التشريع
تشريع
legislation - législation
التشريع
فواز صالح
مقارنة التشريع بالدستور والأنظمة
تتضمن القاعدة القانونية حكماً عاماً ومجرداً له قوة ملزمة. ويعدّ هذا الحكم مادة القاعدة القانونية أو موضوعها. والقوة الملزمة التي تتمتع بها القاعدة القانونية هي التي تضفي عليها الصبغة الرسمية.
وتستمد القاعدة القانونية موضوعها من مصادر مادية متنوعة. فقد تكون القاعدة القانونية وليدة ظروف اجتماعية، ومثال ذلك قانون الإيجار السوري رقم (6) لعام 2001. وقد تكون ناجمة عن ظروف تاريخية، وبالتالي تكون مستمدة من قانون قديم كان يطبق في المجتمع نفسه أو من قانون أجنبي مطبق في مجتمع آخر، ومثال ذلك القانون المدني السوري لعام 1949 الذي استمد معظم قواعده من القانون المدني المصري، والذي استمد الكثير من قواعده من التقنين المدني الفرنسي وتقنينات غربية أخرى. وقد تكون القاعدة القانونية مستمدة من الاجتهادات أو الآراء الفقهية. ولا تكفي المصادر المادية لإضفاء الصفة القانونية على قاعدة ما، وإنما لا بد للقاعدة من مصدر رسمي يوفر لها القوة الملزمة وصفتها الرسمية. ويعد التشريع La législation ou la loi أهم هذه المصادر على الإطلاق.
أولاً ـ تعريف التشريع وسنه:
1ـ تعريف التشريع: التشريع هو مجموعة القواعد القانونية المكتوبة الصادرة عن السلطة التشريعية المختصة في الدولة وفقاً لإجراءات معيّنة. ويسمى أيضاً بالقانون بالمعنى الخاص؛ تمييزاً له من القانون بالمعنى العام أو الواسع الذي يشمل جميع مصادر القاعدة القانونية المكتوبة وغير المكتوبة. ويحتل التشريع المرتبة الأولى بين المصادر الرسمية للقاعدة القانونية، وهو أكثرها أهمية وأوسعها انتشاراً، وسبب ذلك يعود إلى ما يتمتع به التشريع من مزايا، وأهمها:
أ ـ السهولة في سن التشريع وفي إلغائه من قبل السلطة المختصة بذلك، إذ تستطيع هذه السلطة ـ كلما دعت الضرورة أو المصلحة ـ أن تسن تشريعاً معيّناً أو أن تلغيه إذا ثبت عدم مواكبته للتطور الحاصل في المجتمع. وخير مثال على ذلك التشريعات التي صدرت مؤخراً في سورية، بعد أن تبنت الحكومة نظام اقتصاد السوق الاجتماعي، وسمحت للقطاع الخاص بممارسة بعض النشاطات والأعمال التي كانت قبل ذلك حكراً على الدولة، مثل أعمال المصارف و التأمين والتعليم العالي.
ب ـ يمتاز التشريع بسهولة الرجوع إليه؛ إذ إنه يصدر في نصوص مكتوبة، فيمكن الوقوف على زمن سريانه أو زواله بكل سهولة.
ج ـ يبين التشريع حقوق الأفراد وواجباتهم بصورة واضحة، وبالتالي يساعد على حماية حرياتهم وحفظ حقوقهم. إذن فالأفراد يخضعون لسلطة التشريع العليا التي يتوجب على القضاة احترامها في أحكامهم.
د ـ يضع التشريع قواعد قانونية تطبق على جميع المواطنين في الدولة، وبالتالي فهو يساعد على توحيد النظام القانوني فيها.
2ـ عوامل انتشار التشريع: أهم العوامل التي ساعدت على انتشار التشريع هي:
أ ـ انفراد الدولة بوضع التشريع حيث تتركز السلطة في يدها، وبالتالي تسن القواعد القانونية في جميع أنحاء البلاد.
ب ـ ازدياد تدخل الدولة ـ عن طريق سن التشريعات ـ في شؤون الأفراد وتنظيمها.
ج ـ أخذ الدولة بمبدأ الفصل بين السلطات حيث قضى هذا الأمر إلى وجود سلطة مختصة تتولى أمر التشريع.
وظهر مؤخراً اتجاه في بعض الدول يميل نحو تجميع التشريعات المتعلقة بفرع من فروع القانون في تشريع كلي واحد، يسمى بالتقنين؛ مما يسهل الرجوع إليه، كما هو عليه الحال في فرنسا.
3ـ سن التشريع:
أ ـ السلطة المختصة: الدستور في الدولة هو الذي يحدد السلطة المختصة في سن التشريعات فيها، وتختلف هذه السلطة تبعاً للنظام السياسي المتبع. فمثلاً في النظم الديكتاتورية تجتمع في يد الحاكم جميع السلطات، ومنها سلطة سن التشريع والقواعد القانونية التي تعبر عن إرادته. أما في النظام الديمقراطي المطبق في معظم دول العالم، و الذي يقوم على أساس حكم الشعب نفسه بنفسه؛ فيعدّ الشعب مصدر السلطات جميعها، ومنها السلطة التشريعية. والأصل أن يتولى أفراد الشعب أنفسهم مباشرة سلطة سن التشريع ومناقشته والتصويت عليه كما هو عليه الحال في بعض المقاطعات السويسرية، ولكن هذا يعدّ أمراً صعباً جداً، لذلك فإنه يعهد بأمر التشريع في معظم الدول التي تأخذ بالنظام الديمقراطي إلى مجلس خاص، وأحياناً إلى مجلسين، يتولى ذلك باسم الشعب ونيابة عنه، ويطلق عليه مجلس الشعب أو المجلس النيابي أو مجلس الأمة. ومع ذلك يجوز لرئيس الجمهورية في بعض الحالات الاستثنائية أن يتولى إصدار التشريعات. وفي سورية السلطة المختصة بذلك هي مجلس الشعب وفقاً لنص المادة (50/أ) من الدستور الدائم لعام 1973 وتعديلاته. أما رئيس الجمهورية فهوـ في الأصل ـ يمارس السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب، وفقاً لما جاء في المادة (93/2) من الدستور السوري. بيد أن الدستور يجيز في بعض الأوقات لرئيس الجمهورية تولي سلطة التشريع، ولا يمارس الرئيس ذلك بوصفه رئيساً للسلطة التنفيذية، بل بوصفه سلطة تشريعية استثنائية. وأعطت المادة (111) من الدستور السوري الدائم الحق لرئيس الجمهورية في إصدار التشريعات في ثلاث حالات وهي:
> الحالة الأولى: خارج انعقاد دورات مجلس الشعب.
> الحالة الثانية: في أثناء انعقاد دورات المجلس، إذا اقتضت ذلك ضرورة قصوى تتعلق بمصالح البلاد القومية أو بمقتضيات الأمن القومي.
> الحالة الثالثة: في أثناء المدة الفاصلة بين ولايتي مجلسين.
ويجب أن تعرض جميع التشريعات التي يصدرها رئيس الجمهورية في الحالة الأولى على المجلس في أول دورة انعقاد له. كما يجب أن تعرض تلك التي يصدرها في الحالة الثانية على المجلس في أول جلسة له. ويحق للمجلس إلغاء هذه التشريعات أو تعديلها، وذلك بأكثرية ثلثي أعضائه المسجلين لحضور الجلسة شريطة ألا يقل عن أكثرية أعضائه المطلقة. ويكون الإلغاء أو التعديل بأثر مباشر. أما التشريعات التي يصدرها في الحالة الثالثة فلا تعرض على المجلس. ولكن يمكن للمجلس أن يعدلها أو يلغيها وفقاً لأحكام تعديل القوانين وإلغائها.
ويتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع عن طريق المراسيم التشريعية. والمرسوم التشريعي هو: مجموعة القواعد القانونية التي يسنها رئيس الجمهورية في الحالات التي يتولى فيها سلطة التشريع وفقاً لأحكام الدستور. ولا يختلف المرسوم التشريعي عن القانون الذي يقره مجلس الشعب؛ سوى في صدوره عن رئيس الجمهورية عندما يمارس السلطة التشريعية وفقاً لأحكام الدستور.
ب ـ المراحل التي يمر بها سن التشريع: لكي يصبح التشريع نافذاً لابد من أن يمر بمراحل عدة نص عليها الدستور السوري، وهي:
(1)ـ الاقتراح: هو المرحلة الأولى من مراحل سن التشريع. ويعود حق اقتراح التشريع إلى رئيس الجمهورية، بموجب نص المادة (110) من الدستور، بصفته ممثلاً للسلطة التنفيذية. ويسمى الاقتراح الصادر عنه هنا بـ"مشروع قانون". وكذلك يعود إلى أعضاء مجلس الشعب، ويسمى هذا الاقتراح "اقتراحاً بقانون" وذلك وفقاً لنص المادة (70) من الدستور. ولم تحدد هذه المادة عدد أعضاء مجلس الشعب الذين يحق لهم اقتراح القوانين، ولكن المادة (97) من النظام الداخلي لمجلس الشعب الصادر في 6 حزيران/يونيو 1974 وتعديلاته أعطت الحق لكل عشرة أعضاء باقتراح القوانين.
(2)ـ الإقرار: وهو أهم مرحلة من مراحل تكوين التشريع، فهي المرحلة الحاسمة في وجود التشريع أو عدمه، ويعني الإقرار التصويت على التشريع من قبل أعضاء مجلس الشعب. وهو من أهم اختصاصات مجلس الشعب؛ طبقاً لما جاء في المادة (71/2) من الدستور السوري. وقد بينت المواد من (98) إلى (110) من النظام الداخلي لمجلس الشعب الإجراءات التي تتم من خلالها عملية إقرار القوانين، وتتلخص هذه الإجراءات بالآتي:
> توزيع مشروعات القوانين التي ترد من رئيس الجمهورية واقتراحات القوانين التي تقدم من الأعضاء مع أسبابها الموجبة على الأعضاء، وتتلى خلاصتها في أول جلسة.
> تحال مشروعات القوانين واقتراحاتها إلى اللجنة الدستورية والتشريعية من أجل البحث في جواز النظر أو عدمه، وعلى هذه اللجنة تقديم تقريرها بشأنها خلال أسبوع. وإذا قررت اللجنة جواز النظر في الاقتراح المقدم من أعضاء المجلس عليها أن تعيد النظر في صياغته القانونية، ثم تقدم تقريرها شاملاً النظر والصياغة. ومن ثم يعرض تقرير اللجنة على المجلس دون مناقشة مواده، فإذا أقره المجلس أحيل الموضوع إلى اللجنة المختصة. ويجوز للرئيس أن يحيل هذه المشروعات إلى اللجنة مباشرة؛ شريطة أن يخطر المجلس بذلك في أول جلسة تعقب الإحالة. ولا يحول هذا الحق دون توزيع هذه المشروعات و أسبابها الموجبة على الأعضاء.
> تقدم التعديلات بعد إنجاز اللجنة تقريرها وقبل الجلسة المحددة للمداولة في موضوع المشروعات ـ في حال وجودها ـ إلى رئيس المجلس الذي يطلع رئيس اللجنة عليها. ويحق في مثل هذه الحال لرئيس اللجنة ومقررها أن يطلبا إحالة التعديلات إلى اللجنة؛ ما لم يُكتفَ بالإشارة إليها في أثناء المناقشة.
> ثم بعد ذلك تبدأ المداولة بمناقشة عامة حول تقرير اللجنة ومبادئ المشروع أو الاقتراح، وبعد الانتهاء من هذه المناقشة يأخذ الرئيس رأي المجلس في الانتقال إلى مناقشة مواد المشروع أو الاقتراح، فإذا وافق المجلس على ذلك؛ يتم مناقشة المواد والتصويت عليها مادة فمادة. وإذا كانت المادة مؤلفة من عدة فقرات؛ يمكن التصويت عليها عند الطلب فقرة فقرة. وفي حال عدم موافقة المجلس على الانتقال إلى مناقشة المواد، أو البحث في أصل الموضوع، أو لم يقرر إعادته إلى اللجنة؛ فيعدّ ذلك رفضاً للمشروع أو للاقتراح.
> وإذا كانت هناك تعديلات في أثناء المناقشة؛ فتقدم كتابة لرئيس المجلس من أجل عرضها على المجلس. ويمكن أن تحال هذه التعديلات ـ إذا قرر المجلس ذلك بناءً على طلب أحد الأعضاء أو رئيس اللجنة أو مقررها ـ إلى اللجنة التي وضعت التقرير عن المشروع. وإذا تبين أن التعديلات تؤثر في باقي نصوص المشروع؛ فعلى المجلس أن يؤجل النظر في المشروع حتى انتهاء اللجنة من تقديم تقريرها بشأن التعديلات. أما إذا لم يكن لها تأثير؛ فيثابر المجلس على مناقشة المشروع. وفي مثل هذه الحال يبدأ التصويت على اقتراح التأجيل بدايةً، ثم على النص المقترح من اللجنة، فإذا رفض يجري التصويت على التعديلات الواردة على النص، وفي حال قبول أحد التعديلات يدخل في النص، و إذا رفضت التعديلات يجري التصويت على أصل المشروع أو الاقتراح بقانون.
> بعد الانتهاء من التصويت على المشروع أو الاقتراح على النحو المذكور أعلاه؛ يجري التصويت عليه جملةً.
> تخضع المشروعات والاقتراحات ـ من حيث المبدأ ـ لمداولة واحدة. ولكن يجوز إخضاعها كلياً أو جزئياً لمداولة ثانية قبل الاقتراع عليها بناءً على موافقة المجلس، وشريطة أن يبين المقترح المواد المراد إخضاعها للمداولة الثانية و الأسباب التي تبرر ذلك. وفي حال تقديم تعديلات جديدة في أثناء المداولة الثانية؛ فعلى المجلس أن يبت فيها دون حاجة إلى إحالتها ثانية إلى اللجنة، وذلك بعد سماع إيضاحات من مقدم التعديلات و رأي رئيس اللجنة أو المقرر.
> يحق لرئيس الجمهورية ـ وفي أي وقت ـ أن يطلب من المجلس بموجب كتاب معلل استرداد مشروع القانون المقدم منه، أو تأجيله مدة معينة. كما يحق له أن يطلب تأجيل المناقشة في أي اقتراح بقانون مدة معيّنة. كما يمكن لمقدمي الاقتراح سحب اقتراحهم.
> إذا رفض المجلس مشروع القانون أو الاقتراح بقانون؛ لا يمكن عرضه مجدداً على المجلس قبل انقضاء ستة أشهر على رفضه.
> في حال إقرار المجلس قانوناً يبلغ إلى رئيس الجمهورية من أجل إصداره.
(3)ـ الإصدار: وهو العمل الذي يتم به إثبات وجود التشريع بصورة رسمية، بعد أن تم إقراره، والأمر بتنفيذه. ويعدّ الإصدارـ على قول فقهاء القانون ـ بمنزلة شهادة الميلاد التي تعطى للتشريع من قبل رئيس الجمهورية بصفته رئيس السلطة التنفيذية، ولإصدار التشريع من قبل رئيس الجمهورية فائدتان رئيسيتان، وهما:
> يمكّن الإصدار رئيس الجمهورية من إصدار أمره إلى السلطة التنفيذية ـ التي يعد رئيساً لهاـ بأن تطبق التشريع الذي أقرته السلطة التشريعية وأن تنفذ أحكامه. وهذا ينسجم مع مبدأ الفصل بين السلطات.
> كما يمكّن رئيس الجمهورية من مراقبة التشريعات الصادرة عن مجلس الشعب، ويتيح له المجال أن يردها إلى المجلس إذا رأى أن الضرورة تدعو إلى أن يعيد هذا المجلس النظر فيها؛ وفق نص المادة (98) من الدستور الدائم الذي يجيز لرئيس الجمهورية الاعتراض على القوانين التي يقرها مجلس الشعب بقرار معلل خلال شهر من تاريخ ورودها إلى رئاسة الجمهورية. وفي حال ممارسة رئيس الجمهورية حقه في الاعتراض وفق أحكام المادة (98) من الدستور؛ فيجب إدراج قرار الاعتراض فور وروده في جدول أعمال أول جلسة للمجلس، ثم يحال إلى اللجنة المختصة واللجنة الدستورية والتشريعية مجتمعتين من أجل بحثه. ويجب على هاتين اللجنتين تقديم تقريرهما معللاً مبيناً رأي المؤيدين والمعارضين بشأن ذلك خلال مدة أسبوع على الأكثر. وبعد ذلك يوزع التقرير على الأعضاء، ويدرج في جدول أعمال أول جلسة تلي انقضاء ثلاثة أيام على توزيعه. ومن ثم تجري المداولة العامة في التقرير، ثم يتم التصويت عليه. وفي مثل هذه الحال إما أن يوافق المجلس على اعتراض رئيس الجمهورية، ويكون ذلك بأغلبية أعضائه المطلقة، وإما أن يرفض المجلس الاعتراض و يصر على رأيه، ويكون ذلك بأغلبية ثلثي أعضائه، وفقاً لما جاء في المادة (111) من النظام الداخلي لمجلس الشعب. ونادراً ما يمارس رئيس الجمهورية حقه في الاعتراض على القوانين وفق أحكام المادة (98) من الدستور. وقد مارس رئيس الجمهورية هذا الحق بصدد قانون العاملين الأساسي الذي أقره المجلس في جلسته المنعقدة بتاريخ 4/11/2004؛ مطالباً المجلس بإدخال التعديلات التي ضمنها في كتاب اعتراضه في حال اقتناعه بها. وأهم هذه التعديلات تلك المتعلقة بالمادة (137) من ذلك القانون والتي كانت تجيز لرئيس مجلس الوزراء صرف العامل من الخدمة بقرار مبرم. وقد وافق المجلس على اعتراض رئيس الجمهورية بشأن هذه المادة، وأقر الصياغة التي اقترحها رئيس الجمهورية في كتاب اعتراضه، وهي الصياغة الحالية لهذه المادة التي تجيز لرئيس الوزراء ـ بناءً على اقتراح لجنة مؤلفة من وزير العدل ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل ورئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية ـ صرف العامل من الخدمة.
(4)ـ النشر: وهو المرحلة الأخيرة التي يمر بها التشريع. وقد نصت المادة (2) من نظام النشر الصادر بالقانون رقم (5) لعام 2004 على ضرورة نشر القوانين والمراسيم التشريعية في الجريدة الرسمية. (تنص المادة 3 من نظام النشر الصادر بالقانون رقم 5 لعام 2004 على أنه "يجوز بناءً على ضرورة الدفاع الوطني ومقتضيات سلامة الدولة عدم نشر بعض القوانين والمراسيم و القرارات و ملاحقها في الجريدة الرسمية أو نشرها بصورة مقتضبة على أن يشار إلى ذلك في كلا (كلتا) الحالتين في القانون أو المرسوم أو القرار، وعلى الوزارة المختصة في الحالة الثانية أن تحدد النص الموجز الواجب نشره وإرفاقه بالقانون أو المرسوم أو القرار").
ولا يعدّ التشريع نافذاً إلا بعد نشره، فهو يكون موجوداً بصورة رسمية بعد إصداره عن رئيس الجمهورية إلا أنه لا ينفذ إلا بعد إعلانه للناس؛ وذلك بنشره في الجريدة الرسمية. وفيما عدا الحالات التي نص عليها قانون نظام النشر لعام 2004، يبدأ نفاذ التشريع في سورية بعد انقضاء يومين كاملين من تاريخ تسلّم الجريدة الرسمية التي نشر فيها من قبل رئاسة ديوان مجلس الوزراء في محافظة دمشق، ومن قبل رئيس ديوان المراسلات في المحافظات، ولا تغني عن النشر في الجريدة الرسمية أي وسيلة أخرى من وسائل الإعلام كالنشر في الصحف اليومية أو الإذاعة، وكذلك لا يغني عنه العلم الشخصي بالتشريع. ولكن بعد نشر التشريع ومرور الفترة المحددة لنفاذه يكون واجب التطبيق عليهم؛ ولو لم يعلموا فعلاً بوجوده.
ثانياً ـ مقارنة التشريع بالدستور والأنظمة:
إضافة إلى التشريع الذي هو مجموعة القواعد القانونية الوضعية المكتوبة والصادرة عن السلطة التشريعية المختصة وفق إجراءات معيّنة، هناك نوعان آخران من النصوص التي تتضمن مثل هذه القواعد وهي الدستور والأنظمة.
1ـ موقع التشريع بين الدستور والأنظمة: يحتل التشريع موقعاً وسطاً بين الدستور والأنظمة، حيث يحتل الدستور المرتبة الأولى في التسلسل التشريعي، ويأتي في المرتبة الثانية التشريع الذي يجب أن يكون متفقاً مع أحكام الدستور الذي يعلو عليه، ويأتي في المرتبة الثالثة الأنظمة التي يجب أن تكون متفقة مع أحكام الدستور والقانون.
أ ـ مقارنة التشريع مع الدستور: الدستور هو مجموعة القواعد القانونية الصادرة عن السلطة التأسيسية في البلاد والتي تتضمن النظام الأساسي للدولة والمبادئ العامة التي يقوم عليها أسلوب الحكم فيها. ويختلف الدستور عن التشريع في ناحيتين، وهما:
(1)ـ الناحية الشكلية: يكمن الاختلاف بينهما في أن الدستور يوضع من قبل سلطة خاصة هي السلطة التأسيسية، أما التشريع فيوضع من قبل السلطة التشريعية. وكثيراً ما يعمد إلى إجراء استفتاء شعبي عام حول الدستور لإقراره من قبل أفراد الأمة.
(2)ـ الناحية الموضوعية: يكمن الاختلاف بينهما في أن الدستور يتضمن النظام الأساسي للدولة والمبادئ العامة التي يقوم عليها أسلوب الحكم فيها، في حين أن التشريع يقتصر على تنظيم علاقات الدولة وأمور الأفراد العادية ضمن نطاق الدستور.
2ـ مقارنة الأنظمة بالتشريع: الأنظمة هي مجموعة القواعد التي تصدر عن السلطة التنفيذية والتي تفصّل أحكام التشريعات، وتوضحها، وتبين كيفية تطبيقها. وهي إما أن تصدر عن رئيس الجمهورية وتسمى "المراسيم التنظيمية أو التنفيذية"، وإما أن تصدر عن رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء أو الجهات العامة المتمتعة بالشخصية الاعتبارية، وتسمى "القرارات التنظيمية". وتستمد السلطة التنفيذية صلاحيتها في إصدار المراسيم والقرارات التنظيمية إما من التشريع نفسه، وإما من المبدأ العام الذي يعطيها الحق في إصدار الأنظمة اللازمة لتنفيذ التشريعات. وتختلف هذه الأنظمة عن التشريع في ناحيتين: ناحية شكلية وناحية موضوعية.
أ ـ الناحية الشكلية: تختلف الأنظمة عن التشريع بأنها تصدر عن السلطة التنفيذية، في حين أن التشريع تقره السلطة التشريعية.
ب ـ الناحية الموضوعية: تختلف الأنظمة عن التشريع بأنها لا تتطرق إلى الأمور التي تعالجها بصورة أصلية، وإنما بصورة تبعية؛ وذلك من أجل تفسير التشريع وتفصيل أحكامه.
3ـ المراسيم والقرارات الفردية:
إضافة إلى المراسيم والقرارات التنظيمية الصادرة عن السلطة التنفيذية، يصدر عنها أيضاً المراسيم والقرارات الفردية حيث إنها لا تتضمن قواعد قانونية عامة، وإنما هي عبارة عن أحكام فردية خاصة بشخص أو أشخاص معيّنين.
ثالثاً ـ تفسير التشريع:
يقصد بالتفسير بيان المعنى الحقيقي الذي تدل عليه القاعدة القانونية وتحديده، واستنتاج الحكم الذي تنص عليه حتى يصار إلى تطبيقه تطبيقاً صحيحاً. ولا يلجأ إلى التفسير إلا عند وجود نص يراد جلاء عبارته والتعرف إلى مضمونه وتوضيحه، لذلك فهو لا يكون إلا بالنسبة إلى التشريع.
1ـ أنواع التفسير: هناك أربعة أنواع من التفسير، وهي:
أ ـ التفسير التشريعي: وهو التفسير الذي تصدر بمقتضاه السلطة التشريعية المختصة التي سنت التشريع الأصلي تشريعاً آخر لتفسيره، و يسمى بالتشريع التفسيري، أو القانون التفسيري. ويعدّ التشريع التفسيري الصادر عن السلطة التشريعية المختصة بمنزلة التشريع الأصلي الذي يراد تفسيره وجزءاً منه، والتشريع التفسيري يطبق ليس فقط منذ تاريخ صدوره؛ وإنما منذ تاريخ صدور التشريع الأصلي.
ب ـ التفسير القضائي: وهو أدنى مرتبة من التفسير التشريعي؛ لأنه يتعلق فقط بالقضية المعروضة، ولكنه أكثر أنواع التفسير شيوعاً. ويصدر هذا التفسير عن القضاة في معرض تطبيقهم للتشريع، ويكون من شأنه توضيح التشريع وتلافي نواقصه. ويغلب عليه الطابع العملي.
ج ـ التفسير الفقهي: وهو الذي يصدر عن علماء القانون، ويغلب عليه الطابع النظري.
د ـ التفسير الإداري: ويكون على شكل بلاغات وتعليمات تصدرها الإدارات العامة المختصة إلى موظفيها؛ لتفسر لهم فيها أحكام التشريعات التي يكلفون بتطبيقها، وهو لا يلزم إلا هؤلاء الموظفين وحدهم؛ وذلك لأنهم ملزمون بالتقيد بتعليمات رؤسائهم.
2ـ أسباب تفسير التشريع:
أهم الأسباب التي تدفع إلى تفسير التشريع هي الآتية: الخطأ المادي، والغموض أو الإبهام، والنقص أو السكوت، والتناقض أو التعارض. وكل هذه الأسباب مردها وجود خلل في النصوص التشريعية.
أ ـ الخطأ المادي: ويكون ذلك عندما يتضمن النص التشريعي خطأً فادحاً في ألفاظه بحيث لا يستقيم معنى النص إلا بتصحيحها.
ب ـ الغموض أو الإبهام: يكون النص غامضاً أو مبهماً إذا كان يحتمل التفسير أو التأويل على وجه يستنتج منه أكثر من معنى واحد. ومهمة القاضي في هذه الحالة هي اختيار أكثر المعاني صحة، وأكثرها قرباً إلى الحق. و مثال ذلك نص المادة (16) من قانون الإيجار لعام 2001، الذي أثار جدلاً حول كيفية تطبيقه. وتنص هذه المادة على ما يأتي: "إن الأحكام القضائية التي صدرت قبل نشر هذا القانون واكتسبت الدرجة القطعية تنفذ كما هي. أما الدعاوى التي لم تزل قيد النظر لدى محاكم الصلح أو الاستئناف والأحكام التي لم تكتسب درجة القطعية فيبت فيها لجهة الاختصاص وفقاً لأحكام هذا القانون ولأحكام قانون أصول المحاكمات المدنية".
وبعد نفاذ هذا القانون بتاريخ 21/2/2001 أثار تطبيق هذه المادة مشكلة على الصعيد العملي، ونتيجة ذلك أصدرت وزارة العدل بلاغاً نص على إحالة جميع دعاوى الإيجارات المنظورة أمام محاكم الاستئناف إلى محكمة النقض. بيد أن هذا البلاغ لم يحل المشكلة. فتدخل مكتب مجلس الشعب بتاريخ 1/3/2001 وأصدر توصية بتفسير المادة (16) من قانون الإيجار الجديد لعام 2001، جاء فيها مـا يأتـي: "1ـ تبت محاكم الاستئناف في جميع القضايا الإيجارية المرفوعة إليها أو التي سترفع إليها استئنافاً للأحكام الإيجارية الصادرة عن محاكم الصلح قبل تاريخ نفاذ القانون رقم 6 لعام 2001 ، 2ـ إبلاغ السلطات التنفيذية (وزارة العدل) هذا التفسير لاعتماده واعتباره تفسيراً معتمداً ونهائياً للمادة 16 من القانون رقم 6 لعام 2001، حيث تعتبر مداولات مجلس الشعب جزءاً لا يتجزأ من القانون ومفسراً لأحكامه". وهذا هو التفسير الصحيح للمادة (16) من قانون الإيجار الجديد. ولكن هذا التفسير صدر من جهة غير مختصة.
وكان يتوجب على مجلس الشعب في مثل هذه الحال أن يصدر تشريعاً يفسر بموجبه أحكام المادة (16) من قانون الإيجار الجديد.
ج ـ النقص أو السكوت: يكون النص ناقصاً إذا جاءت عبارته خالية من بعض الألفاظ التي لا يستقيم إلا بها، أو إذا أغفل التعرض لبعض الحالات التي كان يفترض التعرض لها. ومثال ذلك نص المادة (1382) من التقنين المدني الفرنسي والتي تقضي أن "كل فعل نشأ عنه ضرر للغير يلزم فاعله بتعويض الغير…". وينقصها عبارة: "غير مشروع". ولم يقع المشرع السوري في مثل هذا النقص لأنه نص في المادة (164) على أن "كل خطأ سبب ضرر للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض".
د ـ التناقض أو التعارض: يوجد تناقض بين نصين إذا كان الحكم الذي يدل عليه أحدهما يخالف الحكم الذي يستنتج من النص الآخر. ومهمة القاضي هنا التوفيق بين النصين فإما أن يكون أحدهما خاصاً والآخر عاماً؛ وإما أن يكون أحدهما ناسخاً والآخر منسوخاً. ومن الأمثلة على ذلك نص المادة (115) من القانون المدني السوري لعام 1949 التي تنص على أنه "يقع باطلاً تصرف المجنون والمعتوه إذا صدر التصرف بعد شهر قرار الحجز…".
والمادة (200) من قانون الأحوال الشخصية لعام 1953التي تنص على أن "المجنون والمعتوه محجوران لذاتهما، ويقام على كل منهما قيم بوثيقة". وكانت الهيئة العامة لمحكمة النقض قد قررت في العام 1987 أن المادة (200) من قانون الأحوال الشخصية هي التي تطبق على الجنون والعته اللذين يصيبان الإنسان في معرض تصرفاته الصادرة منه بعد إصابته بأحد هذين العارضين، وليست المادة (115) من القانون المدني؛ وذلك لأن هذه المادة باتت معدلة ضمناً بموجب المادة (200) من قانون الأحوال الشخصية، وبالتالي يكون المجنون والمعتوه محجورين لذاتهما ودون حاجة إلى حكم قضائي. (الهيئة العامة لمحكمة النقض، قرار رقم 22/أساس 9، تاريخ 8/4/1987، سجلات محكمة النقض. وانظر كذلك: نقض مدني، الغرفة الثانية، قرار رقم 1804/أساس 2216، تاريخ 29/12/1996، منشور في موسوعة القضاء المدني، المرجع السابق، القاعدة رقم 1239، ص436. وقرار رقم 1077/أساس 339، تاريخ 27/6/1999، المرجع السابق، القاعدة رقم 1238، ص435).
3ـ طرق التفسير ووسائله: طرق التفسير على نوعين، وهي: طرق داخلية وطرق خارجية.
أ ـ طرق التفسير الداخلية: وتعتمد هذه الطرق على مقاييس مستمدة من النص ذاته، ومن أهم طرق التفسير الداخلية ما يأتي:
(1)ـ الاستنتاج بطريق القياس: القياس هو إلحاق أمر لم يرد بشأنه نص بأمر آخر ورد بشأنه النص؛ وذلك لاشتراكهما في علة الحكم. وللقياس أربعة أركان، هي: الأصل وهو المقيس عليه، والفرع وهو المقيس، وحكم الأصل، والعلة. ومن الأمثلة على ذلك: قولهr "لا يرث القاتل"، فقد قاس الفقهاء على ذلك قتل الموصى له للموصي، فحرموه من الوصية لاتحاد السبب والعلة.
(2)ـ الاستنتاج من باب أولى: ويكون ذلك بتطبيق حكم ورد بشأن حالة معيّنة على حالة أخرى لم ينص عليها في التشريع، لا لأن علة الحكم الوارد بشأن الحالة الأولى أو سببه متوافران في الحالة الثانية فحسب؛ ولكن لأنهما أكثر توافراً في الحالة الثانية منها في الحالة الأولى. ومثال على ذلك الآية الكريمة التي تأمر الإنسان بحسن معاملة أبويه بقولها: }فَلا تَقُل لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا{ (الاسراء 32)؛ فمن باب أولى أيضاً ألا يضربهما. وكما لو منع شخص من البيع، فيمكن الاستنتاج من باب أولى أنه ممنوع من التبرع.
(3)ـ الاستنتاج بمفهوم المخالفة: ويكون بتطبيق عكس الحكم الوارد بشأن حالة معيّنة على حالة أخرى لم ينص عليها في التشريع؛ لأن هذه الحالة الثانية تختلف كل الاختلاف عن الحالة الأولى بحيث تعدّ معاكسة لها. ومثال ذلك نص المادة (405) من القانون المدني السوري الذي يقضي بأنه "إذا هلك المبيع قبل التسليم…؛ انفسخ البيع، واسترد المشتري الثمن"؛ يستنتج بمفهوم المخالفة أنه إذا هلك المبيع بعد التسليم، فلا ينفسخ البيع، ولا يكون للمشتري الحق في استرداد الثمن.
ب ـ طرق التفسير الخارجية: وهي مجموعة الأدلة والوثائق والوسائل التي يستعين بها القاضي على تفسير النص التشريعي وبيانه معناه. ومن أهم هذه الطرق ما يأتي:
(1)ـ حكمة التشريع وغايته: لا يضع المشرع النصوص بصورة عبثية، وإنما لتحقيق غايات معيّنة، أو حكم معيّنة، فمعرفة النص التشريعي والحكمة التي يتضمنها تساعد على تفسير النص.
(2)ـ الأعمال التحضيرية: وهي الأعمال التي سبقت صدور التشريع عن السلطة التشريعية أو رافقته. ومنها مثلاً المذكرة الإيضاحية التي ترفق عادة بالتشريع لبيان الأسباب التي أدت إلى التشريع. والدراسات التي تقوم بها اللجان المختصة ومناقشات أعضاء المجلس.
(3)ـ المصادر أو السوابق التاريخية: وهي المصادر التي أخذ المشرع قواعد التشريع عنها. فالقانون المدني المصري هو مصدر تاريخي للقانون المدني السوري.
4ـ مدارس التفسير المختلفة: أهم المدارس التي بحثت في كيفية تفسير التشريع هي الآتية:
أ ـ المدرسة التقليدية أو مدرسة الشرح على المتون: تقوم هذه المدرسة على التقيد بنصوص التشريع بصورة كاملة وعدم الخروج عنها مطلقاً. وظهرت هذه المدرسة في فرنسا في مطلع القرن التاسع عشر. وأهم المبادئ التي نادت بها هذه المدرسة هي الآتية:
(1)ـ يتقيد القاضي بأن يستمد جميع أحكامه من التشريع.
(2)ـ عندما يلجأ القاضي إلى تفسير التشريع فيجب عليه ألا يتوقف عند ألفاظه، وإنما عليه أن يتقصى عن نية المشرع الذي أصدر التشريع في الزمن الذي أصدره فيه، وإذا لم يمكن معرفة نيته؛ فعلى القاضي أن يفترض هذه النية افتراضاً.
والعيب الذي يوجه إلى هذه النظرية هو أنها تؤدي إلى الجمود؛ لأن تفسير النصوص وفقاً لنية المشرع لا تجعل هذه النصوص ملائمة للتطور الذي يطرأ على المجتمع بصورة مستمرة.
ب ـ المدرسة التاريخية: تقوم هذه المدرسة على فكرة مفادها أنه يجب تفسير التشريع تفسيراً جريئاً واسعاً يراعى فيه تطور المجتمع وضروراته. ومؤسس هذه المدرسة هو الفقيه الفرنسي سالي، والفكرة التي نادى بها توضح أساس هذه المدرسة، وهي "من القانون المدني ولكن إلى ما وراء القانون المدني…".
ونقطة انطلاقة المدرسة التاريخية في تفسير التشريع هي نصوص التشريع ذاتها. وهي لا تفسر هذه النصوص وفقاً لإرادة المشرع وإنما تصبح هذه النصوص بعد صدورها ذات وجود مستقل عن إرادة المشرع. ومحرك تفسير النصوص ليس النية المفترضة للمشرع، وإنما النية الاحتمالية له. وعيب هذه النظرية أنها تؤدي إلى شيء من الكيفية في تفسير النصوص.
ج ـ المدرسة العلمية: مؤسس هذه المدرسة هو الفقيه الفرنسي جني، ويرى أنه يجب على القاضي أن يتمسك أولاً بالنصوص وأن يفسرها وفقاً لإرادة المشرع الذي صدرت عنه. أما الحالات الجديدة التي لا يمكن معرفة نية المشرع فيها فعلى القاضي أن يطبق عليها الحكم الذي يعتقد أن المشرع نفسه سيقضي به لو عرضت عليه، وانتقاء القاضي لهذا الحكم يجب أن يكون علمياً لذلك سميت طريقته بالبحث العلمي الحر. وأهم ضوابط هذه الطريقة ضرورة تقيد القاضي بروح التشريع القائم وبضرورات التنظيم الاقتصادي والاجتماعي وبفكرة العدالة ومقتضيات العقل والمنطق.
رابعاً ـ إلغاء التشريع:
ويقصد به زوال التشريع و إنهاء العمل به. ويمكن أن يكون عاماً يشمل كل أحكام التشريع السابق، أو أن يكون جزئياً بحيث يشمل بعض أحكام التشريع السابق. وإلغاء التشريع من اختصاص السلطة صاحبة الحق في سن التشريع، وهي السلطة التشريعية. وهو يكون إما صريحاً وإما ضمنياً. والإلغاء الصريح يكون عندما يتضمن التشريع الجديد حكماً يتضمن صراحة إنهاء العمل بالتشريع القديم. أما الإلغاء الضمني فيكون عندما يتضمن التشريع الجديد نصاً يتعارض مع نص في التشريع السابق دون أن ينص التشريع الجديد على إنهاء العمل بالنص القديم صراحة. أو أن يعيد التشريع الجديد تنظيم موضوع سبق أن نظمه تشريع سابق، دون أن ينص التشريع الجديد صراحة على إنهاء العمل بالتشريع السابق.
مراجع للاستزادة: |
ـ توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، القسم الأول ـ النظرية العامة للقانون (الدار الجامعية، بيروت 1993).
ـ مصطفى محمد جمال وعبد الحميد محمد الجمال، النظرية العامة للقانون (الدار الجامعية، بيروت 1987).
ـ هشام القاسم، المدخل إلى علم القانون (مطبعة الإسكان العسكرية، الطبعة الثانية، دمشق 1986ـ1987).
- Gérard CORNU, Droit civil, Introduction- les personnes- les biens, (Montchrestien, Paris, 2001).
- Jacques GHESTIN et Gilles GOUBEAUX, Traité de droit civil, Introduction générale, (L.G.D.J., Paris, 1994).
- التصنيف : القانون الخاص - النوع : القانون الخاص - المجلد : المجلد السابع: المحكمة الجنائية الدولية _ ولاية المظالم في الإسلام - رقم الصفحة ضمن المجلد : 123 مشاركة :