حيوانات في عصور ماقبل تاريخ
-

 الحيوانات

 الحيوانات

الحيوانات في عصور ما قبل التاريخ 

 

 

الحيوانات في عصور ما قبل التاريخ

شهد علم الحيوانات القديمة Archaeozoology تطوراً ملحوظاً خلال الربع الأخير من القرن الماضي؛ وذلك بسبب أهمية النتائج التي تم الحصول عليها من خلال كمية المواد العظمية المتوفرة من المواقع الأثرية، وهو يشمل حالياً المئات من الباحثين المتخصصين بمختلف مجالات علوم البيئة الأثرية Archeo-environnement.

جدول يظهر أهم الأنواع الحيوانية التي عاشت في سورية خلال عصور ما قبل التاريخ

الاسم العربي

الاسم اللاتيني

الأرنب البري

Lepus capensis

القندس البري

Caster fiber

البطة البرية

Canis sp.

الثعلب الشائع أو الصحراوي

Vulpes sp

القطة البرية

Felis cf. caracal/silvestris

الغرير

Meles meles

الحصان البري

Equus cf. hemionus

الحمار البري

E. africanus

الغزال البري

Gazella gazelle

الخروف البري/ المدجن

Ovis orientalis/aries

الوعل البري

Dama mesopotamica

البقر الوحشي/المدجن

Bos primigenius/taurus

القنفذ ذو الأذنين الطويلتين

Hemiechinus auritus

الخنزير البري /المدجن

Sus scrofa/domesticus

الماعز البري / المدجن

Capra hircus/aegagrus

الحمام

Columba livia

جاموس الماء

Bubalus bubalus/arnee

 

تعايش الإنسان منذ وجوده مع الحيوانات لأنها تعدّ مصدره الأساسي للحصول على اللحم والحليب والبيض والجلد والعاج والقرون، كما استفاد من قوتها في الجر وحمل المتاع وأشياء أخرى؛ إضافة إلى كونها ذات معنى تجميلي؛ ثقافي أو ديني، وقد تبين أن وجود الحيوان في حياة الإنسان يقدم إيضاحات غنية على عدد من المراحل التاريخية لتلك المجتمعات، فعصور ما قبل التاريخ هي في معظم مراحلها عصور صيد للحيوانات والتقاط للثمار؛ إلى أن ظهر ما يسمى بالثورة الزراعة Neolithic revolution، تلك الفترة التي تدرَّجت خلالها المجتمعات البشرية من مرحلة القنص والالتقاط إلى مرحلة الزراعة والرعي؛ ومن ثمّ مرحلة الاكتفاء الذاتي التي يعتقد أنها بدأت مع ما يسمى بالحضارة النطوفية Natoufienالتي امتدت على بلاد المشرق العربي القديم كله تقريباً في الفترة ما بين 12500و10000 سنة قبل الميلاد.

 

رسوم موقع ليفانتي ميزوليت في إسبانيا 

 

بدأ الاهتمام بعلم الحيوانات القديمة من خلال دراسة المجتمعات البشرية وأصولها؛ أيْ «الأنثروبولوجيا» Anthropologiy الذي نشأ منه فيما بعد علم الحيوانات القديمة Archaeozoology أو ما يعرف باسم الأنثروبوزولوجي، ويهتم بتحليل العلاقات الطبيعية والثقافية بين الإنسان والحيوان.

ومع تطور علم الآثار بظهور علم الآثار الجديد New Archaeology وارتباطه بالتقدم العلمي الواسع في مجالات عدة و ظهور اختصاصات علمية حديثة؛ منها علم الحيوانات القديمة الذي يعنى بدراسة البقايا العظمية المستخرجة من المواقع الأثرية- وفق التسلسل الزمني- دراسة مجهرية معمقة تفيد في تحديد الأنواع الموجودة و علاقتها بالإنسان، إضافة إلى تعرِّف مناخ المنطقة المدروسة.

رافق تنوعَ المناخ والغطاء النباتي في سورية الذي تم الكشف عنه من خلال الدراسات البيئية لمواقع أثرية مختلفة في سورية، تنوعٌ في المجموعات الحيوانية التي عاشت في عصور ما قبل التاريخ؛ إذ أظهرت التنقيبات تبعاً للحيز الأحيائي الذي تنتمي إليه كل مجموعة حيوانية أن الحيوانات كانت تتوزع على البيئات التالية: بيئة الغابة والبيئة النهرية وبيئة الغابة النهرية الطميية المشجرة وبيئة السهوب والهضاب.

 

رسوم كهف ألتميرا جنوبي إسبانيا من العصر الحجري القديم الأعلى 

 

فقد تبين من خلال فحص البقايا العظمية أن الحيوانات التي ظهرت خلال العصر الحجري القديم في سورية هي الخنزير البري والقندس البري والبطة والثعلب الشائع أو الصحراوي والقطة البرية والغُرير والحصان والحمار البريين والغزال و الوعل والخروف البري والبقر الوحشي والقنفذ ذو الأذنين الطويلتين والأرنب البري والماعز والحمام والجاموس البري.

دلَّت المعطيات الحديثة لدراسة البقايا العظمية للحيوانات القديمة المكتشفة في مواقع الفرات الأوسط على أنها كانت تعيش في وسط مفتوح وضمن قطعان، حيث تم صيدها على نحو أساسي ضمن السهوب، فقد أظهرت التنقيبات الجارية في موقع أم تليل[ر] 16000 BP قبل الوقت الحاضر - والتي توافق الحضارة الكبارية- أن المجموعات الحيوانية كانت مشابهة لتلك التي عاشت في الفترة الممتدة من المرحلة النطوفية إلى النيوليت الفخاري Pottery neclithic ، ففي موقعي أبو هريرة [ر] ومريبط[ر] الطبقة I - والتابعة للفترة النطوفية- أظهرت أنها مكونة على نحو رئيسي من حيوانات سهبية مثل الحصانيات الصغيرة والغزلان والثعالب والثيران والقنافذ ذات الآذان الطويلة؛ وقلة في الحيوانات المنتسبة إلى الوادي القريب، وربما يعزى ذلك إلى ضعف في العينات المدروسة لتلك الفترة؛ إذ لا يعقل وجود غابة نهرية وانعدام الحيوانات المرافقة. وفي الفترة الخيامية الممتدة ما بين ١٠٠٠٠-٩٥٠٠ق.م قبل الآن، والتي تعدّ بداية عصر النيوليت، وتحديداً في موقع مريبط الطبقة II فإن المجموعات الحيوانية كانت تماثل الفترة السابقة مع سيطرة كل من الغزال والأرنب البريين. أما في الفترة الأولى من العصر الحجري الحديث ماقبل الفخار(آ) (PPNA) وتحديداً الثقافة المريبطية (٩٥٠٠-٨٧٠٠ق.م) في كل من مواقع مريبط الطبقةIII والشيخ حسن[ر] والجرف الأحمر[ر] فكانت المجموعات مماثلة؛ بيد أنها تميزت بصيد مركز على كل من فصائل الحصانيات والثيران الوحشية؛ والغزال كان أقل تواتراً. وبالانتقال إلى فترة الـ PPNB - وهي العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار (ب) والممتدة ما بين 8700 - 7000ق.م والتي كشف عنها في مواقع مريبط الطبقة IVA-B والشيخ حسن وجعدة المغارة[ر] وحالولة[ر] حيث انعدمت المؤشرات حول تدجين الحيوان واستمرار الاعتماد فيها على الصيد- فقد لوحظ أنه في بداية الفترة تظهر مجموعة الحيوانات المكتشفة ميولاً نحو بيئة سهبية كالغزلان والحمار البري والأروية (حيوانات عاشبة من فصيلة الغنميات) والخروف والحجل وبعض الكواس، كما لم يتم العثور على حيوان مدجن سوى الكلب. وفي الوادي النهري المشجر وجد كل من القط البري والأيل الراميذيني والخنزير البري مع استمرار للمجموعات الحيوانية للفترة السابقة.

 

إعادة رسم ثور من كهف ألتميرا  

 

أظهرت الدراسات المتعلقة بتدجين الحيوانات في منطقة المشرق العربي القديم، وانعكاساته على التطور الاجتماعي والاقتصادي لإنسان ما قبل التاريخ، أنها رافقت مجموعة مؤشرات يُذكر منها: حدوث التغير الشكلي للحيوانات حيث أدت عملية التدجين إلى اتجاه حجم الحيوان نحو التضاؤل تحت تأثير العوامل الخارجية الناجمة عن تغيرات في الحيز الأحيائي و المناخ المرافق، إضافة إلى تغير في نمط البناء و زيادة اتساع القرى، كما أظهرت أن التدجين لم يكن عملية سريعة بل استغرقت مدة زمنية طويلة تزيد على ألفي عام، وأن هناك عدة مراكز تم فيها التدجين على نحو مستقل.

ومع نهاية العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار ب PPNB استمر المخطط الحيواني المدروس في الفترات السابقة - مع حدوث بعض التغيرات من حيث التواتر والحجم- والمترافق مع حدوث تغير مناخي طفيف في المنطقة وانتشار الأنواع الحيوانية المدجنة كالماعز والخروف والجاموس والخنزير (أبو هريرة وحالولة)، كما لوحظ ذلك من خلال استمرار ازدياد تواتر العينات المدجنة في الفترات اللاحقة مع ظهور معدلات طبيعية لتربية الحيوانات تتجاوز تلك المصادة حيث ترافقت تربية الحيوانات مع استمرار عمليات الصيد حتى بداية العصور التاريخية في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد.

تعد منطقة المشرق العربي القديم غنية بالمصادر الطبيعية منذ عصور ما قبل التاريخ؛ نظراً لما تتمتع به من أهمية جغرافية ومناخية مناسبة رافقها تنوع حيواني ونباتي كبير ولاسيما في المراكز الرئيسية التي استوطن فيها الإنسان القديم، ومارس فيها جميع نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ والتي تجلت بظهور التدجين والتحول من نظام اقتصادي غير مستقر يعتمد على ما تهبه الطبيعة من صيد للحيوانات والتقاط الثمار إلى نظام اقتصادي منتج مزارع ومرب للحيونات؛ مستقر وقادر على التحكم به من حيث النوع والكم.

غياث كلسلي

 


- التصنيف : عصور ما قبل التاريخ - المجلد : المجلد السادس مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق