حور محب
Horemheb - Horemheb

 حورمحب

حورمحب

 

 

ولد حورمحب Horemheb في عهد الملك أمنحوتب الثالث [ر] في بلدة تسمى «نسوت - حوت»،الكوم الأحمر حالياً في محافظة المنيا، ولقبه الملكي «جسر خبرو رع» Jsr hprw r’ ، ومعناه المختار من قبل رع، وقد عُدّ عهده فترة انتقالية مهمة بين الأسرة الثامنة عشرة والأسرة التاسعة عشرة. عاصر العديد من ملوك العمارنة[ر] منهم «أخناتون، توت عنخ أمون، آي»(١٣٥٢- ١٣٢٠ ق.م)، تقلد وظائف عدة قبل أن يصبح ملكاً، من أهمها وظيفة الكاتب، والمشرف على محاجر الكوارتز، والقائد الأعلى للجيش المصري وكبير أمناء الملك، المقيم في منف، ثم أنعم عليه الملك توت عنخ أمون بلقب «الأمير»”ra bct، ولا شك في أن هذا اللقب هو الذي ميزه من باقي الوزراء، وساعده بصفته أميراً وقائداً عاماً للجيش على أن يعيّنه الملك خليفة له « وصياً على العرش»، وقد تمكن العلماء من تعرّف كل الإجراءات التي قام بها حورمحب من خلال نص التتويج الذي نحته على تمثال مزدوج مع زوجته الملكة «موت نجمت»، المحفوظ حالياً في متحف تورين بإيطاليا.

حورمحب

يُعدّ الملك حورمحب من ملوك الأسرة الثامنة عشرة المتميزين (حكم من ١٣٢٠-١٢٩٢ق.م) حيث تولى الحكم في فترة حساسة جداً، ولا يعرف حتى الآن كيف كانت نهاية الملك «آي»، لكن المعروف أنه لم يخلف وريثاً ملكياً للعرش، فاغتنم القائد حورمحب الفرصة، واستولى على السلطة بما ناله من حظوة مستمرة في البلاط بذكائه ومهارته، وليس بحسبه ونسبه، والدليل على ذلك إغفال ذكر والديه في كل النقوش التي تركها. وعندما تولى حورمحب الحكم لم تكن البلاد مضطربة من الناحية الدينية فحسب؛ وإنما من الناحية السياسية أيضاً، لذلك كان عليه أن يواجه هذه المشاكل بحنكة وذكاء، فأصدر مجموعة من المراسيم عرفت بقوانين حورمحب، والتي نقشت على لوحة حجرية كبيرة عثر عليها ماسبيرو عام ١٨٩٨م، على الجناح الغربي للصرح العاشر الذي شيده حورمحب في معابد الكرنك، وتُعدّ من أقدم القوانين التي عرفتها مصر القديمة، وتألفت من قسمين:

الأول: يشمل تنظيمات الملك من أجل القضاء على الفساد بجميع جوانبه.

الثاني: يشمل القوانين التي تخص الجهاز الإداري في البلاد.

وبذلك وضع حورمحب القواعد اللازمة لحماية الأملاك الخاصة وطرق المواصلات للتخلص من الفساد، وإعادة تنظيم هيكل المناطق العسكرية، والمجالس الإدارية بالأقاليم، وغير ذلك الكثير من الأمور الداخلية للبلاد. وقد اُستنتج من ذلك أن حورمحب أحس بمعاناة الشعب وآلامه، وأراد أن يحقق العدالة التي يرجوها لشعبه وهو ابن هذا الشعب، ولتوطيد أركان حكمه.

أما نشاط حورمحب الحربي فقد خاض معارك عدة قبل توليه الحكم وبعده في النوبة من أجل القضاء على المتمردين هناك،وكان يخرج على رأس جيشه من مدينة منف، مركز الثقل العسكري إلى النوبة للقضاء على المتمردين حتى قبل أن يصبح ملكاً،وأرسل العديد من البعثات التعدينية إلى محاجر جبال السلسلة لقطع الحجارة اللازمة للمنشآت الجنائزية، وقد نقش نصاً على جدران أحد المقاصير التي نحتت في الصخر للآلهة: آمون – حابي – سوبك، لتخليد انتصاره على متمردي النوبة، كما نحت رسماً على الصرحين التاسع والعاشر اللذين أقامهما في معابد الكرنك يمثله مع حاشيته وهم يستقبلون زعماء رؤساء بلاد بونت (منطقة في شرقي إفريقيا) حاملين معهم الهدايا، وهذا دليل على استمرار علاقات مصر مع هذه المنطقة في عهده.

حورمحب مع الثالوث الأوزيري

 

أما حروبه في الشمال الشرقي، فلا دليل على قيامه بحروب في سورية، وكل ما تبقى من آثار تشير إلى ذلك هي رسوم من مقبرته تمثل الملك حورمحب يقود ثلاثة صفوف من الأسرى تقدم إلى ثالوث طيبة: آمون – موت – خونسو، مع ذكر أسماء البلاد التي جاء منها هؤلاء، ومنها خيتا، أي بلاد الحثيين، ولم يبقَ من هذه النقوش سوى ذكر أسماء هذه البلاد، ومنها اسم خيتا؛ مما يرجح أنهم جماعة من الحثيين. وذهابه إلى تلك البقاع كرجل حرب هذا غير مؤكد.

وهناك من يرجح أن الملك حورمحب أراد استقرار أمور سورية الداخلية التي كان قسمها الجنوبي تحت النفوذ المصري، فعقد معاهدة مع الملك مورسيليس[ر] الثالث ملك خيتا ضمنت له استقراراً في مناطق نفوذه في سورية، واتجه بعد ذلك بما أوتي من خبرة وذكاء نحو الإصلاح الإداري، فسن القوانين العديدة، وأمر بإصلاح المعابد وترميمها وتنظيم الإدارات المختلفة لدواوين الحكم، وقام بتوسعات معمارية في الكرنك من خلال تشييده الصرحين التاسع والعاشر في الجنوب، والصرح الثاني في الغرب، وبذلك آثر الملك حورمحب الانصراف عن الحروب والاتجاه نحو الإصلاح، فعُدّ من المصلحين.

تُوفِّي الملك حورمحب نحو ١٢٩٢ق.م بعد حكم دام نحو ثلاثين عاماً، ودفن في مقبرته التي بناها في وادي الملوك على الرغم من بنائه مقبرة أخرى غير ملكية له في منطقة سقارة عندما كان قائداً أعلى للجيش. وعندما فتحت المقبرة لم يوجد بها سوى التابوت الغرانيتي الوردي اللون الذي ما زال في مكانه حتى اليوم. وبوفاته تختتم الأسرة الثامنة عشرة لتبدأ الأسرة التاسعة عشرة بالملك رعمسيس الأول « من بحتي رع».

ابتسام ديوب

 

مراجع للاستزادة:

ـ أبو العيون عبد العزيز بركات، معالم تاريخ مصر القديم منذ بداية عصر الدولة الحديثة وحتى مجيء الإسكندر المقدوني (الإسكندرية ٢٠٠١).

-Aidan Dodson, Monarchs of the Nile, New York, 2000 .

-Jürgen von Beckerath, Chronologie des Pharaonischen Ägypten, MÄS 46, Mainz; 1997.

-Rolf Krauss, “Nur ein Kurioser irrtum oder ein beleg fÜr die Jahr 26 und 27, von Haremhab?” Discussions in Egyptology 30, 1994 .


- التصنيف : العصور التاريخية - المجلد : المجلد السادس مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق