جريمة الاتجار ب-الأشخاص
جريمه اتجار باشخاص
crime of trafficking in human beings - crime de trafic des êtres humains
إبراهيم دراجي
أسباب نمو جرائم الاتجار بالأشخاص
تحديد جرائم الاتجار بالأشخاص ومؤيداتها الجزائية
الجهود العربية والدولية في مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص
الاتجار بالأشخاص؛ أو النخاسة هي التجارة الجديدة التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها وصمة عار، وخزي للجميع، كما أن العديد من المنظمات الدولية قد عدّتها أكبر نشاط غير قانوني في العالم بعد أن أصبحت أول الأنشطة التجارية غير المشروعة بدلاً من الاتجار بالمخدرات، وتشير بعض الأرقام والدراسات إلى أنه يعيش 27 مليون إنسان حول العالم -80% منهم من النساء، والأطفال - من خلال تجارة البشر التي أمست أكبر تجارة غير شرعية في العالم، حيث تقدر منظمة العمل الدولية(I.L.O) أرباح استغلال النساء والأطفال جنسياً بنحو 28 مليار دولار سنوياً!! كما تقدر أرباح العمالة الإجبارية بنحو 32 مليار دولار سنوياً!! وتؤكد المنظمة أن 98% من ضحايا الاستغلال التجاري الإجباري للجنس هم من النساء والفتيات، ويتعرض نحو 3 ملايين إنسان في العالم سنوياً للاتجار بهم، بينهم 1.2 مليون طفل، وينقل ما يراوح بين 45 ألفاً و50 ألفاً من الضحايا إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنوياً.
أولاً- مفهوم الاتجار بالأشخاص:
يعتقد الكثيرون أن الصورة الوحيدة لجريمة الاتجار بالأشخاص إنما هي صورة الرق والعبودية عندما يُشترى الناس بالمزاد العلني، ويُربطون بالقيود والسلاسل، ويُقادون في صف طويل واحد إلى أسيادهم الجدد لممارسة الكثير من الأعمال الشاقة والمهينة. ويظنون أن هذه الصور والممارسات قد زالت، وانتهت وأنها تعود إلى زمن مضى لم يعد له وجود، وهو غير قابل للإعادة والتكرار؛ ولاسيما أن القرن الحادي والعشرين تجاوز ممارسات القرون الوسطى التي كان الرق والاستعباد أحد أسوأ ملامحها و أبرز مظاهرها.
لكن للأسف ليس كل هذا صحيحاً، فإذا كان استرقاق العبيد وتقييدهم بالحديد والسلاسل هو الصورة التقليدية عن الاتجار بالأشخاص فيما مضى؛ فإن العصر الحديث كشف أن المجتمعات قد نجحت بالفعل في تجاوز ذاك النمط التقليدي من استرقاق الأشخاص واستعبادهم، فزالت الصورة القديمة؛ فيما بقي مضمون الفعل قائماً بكل ما يتضمنه من صور الاستغلال والقسوة والاستعباد وامتهان الحياة وسائر الحقوق الإنسانية!! فضحايا الاتجار في هذا القرن يُساقون بالطائرات، ويُقيدون بعقود عمل وهمية أو بوعود كاذبة وأحلام وأمنيات زائفة، وبوثائق سفر مزورة، بل يسعون هم أحياناً يرجون ويتوسطون - تحت ضغط الفقر والحاجة - كي يتم الاتجار بهم، وبات عملهم الجديد يتخذ صوراً مختلفة وأشكالاً متعددة كالاستغلال الجنسي، وأعمال السخرة المنزلية وسواها، وبيع الأعضاء البشرية، وأيضاً بيع الأطفال أو استغلالهم لأغراض العمل أو الجنس.
ويُعرف برتوكول الأمم المتحدة الخاص بمنع الأشخاص الذين يتاجرون بالبشر ولاسيما النساء والأطفال وحظرهم ومعاقبتهم (وهو أحد «برتوكولات باليرمو» الثلاثة) الاتجار بالبشر بأنه:
«تجنيد ونقل وإيواء أو استقبال الأشخاص من خلال وسائل التهديد، أو استخدام القوة، أو غيرها من أساليب الإكراه، والاختطاف، والتزوير، والخداع، وسوء استخدام السلطة، أو موقف ضعف، أو إعطاء أو استلام دفعات مالية أو خدمات للحصول على موافقة الشخص على أن يسيطر عليه شخص آخر من اجل استغلاله.
يتضمن الاستغلال في حده الأدنى - استغلال الأشخاص للعمل في البغاء أو أي أشكال أخرى من الاستغلال الجنسي، أو الإكراه على العمل أو الخدمات - العبودية، أو ممارسات مشابهة للعبودية؛ الأشغال الشاقة الإجبارية، أو إزالة الأعضاء».
ثانياً- أسباب نمو جرائم الاتجار بالأشخاص:
تتعدد أسباب نمو جرائم الاتجار بالأشخاص وتتنوع، وهي في مجملها معقدة ومترابطة، ولذلك ينجم عنها عادةً العديد من الآثار والنتائج الخطرة على أمن الدول وسلامتها واقتصادها. وبالنظر إلى الاتجار بالبشر باعتباره سوقاً عالمياً؛ فإن الضحايا يمثلون العرض، في حين يمثل أرباب العمل السيئون ومستغلو الجنس؛ الطلب. وتشجع عدة عناصر على الطلب على الضحايا بما في ذلك الفقر، وجاذبية الحصول على مستوى معيشي أفضل في مكان آخر، والبنية الاقتصادية والاجتماعية الضعيفة، وقلة فرص العمل، والجريمة المنظمة، والعنف ضد الأطفال والنساء، والتمييز ضد النساء، والفساد الحكومي، وعدم الاستقرار السياسي، والنزاعات المسلحة، والتقاليد والعادات الثقافية مثل تقاليد العبودية.
في المقابل تتضمن العوامل التي تؤدي إلى زيادة الطلب على الاتجار بالأشخاص: تجارة الجنس وازدياد الطلب على العمالة القابلة للاستغلال. حيث أصبح الاستغلال الجنسي للأطفال تجارة عالمية تسهلها وسائل تكنولوجية بما في ذلك الإنترنت التي توسع الخيارات المتاحة للمستهلكين، وتسمح بعقد صفقات مباشرة بطريقة تكاد تكون غير قابلة للكشف. كما يشجع الطلب العالمي على العمالة غير القانونية والرخيصة والمستضعفة؛ الاتجار بالبشر كذلك.
ثالثاً- تحديد جرائم الاتجار بالأشخاص ومؤيداتها الجزائية:
تتعدد صور الاتجار بالأشخاص ومظاهره، ويبدو أنها لن تكون قابلة للحصر بسهولة؛ لأن التطور التقني والتقدم العلمي سيفرزان في المستقبل القريب صوراً ومظاهر للاتجار والاستغلال ربما لم تكن مألوفة ولا متوقعة بمفاهيم الوقت الحاضر، وجدير بالذكر أن وسائل الاتصالات والإنترنت قد أفرزت حالياً بعض صور الاستغلال الجنسي للمرأة والأطفال بصورة لم تكن موجودة من قبل!! علماً أن بروتوكول الأمم المتحدة الخاص بمنع الأشخاص الذين يتاجرون بالبشر ولاسيما النساء والأطفال وحظرهم ومعاقبتهم قد حدد أبرز صور الاتجار ومظاهره بأنها تشمل استغلال الأشخاص للعمل في البغاء أو أية أشكال أخرى من الاستغلال الجنسي، أو الإكراه على العمل أو الخدمات - العبودية، أو ممارسات مشابهة للعبودية - الأشغال الشاقة الإجبارية، أو إزالة الأعضاء. وبالتالي فإن أبرز هذه الصور تشمل:
أ- الاتجار بالأشخاص لغايات جنسية: يضم الاتجار بالأشخاص لغرض الجنس قسماً مهماً من الاتجار الإجمالي بالبشر وغالبية حالات العبودية عبر حدود الدول في الحاضر. وهنا يتم الإجبار على ممارسة الجنس التجاري بالقوة والخداع والإكراه أو من خلال ممارسة السلطة والتأثير في الشخص الذي أُجبر على القيام بمثل هذه الأفعال إذا لم يكن قد تجاوز سن الثامنة عشر.
ويزداد انغماس عصابات الإجرام العالمية وتورطها في الاتجار بالأشخاص لغرض الاستغلال الجنسي بسبب الأرباح العالية التي تحققها هذه التجارة، وكذلك بسبب صعوبة اكتشاف أمرهم، والعقوبات الخفيفة نسبياً إذا ما تم إلقاء القبض عليهم، حيث إن أكثر ما يمكن أن يدانوا به هو تزوير جوازات السفر أو تأشيرات الدخول.
وبالمقابل تحقق هذه العصابات أرباحاً بمئات الملايين من الدولارات غير الخاضعة للضرائب، والتي يمكن نقلها من بلد إلى آخر لغسل الأموال ودفع كلفة الوثائق المزورة في البلاد المرسلة أو المستقبلة للنساء والفتيات.
ب- الاتجار بالأطفال: يُعدّ الأطفال أبرز الضحايا الـمُستهدَفين والمحتملين للاتجار بهم واستخدامهم إمّا لأغراض الاستغلال الجنسي وإما التجنيد وإما العمالة. حيث يتم استغلال ما يزيد على مليوني طفل في تجارة الجنس العالمية كل عام. إذ يقع معظم هؤلاء الأطفال في شباك الاستغلال الجنسي التجاري الذي يُعَدّ اتجاراً بالبشر بغض النظر عن الظروف. ولا توجد استثناءات أو مبررات اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية تمنع إنقاذ الأطفال من العبودية الجنسية. وُتعدّ السياحة لممارسة الجنس مع الأطفال اعتداء فاضحاً على كرامة الأطفال، وهي إساءة بالغة في حقهم. أضف إلى ذلك أن الاستغلال الجنسي التجاري للأطفال يؤدي إلى تداعيات مدمرة على القاصرين، قد تشمل صدمات جسدية ونفسية تدوم طويلاً، والإصابة بالأمراض (بما في ذلك مرض نقص المناعة المكتسبة/الإيدز)، وإدمان المخدرات، والحمل غير المرغوب به، وسوء التغذية والنبذ من المجتمع، وربما الموت. كما يُعدّ تجنيد الأطفال شكلاً فريداً وحاداً من أشكال الاتجار بالبشر. وقد تم تجنيد عشرات الآلاف من الأطفال تحت سن الثامنة عشرة للمشاركة في نزاعات مسلحة وللعمل في جيوش نظامية، وميليشيات مسلحة، وجماعات متمردة. وبينما يُختطف بعض الأطفال لإجبارهم على العمل؛ يجند آخرون نتيجة تهديدهم أو عن طريق تقديم رشاوى، أو وعود كاذبة بالتعويض. حيث يأمل الأطفال في العديد من الحالات في الحصول على مأكل، وملبس، ومأوى، بيد أن قرار طفل الانضمام إلى جماعة مسلحة لا يجوز اعتباره قراراً حراً؛ ولاسيما أن الأطفال الذين يتورطون في النزاعات المسلحة يبحثون بائسين عن وسائل للبقاء. ولكون الأطفال غير ناضجين عاطفياً وجسدياً؛ فإنهم يُستغلون بسهولة، ويُجبرون على العنف.إضافةً إلى تنامي عمليات بيع الأطفال والمتاجرة بهم وإيقاعهم في شراك العمل المقيد والعمل القسري.
ج- الاتجار بالبشر لغرض أعمال السخرة والاسترقاق: تتعدد صور هذا الشكل من أشكال الاتجار بالبشر، فقد يأخذ شكل أعمال السخرة التي تشمل تجنيد شخص للعمل وإيواءه ونقله وإمداده؛ أو لتقديم خدمات من خلال القوة والخداع أو الإكراه من أجل أن يقوم بأشغال شاقة غير طوعية وللسخرة ولضمان الدَّين أو للعبودية.
أو قد يتجلى في العبودية القسرية التي تُعدّ أحد أسوأ أشكال الاتجار بالأشخاص وأكثرها انتشاراً، ويقع فيها العديد من المهاجرين لأسباب اقتصادية ممن يتركون بيوتهم في مجتمعات نامية، ويسافرون مسافات بعيدة أو قريبة إلى المراكز الحضرية من أجل العمل، حيث يصبحون عرضة لأوضاع العبودية القسرية؛ إذ يُعانون أذى من أرباب أعمالهم. ومن الممكن أن يكون الأذى لفظياً أو جسدياً من قبل رب العمل؛ ما يؤدي أحياناً إلى خرق عقد العمل الذي يحكم العلاقة بين الاثنين والذي قد يتخذ شكل تأخير الأجور أو عدم منح عطلة للراحة من العمل. وقد تجد مجموعة نفسها أحيانا أنه يتم استغلالها لدرجة اعتبارها محتجزة.
إضافةً إلى العبودية المنزلية اللاإرادية حيث يقع خدم المنازل - أحياناً- في شباك العبودية من خلال استعمال القوة أو الإكراه، مثل سوء المعاملة الجسدية (بما في ذلك الإساءة الجنسية) أو النفسية. ويتعرض الأطفال خصوصاً لهذا الشكل من العبودية. ومن الصعب اكتشاف حالات العبودية المنزلية؛ لأنها تحدث في منازل خاصة لا تخضع في أحيان كثيرة لتنظيم من جانب السلطات العامة.
والمشكلة هنا أن قوانين العمل في العديد من دول العالم تستبعد العمالة المنزلية المهاجرة من الحماية التي تمنح لعمال آخرين مثل تحديد ساعات العمل وإجازات مدفوعة الأجر ويوم راحة أسبوعي. ولكل ما سبق يُعدّ عمال الخدمة المنزلية من أكثر الفئات تعرضاً لمخاطر الاتجار بهم وخضوعهم لبعض مظاهر الاسترقاق والعبودية.
د- الاتجار بالبشر لغرض بيع الأعضاء البشرية: تزايدت في السنوات الأخيرة ظاهرة الاتجار والوساطة في الأعضاء البشرية والأنسجة، والتي يقصد بها قيام بعضهم ببيع أجزاء من أجسادهم مثل الكلى إلى آخرين في حاجة إليها تحت وطأة العوز المادي والبطالة، وتدني مستوى الوعي حول المخاطر الصحية للبيع وحول حقوق البائعين في الصحة والحياة. ورغم أن عمليات نقل الأعضاء وزرعها يجب أن تؤسس على مفاهيم وقيم ومبادئ إنسانية وحقوقية، بيد أنه - ومع ارتباط هذه القيم والمبادئ بتطور المجتمعات، ومع ندرة الأعضاء المقدمة قياساً لارتفاع الطلب عليها من المرضى الذين ترتبط حياتهم بنقلها- بدأت عمليات الاتجار والوساطة والسمسرة في هذه الأعضاء من خلال مؤسسات خاصة تستغل حاجة الفقراء، وقدرة الأغنياء عبر الدول. وهو ما تزامن أيضاً مع ظهور ما يسمى ببنوك الأعضاء، حيث أصبحت عملية الشراء والبيع تتم بين المستشفيات أو بين السماسرة إلى درجة أن البت بأمر الصلاحية والتوافق بين الفرقاء يتعهد القيام بها السماسرة الذين يتولون إتمام الصفقة.
وأمّا موقف التشريعات القانونية من جرائم الاتجار بالبشر ومؤيداتها الجزائية فقد خلت معظم التشريعات العربية من نصوص خاصة بهذه الجريمة على وجه التحديد؛ وإن كانت تعاقب بعض الأفعال التي تندرج في إطار هذه الجريمة، ولكن دون أن تستخدم صراحةً مصطلح «الاتجار بالبشر أو الأشخاص» كحظر الاسترقاق وأعمال الاستغلال الجنسي ومخالفة قوانين العمل وبيع الأعضاء البشرية؛ إلى أن اتجه عدد كبير من الدول العربية في الفترة الأخيرة إلى سن تشريعات خاصة لمواجهة هذه الجريمة كما هو الحال في القانون البحريني رقم (1) لسنة 2008 بشأن مكافحة الاتجار بالأشخاص والذي نص في المادة الثانية منه على أنه «مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر، يعاقب بالسجن وبالغرامة التي لا تقل عن ألفي دينار، ولا تجاوز عشرة آلاف دينار كل من ارتكب جريمة الاتجار بالأشخاص».
في حين عاقب نظام مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، والذي أعدته لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان في مجلس الشورى السعودي، وصدر في شهر تموز/يوليو من العام 2009 «كل من ارتكب جريمة الاتجار بالأشخاص بالسجن مدة لا تزيد عن خمس عشرة سنة أو بغرامة لا تزيد عن مليون ريــال أو بهما معاً» وأمّا « قانون مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /3/ تاريخ 7/1/0102 فقد أفرد مساحة واسعة منه لأغراض العقاب على مخالفة أحكامه بغية عدم تمكين أي من المتاجرين من الهروب بجرمهم والنجاة من العقاب، فنصت المادة السابعة على فرض عقوبة الاعتقال المؤقت لمدة لا تقل عن سبع ِ سنواتٍ والغرامة من مليون إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية على كل من يرتكب هذه الجريمة. مع تشديد العقوبات وفقاً لأحكام التشديد الواردة في قانون العقوبات العام في الحالات التالية (المادة الثامنة):
«1- إذا ارتكبت الجريمة ضد النساءِ أو الأطفال أو بحقِّ أحدٍ من ذوي الاحتياجات الخاصة.
2- إذا استخدم مرتكب الجريمة سلاحاً، أو هدَّدَ باستخدامه.
3- إذا كان مرتكب الجريمة زوجاً للمجني عليه أو أحد أصوله أو وليه أو كانت له سلطة عليه أو كان موظفاً من موظفي إنفاذ القانون.
4- إذا ارتكب الجريمة أكثر من شخص، أو كان الفاعل عضواً في جماعةٍ إجرامية.
5- إذا كانت الجريمة ذات طابع ٍ دولي».
رابعاً- الجهود العربية والدولية في مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص:
لا يمكن مواجهة جرائم الاتجار بالبشر دون تعزيز التعاون الدولي وتنسيق الجهود في هذا المجال بوصفه - في صورته الغالبة - يتخذ صفة الجريمة المنظمة العابرة للحدود؛ ولهذا فقد تم إبرام العديد من الاتفاقيات الدولية المعنية بتجريمه وتنسيق جهود مواجهته كبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة غير الوطنية لعام 2000. وفي سياق الجهود الدولية المبذولة لمُكافحة جريمة الاتجار بالبشر كان مكتب الأمم المتحدة لمُكافحة المخدرات والجريمة قد أطلق مُبادرة في آذار/مارس من العام 2007 لتحديد أركان هذه الجريمة وبيان أسباب انتشارها ووضع أطر لكيفية التعامل مع هذه الجريمة.
وفى ڤيينا استضافت الأمم المتحدة منتدى يُعدّ الأول لمُكافحة الاتجار بالبشر من 13-15/2/2008، بمُشاركة أكثر من ألف مندوب يمثلون 164 دولة والعديد من المنظمات الإقليمية والدولية؛ إضافة إلى ممثلي الدول الأعضاء ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الحكومية وغير الحكومية وممثلي الكيانات التجارية والمؤسسات الدولية، وتم التوافق على تعزيز التعاون الدولي من خلال تطوير القوانين والتشريعات الرادعة التي تمكن الجهات المُنفذة من مُناهضة هذه الظاهرة؛ إضافةً إلى تبادل المعلومات بين الدول وتسليم المجرمين المتورطين بارتكاب هذه الجريمة الآخذة في التنامي إن لم يتم تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لمواجهتها بحسم وشدّة.
وعلى الصعيد العربي فإضافةً إلى تبني عدّة دول عربية تشريعات خاصة لمواجهة هذه الجريمة؛ فقد سبق لجامعة الدول العربية أن وضعت «مسودة قانون عربي نموذجي لمواجهة هذه الجريمة» كما تبنت الدول العربية في العام 2008 خطة العمل العربية التي أعدتها اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان بجامعة الدول العربية، وناقشها مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، وهي تتضمن ضرورة تعزيز التعاون العربي الدولي لمُكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر التي تعدّ انتهاكاً صارخاً لقيم حقوق الإنسان ومبادئها. كما أن البرلمان العربي الانتقالي اتخذ قراراً في اجتماع دورته العادية الثانية المستأنفة المعقودة بمقر مجلس الشعب بالجمهورية العربية السورية في الفترة من 7 إلى 9/11/ 2008 حيث نص على «تكليف لجنة الشؤون التشريعية والقانونية وحقوق الإنسان بالتعاون والتنسيق مع مؤسسات كل من جامعة الدول العربية والأمم المتحدة ذات الصلة في إعداد مشروع لاتفاقية عربية لمحاربة جرائم الاتجار بالبشر على أن يُعرض على البرلمان في دورته العادية القادمة».
مراجع للاستزادة: |
- أحمد سليمان الزغاليل، الاتجار بالنساء والأطفال، دراسة منشورة ضمن كتاب «الظواهر الإجرامية المستحدثة وسبل مواجهتها»، (منشورات أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض 1999.)
- أحمد عبد الدايم، أعضاء جسم الإنسان ضمن التعامل القانوني، رسالة ُقدمت لنيل شهادة الدكتوراة في الحقوق من جامعة ستراسبورغ (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 1999).
- سميرة عايد ديات، عمليات زرع ونقل الأعضاء البشرية بين القانون والشرع (منشورات الحلبي الحقوقية الطبعة الأولى، بيروت 2004).
- إبراهيم درّاجي، مواجهة الاتجار بالأشخاص في القوانين والتشريعات السورية (دراسة قانونية صادرة ضمن منشورات المنظمة الدولية للهجرة، 2005).
- إبراهيم درّاجي، الاتجار بالأعضاء البشرية (دراسة قانونية صادرة ضمن منشورات المنظمة الدولية للهجرة، 2009).
- إبراهيم سيّد أحمد، قانون مكافحة جرائم الاتجار بالبشر واتفاقية الأمم المتحدة (منشورات دار الكتاب القانوني، الإسكندرية 2008).
- هاني السبكي، عمليات الإتّجار بالبشر «دراسة في ضوء الشريعة الإسلامية والقانون الدولي وبعض التشريعات العربية والأجنبية» (منشورات دار الفكر الجامعي، الإسكندرية 2009).
- «زرع الأعضاء والنسج البشرية» تقرير من الأمانة العامة لمنظمة الصحة العالمية، المجلس التنفيذي، الدورة 124، م ت 124/15، تاريخ 20 تشرين الثاني 2008.
- مجموعة أدوات لمكافحة الاتجار بالأشخاص (صادرة عن الأمم المتحدة، المكتب المعني بالمخدرات والجريمة، ڤيينا).
- التصنيف : القانون الجزائي - النوع : القانون الجزائي - المجلد : المجلد الثالث: الجرف القاري ــ الرسم والنماذج الصناعية - رقم الصفحة ضمن المجلد : 25 مشاركة :