خزنه (سبيل)

-

 الخزنة

الخزنة(سبيل -)

يقع السبيل في مدينة دمشق القديمة في سوق القطن الموازي لسوق مدحت باشا من جهة الجنوب، ويواجه جامع الأمير جركس الناصري، وهو واحد من أقدم الأسبلة في مدينة دمشق، وقد اشتهرت، ونالت إعجاب الرحالة والمؤرخين.

يعود هذا السبيل إلى فترة ما قبل العصر المملوكي، إذ لا يعرف بانيه الأول، فمن المؤكد أنه كان قائماً عندما بدأ حاجب حجاب دمشق الأمير سيف الدين جركس السودوني الناصري بناء مجموعته المعمارية القريبة من موقع السبيل، فلما أتمّها قام بإعادة إعمار السبيل القديم وترميمه بشكل يتلاءم مع الطراز المعماري المملوكي الذي كان شائعاً وبشكل يتلاءم مع عمارته القريبة، ويساهم في تزيينها وتقديم الماء البارد الملائم للشرب لمرتاديها، وكان ذلك سنة ٨٠٧هـ/١٤٠٤م طبقاً لما هو وارد بالنقش الكتابي الموجود عليه.

واجهة السبيل

 

بُني كامل السبيل بحجر منحوت يغلب عليه التبادل اللوني الأبلق والمشهر، وهو مؤلف من كتلة حجرية بارزة تمتد بعرض ٣٦٠سم تتوسطها دخلة جدارية رأسية عرضها ٢٢٥سم، وعمقها نحو ٦٥سم، تنتهي من الأعلى بتكوين معماري وزخرفي غير متكرر، أسهم بإعطاء هذا السبيل شكله المميز وأهميته الخاصة.

ويتألف هذا التكوين من عقدين: خارجي وداخلي، الأول الخارجي منهما عقد مدبب خماسي يغطي الدخلة الجدارية من الأعلى، ويشرف للخارج بشكل حلية قالبية بارزة يحيط بها تجويفان منحوتان خارجي وداخلي، ينتهي طرف كل منهما بحلية زخرفية تلتف بشكل ميمة معقودة ( نهاية الإطار الزخرفي على شكل حرف ميم)، وفوق الصنجة المفتاحية لهذا العقد شكل زهرة صغيرة بارزة خماسية البتلات.

أما العقد الثاني الداخلي والأكثر تميزاً فهو عقد نصف دائري تتألف الصنج المكونة له من حليات منحوتة بشكل المخدات المتلاصقة أو كعوب الكتب.

ويستند هذا العقد من كل طرف إلى تاج مقرنص يستند إلى عمود قصير مدمج محمول بدوره على حنية ركنية ذات صدفة صغيرة محززة. وثمّة فوق الصنجة المفتاحية لهذا العقد أيضاً شكل زهرة صغيرة بارزة خماسية البتلات تشبه مثيلتها فوق العقد الخارجي.

السبيل والنقش الكتابي

 

ويؤطر كامل التكوين المعماري للسبيل من الأعلى حلية قالبية بشكل خطين حجريين بارزين ينتهيان من الأسفل بمستوى التاج الحامل للعقد الداخلي، في حين بقيت كوشتا (المثلثات المحصورة بين العقد والإطار المحيطي) العقد الخارجي خاليتين من الزخارف، ما عدا اللوحة الرخامية التعريفية التي علقت حديثاً على الكوشة اليمنى للعقد أعلى واجهة السبيل.

أما صدر السبيل فيتألف من الأعلى أسفل العقد الثاني للسبيل من عقد عاتق يتألف من سبع صنجات من الحجر المشهر (الأحمر والأبيض) محمولاً على عتب حجري عريض، ويحصر العقد والعتب بينهما نفيس ضاعت زخارفه.

ويشغل كامل واجهة العتب نقش كتابي محفور بالحجر مكتوب بخط الثلث المملوكي يتألف من أربعة أسطر كالتالي:

«السطر الأول: بسم الله الرحمن الرحيم أمر بتجديد هذا السبيل المبارك المقر الأشرف الحالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي السيدي المخدومي

السطر الثاني: السيفي جركس السودوني الناصري حاجب الحجاب بالشام المحروسة أعز الله أنصاره وأعلى مناره التقوى ابتغاء لوجه الله تعالى وطلباً لثوابه يوم يجزي الله

السطر الثالث: المتصدقين ولا يضيع أجر المحسنين، أجزل الله الثواب وحماه من ألم الحساب وغفر لمن شرب ودعا لمجدده بالمغفرة والرضوان من الله

السطر الرابع: وذلك بتاريخ شهر رجب الفرد في سنة سبع وثمان ماية من الهجرة النبوية والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى أصحابه أجمعين».

وثمّة أسفل ذلك ستة مداميك من الحجر الأبلق (الأبيض والأسود)، يفتح بمستوى المدماك الثالث منها للأسفل دخلة جدارية صارت الآن شبه مربعة بعدما كانت بشكل مستطيل رأسي، طول ضلعه الطويلة يزيد على ١٠٠سم كان ينتهي بها الطالع القديم الذي كان يقع خلف هذه الفتحة، وكان يغذي السبيل ، والذي انقطع ماؤه، واكتُفي اليوم بصنبور صغير وضع داخل الفتحة تصل إليه المياه عبر قساطل حديدية ظاهرة تتصل مع مياه عين الفيجة التي تغذي كامل الشوارع والأسواق المحيطة، كما أمسى أسفل حنية السبيل فارغاً بعد ضياع البحرة أو الحوض الأصلي للسبيل حيث كانت تتدفق مياه الطالع الزائل.

غزوان ياغي

مراجع للاستزادة:

- أحمد طرقجي، ومطر خشان، السبل في مدينة دمشق(الجمعية التعاونية للطباعة، دمشق٢٠٠٣).

- عبد القادر الريحاوي، العمارة العربية الإسلامية خصائصها وآثارها في سورية(منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق ١٩٧٩).

- عبد الرحمن النعسان، سبل المياه في مدينة دمشق القديمة (المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، ٢٠٠٨).

---

- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد السادس مشاركة :