الدامشلية
دامشليه
Damishliyah - Damishliyah
الدامشلية (تل-)
يقع تل الدامشلية Damishliyah على الضفة الغربية لنهر البليخ، على بعد نحو ٦٠ كم شمالي الرقة، تبلغ أبعاده نحو ١٨٠×١٧٠م. ويرجح أن مساحة التل كانت أوسع؛ لكنها تناقصت بسبب أعمال الاستثمار الزراعي والري ولاسيما في الجهة الجنوبية الشرقية منه.
بدأ أول موسم تنقيب في الموقع سنة ١٩٨٤م من قبل بعثة هولندية من جامعة أمستردام بإدارة فان لون Van Loon. وقد بيَّنت الأسبار في جنوب غربي التل وجود ثلاث طبقات يعود أقدمها إلى العصر الحجري الحديث، تليها طبقة من العصر الحديدي، وأخيراً طبقة فقيرة من الفترة البارثية- الرومانية.
كانت عمارة العصر الحجري الحديث قد جُدِّدت على سبع مراحل، وهي في مراحلها القديمة أبنية متفرقة بمخططات مستطيلة. وضمت هذه الأبنية فراغات صغيرة معدل عرضها ٢-٣م، ولم تظهر فيها أدلة تشير إلى استيطان سكني مثل المواقد وغيرها. ولذلك فمن المرجح أنها كانت لأغراض التخزين، ولاسيما أنه وجدت مصاطب على أرضياتها ربما لحفظ الحبوب بعيداً عن الرطوبة. وما عدا هذا لم تُلحظ بقايا معمارية كثيرة، ولكن عثر على لقى أثرية خاصة في المراحل الأخيرة من هذا العصر، والتي شهدت أعمالَ ترميمٍ للأبنية السابقة القديمة، من بينها نوى صوانية كثيرة ورؤوس سهام من نمط جبيل، ونصال ومثاقب وكذلك مناجل. وعثر في الموقع أيضاً على صحون وطاسات وأحجار رحى من البازلت، وآنية من الرخام لها أربع أرجل.
مخطط طبوغرافي لموقع التل |
يمكن وصف الأبنية أنها كانت ضمن مستوطنة صغيرة من العصر الحجري الحديث (بداية الألف السابع قبل الميلاد)، ولا تتجاوز مساحتها ٤٠٠ م٢، ويقدر عدد سكانها بين ثلاثين شخصاً وأربعين. وهذا النمط من الاستيطان كان مألوفاً في حوض البليخ، وقد وُجد مثله في تل أسود [ر] في الطبقتين السابعة والثامنة، وهذا ما أكده الفخار المتشابه في الموقعين.أكدت التحاليل الدقيقة للبقايا النباتية أن سكان الدامشلية القدماء قد استهلكوا القمح والشعير والعدس في الدرجة الأولى.
عثر في أحد أجزاء التل على فخار حلفي ولكن من دون أيّ ملامح معمارية، ولهذا يرجح أنها كانت في هذه الفترة مقراً مؤقتاً للقيام بنشاطات محدودة. وتجدر الإشارة إلى أن الفخار الحلفي المكتشف مشابه لفخار الأربجية [ر] الحلفي في شمالي العراق.
أما استيطان عصر الحديد -من القرن التاسع إلى السابع قبل الميلاد- فقد تمَّ الاستدلال عليه من خلال بعض القبور واللقى فقط. هذه القبور كانت بسيطة، وبعضها مشيد باللبن داخل حُفَر في الأرض مع وجود صفين أو ثلاثة من اللبن فوق مستوى الأرض، وبعضها يغطى في الأعلى بلبن متشابك، ويعرف هذا النوع من القبور بالصندوقية cist. ومن خلال بعض اللقى تم تحديد عصر هذه القبور؛ إذ عثر على ختم أسطواني عليه نقش يمثل شخصين متقابلين، يمسك أحدهما بصولجان والآخر بقوس، وتظهر بينهما أشكال هندسية، وهذا النمط من الأختام معروف من العصر الحديدي. وكذلك كانت طريقة بناء القبور باللبن معروفة في بلاد الرافدين خلال العصر الآشوري الحديث، وهي شبيهة بقبور موقع تل طابان[ر] على الخابور الأوسط.
سهم من الأوبسيديان من تل الدامشلية |
وتجدر الإشارة إلى أن عدم وجود أبنية سكنية خلال هذا العصر يشير إلى استغلال قصير للموقع حينذاك وإلى الدفن فقط.
أما مرحلة الاستيطان الأخير في موقع الدامشلية فتعود إلى العصر البارثي- الروماني، وكان استيطاناً محدوداً جداً. وربما أصبح الموقع مزرعة صغيرة لأحد الأشخاص الميسورين. ومن أبرز مكتشفات هذه المرحلة عروة جرة من ذلك العصر وعليها طبعة ختم، وهي من جرار رودوس الشهيرة التي كانت تصدر فيها السوائل، وقد صنعت في شهري آب- أيلول (بين عامي ١٨٠ و١٥٠ق.م) تحت سلطة الحاكم هيليوس Helios.
عمار عبد الرحمن
مراجع للاستزادة: - بيتر أكرمانز، «التنقيبات الأثرية في تل الدامشلية مستوطنة من العصر الحجري الحديث في وادي البليخ- سورية الشمالية»، تعريب شوقي شعث، الحوليات الأثرية العربية السورية، العددان ٣٦-٣٧، ١٩٨٧، ص ص.٢١٣-٢١٧. - P.M.M. Akkermans & G. Schwartz, The Archaeology of Syria from Complex Hunter-Gatherers to Early Urban Societies (ca. 16000 - 300 BC), (Cambridge Press, 2003). |
- التصنيف : عصور ما قبل التاريخ - المجلد : المجلد السابع مشاركة :