حورانيه (بيت)
-

 حورانية

حورانية (بيت -)

 

 

يقع داخل سور مدينة دمشق القديمة، في منطقة شاغور جواني- سوق الصوف، فوق المكان المتوقع للمسرح الروماني. بناه الحاج بكري جوربجي بن الحاج حسن الملقب بابن الحورانية. وجوربجي هي رتبة من رتب العسكر العثماني، ولعل لقب «ابن الحورانية» يدل على قدوم الحاج بكري أو أبيه حسن من منطقة حوران جنوبي سورية. وقد قام ابن الحورانية ببناء البيت في العصر العثماني على عدة مراحل، وقام بتوسعته وإضافة أقسام إليه بشكل متتابع، واكتمل البناء سنة ١٢١٠هـ/١٧٩٦م.

الموقع العام للبيت المؤلف من ٣ عقارات

يتميز البيت بعناصره المميزة وغناه الزخرفي؛ وكذلك احتوائه على عناصر ومكونات نادراً ما تُلفى في البيوت الدمشقية؛ إضافة إلى تميزه بأن العديد من جدرانه في الطابق الأول من الحجر- وليست من اللبن- والخشب وتحوي عناصر زخرفية.

 

  

 وقد حدثت للبيت بعد وفاة المالك بعض الإضافات غيّرت من ملامح البيت. ويمكن من خلال المخططات واستناداً لوثائق المحكمة الشرعية ومن خلال دراسة العناصر المعمارية فيه القول: إن البيت يتألف من ثلاثة أقسام رئيسية:

١- القسم الشمالي (السلاملك): مدخله الشمالي من سوق الصوف، وقد ذكرت المراجع في وصفه: تتقدم واجهته المطلة على سوق الصوف خمسة محلات تجارية، يعود تاريخ بنائها إلى سنة ١٢١٦هـ/١٨١٠م، ويلي المدخل قاعة واسعة تشكل الاسطبل المخصص لربط الخيول، تؤدي شرقاً إلى رواق ذي ثلاثة عقود تطل على صحن السلاملك، ويحوي باباً شرقياً يفتح على القبو. ولهذا الصحن إيوان جنوبي ذو قاعتين مفتوح عليه عبر عقد مرتفع، ويحتوي الإيوان على رسومات وتزيينات غنية تعود إلى نحو سنة ١٢١٥هـ/١٨٠٠م. وإن العنصر المميز في الجهة الشرقية من هذا القسم - والذي يُعدّ نادراً في بيوت دمشق- هو وجود الإيوان في الطابق الأول، والذي يُوصَل إليه من درج على الجدار الشرقي للصحن، ويتوزع على يمين الإيوان ويساره قاعتان ذواتا تزيينات تعود إلى بدايات القرن ١٠هـ/١٦م وبدايات القرن ١١هـ/١٧م.

٢- القسم الأوسط (الحرملك): وقد عرف سابقاً ببيت الأسطواني، ويتضمن الفسحة السماوية الكبرى المرصوفة بالحجر المزي والبازلتي والرخام «المشقف» بتكوينات متنوعة، وكانت تتوسطها بركة مثمنة الشكل لم يبق منها سوى أثرها على الأرض، وقاعة ذات ثلاثة طزرات (أيْ أواوين) في الجهة الشمالية تتضمن تأريخاً على إحدى الحشوات الكتابية في الطزر الشرقي سنة ١٢١٢هـ/١٧٩٧-١٧٩٨م، كما تضمنت الحشوات الخشبية في الطزر الغربي نصاً كتابياً من سبعة أبيات شعرية.

إيوان الجواني (الحرملك)زخارف سقف إيوان الحرملك وجدرانهزخارف أنصاف تيجان عقود الإيوان

وتتضمن العديد من التزيينات والعناصر الفنية والزخرفية؛ من رخام ذي زخارف هندسية (مشقف) والخشب العجمي، والمقرنصات، وبركة نجمية. ويتوضع المطبخ بجوار القاعة وإلى الغرب منها، وما زال الكانون فيه، مع وجود درج حجري داخله يصعد إلى علية كانت تستخدم لحفظ المونة.

كما يحتوي هذا القسم على إيوان جنوبي الصحن مفتوح عليه عبر عقد مرتفع يحوي قاعة عن يمينه ذات عتبة وطزر، تتضمن زخارف أرضية من الرخام المشقف، وما زال أثر البحرة المسدسة التي كانت فيها باقياً في الأرضية، كما تضمنت العديد من الحشوات الكتابية ضمن جدران الخشب العجمي، تؤرخ لسنة ١٢٠٢هـ/١٧٨٧م، وهذا التاريخ هو الأقدم في بيت حورانية. أما القاعة غرب الإيوان فتخلو من أي عناصر فنية أو معمارية.

زخارف النوافذ العلوية في الواجهة الجنوبية الداخلية للحرملكالمصب الرخامي في القاعة الشمالية لصحن الدخول إلى الحرملك المؤرخ سنة ١٢٠٤هـ/١٧٨٩مرواق القاعة الشمالية للحرملك في الطابق العلوي

وفي الجهة الشرقية من الفسحة السماوية قاعتان في الطابق الوسطي مؤرختان أيضاً؛ القاعة الشمالية منهما وعلى الحشوات الكتابية بالعجمي ورد فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم

غيري على السلوان قادر

وسواي في العشاق غادر

لي في الغرام سريرة

والله أعلم بالسراير

على الأغلب الحشوة التي تحمل الشطر الأول مفقودة لا يزال عليه طاير

حلو الحديث وإنها

لحلاوة شقت مراير

أشكو وأشكر فعله

فاعجب لشاك منه شاكر سنة: ١٢١٢

وفي القاعة الجنوبية؛ وعلى الحشوات الكتابية بالعجمي كُتبت آية الكرسي، وأُرخت بسنة: ١٢٠٤هـ/١٧٨٩-١٧٩٠م. وإن أكثر العناصر تميزاً في بيت حورانية - وربما في كل البيوت الدمشقية- الرواق العلوي الذي يقع في الجهة الشمالية الشرقية جوار القاعتين الشرقيتين السابقتين، ويطل على الفسحة السماوية عبر قوسين حجريتين تستندان بشكل مشترك إلى عمود رخامي بينهما، وتقع خلفه قاعة ذات عتبة وطزر.

إحدى الحشوات الكتابية في الحرملك المؤرخة سنة ١٢٠٢هـ/١٧٨٧م

 

٣- القسم الجنوبي: يُدخَل إليه من جهته الجنوبية من زقاق طاحونة السجن عبر دهليز يؤدي شمالاً إلى فسحة سماوية صغيرة تحدها قاعة شمالية جميلة ذات عتبة وطزر، تتضمن مصبّاً رخامياً مؤرخاً في سنة ١٢٠٤هـ/١٧٨٩-١٧٩٠م، نُقش عليه: الله، بسم الله، ما شاء الله، حسبي الله، ومن تكن يا رسول الله ناصره، فالله حافظه من كل منتقم، سنة ١٢٠٤.

وقد عرف هذا القسم سابقاً ببيت الموصلي. أما اليوم فيعرف ببيت السبيناتي؛ نسبة إلى شاغله، وهو حفيد الموصلي من ابنته، وحالة هذا القسم جيدة.

ومن الجدير ذكره أن القسمين الأوسط والجنوبي هما المعروفان اليوم في الوثائق الرسمية ببيت حورانية، وهما المسجلان أثرياً تحت هذا الاسم، ومستملكان لمصلحة محافظة دمشق.

أحمد الدالي

 

 

مراجع للاستزادة:

- كارل ولتسينجر وكارل واتسينجر، الآثار الإسلاميةفي مدينة دمشق، تعريب قاسم طوير (دمشق ١٩٨٤م).

- Brigid Keenan, Damascus: Hidden Treasures of the Old City (New York/ USA, 2000).

- Stefan Weber, Damascus: Ottoman Modernity and Urban Transformation (1808-1918), vol. II, Proceedings of the Danish Institute in Damascus, IV, 2009.


- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد السادس مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق