خزنة (كهف-)
خزنه (كهف)
-
الخزنة
الخزنة (كهف -)
- كهف الخزنة I:
يقع كهف الخزنة I جنوب غربي قرية الخزنة بنحو ٢ كم المبنية حول نبع ماء الذي يسقي القرية حتى الآن، كما تبعد قرية الخزنة عن مدينة الحسكة قرابة ٤٠ كم غرباً في جبل عبد العزيز، الذي يشكل مع جبل سنجار عارضاً جبلياً بطول ١٠٠ كم تقريباً، ممتداً من الشرق إلى الغرب ضمن الأراضي السورية والعراقية.
تم اكتشاف كهف الخزنة I خلال المسح الأثري الذي قام به فريق ياباني عام ١٩٦٩م، شمل كلاً من سورية ولبنان، اكتشف خلاله ١٠٠ موقع تعود إلى العصر الحجري القديم Palaeolithic، يحمل الرقم ٢٨ في قائمة المواقع السورية المكتشفة في المسح، ثم قامت بعثة أثرية سورية بإدارة عبد المسيح بغدو وأحمد دياب عام م٢٠٠٢ بإعادة مسح منطقة جبل عبد العزيز إضافة إلى وادي نهر الجرجب وجبل حاج أوغلي في محافظة الحسكة، وتم وصف مواقع المنطقة ورسم المخططات اللازمة لها وتصويرها.
يبدو كهف الخزنة I لأول وهلة أنه كهفان يعلو أحدهما الآخر، ولكـن في الحقيقـة هو كهف واحد أثرت فيه العوامل الطبيعية أو ربما زلزال ضرب المنطقة فأدى إلى انهيار جزء من جدران الكهف ووقوع بعض الصخور الكبيرة في داخله أدت إلى انقسامه. أما شكل الكهف فهو متطاول يبلغ طوله نحو٣٦م، وعرض فتحته المطلة على الوادي نحو ١٧م. تصل سماكة الطمي في الشرفة التي أمام الكهف إلى أكثر من متر، فيها معظم الأدوات الحجرية التي عثر عليها، في حين تقل داخل الكهف بشكله الحالي. وتعود أغلب الأدوات الحجرية إلى العصر الحجري القديم الأوسط، إذ عثر على نوى وشظايا لفلوازية Levallois وحراب Pointes.
كهف الخزنة I |
- كهف الخزنة II:
يقع جنوب شرقي قرية الخزنة بنحو ٢,٣ كم، وشرق كهف الخزنة I بنحو١كم، على الضفة اليسرى لبداية وادي الخزنة الكبير، ويرتفع عن أسفل الوادي بنحو ٣٠م، يحمل الرقم ٢٩ في سلسلة المواقع السورية المكتشفة في المسح الياباني السابق الذكر. ويتميز بانحداره القاسي ووجود فتحتين: إحداهما عريضة تطل على وادي الخزنة الكبير، والفتحة الثانية في سقف الكهف، وهي فتحة دائرية قطرها نحو٥, ١م، يتم الدخول منها إلى الكهف من الأعلى، وتؤدي إلى مدخل قاسٍ على شكل درج يمكن من الوصول إلى داخل الكهف، ويسمى الكهف في المنطقة بمغارة «أبو باب». يتركز الطمي في شرفة الكهف، وتتناثر الأدوات الحجرية التي تعود إلى العصر الحجري القديم الأوسط أمام الشرفة ولاسيما تحت الصخور المتدحرجة أمام الكهف، وفي مناطق متفرقة وصولاً إلى الوادي، ولا يوجد أي طمي داخل الكهف. وقد تكون العوامل الجوية وخاصة الرياح قامت بجرف التربة من الكهف لوجود فتحتين للكهف سمحت لتيار الهواء بالمرور داخل الكهف، ويشبه الكهف في شكله العام البوق.
استطاع الإنسان الذي عاش في كهفي الخزنة I وII والمنطقة المحيطة بهما الحصول على الصوان المادة الأولية لتصنيع الأدوات الحجرية من مصدرين: كان الأول كتلاً صوانية موجودة في أودية الأنهار الموسمية المتحدرة من الجبل ومصباتها ومجاريها، التي لم تكن بعيدة عن المواقع المكتشفة، أما المصدر الثاني فقد كان الطبقات الصوانية الموجودة ضمن الطبقات الكلسية أو ما يسمى Bancs، المتوفرة بكثرة في محيط المواقع المكتشفة. ومما يجدر ذكره أن هناك عدة أودية في المنطقة القريبة من كهفي الخزنة؛ كوادي العلاج ووادي سوسة، تكثر فيهما الكتل الصوانية، لكنهما يخلوان من المواقع السطحية بخلاف وادي الخزنة القريب من كهفي الخزنة الذي اكتشف فيه مواقع سطحية كمواقع إلياس (١-٤)، كما عثر على الأدوات الحجرية في أماكن متفرقة في المنطقة المحيطة بالكهفين، أي إن الإنسان خرج منهما إلى مناطق واسعة؛ مما يبعث على الاعتقاد أن كهفي الخزنة شكلا مركزاً ومنطلقاً لتحرك الإنسان في محيطهما في بحثه عن رزقه، أو أن الظروف المناخية قد أدت دوراً في عدم قدرة الإنسان على هجر الكهوف نهائياً والاعتماد عليها باستمرار.
مدخل كهف الخزنة I |
كما أظهرت دراسة الأدوات الحجرية لكهف الخزنة I أنها أقدم من كهف الخزنة II، إذ تعود أدوات خزنة Iإلى العصر الحجري القديم الأوسط ، حيث عثر على نوىً وشظايا لفلوازية يغلب عليها الشكل البيضوي متوسطة الحجم، كما عثر على نصال لفلوازية وحراب؛ مما يؤكد وجود التقنية اللفلوازية التي اندمجت مع الصناعة الموستيرية في مواقع بلاد الشام لتشكل الصناعة اللفلوازية – الموستيرية ممثلة بالمقاحف المصنعة على شظايا لفلوازية، وبذلك تعد مواقع جبل عبد العزيز أقصى انتشار للتقنية اللفلوازية شرقي بلاد الشام معروفة حتى الآن؛ إذ لم يعثر عليها في مواقع شمالي العراق كموقع شانيدار[ر] وغيره المعاصرة لكهفي الخزنة. هذا وتكثر مواقع هذا العصر في بلاد الشام التي كانت إما سطحية وإما ملاجئ صخرية مثل رأس الكلب، وكسار عقيل[ر]، ورأس بيروت في لبنان وجرف العجلة[ر]، ويبرود وكهف الدوارة ومواقع الكوم في سورية، والطابون وقفزة في فلسطين.
كما أثبتت دراسة الأدوات الحجرية وجود بعض الدلائل أو المؤشرات على سكن الإنسان في هذين الكهفين خلال العصر الحجري القديم الأعلى، حيث عثر في كلا الكهفين على أدوات تحمل سمات العصر الحجري القديم الأعلى مثل المكاشط وبعض المخارز، إضافة إلى بعض النصال المعقوفة والمدببة التي تشير إلى وجود الصناعة الأورينياسية المشرقية، التي تعود إلى المرحلة الثانية من العصر الحجري القديم الأعلى Upper Paleolithic، وبذلك يعد كل من كهفي الخزنة I وII أقصى امتداد للصناعة الأورينياسية المشرقية في الجزيرة السورية التي تتوسط جغرافياً منطقة الكوم التي عثر فيها على العصر الحجري القديم الأعلى ممثلاً بالصناعة الأورينياسية المشرقية، كما تجاور الجزيرة السورية منطقة شمالي العراق التي عثر فيها على آثار هذا العصر ممثلة بالصناعة البارادوستية.
أحمد دياب
مراجع للاستزادة:
- أحمد دياب، آسيا الغربية في العصر الحجري القديم (دراسة متخصصة في الأدوات الحجرية)، أطروحة دكتوراه غير منشورة (كلية الآثار- جامعة القاهرة ٢٠٠٥م).
- سلطان محيسن، «البادية السورية في العصر الحجري القديم»، الحوليات الأثرية العربية السورية ١٩٩٦، مج ٤٢، ص ص ٤٥-٥٢.
- H. Suzuki and I. Kobori; Report on the Reconnaissance survey on Palaeolithic sites in Lebanon and Syria. (Tokyo 1970).
- المجلد : المجلد السادس مشاركة :