حرانه (قصر)
-

 ¢ الـحـرَّانة

الـحـرَّانة (قصر -)

 

يقع قصر الحرّانة في الأردن، شرق مدينة عمان بـ ٦٥كم، في منطقة ٍصحراوية ترتفع عن سطح البحر نحو ٦٥٩م، وهي شديدة الحرارة، فيـُطلِقُ بعضُ الباحثين عليها اسم المنطقة الحارّة أو المنطقة الحـَرَّة أو «المنطقة الحـرّانة»، ومن هنا جاءت تسمية القصر؛ أي نسبة ًإلى حرارة المنطقة. ويقع قصر الحرّانة في منطقة مهمة تزخر بالقصور الأموية [ر]؛ فهو يقع على بعد ١٦كم إلى الغرب من قصير عمرة [ر]، وهو قريب أيضاً من قصر المشتى [ر].

المسقط الأفقي

شُيِّد القصر - على الأرجح - في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملكسنة ٩٢هـ/٧١٠م، ويستند المؤرخون بذلك إلى نص كتابي بالخط الكوفي المربع، مكتوب بالحبر الأسود، موجود في الطابق الثاني للقصر فوق باب القاعة الكبرى التي تتوسط الضلع الغربيّة، حيث جاء فيه اسم الوليد بن عبد الملك ومؤرخ بـ ٢٧ محرّم سنة ٩٢ هـ/٢٤ تشرين الثاني ٧١٠م. ولكن يرى بعض المؤرخين أيضاً أن البناء الأصلي للقصر يعود إلى العصر البيزنطي، وأن الأمويين أعادوا استخدامه وترميمه وتحصينه، وجعلوه جزءاً من سلسلة قصورهم الصحراوية التي أسهمت في توطيد سيطرتهم وتسهيل إدارتهم لشؤون دولتهم آنذاك.

مقطع ضمن إحدى القاعات

تفصيلة الزخارف النباتية

يتألف قصر الحرّانة من مسقط مربع الشكل، طول كل ضلع من أضلاعه ٣٥م، جُعِل بزواياه أربعة أبراج بشكل ثلاثة أرباع الدائرة، كما يتوسّط واجهاته الثلاث أبراج نصف دائرية، وجُعل بوسط الواجهة الجنوبية برجان بارزان مصمتان يتوسطهما المدخل الوحيد للقصر. وتتألف عمارة القصر من طابقين أرضي وأول يلتفان حول ساحة وسطى، وتتوزع بكل منهما فراغات مستطيلة ومربعة تشكل غرف القصر وقاعاته. وما تزال أغلب أجزاء القصر سليمة العمارة كاملة البناء باستثناء قسم من ضلعه الشماليّة الذي تأثر بعوامل الحتِّ والتعرية الطبيعية التي أسقطت جزءاً من الأسقف العلوية التي كانت تغطي الطابق الأول من هذه الضلع، كما أسقطت أغلب التكسيات الخارجية للقصر وبعض مواد بنائه؛ التي تتألف بالغالب من حجر رملي ومن اللبن المجفف بالشمس.

منظر علوي

منظر عام

بُنيت الواجهات الخارجية الأربع للقصر وكذلك ما تحتويه من أبراج بالحجارة الغشيمة غير مستوية القطع، ولكنها جُعلت بمداميك يظهر بها التشابك الواضح لأحجارها ذات المقاسات المختلفة. فُتح بهذه الواجهات ثلاثة صفوف من فتحات رئيسية ضيقة بشكل مزاغل لرمي السهام، بواقع ثماني فتحات بكل صف، أي أربع وعشرون بكل واجهة، استُخدمت لإضاءة الفراغات الداخلية للقصر أيضاً.

الواجهة الرئيسية الجنوبية

وقد كانت هذه الواجهات الخارجية مقسومة إلى ثلاثة أجزاء عبر إفريزين غائرين مزخرفين، وقد وضع الطوب المتراكب على زواياه، زالت أغلب أجزاء الإفريز السفلي منهما في حين ما يزال الإفريز العلوي ظاهراً يكسر حدة سمت الواجهات الضخمة شبه المصمتة، ويذكّر بأسلوب زخرفي شاع في بلاد فارس وشرق العالم الإسلامي.

صورة لسور القصر في الواجهات الثلاث الباقية

يقع المدخل الوحيد للقصر في الواجهة الجنوبية متوسّطاً برجين بارزين عن سمت الواجهة، كل منهما بشكل ربع دائرة، يحصران بينهما حنية رأسية بعرض ٣.٢٠م ترتفع لأعلى الواجهة، ويغطيها من الأعلى عقد مدبب، كان يوجد أسفله مباشرة أشكال خمس نوافذ تعلوها خمسة عقود محمولة على ستة أعمدة مدمجة بقيت بعض آثارها ظاهرة. تتوسط أعلى الحنية فتحة شباك مستطيل، ويقع باب الدخول أسفل الحنية، وهو باب يزيد ارتفاعه على ثلاثة أمتار، وعرضه نحو ١.٦٠م، يُغلق عليه اليوم باب خشبي محدث.

الدركاه (قاعة الدخول)

يُدخل مباشرة من الباب المذكور إلى قاعة استقبال مستطيلة المسقط (ردهة)، عرضها ٣.٥٠م، وطولها يزيد على ٩م، يفتح فيها على يمين الداخل ويساره بابان؛ يؤدي كلّ منهما إلى غرفة مربعة. والقاعة مغطاة بقبوة أسطوانية حجرية، يفتح بالنهاية الشمالية للقاعة بشكل عقد نصف دائري يعلو فتحة واسعة يتوصل منها مباشرة إلى الفناء المتوسط لعمارة القصر.

لوحة كتابية

يتكون القصر من الداخل من طابقين أرضي وأول، يتوزعان حول فناء مكشوف واسع محاط بأربع واجهات داخلية، تفتح بكلّ منها أبواب مستطيلة تعلوها فتحات شبابيك معقودة بعقود نصف دائرية بمستوى واجهات الطابق الأرضي والطابق الأول، الذي كان يتقدم أبوابه هذه ممر بشكل شرفة خشبية كانت تلتف بمستوى أرضيته، وتلتف حول كامل الواجهات، وما تزال أماكن تثبيتها واضحة بهذا المستوى.

الواجهة الداخلية الشمالية للفناء

الواجهة الداخلية الجنوبية للفناء

يحتوي القصر بطابقيه ٦١ غرفة وقاعة، تخطيطها مؤلف من وحدات سكنية تتألف كل منها من قاعة وسطى مستطيلة تفتح عليها أربع غرف أو أكثر مربعة المسقط؛ ممّا يذكر بالوحدات المشابهة التي تكرر وجودها بأغلب القصور الأموية والتي يتفق الباحثون على أصولها المعمارية الفارسية.

أعمدة العقود وبينها فتحة الدخول المعقودة

استخدمت أغلب فراغات الطابق الأرضي مكاناً لسكن الحراس والجنود والخدم وإسطبلات للدواب ومكاناً لخزن المؤن والبضائع، وقد خُصِّصت غرف الطابق العلوي لسكن الطبقة العليا من الناس أو الأمراء الأمويين الذين كانوا يترددون على القصر بمهمات إدارة أمور الدولة ومتابعة شؤونها. كما زُوِّدت غرفُه بنوافذ مختلفة تطل على خارج القصر وداخله بهدف زيادة التهوية والإضاءة لهذه الغرف، وغُطِّيت أغلب فراغات القصر بأسقف مستوية، واستُخدمت القباب والعقود لتغطية بعض الفراغات الخاصة في التصميم والاستخدام. ويستغل اليوم العديد من هذه الغرف بوصفه متحفاً تراثيّاً محليّاً يُعرض فيه كثير من الأدوات التراثية القديمة والحُلي التقليدية والمشغولات اليدوية النحاسية والزجاجية والهدايا التذكارية التي تظهر تاريخ المنطقة وتراثها.

عقود القاعات الرئيسية المتماثلة

فتحات رقبة القبة

دهليز ضمن القصر

قبوات القاعة

يتميز قصر الحرانة بقلة زخارفه، حيث ينحصر ظهورها في القاعة الغربية الكبرى -الواقعة بالطابق العلوي- التي تحتوي على بعض أشكال الزخارف النباتية لأشكال أزهار ووريدات؛ إضافة إلى أشكال زخارف هندسية نُفِّذت من الجص. هذا إضافة إلى الكتابة الكوفية التي تؤرخ للقصر، والتي سبق ذكرها فوق باب القاعة الكبرى. كما يحتوي القصر على زخارف معمارية تجلت بالأعمدة المدمجة التي تحمل عقود عدد من أسقف قاعات القصر؛ إضافة إلى الإفريزين الموجودين في الواجهات الخارجية للقصر.

غزوان ياغي

مراجع للاستزادة:

- K. A. C. Creswell and J. W. Allan, A Short Account of Early Muslim Architecture, (Cairo, 1989), pp.96–105.

- R. G. Khouri, The Desert Castles, (Amman, 1992), pp.18–21.

 


- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد الخامس مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق