نظام الجمعية
نظام جمعيه
assembly regime - régime d'assemblée
حسن البحري
أولاً. مفهوم النظام المجلسي أو حكومة الجمعية:
يقوم
النظام المجلسي أو نظام حكومة الجمعية النيابية على
أساس وضع اختصاصات السلطتين التشريعية والتنفيذية في يد جمعية نيابية أي هيئة
منتخبة من الشعب. فهذا النوع من الحكومات مبنيّ على فكرةٍ مؤدَّاها أنَّ البرلمان
والسلطة التنفيذية ليسا على قدم المساواة سواء من ناحية القانون أو من ناحية
الواقع؛ فالبرلمان يجب أن يحتل مكان الصدارة في الدولة ويباشر جميع السلطات، وتكون
له الكلمة العليا في إدارة شؤون البلاد لأنه هو الممثِّل للشعب. ولكن البرلمان يستحيل عليه عملاً أن يباشر بنفسه جميع أعمال
الوظيفة التنفيذية، ولذلك فإنه يعهد بها إلى هيئة يختارها بنفسه ويحدِّد لها
اختصاصاتها. بحيث تكون تابعة له وخاضعة لسلطانه خضوعاً
تامّاً، وتعد بمنزلة لجنة يُشكِّلها البرلمان لتقوم بتنفيذ سياسته، وتخضع لأوامره
وتوجيهاته.
ويلاحظ
أن البلاد التي تتجه نحو الأخذ بنظام حكومة الجمعية هي البلاد التي قاست كثيراً من
استبداد السلطة التنفيذية وطغيانها فتعمد إلى كسر شوكتها، وتحوّلها إلى مجرد هيئة
تأتمر بأوامر البرلمان وتساعده على تنفيذ سياسته، وتكون مسؤولة
أمامه عن تصرفاتها الخاطئة.
ثانياً. الأسس الفلسفية للنظام المجلسي (تظام حكومة الجمعية):
يستمد
النظام المجلسي أساسه، من الناحية القانونية، من مبدأ
وحدة السيادة الشعبية وعدم قابليتها للتجزئة، لا في حقيقتها فقط بل في ممارستها
أيضاً. فالمجلس المنتخب من الشعب يمثل في مجموعه "الإرادة العامة" General Will،
وعليه في مجموعه أن يمارس كل الاختصاصات المرتبطة بسيادة الأمة، بما في ذلك
الوظيفة الحكومية. وإذا كانت ضخامة عدد الأعضاء تحول في الواقع بين المجلس المنتخب
وممارسة المهام العديدة التي ينطوي عليها الحكم، فليس ما يمنعه من إحداث هيئة
متمايزة لهذا الغرض، ولكن هذه الهيئة لا تملك اختصاصات ذاتية، بل تمارس اختصاصات
السلطة التنفيذية باعتبارها مفوَّضة من المجلس الشعبي وباسمه وتحت إشرافه وتوجيهه.
فهي مجرد أداة، وليس لها أي صفة تمثيلية. ويملك المجلس الذي يعيِّنها أن يقيلها في
الوقت الذي يشاء.
ثالثاً ـ
الخصائص الأساسية لنظام حكومة
الجمعية:
إن دراسة نظام حكومة
الجمعية تسفر عن أن خصائصه ليست واحدة تماماً في الدساتير التي تأخذ به، وإنما
تختلف تلك الدساتير فيما بينها في تفصيلات هذا النظام، ولكن جوهره متَّحد فيها
كلها.
ويمكن
القول إن الخصائص الأساسية المميِّزة لنظام حكومة الجمعية تنحصر فيما يأتي:
1ـ تركيز السلطة في يد
البرلمان الممثِّل للشعب وتبعية أو خضوع الهيئة التنفيذية له، إذ يقوم نظام حكومة
الجمعية على أساس عدم المساواة وعدم التوازن بين الهيئة التشريعية والهيئة
التنفيذية، إذ يقوم هذا النظام على ترجيح كفة السلطة التشريعية الممثلة في
البرلمان على كفة السلطة التنفيذية الممثلة في الحكومة، ويكون للهيئة الأولى مركز
الصدارة والرجحان على الهيئة الثانية.
2ـ يعهد البرلمان بالسلطة
التنفيذية إلى عدة أفراد (وزراء) ويختار من بينهم رئيساً لهم، يسمى رئيس الوزراء
أو الوزير الأول أو رئيس الجمهورية (ممارسة مهام الحكم وفق مبدأ القيادة
الجماعية)، وأحياناً يوكِّل البرلمان فرداً واحداً للقيام بمهمة السلطة التنفيذية،
ويكون ذلك في أوقات الأزمات والظروف الاستثنائية التي تحتاج إلى سرعة التصرف
والحزم في معالجة الأمور.
3ـ يكون أعضاء السلطة
التنفيذية في نظام حكومة الجمعية مسؤولين سياسياً أمام
البرلمان الذي يستطيع عزلهم إذا أساؤوا التصرف، وحاولوا الانحراف بالسلطة عن هدفها
المشروع وغايتها في تحقيق المصلحة العامة للشعب.
تلك هي الخصائص المميِّزة
لحكومة الجمعية؛ وواضح منها غلبة البرلمان على ما عداه واستئثاره بالسلطة في
الدولة.
رابعاً ـ
العلاقة بين السلطات في ظل نظام
حكومة الجمعية:
يقوم
نظام حكومة الجمعية، كما تقدم، على أساس إسناد وظيفتي التشريع والتنفيذ إلى
البرلمان. على أن البرلمان، وإن كان يملك هاتين
السلطتين، إلا أنه يتولى بنفسه وظيفة التشريع، تاركاً بذلك وظيفة التنفيذ للجنة
خاصة تباشرها باسمه وتحت رقابته وإشرافه. وبذلك فأفراد هذه اللجنة لا يزيدون على أن يكونوا مجرد تابعين
للبرلمان. ويستتبع ذلك بداهة أن بقاء هذه اللجنة أو عدم بقائها في الحكم متروك
لمطلق تقدير البرلمان، إن شاء أبقاها، وإن شاء عزل أعضاءها، من دون أن يكون لأعضاء
اللجنة أن يستقيلوا ما دام عملهم يقتصر على مجرد تنفيذ إرادة البرلمان.
على أن هذا التعريف يقتضي
التساؤل عن العلاقة بين السلطات في ظل نظام حكومة الجمعية، ومدى أخذ هذا النظام
بمبدأ الفصل بين السلطات.
تقتضي
الإجابة عن هذا السؤال التفرقة بين جانبين: أحدهما
وظيفي، والآخر شكلي. فمن الجانب الوظيفي، لا يقوم هذا النظام على أساس الفصل بين
السلطات، وإنما على اندماجها، ما دام البرلمان يجمع بين وظيفتي التشريع والتنفيذ.
ولهذا فإن بعض الفقهاء يتناولون نظام الجمعية بالشرح تحت عنوان "أنظمة تركيز
السلطات"Les régimes de confusion des pouvoirs،
ومؤدَّى ذلك أن هذا الجانب من الفقه قد أخذ بالجانب الوظيفي دون الجانب الشكلي.
والحقيقة أن تركيز السلطات وإدماجها في يد واحدة يتعارض مع جوهر الديمقراطية لما
تتطلبه هذه الأخيرة من ضرورة الفصل بين السلطات لمنع ما قد يحدث من استبداد وعسف من جانب الهيئات النيابية.
ومن
الجانب الشكلي، أي من حيث الهيئة التي تتولى الوظيفة ذاتها، فإن مبدأ الفصل بين
السلطات يتحقق ما دامت توجد هيئتان تباشر كل منهما
وظيفة معينة بذاتها.
خامساً: تطبيق النظام المجلسي (أو نظام حكومة الجمعية) في الاتحاد السويسري:
تعد
سويسرا مهد النظام المجلسي (أو نظام حكومة الجمعية)
القائم على وحدة سلطة الدولة، وهو نظام ديمقراطي عادل مستقر فيها منذ أكثر من قرن
ونصف من الزمن؛ ويعد النظام السويسري المثال الوحيد في الوقت الحاضر على تطبيق
النظام المجلسي، بعد أن تراجعت جميع الدول التي أخذت
بهذا النظام عن تطبيقه بعد فترات زمنية متفاوتة، ولهذا يُدرس "النظام السياسي
للاتحاد السويسري" باعتباره الصورة الصحيحة، والمثال النموذجي للنظام المجلسي.
1ـ شكل الدولة والحكومة ونظام الحكم: تعد سويسرا
من الناحية الرسمية اتحاداً كونفدرالياً Confederation،
غير أنها من حيث بناؤها وتركيبها الحكومي أشبه بجمهورية
فيدرالية Federal Republic.
ويقوم البناء الاتحادي في
سويسرا على ثلاثة مستويات سياسية مختلفة هي:
أ ـ الاتحاد The Confederation: يمثل النظام الاتحادي مُرتكزاً أساسياً للدولة السويسرية
الحديثة منذ نشأتها سنة 1848، ويحتل موقعاً مهماً في الدستور. ويوجد في المستوى
الاتحادي ثلاث سلطات هي: السلطة التنفيذية (المجلس الاتحادي)، والسلطة التشريعية
(الجمعية الاتحادية)، والسلطة القضائية (المحكمة الاتحادية العليا).
ب ـ الكانتونات The Cantons (المقاطعات أو الدويلات أو الولايات): تحظى سويسرا
بنظام فيدرالي تتمتّع في ظله الكانتونات بقدر كبير من
الاستقلالية والحكم الذاتي، خاصة على المستويين المالي والتشريعي. ويوجد في سويسرا
/26/ كانتوناً، منها "ستة " تعد "أنصاف كانتونات".
ج ـ الكومونات The Communes (أي البلديات): وهي أصغر وحدات التقسيم الإداري في
الدولة.
وفيما
يخص نظام الحكم القائم في سويسرا فهو "النظام المجلسي"
Le Régime Congressionnel، أو "نظام الجمعية" Le Régime d assemblée،
كما يطلق عليه أيضاً اسم نظام "حكومة الجمعية" Le Gouvernement d‘assemblée.
2ـ السلطات الفيدرالية في الاتحاد السويسري :The
Federal Authorities of the Swiss Confederation
في
الاتحاد السويسري ثلاث سلطات (تشريعية وتنفيذية وقضائية)
تمارس اختصاصاتها على المستوى الاتحادي، وتفصيل ذلك ما
يأتي:
أ ـ السلطة التشريعية
الاتحادية:
تأخذ سويسرا بنظام ازدواج الهيئة التشريعية Bicameral System، ويطلق على البرلمان السويسري اسم "الجمعية الاتحادية" The Federal Assembly.
وبحسب
نصوص الدستور الفيدرالي، تعد الجمعية الاتحادية "السلطة العليا"Supreme Authority في
الاتحاد السويسري، وهي تتألف من غرفتين (أو مجلسين) تتواجدان في مبنى "القصر
الفيدرالي" بالعاصمة بيرن، هما: المجلس الوطني
ومجلس الولايات، ويكون لكل منهما اختصاصات متساوية.
(1) ـ المجلس الوطني The National Council: ويتكون من مئتي /200/ نائب
يمثلون الشعب السويسري بأكمله، ويتم انتخاب هؤلاء الممثلين من قبل الناخبين
المؤهَّلين، عن طريق الاقتراع العام السري المباشر، وفقاً لنظام التمثيل النسبي System of Proportional Representation، كل أربع سنوات، لأن مدة ولاية المجلس الوطني هي أربع سنوات.
وتشكل
كل مقاطعة (كانتون) دائرة انتخابية Electoral Constituency.
وتُوزع المقاعد النيابية على المقاطعات (الكانتونات)
تبعاً لتعداد سكانها (بمعدل مقعد أو نائب واحد لكل 37.500 نسمة في الوقت الحاضر)،
ويجب أن يكون لكل مقاطعة (كانتون) مقعد واحد على الأقل،
أي إنه يحق للمقاطعات التي يقل عدد السكان فيها عن 37.500 نسمة أن تنتخب نائباً واحداً عنها لعضوية المجلس الوطني.
(2) ـ مجلس الولايات (أو المقاطعات) The Council of States: ويتألف من /46/ مستشاراً Councillors
(وهو لقبهم) يمثِّلون مختلف المقاطعات (الكانتونات)
السويسرية، بحيث يكون لكل كانتون من الكانتونات العشرين نائبَان اثنان (20 *2=40)، ويكون لكل نصف كانتون من أنصاف الكانتونات الستة
(وهي: أوبفالدن Obwalden،
ونيدفالدن Nidwalden، ومدينة بازل Basel-Stadt، وريف بازل Basel-Landschaft، وأبّنزل الخارجية Appenzell Ausser- Rhoden، وأبّنزل الداخلية Appenzell Inner- Rhoden)
نائب أو ممثل واحد فقط (6*1=6). وتضع المقاطعات (الكانتونات)
القواعد والأحكام المتعلقة بانتخاب ممثِّليها في مجلس الولايات.
ويَنتخبُ كلٌّ من المجلس الوطني
ومجلس الولايات، من بين أعضائه، رئيساً (أو رئيسةً) لمدة عام، كما ينتخب المجلسان
النائب الأول للرئيس first Vice-President والنائب الثاني Second Vice-President أيضاً، ولا يُسمح بإعادة انتخاب أيٍّ منهم في العام التالي.
وتجدر
الإشارة هنا إلى أن مدة ولاية أعضاء مجلس الولايات غير محددة بالدستور، إذ أناط
الدستور بكل مقاطعة سلطة تحديد مدة عضوية ممثليها في هذا المجلس، إلا أن العرف قد
جرى على أن تكون مدة هذه العضوية أربع سنوات.
كما
تجدر الإشارة أيضاً إلى أنه لا يجوز لأي عضوٍ من أعضاء المجلس الوطني أو مجلس
الولايات أو المجلس الفيدرالي (التنفيذي) أو المحكمة الاتحادية العليا، أن يكون في
آن واحد، عضواً في أكثر من هيئة واحدة من هذه الهيئات.
وخلافاً
لما هو موجود في معظم برلمانات الدول الأخرى، يُخصص أعضاء مجلسَيْ البرلمان
السويسري نحو 60% فقط من ساعات عملهم لواجباتهم
البرلمانية، لأن معظمهم يزاولون مهناً لا تتصل بالبرلمان. أي إن
الجمعية الاتحادية السويسرية لا تضم أعضاء محترفين للعمل البرلماني.
ويعقد
مجلسا البرلمان الاتحادي في العاصمة بيرن أربع دورات
عادية Ordinary Sessions (خريفية وشتوية وربيعية وصيفية) في السنة، تستمر كل دورة ثلاثة
أسابيع. وقد يؤدي ضغط العمل أو اندلاع أزمة ما إلى عقد دورات خاصة استثنائية
تستغرق بضعة أيام.
ويجوز
دعوة البرلمان إلى دورات استثنائية وذلك:
1ـ بناء على طلب مقدم من ربع أعضاء أيٍّ من مجلسَيْ البرلمان
2ـ أو بناء
على طلب مقدم من المجلس الاتحادي.
ويتداول
كلٌّ من المجلس الوطني ومجلس الولايات على حدة. ويجب
لصدور قرارات الجمعية الاتحادية أن تتفق قرارات المجلسين. وفي حالة تباين مواقف
المجلسين، يقضي القانون ضمان إصدار قرار
بخصوص:
1) ـ صحة المبادرة الشعبية Popular Initiative
بصورة تامة أو جزئية.
2) ـ تطبيق
المبادرة الشعبية التي تكون على شكل اقتراح تم تبنيه من قبل الشعب.
3) ـ تطبيق مرسوم فيدرالي
وافق عليه الشعب متعلق بتعديل شامل للدستور الاتحادي.
4) ـ الميزانية
وأي تعديل يجري عليها.
ويتداول
المجلس الوطني ومجلس الولايات معاً في "جلسات
مشتركة" تحت رئاسة رئيس (أو رئيسة) المجلس الوطني للأغراض
الآتية:
1) ـ إجراء الانتخابات.
2) ـ اتخاذ القرار بشأن ما
ينشب من خلافات بين السلطات الاتحادية العليا فيما يتعلق بمسائل الاختصاص.
3) ـ اتخاذ القرار بشأن
طلبات العفو.
كما يجتمع المجلس الوطني
ومجلس الولايات في جلسات مشتركة إضافة إلى ذلك في المناسبات الخاصة، وللاستماع إلى
بيانات المجلس الاتحادي.
ولا تستطيع المجالس أن
تتداول إلا عند حضور أغلبية أعضائها. وتُتَّخذ القرارات بأغلبية الأصوات في المجلس
الوطني ومجلس الولايات وفي الجلسات التي تجمعهما.
وتتطلب
الموضوعات الآتية موافقة
الأغلبية المطلقة Absolute Majorityلأعضاء كل من المجلس الوطني
ومجلس الولايات:
1) ـ الإعلان عن قوانين
الطوارئ الاتحادية.
2) ـ اتخاذ
التشريعات الخاصة بالدعم المالي والقروض الملزمة والمدفوعات المرتبطة
بمصروفات جديدة تدفع مرة واحدة وتزيد على عشرين مليون فرنك سويسري أو مصروفات
جديدة متكررة تتجاوز مليوني فرنك سويسري.
3) ـ
زيادة
الإنفاق العام في حالة احتياجات مالية استثنائية.
ويشكل كلٌّ من المجلس الوطني
ومجلس الولايات لجاناً برلمانية Parliamentary Committees من بين أعضائه. ويمكن للقانون أن يحدِّد
لجاناً مشتركة.
وعملياً، يوجد داخل المجلس
الوطني /12/ لجنة دائمة (عَشر لجانٍ تشريعية Legislative
Committees، ولجنتان إشرافيتان
(رقابيتان) Supervisory Committees)، كما يوجد داخل مجلس الولايات /11/ لجنة دائمة (تسع لجانٍ
تشريعية، ولجنتان إشرافيتان). وتتألف لجان المجلس الوطني
من /25/ خمسة وعشرين عضواً؛ في حين أن لجان مجلس الولايات تتألف من /13/ ثلاثة عشر
عضواً.
وتتمتع الجمعية الاتحادية
بصلاحيات واسعة إضافة إلى عملية التشريع التي هي اختصاص طبيعي لأي برلمان، فهناك صلاحيات
تنفيذية مهمة، وقد عددت المادة (173) وغيرها من مواد الدستور السويسري صلاحيات
الجمعية الاتحادية، وأهمها:
1) ـ سنّ القوانين
الفيدرالية، والإعلان عن قوانين الطوارئ الفيدرالية ذات الصفة العاجلة.
2) ـ انتخاب أعضاء المجلس
الاتحادي، والمستشار الاتحادي، وقضاة المحكمة الاتحادية العليا، وكذلك اختيار
القائد العام للجيش في أوقات الحرب.
3) ـ تصديق المعاهدات
الدولية التي تبرم مع الدول الأجنبية.
4) ـ اتخاذ الإجراءات
اللازمة للحفاظ على الأمن الداخلي.
5) ـ اتخاذ الإجراءات
اللازمة للحفاظ على الأمن الخارجي، واستقلال وحياد سويسرا.
6) ـ اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القوانين
الاتحادية.
7) ـ تقرير
الخدمة العسكرية الفعلية، وإعلان الحرب والتعبئة العامة وعقد الصلح.
8) ـ ضمان دساتير المقاطعات
أو الكانتونات.
9) ـ اتخاذ الإجراءات
اللازمة لضمان احترام الدستور الفيدرالي.
10) ـ تقرير العفو
العام والخاص.
11) ـ تقرير مصروفات
الاتحاد، وتحديد ميزانيته، واعتماد الحسابات الختامية،
والموافقة على القروض.
12) ـ الإشراف والرقابة
العليا على المجلس الاتحادي، والإدارة الاتحادية، والمحاكم التابعة للاتحاد،
والهيئات والأشخاص الآخرين الموكول إليهم مهام في الاتحاد.
13) ـ الفصل في المنازعات
التي تنشب بين السلطات الاتحادية العليا فيما يتعلق بمسائل الاختصاص.
14) ـ المشاركة في وضع
السياسة الخارجية، والإشراف على العلاقات مع الخارج.
15) ـ تعديل
الدستور الفيدرالي.
وهكذا
فإن الجمعية الاتحادية تمارس حق العفو الخاص الذي هو عادة من صلاحيات رئيس الدولة،
كما أنها تمارس صلاحيات تنفيذية عديدة في مقدمتها انتخاب أعضاء الهيئة التنفيذية،
واتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ الأمن الداخلي والخارجي، والرقابة العليا على
الإدارة الحكومية، وكذلك الرقابة على القضاء الفيدرالي، وقيادة الجيش والتصرف به،
ومن ضمن ذلك تعيين القائد الأعلى للجيش من قبل الجمعية الاتحادية نفسها.
ب ـ السلطة التنفيذية الاتحادية: جعل دستور
الاتحاد السويسري السلطة التنفيذية في مركز التابع للسلطة التشريعية، وذلك حينما
خوَّل السلطة الأخيرة ممثَّلةً بالجمعية الاتحادية صلاحية اختيار أعضاء
"المجلس الاتحادي"، الذي يُكوِّن في مجموعه السلطة التنفيذية، لتولّي
مهام "الإدارة الاتحادية" في الدولة تحت إشراف الجمعية الاتحادية التي
في وسعها أن تصدر تعليمات وتوجيهات إلى المجلس الاتحادي، كما يمكنها إلغاء قراراته
أو تعديلها.
ويمكن القول بأن
"الحكومة السويسرية" The Swiss Government تتألف من المجلس الاتحادي (الذي يتكون من سبعة أعضاء يُختار من
بينهم رئيس المجلس الاتحادي لمدة عام، ويكون رئيس المجلس في الوقت ذاته هو رئيس
الاتحاد السويسري)، والمستشار الاتحادي، والإدارة الاتحادية المكونة من سبع
وزارات.
(1) ـ رئيس الاتحاد السويسري The President of the Swiss Confederation: خلافاً لما يجري عليه
العمل في غالبية الدول الأخرى، ليس للاتحاد السويسري رئيس وزراء أو رئيس دولة، إذ
يترأس أحد أعضاء الحكومة السبعة، كلاً من الاتحاد السويسري والحكومة الفيدرالية في
آن واحد، وذلك لمدة سنة واحدة يجري بعدها انتخاب غيره، فلا يجوز تجديد انتخابه،
إلا بعد مضي سنة على انقضاء ولايته السابقة.
وهذا
ما نصت عليه المادة (176) من الدستور السويسري بقولها: "يرأس الاتحاد رئيس أو
رئيسة المجلس الاتحادي. وتنتخب الجمعية الاتحادية رئيس المجلس الاتحادي ونائبه من
بين أعضاء المجلس الاتحادي لمدة سنة. ولا يجوز إعادة
الانتخاب لمدة سنة أخرى، كما لا يجوز انتخاب رئيس المجلس الاتحادي كنائب رئيس
للمجلس للسنة التالية".
(2) ـ المجلس
الاتحادي Federal Council: يُعدّ المجلس الاتحادي
(أو الفيدرالي)، أعلى سلطة قيادية وتنفيذية The Supreme
governing and executive authority
في الاتحاد السويسري.
ويتكون المجلس الاتحادي من
سبعة أعضاء أو بمعنى أدق سبعة وزراء، يُشكلون ما يُسمى حرفياً بـ"مجلس
الحكم الفيدرالي" (الحكومة الاتحادية). ويتم انتخاب
أعضاء المجلس الاتحادي لمدة أربع سنوات، بوساطة الجمعية الاتحادية (البرلمان
الاتحادي مجتمعاً بمجلسَيْه في جلسة مشتركة) بعد كل تجديد شامل للمجلس الوطني.
ويجري اختيار هؤلاء الأعضاء
من بين جميع المواطنين السويسريين والسويسريات، الذين يحق لهم المشاركة في
انتخابات المجلس الوطني. ويجب مراعاة تمثيل المناطق والجماعات اللغوية في المجلس
الاتحادي تمثيلاً عادلاً.
وبعد انتخاب المجلس
الاتحادي بهذه الطريقة، يجتمع لينتخب رئيساً له ونائباً للرئيس من بين أعضائه ومدة
سنة واحدة، ولا يجوز إعادة انتخاب الأشخاص أنفسهم للرئاسة ونيابة الرئاسة لسنتين
متتاليتين. ويكون رئيس المجلس الاتحادي رئيساً للاتحاد السويسري، أي رئيساً للدولة الفيدرالية السويسرية.
وتُتَّخذ
القرارات في المجلس الاتحادي بأكثرية الأعضاء الحاضرين في كل جلسة، على أن لا يقل
عددهم عن الأربعة، وأعضاؤه متساوون فيما بينهم، ويحكمون وفقاً لمبدأ القيادة
الجماعية (أي بصورة دورية وفق نظام خاص بالتناوب).
صحيح
أنه يوجد رئيسٌ للاتحاد يسمَّى سنوياً من بين أعضاء المجلس الاتحادي، وتعيِّنه
الجمعية الاتحادية (البرلمان الاتحادي مجتمعاً بمجلسَيْه في جلسة مشتركة)، ولكنه
لا يتمتع بأي ميزة قانونية، فهو مجرد "أوَّل بين متساوين" Primus inter pares
أو كما يُعبَّر عنه بالإنكليزية First among equals
، ولا يتمتع باختصاصات شخصية ولا بصوت مرجِّح إذا تساوت
الأصوات، فدوره تمثيلي بالدرجة الأولى، إذ يتولى تمثيل الاتحاد في الداخل وتجاه
الدول الأجنبية، ويقوم بإدارة جلسات المجلس الاتحادي.
ويلزم الدستور السويسري
المجلس الاتحادي أن يقدِّم إلى الجمعية الاتحادية، تقريراً سنوياً مفصَّلاً، حول
إدارته للأعمال وعن حالة الاتحاد السويسري.
وتقوم
الجمعية الاتحادية بتشكيل لجنة لدراسة التقرير بدقة وتقديم توصياتها
إلى الجمعية، فإما أن يحصل المجلس الاتحادي على التأييد والثقة، وإما أن يتسلَّم
من الجمعية ملاحظات عليه أن يتَّبعها في عمله، وانتقادات يتوجب عليه أن يتلافاها
في السنة اللاحقة. وبهذا فليس هناك سحب ثقة وإنما تقوم الجمعية بتوجيه المجلس
الاتحادي وإرشاده نحو الطريق الصحيح الذي عليه أن يتْبَعَه، وليس لأحدٍ من أعضاء
المجلس المذكور أن يستقيل بسبب عدم رضا الجمعية عن عمله، وإنما هو ملزمٌ بتغيير
نهجه والسير في الطريق الذي تحدِّدُه الجمعية الاتحادية.
إن
النتيجة المنطقية لوضع كهذا هو أن تكون الهيئة التنفيذية ضعيفة، غير أن هذا لا
ينطبق على سويسرا، إذ إن المجلس الاتحادي قوي، وهو يصرِّف شؤون الدولة الاتحادية
بشكل حقيقي، ويدافع عن سياسته أمام الجمعية الاتحادية، كفريقٍ محترفٍ أمام فريقٍ
من الهُواة، كما أنه يتمتع بقدرٍ كبيرٍ من الاستقرار، إذ بقي بعض أعضاء المجلس
أكثر من ثلاثين عاماً في مناصبهم. مما أعطى للمجلس الاتحادي أهمية كبيرة في الحياة
السياسية للاتحاد السويسري، أهمية تكاد ترجح على أهمية البرلمان نفسه، ولعل هذا هو
الذي دعا بعضهم إلى التشكك في أن سويسرا تأخذ ـ من الناحية العملية ـ بنظام حكومة
الجمعية وإن كانت نصوص الدستور واضحة في أنها تأخذ بذلك النظام.
ويحظر
الدستور السويسري على أيّ عضوٍ من أعضاء المجلس الاتحادي أن يجمع بين عضويته في
المجلس وعضوية أيٍّ من المجلس الوطني أو مجلس الولايات أو المحكمة الاتحادية
العليا.
كما يحظر الدستور أيضاً
على أعضاء المجلس الاتحادي أن يشغلوا أي منصبٍ على مستوى الاتحاد أو المقاطعة، أو
أن يمارسوا أي عمل آخر.
(3) ـ المستشارية
الاتحادية Federal Chancellery: المستشارية
الاتحادية هي المكتب الإداري للمجلس الاتحادي، ويتم إداراتها بواسطة
"المستشار الاتحادي" Federal Chancellor، وهذا الأخير تقوم الجمعية الاتحادية (البرلمان الاتحادي مجتمعاً
بمجلسَيْه في جلسة مشتركة) بانتخابه، وذلك لمدة أربع سنوات.
(4) ـ الإدارة الاتحادية Federal Administration: وهذه الإدارة تقع على عاتق المجلس الاتحادي، فهو المسؤول عن ترشيد تنظيمها، ومتابعة تنفيذ الأهداف والمهام
الموكلة لها.
وتُقَسَّم
الإدارة الاتحادية إلى أقسام Departments (أي وزارات)، ويرأس كل عضو في المجلس الاتحادي وزارة.
وهكذا، فإن إجمالي عدد
الوزارات يماثل عدد أعضاء المجلس الاتحادي، وبعبارة أخرى، فإن الإدارة الاتحادية
تقسم إلى سبع وزارات فقط، تتمثل في الآتي:
1ـ وزارة الشؤون الخارجية الفيدرالية Federal Department of Foreign Affairs.
2ـ وزارة الشؤون الداخلية الفيدرالية Federal Department of Home Affairs.
3ـ وزارة العدل
والشرطة الفيدرالية Federal Department of Justice and
Police
4ـ وزارة الدفاع والحماية المدنية والرياضة
الفيدرالية Federal Department of Defence,
Civil Protection and Sport.
5ـ وزارة المالية الفيدرالية
.Federal Department of Finance
6ـ وزارة الشؤون الاقتصادية الفيدرالية Federal Department of Economic Affairs.
7ـ وزارة البيئة والنقل والطاقة
والاتصالات الفيدرالية Federal Department of the
Environment, Transport, Energy and Communications.
وقد أجاز الدستور الاتحادي
ـ استناداً إلى قانون يصدر بهذا الشأن ـ تفويض القيام بمهامٍ إدارية لهيئات أو
أشخاص يخضعون للقانون العام أو القانون الخاص، من خارج الإدارة الاتحادية.
ج ـ السلطة القضائية
الاتحادية: أكد
الدستور الاتحادي مبدأ استقلال السلطة القضائية، إذ نص على أن: "السلطات
القضائية مستقلة في ممارسة اختصاصاتها القضائية، ولا سلطان عليها لغير
القانون".
وتتألف
السلطة القضائية الاتحادية من أربع هيئات قضائية هي
الآتية:
(1) ـ المحكمة الاتحادية العليا Federal Supreme Court: وهي أعلى سلطة قضائية في الاتحاد السويسري، ومقرها في لوزان
(وهي عاصمة مقاطعة (كانتون) فود Vaud الواقع جنوب غربي سويسرا).
ويبيِّن
القانون كيفية تنظيم المحكمة الاتحادية وإجراءاتها، وتحدِّد المحكمة الاتحادية
العليا جهازها الإداري.
ويتم
انتخاب أعضاء المحكمة الاتحادية العليا ـ وهم /30/ قاضياً أصيلاً (متفرغون) و/30/
قاضياً غير متفرغين (احتياطيون) ـ من قبل الجمعية
الاتحادية (البرلمان) لمدة ست سنوات.
وقد
حظر الدستور الاتحادي على قضاة المحكمة الاتحادية العليا المتفرِّغين أن يشغلوا أي
منصبٍ على مستوى الاتحاد أو المقاطعة، أو أن يمارسوا أي
عمل آخر.
وتجدر
الإشارة إلى أنَّ أعمالَ كلٍّ من الجمعية الاتحادية (البرلمان) والمجلس الاتحادي
لا يمكن الاعتراض عليها أمام المحكمة الاتحادية العليا، ما لم يقرر القانون غير
ذلك.
وبعبارة
أخرى، لا يحق للمحكمة الاتحادية العليا ـ خلافاً للعديد من المحاكم العلياـ النظر في
مدى دستورية القوانين والتشريعات البرلمانية.
(2) ـ المحكمة الجنائية الاتحادية The Federal Criminal Court: ومقرها في بيلينزونا Bellinzona عاصمة مقاطعة تسين Ticino. وقد أنشئت هذه المحكمة تطبيقاً لنص الفقرة الأولى من المادة (191
مكرر(أ))، والتي تقضي بأنَّ: "الاتحاد سيعيِّن محكمة جنائية، تستمع في الدرجة
الأولى إلى القضايا الجنائية التي تندرج وفقاً للقانون ضمن اختصاص السلطة القضائية
الاتحادية، ويمكن للقانون أن يمنح سلطات أخرى للمحكمة الجنائية الاتحادية".
(3) ـ المحكمة الإدارية الاتحادية The Federal Administrative Court: ومقرها الدائم في
مقاطعة (أو كانتون) سانت جالين Sankt Gallen. وقد أنشئت هذه المحكمة تطبيقاً لنص الفقرة الثانية من المادة
(191 مكرر(أ))، والتي تقضي بأنَّ: "الاتحاد سيعين سلطات قضائية لسماع نزاعات
القانون العام التي تندرج ضمن اختصاص الإدارة الاتحادية".
(4) ـ محكمة التأمين الاتحادية The Federal Insurance Court: ومقرها في مقاطعة لوسرن Lucerne. وقد أنشئت هذه المحكمة تطبيقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة
(191 مكرر(أ))، والتي تقضي بأنَّ: "القانون يمكن أن يقرر إنشاء المزيد من
السلطات القضائية الاتحادية".
سادساً ـ
تقدير نظام
حكومة الجمعية النيابية:
واضح
مما تقدم أن نظام حكومة الجمعية هو نظام نادر التطبيق، وأن الكثير من تطبيقاته
كانت استجابة لبعض الفترات الاستثنائية في حياة بعض الدول، وأن التطبيق الوحيد
الذي كتب له الاستقرار هو التطبيق السويسري، ومع ذلك فإن بعضهم يتشكك في أن النظام
السويسري يتفق مع أصول نظام حكومة الجمعية، نظراً لعدم مسؤولية المجلس الاتحادي
أمام البرلمان، ولأن البرلمان لا يستطيع أن يعزل أعضاء السلطة التنفيذية (المجلس
الاتحادي) قبل انتهاء مدة الأربع سنوات المحددة لهم في الدستور. فضلاً عن أن العمل
قد جرى على تجديد اختيار أعضاء المجلس الاتحادي السبعة لفترات طويلة في الغالب من
الأمر، مما أعطى للمجلس الاتحادي أهمية كبيرة في الحياة السياسية للاتحاد
السويسري، أهمية تكاد ترجح على أهمية البرلمان نفسه، ومعنى ذلك أن النظام السويسري
لا يتضمن أهم خصائص حكومة الجمعية.
ولعل
ذلك كله يؤدي إلى القول بأن هذا النظام محل شك كبير من ناحية قيمته العملية في
الحياة السياسية للشعوب بصفة عامة وإن جاز ـ وحدث فعلاً ـ أن نجح في بلد مثل
سويسرا.
هذا
من ناحية التقدير العملي، أما من الناحية النظرية فإن بعض الفقه يرى أن نظام حكومة
الجمعية إذ يدمج السلطات كلها في يد الهيئة النيابية إنما يؤدي إلى استبداد
البرلمانات، ومن المعروف أن استبداد وطغيان البرلمانات يعد أشد خطورة على الحريات
الفردية من استبداد الملوك والحكام ذوي النزعة الدكتاتورية. ولعل ذلك هو ما دعا
المرحوم الأستاذ الدكتور السيد صبري إلى أن يقول إن: "هذا النظام… معيب لا
تُقرُّه الديمقراطية" وإنه "يتعارض مع جوهر الديمقراطية الصحيحة"،
لِمَا تتطلبه هذه الأخيرة من ضرورة الفصل بين السلطات، لمنع ما قد يحدث من
استبدادٍ وعَسَفٍ من جانب الهيئات النيابية.
غير
أن بعضهم الآخر لا يرى هذا الرأي على إطلاقه، ولا يرى أن مبدأ الفصل بين السلطات
هو المعيار الوحيد والجوهري للقول بقيام الديمقراطية الصحيحة، إن الديمقراطية تعني
أن يكون الحكم للشعب، أما الوسيلة الفنية لتنظيم هذا الأمر فإنها مع أهميتها
الشديدة ليست هي جوهر الديمقراطية. ومن العسير أن يقال
إن بلداً كسويسرا لا يتفق نظام الحكم فيه مع الديمقراطية التقليدية لأنه يأخذ
بنظام حكومة الجمعية ولأنه يجعل الهيمنة لممثلي الشعب.
ولذلك فالراجح هو ما ذهب
إليه جمهور الفقهاء من اعتبار نظام حكومة الجمعية نظاماً ديمقراطياً سليماً. وفي هذا
يقول الأستاذ الدكتور محمد كامل ليلة: إن هذه "الصورة من أنظمة الحكم أقرب
إلى تحقيق إرادة الشعب من غيرها إذ تجعل للهيئة التي ينتخبها الشعب لتمثيله (أي
البرلمان) والتحدث باسمه وتصريف شؤونه مكان الصدارة والكلمة العليا في كل شيء، ولا
نزاع في أن هذا الوضع يعتبر ديمقراطياً سليماً".
والحقيقة
أن ما يقال عن استبداد البرلمانات في ظل هذا النظام، ومن ثم خروج النظام عن أن
يكون ديمقراطياً مبعثه التجارب الفرنسية التي كانت تأتي في أعقاب أزمات ولا تمثل
الصورة المألوفة للحياة العادية الطبيعية، وفي تلك التجارب حدث كثير من الاستبداد
بل الإرهاب الذي تسربل بأزياء شعبية على حين أنه كان في حقيقته يمثل ديكتاتورية
بعض الأفراد الذين ادعوا تمثيل الإرادة الشعبية والتعبير عنها، وهذا هو الخروج على
المبدأ الديمقراطي، أما نظام حكومة الجمعية في فترات الاستقرار الطبيعية في حياة
الشعوب ـ وإن كان نظاماً نادر التطبيق ـ فهو في جوهره نظام يتفق مع إعلاء سيادة
الشعب، ومن ثم يتفق مع الأصول الديمقراطية السليمة.
ولهذا
فإن الراجح لدى غالبية الفقهاء، أن النظام المطبق في سويسرا هو نظام حكومة
الجمعية، برغم ما قد يبدو من نفوذ عملي للمجلس الاتحادي التنفيذي مرجعه في الغالب
إلى التنظيمات الحزبية لا إلى النصوص الدستورية.
ويؤيد
هذا الاتجاه نصوص الدستور السويسري ذاتها التي تعطي الثقل كله للجمعية الاتحادية
(البرلمان) وتجعلها السلطة العليا وصاحبة اليد الطُّولَى
في البلاد.
وخلاصة
القول، أن حكومة الجمعية، وهي من صور النظام النيابي، تُعَدّ ـ على الأقل من
الناحية الدستورية النظرية ـ من أنظمة الحكم الديمقراطي، ولكنها في العمل قد تحتفظ
بالطابع الديمقراطي (كما هو حاصل الآن في سويسرا)، وقد تنحرف إلى نظام شبه
دكتاتوري (كما حصل سابقاً في كل من فرنسا وتركيا على سبيل المثال).
مراجع للاستزادة: |
ـ
عفيفي كامل عفيفي، الأنظمة النيابية الرئيسية
"نشأتها، تطورها، تطبيقاتها"، دراسة تحليلية مقارنة (منشأة المعارف،
الإسكندرية 2002.
ـ
محمد كامل ليلة، النظم السياسية "الدولة
والحكومة" (دار الفكر العربي، القاهرة 1971).
ـ
يحيى الجمل، الأنظمة السياسية المعاصرة (دار الشروق، القاهرة
1977).
ـ
الدستور الفيدرالي الحالي للاتحاد السويسري الصادر
بتاريخ 18أبريل/ نيسان عام 1999، المعمول به منذ الأول من يناير/ كانون الثاني عام
2000 مع آخر تعديلاته (حتى 7 مارس/آذار 2010).
- Federal Constitution of the Swiss
Confederation of
- التصنيف : القانون العام - النوع : القانون العام - المجلد : المجلد السابع: المحكمة الجنائية الدولية _ ولاية المظالم في الإسلام - رقم الصفحة ضمن المجلد : 431 مشاركة :