دفاعي (موقع)

-

 الدفاعي (موقع -)

يقع موقع الدفاعي الأثري في وادي العاصي الأوسط، على بعد نحو ٨ كم إلى الشمال الغربي من مدينة حماة، وهو يتألف من عدة تلال. ويُعدُّ من أهم المواقع العائدة إلى المرحلة الأخيرة من الثقافة الآشولية Acheuléen في سورية، ويكتسب أهميته من كونه يقدم تقليداً ثقافياً جديداً يُطلق عليه اسم الثقافة الدفاعية، وهي مزيج بين الثقافتين الآشولية والموستيرية، وتعد مرحلة انتقالية بينهما.اكتشف الموقع عام ١٩٧٧م من قبل كل من بول سانلافيلP. Sanlaville ، وجاك بيزانسون J. Besançon ، ولورين كوبلاندL. Copeland ، وفرنسيس أورF. Hours، وذلك خلال الدراسة «الجيومورفولوجية» الأثرية التي قاموا بها للقسم الأوسط من وادي العاصي، وبالتحديد في المنطقة الممتدة بين الرستن والعشارنة. تم مسح سطح الموقع، فعثر فيه على ٧٦٦ مصنوعة حجرية، صنعها إنسان الهومو إركتوس Homo erectus، ويعود تاريخها إلى نحو٢٥٠ ألف سنة من الآن، من بينها ٣٧٧ نواة غالبيتها من النوى اللفلوازية، و٣٣١ مصنوعة تم استخراجها من النوى اللفلوازية، و ٥٨ أداة حجرية من أهمها الفؤوس والمقاحف.

تشير نتائج الدراسات الأثرية - التي قام بها كل من لورين كوبلاند وفرنسيس أور على هذه اللقى- إلى أن هذه اللقى تحمل ميزة استمرار تأثيرات الثقافة الآشولية في تصنيع الفؤوس الحجرية واستخدامها، مع ظهور بوادر الثقافة الموستيرية من خلال استخدام التقنية اللفلوازية في تصنيع الرقائق التي تستخرج منها الأدوات ولا سيما المقاحف. وقد أطلق  فرنسيس أور في عام ١٩٧٩م على هذا التقليد الثقافي الجديد اسم الثقافة الدفاعية التي عثر على بقاياها في بعض مواقع وادي العاصي الأوسط، وهي تتشابه من حيث تقنية التصنيع والطبقات الجيولوجية مع موقع تلال الدفاعي، وهي:

-موقع ذكات ٢: يقع على بعد نحو ٦ كم إلى الشمال الغربي من قرية اللطامنة، وعثر فيه على ٨٥ مصنوعة صوانية.

- موقع زيتية ٢: يقع على بعد نحو ٤ كم إلى الشمال من موقع ذكات ٢، وعثر فيه على ٢٨ مصنوعة صوانية.

- موقع طاحونة سمعان ٢: يقع بالقرب من قرية اللطامنة، وعثر فيه على ٣٨٧ مصنوعة صوانية.

- موقع طاحونة سمعان ٣: يقع بالقرب من قرية اللطامنة، وعثر فيه على ٦٢ مصنوعة صوانية.

فأس حجرية من الموقع

من خلال ما تقدم يمكن القول إن موقع تلال الدفاعي يعطي لمنطقة وادي العاصي الأوسط أهمية استثنائية لكونه يمثل منطقة انتقال بين الثقافتين الأكثر انتشاراً في العالم خلال عصور ما قبل التاريخ وهما الثقافتان الآشولية والموستيرية، وحدث الانتقال بينهما بعدة أشكال، أهمها النماذج التي تقدمها منطقة المشرق العربي، والتي تنوعت بتنوع الوسط الطبيعي، ومن بينها نموذج الثقافة الدفاعية في وادي العاصي الأوسط، ونموذج الثقافة الساموكية في حوض نهر الكبير الشمالي، ونموذج الثقافة الهملية في حوضة الكوم في تدمر، ونموذج الثقافة ما قبل الأورينياسية في المناطق الجبلية المرتفعة (يبرود)، ونموذج الثقافة العامودية في المناطق المتوسطية اللبنانية والفلسطينية، ونموذج الثقافتين اليبرودية والآشوليو- يبرودية في المناطق الجبلية والمتوسطية وشبه القاحلة في سورية ولبنان وفلسطين.

حسام غازي