جرايم واقعه علي سلامه عامه
crimes against public safety - infractions contre la sécurité publique

 الجرائم الواقعة على السلامة العا

الجرائم الواقعة على السلامة العامة

عبد القادر هباش

 جرائم الأسلحة والذخائر

جرائم التعدي على الحقوق والواجبات المدنية

الجمعيات غير المشروعة

جرائم الاغتصاب والتعدي على حرية العمل

جرائم التظاهرات وتجمعات الشغب

 

لا يوجد في قانون العقوبات تعريف للسلامة العامة، ولا تدخل هذه العبارة في مفهوم الإخلال بأمن الدولة لأن قانون العقوبات قد أفرد لكل منها فصلاً خاصاً، ولم يخلط بين هذه الجرائم، وإنما وضع عقوبة خاصة لكل نوع منها بما يفيد أن معنى السلامة العامة بالمفهوم القانوني هو غير الإخلال بأمن الدولة، وعليه فإنه عندما يصدر الحكم على شخص لإخلاله بالسلامة العامة فإن هذا الحكم لا يفيد قطعاً بأنه أخل بأمن الدولة الداخلي، ولكن بعض الفقهاء أدخل هذه الجرائم ضمن الجرائم الواقعة على النظام العام.

وعليه فإنه لا يمكن إعطاء تعريف محدد لتعبير «الجرائم الواقعة على السلامة العامة» Les infractions contre la sécurité publique نظراً لطبيعتها، وللمواضيع المختلفة التي تتناولها، فمنها ما يرتبط بالعنف الاجتماعي كجرائم الأسلحة والذخائر وجرائم تظاهرات الشغب وتجمعاته وجرائم الجمعيات غير المشروعة، ومنها ما يهتم بحق الانتخاب كجرائم التعدي على الحقوق والواجبات المدنية، وما تبقى من هذه الجرائم يتعلق بالاعتداء على حرية العمل كجرائم الاغتصاب والتعدي على حرية العمل.

وقد تناول قانون العقوبات السوري الصادر عام 1949 الجرائم الواقعة على السلامة العامة في الباب الثاني وبحثها في خمسة فصول وسوف يتم دراستها تباعاً وهي: جرائم الأسلحة والذخائر (أولاً)، وجرائم التعدي على الحقوق والواجبات المدنية (ثانياً)، والجمعيات غير المشروعة (ثالثاً)، وجرائم الاغتصاب والتعدي على حرية العمل (رابعاً)، وجرائم تظاهرات الشغب وتجمعاته (خامساً).

أولاً- جرائم الأسلحة والذخائر:

نص قانون العقوبات السوري على معاقبة حمل الأسلحة والذخائر وحيازتها والاتجار بها من دون ترخيص في المواد (312-318)، وتم تصنيف هذه الجرائم إلى ثلاث فئات بحسب نوع الأسلحة المرتبطة بها، فهي إما أن تكون أسلحة غير حربية (1)، وإما أسلحة حربية (2)، وإما أسلحة ممنوعة (3).

1- حمل الأسلحة غير الحربية وحيازتها والاتجار بها من دون إجازة:

عاقبت المادة (314) من قانون العقوبات العام بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة أقصاها مئة ليرة سورية كل من حمل أو حاز من دون إجازة:

أ- سلاحاً أو ذخائر ينيط القانون حملها أو حيازتها بإذن السلطة.

ب- قطعة أو قطعاً منفصلة تامة الصنع لا تستعمل إلا في تركيب الأسلحة المذكورة أو إصلاحها أو بدلاً من بعض أجزائها.

ويتمثل الفعل المادي لهذه الجريمة بنشاط إيجابي يتخذ إما شكل الحمل الذي يعني الاستيلاء مادياً على السلاح لأي باعث كان، وإما شكل الحيازة الذي يعني سلطة قانونية على السلاح يباشرها الحائز لحسابه الخاص أو لحساب غيره. ويجب أن ينصب الركن المادي لهذه الجريمة على الأسلحة غير الحربية، أي الأسلحة العادية النارية المعدة للصيد وذات الجف الأملس وأسلحة التمرين وأسلحة الرماية والأثرية التذكارية…

ويكفي لقيام هذه الجريمة من الناحية القانونية توافر القصد الجرمي العام الذي يقوم على العلم والإرادة.

وعاقبت المادة ذاتها في فقرتها الثانية بالعقوبة ذاتها السابقة كل من تاجر من دون إذن من المرجع المختص بالأسلحة والذخائر والقطع المنصوص عليها في هذه المادة. ويقصد بالاتجار في معرض تطبيق هذه المادة التعامل في الأسلحة والذخائر بمقابل مادي أو معنوي، وذلك عن طريق البيع أو الشراء أو البدل. وكان الأجدر بالمشرع أن يشدد عقوبة الاتجار؛ لأن فعل الاتجار أخطر بكثير من فعل الحمل أو الحيازة. ولا يكفي لتوافر الجريمة أن يقتصر ركنها المعنوي على القصد الجرمي العام، وإنما أيضاً القصد الجرمي الخاص المتمثل بالاتجار.

يجدر التنبيه هنا أن عقوبات حمل أسلحة الصيد وحيازتها من دون الترخيص المنصوص عليها في هذه المادة أصبحت معدلة حكماً بموجب المادة (42) من قانون الأسلحة والذخائر رقم/15/ تاريخ 24/9/2001، فقد أصبحت العقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنة والغرامة من خمسة آلاف إلى عشرة آلاف ليرة سورية. وعقوبة الاتجار بالأسلحة والذخائر غير الحربية أصبحت جنائية الوصف بموجب المادة (40) من قانون الأسلحة لعام 2001.

إن الاتجار بالأسلحة والذخائر غير الحربية أصبح يعاقب بالاعتقال من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة وبغرامة لا تقل عن ثلاثة أمثال قيمة الأسلحة والذخائر المضبوطة ولا تزيد على عشرة أمثالها بموجب المادة (40 ف 3) من قانون الأسلحة والذخائر لعام 2001.

لم يعد بالإمكان الحصول على ترخيص بالاتجار بالأسلحة والذخائر، فقد حصرت المادة (3) من المرسوم /51/ لعام 2001 موضوع الاتجار بالأسلحة بالقطاع العام.

2- حمل الأسلحة الحربية وحيازتها والاتجار بها من دون إجازة:

إن المادة (315) من قانون العقوبات تعاقب في فقرتها الأولى حمل أو حيازة الأسلحة أو الذخائر الحربية أو الأعتدة أو بقطع مفصولة عن مثل هذه الأسلحة بعقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات والغرامة من مئتي ليرة سورية إلى  ألف.

وإذا كان السلاح مسدساً كانت العقوبة من ستة أشهر إلى سنتين.

ويضاعف الحد الأدنى من العقوبة بحق من يتاجر بهذه الأسلحة والذخائر الحربية من دون ترخيص من السلطات المختصة. وكان حرياً بالمشرع السوري أن يشدد العقوبة؛ لأن الاتجار ينصب على أسلحة حربية وهي بالعادة أخطر بكثير على السلامة العامة من الأسلحة غير الحربية.

وباستعراض هذه المادة يتبين أنها تتعلق بالأسلحة الحربية، حيث ميز المشرع في العقوبة بين المسدس الحربي والأسلحة الحربية الأخرى كالبنادق الحربية، وعاقب على حمل هذه الأخيرة  أو حيازتها بعقوبات أشد من تلك المتعلقة بالمسدس الحربي.

وتبقى العقوبات الواردة في هاتين المادتين جنحية إذا اقتصر الفعل على الحمل والحيازة. ويوصف الفعل جناية إذا كانت الغاية من حمل الأسلحة والذخائر أو من حيازتها ارتكاب جناية، وتصبح العقوبة - ما خلا الحالات التي يفرض معها القانون عقوبة أشد - الأشغال الشاقة من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات والغرامة من خمسمئة إلى ألفي ليرة سورية (المادة 316) من قانون العقوبات.

q يحسن التنويه هنا أن عقوبة حمل الأسلحة والذخائر الحربية وحيازتها بما فيها المسدسات الحربية من غير الترخيص المنصوص عليه في هذه المادة أصبحت معدلة حكماً بموجب المادة (41) من المرسوم التشريعي رقم /51/ المتعلق بالأسلحة والذخائر لسنة 2001 حيث حددت هذه الأخيرة عقوبة الحبس من ثلاث سنوات إلى ست سنوات  وبالغرامة من عشرة آلاف إلى خمسين ألف ليرة سورية لكل من حمل أو حاز سلاحاً حربياً غير قابل للترخيص، وعقوبة الحبس من سنتين إلى خمس سنوات والغرامة من خمسة آلاف إلى خمسة وعشرين ألف ليرة سورية لكل من حمل أو حاز من دون ترخيص مسدساً حربياً أو ذخيرة له.

إن الاتجار بالأسلحة والذخائر الحربية أو حيازتها بقصد الاتجار أصبح يعاقب بالاعتقال من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة وبغرامة لا تقل عن ثلاثة أمثال قيمة الأسلحة والذخائر المضبوطة ولا تزيد على عشرة أمثالها بموجب المادة (40) من قانون الأسلحة والذخائر لعام 2001.

3- حمل الأسلحة الممنوعة:

نصت المادة (317) من قانون العقوبات على حمل الأسلحة الممنوعة وأكدت في فقرتها الأولى  عدم جواز إعطاء إجازة ما بحمل سلاح ممنوع، وهذه الأسلحة كما بينتها الفقرة الثانية هي الخناجر والمدي والعصي ذات الحربة والشفار والقبضات الأمريكية «البوكس» وبوجه عام جميع الأسلحة المخبأة أو الخفية.

إن حيازة هذه الأسلحة غير ممنوعة وإنما حملها خارج المنازل من دون سبب مشروع يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها بالمادة (314) من قانون العقوبات أصبحت العقوبة بحسب التعديل الوارد في المادة (51) من قانون الأسلحة والذخائر لعام 2001 الحبس ستة أشهر حداً أدنى والغرامة من خمسة آلاف إلى عشرين ألف ليرة سورية. وقد اعتمد الاجتهاد القضائي النظرية الشخصية في تحديد شرعية هذه الأسلحة أو عدم شرعيتها، نسبة إلى غاية الفاعل من اقتنائها.

ثانياً- جرائم التعدي على الحقوق والواجبات المدنية:

تم النص على الاعتداء على الحقوق والواجبات المدنية في المواد (319 إلى 324) من قانون العقوبات، والمقصود بالحقوق المدنية هي تلك الحقوق المـــستمدة من القانون العام التي ينفرد المواطن الــــــــسوري بممارستها ويعدّ الاعتداء عليها اعتداء على الـــــــسلامةالعامة. وسوف يتم دراســــة الجرائم الواقعة على الحقوق المدنية(1)، والجرائم التي تمس الحقوق السياسة لكل مواطن في الاقتراع (2)، والجرائم التي تقع أثناء عمليات الانتخاب وبسببها (3).

1- الجرائم الواقعة على الحقوق المدنية:

هي مجموعة من الجرائم تمس الحقوق المدنية، وتم النص عليها في المادة (319): «كل فعل يقوم به شخص ما لإعاقة مواطن سوري عن ممارسة حقوقه أو واجباته المدنية، أي حقه في الانتخاب يعاقب عليه بالحبس من شهر إلى سنة في حال اقترافه بالتهديد والشدة أو بأي وسيلة من وسائل الإكراه الجسدي أو المعنوي، وتشدد عقوبة الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات إذا تم اقتراف الجرم من قبل جماعة مسلحة مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر، أما إذا اقترف الجرم من جماعة بدون سلاح فتكون العقوبة الحبس من شهرين إلى سنتين، وفي حال اقتراف أحد الأعمال المبينة سابقاً عملاً لخطة مدبرة يراد تنفيذها في أرض الدولة كلها، أو في محلة من محلات منها، فالمجرم يعاقب بالاعتقال المؤقت» (المادة 320).

2- الجرائم التي تمس الحقوق السياسية لكل مواطن في الاقتراع:

تقترف هذه الجرائم إما من قبل شخص عادي (أ)، وإما من موظف عام (ب).

أ- محاولة شخص عادي التأثير في اقتراع أحد السوريين: تقوم هذه الجريمة على الشروع في ارتكاب جرم التأثير في اقتراع أحد السوريين بقصد إفساد نتيجة الانتخاب العام، وذلك عن عدة طرق عددها المشرع في المادة (326) على سبيل المثال وهي:

إما عن طريق الإكراه وذلك بإخافة الناخب من ضرر يلحق بشخصه أو أسرته أو مركزه أو ماله، و إما عن طــــــــــــريق الرشــــــــــوة وذلك بالتعويض أو العطايا أو الوعـــــــــــــــــود - للضغط على الناخب معنوياً - في المنافع المادية والمعنوية التي تعرض عليه، وإما بوعد شخص اعتباري أو جماعة من الناس بمنح إدارية، أي إن المواطن الناخب الذي استجاب لطلب المرشح أو التمس منه أجراً أو بدلاً أو عروضاً أو عطايا أو هدايا يعاقب بعقوبة الفاعل ويصبح الاثنان شريكين في الجرم.

ولا يكفي لقيام هذه الجريمة توافر القصد الجرمي العام وإنما يجب إثبات القصد الجرمي الخاص والمتمثل بهذه الجريمة بقصد إفساد نتيجة الانتخاب العام.

ولم يشترط المشرع السوري أن تتحقق النتيجة الجرمية لمعاقبة الفاعل، فعقوبة الحبس من شهر إلى سنة والغرامة من مئة إلى خمسمئة ليرة سورية سوف يتم فرضها بحق كل من يحاول التأثير في اقتراع أحد السوريين، بقصد إفساد نتيجة الانتخاب العام.

ب- محاولة موظف عام التأثير في اقتراع أحد السوريين: باعتبار أن محور الانتخابات هم الموظفون المكلفون بالإشراف على العمليات الانتخابية، فلم يغفل المشرع السوري عن معاقبة كل موظف أو عامل أو مستخدم استخدم سلطته في التأثير في اقتراع أحد السوريين بالتجريد المدني بصورة أصلية (المادة 322).

3- الجرائم التي تقع أثناء عمليات الانتخاب وبسببها:

لقد تناول المشرع السوري مسألة تزوير نتائج الاقتراع في المادة (323) من قانون العقوبات، فالجريمة تقوم عندما يغير شخص أو يحاول تغيير نتيجة الانتخاب عن طريق غش، فيعاقب الفاعل بالحبس من شهرين إلى سنتين، ولكن تشدد هذه العقوبة إذا كان المجرم مكلفاً بجمع الأصوات أو أوراق الاقتراع أو حفظها أو فرزها أو القيام بأي عمل آخر متعلق بانتخاب عام فتصبح الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات.

وأخيراً أكدت المادة (324) ضرورة الفصل التام بين الجرائم الواقعة على صحة الانتخابات وبين عملية إبطال الانتخاب لسبب دستوري قانوني لا علاقة له بأي جرم اقترف في أثناء الاقتراع، أو بسببه، أي إن كلاً من هذين الفعلين مستقل عن الآخر. والعقاب يفرض بحق الفاعل ولو تم إبطال الانتخاب.

ثالثاً- الجمعيات غير المشروعة:

تناول المشرع السوري نوعين من جرائم الجمعيات غير المشروعة، النوع الأول يتعلق بجمعيات الأشرار (1) والنوع الثاني يتعلق بالجمعيات السرية (2).

1- جمعية الأشرار:

هي على نوعين: جمعية أشرار بقصد ارتكاب الجنايات على الأشخاص أو الأموال (أ)، وجمعية أشرار مسلحة بقصد سلب المارة (ب):

أ- جمعية أشرار بقصد ارتكاب الجنايات على الأشخاص أو الأموال: تقوم العناصر الجرمية لجمعية الأشرار على إقدام شخصين أو أكثر على تأليف جمعية، أو عقد اتفاق بغرض ارتكاب عدد من الجنايات وليست جناية واحدة، وأن تكون هذه الجنايات مما يقع على الأشخاص كالقتل أو الإيذاء المقصود المفضي إلى إحداث عاهة دائمة، أو على الأموال كالسرقات الموصوفة ولا عقاب محدد في هذه المادة على الاتفاق إذا كان يهدف إلى ارتكاب الجنح والمخالفات فقط أو إلى اقتراف جناية واحدة محددة أو إذا كانت الجنايات المتفق عليها لا تمس الأشخاص أو الأموال.

وقد عاقب قانون العقوبات على فعل الانخراط في ذاته، وعلى الاتفاق مع باقي أعضاء الجمعية على ارتكاب الجنايات، ولم يشترط المشرع ضرورة وجود تنظيم لهذه الجمعية، بل يكفي القدر البسيط من هذا التنظيم، أي يعد الفعل الجرمي قائماً بمجرد ثبوت قيام الجمعية بغاية الاعتداء على الأشخاص أو الأموال حتى لو لم تنفذ الجمعية أهدافها، ويعود للمحكمة استنباط هذه الأهداف من خلال الأعمال التي قام بها أعضاء الجمعية.

وتعد النية الجرمية الآثمة متوافرة لهذه الجريمة، ولكن بشرط توافر القصد الجرمي العام الذي يقوم على العلم والإرادة، والقصد الجرمي الخاص المتمثل بقصد ارتكاب الجنايات على الأشخاص أو الأموال.

وقد حدد المشرع السوري في المادة (325) من قانون العقوبات عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة للمجرمين، ولا تنقص هذه العقوبة عن سبع سنوات إذا كانت غاية الجناة الاعتداء على حياة الغير حيث عدت الغاية سبباً للتشديد.

وتفرض هذه العقوبات بحق جميع من أتى الفعل الجرمي المادي المكون للجريمة، ويبقى على المتهم لرفع المسؤولية الجزائية عنه أن يثبت أن إرادته قد تعيّبت بالغش أو الخداع، أو بضروب العنف والشدة، أو أنه كان ضحية إكراه معنوي أو جسدي أدى إلى دخوله أو الموافقة على دخوله في إحدى جمعيات الأشرار التي يعاقب القانون على مجرد إنشائها أو الانتماء إليها.

ب- جمعية أشرار مسلحة بقصد سلب المارة (المادة 326): ويقصد بهذه الجمعية كل جماعة مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر يجوبون الطرق العامة والأرياف على شكل عصابات مسلحة بقصد ارتكاب الجرائم كسلب المارة والتعدي على الأشخاص أو الأموال، أو على وجه العموم ارتكاب أي عمل آخر من أعمال اللصوصية. ولا يشترط أن تكون هذه الجمعية منظمة لها رؤساء وأنظمة.

ومن الملاحظ أن المشرع قد عمد إلى فرض عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة مدة أقلها سبع سنوات على أفراد العصابة، وهي أقسى من العقوبة المفروضة على أفراد جمعية الأشرار بقصد ارتكاب الجنايات على الأشخاص أو الأموال بسبب الوسيلة المستعملة في ارتكاب الجرائم وهي التجول في الطرق والأرياف مع السلاح. وتصبح العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إذا اقترف أفراد العصابة أحد الأفعال السابق ذكرها، ويستحق عقوبة الإعدام من أقدم منهم تنفيذاً للجناية على القتل أو حاوله أو أنزل بالمجني عليه التعذيب والأعمال البربرية.

2- الجمعيات السرية:

تم تعريف الجمعيات السرية في المادة (327) من قانون العقوبات بأنها كل «جمعية أو جماعة لها في الواقع صفة الجمعية إذا كان غرضها منافياً لقانون وكانت تقوم بأعمالها أو ببعضها سراً. كذلك تعد سرية الجمعيات والجماعات نفسها التي ثبت أن غرضها منافٍ للقانون ولم تعلم السلطة - بعد أن طلب إليها ذلك - بأنظمتها الأساسية وبأسماء أعضائها ووظائفهم وبموضوع اجتماعاتهم وبيان أموالها ومصدر مواردها، أو أعطت عن هذه الأمور معلومات كاذبة أو ناقصة».

وتعد الجمعية إذن قائمة في حال توافر الشرطين التاليين:

أ- أن يكون غرض الجمعية منافياً للقانون، أي وفقا لقانون تأسيسي الجمعيات تبقى هذه الجمعية غير مشروعة ولا مسموحاً بها.

ب- أن تكون هذه الجمعية سرية إلى أقصى درجة من الكتمان، بمعنى أن يمتنع المسؤولون عن هذه الجمعية عن تزويد السلطة ببعض المعلومات كنظامها الأساسي وأسماء أعضائها ووظائفهم… التي ينبغي للدولة معرفتها، أو تضطر الجمعية السرية بسبب الضغوط الكبيرة إلى تزويد السلطة بمعلومات كاذبة، أو ناقصة.

وقد نصت المادة (329) على ملاحقة أعضاء الجمعية السرية، فالعضو الذي يقترف الجريمة تنفيذاً لأهداف الجمعية ومصلحتها يعاقب بصفة فاعل أصلي، والأعضاء الذين حضروا الاجتماع حيث اتخذ قرار بارتكاب الجريمة وتم تكليف الفاعل بتنفيذها يعاقبون بوصفهم محرضين، والعضو الذي وجد في مكان الجريمة حين ارتكابها يعاقب بصفة متدخل.

وتعاقب المادة (328) من قانون العقوبات الأعضاء الذين يتولون وظيفة إدارية أو تنفيذية في الجمعية السرية بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من مئة إلى خمسمئة ليرة، وأما سائر الأعضاء فبنصف العقوبتين.

وإضافة إلى ذلك يتم حل كل جمعية سرية عندما يتم اكتشافها، وتصادر أموالها، وأموال أعضائها. 

رابعاً- جرائم الاغتصاب والتعدي على حرية العمل:

خصص المشرع السوري الفصل الرابع من الباب الثاني لجرائم الاغتصاب (1) والتعدي على حرية العمل (2) الذي يعرض المرافق العامة للتوقف عن نشاطها.

1- الاغتصاب:

الاغتصاب جريمة تعرض المرافق العامة للتوقف عن نشاطها، وقد عاقبت المادة (332) من قانون العقوبات الاغتصاب بالحبس وبالغرامة وعرفته بأنه: «كل اغتصاب يقوم به أكثر من عشرين شخصاً ويعقبه الشروع أو البدء بالتنفيذ بقصد توقيف:

أ- وسائل النقل بين أنحاء سورية أو بينها وبين البلدان الأخرى.

ب- المواصلات البريدية والبرقية والتلفونية.

ج- إحدى المصالح العامة المختصة بتوزيع الماء أو الكهرباء».

ومن هذا التعريف يتبين، أن الاغتصاب لا يقوم من الناحية القانونية إلا إذا توافر العنصران التاليان:

v أن يكون عدد المغتصبين أكثر من عشرين شخصاً.

v أن يترافق الاغتصاب مع تهديد بتوقيف أحد الأنشطة السابقة الحيوية.

ويستوجب العقوبة ذاتها أيضاً ملتزم إحدى المصالح السابق ذكرها من رب عمل أو رئيس مشروع إذا أوقف عملها من دون سبب مشروع.

وتشدد عقوبة هؤلاء المجرمين إلى الحبس ستة أشهر على الأقل إذا اقترفوا الجرم بأعمال العنف على الأشخاص، أو الأشياء، أو بالتهديد، أو بغير ذلك من وسائل التخويف، أو بضروب الاحتيال، أو بمزاعم كاذبة من شأنها أن تحدث أثراً في النفس، أو بالجمهرة في السبل والساحات العامة، أو باحتلال أماكن العمل.

وتشدد العقوبة على من يستعمل إحدى الوسائل المحددة في الفقرة السابقة، ويحمل أو يحاول حمل الآخرين على أن يوقفوا عملهم بالاتفاق أو ثبتهم أو حاول أن يثبتهم في وقف هذا العمل، وتصبح العقوبة الحبس سنة على الأكثر وبغرامة لا تزيد على مئة ليرة  (المادة 333).   

وكذلك تعاقب المادة (334) بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر كل رب عمل أو رئيس مشروع أو مستخدم أو عامل رفض وأرجأ تنفيذ قرار التحكيم أو أي قرار صادر عن إحدى محاكم العمل .

2- التعدي على حرية العمل:

تحرم المادة (330) من قانون العقوبات الإضراب على الموظفين الذين يقومون بخدمة عامة أو بعمل لسد حاجة عامة، كالماء والكهرباء والخدمات البريدية وذلك إذا أقدموا متفقين على وقف أعمالهم أو اتفقوا على وقفها أو على تقديم استقالتهم في أحوال يتعرقل معها سير إحدى المصالح العامة، وعاقب مقترفها بالتجريد المدني.

ولم يكتفِ المشرع بتجريم الموظفين فقط، بل جرم أيضاً في المادة (331) من قانون العقوبات أرباب الأعمال ورؤساء المشاريع إضافة إلى المستخدمين والعملة عندما يمتنعون عن تنفيذ الالتزامات، فإذا توقفوا عن التنفيذ بغية الضغط على السلطات العامة أو احتجاجا على قرار أو تدبير صادرين عنها يعاقبون بالحبس أو بالإقامة الجبرية مدة ثلاثة أشهر على الأقل.

خامساً- جرائم التظاهرات وتجمعات الشغب:

تعرض قانون العقوبات لظاهرة الشغب من خلال النص على تظاهرات الشغب (1)، وجرائم تجمعات الشغب (2).

1- تظاهرات الشغب:

وفق المشرع السوري في النص على تظاهرة الشغب في المادة (335) من قانون العقوبات التي اشترط لتحققها توافر الحالتين التاليتين:

الأولى: وجود اجتماع عام، ويتميز هذا الاجتماع من غيره من الاجتماعات الخاصة من مكان انعقاده كوجوده في مكان عام أو مباح للجمهور أو معرض للأنظار، أو من عدد المدعوين أو من غايته وغرضه.

الثانية: أن يبرز في هذا الاجتماع مظهر من مظاهر الشغب كالصياح والهتاف والأناشيد وغيرها، أي يتميز هذا الاجتماع بطابع الصخب واللغط والضوضاء والضجيج أكثر مما يتصف بطابع العنف والقوة، إذ لا يعدو الفعل أن يكون حركات دون مستوى الناس العاقلين، وربما لا تتمكن السلطة العامة من تحديد المسؤولين عن هذه التظاهرات، فساوى القانون في العقوبات بين كل الفئات وفرض عقوبة الحبس من شهر إلى سنة والغرامة مئة ليرة.

2- تجمعات الشغب:

لم يوفق المشرع السوري حينما عدّ الحالة المنصوص عليها في المادة (336) من قبيل تجمعات الشغب، وكان من المفضل الاكتفاء بعبارة التجمعات كما هي واردة في قانون العقوبات الفرنسي.

ويشترط قانوناً لاعتبار التجمع من قبيل تجمعات الشغب كل حشد أو موكب على الطرق العامة أو في الأماكن المباحة للجمهور، ويعاقب عليه بالحبس من شهر إلى سنة إذا توافرت إحدى الحالات التالية:

الحالة الأولى: إذا تألف من ثلاثة أشخاص أو أكثر بقصد ارتكاب جناية أو جنحة وكان أحدهم على الأقل مسلحاً.

الحالة الثانية: إذا تألف من سبعة أشخاص أو أكثر بقصد الاحتجاج على قرار أو تدبير اتخذته السلطات العامة بقصد الضغط عليها.

الحالة الثالثة: إذا كان عدد الأشخاص عشرين أو أكثر وظهروا بمظهر من شأنه أن يعكر الطمأنينة العامة.

عاد المشرع في المواد (337 حتى 339)، فأوضح طبيعة هذه التجمعات ونوعيتها وأساليبها التي يعدها جرمية لانتهاكها هيبة السلام العام.

وقد أعفى المشرع من العقوبة من ينصرف من تجمعات الشغب قبل إنذار السلطة الإدارية أو ضابط من الضابطة العدلية، أو من يمتثل في الحال لإنذارهم ولكن بشرط ألا يكونوا قد استعملوا أسلحتهم أو لم يرتكبوا أي جنحة أخرى.

وفي حال لم يتفرق المجتمعون إلا بالقوة تصبح العقوبة الحبس من شهرين إلى سنتين. وتشدد هذه العقوبة من سنة إلى ثلاث سنوات على من يستعمل السلاح من المجتمعين.

مراجع للاستزادة:

 

- فريد الزغبي، الموسوعة الجزائية، المجلدان العاشر والحادي عشر (دار صياد، بيروت).

- محمود زكي شمس، الموسوعة العربية للاجتهادات القضائية الجزائية، المجلدان العاشر والثاني عشر (مطبعة الداودي، دمشق 2001).

 


- التصنيف : القانون الجزائي - النوع : القانون الجزائي - المجلد : المجلد الثاني: بطاقة الائتمان ــ الجرائم الواقعة على السلطة العامة - رقم الصفحة ضمن المجلد : 561 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق