبة الجمركية: وهي وحدة عمل إداري يرأسها رئيس شعبة بمرتبة عميد أو عقيد على الأقل، يعاونه عدد من عناصر الضابطة الجمركية، وترتبط هذه الشعبة بمديرية شؤون الضابطة الجمركية مباشرةً.
(2) ـ الضابطة الجمركية الفرعية: وهي وحدة عمل ميداني يرأسها رئيس ضابطة برتبة عميد أو عقيد على الأقل، ويعاونه عدد من رؤساء المناطق والمفارز الجمركية، وتكون مرتبطة مباشرة بمديرية شؤون الضابطة الجمركية.
(3) ـ المنطقة الجمركية: هي وحدة عمل ميدانية أصغر من الضابطة الجمركية الفرعية، يرأسها رئيس منطقة، تراوح رتبته العسكرية بين ملازم كحد أدنى وعقيد كحد أعلى، ويعاونه في عمله عدد من رؤساء المفارز الجمركية، وهي ترتبط مباشرة برئيس الضابطة الجمركية.
(4) ـ المفرزة الجمركية: هي وحدة عمل ميدانية يرأسها رئيس مفرزة برتبة عريف كحد أدنى ومساعد أول كحد أعلى، ويعاونه عدد من الخفراء العاديين والسائقين والميكانيكيين والبحارة، وهي ترتبط برئيس المنطقة الجمركية مباشرةً.
(5) ـ المكتب السري لمكافحة التهريب الجمركي: الذي ورد ذكره منفرداً في المادة (26) من قانون الضابطة الجمركية رقم (37)، والذي يُعدّ إحدى الضابطات الجمركية التي تُلحَق مباشرةً بمجلس الضابطة الجمركية، الذي يكون مختصاً بتحديد ملاكه الخاص السري، وكذلك تعديله كلما قضت الحاجة وتحديد رواتب أعضائه ونفقاتهم. ومهمة هذا المكتب تقديم المعلومات المتعلقة بالتهريب والمهربين إلى أحد أعضاء مجلس الضابطة الجمركية حصراً.
2ـ مهام الضابطة الجمركية:
المادة الرابعة من قانون الضابطة رقم (37) حددت مهام الضابطة الجمركية في النقاط التالية:
أ ـ مكافحة التهريب على امتداد الحدود البرية والبحرية والجوية للجمهورية العربية السورية، وضمن المجالات المحددة بالقوانين والأنظمة النافذة.
ب ـ تنفيذ جميع الأعمال التي تكلف بها من المدير العام للجمارك على أن تخضع في ذلك لإشراف مديري الجمارك المركزيين والإقليميين ومراقبتهم ومتابعتهم وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة.
ج ـ المساهمة في الدفاع عن حدود الوطن، وضبط النظام والأمن العام وتقديم المؤازرة للجهات الرسمية الأخرى.
وإن طبيعة هذه الأعمال وارتباطها بالأمن والنظام العام هو ما دفع المشرع السوري إلى اعتبار الضابطة الجمركية من رجال الأمن العام، وتمتعهم بصفة الضابطة العدلية في حدود اختصاصهم، مع العلم أن رجال الضابطة العدلية عموماً يمتلكون مزايا وصلاحيات واسعة جداً (كسلطة التفتيش والقبض والمداهمة… إلخ) إذا ما قورنوا بغيرهم من موظفي الدولة، أي إنها تعدّ فرعاً من فروع الضابطة العدلية المتخصصة في الضبط الجمركي أي منع وقوع الجرائم والمخالفات الجمركية، ولأعضائها ما لأعضاء الضابطة العدلية من الصلاحيات المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية سواء في الأحوال العادية أم في حالات الجرم المشهود.
والجدير بالذكر أن المدير العام لإدارة الجمارك يعطي موظفي الجمارك عموماً ورجال الضابطة الجمركية على وجه الخصوص تفويضاً للخدمة، وعليهم أن يحملوه عند أداء عملهم، وأن يبرزوه عند الطلب.
ولم يرد في قانون الضابطة رقم (37) نص القسم القانوني الذي يؤديه جميع موظفي الجمارك ورجال الضابطة الجمركية عند بدء تعيينهم، والذي أورده بالمقابل قانون الجمارك رقم (38)، حيث نصت المادة (192) منه على أن «هناك يميناً قانونية مشتركة يؤديها موظفوا ورجال الضابطة الجمركية عند بدء تعيينهم، وذلك أمام محكمة البداية الجزائية أو محكمة صلح الجزاء في المنطقة التي جرى تعيينهم فيها، والنص الحرفي لهذا القسم القانوني هو:
(أقسم بالله العظيم أن أقوم بواجبات الوظيفة بكل صدقٍ وتجردٍ وأمانة)».
ولعل في حلف هذه اليمين من قبل رجال الضابطة الجمركية نوعاً من الوازع الديني لهم على الالتزام بأداء عملهم دون تجنٍّ أو ظلم للأفراد الذين يخضعون للإجراءات الجمركية. ففي العمل الجمركي ومدى شفافيته وسرعة أدائه حافز للمواطنين والأجانب على القيام بعمليات الاستيراد والتصدير، وإدخال البضائع إلى سورية وإخراجها منها على نطاق واسع.
وتنص المادة (194) من القانون (38) على السماح لرجال الضابطة الجمركية بحمل السلاح المطلوب لأداء أعمالهم. وفي الوقت ذاته تشدّد المادة التي تليها على أن على كل عضو في الضابطة الجمركية يترك وظيفته لأي سببٍ كان أن يعيد حالاً وفوراً ما في عهدته من سلاح وتفويض وسجلات وتجهيزات… وغيرها إلى الجهة المختصة التي يتبعها.
ـ وقد أعطى قانون الجمارك رقم (38) أيضاً لرجال الضابطة الجمركية ـ في سبيل تطبيق أحكامه ومكافحة التهريب الجمركي ـ الحق في القيام بالكشف على البضائع ووسائط النقل المختلفة ضمن الحدود المقررة والمرسومة من إدارة الجمارك العامة، وذلك وفقاً لأحكام هذا القانون والقوانين الأخرى النافذة. كما منحهم الحق في الصعود إلى جميع السفن الموجودة في المرافئ المحلية، وكذلك السفن والمراكب الداخلة إليها أو الخارجة منها، وأيضاً منحهم حق مراقبة تفريغ حمولات السفن، والمطالبة بفتح غرف السفن وكُوَاها وخزائنها.
ويعدّ من ضمن اختصاصات رجال الضابطة الجمركية وأهمها القيام بأعمال التحري عن التهريب الجمركي؛ مما يخولهم بالتالي حجز البضائع وتحقيق المخالفات الجمركية ضمن النطاق الجمركي البري والبحري؛ وكذلك في المرافئ والمطارات. بل وأحياناً خارج النطاق الجمركي عند قيامهم بمتابعة بضائع مهربة ومطاردتها المتواصلة إذا شوهدت تلك البضائع ضمن النطاق الجمركي في وضعٍ يستدل منه قصد تهريبها، وهذا ما يفسر تحريهم عن التهريب في الأسواق المحلية أحياناً.
كما أنه يحق لرجال الضابطة الجمركية عند تكليفهم بالتحقيق أو الرقابة اللاحقة على استيراد البضائع أن يطّلعوا على وثائق الشحن والقوائم والمراسلات التجارية والعقود والسجلات وكل الوثائق والمستندات المتعلقة ـ بصورة مباشرة أو غير مباشرة ـ بالعمليات الجمركية، وأن يضعوا يدهم عليها لدى أي جهةٍ توجد بجعبتها تلك الوثائق.
3ـ واجبات الضابطة الجمركية وحقوقها:
بالرجوع إلى المحتوى العام للقسم القانوني الذي يؤديه رجال الضابطة الجمركية؛ يُلاحظ أنه يتضمن حسن أداء وظيفتهم في مكافحة التهريب الجمركي وحماية حدود الوطن وأمنه ونظامه العام. وهذا ما يرتب على عاتق الضابطة الجمركية بعض الواجبات المتمثلة في:
ـ ارتداء اللباس العسكري ووضع الشارات المميزة: وهذا لمنع حصول أي التباس فـي هويتهم من قبل المواطنين.
ـ حمل الرتب العسكرية التي سبق ذكرها.
ـ حمل السلاح في أثناء قيامهم بواجبهم الوظيفي واستعماله عند الحاجة فقط، وذلك استناداً إلى خطورة عمل رجال الضابطة الجمركية وطبيعة مهمتهم التي تجعلهم على تماسٍ واحتكاكٍ مباشر مع مجرمين وعصابات تهريبٍ خطرةٍ ومسلحة في كثيرٍ من الأحيان.
وعلى الطرف الآخر يتمتع عناصر الضابطة الجمركية بمجموعة من الحقوق المالية والمعنوية مثل:
ـ تقديم اللباس الرسمي لهم مجاناً من قبل المديرية العامة للجمارك.
ـ تقديم المؤازرة لعناصر الضابطة الجمركية عند الطلب من قبل السلطات المدنية أو العسكرية الموجودة في القطر.
ـ تتحمل مديرية الجمارك العامة نفقات علاج عناصر الضابطة الجمركية في المستشفيات العامة والخاصة عند الضرورة؛ بالنسبة إلى الحوادث الناجمة عن الخدمة أو بسببها، ووفق شروط يحددها مجلس الضابطة الجمركية. أما العسكريون من الضابطة فيقبلون للعلاج مجاناً في المستشفيات العسكرية.
ـ استحقاق عناصر الضابطة الجمركية أو ورثتهم للمعاشات التقاعدية على نحو استثنائي وبنسبٍ خاصة في حالات العجز الكلي والجزئي وحالات الوفاة الناجمة عن أداء خدمتهم. وهذا ما أوردته المادة (9) من قانون الضابطة رقم (37).
ـ بالنسبة لرواتب وأجور الضابطة الجمركية، فقد أكدت المادة (10) من القانون (37) على منح علاوة ترفيع استثنائية بنسبة 25% من الرواتب الشهرية المقطوعة بدءاً من نفاذ هذا القانون (في 1/8/2006). أي زيادة رواتب عناصر الضابطة بنسبة 25% بدءاً من تاريخ نفاذه، وذلك مع احتفاظ عناصر الضابطة الجمركية بقِدَمهم المكتسب للترفيع المقبل.
وباستثناء بعض النقاط الخاصة بالترفيعات العسكرية، يُلاحظ خضوع ترفيع عناصر الضابطة الجمركية في جزءٍ كبير منها للقواعد العامة المتعلقة بالترفيع والعلاوات الواردة في قانون الموظفين الأساسي رقم (135) لعام 1945.
وقد ذكرت المادة (12) من القانون (37) أنه يوقف ترفيع عناصر الضابطة الجمركية بالرتبة عند بلوغهم سقف وظيفتهم، ويستمر الترفيع بالأجر فقط مع زيادة سقف الراتب عما كان في ظل القانون القديم وجعله بالنسبة إلى الحلقة الأولى من عناصر الضابطة الجمركية لغاية (24000) ليرة سورية، وللحلقة الثانية (18000) ليرة سورية وللحلقة الثالثة (16000) ليرة سورية.
4ـ مساءلة عناصر الضابطة الجمركية ومعاقبتهم:
على الرغم من أن المادة (192) من قانون الجمارك ـ السابق ذكرهاـ شدّدت على عدم جواز ملاحقتهم أمام القضاء عن الجرائم الناشئة من الوظيفة إلا بعد موافقة لجنةٍ تشكل بقرارٍ من وزير العدل (باستثناء حالة الجرم المشهود حيث تتم الملاحقة مباشرة)؛ فإن هذا لا ينفي المساءلة التأديبية للمخطئين والمقصرين من عناصر الضابطة الجمركية.
حيث تصنف العقوبات المفروضة بحق عناصر الضابطة الجمركية إلى ثلاث درجات رتبتها المادة (13) من قانون الضابطة رقم (37) بحسب شدتها من الأقل فالأشد كما يلي:
أ ـ عقوبات الدرجة الأولى: وهي تضم العقوبات التالية:
ـ التنبيه (من مرّة إلى ثلاث مرات).
ـ التوبيخ المسجل.
ـ حسم الراتب (من يوم إلى خمسة أيام).
وتفرض هذه العقوبات من قبل ثلاث جهات حددتها المادة (14) من القانون (37)، وهي:
> آمر الضابطة الجمركية: يحق له فرضها بحق عناصر الضابطة الجمركية باستثناء معاوني آمر الضابطة، ورؤساء الشعب والضابطات الجمركية الفرعية، الذين ينظر وزير المالية بمعاقبتهم بناءً على اقتراح مجلس الضابطة الجمركية.
> معاونا آمر الضابطة الجمركية: يحق لهما فرض تلك العقوبات بحق رؤساء المناطق والمفارز الجمركية والخفراء.
> المديرون الإقليميون: يحق لهم فرض عقوبات الدرجة الأولى بالنسبة إلى خفراء الحراسة والمكلفين بأعمال مكتبية في المديريات والأمانات الجمركية بالتنسيق مع رئيس الضابطة.
ب ـ عقوبات الدرجة الثانية: وهي تضم ما يلي:
ـ التوبيخ مع تأخير الترفيع (لمدة تتراوح من 6 أشهر إلى ستة واحدة).
ـ النقل التأديبي.
ـ تنزيل الدرجة الوظيفية.
ـ الإحالة على الاستيداع التأديبي (لمدة لا تزيد على 3 أشهر).
ـ شطب الاسم من جدول الترفيع أو من لائحة الناجحين نتيجة مسابقة للترفيع إلى مرتبة أعلى.
وتفرض هذه العقوبات من قبل مجلس الضابطة الجمركية بحق عناصر الضابطة باستثناء معاوني آمر الضابطة ورؤساء الشعب الجمركية والضابطات الفرعية الذين ينظر وزير المالية في معاقبتهم.
ج ـ عقوبات الدرجة الثالثة: وهي تضم العقوبات التالية:
ـ تنزيل المرتبة الوظيفية والرتبة العسكرية.
ـ الإحالة على الاستيداع التأديبي (لمدة من 3 أشهر ولغاية سنة).
ـ التسريح أو الإحالة على التقاعد حكماً.
ـ الطرد.
وتفرض عقوبات هذه الدرجة من قبل وزير المالية بحق جميع عناصر الضابطة الجمركية بناءً على رأي مجلس التأديب.
حيث يتألف مجلس التأديب في الجمارك كما ذكرت المادة (17) من قانون الضابطة رقم (37) من العناصر التالية:
(1) آمر الضابطة الجمركية (رئيساً).
(2) معاون آمر الضابطة الجمركية الأول (عضواً).
(3) رئيس شعبة أو رئيس ضابطة جمركية فرعية (عضواً).
(4) أحد عناصر الضابطة من فئة العنصر المتهم والذي يختار اسمه بالقرعة من قبل رئيس المجلس أو من ينوب عنه (عضواً).
(5) رئيس شعبة الذاتية (شؤون العاملين) في مديرية شؤون الضابطة الجمركية (عضواً).
ويلاحظ في تشكيل مجلس التأديب مراعاة الحياد والنزاهة وعدم التحامل في مساءلة عنصر الضابطة المتهم، خصوصاً عندما نصت المادة (17) من القانون على منع أن يكون رؤساء المتهم من بين أعضاء مجلس التأديب، ومنحت المتهم أيضاً حق الاطلاع على أوراق الإضبارة التأديبية، وبذلك يتسنى له معرفة الأدلة المعتمدة ضده وسير الجلسات التأديبية على نحو واضح ودقيق.
وقرارات مجلس التأديب تصدر بالأكثرية، وفي حال تعادل الأصوات يعدّ صوت رئيس المجلس مرجحاً. كما أن قرارات المجلس التأديبية ـ أياً كان مضمونهاـ يجب أن يصادق عليها من قبل وزير المالية قبل تنفيذها وتبليغها.
وفي حال تمت إحالة عنصر الضابطة المتهم إلى القضاء؛ فإنه يمتنع على مجلس التأديب النظر في قضيته إلا بعد صدور حكم مبرم من القضاء.
5ـ أحكام متفرقة تخص الضابطة الجمركية:
تجدر الإشارة إلى أن عناصر الضابطة الجمركية ـ في نهاية الأمرـ موظفون؛ وبالتالي فقد شدّد قانون الضابطة الجمركية رقم (37) لعام 2006 على أن تطبق الأحكام الواردة في قانون الموظفين الأساسي رقم (135) لعام 1945 وتعديلاته المتعلقة بالإدارات العامة في كل ما لم ينص عليه صراحة في هذا القانون؛ كالإجازات العادية والمرضية والاستثنائية الممنوحة لعناصر الضابطة الجمركية، والمحددة بالنظام الداخلي لقانون الموظفين رقم (135).
وقد ذكرت المادة (19) من القانون (37) على جواز منح المكافآت التالية لعناصر الضابطة:
ـ التشجيع (وذلك بمنح عنصر الضابطة الُمكَافأ علامة واحدة إلى ثلاث علامات في تقييمه اللازم لترفيعه).
ـ شهادة رضا (من شهادة إلى ثلاث شهادات تمنح للعنصر المراد مكافأته).
ـ رمز الشرف (مكافأة معنوية تسهم في تحفيز معنويات العنصر ورفعها).
ـ الوسام الجمركي. وبالنسبة إلى التعويضات فإن عناصر الضابطة الجمركية يستفيدون وفق المادة (21) من القانون (37) من تعويض طبيعة عمل قدره 8% من الراتب المقطوع، ومن تعويض مسؤولية يوزع على الشكل التالي:
> آمر الضابطة الجمركية يتقاضى 2000 ل.س شهرياً.
> معاون آمر الضابطة الجمركية يتقاضى تعويض 1800 ل.س شهرياً.
> رئيس شعبة أو رئيس ضابطة جمركية يتقاضى تعويض 1500 ل.س شهرياً.
> رئيس منطقة جمركية يتقاضى تعويض 1200 ل.س شهرياً.
> رئيس مفرزة جمركية يتقاضى تعويض 1000 ل.س شهرياً.
> أما باقي عناصر الضابطة الجمركية فيتحدد تعويض المسؤولية الخاص بهم بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
وأيضاً بالنسبة إلى تعويضات الانتقال وأجور النقل وتعويضات البحر بالنسبة إلى رجال الضابطة العاملين في المرافئ؛ فتحدد بقرار من وزير المالية.
هذا بالإضافة إلى إجازة القانون (37) وبنص المادة (22) منه صرف تعويض خاص يحدد بقرار من رئيس مجلس الضابطة الجمركية لعناصر الضابطة الذين يتحملون خسائر مادية في أثناء عملهم أو بسببه ودون وجود إهمالٍ أو خطأ منهم.
6ـ انتهاء خدمة عناصر الضابطة الجمركية:
نصت المادة (23) من القانون (37) على انتهاء خدمة عناصر الضابطة الجمركية عند بلوغهم السن القانونية التي تتناسب مع رتبتهم العسكرية أو مع طبيعة وظيفتهم، حيث تراوح تلك السن ما بين 44 سنة بالنسبة إلى العنصر برتبة ملازم، وبين 60 عاماً بالنسبة إلى المستخدمين وضاربي الآلة الكاتبة وفنيي الحاسوب واللاسلكي. مع جواز التمديد سنةً فسنة لكل من سبق، وذلك بقرارٍ من وزير المالية، وبناءً على اقتراح من مجلس الضابطة الجمركية؛ على ألا تتجاوز فترة التمديد سنتين.
كما أجازت المادة (23) أيضاً إنهاء خدمة عنصر الضابطة الجمركية قبل بلوغ السن القانونية في حالات حددتها على سبيل الحصر لا المثال، وهي:
1ـ إحالة عنصر الضابطة على التقاعد بناءً على طلبه قبل بلوغه السن القانونية.
2ـ قبول استقالته.
3ـ تسريحه تأديبياً بناءً على قرار مجلس التأديب.
4ـ تسريحه صحياً بناءً على قرار لجنة تسريح العاملين.
5ـ تسريحه لعدم الكفاءة المسلكية خلال فترة التمرين.
6ـ طرده من الخدمة.
7ـ وفاته.
مع العلم أن ما يسري على الموظفين بموجب القانون رقم (135) لعام 1945 فيما يتعلق باعتبار الموظف بحكم المستقيل يسري أيضاً على عنصر الضابطة الجمركية. وهذا ما أكدته المادة (25) من القانون رقم (37)، والتي ذكرت ـ وعلى سبيل الحصرـ الحالات الخمس التي يُعدّ فيها عنصر الضابطة الجمركية بحكم المستقيل عند عدم وجود أسباب قاهرة، وهي الآتية:
ـ العنصر المعيّن أو المنقول الذي لم يباشر وظيفته خلال 15 يوماً من تاريخ تبلّغه قرار التعيين أو النقل.
ـ العنصر الذي ترك وظيفته دون إجازة قانونية، ولم يستأنف عمله خلال 15 يوماً من تاريخ تركه الوظيفة.
ـ العنصر الذي تغيب دون إجازةٍ قانونية لأكثر من ثلاثين يوماً عن عمله بصورة متقطعة خلال عامٍ واحد.
ـ العنصر المجاز الذي لم يستأنف عمله خلال 15 يوماً من تاريخ انتهاء إجازته.
ـ الموفدون والمعارون والمندبون الذين تغيبوا أكثر من شهر من تاريخ انتهاء إيفادهم أو ندبهم أو إعارتهم.
ومن كل ما سبق يُلاحظ أن قانون الجمارك رقم (38) لعام 2006 وكذلك قانون الضابطة الجمركية رقم (37) لعام 2006 أيضاً قد تجاوزا معظم الثغرات التي كانت موجودة في قانون الجمارك السابق رقم (9) لعام 1975 وما قبله من القوانين والمراسيم التشريعية الصادرة في سورية. وهذا أمر منطقي تجاه حالة الانفتاح الاقتصادي التي تعيشها الجمهورية العربية السورية ومحاولة مواكبة التطورات الاقتصادية والتجارية والتشريعية الحاصلة في الدول المجاورة.
مراجع للاستزادة: |
ـ مجدي محب حافظ، الموسوعة الجمركية (دار الفكر الجامعي، الإسكندرية 2005).
ـ عبد الحميد الحاج صالح، «التهريب الجمركي بين النظرية والتطبيق؛ دراسة في قانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 23، العدد 2، 2007.
ـ فايز اللمساوي وأشرف اللمساوي، موسوعة الجمارك والتهريب الجمركي (دار الكتب القانونية، المحلة الكبرى، مصر 2004).
ـ قانون الجمارك رقم (38) لعام 2006.
ـ قانون الضابطة الجمركية رقم (37) لعام 2006.
- التصنيف : القانون المالي - النوع : القانون المالي - المجلد : المجلد السادس: علم الفقه ــ المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان - رقم الصفحة ضمن المجلد : 159 مشاركة :