حلونجي (تل)

Halawanji (Tell-) - Halawanji (Tell-)

 ¢ حلونجي

حلونجي(تل -)

يقع تل قلعة حلونجي Halawanji في منطقة جرابلس شمال حلب، يبعد ١٤كم عن ناحية الغندورة باتجاه الجنوب الشرقي، ويتوضع على الضفة اليسرى لنهر الساجور على بعد ٣٠٠م منه، وينحدر بشدة نحو النهر. يحده من الشمال قرية حلونجي، ونهر الساجور، ومن الجنوب قرية بوزكيج، ومن الشرق قريتا الدادات وقيراط، ومن الغرب قريتا عرب حسن والمحيسني.

يظهر التل على شكل مربع تحيط به الأسوار العريضة، مساحته ٥ هكتارات، ويتميز بارتفاعه عن التلال المجاورة كتل عرب وغيرها، وتُظهر الصور الجوية وجود وادٍ عميق يقسم التل إلى قسمين شرقي وغربي، وهناك أكروبول في الجهة الجنوبية الشرقية من التل تتقدمه بوابة.

عملت في التل بعثة تنقيب سورية- دنماركية مشتركة مدة موسمين (٢٠٠٨-٢٠٠٩م)، ترأس الجانب السوري عبدالله ناصر، ثم محمد فخرو؛ والجانب الدنماركي يسبر إيدم Jesper Eidem، قامت بداية بوضع مخطط طبوغرافي للموقع، وأجرت اثني عشر سبراً في الموسم الأول، وتسعة أسبار في الموسم الثاني.

التنقيب في تل حلونجي

وقد أثبتت الأعمال أن أقدم مراحل السكن في الموقع تعود إلى العصر الحجري القديم (الباليوليت)، ثم العصر الحجري الحديث (النيوليت)، وهذا ما تبين من دراسة الأدوات الصوانية التي وجدت على سطح التل، لكن الطبقات الأثرية أثبتت سكن التل خلال العصرين: البرونزي المبكر (٣٠٠٠-٢٠٠٠ق.م)، والبرونزي الوسيط (٢٠٠٠-١٦٠٠ ق.م).

أظهرت طبقة العصر البرونزي المبكر بقايا معمارية تمثلت في أساسات بعض الجدران المبنية من اللبن، ولم يرافقها إلا القليل من اللقى الأثرية بما فيها الفخار.

تل حلونجي

أما طبقة العصر البرونزي الوسيط فقد قدمت معطيات أثرية تدل على وجود مستوطنة مهمة في الموقع، حيث عثر على مبنى كبير وضخم، يتضمن الكثير من الأساسات والجدران المترابطة، وبأبعاد مختلفة. وقد كشف ضمنه عن غرفة لها مدخل باتجاه الجنوب بعرض ١م، جدرانها من اللبن مطلية بطبقة من الملاط الكلسي، وفي أحد الجدران توجد كوّتان على شكل نافذتين بيضويتين صغيرتين بارتفاع٥٠سم، وعرض ٣٠سم. وغرفة أخرى بنيت أساساتها بالحجارة الكلسية، وقد تعرضت للتخريب والتهديم، كما وجدت على أرضيتها طبقة من الرماد، وهناك أساسات غرفة أخرى كبيرة مبنية من الأحجار الكلسية بأحجام مختلفة ومدعمة من الداخل والخارج بأحجار كلسية صغيرة مع مونة رابطة، عثر في أرضيتها على العديد من الكسر الفخارية المحروقة معظمها من أواني الطبخ cooking ware.

وظهرت في أسبار أخرى غرفة كبيرة ربما كانت مستودعاً لتجميع الجرار الفخارية، لها جدار مبني من اللبن محفوظ بشكل جيد بطول ٤م، وعرض ١٦٠سم، وارتفاع ٣م.

كما تم الكشف عن جزء من جدارين متوازيين مبنيين من الحجر الكلسي القاسي بأحجام غير منتظمة مطليين بمونة كلسية، كانا يرتكزان على أساس أقدم منهما مبني من الحجر أيضاً، لكنه يعود إلى فترة العصر البرونزي المبكر. وكشف جدار آخر مبني من اللبن الأبيض ينتهي بمصطبة، وجد بجانبها ثلاث كؤوس فخارية صغيرة شبه كاملة، وثلاث جرار فخارية كانت تستخدم للاستعمال المنزلي. كما عثر على موقدين مبنيين من اللبن بشكل دائري وبقطر(٦٠) سم، وبداخلهما الكثير من الكسر الفخارية التي تعود إلى العصر البرونزي الوسيط.

ويشار إلى أن كل الأسبار أظهرت وجود طبقة من الرماد على أرضيات الغرف والأبنية المكتشفة في طبقة العصر البرونزي الوسيط، وقد ترافق الرماد مع بقايا الأخشاب التي كانت تدعم الأسقف؛ مما يدل على تعرض مستوطنة حلونجي لحريق كبير أدى إلى دمارها، وقد يكون ذلك ناجماً عن هجوم معادٍ، وهذا ما يفسره بقاء الأواني والأثاث المنزلي الذي خلفه السكان على حاله.

أهم اللقى التي عثر عليها في الموقع كانت طبعات الأختام على كتل الطين، والتي تحمل مشاهد مختلفة، من بينها صورة إله الشمس «شمش» يجلس على كرسي ضمن قارب، وأمامه إلهة أنثى ورجل يرفع يديه للصلاة، كما يظهر خلفه رجل آخر يقوم بدفع القارب بيديه، وتظهر أيضاً بعض الحيوانات، ومنها الأسد والوعل، في حين يحيط بالمشهد إطار من خطوط ملتفة متناسقة. كما عثر على ختم أسطواني مكسور يحمل مشاهد آدمية وحيوانية ومعارك، وهي تشبه الأختام العائدة إلى مطلع الألف الثاني ق.م (نحو ١٧٥٠ق.م) في إيبلا، ويبدو أن أغلب طبعات الأختام التي عثر عليها في حلونجي شُغلت في ورشة واحدة تُظهر مميزات شماليّ سورية وتأثيرات الأنماط التقليدية في بلاد الرافدين.

طبعة ختم أسطواني من تل حلونجي

كما تمَّ العثور على العديد من الأواني الفخارية الكبيرة المستخدمة للتخزين، وأواني الطبخ، والكؤوس والصحون، والأواني الصغيرة المنتفخة البطن ذات القواعد الدائرية الصغيرة، وقد حملت بعض الأواني الفخارية التي تعود إلى العصر البرونزي الوسيط زخارف هندسية على شكل شريط ذي مسننات.

أوان فخارية في تل حلونجي

وعثر على أقراص دائرية من الحجر الكلسي قطرها ٤٠ سم، وسماكتها٧-١٠سم، كانت تشكل أغطية لجرار فخارية استخدمت للتخزين، كما عثر على مدقات ومهارس من الحجارة البازلتية لطحن الحبوب.

كأس فخارية من تل حلونجي

أدّى موقع حلونجي دوراً مهماً في منطقة وادي الساجور بدءاً من العصر البرونزي المبكر في الألف الثالث ق.م، وتعمقت أهميته أكثر منذ مطلع الألف الثاني ق.م، وهو مشابه لموقع دور شمشي أدد؛ الحصن الذي شيده الملك الآشوري شمشي أدد الأول على الضفة الغربية لنهر الفرات نحو ١٧٨٦ق.م، والذي دمّره سومو ايبوخ ملك يمحاض عام ١٧٧٩ق.م، ثم أطلق على الموقع اسم دور سومو ايبوخ، كما ورد في نصوص ماري.

إبراهيم العلايا

مراجع للاستزادة: - Annual Report. Netherlands Institute For The Near East, Leiden. Netherlands Institute in Turkey, Istanbul. - J. Eidem, «Une forteresse du bronze moyen sur le Sajour», Studia Orontica 2(2008). - P. Sanlaville (de.), Holocene Settlement in North Syria. Resultats de deux prospections archeologiques effectuees dans la region du nahr Sajour et sur le haut Euphrate Syrien. BAR IS 238 (Archaeopress, Oxford 1985).

---

- التصنيف : العصور التاريخية - المجلد : المجلد الخامس مشاركة :