خربقة (سد-)
خربقه (سد)
Harbaqa Da -
خربقة
خربقة (سد -)
يُعد سد خربقة Harbaqa - إلى جانب السد المبني على بحيرة حمص – أحد أكثر الأعمال القديمة شهرةً في سورية. ويمثل حالة فريدة من الحفظ لكونه يقع ضمن منطقة لم تشهد مشاريع بناء أو إعمار حديثة بخلاف ما شهدته بحيرة حمص. يقع السد في البادية السورية على بعد ٧٠كم جنوب - غرب مدينة تدمر بالقرب من قصر الحير الغربي، بين الطريقين الواصلين إلى دمشق، وما تزال بقاياه ظاهرة في المكان حتى الوقت الحاضر.
مخطط القناة الواصلة بين سد خربقة وقصر الحير الغربي |
منذ الربع الأول للقرن العشرين ظهرت بعض الدراسات التي سلطت الضوء على طرق الري وتقنياته في سورية القديمة بالاعتماد على المكتشفات الأثرية، بيد أن موضوع السدود لم يلقَ الاهتمام المطلوب. ولا سيما في ظل عدم وجود بقايا محفوظة حفظاً جيداً، ومع تقدم علم الآثار وأدواته بدأ الباحثون والمهتمون يبدون اهتماماً أكبر بالبحث عن مصادر المياه. أظهرت الدراسات الأخيرة وجود العشرات من السدود العائدة إلى العصر البرونزي القديم، وبقيت مستخدمة في قسم منها حتى العصور الوسطى. وسد خربقة الذي تم تأريخه في العصر الروماني بقي مستخدماً حتى العصور الإسلامية. ومما لا شك فيه أن الرحالة قبل بداية القرن العشرين عرفوا هذا السد على الرغم من عدم وجود وثائق تؤكد ذلك. وأتت الوثائق الأولى التي تناولت موضوع السد على نحو دقيق إلى حد ما في العام ١٩٣٤م من قبل بوادبارد A. Poidebard الذي استطاع أخذ العديد من الصور الجوية للمنطقة. وفي عام ١٩٣٩م تم وصفه وتحديد موقعه من قبل شلومبيرجيه D. Schlumberger، كما وضع رسماً لسد خربقة والقناة الواصلة مع قصر الحير الغربي، أما آخر من تناول دراسته على نحو مفصل فهما بيرنار جيير B. Geyer ووإيف كالفيه Y. Calvet، ونشرت نتائج أعمالهما في كتاب يحمل اسم «السدود القديمة في سورية» عام ١٩٩٢م.
بقايا سد خربقة |
بني السد على مجرى وادي البردي الذي يجري بكثافة خلال موسم الأمطار من الجنوب باتجاه الشمال، وقد تم اختيار مكان السد بعناية حيث توضع في السهل المفتوح عند أسفل جبال البردي. يبلغ طوله بحسب شلومبيرجيه ٣٦٥م وارتفاعه ٢٠م تقريباً، وقد افترض بوادبارد أن القدرة الاستيعابية للسد تصل إلى ١٤٠ ألف م٣، إلا أن جيير وكالفيه لم يتفقا مع هذا الرقم، وذكرا أن القدرة الاستيعابية للسد تصل إلى أكثر من ذلك بكثير ربما إلى مليون م٣ وذلك في أوقات المواسم المطيرة. بني السد من حجارة كلسية مشذبة بعناية على شكل جدارين مزدوجين، تم حشو كل منهما بحجارة غير مشذبة (دبش) مع مونة رابطة متينة، وبلغت سماكة القاعدة ١٨م، وقد تمت الإشارة إلى تقنية البناء بأنها مشابهة لتقنية بناء الأبراج الجنائزية التدمرية التي تعود إلى القرن الأول الميلادي. وأظهرت الدراسة أن السد كان مزوداً بفتحة على شكل قناة في قمته على الأرجح كانت تستخدم لجريان الماء الفائض، كما تم العثور على قنوات أخرى متفرعة كانت تغذي المناطق السكنية القريبة، وأهمها القناة الرئيسية التي كانت تصل إلى قصر الحير الغربي [ر] خلال العصر الأموي، وتغذي بركة كبيرة يبلغ طول ضلعها ٦٠م وعمقها ٤م تقريباً وقدرة استيعابها تصل إلى ١٣ ألف م٣، يتم استخدامها لري حديقة القصر لا سيما في فصل الصيف.
أما تاريخ بناء السد فقد أظهرت البقايا المكتشفة وتقنية البناء أنه بني خلال العصر الروماني في نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني الميلادي، وبقي مستخدماً حتى العصر الأموي حيث أظهرت الحفريات التي قام بها شلومبيرجيه في قصر الحير ومحيط السد أن الأمويين عمدوا إلى توسيع السد وإعادة ترميم أقسام كبيرة منه، وغدا السد المصدر الرئيسي اليومي لسكان المنطقة حيث تم استدراج مياهه من خلال قناة رئيسية بلغ طولها ١٨كم لتصب في البركة التي شيدت بجانب القصر.
همام سعد
مراجع للاستزادة:
- A. Poidebard, La trace de Rome dans le désert de Syrie, (Paris, 1934).
- D. Schlumberger ; Qasr El-Heir el Gharbi, (Paris, 1986).
- Y. Calvet et B. Geyer, Barrages antiques de Syrie, Maison de l’Orient, (Paris, 1992).
- التصنيف : آثار كلاسيكية - المجلد : المجلد السادس مشاركة :