جوبيتير (اله)
Jupiter -

 ¢ جوبيتر

 جوبيتر (الإله -)

 

جوبيتر Jupiter هو أقدم آلهة الرومان وأعظمها، أطلق عليه لقب أبو الآلهة وهو يقابل الإله زيوس اليوناني[ر] Zeus، وعُرف على أنه رب النور وخالق البرق والعواصف، واشتق اسمه من كونه إله السماء المشعة، كما وعُرف أيضاً باسم جوف Jove بمعنى أبو السماء أو الفضاء، وبسبب المقابلة بين جوبيتر وزيوس قام الرومان باقتباس أسطورة زيوس وبدلوا الأسماء بما يتطابق مع الآلهة الرومانية، وأصبح جوبيتر بطل الأسطورة التي تروي ولادته وسيطرته على الحكم وقد كان والده ساتورن Saturn وأمه ريا Rhea وهما من الجبابرة التيتان Titans الذين حكموا قبل آلهة الأولمب، وكانوا أبناء الأرض والسماء المخلوقين من الفوضى ويمثلون العنف في الطبيعة.

جوبيتر

وسيطر جوبيتر على الحكم بحسب الأسطورة بعد استسلام ساتورن، حيث وصف العصر الذي حكم فيه ساتورن مرة بالنقاء ومرة بالوحشي على أنه كان يلتهم أطفاله، لكن جوبيتر نجا من هذا المصير بمساعدة والدته التي لجأت إلى مغارة ديكتيا في كريت حيث ولدت هناك جوبيتر وأخته جونو Juno التي أصبحت زوجته وملكة الآلهة فيما بعد، واتفق جوبيتر مع الإلهة ميتس Metis على أن تصف جرعة لساتورن تجعله يتقيأ أطفاله الذين ثاروا بدورهم على التيتان وسجنوا بعضهم وأنزلوا العقوبات على بعضهم الآخر، في حين حكموا على أطلس برفع السماء على كتفيه، وبهذا تقاسم جوبيتر الحكم مع نبتون Neptunus إله البحار وبلوتو Pluto إله العالم السفلي وكانت السماء من حصة جوبيتر وكان ملك الآلهة والناس يحكم من مقره في جبل الأولمب. ويقال إنه كان يزلزل العالم بهزة من رأسه، ومثّلت الصاعقة رمزاً وسلاحاً له، وكان يرتدي درعاً اسمه ايجيس Aigis صنعه له فولكانوس Vulcanus ابنه من جونو، والذي كان أعرجَ، ووفق إحدى الأساطير يقال إن جوبيتر رفسه لأنه انحاز إلى جوار جونو في شجار دار بينها وبين جوبيتر مما جعل فولكانوس أعرجَ بسبب سقوطه يوماً كاملاً حتى وصل الأرض.

وكان كل من أبولو[ر] ApoLo وديانا[ر] Diana وباخوس[ر] Bacchus وميركوريوس Mercurius وربات الفنون أبناء لجوبيتر، كذلك كانت فينوس Venus بحسب إحدى الأساطير، وقدم جوبيتر فينوس لابنه فولكانوس لتكون زوجة له لأنه صنع لجوبيتر الصواعق، أما إلهة الحرب والحكمة مينيرفا Minerva فقد ولدت من رأس جوبيتر بكامل ملابسها العسكرية، وكان ميركوريوس رسولاً لجوبيتر، وكان النسر طائر جوبيتر المفضل الذي يحمل له الصواعق، وارتبط اسم جوبيتر بعدد من الأساطير مثل أسطورة باندورا Pandora والطوفان. وكثيرة هي الأساطير التي تتحدث عن خيانة جوبيتر لجونو وانتقامها الشديد. وكانت عبادة جوبيتر من أعظم العبادات الرومانية لكونه رئيس مجمع الآلهة الرومانية (البانثيون Pantheon) وبسبب دوره السياسي لأنه يمثل وحدة الامبراطورية الرومانية وهو قائد الجيوش وحامي القانون، وعُبد ثالوث جوبيتر المكون منه ومن جونو ومينيرفا في الكابيتول، وكان يوم الخميس هو اليوم الأسبوعي المكرس له Jovis Dies.

وبعد أن كان يعبد كإله للصاعقة والزمن بدأ يأخذ مهمات وسلطات وألقاب آلهة أخرى، ومن صفاته: أوبتيموس Optimus (الأفضل)، ماكسيموس Maximus (الأعظم)، تونانس Tonans (إله الرعد)، فولميناتور (إله البرق)، فكتور Victor (النصر)، ستاتور Stator (موقف زحف العدو)، وكانت ألقابه تطلق على الأباطرة منذ عهد ترايان..

وقد عُبد جوبيتر على نحو عام في سورية في العصر الروماني كإله أعلى مواز لزيوس واندمج بالآلهة السورية واتخذ كثيراً من صفاتها حيث تمت الاستعاضة أحياناً عن اسم زيوس أو بعل أو أدد لمصلحة جوبيتر، وأطلق عليه عدداً من الصفات أو أسماء المدن مما يشير إلى وجود العلاقة بين الدين والسياسية كما في حال جوبيتر الهيليوبوليتاني الإله الأعلى لمدينة بعلبك في لبنان، وكان الثالوث في بعلبك مكوناً من جوبيتر وجونو ريجينا، التي تطابق فينوس، وميركوريوس، والمهم أن عبادة هذا الثالوث وصلت إلى سورية الداخلية كما في النقوش التي عثر عليها في إبيلا[ر] Abila (سوق وادي بردى) في سهل الزبداني في دمشق، كما وعُبد جوبيتر الهيليوبوليتاني في حوران ويدل على هذا وجود نقشه على نقد من شهبا وكتابة من بصرى ومن جنوبي جبل العرب، كما وعُرف في دورا أوروبوس[ر] أيضاً وتدمر وكان إلهاً للجنود خاصة.

كما أن جوبيتر أصبح الإله الأعلى في دمشق، واتخذ من معبد الإله أدد الآرامي مركزاً لعبادته وبني المعبد وفق نظام العمارة الرومانية السورية المتأخرة، حيث كان له أبراج في كل زاوية خارجية من السور، وكان هناك تناسق بين مدخل المعبد ومدخل الحرم والباحة المحاطة بصف من الأعمدة المزدوجة من الطراز الكورنثي.

ووصف جوبيتر في جنوبي سورية بعدة صفات منها لوستيتوس (اللماع)، أليسيوس Alicius (الممطر)، فولغور Fulgur (الزوبعة)، سومانوس (البرق الليلي)، وتونانس (الرعد) وكان يتبع لجوبيتر آلهة تجلب السعد مثل إله الغنائم إضافة إلى الآلهة العسكرية مثل فكتوريا Victoria إلهة النصر.

أما في مدينة قورش Kyros (النبي هوري) فقد تم العثور على عدة شواهد على عبادة جوبيتر دوليخينوس Jupiter Dolichenus الذي كان معبوداً في كوماجينه في الشمال السوري، وربما كان لقبه مأخوذاً من أحد الجبال في جبال طوروس Doliche، حيث يمثل ذوبان الثلوج ظاهرة عطف من الآلهة. ويتم العثور على منحوتاته من خلال الفأس المزدوجة في يده كما في منحوتة قرية زيارة بالقرب من حلب، وأظهرته بعض المنحوتات مع ثور مما يجعله أحياناً يرتبط مع ميثرا Mithra كما في منحوتة قرية حمام على الفرات، لكن وجود رمز الفأس المزدوجة والثور مع جوبيتر يجعله أقرب إلى الإله أدد المعبود في هييرابوليس (منبج)، والذي كانت من رموزه الصاعقة والنسر، هذا وعُثر على عدد كبير من المنحوتات الحجرية في أماكن متفرقة في شمالي سورية التي تثبت عبادة هذا الإله هناك كما في نقش من خلتانKhaltan حيث يقدم جوبيتر دوليخينوس من دون ثوره ومعه جونو وكان جوبيتر يرتدي درعاً ويحمل فأساً مزدوجة وصاعقة.

وكان ثالوث جوبيتر في الشمال السوري مكوناً من جوبيتر أوبتيموس ماكسيموس وجونو ريجينا مع مينيرفا مع بعض التحوير أحياناً إلى آلهة شرقية، وتشهد كتابات من دورا أوروبوس على عبادة جوبيتر الدوليخيني في الجيش الروماني، حيث بني له معبد الـDolicheneum في سنة٢١١م بعد ازدياد أعداد الحامية في عهد سبتيموس سيفيروس Septimus Severus إذ كان أغلب العابدين جنوداً استقروا في شمالي سورية، وعُبد في هذا المعبد ثلاثة آلهة رئيسية هم جوبيتر أوبتيموس ماكسيموس دوليخينوس وتورماسغاد Turmasgade وكيريا Kyria. وخصصت الغرفتان الخلفيتان لجوبيتر بوصفه الإله المعبود أكثر في العصر الروماني و لاسيما بين الجنود وأشير في أحد النقوش إلى أن جوبيتر هنا هو نفسه زيوس ماجيستوس(أي الأعظم).

وكما تم الربط في فترة من الفترات بين إله الشمس هيليوس Helios وزيوس فقد ربط أيضاً بين جوبيتر والشمس كما جاء في نص من حوران يذكر اسم جوبيتر أوبتيموس ماكسيموس أنجيلوس هليوبوليتانوس: وأنجيلوس Angelos بمعنى الملاك هو قائد أرواح الموتى على مبدأ ملكبل Malakbel إله الشمس التدمري، لكن هذا لا يدل على أن جوبيتر كان يمثل في حوران إله الشمس.

هيا الملكي

مراجع للاستزادة:

- هنري سيريغ، آلهة الثالوث الشمسي – بعلبك وهياكلها-، ترجمة موسى ديب خوري (دمشق ١٩٩٦).

- P. L. Gatier, Monuments du culte dolichénien en Cyrrhestique, (Syria, LXXV, 1998).

- S.B. Downey, The Stone and Plaster Sculpture, The Excavations at Dura- Europos, Final Report III, part1-2, (Los Angeles,1978).

- D. Sourdel, Les cultes du Hauran à l’époque romaine, (Paris, 1952).

 


- التصنيف : آثار كلاسيكية - المجلد : المجلد الخامس مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق