حلبوني (جامع)
-

 ¢ الحلبوني

الحلبوني (جامع -)

 

يقع جامع الحلبوني في مدينة دمشق خارج أسوارها الغربية، في منطقة قنوات جادة، إلى الجنوب الغربي من مبنى محطة الحجاز [ر] وشارع النصر والتكية المولوية[ر]، عند زاوية تعامد جادة الربيعي مع شارع الحلبوني.

منظر عام للجامع

هو من المساجد التي بُنيت في فترة الاستعمار الفرنسي بطرازٍ متأثرٍ بالعمارة العثمانية. كان موقعه يُدعى بستان الأعاجم، فاشتراه حسن أفندي الحلبوني وعمّر في المنطقة قصراً فعُرفت به، ثم عمّر إلى جانب قصره مسجداً سنة ١٣٤٦هـ/١٩٢٧م استناداً إلى النقش الحجري فوق الباب؛ فعُرف باسمه أيضاً، في حين ذكر العلبي أنه شُيّد سنة ١٣٥٢هـ/١٩٣٣م استناداً إلى النقش في المحراب، وكانت تحيط به من جهة الغرب حديقة غنّاء، فأُضيفت إلى الجامع نحو سنة ١٤٠٢هـ/١٩٨١م فازدادت محاسنه وتضاعفت مساحته وصارت تُقام فيه الجُمع.

للجامع واجهتان ظاهرتان؛ واجهة شمالية على جادة الربيعي، وواجهة شرقية رئيسية تطلّ على شارع الحلبوني. فأما الواجهة الشمالية فهي تتألف من جزأين: جزء غربي يشكّل واجهة منزل أُضيف إلى الجامع مؤخراً ليكون مصلّى للنساء، وجزء شرقي يشكّل واجهة صحن الجامع. فأما واجهة مصلى النساء فقد بُنيت من مداميك الحجر الكلسي تتخللها فتحات الشبابيك ينصّفها باب ذو مصراعين، ويعلوها بروز شرفة ذات درابزين معدني ثم واجهة مشابهة للطابق الأول. وأما واجهة الصحن فبسيطة عُمل لها سور حجري ومعدني يعلوه سقف مظلة قرميدية مائلة. وأما الواجهة الشرقية فهي تتألف أيضاً من جزأين: جزء جنوبي يشكّل قاعة الحرم، وجزء شمالي يشكّل واجهة الدخول. فأما واجهة الحرم فهي مبنية من مداميك الحجر الكلسي، وتبرز دعامة في زاويتها الجنوبية عن سمت الواجهة، ثم يوجد شباكان مستطيلان مغطّيان بالمشبّكات المعدنية قد برز ساكفاهما قليلاً، ينصّف أعلاهما شباك مستطيل معقود بعقد حجري وتري بارز. ثم يؤطر الواجهة إفريز حجري بسيط بارز قليلاً. وفوق الواجهة تظهر القبة الضخمة النصف كروية المدبّبة والمتوّجة بالهلال، وهي ترتكز على رقبة مضلّعة تناوب الفتح والإغلاق في أضلاعها، وجاءت شبابيكها مستطيلة معقودة بعقد وتري. وتبرز المئذنة عن سمت الواجهة بروزاً كبيراً لتؤكد مدخل الجامع. وهو مدخل مرتفع ذو عقد حجري مدبب يرتكز على عمود أسطواني وعلى جدار المئذنة، ثم تأتي واجهة الصحن المغطّى بالمظلة القرميدية.

الواجهة الشرقية

ومئذنة الجامع سامقة أنيقة، بُنيت من مداميك الحجر الكلسي. تبدأ بقاعدة مربّعة من مستوى الأرض حتى سطح الرواق، لتحمل جذعاً مثمناً تمّ الانتقال إليه عبر أربعة مثلثات هرمية في الأركان وذلك حتى مستوى سطح الجامع، ثم يتحوّل إلى جذعٍ كثير الأضلاع عبر ثمانية مثلثات هرمية ركنية، تزيّنه الأشرطة الحجرية البارزة. وينتهي في أعلاه بأفاريز تحمل شرفة مستديرة، يحيط بها درابزين مضلع من الحديد المشغول، ويتحول الجذع بعدها إلى شكل أسطواني ينتهي بأفاريز تحمل شرفة مضلعة (١٢ضلعاً)، يحيط بها درابزين إسمنتي مفرغ بدوائر تزيينية تغطيها مظلة مضلّعة أيضاً. وينتهي رأس المئذنة بجوسق ثنائي الطبقة؛ السفلية منها مضلعة مصمتة، والعلوية مزينة بالحنايا. وتعلو هذا الجوسق قبة صغيرة نصف كروية تحمل ذروة صنوبرية متوّجة بالهلال. وتتوزّع كوى ضيقة على كامل الجذع للإنارة والتهوية.

الرواق بالاتجاه الغربي

مدخل الحرم ضمن الرواق

واجهة الحرم الداخلية الغربية

واجهة الحرم الداخلية الشرقية

يتمّ الدخول إلى الجامع إمّا عبر الصحن المغطّى الذي يحوي ميضأة ومطهرة في صدره الغربي، أو من المدخل الرئيسي خلال الرواق الشمالي للحرم عبر أربع درجات تفضي إلى الرواق المغطى بسقف يرتكز على الجدار الشمالي للحرم وعلى أربعة عقود مدبّبة من الحجر الكلسي المشهّر (الأبيض والسّماقي)، والتي ترتكز على أربعة أعمدة أسطوانية حجرية ذات تيجان دائرية بسيطة وقواعد مربعة مرتفعة. وينتهي الرواق غرباً بمدخلٍ معقود بعقد مدبّب يؤدي إلى توسعة الحرم مباشرة. وأما واجهة الرواق الجنوبية (الشمالية للحرم) فهي جميلة، مبنية من مداميك الحجر الكلسي قد برز جزء المئذنة الشرقي عنها وفُتح فيه باب للمئذنة يعلوه ساكف مستقيم نُقش فوقه الآية الكريمة (١٠٣) من سورة النساء: {إنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى المُؤْمِنيِنَ كِتَابَاً مَوْقُوتاً} ١٣٤٦. والواجهة متناظرة قد فُتح فيها شباكان مستطيلان مرتفعان مغطّيان بالمشبّكات المعدنية نُقش على ساكف الشرقي منهما: «لا إله إلا الله محمد رسول الله سنة ١٣٤٦» ونُقش على ساكف الغربي منهما «عجلّوا بالصلاة قبل الفوت وبالتوبة قبل الموت ١٣٤٦»، ينصّفهما مدخل الحرم المعقود بعقد مدبّب مرتفع ومحزّز من الحجر المشهّر قد حوى طاسة نجمية بديعة وصفّين من المقرنصات الحجرية المزّية البسيطة، ويؤطر هذا العقد إطار حجري بسيط يعلوه إفريز حجري بارز من طبقتين.

القبة من الداخل

المحراب الأثري

ولمدخل الحرم باب مستطيل ذو مصراعين، وساكف مستقيم قد نُحتت فيه الآية الكريمة (١٨) من سورة الجن: ﴿وأنّ المَسَاجِدَ لله فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً﴾ ١٣٨٠، وهو يُفضي مباشرة إلى قاعة الحرم ذات المسقط المربع، وقد غُطّيت بقبةٍ نصف كروية مدببة ضخمة ومرتفعة تُغطّي كامل مساحتها، ترتكز على أربعة عقود مدببة واسعة، وقد تمّ الانتقال من الشكل المربع إلى الدائري بوساطة المثلثات الكروية الركنية. وتحتوي واجهة الحرم الشمالية على شباكين خشبيين مستطيلين ومتماثلين. والواجهة الجنوبية ينصّفها محراب ذو واجهة من الحجر المشهّر، وهو حنية ذات مسقط نصف دائري تعلوها طاسة شعاعية بعقد مدبب ذي أفاريز بارزة ومتدرجة. وتنتهي أعلى واجهة المحراب بلوحة زخرفية كتابية ذات إطار حجري مزّي نُقشت فيها الآية الكريمة (٣٩) من سورة آل عمران: ﴿فَنَادَتْهُ المَلائِكَةُ وَهُو قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المِحْرَابِ﴾ ١٣٥٢، يعلوها شباك مستطيل من الزجاج المعشّق البديع ومعقود بعقد وتري ذي قفل بارز قليلاً. وأما واجهة الحرم الشرقية فقد فُتحت على قاعة التوسعة الإضافية.

لوحة مدخل الحرم

لوحة باب المئذنة

تفصيلة شباك الحرم

وقاعة توسعة الحرم ذات مسقط شبه منحرف وسقف مستوٍ، قد جُعل في الطرف الشرقي لواجهتها الشمالية درج يُصعد عبره إلى السدة الموازية لجدار القبلة. وأما الواجهة الغربية فقد فُتح في نصفها الجنوبي شباكان مستطيلان متماثلان يعلوهما شباكان مماثلان. وأما الواجهة الجنوبية فتتوسطها كتلة المحراب الرخامية الملونة التي تحتوي على محراب وسطي ذي حنية نصف دائرية مكسيّة بالرخام الملون تعلوه لوحة رخامية كتب عليها الآية الكريمة (٤٣) من سورة البقرة: ﴿وأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكَاةَ وارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعيِن﴾. وعن يمين المحراب دخلة جدارية معقودة بعقد نصف دائري بارتفاع عقد المحراب، جُعلت جلسة للخطيب يُصعد إليها عبر ثلاث درجات. وكذلك عن يسار المحراب دخلة جدارية مماثلة ومتناظرة جُعلت خزانة خشبية للمصاحف وغيرها. وقد أُحيطت كتلة المحراب كلها بإطار رخامي زخرفي ملون. وأما القسم العلوي لهذه الواجهة الجنوبية فقد فُتحت فيه بشكل متماثل ومنتظم أربعة شبابيك خشبية مستطيلة من الزجاج الشفاف، وهي معقودة بعقد دائري من الزجاج المعشّق، ويتوسّطها فوق المحراب شباك مستطيل من الزجاج المعشّق أيضاً.

زكريا كبريت

مراجع للاستزادة:

- يوسف بن عبد الهادي، ثمار المقاصد في ذكر المساجد، الذيل لأسعد طلس (مكتبة لبنان، بيروت ١٩٧٥م).

- محمد أديب آل تقي الدين الحصني، منتخبات التواريخ لدمشق (منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت ١٩٧٩م).

- أكرم العلبي، خطط دمشق (دار الطباع، دمشق ١٩٨٩م).

- قتيبة الشهابي، مآذن دمشق (وزارة الثقافة، دمشق ١٩٩٣م).

 


- المجلد : المجلد الخامس مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق