logo

logo

logo

logo

logo

دمشق (قلعة-)

دمشق (قلعه)

-

دمشق (قلعة )

التطور العمراني للقلعة

الوصف المعماري

المنشىآت المعمارية للقلعة

 

تقع قلعة دمشق في الزاوية الشمالية الغربية لمدينة دمشق القديمة؛ في منطقة «بحصة سنجقدار». يحدّها شمالاً شارع القلعة ونهر بردى، وتواجه غرباً جامعي السنجقدار والناعورة، كما يحدّها شرقاً سوق العصرونية ومسجدا الخندق ودار الحديث الأشرفية؛ ومن الجنوب سوق الحميدية والتكية الأحمدية. يقع باب النصر عند زاويتها الجنوبية الغربية، وباب الفرج قريباً من زاويتها الشمالية الشرقية. يخترقها نهر بانياس غرباً باتجاه الشرق ويتفرع إلى فرعين يملآن بركتين في القلعة، ثم يخرجان من تحت أسوارها الجنوبية (قليط) والشرقية (بانياس).

صورة جوية عامة لقلعة دمشق

التطور العمراني للقلعة:

بدأ بتشييد القلعة الأمير أتسز بن أوق في العصر السلجوقي في سنة 469هـ/1076م، ثم استكمل بناءها الأمير تتش بن ألب أرسلان في سنة 472هـ/1079م، وأحاطها بخندق مائي، وبنى ضمنها دار الرضوان مقابل البوابة الشمالية للقلعة حيث تم توزيع قاعاتها وغرفها وإيوانيها الشمالي والجنوبي حول فسحة سماوية واسعة. وجُعل للقلعة ثلاثة أبواب: باب شمالي (باب الحديد) وبابان شرقي وغربي، وعمل لها جسورٌ خشبية متحركة وأبراجٌ مستديرة وأخرى مربعة عند بواباتها.

صورة علوية من الشرق إلى الغرب

ثم أنشأ شمس الملوك إسماعيل دار المسرة فيها في سنة 527هـ/1132م، وأتبعها بحمام في شمالي القلعة في سنة 528هـ/1133م.

منظر عام للقلعة من الواجهة الشمالية

في سنة 549هـ/1154م دخل السلطان نور الدين محمود بن زنكي دمشق، وأقام في قلعتها، وبنى فيها المدرسة النورية الصغرى والحمام؛ وشيد جامع السلطان الكبير (القلعة) محتوياً على مئذنة وبركة ميضأة وسقاية على بابه، وكذلك شيّد مسجداً لطيفاً في دركاه الباب الشرقي. كما شُيّد مسجد الضحاك ابن قيس، والمسجد المعلق داخل باب القلعة، ومسجد عند باب الدركاه كما ذكره ابن شداد، وقد زال معظمها، ولم يبقَ حتى تاريخه إلا مسجد دركاه الباب الشرقي، ومحرابا مسجدين ومئذنة لطيفة في الفسحة الشمالية الشرقية. كما بنى السلطان نور الدين بيتاً من الخشب إزاء داره سنة الزلزال، وتوفي فيه، ثم نقل جثمانه إلى تربة مدرسته في سوق الخياطين بدمشق.

مخطط قلعة دمشق
برج الزاوية الشمالية الشرقية
البدنة والمزاعل والشرافات

 

في العصر الأيوبي أصبحت قلعة دمشق مقراً للسلطان صلاح الدين، الذي حصن دفاعاتها وجدّد البرج المستدير في الجانب الشمالي من القلعة - في سنة 574هـ/1188م- الذي حمل وجهه المحدّب كتابة تؤرخ تجديد البرج، فيما يلي نصّها: «جدد هذا البرج في أيام مولانا الملك الناصر صلاح الدنيا والدين أبو المظفر (أبي المظفر) يوسف بن أيوب سنة أربع وسبعين وخمسمائة». كما عثر على برج آخر مستدير في الجدار الغربي للقلعة قريباً من الزاوية الشمالية الغربية.

الرواشن

في سنة 599هـ/1202م بادر الملك العادل أبو بكر محمد شقيق السلطان صلاح الدين إلى هدم القلعة السلجوقية، واحتفظ ببعض المباني ودور السكن والدواوين التي كانت داخلها، وأعاد بناء قلعة حصينة منيعة في موضعها، وانتهى من بنائها في سنة 615هـ/1218م، فأصبحت مقراً للسلاطين الأيوبيين، وكانت تبدو كأنها مدينة مستقلة عن دمشق، فقد شيدت فيها الدور والقصور ومنزل السلطان وخاصته وإيوان العرش والمساجد والمدارس والحمامات وثكنات الحرس ومخازن السلاح وبيت المال ودار صك النقود والسجن والسوق وقبور الأسرة المالكة، وأصبح للقلعة مسجدها الجامع يجتمع فيه سكانها لصلاة الجمعة، ولا يخرج منها السلطان إلى الجامع الأموي إلا في صلاة العيدين. في ذلك يقول ابن شداد: »ولما ملك العادل دمشق هدم قلعتها ووزع بناءها على أمرائه، وجعلها اثني عشر برجاً، كل برج منها في قدر القلعة، وحفر لها خندقاً وأجرى إليه الماء، فعمرت أحسن عمارة من أموال من وزعت عليهم من الأمراء».

الواجهة الجنوبية

استمرت أعمال الإنشاء بعد وفاة الملك العادل، وأشهر هذه المنشآت: البرج الشرقي والطارمة (قاعة في أعلى برج بابي السر والحديد تشرف على المدينة)، الدور والقصور، مسجد أبي الدرداء[ر] وتجديد دار المسرّة، ودار الرضوان التي أنشئت عليها قبة عظيمة.

في نهاية العصر الأيوبي تحدثت المصادر التاريخية عن هدم المغول بالمجانيق جانباً من القلعة ولاسيما جبهتها الغربية والشمالية، ثم أحرقوا أقساماً منها، وهدموا أعالي أبراجها وشرَّافاتها.

الواجهة الجنوبية من الداخل

ومع بداية العصر المملوكي في سنة 658هـ/1259م عمل الظاهر بيبرس على ترميم ما ألحقه الغزو المغولي من هدم وتدمير، فأعاد بناء برج الزاوية الشمالية الغربية وجعل له طارمة كبيرة، وجدد منظرة (شبيهة بالطارمة) برج الزاوية الغربية الجنوبية، ورمم البدنات (أي: الأجزاء الفاصلة بين الأبراج) والأبراج الأخرى، وشيد قاعة إلى جوار البركة وحماماً عند باب القلعة.

الواجهة الغربية
القسم الوسطي من الواجهة الشمالية

كذلك شرع السلطان الأشرف خليل بن قلاوون في سنة 690هـ/1291م - ومن بعده أخوه السلطان الناصر محمد- في عمارة قلعة دمشق وبناء الدور السلطانية والطارمة وقبتها الزرقاء وغير ذلك. وكانت توضع ستائر خشبية مؤقتة في أعالي الأبراج والأسوار وسيلة من وسائل الدفاع عند أحوال الحصار، وترفع بعد انتهائه.

الباب الشمالي
الباب الشمالي ومسجد أبي الدرداء

تعرضت القلعة لأعمال الهدم على يد التتار في أثناء حملتي قازان 699هـ/1299م؛ وتيمورلنك 803هـ/1401م، لذلك استمرت أعمال الترميم وتشييد المباني العامة والدواوين فيها؛ وترميم الأبراج والبدنات والرواشن وبناء القباب والمآذن طوال العصر المملوكي، وبلغ عدد أبواب القلعة في العصر المملوكي أربعة أبواب: هي الباب الشرقي الرئيسي المؤدي إلى المدينة، والباب الشمالي المعروف بباب الحديد، وبابا السر الغربي والجنوبي المؤديان إلى الخندق. وكان فيها القصر وخزانة السلطان، والجامع والمدرسة، والدواوين ودار الضرب، والطاحون والحوانيت والحواصل والمستودعات، والبيمارستان والحمام، ودور السكن.

القسم الشمالي من الواجهة الشمالية

وكان للقلعة سكانها من نائب القلعة ونقيبها، ومن الجند والموظفين، ومن الكُتّاب والفقهاء والمدرّسين والخطباء. وكانت تفتح أبوابها للّاجئين من سكان القرى المحيطة بدمشق هرباً من وجه الغزاة.

جزء من القاعة خلف المدخت الشمالي أصبحت مدخلاًبعد خرق البدنة الشمالية

في نهاية العصر المملوكي زارها أحد الرحالة الأجانب في سنة 908هـ/1502م فقال: «إنه في كل زاوية من القلعة المذكورة يوجد رنك... محفور بالرخام، وهي محاطة بالخنادق، ولها أربعة أبراج متينة التحصين وجسور متحركة، وتعلو هذه الأبراج دوماً مدافع قوية ممتازة... وإن منازلها متسعة؛ إذ يأوي إليها نحوٌ من عشرين ألفاً من رجال الحرب مع خيولهم».

منظر عام للمنشأة العثمانية
الباب والعقد المدبب الفاصل بين قاعات الجزء الغربي من القصر الماكي

 

في العصر العثماني بعد دخول السلطان سليم بلاد الشام سنة 922هـ/1516م، غدت قلعة دمشق ثكنة للجند يرأسهم «آغا القلعة»، ولم تعد القلعة تؤدي دوراً دفاعياً مهماً حين اختفت الحاجة الدفاعية إليها؛ لبُعد دمشق عن الأخطار الخارجية بعد توسّع الدولة العثمانية في كل الاتجاهات.

الواجهة الشرقية

وصفها الرّحالة الفرنسي الفارس دارفيو - الذي دخل القلعة متخفياً في سنة 1071هـ/1660م- فقال: إن المباني العامة الداخلية ما تزال قائمة؛ كالجامع النوري الكبير والمدرسة النورية الصغرى والحمام؛ ودار سك النقود والديوان؛ وسكن الحاشية والضباط ومقر الحرس؛ والسجن ومخازن المهام العسكرية، ودور السكن.. وقد اشتهر من بينها مسجد أبي الدرداء الذي رُمّم في سنة 1136هـ/1731م.

المدخل الشرقي الخارجي
المدخل الشرقي الداخلي

خرّب الزلزال الذي ضرب دمشق سنة 1173هـ/1759م قبة أعلى قلعة دمشق والتي تسمى ديوان الظاهر، ووقع منها البرج القبلي والسور إلى الخندق، ثم عُمّرت القلعة بأموال صُرفت من كيس الدولة العثمانية، كما ذكر دهمان في مجلة «المشرق» لسنة 1948 م عن نصّ مكتوب.

المسقط الأفقي لمدخل القلعة الشرقي والبرج المجاور

تمّ ترميم أبراج القلعة وبدناتها بعد أن ضربت بمدافع جيش علي بك الكبير سنة 1185هـ/1771م؛ وبعد أن ضُربت كذلك بالمدافع في عهد الوالي سليمان باشا سنة 1247هـ/1831م، واضمحلت أهمية القلعة العسكرية بوصفها حصناً منيعاً في أواخر العصر العثماني، فرُدم خندقها، وأحاطت بها الأبنية والأسواق من معظم جهاتها، وبني سوق الحميدية موازياً لسورها الجنوبي؛ وسوق العصرونية موازياً لسورها الشرقي؛ وسوق الخجا ملاصقاً لسورها الغربي (أُزيل في بداية الثمانينيّات من القرن العشرين الميلادي).

الوصف المعماري:

مسقط القلعة شبه مستطيل ذو أضلاع غير مستقيمة؛ فالضلع الشرقية تبلغ نحو 170م، والضلع الغربية نحو 117م، والضلع الجنوبية نحو 246م، أما الضلع الشمالية فتنكسر في الجزء الغربي لتتلاءم مع انحراف نهر بردى (العقرباني) وتبلغ نحو 260م، وبذلك بلغت مساحة القلعة نحو 33176م2، يحيط بها خندق مائي يبلغ عرضه 20م كما ذكر الفارس دارفيو، ويتجاوز عمقه 7م.

مسجد الدركاه
قاعة العرش

بنيت واجهات القلعة الأربع - كما يذكر الريحاوي- «بالحجارة الكلسية المتوفرة مقالعها في ضواحي دمشق، واستخدمت معها حجارة سُود من البازلت بشكل محدود جداً، ويلاحظ بأن الإنشاءات الأصلية التي تمت في العصر الأيوبي كانت حجارتها ذات وجه بارز مقطوع قطعاً غير منتظم، يحيط به إطار صقيل، ويتراوح البروز ما بين 15 و20 سنتيمتراً. ونجد نسبة ضئيلة من حجارة البناء نحتت وجوهها بشكل منتظم، ويشكل القسم البارز سطحاً مستوياً يبرز قليلاً عن الإطار المحيط به، وقد استخدم هذا النوع من الحجارة بشكل خاص في الرواشن التي تتوج أبراج القلعة جميعها. أما الحجارة المستوية النحت الخالية من البروز فنادرة الاستعمال، ونجدها في سواكف الأبواب وما يحيط بها، وحيث توجد الكتابات التأريخية، وقد تزود هذه الأماكن بأحجار ذات زخارف منحوتة».

تتضمن واجهات القلعة الأربع ثلاثة عشر برجاً ضخماً، تعلوها الرواشن والشرّافات، وتتخللها المزاغل، تصل بينها البدنات لتشكل أسوار القلعة، وتتوسطها أربعة مداخل.

الأبراج، تتألف من ثلاثة طوابق مسقوفة بالقبوات الدائرية والمتقاطعة عامة؛ يحوي كل طابق منها مطهرة، وتتصل الطوابق فيما بينها عبر أدراج حجرية، كما تتصل مع البدنات عبر أبواب وشرفات. تتوزع قوصرات رماة السهام على جدرانها الخارجية البارزة؛ التي تراوح أطوالها بين 13,5 و31م تقريباً، وعرضها من 11,5 إلى 17,5م تقريباً، وتبرز عن البدنات من 7 إلى16,5م تقريباً، ويبلغ معدل ارتفاعها 25م.

قاعة العرش ورقيبتاها
واجهة قاعة العرش المطلة على الساحة

البدنات، مفردها بدنة، وتتألف من سور سميك مبني من الحجارة الكلسية، وهي مزودة بطبقات من المزاغل، ينتهي أعلاها بشرّافات ذات مرامٍ. ويبلغ معدل ارتفاعها نحو 20م، ومعدل سماكتها نحو 4,30م، ويبلغ طولها من 9 إلى 54 م تقريباً. ويتضمن داخلها عدة قوصرات لرماة السهام، وهي تتصل بالأبراج عبر الأدراج والأبواب.

الرواشن، مفردها روشن، وهي الكتلة الدفاعية البارزة الكائنة في أعلى الأبراج والبدنات، مبنية من حجر نحيت قليل البروز، مشطوف أعلاها، ترتكز على كوابيل حجرية متدرجة. يتخلل أوسطها مزغلة متطاولة ضيقة لا يتجاوز ارتفاعها 67 سم، تعلوها شرّافات حجرية تتخللها المزاغل. لها 3 سقاطات سفلية (فتحات) في أكثر الأحيان لصب الزيوت المغلية والمقذوفات، تبلغ أبعاد فتحتها 40 × 40سم، وأما رواشن الزوايا فهي تحتوي في أكثر الأحيان على ست سقاطات.

المزاغل، مفردها مزغلة، وهي فتحة حجرية متطاولة ضيقة، تسمح برمي السهام بسهولة وتمنع إصابة الرامي بسهام الأعداء. وتتسع هذه الفتحة نحو الداخل على شكل فرجة قائمة بين جدارين مائلين بشكل متعاكس، ويكون مسقطها الأفقي مثلثاً متساوي الساقين؛ رأسه عند فتحة الرمي (المزغلة) التي يراوح عرضها بين 8 و12سم. وفرجة الرامي تتسع لوقوفه، ويراوح عمقها بين 1,40-2م، وهي مغطاة بسقف أفقي أو معقود، وتفتح على غرفة خلفية صغيرة، يبلغ عرضها الوسطي 3م وعمقها 2م، تتسع لعدد من الرماة يتناوبون الرمي فيما بينهم.

مدخل قاعة الرواق الكبير
قاعة الرواق الكبير

الواجهة الجنوبية يحدها برجان ركنيان على شكل حرف «« L ، تتوزع بينهما ثلاثة أبراج مستطيلة، فيصبح مجموعها خمسة أبراج تفصل بينها بدنات، كل بدنة بطول معدّله 30م، سوى فاصل البدنة الغربية الذي يبلغ طوله 25م، وقد سُدّ باب السر فيها الموجود أسفل البدنة.

البرج الركني في الزاوية الشرقية الجنوبية يتضمن مسقطه قاعدتين مستطيلتين متعامدتين مسقوفتين بقبوتين دائريتين مفتوحتين على قاعة ركنية مربعة مسقوفة بقبوة متقاطعة، وفي الزاوية الشمالية الغربية من القاعة الشرقية هناك المطهرة، كما يحتوي كل طابق من طوابقه الثلاثة على ثماني مزاغل. ويبلغ طول جداره الشرقي 27,5م والجنوبي 25م. ويشابه البرج الركني في الزاوية الغربية الجنوبية هذا البرج المذكور؛ بيد أن جميع أسقفه قبوات متقاطعة، وقد كان شبه متهدم، ولكنه رمم في نهاية القرن العشرين الميلادي.

أما الأبراج الثلاثة الوسطية المتشابهة فيبلغ معدل أبعادها 26,5 × 13م، وهي بارزة بمعدل 8,7 م عن البدنات، وتتشابه في عناصرها الإنشائية والمعمارية؛ فقد سُقفت طوابقها بثلاث قبوات متقاطعة تفصل بينها عقود حجرية؛ وفي وجود ثماني مزاغل في كل طابقٍ منها؛ وفي وجود مطهرة بكل طابق، كما تتماثل في وجود ستة رواشن؛ سوى أن الشرقي منها يحوي سبعة رواشن. ويلفت الانتباه وجود نافذة جميلة في البرج الأوسط منها في مستوى الطابق الثالث، وهي مستطيلة الشكل؛ مغطاة بالمشبكات المعدنية؛ يعلوها صفان من المقرنصات ثم صدفة بارزة منحوتة من حجر واحد محمولة على كابولين مقرنصين؛ وتحيط بها قولبة على شكل عقد مدبب ينتهي في الجانبين برأس حلزوني ملتفّ.

الفسحة الشمالية الشرقية ومئذنة المسجد
الواجهة القبلية لمحرابي المسجدين المندثرين في الفسحة الشمالية الشرقية

الواجهة الغربية يحدها برجان ركنيان: الجنوبي منهما على شكل حرف «« L سبق وصفه؛ وبرج في الزاوية الشمالية الغربية ذو مسقط مربع تبلغ ضلعه 20م، وهو غير مكتمل؛ بعض أجزائه داخلاً وخارجاً متهدمة تحتاج إلى الترميم؛ ولكنه يشابه الأبراج الباقية في طوابقه وفي وجود العناصر الإنشائية والمعمارية الخارجية والداخلية المختلفة، وهو البرج الذي أنشأ الظاهر بيبرس على سطحه الطارمة الفخمة للاستعراض والإشراف.

باب السر الغربي
الجزء السفلي من محراب المسجد في الطرف الغربي من الفسحة

تصل بين هذين البرجين بدنة بطول يبلغ 75م، توزعت على واجهتها طبقتان من المزاغل، وعلتها الشرّافات ومراميها. ويتوسطها باب السر الغربي المعقود بعقد وتري، وقد زال البرج الوسطي عن يمينه، وكان مسقطه مستطيلاً تقدر أبعاده بـــ 21,5 × 14م.

دركاه باب السر الغربي
آثار المسجد في الطرف الجنوبي الشرقي من الفسحة الشمالية الشرقية

الواجهة الشمالية: هي أطول واجهة، تنحرف في بدايتها الغربية مع اتجاه النهر، ويحدها برج غربي مربع سبق وصفه؛ وبرج مستطيل في الزاوية الشمالية الشرقية. ويتوسطها برج المدخل الشمالي للقلعة، ويتوزع عن يمينه برج صغير وعن يساره برج مستطيل. أما البرج الصغير فهو ذو مسقط مستطيل تبلغ أبعاده 14 × 10م، وقد زالت رواشنه وشرّافاته، وهو مسقوف بالقبوات الدائرية والمتقاطعة، وفي كل طابق أربع مزاغل، وثمة شريط كتابي على جداره الشمالي يؤرخ لتجديد السلطان الغوري للبرج في سنة 914هـ/1508م، وهناك أيضاً نقش كتابي على جداره الغربي يؤرخ لترميمه. يبلغ طول البدنة عن يمينه 43م، وقد تهدمت وبقي القسم السفلي مع مزغلتين من أصل أربع مزاغل. أما البدنة عن يساره فيبلغ طولها 24م، وكانت تضم أربع مزاغل تهدّم قسم منها وبقيت مزغلتان.

برج المدخل الشمالي ضخم ذو مسقط مستطيل، تبلغ واجهته المطلّة مباشرة على النهر 30م؛ وطول جداره الغربي 17م والشرقي 14م، وفي كل جدار منهما هناك مزغلة واحدة، وقد تهدم كثير من عناصره الإنشائية والمعمارية كسقف الطابق الأرضي والمزاغل ومعظم الطابق الثاني ويصل بين طوابقه درج حجري مبني ضمن جداره الجنوبي؛ يؤدي إلى السطح؛ وهو مسقوف بقبوة دائرية.

محراب المسجد في الطرف الجنوبي الشرقي من الفسحة

ويوجد على الجدار الغربي للمدخل الشمالي للقلعة نقش كتابي يؤرخ عملية تجديد المدخل نصه: «بسم الله الرحمن الرحيم، ادخلوها بسلام آمنين، عمّر هذه القلعة المنصورة مولانا ملك الأمراء نوروز الحافظي أعز الله أنصاره في سنة تسع وثمان (ثماني) مائة» (1406م). يؤدي هذا الباب المعقود بعقد حجري مدبب إلى قاعة مستطيلة خلفه حيث يوجد مسجد أبي الدرداء، ثم إلى غرفة صغيرة أخرى تنتهي ببوابة داخلية تؤدي إلى القلعة. يُلاحظ أن الدخول إلى القلعة يستوجب السير في محور ينكسر خمس مرات على شكل زاوية قائمة، وهذا الأمر يضعف اندفاع العدو إلى داخل القلعة؛ فضلاً عن أن الباب الخارجي لهذا الممر مفتوح في جدار جانبي للبرج، مما يجعله أقل تعرضاً لضربات الأعداء المباشرة. لهذا المدخل باب داخلي شيده الملك العادل الأيوبي، وهو من أجمل ما تبقى من العناصر الأصلية في القلعة، يتوضع الباب في قوصرة بارتفاع 7,40م وعرض3م؛ معقودة بعقد ثلاثي الفصوص؛ يتوسطها باب مستطيل بارتفاع 3,70م؛ ذو ساكف مستقيم؛ يعلوه عقد عاتق؛ تعلوه نافذة مستديرة ذات إطار حجري مربع نقش داخله النص التاريخي: «بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بعمارة هذا المكان مولانا السلطان الملك العادل سيف الدنيا والدين أبو بكر بن أيوب». كما نقش في زوايا الإطار المربع: «لا إله إلا الله... محمد رسول الله».

القسم الغربي من واجهة القصر الملكي الداخلية

وعن يسار برج المدخل بدنة بطول 35م وسماكة 5م، وهي متهدمة، وقد بقي جزء من جدارها قد خُرق حديثاً ليصبح ممراً للسيارات. أما البرج الأخير المستطيل فتبلغ أبعاده 31 × 14م، يبرز عن البدنات بمقدار 9م، وفي كل من طوابقه قاعة مسقوفة بثلاث قبوات متقاطعة؛ يفصل بينها عقد حجري، يحتوي البرج خمس مزاغل موزعة على جهاته الثلاث البارزة.

الواجهة الشرقية: يحدّها برجان ركنيان: الشمالي منهما ذو مسقط مستطيل؛ والجنوبي منهما على شكل حرف «« L، يتوسطهما مدخل القلعة الشرقي المحاط ببرجين مستطيلين؛ البرج الشمالي ذو مسقط مستطيل، تبلغ أبعاده 24 × 20م، يبرز عن السور الشمالي بمقدار 8 م وعن السور الشرقي بمقدار 15م، ويعلو البرج روشنان ركنيان وروشنان في كل من جداريه الشرقي والجنوبي، وقد زالت رواشن جداره الشمالي، وتعلوها جميعها الشرّافات الدفاعية. سُقفت طوابق البرج الثلاثة بثماني قبوات متقاطعة ترتكز على الجدران وعلى دعامة وسطية ضخمة مربعة (5 ×5م) من الحجر النحيت، وتتصل ببعضها عبر درج حجري يصل إلى السطح، ويحوي كل طابق منها تسع مزاغل، متوسط أبعاد قوصراتها الداخلية (جلسة الرامي) 3,30 × 3,30م. واجهات البرج خالية من الزخارف؛ بيد أنه ثمة نصّ كتابي في أسفل واجهته الشرقية تؤرّخ لعمارة القلعة من قبل الملك العادل الأيوبي في سنة 606هـ/ 1209م ضمن لوحة ذات إطار زخرفي معقود بعقد ثلاثي الفصوص، تعلوها نافذة كبيرة معقودة في مستوى الطابق الثاني. كذلك ثمة نصّ كتابي بين الروشنين الأوسطين للواجهة نفسها يؤرّخ لتجديد هذا البرج من قبل السلطان قانصوه الغوري في سنة 915هـ/1509م. تلي هذا البرج بدنة بطول نحو 32م، تحوي نصّاً كتابياً يؤرخ لترميم القلعة في عهد الظاهر بيبرس في سنة 659هـ/1260م.

القسم الوسطي من واجهة القصر الملكي الداخلية

أما البرج عن يمين المدخل الشرقي فهو ذو مسقط مستطيل طوله 27,5م، يبرز 7,5م عن البدنة الشمالية، ويحوي ست مزاغل في كلّ من طوابقه الثلاثة المسقوفة بقبوتين متقاطعتين واسعتين يفصل بينهما عقد حجري. تتوسط واجهته الشرقية لوحة ذات إطار زخرفي تبلغ ابعاده 90 × 80 سم، نقش عليها سبعة أسطر بخط نسخي جميل تؤرخ لعمارة هذا البرج من قبل الملك العادل في سنة 610هـ/1213م. يحيط باللوحة عن يمينها ويسارها فتحتان دائريتان ذات إطار حجري نافر يضمّ إطاراً دائرياً ذا زخارف مجدولة، يعلو كل واحدة منهما بشكل متناظر عن يمينها ويسارها فتحتان مستطيلتان متطاولتان بارتفاع مدماكين حجريين، يعلوهما نصّ كتابي شريطي منقوش على مدماك حجري واحد بطول 20م أسفل الرواشن، يؤرّخ لتجديد هذا البرج في سنة 673هـ/1274م، ذُكر فيه لقب مجدديه الملك الظاهر بيبرس وابنه بركة خان. وهذا البرج يشبه الأبراج الباقية في عناصره الخارجية والداخلية، غير أن أهميته تكمن في أن باب القلعة الداخلي مفتوح في جداره الجنوبي.

أما المدخل الخارجي الشرقي، فهو الذي يصل القلعة بداخل مدينة دمشق القديمة، وقد أثبتت التنقيبات الأثرية على وجود جسر حجري محمول على عدة عقود متقدمة، وهو مستطيل يتوسط البدنة بين برجي المدخل البالغ طولها 10م، يضم باباً ذا مصراعين مصفّحين بالألواح والمسامير المعدنية. له ساكف حجري مستقيم يعلوه عقد عاتق، يتوسّط أعلاه روشن فتحت عن يمينه ويساره مزغلتان، تعلوهم ثلاث فتحات مستطيلة متناظرة.

القسم الشرقي من واجهة القصر الملكي الداخلية

أما البرج عن يسار المدخل الشرقي فهو ذو مسقط مستطيل أيضاً ومشابه تصميمه لبقية الأبراج. وتبلغ أبعاده 21.5 × 14م، ويبرز عن السور بمقدار 9,5م، ويحوي كل طابق من طوابقه على خمس مزاغل. تليه بدنة يبلغ طولها 34م، تحتوي على أربع مزاغل في الطابق الأرضي، وتحوي أعلاها لوحة حجرية ذات إطار زخرفي، تتوسط أعلاها صدفة منحوتة أُعدت لنقش كتابة زخرفية لم تُنفّذ.

البرج الجنوبي الأخير سبق وصفه في واجهة القلعة الجنوبية، والجدير بالذكر أنه نقش في واجهته الجنوبية شريط كتابي زخرفي يؤرّخ لتجديد عمارته على يد الملك الناصر في آخر سنة 903هـ/1497م.

المنشآت المعمارية للقلعة:

1 - الممرات الدفاعية: أحيطت أسوار القلعة من الداخل بممرات دفاعية، أُطلق عليها في العصر المملوكي «الأقباء المستديرة» كما ورد في النصّ الكتابي الذي يؤرّخ لعمارة الأقباء المستديرة من باب النصر إلى باب الفرج على يد السلطان قلاوون سنة 689هـ/1290م، وكانت مهمة هذه الممرات توفير انتقال الجنود بين الأبراج والبدنات ومزاغلها الموزعة في أرجاء السور، وحماية الرماة في أثناء الحصار من ضربات العدو.

تهدّمت أجزاء كثيرة من هذه الممرات، وما هو موجود يقع في الجبهة الجنوبية وخلف البدنة الشمالية من الواجهة الشرقية للقلعة وخلف البرجين الشماليين اللذين يحيطان ببرج المدخل الشمالي شرقاً وغرباً، وهي تتألف من ممرات أرضية مسقوفة بقبوات متقاطعة؛ تفصل بينها عقود من الحجر النحيت؛ وترتكز على الأبراج والبدنات وعلى جدران المباني الداخلية، ولها منافذ تصلها بساحة القلعة عبر هذه الجدران، يراوح عرضها بين 2 و5 م، وأقصى ارتفاع لها في منتصف الجبهة الجنوبية يبلغ 7م. تعلو الممرات الأرضية ممرات علوية ولكن معظمها غير مسقوف، ويتم الاتصال بين ممرات المستويين عن طريق الأدراج.

الواجهة الجنوبية للمنشأة العثمانية

2 - بوابة المدخل الشرقي الخارجي: تفتح على فراغ مستطيل حيث تتوسط البوابة الداخلية جداره الشمالي (الجدار الجنوبي للبرج)، والبوابة الداخلية رائعة بتفاصيلها من حيث توضعها، فهي موضوعة في قوصرة مرتفعة مبنية من الحجر الكلسي المصقول، يبلغ عرضها 4,25م وعمقها 2,20م، مسقوفة بصدفة شعاعية محزّزة معقودة بعقدين متراكبين وتريين مدبّبين، ترتكز على أربعة صفوف من المقرنصات الزخرفية والملونة؛ مستقرّة على إطار بارز ينتهي بالميمات الزخرفية عن يمين ويسار. وتضمّ في صدرها باباً خشبياً ذا مصراعين، يحوي عن يمينه ويساره نقشاً كتابياً يؤرّخ للسلطان الظاهر برقوق تاريخ فتح القلعة في سنة 794هـ/1391م، ويسمّى هذا الباب «باب النصر»، وهو ذو ساكف حجري مستقيم منقوش بزخارف كتابية و «زكزاكية» نافرة، يعلوه عقد عاتق منقوش بزخارف كتابية أيضاً تضمُ مرسوماً سلطانياً بشأن خزائن السلاح، صدر سنة 781هـ/1379م. كما يتوسّط أعلى قوصرة المدخل روشن حجري.

3 - الدركاه الشرقية ومسجدها: يفتح باب المدخل الشرقي الداخلي على دركاه مستطيلة تتألف من فراغين مسقوفين بقبوتين متقاطعتين يفصل بينهما عقد حجري؛ والفراغ الأول منهما مفتوح على المسجد غرباً عبر عقد حجري أيضاً.

والمسجد ذو مسقط مربع مسقوف بقبوة متقاطعة مغطاة باللياسة الكلسية، يحوي قوصرة غربية وإيواناً قبلياً، ويضم صدر الإيوان عن يساره باباً ذا ساكف مستقيم ومعقود بعقد مدبب، كما يضم عن يمينه محراباً خالياً من الزخارف؛ ذا حنية نصف دائرية مغطاة بنصف قبة معقودة بعقد مدبب، يتوسّط أعلى الباب والمحراب نافذتان مستطيلتان معقودتان بعقد مدبب.

4 - قاعة شمالي مسجد الدركاه: تقع خلف الممر الدفاعي للبدنة الشرقية الشمالية، وهي ذات مسقط مستطيل متطاول، مسقوفة بثلاث قبوات متقاطعة بينها قبة زائلة، لها إيوان شمالي يؤدي إلى الفسحة الشمالية الشرقية، وثلاثة منافذ في جدرانها الجنوبية والشرقية والغربية.

5 - قاعة العرش: قاعة واسعة مرتفعة ملاصقة للجدار الغربي لمسجد الدركاه، والقاعة شمالية ذات مسقط مربع تبلغ مساحته نحو 400م2. تتألف من تسعة فراغات (معازب) موزّعة على ثلاثة صفوف؛ سُقف الفراغ الأوسط بقبة (زائلة)، وسُقفت الفراغات الثمانية المحيطة بقبوات متقاطعة تتوّجها فتحات مربعة للإنارة والتهوية؛ كانت مغطاة باللياسة الكلسية، وتفصل بينها عقود مدببة من الحجر النحيت ترتكز على دعائم جدارية وأعمدة وسطية تحمل القبة. والقبة الزائلة نصف كروية مدببة ترتكز على رقبتين من اثنتي عشرة ضلعاً؛ الرقبة العليا بقي منها مدماكان حجريان تتخللّهما قواعد سويريات حجرية كانت تحمل عقوداً تضم اثنتي عشرة نافذة، والرقبة السفلى تتألف من صفّين من المقرنصات الحجرية المزخرفة؛ تستند إلى أربعة عقود مدببة ترتكز على أربعة أعمدة مستديرة ضخمة وقصيرة ذات تيجان زخرفية كورنثية ومركّبة، وقد تم الانتقال إلى الشكل المربع عبر مثلثات ركنية مزدوجة من الحجر النحيت. ويتوزع على جدرانها أبواب وشبابيك مستطيلة ذات سواكف مستقيمة تعلوها عقود عاتقة، بيد أن الباب في الزاوية الشمالية الغربية مرتفع ومعقود بعقد مدبب، واستبدلت بالقبة الزائلة حديثاً قبة معدنية.

6 - قاعة الرواق الكبير: هي قاعة بمنزلة رواق كبير، ذات مسقط مستطيل متطاول، يبلغ طوله 69م، وعرضه 10م. يُولج إليها من الباب المفتوح في الضلع الشرقية من الزاوية الشمالية الغربية من قاعة العرش، ولها باب مغلق في ضلعها الغربية، وأربعة منافذ في جدارها الشمالي تفتح على الفسحة الشمالية الشرقية. وسُقفت القاعة بتسع قبوات متقاطعة مغطاة باللياسة الكلسية ترتكز على دعائم جدارية، ويفصل بين كلّ اثنتين منها عقد مدبب من الحجر النحيت.

7 - الفسحة الشمالية الشرقية: هي فسحة سماوية واسعة على شكل شبه منحرف، كانت تحوي مسجداً في جزئها الشرقي بدليل وجود المحراب الحجري في الواجهه الجنوبية. كما كانت تحوي مسجداً في جزئها الغربي بدليل وجود جزء من محرابه الحجري في الواجهة القبلية لهذا الجزء، ووجود مئذنة لطيفة تعلو الجدار الشمالي لهذا الجزء من الفسحة؛ وهي ذات مسقط مسدس مغطاة بمظلة مسدسة أيضاً تعلوها قبة زخرفية مدببة؛ وقد زُخرفت جميع أضلاعها، وفُتحت فيها نوافذ مستطيلة معقودة بعقد زخرفي مدبب؛ بيد أن ضلعها القبلية مفتوح فيها باب لخروج المؤذن إلى شرفتها الصغيرة البارزة ذات الدرابزين المعدني. فُتح في الجهة الشرقية للفسحة بابان مستطيلان وأربع نوافذ صغيرة، كما فُتح في جهتها الشمالية أكثر من عشر نوافذ معقودة بعقد وتري ومغطاة بالمشبكات المعدنية.

8 - قاعة خلف برج المدخل الشمالي للقلعة: هي أول قاعة تواجه الداخل إلى القلعة من بابها الشمالي. تتألف من ستة فراغات (معازب) موزّعة على جناحين شرقي وغربي؛ زال الجناح الغربي وبقيت آثار عقوده، وكل جناحٍ مسقوفٍ بثلاث قبوات متقاطعة يفصل بينها عقود حجرية مدببة.

9 - المدخل الغربي للقلعة: يتوسّط الواجهة الغربية الداخلية للقلعة، ويتألف من دركاه واسعة مرتفعة مسقوفة بقبوة دائرية مدببة؛ ومعقودة بعقد حجري مدبب مفتوح على ساحة القلعة مباشرة، كانت مخصصة لخروج السلطان أو حاكم القلعة منها إلى باب السر الغربي المعقود بعقد وتري؛ ثم عبر جسر خشبي متحرك فوق الخندق إلى خارج القلعة. وعن يسار عقد الدركاه درج حجري يُصعد عبره إلى أعلى البدنة، وقد توزع على جداره الشرقي فتحة مستطيلة معقودة بعقد نصف دائري؛ ثم فتحتان مستطيلتان متطاولتان متماثلتان معقودتان بعقد مدبب؛ ثم مدخل مرتفع معقود بعقد نصف دائري يؤدي إلى قاعة مستطيلة تطلّ على ساحة القلعة عبر ثلاث فتحات مستطيلة وباب معقود.

ساحة القلعة وآثار جدران البيوت العثمانية المكتشفة

10 - القصر الملكي: هو بناء كبير يمتد خلف الجزء الغربي من الممر الدفاعي الجنوبي بطول يبلغ 80م. يتألف من طابقين يبلغ ارتفاعهما نحو 15,5م. تتألف واجهته الشمالية من ستة إيوانات في الطابق الأرضي ومثلها في الطابق العلوي، وهي مطلّة على ساحة القلعة عبر عقود واسعة معظمها مدببة، كما تخللت هذه الواجهة فتحات مستطيلة كثيرة متنوعة القياسات والمستويات. شُيّدت واجهته الشمالية من الحجر الكلسي الصقيل بسماكة تبلغ نحو 1,40م، في حين شُيّدت واجهتاه الغربية والجنوبية من الحجر الكلسي البارز النحت بسماكة تبلغ 2,60م، ويراوح ارتفاع مداميكها بين 60 و75سم.

يتألف الطابق الأرضي من عدة قاعات متجاورة تبدأ من الغرب بقاعة صغيرة مربعة مسقوفة بقبوة متقاطعة مزخرفة بنقوش جصيّة، يحيط بجدرانها شريط علوي يضم حنيات ذات زخارف نباتية. تليها شرقاً قاعة مستطيلة ذات إيوانين شرقي وغربي، مسقوفة بقبوة متقاطعة مدببة. تليها قاعة مستطيلة مسقوفة بقبوتين متقاطعتين يفصل بينهما عقد حجري، يُدخل إليها من باب صغير مستطيل يعلوه ساكف مستقيم وعقد عاتق. تليها قاعة مستطيلة مسقوفة بثلاث قبوات: الوسطى متقاطعة والجانبيتين دائريتين، يُولج إليها من باب مشابه للقاعة السابقة؛ يليها إيوان قليل العمق معقود بعقد نصف دائري، يعلوه إيوان آخر معقود بعقد مدبب. تليه قاعة مستطيلة مسقوفة بقبوتين متقاطعتين يفصل بينهما عقد حجري، تضم إيوانين مطلّين على ساحة القلعة؛ معقودين بعقد مدبب. يتشابه الطابق العلوي مع الطابق الأرضي في كثير من عناصره المعمارية.

النص التأريخي على الواجهة الشمالية للبرج الشمالي الصغير

يرى سوفاجيه أن للقصر جناحاً آخر تهدّم في أثناء عدوان تيمورلنك، كما دلّت الحفريات الأثرية التي أُجريت في سنة 1924م على وجود رواق معقود وفسحة مرصوفة بالفسيفساء الرخامية الملونة، وعُثر على بقايا حمام وبركة مياه.

11 - المنشآت العثمانية: شُيّدت في العصر العثماني المتأخر (1305هـ/1887م) كتلة معمارية كبيرة فوق مصطبة حجرية؛ خلف برج الزاوية الشمالية الغربية؛ موازية للبدنة بين البرج وباب السر الغربي من الداخل، تضم نحو عشر قاعات وغرف متعددة، بُنيت جدرانها من الحجر الغشيم بسماكة تبلغ نحو 80 سم، غُطّيت باللياسة الكلسية البيضاء من الداخل والخارج، كما غُطّيت بسقف خشبي تقليدي بسيط من جذوع الأشجار غير المشذّبة ودفوفها؛ يعلوها الطين والكلس.

اللوحة التأريخية في برج الزاوية الشمالية الشرقية

وللكتلة واجهتان: جنوبية وشرقية، تشكل الجنوبية واجهة المدخل الرئيسي القريب من باب السرّ الغربي للقلعة، وهي متناظرة يتوسّطها مدخل مستطيل يضمّ باباً خشبياً ذا مصراعين، يتوزّع عن يمينه ويساره أربع نوافذ مستطيلة متماثلة معقودة بعقد نصف دائري؛ محاطة بإطار حجري كلسي صقيل؛ ومغطّاة بالمشبكات المعدنية، وتضم كل نافذة منها مصراعين من الخشب والزجاج. أما الواجهة الشرقية - وهي الأطول- فإنها تشابه الواجهة الجنوبية في عناصرها المعمارية.

يشغل المبنى حالياً معهد الآثار والمتاحف، ويحتاج إلى ترميم وتأهيل وتزويده بالتقنيات ليؤدي دوره المهم في الحفاظ على الآثار وترميمها.

12 - ساحة القلعة: هي ساحة واسعة مكشوفة تتوسط أسوار القلعة وأبراجها، تقارب مساحتها نحواً من 16725م2، تطلّ عليها معظم المنشآت الدفاعية والمدنية، وقد زال كثير من المباني التاريخية المتنوعة منها، وكشفت التنقيبات الأثرية التي جرت في سنة 2002م أجزاءً كثيرةً مهمةً من جدران البيوت العثمانية - العائدة إلى القرنين 12 - 13هـ/18 - 19م - في زاويتها الشرقية الجنوبية التي كانت تشغل قسماً كبيراً من ساحة القلعة.

ولا بدّ من الإشارة إلى اكتشاف كنز من الأدوات الحربية والخوذ المملوكية في الجزء الغربي من القصر الملكي وفي البرج الجنوبي الشرقي المستطيل.

وفي نهاية الحرب العالمية الأولى فقدت القلعة قيمتها العسكرية تماماً، واستُخدمت تحت ظل الاستعمار الفرنسي سجناً ومقراً لبعض عناصر الجيش والشرطة، واستمرّ ذلك الاستخدام بعد جلاء القوات الفرنسية، ثم لم تلبث السلطات المعنية أن انتبهت إلى الأهمية التاريخية والأثرية للقلعة فتمّ إخلاء الشرطة ونُقل السجن منها، وتسلّمت المديرية العامة للآثار والمتاحف العمل في القلعة منذ سنة 1985م، وتمّت إزالة بعض الأبنية المشوّهة، ورمّمت الأسوار الشمالية والغربية، وأُعيد بناء البرج الجنوبي الغربي، وتمّ إبراز بعض أجزاء القلعة السلجوقية، كما تمّ ترميم المدخل الشرقي والدركاه ومسجدها وقاعة العرش والرواق الكبير، وما تزال القلعة بحاجة ماسّة إلى استكمال أعمال الترميم والتأهيل كي يعود الألق إلى حلّتها الأثرية القشيبة.

زكريا كبريت، أدمون العجي

 

التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1044
الكل : 58492858
اليوم : 65372