دبها (مسجد)

-

 الدُّبّها (مسجد -)

يقع مسجد الدُّبّها في وسط مدينة طرابلس التاريخية، في منطقة العطارين، حي المهاترة، على الضفة اليسرى من نهر «أبو علي»، في زقاق جامع عبد الواحد المكناسي، شمال قلعة طرابلس. والمسجد في الأصل مشيّدة مملوكية، كان يُعرف بمسجد أرزنيّة، وهو من وقف الأمير طينال (باني جامع طينال [ر] 736هـ/1335م). تعرّض للخراب، فهدمه التاجر أحمد بن مصطفى بَرَوانة، ثم أعاد بناءه في العصر العثماني سنة 1163هـ/1750م. جدّده صاحب الطريقة النقشبندية الحاج عبد الله الدبهاء الحلبي سنة 1234هـ/1819م، فعُرف بمسجد «الدُّبّها»، نسبة إلى مجدّده أو تحريفاً عن الفصحى «ذي البهاء»، ليكون مصلى ومدرسة وزاوية للطريقة النقشبندية. وُسِّع في سبعينيات القرن 20 م، وأُضيف إليه منبر، فأصبح جامعاً بخطبة تُقام فيه صلاة الجمعة.

المدخل الرئيسي الخارجي

مدخل الحرم من الداخل

المسقط الأفقي الأساسي المتوقع للمسجد كان مستطيلاً، غير أن تعرّضه للخراب، ثم إعادة بنائه، ثم ترميمه في العصر الحديث الذي أدّى إلى اقتطاع أجزاء منه وإضافة عناصر إسمنتية أساءت إلى تصميم المسجد وإلى قيمته الأثرية، علماً بأن المسجد مشيّد بكامله من مداميك الحجر الرملي ولا يحوي مئذنة.وللمسجد واجهة رئيسية شمالية تطل على الزقاق، وهي بسيطة خالية من العناصر الزخرفية، تتوزع على قسمها الشمالي عدة شبابيك مستطيلة، ثم تنكسر في وسطها بزاوية قائمة لتكوّن ضلعاً صغيرة غربية تشكّل مدخل المسجد، ثم تعود الواجهة لتستمر متعامدة على واجهة المدخل المبنية من مداميك الحجر الأبلق (الطحيني والأصفر والسماقي والأسود)، يتوسّطها مدخل معقود بعقد حجري وتري أبلق ذي صنجات مزرّرة ملونة، تعلوه لوحة زخرفية نباتية، يضم باباً معدنياً مستحدثاً يفتح على دركاه (بهو الدخول) ذات مسقط مستطيل، تؤدي في صدرها الجنوبي إلى بابٍ مستحدثٍ يفتح على الحرم.

حرم المسجد	عقود ودعائم الحرم وأعمدته الرخامية

الحرم ذو مسقط شبه مربع، مقتطع منه قسم غربي جُعل مقبرة، تحوي قبوراً متعددة ذات شواهد منقوشة بزخارف كتابية، تعود لعلماء الطريقة النقشبندية ومشايخها. غُطّي الحرم بسقف إسمنتي مُشوِّه ذي مستويين، فُتحت شبابيك بينهما، له جسور إسمنتية ترتكز على جدران الحرم وعقوده ودعائمه الحجرية الأثرية، وعلى عمود إسمنتي زُرع عند الزاوية الشرقية الشمالية للحرم ليحمل أيضاً دكّة خشبية. ينقسم الحرم إلى ثلاثة فراغات؛ شمالي وغربي وفراغ الإمام الجنوبي الشرقي. الفراغ الشمالي: ذو شكل شبه منحرف، مقسوم إلى جزأين عبر عقد نصف دائري واسع، يرتكز على دعامة جدارية وعلى دعامة وسطية؛ والجزء الأيسر منهما مفتوح على فراغ الإمام عبر عقدين مدببين يرتكزان على دعائم حجرية، وأما الجزء الأيمن فهو مفتوح على الفراغ الغربي المستطيل عبر عقد حجري مدبب مفتوح على فراغ الإمام شبه المربع عبر أربعة عقود مدببة ترتكز على دعائم طرفية ووسطية، يفصل بينها عمودان أسطوانيان من الرخام الأبيض ذوا التاج النباتي والقاعدة المكعبة.

الحرم باتجاه الشمال

الزاوية الشمالية الشرقية للحرم

واجهات الحرم الداخلية الأربع خالية من الزخارف سوى وجود لوحة زخرفية كتابية على إحداها. الواجهة الشمالية الداخلية تضمّ بدءًا من الشرق صفّين من الشبابيك المستطيلة المزدوجة، ثم بابين وشباكاً يطلّ على الميضأة والمطهرة المستحدثتين، والواجهة الشرقية الداخلية تضم بدءًا من الجنوب شباكين مستطيلين مغلقين، ثم شباكاً مماثلاً مغلقاً أيضاً، ثم دخلة جدارية مستطيلة في طرفها الشمالي معقودة بعقد مدبب، تعلوها الدكة الخشبية، والواجهة الغربية الداخلية تضمّ بدءاً من الشمال عقداً جدارياً مدبباً، ترتكز رجله اليمنى على ظفر حجري متدرج، على حين يختفي ثلثا رجله اليسرى خارج الحرم نتيجة التعديلات المستحدثة، ثم واجهة زجاجية تتقدمه، تتكوّن من أربعة شبابيك مستحدثة معقودة بعقود نصف دائرية؛ ثم جداراً يتقدمها يضم شباكين مماثلين لها.

الواجهة القبلية للحرم	الزاوية الشمالية الغربية للحرم

أما الواجهة الجنوبية فتضم بدءاً من الغرب باباً وأربعة شبابيك معقودة بعقد نصف دائري، تطلّ جميعها على المقبرة، ثم تتراجع عنها واجهة غرفة الإمام التي تتكون من شباك مماثل وباب خشبي ذي مصراعين، معقود بعقد نصف دائري، يفتح على غرفة مستطيلة صغيرة، ثم واجهة الحرم القبلية، التي تضم بدءاً من الغرب ثلاثة شبابيك معقودة بعقد مدبب ترتكز على سويريّتين أسطوانيّتين من الرخام الأبيض، ثم كتلة المنبر والمحراب الرخامية الرشيقة، حيث يُصعد عبر سبع درجات رخامية إلى جلسة الخطيب التي تعلو المحراب.

شواهد القبور الأثرية

يتألف المحراب من حنية نصف دائرية تعلوها صدفة معقودة بعقد مدبب نُقشت عليه الآية (23) من سورة الإسراء: ]وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا[.

زكريا كبريت