حماة في العصر الإسلامي
حماه في عصر اسلامي
hamat -
حماة
حماة
حماة في العصر الإسلامي
سور المدينة وأبوابها أحياء مدينة حماة أسواق المدينة وخاناتها صناعات اشتهرت بها مدينة حماة. | الجوامع والمساجد والزوايا والتكايا والترب القصور في مدينة حماة النواعير |
قام الصحابي أبو عبيدة بن الجراح في سنة 17هـ/638م بفتح مدينة حماة، وجعل الخلفاء الراشدون مدينة حماة من أعمال جند حمص، واستمر ذلك في عصر الأمويين. ثم أصبحت مركزاً لولاية يتبعها عدد من المناطق والمدن المحيطة، وحافظت على مكانتها المركزية للتبادل التجاري مع الداخل، كما زادت أسواقها وتوسعت أحياؤها توسعاً ملحوظاً. ولكن حماة وصلت إلى ذروة التقدم والعمران في عهد السلطان نور الدين محمود بن زنكي؛ إذ حدثت في زمنه زلزلة عظمى سنة 554هـ/1157م ونجم عنها خراب معظم أبنية المدينة، فأعاد السلطان نور الدين بناء معظم ما تهدم، كما أعاد بناء أسوار القلعة والمدينة إلى أن قام تيمورلنك بهدمها لدى اجتياحه مدن المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أنه عند اجتياح الجيوش الصليبية بلاد الشام خلال حملاتها التسع وقفت حماة سداً منيعاً في وجههم، ولم يستطيعوا دخولها أبداً وسميت آنذاك (بالناقة). وفي سنة 573هـ/1177م استحوذ عليها السلطان صلاح الدين الأيوبي وولّى عليها ابن أخيه تقي الدين عمر، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت حماة إمارة أيوبية وسادها استقرار وازدهار تتوج في سنة 719هـ/1310م حين تولاها المؤرخ والعالم أبو الفداء أعظم ملوك الأيوبيين، وهو عماد الدين إسماعيل ابن الملك الأفضل نور الدين علي بن محمود الأيوبي، وقد خلّد حماة في مؤلفاته وكتبه، وبقي فيها حتى وفاته سنة 732هـ/1331م، ودفن فيها واقترن اسم المدينة باسمه.
صورة جوية لمركز مدينة حماة، ويظهر فيها نهر العاصي الذي يشطر المدينة قسمين، ويظهر المحورالطرقي الواصل بين شمالي المدينة وجنوبيها |
وقد جاء وصف حماة في رحلة ابن بطوطة، فقال: «ثم سافرت إلى مدينة حماة إحدى أمهات الشام الرفيعة ومدائنها البديعة، ذات الحسن الرائق والجمال الفائق، تحفها البساتين والجنات، عليها النواعير كالأفلاك الدائرات يشقها النهر العظيم المسمى بالعاصي...».
وقال عنها ابن جبير: «وموضع هذه المدينة في وهدة من الأرض عريضة مستطيلة كأنها خندق يرتفع لها جانبان، أحدهما كالجبل المطل، والمدينة متصلة بسفح ذلك الجبل والقلعة في الجنب الآخر في ربوة منقطعة مستديرة قد تولى نحتها الزمان...».
بعد ذلك دخلت حماة في حوزة المماليك لتكتسب في عهدهم حظاً وافراً وعنايةً بالعمران والبناء، بعد أن كان هولاكو قد تطاول على بعض هذا العمران في القرن 7هـ/13م، وتيمورلنك على جُلِّه في أوائل القرن 9هـ/15م. وفي سنة 922هـ/1516م دخلت حماة في حكم العثمانيين وأُتبعت لولاية طرابلس أو دمشق، ونال المدينة من الإهمال الشيء الكثير، وفقدت أهميتها وتناقص عدد سكانها حتى تعرضت في القرن 12هـ/18م لسيطرة مرحلية لقبائل البدو، ثم خضعت حماة كغيرها من المدن السورية للاحتلال الفرنسي، وبقيت كذلك حتى عهد الاستقلال وجلاء المستعمر في سنة 1366هـ/1946م لتسير حماة من جديد نحو التقدم والازدهار.
تأثر مخطط مدينة حماة بمجرى نهر العاصي والهضاب المحيطة بالمدينة، إضافة إلى تأثره بشبكة الطرق ولا سيما الطرق الرئيسية؛ فالمخطط توسّع ليتماشى مع اتجاه للطرق الكبرى التي تصل المدن المجاورة بمدينة حماة، وتوزعت أحياء المدينة في الجزر المتكونة من تقاطع الطرق الرئيسية مع الطرق الفرعية الداخلية وبحسب طبوغرافية المدينة.
صورة جوية لمركز مدينة حماة تُظهر انعطافة نهر العاصي في منطقة باب النهر |
تعد قلعة حماة نواة تشكيل المدينة، إذ تكونت فيها التجمعات السكانية الأولى بجوار العاصي. وكان طريق دمشق– حمص– حلب يسير بمحاذاة النهر من الجهة الغربية، حيث يقطع النهر بوساطة جسر محمول على عقود. وأدى ازدياد نمو السكان ونمو التجارة في حماة إلى توسع المدينة نحو الجنوب ونحو الغرب، واستمر التوسع حتى اتصلت الأقسام التي توسعت ببعضها بوساطة التجمعات العمرانية ليتشكل ما يعرف حالياً بقسم السوق، ودام هذا التوسع حتى القرن 10هـ/16م، حين- ولأسباب دفاعية عسكرية- تم تحويل طريق دمشق– حمص- حلب، فصار الطريق يقطع النهر شمالي حماة، ويمر بين القلعة والنهر ضمن حي الباشورة حالياً، وصار المدخل المؤدي إلى المدينة من هذه الناحية معروفاً باسم الجسر، وأصبح حياً من أحياء حماة. وانتقل قسم من السكان للعيش في الجهة الشمالية الشرقية للقلعة، وازدادت المساكن على الطرف الآخر للنهر، فكان ذلك نواة للقسم الثاني من حماة الذي عُرف فيما بعد بالحاضر، واجتذب سكان الأرياف والبدو في المنطقة الشرقية الذين كانوا يأتون لبيع أغنامهم ومنتجاتهم في حماة.
إن إنشاء الجسور والنواعير بين ضفتي نهر العاصي أسهم إسهاماً كبيراً في توسع المدينة وتخديم مختلف أحيائها، فضلاً عن تحقيق الربط والاتصال العضوي فيما بينها. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الطرق الرئيسية سايرتها الأسواق والمناطق التجارية التي امتدت تخطيطياً بشكل مستقيم وشريطي، فالنشاط التجاري في المدينة توزع على مركزين رئيسيين: المركز الأول في قسم السوق، وتركز في سوق الطويل وسوق المرابط، أما المركز الثاني فكان في قسم الحاضر، وتركز بسوق برهان وسوق الحاضر الكبير. وتشكلت في المدينة عقدة مواصلات مؤلفة من شوارع رئيسية وأخرى فرعية تخدم هذين المركزين وتتقاطع بوضوح في ساحة المدينة الرئيسية المعروفة بساحة العاصي. إن أول مخطط تنظيمي للمدينة أعده الفرنسي إيكوشار سنة 1364هـ/1944م يرافقه نظام ضابطة البناء، لكن هذا المخطط كان بسيطاً وغير مستند إلى دراسة استراتيجية شاملة للمدينة ولا للإقليم المحيط بها، ولم يحدد فيه عدد السكان ولا مدته الزمنية، ولذلك تمت إعادة النظر في هذا المخطط، ثم قامت شركة دوكسيادس اليونانية سنة 1378هـ/1958م بوضع مخطط تنظيمي شامل للمدينة والمناطق المحيطة بها. وقد حدد هذا المخطط نظام الضابطة للأبنية والمرافق وحدد استعمالات الأراضي، ولكنه لم يراعِ الخصائص والمزايا التي تتمتع بها مدينة حماة، فاختار الطريقة الشطرنجية للشوارع بما لا يتلاءم مع طبوغرافية المدينة، كما كانت هناك بعض مناطق التوسع السكني في المناطق الزراعية الخضراء الخصبة، ولم يراع أيضاً خصوصية المناطق التاريخية القديمة التي اخترقتها بعض الشوارع الرئيسية، مما أثر سلباً في القلب التاريخي للمدينة. وقد قامت لاحقاً شركة الدراسات والاستشارات الفنية بوضع مخطط للمدينة بين سنتي 1406 - 1432هـ/1985 - 2010م استبعدت فيه المناطق الزراعية من التوسع، وتم تحويل طريقة التخطيط من الأسلوب الشطرنجي إلى الأسلوب الحلقي بما يناسب الطبيعة الطبوغرافية للمدينة.
صورة جوية تظهر فيها قلعة حماة |
تعد حماة نموذجاً رائعاً للمدن المشرقية ولا سيما من ناحية تداخل البنيان مع الحدائق والبساتين الخضراء، فضلاً عن نماذج الأبنية القديمة ذات التصميم الهندسي الرائع. وفيما يلي لمحة عن الأحياء الرئيسية في مدينة حماة وأسواقها وأسوارها وأبوابها، وأهم مبانيها الدينية والمدنية:
1- سور المدينة وأبوابها: وصف الرحالة والمؤرخون قلعة حماة بأنها تشبه إلى حد بعيد قلعة حلب. وقد بني السور الكبير لمدينة حماة في زمن الامبراطور أنستاسيوس الأول (491 - 518م)، إذ ذكر أبو الفداء ملك حماة في بناء سور المدينة أن ملك الروم أسطيثيانوس هو الذي عمر أسوار مدينة حماة في أول سنة من مُلكه، واستغرق في عمارته مدة سنتين. ويرجّح العلماء والباحثون أن الامبراطور جوستنيانوس[ر] الأول هو من أحاط حماة بالأسوار بين سنتي 527 - 529م، ولكن السور قد تهدم بفعل الزلزلة الكبرى سنة 552هـ/1157م، فقام السلطان نور الدين محمود بن زنكي بتجديد السور وترميمه، كما قام بتحصين أبواب المدينة، وقد ذكره ياقوت الحموي: «يحيط بحماة سور محكم، وبظاهر السور حاضر كبير جداً فيه أسواق كثيرة وجامع مفرد مشرف على نهر العاصي..». وتذكر المصادر التاريخية أنه كان لحماة الأبواب الآتية:
- الباب الغربي: كان يقع في أرض العشر، وسمي كذلك لوقوعه في القسم الغربي من السور بالقرب من جامع السرجاوي.
- باب المغار: يقع أيضاً في القسم الغربي في حي الجراجمة بالقرب من طاحونة العونية، وبالقرب من المغاور والكهوف الموجودة في المنطقة. ذكره أبو الفداء في حوادث سنة 626هـ/1228م، وأشارت إليه سجلات المحاكم الشرعية في حماة سنة 969هـ/1561م.
- باب النهر: يقع في حي المدينة، وكان يخرج منه الناس إلى نهر العاصي.
- باب القبلي: يقع في جنوبي السور.
-باب العميان: يقع في حي المدينة قرب جامع الحسنين، وسُمِّي كذلك لكثرة خروج العميان منه إلى سوق المنصورية (سوق الطويل) لشراء حاجاتهم. وتمت الإشارة إليه في سجلات المحاكم الشرعية سنتي 969 - 975هـ/1561 - 1567م، وذكره أبو الفداء في حوادث سنة 579هـ/1183م.
- باب العدة: يقع جنوبي قلعة حماة قرب جامع النبي حام، وسمي بهذا الاسم لإدخال عدة القتال منه إلى القلعة. ورد اسمه في سجلات المحكمة الشرعية في حماة سنة 969هـ/1561م.
- باب الجسر: كان يقع جنوبي محلة باب الجسر، شمال شرق القلعة عند جسر باب الهوى كما تطلق عليه العامة، وكان قد تبقى منه عضاضتان كبيرتان ذهبتا مع فيضان النهر.
- باب حمص: يقع شرقي حي الباشورة، وسُمِّي كذلك لسفر الناس منه إلى حمص. وهو بجانب طاحونة الأرامل– المسرودة- ومقهى المأمورية حالياً. وقد اكتشفت منه عضاضتان سنة 1388هـ/1968م، واكتُشف جزء من السور الملاصق له، وهو بالقرب من المدرسة الدينية المسماة بالعصرونية، وهو مذكور بكثرة في وقفيات الحمويين.
- باب النصر: وهو مجهول الموقع، ولكن ذكره أبو الفداء في حوادث سنة 626هـ/1228م.
- باب النقفي: كان يقع شرقي قصر الطيارة الحمراء في مدخل حي الكيلانية عند قبو بين الحيرين، وورد اسمه في تاريخ أبي الفداء في حوادث سنة 691هـ/1291م.
- باب الناعورة: وهو بالقرب من الجامع النوري، وذكر في سجلات المحكمة الشرعية سنة 947هـ/1540م، وذكر فيها حمام السلطان القريب من هذا الباب. ويعتقد أن هذا الباب يشكل مع باب النقفي باباً مزدوجاً للمدينة.
- باب تدمر: وهو باب يذكر في سجلات المحكمة الشرعية بحماة، وهو من أبواب محلة باب الجسر.
وثمة أربعة أبواب أنشئت بعد امتداد عمران حماة خارج السور، وهي:
أ- باب العرس: وكان أحد أبواب سوق المنصورية (سوق الطويل)، وسمي بذلك لأنه كان يُدخل منه إلى أحد فروع السوق الخاص بمتطلبات الأعراس. وقد ورد اسمه في سجلات المحكمة الشرعية سنة 975هـ/1567م.
ب- باب دمشق: وكان يسافر منه إلى دمشق، ويقع في سوق المنصورية أو بالقرب منه على الطرف الغربي من السوق. وتمت الإشارة إليه في وقفية الشيخ شهاب الدين أحمد المعروف بابن الأشقر سنة 881هـ/1476م، كما أشارت إليه سجلات المحاكم الشرعية في سنة 908هـ/1502م.
ج- باب طرابلس: يقع في حي المحالبة، ويخرج منه المسافرون إلى طرابلس من الطريق الغربي مروراً بأراضي الحولة، ثم بالقرب من قلعة الحصن. وكان بالأصل قبواً له باب مغلق، وكان في أول دور آل الشيشكلي.
د- باب البلد: يقع قرب جامع الملكي (جامع باب البلد)، وقد بقيت منه عضاضتان من الحجر الكلسي وساكف تعلوه قوس من الحجر نفسه. وكان ارتفاع الباب 310سم، وعرضه 340سم، وقد أُزيل الباب وجميع أقسامه وملحقاته في سنة 1380هـ/1960م.
لم يبقَ من هذه الأبواب سوى أسمائها؛ فهناك أحياء باب القبلي وباب الجسر وباب طرابلس، وليس فيها أي أثر للأبواب. وكان آخر الأبواب التي زالت معالمها هو باب البلد.
صورة بانورامية لمدينة حماة يظهر فيها نهر العاصي والبساتين والجامع النوري وقصر العظم وحمام السلطان وجسر بيت الشيخ |
أحياء مدينة حماة:
كما ذُكر سابقاً فإن نهر العاصي يشطر مدينة حماة إلى قسمين: أحدهما الحاضر، والآخر السوق. ويتصل هذان القسمان ببعضهما بوساطة جسور بنيت فوق النهر خلال مراحل تاريخية مختلفة. وأهم الجسور هي: جسر باب الجسر- الجسر الكبير (جسر الهوى)- جسر بيت الشيخ (جسر الملك الأفضل)- جسر السرايا- جسر المراكب- جسر المحمدية (جسر باب النهر). وكانت حماة تتألف من محلتين رئيسيتين: الأولى هي محلة باب الجسر، نصفها في قسم السوق، والنصف الآخر شكل نواة لقسم الحاضر، والثانية محلة المدينة. ونظراً لارتفاع محلة المدينة عن محلة باب الجسر كانت تسمى بالقسم الأعلى، وسوقها بالسوق الأعلى، وكذلك جامعها كان يسمى بالجامع الأعلى. وكانت المحلتان محاطتين بسور، وكل محلة تضم أحياء. ففي قسم السوق من محلة باب الجسر الأحياء الآتية:
1 - حي الباشورة: وكان مدخل القلعة، وهذا الحي تل مشرف على بقية المدينة.
2 - حي الدباغة: وهو تل قريب من العاصي، وكانت تدبغ فيه الجلود.
زقاق في حي الطوافرة | زقاق في حي الطوافرة |
3 - حي المدينة: وهو أحد قسمي المدينة القديمة، وأول امتداد للمدينة خارج القلعة.
4 - حي باب القبلي: وبيوته منحوتة بالصخر في سفح تل كبير مطل على النهر والبساتين.
5 - حي الجراجمة: وهو امتداد لحي باب القبلي، وسكنه نازحون أتوا من مدينة جرجوم (جرجومة) شمال مدينة أنطاكية، وأُطلق على هؤلاء النازحين «الجراجمة». وقد استقر بعضهم في حماة، وآخرون في حمص، وبعضهم ذهب باتجاه لبنان، وانصهروا بسكان المناطق التي استقروا بها، وكانوا مسيحيين، وتم نزوحهم في العصر الأموي.
6 - حي الجعابرة: نسبة إلى قلعة جعبر، إذ أتى سكان هذا الحي من قلعة جعبر الواقعة على ضفاف نهر الفرات.
7 - حي سوق الشجرة: وكانت تسمى محلة تحت الشجرة. والحي يقع إلى جوار حي المدينة وعلى امتداده.
8 - حي الحوارنة: وهو حي تابع لسوق الشجرة، وسُمّي بذلك نسبة إلى الشيخ عثمان الحوراني المدفون في زاوية هناك.
9 - حي دار الغنم: وكانت تسمى بمحلة الصفصافة.
الساباط في حي الطوافرة الأثري |
10 - أحياء المحالبة والمشارقة والفراية وجورة حوا: وهي أحياء فرعية محيطة بحي رئيسي هو حي المرابط، وكان يسمى المرابض ثم المرابد ثم المرابط.
11 - حي العليليات: وهو من أكبر أحياء حماة، ويقع على تل بديع مشرف على بساتين العاصي.
- أما قسم الحاضر فهو قسم من محلة باب الجسر الواقع شمال العاصي، شكّل نواة هذا الحي الذي امتد واتسع وتشكلت فيه الأحياء الآتية:
1 - حي بين الحيرين: والحير هو شجر التين، وهذا الحي كانت تحفه بساتين التين على العاصي.
2 - حي الشمالية.
3 - حي السخانة: نسبة إلى قرية السخنة، إذ يعود أصل سكانه إلى تلك القرية في البادية.
4 - حي البارودية: نسبة إلى مصنع البارود الذي كان يقع في هذا الحي.
5 - حي الكيلانية: وكان أحد أجمل أحياء مدينة حماة، وهو يحتوي على الزاوية وقصر الطيارة الحمراء الذي اندثر للأسف.
6 - حي الحميدية: الذي بني في عهد السلطان العثماني عبد الحميد خان الثاني.
وهناك أيضاً أحياء العصيدة والزنبقي والشرقية (التي كانت تسمى المنعزلة لبعدها عن مركز المدينة)، وحي الأميرية والمناخ.
أسواق المدينة وخاناتها:
بلغ عدد أسواق حماة في القرن 12هـ/18م أكثر من خمسين سوقاً، وكانت على نوعين: أسواق صناعية وأسواق تجارية؛ فضلاً عن خانات منتشرة في كل أقسام المدينة وداخل أسواقها.
وقد ذكر ياقوت الحموي في أوائل القرن 7هـ/13م: «وحماة مدينة كبيرة عظيمة كثيرة الخيرات، رخيصة الأسعار، واسعة الرقعة، حفلة الأسواق... يحيط بها سور محكم وبظاهر السور حاضر كبير جداً فيه أسواق كثيرة ...».
وقال ابن بطوطة في القرن 8هـ/14م: «.. أن لها ربضاً سمي بالمنصورية أعظم من المدينة، وفيه الأسواق الحافلة والحمامات الحسان».
وفيما يلي ذِكرٌ لبعض أهم الأسواق وأكبرها:
أ- سوق المنصورية: أو ما يسمى بسوق الطويل حالياً، فهو يأتي في مقدمة الأسواق، ويمتد من نهاية محلة الدباغة حتى محلة الموقف، ويبلغ طوله من الشمال إلى الجنوب أكثر من أربعمئة متر، وتتناثر على جانبيه الدكاكين المتلاصقة، وتتفرع عنه أسواق فرعية صغيرة. وفيه جوامع رئيسية هي: جامع الأشقر والجامع الجديد وجامع الأحدب وجامع الشيخ إبراهيم الكيلاني. وفيه ثلاثة خانات رئيسية وحمامات. وقد قام بإنشاء هذا السوق ملك حماة المنصور محمد بن الملك المظفر تقي الدين عمر الأيوبي (642 - 683هـ/1240 - 1284م)، ورتّب فيه الباعة؛ فجعل أصحاب كل حرفة في جهة. وقد أزيل سقف السوق المؤلف من عقود حجرية في مطلع القرن 14هـ/20م، واستُبدل به سقف معدني من ألواح التوتياء، وجُعل أعلى من السقف القديم، فصار يماثل سوق الحميدية بدمشق. وأهم المهن والأسواق الفرعية التي كانت تتركز في السوق هي: دكاكين العطارة، وسوق للنحاسين، وسوق للعبي، ودكاكين حياكة وخياطة، ودكاكين لبيع الأقمشة القطنية والحريرية، إضافة إلى دكاكين تجارية مختلفة، علماً أن دكاكين سوق المنصورية كانت إما أملاكاً خاصة وإما أوقافاً لجوامع أو أبنية عامة، وكانت تعبر السوقَ قناةُ ماء مطمورة توصل الماء إلى الأحواض الموجودة في مختلف أجزائه، فضلاً عن إيصال الماء إلى حمامات السوق ومساجده.
ب - السوق الأعلى: كان هذا السوق عند الجامع الكبير، وكان فيه دكاكين للعطارة والسمانة وللغزل والنسيج وسوق للقطن، لكنه أزيل حالياً بالكامل.
ج - سوق الموقف: يقع قرب زقاق ابن الأعوج، وسُمّي بالموقف لأن القوافل الواردة إلى حماة من مختلف الأماكن كانت تجتمع فيه، وكان أيضاً هو المكان الذي يتوقف عنده النائب المملوكي حين يقوم بجولته يومي الخميس والاثنين مع كل عسكره ورجال إدارته المدنيين. واستمر على هذه العادة أمراء الألوية في العصر العثماني، إذ كانوا يتوقفون في الموقف حين قدومهم من خارج حماة. وأهم أنواع التجارة التي كانت فيه: تجارة العلف وتجارة الطحين وتجارة الحبوب ومطاحن الزعتر والفليفلة، ومازال هذا السوق قائماً حتى اليوم.
د - سوق النحاسين: تتجمع دكاكينه بسوق متفرع عن سوق المنصورية عند جامع الأشقر. وكان يتم فيه سبك النحاس، وتصنع فيه قدور الطبخ والحمامات، إلى غير ذلك من العُدد النحاسية، إضافة إلى مهنة تبييض النحاس، ومازال هذا السوق قائماً.
هـ- سوق الصاغة: وكان يتركز في محلة المرابط قرب سوق الموقف، وكان هناك سوق آخر صغير للصاغة عند جامع الحسنين. وفي الفترة العثمانية كان أغلب الصاغة من النصارى واليهود الذين كانوا يقومون بصناعة الحلي وجميع أنواع التطعيم والتنزيل على الذهب.
و - سوق الحدادين: يقع عند رأس سوق المنصورية قرب جامع السلطان، وكانت تتم فيه مختلف الصناعات الحديدية، ويلبي حاجات الناس لمختلف الأدوات والعدد الحديدية. ومازال هذا السوق قائماً حتى اليوم.
ز- سوق اللبن: وهو قرب سوق الموقف، وكانت تصنع فيه وتباع مشتقات الألبان والأجبان، وكان أيضاً هناك سوق مماثل في الحاضر، ومازال السوقان قائمين.
ح - سوق المرابط: وهو سوق تتوزع فيه المحال التجارية ولا سيما تلك المتعلقة بالسمانة والحبوب والبقوليات والمطاحن الغذائية (مطاحن البن والزعتر والفليفلة.. إلخ).
وهناك أسواق أخرى مختصّة بمهن وصناعات مختلفة، مثل: سوق النجارين وسوق الدباغة وسوق الجلبان وسوق العبي وسوق القطن والصوف وسوق اللحوم، وغيرها.
وكان هناك صناعات أخرى أيضاً اعتمد عليها الاقتصاد في حماة، مثل صناعة الفخار وصناعة القاشاني واللباد والتنجيد والنواعير والأحذية والسرج والجلود والصابون إلى غير ذلك.
وهنا لابد من الإشارة إلى صناعات مهمة كانت لها مصانع ومحال تجارية مرتبطة بها، وهي صناعة النسيج القطني والحريري، وصناعة البارود، وصناعة الألبان ومشتقاتها، وهي صناعات اشتهرت بها مدينة حماة.
أولاً- صناعة النسيج: كانت تنتشر في حماة أنوال الحياكة المختلفة في كل أحياء المدينة من دون استثناء، لكن أكبر تجمع لها كان في حي سوق الشجرة والحاضر والمحالبة والمشارقة. وكانت الأنوال تنصب في الدكاكين وفي جانب من جوانب الدور، وقد تم إحصاء مئات الأنوال، حتى إن بعض الإحصاءات عدّدت أكثر من 800 نول في حماة. وكانت الأنوال تُصنع محلياً، وتحيك القطن والصوف والحرير، وجاء في التقويم السنوي لولاية الشام لسنة 1305هـ/1887م: «أنه كان في حماة 500 نول، يشتغل بها 800 عامل، يصنعون في كل عام 30000 من عدة الحمامات، كالمناشف والفوط، و36000 ثوب من البياض، و10000 شرشف فراش مما يبلغ ثمنه 70000 ذهب عثماني». علماً أنه كان يتبع هذه الصناعة صناعات أخرى مرتبطة بها، مثل المصابغ وطباعة القماش والغزل إلى غير ذلك، ولكن عدد الأنوال حالياً في حماة انخفض إلى أقل من عشرين نولاً.
ثانياً- صناعة البارود: كانت منتشرة في حماة، ولها ورشات خاصة عديدة، واشتهر الحمويون بمهارة صنعه، واشتهرت بعض العائلات بكنية البارودية أو البارودي. وقد وصلت هذه الصناعة إلى ذروتها في العصر العثماني، وكانت حماة تقدم البارود لمختلف القلاع التابعة للسلطنة ولا سيما القلاع المحيطة بحماة. وقد أنشأ السلطان العثماني سليمان في حماة معملاً للبارود ليكفي حاجة بعض قلاع السلطنة في بلاد الشام منه، وكانت السلطنة تضمن تصريف الإنتاج بشرائه بثمن جيد تدفعه من خزينتها. وقد تهدم المعمل الذي كان يُصنع فيه البارود في نهاية القرن 10هـ/16م، لكن أعيد إنشاؤه مرة أخرى، وكان في محلة المنعزلة، وينزل إليه بدرج، وله باب كبير، وفيه غرف لعمال البارود ومخزن لخزنه ومعمل لطبخه، وفيه عشرة قدور من النحاس لطبخ البارود. وتلتف الغرف حول الصحن، ويتقدمها رواق يستند إلى ركائز وجدران. والغرف الخارجية كلها مغلقة، والسقوف من الخشب والطين والقصب، ولكن للأسف اندثر هذا المعمل ولم يبقَ له أي أثر حالياً. وتجدر الإشارة إلى أن البارودية كانوا يتقاسمون كميات البارود المطلوبة، ويتقاضى كل منهم ثمن ما يصنعه. وأبرز القلاع التي كانت تعتمد على بارود حماة هي قلعة طرابلس وقلعة حلب وقلعة أرواد، إضافة إلى القلاع المحيطة بحماة.
ثالثاً- صناعة الألبان ومشتقاتها: اشتهرت حماة بهذه الصناعات، ومما ساعدها على ذلك قرب المدينة من البادية السورية، ونزول البدو من المناطق الشرقية لمبادلة وبيع منتجاتهم من الألبان والأجبان والزبدة والسمنة والصوف وغيرها من المنتجات الحيوانية وبيعها. وقد انتشرت الأسواق المخصصة لهذه المواد في مدينة حماة، ولكنها تركزت في منطقة الحاضر بالقرب من سوق برهان والخانات المحيطة به.
وكانت تتخلل الأسواق في مدينة حماة خانات مختلفة، وكان بعضها يحوي محال مختصّة بنوع معين من التجارة، وبعضها الآخر يحوي أماكن للسكن والإقامة من أجل المسافرين، وبالتالي كان يحوي إسطبلات ومطعماً ومسجداً، ولا تمارس فيه التجارة، ومنها ما كان يجمع بين الاثنين معاً؛ فهو سوق تجاري، وفيه غرف للسكن كانت تتوزع في الطوابق العلوية، وأهم هذه الخانات:
أ- خان رستم باشا: يقع في سوق المرابط، ويعود تاريخ بنائه إلى سنة 964هـ/1556م. أمر ببنائه رستم باشا في زمن السلطان العثماني سليمان الأول، وعُرف لفترة بخان العسكر؛ إذ كان مقراً لجنود الخيالة في نهاية الفترة العثمانية وفي فترة الانتداب الفرنسي، ويمتاز ببنائه العظيم، ويتوسط فناءه مسجد صغير. وهو اليوم ملجأ للأيتام في حماة.
ب- خان أسعد باشا [ر]: في محلة الموقف، وهو يقع قرب باب البلد. بناه أسعد باشا العظم سنة 1162هـ/1751م لنوم المسافرين وعابري السبيل، وأبرز ما فيه مدخله العظيم. اتخذته القوات العسكرية الفرنسية ثكنة عسكرية داخل المدينة، ثم جُعل مقراً للثانوية الصناعية، وهو اليوم مقر لكلية الآداب بحماة.
ومن الخانات الأخرى: خان الحنة وخان الصحن وخان الجمرك، وهي في سوق المنصورية، وخان برهان، وهو يقع في سوق برهان في منطقة الحاضر، إضافة إلى خانات أخرى مثل: خان الجديد وخان الملح وخان اللبن وخان الصابون. وتذكر المصادر التاريخية أنه كان في حماة في القرن 10هـ/16م خمسة وعشرون خاناً، وبعضها مازال قائماً حتى اليوم.
تزخر مدينة حماة بمجموعة ضخمة من الأبنية العامة والخاصة ذات الطراز المعماري المميز. ويختلف تاريخ هذه الأبنية بحسب العصور التي بُنِيت فيها؛ فإضافة إلى الجوامع هناك المدارس والزوايا والتكايا والمقامات والحمامات والخانات والطواحين والكنائس والقصور والنواعير، إلى غير ذلك من أبنية مختلفة الوظائف، أهمها:
الجامع الكبير |
- الجوامع والمساجد والزوايا والتكايا والترب: يتوزع في مدينة حماة أكثر من ثمانين مسجداً وجامعاً وزاوية وتكية، وهي منتشرة في مختلف أحياء المدينة وأسواقها وأزقتها، وبعضها يرقى إلى القرن 1هـ/7م، وبعضها الآخر وليد هذه الأيام؛ لكن أعظمها تلك التي بُنِيت في الفترتين الأيوبية والمملوكية. وكان لكل جامع أوقاف تتوزع بين أراضٍ مزروعة ودور ودكاكين وحمامات... إلخ، وكانت المساجد في معظمها تحوي صحناً تلتف حوله أروقة من جهاته الثلاث. وأهم الجوامع:
أ- الجامع الكبير الأعلى [ر]: يقع في حي المدينة، وتظهر فيه ثلاث فترات تاريخية رئيسية: معبد وثني في الفترة الهلنستية والرومانية، ثم تحوّل إلى كاتدرائية في الفترة البيزنطية، ثم إلى جامع في الفترة الإسلامية. وله مئذنتان، إحداهما في الزاوية الجنوبية الشرقية من الجامع، شكلها مربع، وكتابتها كوفية. والأخرى تقع في الرواق الشمالي، وهي مثمنة ورشيقة بُنيت في الفترة المملوكية سنة 825هـ/1421م، وهي غنية بالزخارف الإسلامية. وفي صحن الجامع قبة الخزنة التي تعود إلى الفترة العباسية، وهي مشيدة على ثمانية أعمدة ذات تيجان كورنثية. وداخل الجامع مرقد وضريح لملكي حماة: المنصور الثاني وابنه المظفر الثالث محمود، وفي المرقد تابوتان خشبيان مزخرفان بزخارف هندسية ونباتية نادرة. ويعدّ منبر الجامع تحفة فنية رائعة الجمال، وهو مُطعَّم بالصدف، وصُنِع من قبل زين الدين كتبغا في سنة 701هـ/1301م.
ب- الجامع النوري [ر]: وهو مُشيَّد من قبل السلطان نور الدين محمود بن زنكي مع البيمارستان والمدرسة النورية الموجودين بجواره، وقد تم البناء على أنقاض دير قديم يدعى دير قزما. ويقع الجامع في محلة جسر بيت الشيخ على الضفة الغربية لنهر العاصي، مقابل حي الكيلانية، ويعود تاريخ بناء الجامع إلى سنة 558هـ/1162م. يتميز الجامع بقبابه الخمس المختلفة الشكل، إضافة إلى مئذنته الواقعة في الزاوية الشمالية الغربية منه، وهي تتميز ببنائها من الحجر الأبلق المتناوب المداميك السوداء والبيضاء، مشكلة زخارف هندسية رائعة. ومن أهم عناصر الجامع منبره الذي أشرف على تصنيعه نور الدين محمود بن زنكي، فأتى بديعاً محفوراً بالخشب ومزخرفاً بالكتابات والآيات القرآنية والزخارف الهندسية والنباتية، وهذا المنبر محفوظ اليوم في متحف حماة الوطني. وقد أضاف أبو الفداء إلى هذا الجامع قسم الروشن المطل مباشرة على نهر العاصي. وهناك عدة كتابات في واجهة الجامع؛ إحداها تؤرخ فترة البناء، وأخرى تؤرخ التعديل الذي تم على بناء الجامع، وكتابة موجودة على حجر فيها مرسوم ملكي ينظم جباية بعض الضرائب.
الجامع النوري |
ه- جامع أبي الفداء: يقع في محلة باب الجسر على الضفة الشمالية من نهر العاصي. بناه ملك حماة أبو الفداء الملك المؤيد إسماعيل بن الأفضل نور الدين سنة 726هـ/1325م فوق تربة الملك المظفر تقي الدين عمر، على شكل طابق ثانٍ. وفي الجامع ضريح أبي الفداء في غرفة تعلوها قبة، وذلك عند مدخله الشمالي. وتزين واجهة الحرم ومحرابه فسيفساء صدفية بأشكال زخرفية هندسية بديعة. تطلق العامة على الجامع اسم جامع الحيات لوجود عمودين في جدار الحرم القبلي نُحِتا على شكل حيات ملتفة بشكل ضفيرة رائعة، وفي صحن الجامع مئذنة مثمنة أضيفت لاحقاً.
جامع أبي الفداء |
د- جامع الحسنين: يقع تحت القلعة من الجنوب، بين حي المدينة وحي الباشورة. بُنِي في القرن 4هـ/10م، ثم جُدّد من قبل نور الدين محمود بن زنكي بعد الزلزال الكبير. فيه قبتان رائعتان: إحداهما تعود إلى البناء القديم، والأخرى في عهد التجديد، وفي الجانب الشرقي ضريح يُنسَب إلى النبي يونس “.
ومن الجوامع الأخرى: جامع الأحدب في حي الدباغة، وجامع الأشقر في سوق الطويل، وجامع البحصة وجامع العبيسي وجامع المدفن وجامع المسعود وجامع باب البلد وجامع السلطان وجامع إبراهيم الكيلاني وجامع الدنوك، وغيرها.
والزوايا قليلة العدد، لكن أهمها الزاوية الكيلانية، وتقع مقابل الجامع النوري على الضفة الشرقية من نهر العاصي، وهي منسوبة إلى الشيخ عبد القادر الكيلاني، وقد اندثرت هذه الزاوية للأسف وأزيلت بالكامل. وهناك أيضاً الزاوية السفاحية، والزاوية الحريرية، وهما بمحلة الفراية، إضافة إلى زاوية الشيخ علوان والزاوية الحورانية والزاوية الشرابية.... إلخ.
أما الترب فأهمها تربة البارزي [ر] وتربة زين العابدين وتربة علي الثالوثي والتربة المؤيدية والتربة المظفرية وتربة الشيخ معروف.
تربة الملك أبي الفداء ملك حماة وتطل على صحن جامع أبي الفداء |
أما الكنائس فهناك كنيسة السيدة وهي في محلة المدينة، وهناك كنيسة أخرى في محلة سوق الشجرة.
- حمامات مدينة حماة: ذكرت المصادر التاريخية أنه كان في حماة أكثر من 20 حماماً، هي:
1- حمام الأسعدية: يقع في سوق المنصورية (سوق الطويل)، بناه أسعد باشا العظم.
2- حمام الإدربك (اليدربك): كان يقع قرب سوق الموقف، وسمي كذلك نسبة إلى بانيه وهو أحد الأمراء الأتراك.
3- حمام الباشا: كان يقع قرب جامع المدفن، بناه محمد باشا الأرناؤوط. وقد ذكره أوليا جلبي عند وصفه لحماة فقال: «أما حماماتها فكثيرة وعلى غاية من الحسن وإتقان الخدمة، أخص بالذكر حمام محمد باشا الأرناؤوط الذي لم أرَ في ديار الروم ما يماثله في الإبداع».
4- حمام الذهب: كان يقع في محلة المدينة قرب الجامع الكبير، وهو قديم، وبانيه مجهول.
5- حمام القاضي: كان يقع في محلة جورة حوا، بناه القاضي سراج الدين بن مغلي.
6- حمام الدرويشية: يقع في محلة المرابط، بناه بنو الأعوج.
7- حمام الحلق: يقع في محلة الدباغة عند مدخل سوق الطويل، وهو قديم، بانيه مجهول.
8- حمام العثمانية: يقع في حي الطوافرة، وسمِّي بالعثمانية نسبة إلى عثمان باشا، ولكن هناك مصادر تاريخية تؤكد أن هذا الحمام أقدم من ذلك؛ إذ بناه نور الدين محمود بن زنكي وقفاً للمدرسة الشرعية المجاورة له، والتي هي الآن جامع الخانقان. وكان اسم هذا الحمام حمام المسرودة.
9- حمام المؤيدية: وهو حمام خاص بقصر العظم، بناه مؤيد باشا العظم.
10- حمام الشيخ: كان يقع في حي الكيلانية، بناه الشيخ ياسين الكيلاني.
11- حمام العبيسي: يقع في محلة الحاضر، بناه الملك المؤيد عماد الدين أبو الفداء.
12- حمام المدار: كان يقع في الحاضر، بناه الأميرالاي عبد الوهاب ابن شيخ الأكراد سنة 962هـ/1554م.
13- حمام السلطان: يعود إلى الفترة الأيوبية، بناه الملك المنصور محمد بن المظفر تقي الدين عمر (587 - 617هـ/1191 - 1220م)، وكان حمامه الخاص. ويُذكر أن شيخ شيوخ حماة (رئيس الحرف جميعاً) عبد العزيز الأنصاري أهدى المنصور جرناً للحمام كان رائع النقش والزخرفة، وقد حُفر عليه بيتان من الشعر هما:
كملتُ حسناً وصفات على
ما فيّ من أوصافيَ الحلوة
لأجـل هـذا صرت أهلاً لأن
أجالسَ السلطانَ في الخلوة
وذكر في تاريخ حماة للصابوني أن حمام السلطان ظل حماماً للأسرة الأيوبية حتى ورثته فاطمة خاتون بنت بدر الدين حسن، ثم انتقل لورثتها فبقي في أيديهم حتى احتكره محمد بن جهانشاه بن الأمير فرج للعائلة الكيلانية.
14- حمام العرايس: كان يقع في محلة العليليات.
15- حمام الزهور: كان يقع في حي باب الجسر، وكان وقفاً لجامع الشيخ محمود الواقع في بستان الدوالك على كتف خندق القلعة القديم.
16- حمام الحسام: كان يقع في باب النهر قرب جامع الدهشة، جانب طريق حلب القديم، في محل بستان يدعى الأتون.
كما ورد في سجلات المحكمة الشرعية لحماة ذكرٌ لبعض الحمامات الأخرى، مثل: حمام بيت الدالي وحمام الخراب وحمام الخيام وحمام بيت الإمارة، لكن لا يوجد ذِكرٌ لمكان هذه الحمامات وزمان إنشائها ومن بناها.
كانت الحمامات تعتمد على نهر العاصي لتأمين مياهها، مع بعض الآبار السطحية داخل الحمام أو جواره. وكانت هذه المياه ترفع بوساطة النواعير إلى الحجريات والسواقي التي تقوم بدورها بنقل المياه لري مختلف الأبنية في أحياء مدينة حماة.
تربة البارزي مع قصر العظم المجاور للتربة |
- القصور في مدينة حماة: كانت حماة مدينة غنية بالقصور ودور السكن الفسيحة ذات الطراز الإسلامي في العمارة، وتحوي أحياء المدينة القديمة مثل حي آل طيفور والبرازية وسوق الشجرة أروع الأمثلة التي ما تزال قائمة حتى اليوم. وأهم القصور في المدينة التي تعود إلى العصر العثماني هي:
1 - قصر العظم [ر]: هو قصر من أجمل الأوابد المعمارية الأثرية على نهر العاصي التي تعود إلى الفترة العثمانية. ويعد درة معمارية فريدة؛ فهو يسحر الزائر بعظمة بنيانه وجمال زخارفه ونقوشه الإسلامية، إضافة إلى موقعه الطبيعي الذي يخطف الألباب. شرع ببنائه أسعد باشا العظم سنة ١١٥٣هـ/١٧٤٠م مقراً لحكم متسلم حماة، ومن بعده تابع البناء ابن أخيه نصوح باشا العظم سنة ١١٩٥هـ/١٧٨٠م، وهو الذي حوّل القصر من مقر للحكم إلى مكان خاص بالحريم، وابتنى قسماً خاصاً بالرجال والضيوف؛ ليقوم بعد ذلك أحمد مؤيد باشا العظم بإتمام البناء في الفترة الواقعة بين سنتي ١٢٣٦-١٢٤٦هـ/١٨٢٠-١٨٣٠م. وفي سنة ١٣٣٩هـ/١٩٢٠م تم شراء القصر من قبل جمعية دار العلم والتربية الأهلية بحماة ليصبح مدرسة، واستمر القصر على هذه الحال حتى سنة ١٣٧٦هـ/١٩٥٦م، حيث تحول بعدها إلى متحف إقليمي لمدينة حماة ومحافظتها. يتميز البناء في قصر العظم باستخدام الحجر الكلسي الأبيض العالي الجودة، والذي تتميز به مدينة حماة، كما استُخدمت في بعض المواضع الحجارة البازلتية وذلك في الأبواب وبعض الفتحات حيث شُيِّد البناء به وبالتناوب مع الحجر الكلسي، وهو النمط المعروف بالأبلق. ولابد من الإشارة إلى غنى القصر بالزخارف المختلفة التي تزين الجدران والأسقف والأرضيات والنوافذ ومختلف زوايا الغرف، وذلك بمنتهى الدقة في صناعتها وغناها الفني.
2 - قصر الطيارة: يقع في حي الكيلانية، ومع الأسف فقد اندثر ولم يبقَ منه إلا بعض آثار قواعد أبنيته.
3 - قصر محمد باشا الأرناؤوط: يقع بالقرب من جسر شفيق العبيسي مطلاً على ساحة العاصي. وقد أضيف إليه طابق في فترة الاحتلال الفرنسي، وتحول إلى دار للحكومة ثم إلى سجن. وهو يحوي أكثر من ثمانين غرفة.
- النواعير [ر. الناعورة]: تشتهر مدينة حماة بالنواعير، وهي وسيلة مبتكرة لرفع مياه النهر من المجرى المنخفض إلى الأراضي المجاورة؛ لتستخدم في أغراض السقاية والري إلى غير ذلك من فوائد. وتعد النواعير من الآثار القديمة في العالم التي ما تزال تنبض فيها الحياة. وفي مدينة حماة أكثر من عشرين ناعورة ما تزال تعمل حتى الآن؛ أكبرها ناعورة المحمدية التي تقع في حي باب النهر، ويبلغ قطرها نحو 21,5م. وأهم هذه النواعير: المأمورية والبشريات والجسرية والخضورة والدهشة والدوالك والكيلانية والجعبرية والصاهونية والوسطى والعثمانية... وقد وصف أوليا جلبي هذه النواعير فقال: «وفي حماة نواعير عظيمة منصوبة على نهر العاصي يسمع القادمون إلى هذه البلدة أنينها من مسافات بعيدة، وهي دواليب مؤلفة من أخشاب وأعمدة ومسامير حديدية على غاية من الطول والضخامة.. وتنصب المياه من هذه النواعير في قناطر تذهب بها إلى قصور البلدة ودورها وحماماتها ومساجدها وخاناتها...».
مجد حجازي
- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد السادس مشاركة :