الحضانة
حضانه
guardianship - curatelle
أسامة الحموي
تعريف الحضانة وحكمها | مدّة الحضانة والأجرة عليها ومكانها |
صاحب الحق في الحضانة وترتيب الأحق بها | الخلع على الحضانة مدة معلومة |
شروط استحقاق حقّ الحضانة ( شروط الحاضنة والحاضن) | تنازل الأم عن حق الحضانة |
أولاً- تعريف الحضانة وحكمها:
1- تعريف الحضانة لغة:
مصدر لكلمة الحاضن أو الحاضنة، وحَضَن الصبي يحضنه حضناً: ربَّاه، والحاضِنُ والحاضِنةُ: الموكلان بالصبي يحفظانه ويربيَّانه. وبه سميت الحاضنة، وهي التي تُربِّي الطفل.
وجاء في التعريفات للجرجاني: «الحضانة: هي تربية الولد».
2- تعريف الحضانة شرعاً:
عرفها النووي بأنها: «حفظ من لا يستقل وتربيته».
وعرفها النووي أيضاً بأنها: «القيام بحفظ من لا يميز ولا يستقل بأمره وتربيته بما يصلحه، ووقايته مما يؤذيه».
فالحضانة إذن هي تربية الولد والقيام برعاية مصالحه.
والحضانة حق من حقوق الطفل التي أوجبها الشارع على الحاضنة أو الحاضن، بحسب ترتيب الأحق فيها، والملاحظ في هذا الحق مصلحة الطفل الصغير من حيث الأقدر على القيام برعاية مصالحه والقيام بشؤونه في مراحل عمره من الولادة إلى حين البلوغ والقدرة على الاستقلال بحياته.
ومع كون الحضانة حقاً للطفل المحضون، فهي حق للحاضنة أيضاً في الوقت نفسه.
ثانياً- صاحب الحق في الحضانة وترتيب الأحق بها:
الملاحظ في حضانة الطفل مصلحة الصغير. وما دامت الزوجية قائمة بين الزوجين، فإن حضانة الطفل للأبوين، فينشأ الولد في رعاية أبيه وأحضان أمه.
وأما إذا وقعت الفرقة بين الزوجين، فإن مصلحة الطفل أن يكون في حضانة الأقدر منهما على رعايته والقيام بشؤونه في مراحل حياته في الصغر من حنان وشفقة. والطفل يحتاج في مراحل حياته الأولى إلى رعاية وعناية خاصة لا تتوافر عادة إلا عند النساء ولذا كانت الحضانة شرعاً لأمه ثم محارمه من النساء.
فإن لم يوجد له امرأة من محارمه النساء أو وجدت، ولكن لم تتوافر فيها الأهلية الكاملة للحضانة، عندئذٍ ينتقل حق الحضانة إلى أقرباء الطفل العصبات.
والدليل على أن الحق في حضانة الطفل في الصغر لأمه أولاً ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص أن امرأة أتت النبي[ فقالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان له بطني وعاء وحِجري له حواء وثديي له سِقاء، وزعم أبوه أنه ينزعه مني، فقال: «أنت أحق به ما لم تنكحي».
1- ترتيب الحاضنات:
الأحق بحضانة الطفل الصغير أمه؛ إن وجدت وتوافرت فيها شروط أهلية الحضانة، سواء كانت الزوجية قائمة أم كانت الأم مطلقة.
ثم يُقدم بعد الأم من يدلي إلى الأم بقرابة على من يدلي إلى الأب بقرابة إذا اتحدت القرابة، وبناءً على ذلك ذهب التشريع السوري عملاً بالمذهب الحنفي إلى أن ترتيب الحاضنات من النساء على النحو الآتي في المادة (139) من قانون الأحوال الشخصية:
1- الأم.
2- أم الأم مهما علت، فتفضل أم الأم على أم الأب، كما فضلت الأم على الأب.
3- أم الأب مهما علت، إذا لم توجد أم الأم أولم تتوافر فيها شروط الحضانة.
4- الأخوات الشقيقات للطفل المحضون.
5- الأخوات لأم، لأنهنَّ أقرب للأم.
6- الأخوات لأب.
7- بنات الأخوات الشقيقات من ولد الأبوين.
8- بنات الأخوات لأم.
9- الخالة الشقيقة فالخالة لأم فالخالة لأب.
10- بنت الأخت لأب.
11- بنات الإخوة: إذ تُقدم بنت الأخ الشقيق ثم بنت الأخ لأم ثم بنت الأخ لأب. وتُقدم بنات الأخوات على بنات الإخوة لأن الأخت لها الحق في الحضانة دون الأخ، فكان المدلي بها أولى بالحضانة.
12- العمات: تقدم العمة الشقيقة ثم العمة لأم ثم العمة لأب.
13- خالات الأم.
14- خالات الأب.
15- عمات الأم.
16- عمات الأب: تقدم الشقيقة، ثم التي لأم ثم التي لأب.
والقاعدة في تقديم الأولى بالحضانة من النساء أنه إذا تساوت النساء في درجة القرابة من الطفل المحضون، كوجود عدد من الأخوات الشقيقات أو عدد من بنات الإخوة، فتقدم ذات القرابتين على الأخت لأب، وتقدم الخالة الشقيقة على الخالة لأب، ثم تقدم قرابة الأم على قرابة الأب، لأن حق الحضانة يثبت للأم أولاً.
2- ترتيب حق الحضانة للعصبات:
إذا لم توجد حاضنة من النساء، بحسب الترتيب السابق للحاضنات، أو وجدت ولكنها ليست أهلاً للحضانة، فينتقل حق الحضانة إلى العصبات الذكور المحارم، بحسب ترتيب الميراث.
كما أن حق الحضانة ينتقل إلى العصبات من الرجال المحارم بعد انتهاء فترة الحضانة المخصصة لمحارم الطفل المحضون من النساء.
وترتيب الأحق بالحضانة من العصبات كالآتي:
1- الأب.
2- الجد أبو الأب وإن علا.
3- الأخ الشقيق.
4- الأخ لأب.
5- ابن الأخ الشقيق.
6- ابن الأخ لأب.
7- العم الشقيق.
8- عم الأب الشقيق.
9- عم الأب لأب.
10- ابن العم الشقيق إذا كان الطفل غلاماً.
11- ابن العم لأب.
3- ترتيب الأحق بالحضانة من ذوي الأرحام الذكور:
إذا لم يوجد من يحضن الطّفل من العصبات المحارم، أو وجد وليس أهلاً للحضانة، ينتقل حق الحضانة إلى ذوي الأرحام المحارم للطّفل على التّرتيب الآتي:
1- الجد لأمّ
2- الأخ لأم
3- ابن الأخ لأم
4- العم لأم
5- الخال الشّقيق
6- الخال لأم
7- الخال لأب
فإن لم يوجد للطّفل المحضون أحد من أقاربه ذوي الأرحام، تنتقل الحضانة إلى أقاربه غير المحارم، ولكن لا حقّ في الحضانة للإناث غير المحارم على الطفل، كما أنّه لا حقّ في الحضانة للرّجال غير المحارم في حضانة البنت.
فلا حقّ لبنت العم والعمّة وبنت الخال في حضانة الذّكور لعدم المحرميّة، في حين لهنّ الحقّ في حضانة الإناث.
كما لا حقّ لابن العم والعمّة وابن الخال والخالة في حضانة الإناث، خلافاً للذكور.
فالمراد بذوي الأرحام في حقّ الحضانة، هو كلّ قريب ذي رحم محرم من المحضون غير عصبة.
فذوو الأرحام في حقّ الحضانة أخصّ من ذوي الأرحام في حقّ الميراث، إذ لا يشتمل إلا كلّ قريب ذي رحم محرم من المحضون غير عصبة.
فحقّ الحضانة منوط بالرّحميّة مع المحرميّة، فلو وجدت أنثى لا قريب لها إلا ابن عم لها فالقاضي هو الّذي يختار الأصلح لها لحضانتها، أو يدفعها إلى امرأة ثقة.
وابن العم لا يحقّ له حضانة ابنة عمّه إلّا إذا كانت الطّفلة صغيرة جدّاً لا يخشى عليها من الفتنة.
- واتّفقت بقيّة المذاهب مع المذهب الحنفي على عدم ثبوت حقّ الحضانة لابن العم على ابنة عمّه إلّا إذا كانت صغيرة جدّاً.
ثالثاً- شروط استحقاق حقّ الحضانة ( شروط الحاضنة والحاضن):
اشترط العلماء في الحاضنة من النّساء الشّروط الآتية:
1- أن تكون بالغة عاقلة.
2- أن تكون قريبة للطّفل وذات رحم محرمة منه كالأم والأخت.
3- أن تكون قادرة على المحافظة على الطّفل ورعايته، فإن كانت عاجزة لمرض أو مصابة بمرض معدٍ، فلا يجوز أن تكون حاضنة.
4- أن لا تكون الحاضنة مرتدّة.
5- أن لا تعيش الحاضنة في بيت فيه مَن يُبْغض الصّغير، وإن كان قريباً له.
6- أن لا تكون الحاضنة فاسقة، لأنّه يخشى من سلوكها على أخلاق الصّغير، فيؤدّي إلى فساد الطّفل أو إهماله.
7- أن لا تكون الحاضنة متزوّجة بأجنبي من الطّفل المحضون، لقوله صلى الله عليه وسلم: «أنت أحقّ به ما لم تنكحي»، رواه أبو داود والبيهقي والحاكم وصحّحه، أمّا إذا كانت غير متزوّجة أو متزوّجة بذي رحم له كعمّ الصّغير فلا تسقط حضانتها.
ويكفي عند أكثر العلماء مجرد العقد، ولم يشترطوا الدّخول لسقوط حضانة الحاضنة.
وذهب المالكيّة إلى أنّ الحضانة تسقط بالدخول لا بمجرّد العقد.
وهذا كلّه رعاية لمصلحة الصّغير، كيلا يعيش في بيت فيه من يبغض الصّغير، أو فيه من لا ينظر إليه نظرة عطف أو حنان.
ولم يشترط الفقهاء اتّحاد الدّين بين الحاضنة والطّفل أمّاً كانت أم غيرها، فالأمّ المسيحيّة المتزوّجة من مسلم أحقّ بحضانة طفلها، على الرغم من اختلاف الدّين بينها وبين زوجها، لأنّ مناط الحضانة وفور الشّفقة، وهي موجودة في الأمّ وغيرها من الحاضنات مادام الطّفل صغيراً غير مميّز، بشرط أن لا تكون سيّئة الخُلق فتنتزع الحضانة منها.
وقد جاء في المادّة (381) من الأحكام الشّرعيّة للأحوال الشّخصيّة لقدري باشا «الحاضنة الذّمّيّة أمّاً كانت أو غيرها أحقّ بحضانة الولد كالمسلمة حتّى يعقل ديناً أو يخشى عليه أن يألف غير دين الإسلام».
شروط حضانة العصبات من الرّجال:
إذا لم يوجد للطّفل حاضنة من النّساء، بحسب التّرتيب السّابق، أو وجدت ولم تتوافر فيها شروط الحاضنة، فإنّ حقّ الحضانة ينتقل إلى أقارب الطّفل المحارم العصبات، بشرط أن يكون الرّجل الّذي يثبت له حقّ الحضانة قادراً على تربية الصّغير ورعايته وحفظه، وأميناً على أخلاقه وسلوكه، ويشترط أيضاً في الحاضن من العصبات المحارم اتّحاد الدّين بينه وبين الطّفل المحضون، كما يشترط فيه البلوغ والعقل والرّشد.
سقوط الحضانة وعودتها:
تسقط الحضانة إذا اختلّ أو فُقِد شرط من شروطها، وتنتقل عندئذ إلى من يلي الحاضنة، حسب التّرتيب الشّرعيّ للأولى بالحضانة، والحاضنة إذا تزوّجت مثلاً أو كانت سيّئة الأخلاق والسّلوك أو أصيبت بالجنون تسقط حضانتها ويتنقل الطّفل إلى من يليها من الحاضنات، فإذا زال المانع من الحضانة عاد الممنوع، فلو شفيت الحاضنة المريضة أو طُلِقت من زوجها، فإنّ حقّ الحضانة يعود إليها، وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء.
إلا أنّ المالكيّة قالوا: لا يعود حقّ الحضانة إذا سقط بزواج الحاضنة بعد الطّلاق أو موت زوجها.
رابعاً- مدّة الحضانة والأجرة عليها ومكانها:
1- مدّة الحضانة:
اتّفق الفقهاء على أنّ المُراعى في حقّ الحضانة مصلحة الصّغير، ومن المعروف أنّ الطّفل الصّغير منذ الولادة إلى سنّ التّمييز يحتاج إلى رعاية خاصة لا تقدر عليها سوى النّساء، ثمّ بعد ذلك يحتاج الطّفل إلى التّوجيه والتّأديب والتّعليم، والرّجال في الغالب أقدر من النّساء على ذلك، ولأجل هذه الغاية، وهي مصلحة الصّغير، اتّفق الفقهاء على أنّ الطّفل يجب أن يكون عند أمّه وفـي حضانتها في الفترة الأولى من حياته، وثمة أحاديث كثيرة تدلّ علـى فضل الأم، فضلاً عـن حديث النّبيّ r: «أنت أحقّ به ما لم تُنكَحي».
ثمّ اختلف الفقهاء في تحديد نهاية تلك المدّة الّتي يسقط فيها حقّ الحضانة للنّساء وأولهن الأم، كذلك اختلفوا أيضاً في هل ينتقل حقّ حضانة الطفل إلى الأب أو أقاربه من العصبات من دون تخيير الأم أم لا بدّ من التّخيير؟
وهذا كلّه أمر اجتهادي، ولذلك اختلف الفقهاء في ذلك على عدّة آراء، هي:
أ - رأي الحنفيّة الّذين قالوا: ينتهي حقّ الأم في الحضانة في سنّ السّابعة أو سنّ التّاسعة عند بعضهم.
أمّا البنت فينتهي حقّ أمها في حضانتها في سنّ التّاسعة أو الحادية عشرة، لأنّ البنت تحتاج إلى مدة أطول عند أمّها زيادة على الطّفل الذّكر، لأنّها تحتاج إلى تدريب على رعاية شؤون البيت.
فإذا انتهت فترة حضانة الأم للبنت أو الطّفل بانتهاء المدّة انتقل حقّ الحضانة إلى الأب أو من يليه من العصبات المحارم على التّرتيب المذكور سابقاً.
وإذا بلغ الطّفل سنّ البلوغ فإنّه يخيّر بين أبويه بعد ذلك.
ب - مذهب المالكيّة: مدّ المالكيّة سنّ المحضون الذّكر لدى أمّه أو من يليها من الحاضنات إلى سنّ البلوغ، وسنّ الأنثى إلى الزّواج والدّخول.
ج - لم يفرّق الشّـافعيّة في سنّ الحضانـة بين الذّكر والأنثـى، وقالوا مدّة الحضانـة للأمّ أو الحاضنات تنتهي بسنّ التّمييز وهي سنّ السّابعة، ثمّ بعد ذلك يخيّر الطّفل والبنت بين الأم أو الأب أو من يليهما في التّرتيب.
د - مذهب الحنابلة: حدّد الحنابلة الحضانة سبع سنين للذكر وتسعاً للأنثى، ثمّ يثبت لهما حقّ التّخيير، على الأشهر عندهم من بين ثلاث روايات.
وتميل أكثر القوانين في البلاد العربيّة إلى مدّ سنّ الحضانة للأم عملاً بمذهب المالكيّة رعاية لمصلحة المحضون.
2- مكان الحضانة:
مكان حضانة الطفل خلال قيام الزوجية هو محل إقامة الزوجين، وما دامت الزوجية قائمة فلا يحق للزوجة أن تنتقل بالطفل من دون إذن زوجها، وكذلك الحكم في أثناء عدة الزوجـة إذا كانت مطلقـة. أما بعد الطلاق وانتهاء العدة فإن مكان الحضانة يختلف بين ما إذا كانت الحاضنة أماً أم غيرها من الحاضنات.
أ - أما مكان الحاضنة إذا كانت الحضانة للأم وكانت الزوجية قائمة، فلا يجوز للأم السفر بالولد إلا بإذن زوجها، إذا كان قد دفع لها معجـل مهرهـا. فـإن أذن لها الزوج جاز لها الانتقـال أو السفر بالولد.
فإذا وقعت الفرقة بينها وبين زوجها، وانقضت العدة جاز لها السفر بالطفل المحضون بشرطين وهما:
q إذا كان البلد الذي تريد السفر إليه هو وطنها الأصلي الذي نشأت فيه.
q إذا كان عقد الزواج قد تم في هذا البلد.
فإذا توافر الشرطان فليس للأب منعها من السفر بالولد مهما بعدت المسافة بين البلد الذي يقيم فيه الأب وبلد الأم، لأن الزوج حين عقد العقد عليها رضي بالمقام في بلد الزوجة.
أما إذا أرادت السفر إلى بلد آخر غير بلدها الأصلي أو الذي تم العقد فيه، فليس لها ذلك إلا بإذن الأب، فإن كان البلد قريباً يستطيع الأب زيارة ولده فيه والرجوع إلى بلده في اليوم نفسه، فلا يحق للأب منعها من ذلك. والمدار في ذلك على مصلحة الصغير المحضون ليكون تحت إشراف الأب ورعايته.
ب - مكان الحضانة إذا كانت الحضانة لغير الأم من النساء: الحاضنة غير الأم ليس لها حق في الانتقال بالطفل المحضون من مكان إقامة الأب إلا بإذنه، وذلك لعدم وجود العقد بين الأب وبين الحاضنة، لأن العقد على الزوجة في مكان إقامتها يعني قبول الزوج بإقامة طفله فيه.
ج - مكان الحضانة إذا كانت الحضانة للأب: لا يجوز للأب السفر بالطفل المحضون في حال كانت الحضانة للأم أو لمن بعدها من الحاضنات إلا بإذن الحاضنة.
وأما بعد انتقال حق الحضانة له فيجوز له الانتقال بالطفل أو السفر به من غير إذنٍ من أمه أو من يقوم مقامها، بشرط أن يكون البلد قريباً بحيث تستطيع الأم رؤية طفلها كل يوم لبقاء حق الإراءة قائماً لها.
3- أجرة الحضانة:
إن أجرة الحضانة تجب في مال المحضون، إن كان له مال، فإن لم يكن له مال فأجرة الحضانة تجب في مال أبيه، ثم على من تلزمه نفقته.
وأجرة الحضانة تستحقها الحاضنة إضافة إلى أجرة الرضاع، وأجرة سكن، إن لم يكن للحاضنة سكن، ونفقات الكسوة.
والأم إن كانت على عصمة زوجها، أو كانت معتدة من طلاق رجعي فلا تستحق أجرة على الحضانة، لأنها تأخذ النفقة الزوجية كما تستحق نفقة على العدة.
وإذا كانت معتدة من طلاق بائن فروايتان عند الحنفية، والراجح منهما أنها لا تستحق أجرة على الحضانة لأنها تستحق نفقة العدة.
فإذا انقضت العدة فإن الأم تستحق أجرة على الحضانة.
وتستحقها كل حاضنة بعد الأم مقابل ما تقدمه من عمل وجهد في حضانة الطفل.
4- التبـرع بالحضانة:
إذا تبرعت إحدى محارم الطفل المحضون بالحضانة بلا أجرة بعد أن امتنعت الأم من حضانة طفلها بلا أجرة، ففي هذه المسألة تفصيل كالآتي:
أ - إذا كان للطفل المحضون مال فإنه يُدفع للمتبرعة بحضانته من محارمه، ولا يسلم لأمه بالأجرة، لأن في ذلك مصلحة في توفير مال الصغير الذي سيدفع للأم، أما لو كانت المرأة المتبرعة بالحضانة أجنبية عن الطفل، فإنه يدفع لأمه، وتأخذ أجرة المثل من مال الصغير، وذلك لمصلحة الصغير لتوافر الشفقة عند الأم وعدم توافرها عند الأجنبية.
ب - إذا لم يكن للطفل المحضون مال، وكان أبوه غنياً، فلا يُدفع الطفل للمرأة الأجنبية ولو كانت إحدى محارمه، لأن الأم أولى بحضانته في هذه الحالة، ولا عبرة في توفير مال الأب، لأن الملاحظ في الحضانة مصلحة الصغير المحضون، ووجود الطفل المحضون عند أمه وفي حضانتها أنفع له، ولا ضرر على الأب لأنه موسر.
جـ - إذا لم يكن للطفل مال، وكان الأب معسراً، وامتنعت الأم من حضانته إلا بالأجرة وتقدمت إحدى محارمه متبرعة بحضانته، فإن الطفل ينقل إليها.
خامساً- الخلع على الحضانة مدة معلومة:
لو تم الخلع، على أن يكون بدل الخلع هو إسقاط حق الحضانة، فلا يجوز، لأن الحضانة حق للصغير والمراعى فيه مصلحته، ولأن الشارع جعل إمساك الطفل في فترة الحضانة للأم أولاً في سن الصغر ثم للأب، فلو قال الزوج لزوجته: خالعتك على أن تمسكي طفلي هذا بعد سن الحضانة إلى سـن البلوغ فهذا لا يجـوز للإضرار بمصلحة المحضون والتعدي علـى حقوقه وتربيته. وكذلك الحكم لو اتفق الأبوان على أن يكون بدل الخلع إمساك الطفل عند الأم في وقت شرعه الله ليكون بيد الأب. ولكن الخلع يقع ويبطل الشرط عند الحنفية لتعلقه بحق الغير.
أما لو تمت المخالعة على إبراء الزوج من أجرة الحضانة فالخلع صحيح، وبدل الخلع صحيح، لأن الحضانة منفعة تتقوم بالمال، ولكن بشرط أن تحدد المدة المخصصة للإبراء من أجرة الحضانة، كالإبراء من أجرة الحضانة سنتين أو سنة مثلاً، فإذا تزوجت الأم أو سقطت أهليتها للحضانة، كان للزوج حق الرجوع على الأم بأجرة الحضانة عن المدة المتبقية.
سادساً- تنازل الأم عن حق الحضانة:
إن حق الحضانة حق للطفل المحضون وهو حق للأم في آن واحد. وإذا لم يكن للطفل الصغير سوى حاضنة معينة فإنها تجبر على حضانته وليس لها الخيار، وذلك حرصاً على مصلحة الطفل المحضون ولحقه المترتب على حاضنته.
وأما الأم إن كان حق الحضانة لها وتنازلت عنه لمن يليها من الحاضنات فيجوز لها ذلك، إلا أن حق الحضانة من الحقوق المستمرة، فإن تنازلت عنه في زمن فذلك لا يؤثر في حقها في المستقبل، ويجوز لها أن تطالب به وتسترده، إلا أنها تجبر على الحضانة إذا لم يكن للطفل سوى أمه من الحاضنات حفظاً لحياة الطفل ومصلحته.
مراجع للاستزادة: |
- السيد الشريف الجرجاني، التعريفات (مطبعة البابي الحلبي وأولاده، مصر 1938).
- ابن منظور، لسان العرب (دار صادر 1968).
- الشيرازي، المهذب، تحقيق الدكتور محمد الزحيلي (دار القلم، ط1، دمشق).
- البهوتي، كشاف القناع، تحقيق أبي عبد الله محمد حسن إسماعيل الشافعي، ط1 (دار الكتب العلمية، بيروت 1997).
- الكاشاني، بدائع الصنائع (دار الكتب العلمية، بيروت).
- ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار (دار إحياء التراث العربي، ط2، بيروت).
- السمرقندي، تحفة الفقهاء (دار الكتب العلمية ط2، بيروت).
- ابن شهاب الدين الرملي، نهاية المحتاج (دار الكتب العلمية، بيروت 1993).
- الدسوقي حاشية، الدسوقي، ط1 (دار الفكر 1998).
- الشافعي، الأم، تحقيق بدر الدين حسون، ط1 (دار قتيبة 1996م).
- أبي قدامة المقدسي، المغني (دار الكتب العلمية، بيروت).
- الحطاب، مواهب الجليل، ضبطه زكريا عميرات (دار الكتب العلمية، بيروت).
- النووي، روضة الطالبين، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد عوض (دار الكتب العلمية، بيروت 2000م).
- عبد الرحمن الصابوني، شـرح قانـون الأحـوال الشـخصية السوري (مطبعة الجامعة).
- التصنيف : العلوم الشرعية - النوع : العلوم الشرعية - المجلد : المجلد الثالث: الجرف القاري ــ الرسم والنماذج الصناعية - رقم الصفحة ضمن المجلد : 157 مشاركة :