الخياطين (حمام-)
خياطين (حمام)
-
الخياطين
الخياطين (حمام -)
يقع حمام الخياطين في قلب العاصمة دمشق ضمن السور؛ في سوق الخياطين (شارع نور الدين الشهيد) المتفرِّع شمالاً من سوق مدحت باشا، شرقي المدرسة النورية ومدرسة إسماعيل باشا العظم. وقد عدّه نعمان قساطلي في كتابه سنة ١٢٩٩هـ/١٨٧٩م من أشهر حمامات دمشق. كما ذكره الحصني في كتابه «منتخبات التواريخ» في أثناء وصفه لحمّامات دمشق، فقال: «أما حمّاماتها فهي من أشهر حمّامات الدنيا؛ لكثرة المياه فيها، ولها شهرة عظيمة وترتيب غريب، أحسنها حمام سوق الخياطين...»، وجاءت تسميته بالخياطين لكونه يتوسّط سوق الخياطين.
المسقط الأفقي (إيكوشار) |
وعن تاريخ إنشائه قال محمد بن كنان الصالحي في مخطوطه «الحوادث اليومية» الذي نُشر في كتاب عنوانه: «يوميات شامية»: «شرع إسماعيل باشا العظم في عمل حمّام في سوق الخياطين، وكان مردوماً من قديم، من نحو مائتي سنة، وصرف على نقل التراب والكيمان نحو ألف قرش... وفي ١٨ المحرم ١١٤٠هـ تم حمّام الخياطين، وكان الباشا آنذاك في الحج، وعمل معلمه مولداً، ودعا أكابر وأعيان (ناً)، وقعدوا في ظاهر الحمام». أي إن الحمام قد تم إنشاؤه في العصر العثماني سنة ١٧٢٧م.
وفي خضم اندلاع الثورة السورية أصابت القنابل الفرنسية الحمّامَ، فجدّدته الحاجة «حسيبة النوري». كما وجدت عبارة على المشغولات النباتية البديعة التي اعتلت قبته في الجانب الشمالي الغربي منها: «هذا عمل أحمد السيروان ١٣٢٧هـ» (أي سنة ١٩٠٩م)؛ وهذا دليل أن الحمّام خضع لعمليات ترميم متعددة.
يتم الولوج إلى الحمّام عبر مدخل معقود يقع في الجانب الشرقي للسوق، وهو يفضي مباشرة إلى القسم البرّاني من الحمّام؛ إذ يضم الحمام الأقسام الآتية:
١- البرّاني:
يأخذ شكل قاعة متصالبة ذات أربعة إيوانات متقابلة تعلوها قبة مرتفعة ترتكز على رقبة مثمنة تحوي ثماني نوافذ، كانت من الزجاج المعشق الفريد حسن الصنعة، وفوق كل نافذة تزيينات لعروق نباتية متناظرة فريدة يحيط بها أقواس مزينة برسوم وأزاهير، وفي المركز نجمة ثمانية ينتهي كل رأس منها في قمة قوس من الأقواس التي تحيط بالنوافذ. وأضلاع هذه النجمة مزينة بعروق أقرب لعرائش العنب، وعند التقاء كل ضلعين هناك رسم لزهرية جميلة على شكل قدح مملوء بالزهر والورد والعروق النباتية، وبين كل ضلعين من الأضلاع الخارجية للنجمة ونهاية الأقواس المحيطة بالنوافذ رسم متدرج لقصور وأشجار غاية في الروعة والجمال.
وفي مركز القبة تقوم رقبة محاطة بثماني نوافذ مع سوار في أسفل النوافذ مزين بالرسوم المتداخلة، أما أسفل الرقبة فتظهر الأزهار المتناظرة لتؤلف مجتمعة لوحة تعج بالسحر والحيوية.
وعند التقاء كل قوسين من الأقواس الكبرى الأربع التي تقوم عليها القبة؛ رسمت مجموعة من التزيينات النباتية والأزهار، وفي وسطها مشاهد طبيعية ضمن إطار جميل في نهايتها زهرية مملوءة بالزهر. أما أسفل الأقواس الأربع المذكورة فيظهر على شكل إيوان تنتظم على أطرافه المصاطب، باستثناء أسفل القوس الغربية؛ إذ يظهر الإيوان وكأنه مقسوم شطرين: شمالي وآخر جنوبي؛ ولا سيما في المدخل.
وكان يتوسط القسم البرّاني بركة أزيلت تماماً، وفي الزاوية الشمالية الشرقية مدخل لممر يتجه نحو الشرق ثم إلى الشمـال حيث ردهة يبدو أنها كانت مخصصة فيما مضى للمطهرة، وفوق هذه الردهة قبة نصف أسطوانية.
٢-الوسطاني:
يمتد الوسطاني الأول من الغرب إلى الشرق، ويتوسطه ممر بيت النار، وفي الشرق بركة صغيرة من الحجر المزي. ويغطي الوسطاني قبة نصف كروية. أما أرضيته فيبدو أنها كانت مرصوفة بالرخام الموشح بالسواد ومحاطة بإطار من الحجر الوردي. وفي منتصف الجدار الجنوبي مدخل إلى الوسطاني الثاني: وهو أيضاً قاعة على شكل مستطيل يمتد شرقاً وغرباً، وفوقها قبة نصف كروية ذات مقرنصات جميلة متناظرة. والأرض مرصوفة بالرخام المشقف، ويتوسط هذا الوسطاني ممر بيت النار، وعلى طرفيه إيوانان: إيوان شرقي في صدره مدخلان لمقصورتين الأولى في الشمال الشرقي، ولها قبة، وأرضها مفروشة بالرخام المشقف بالأبيض والأسود على شكل بركة، وتلاصقها المقصورة الثانية. وإيوان غربي في صدره مقصورتان: مقصورة شمالية، وأخرى في الزاوية الجنوبية الغربية، والتي لها مدخل على القسم الجواني، وإلى جوارها بركة صغيرة. وينصّف الجدار الجنوبي للوسطاني الثاني مدخل إلى الجواني.
٣- الجوّاني:
هو قاعة مستطيلة تمتد شرقاً وغرباً، فوقها قبة نصف كروية. وفي بداية ممر بيت النار كانت مصطبة الحرارة وفوقها طاقة الخزانة المطلة على حلل الماء الساخن. وقد أزيلت المصطبة، وفُتح مكانها باب القميم، وأرض الجواني مفروشة بالرخام الموشح بالسواد. وعلى طرفي ممر بيت النار إيوانان: إيوان شرقي يضم مقصورتين؛ إحداهما في جوار حلل الماء الساخن، وإيوان غربي يضم مقصورتين: شمالية وأخرى جنوبية مجاورة لحلل الماء الساخن.
واليوم زالت أكثر مفردات الحمّام، وتحوّل برُمّته إلى عددٍ من المخازن والحوانيت.
محمد فياض
مراجع للاستزادة:
- منير كيال، الحمامات الدمشقية (مطابع ابن خلدون، دمشق ١٩٨٦م).
- عبد القادر الريحاوي، العمارة العربية الإسلامية (دار البشائر، دمشق ١٩٩٩م).
- Écochard et le Coeur, Les Bains de Damas- 2éme part. (Institut Français de Damas, Beyrouth 1943).
- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد السادس مشاركة :